حکم الشریعة فی استبدال النقد بالهدی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حکم الشریعة فی استبدال النقد بالهدی - نسخه متنی

محمود الشلتوت

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

حكم الشريعة في استبدال النقد بالهدي

هل يجوز استبدال النقد بالهدى في الحج ؟ سؤال يتردد على ألسنةالناس كلما أظلهم موسم الحج، وقد تجدد الحديث عنه هذا الشهر في الصحف والأندية العلمية، ووجه فيه استفتاء إلى العلماء، فأجاب عنه فضيلة الأستاذ الجليل الشيخ محمود شلتوتعضو جماعة كبار العلماء بالأزهر، ومفسر القرآن الكريم بهذه المجلة، وقد رأينا أن ننشر فتواه على العالم تسجيلا لها وتعميما للنفع بها.

قال الله تعالى: وأتموا الحجوالعمرة لله فان أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي محله، فمن كان منكم مريضاً، أو به أذى من راسه، ففدية من صيام أو صدقة أو نسك، فإذا امتنم فمنتمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم '.

وقال تعالى: ' وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتينمن كل فج عميق، ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ' وقال تعالى: ' يأيها الذين آمنوا لاتقتلوا الصيد وأنتم حرم، ومن قتله منكم متعمدا فجزء مثل ما قتل من النعم، يحكم به ذوا عدل منكم، هديا بالغ الكعبة، أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ' وقال تعالى: 'والبدن جعلناها لكم من شعائر الله، لكم فيها خير، فاذكروا اسم الله عليها صواف، فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر، كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون 'وقال تعالى: ' ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب، لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق ' وقال تعالى: ' يايها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله،ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد، ولا آمين البيت الحرام '.

/ صفحه 366/

بهذه الآيات الكريمة، وبما صح من أحاديث الاضحية، تقرر في الإسلام أن إراقة الدمنوع من أنواع القربى إلى الله، وان هذه القربة لا تقوم الا بذبح الحيوان وإراقة دمه، وأن التصدق بثمنه لا يغني ولا يقع عند الله موقع القبول في القيام بهذا المطلوب.

وقد تضمنت الآيات الكريمة النص على الهدي تارة على سبيل التعيين دون أن يكون له بدل، وتارة على سبيل التعيين مع الالتجاء إلى البدل عند العجز عن الهدي، وثالثة على سبيلالتخيير بينه وبين غيره.

كما تضمنت أن مكان الذبح فيما وجب ذبحه هو الحرم ' حتى يبلغ الهدي محله ' ' ثم محلها إلى البيت العتيق ' ' هديا بالغ الكعبة '، وكذلك تضمنت اعتبارالبدن والذبائح في هذه الاماكن من شعائر الله التي تجب المحافظة عليها، ولا يصح التهاون فيها أو إغاها، وحسبنا ' لا تحلوا شعائر الله ' والشعائر هي العلامات الواضحةالظاهرة التي اعتبرها الدين مظهرا من المظاهر العامة، وهذا لا يتحقق الا بعمل ظاهر يراه الناس في مناسبات خاصة، وإذا أردت زيادة في الايضاح، فانظر إلى موقف الشريعة منالأذان، إذ اعتبرته شعيرة من شعائر الدين، يقاتَل أهل القرية أو المدينة على تركها وإن لم تكن من الفرائض.

ألا وإن للشعائر في نظر الإسلام مكانة الفروض المقدسة، وعلىهذا اتفقت كلمة الفقهاء في ذبائح الحج، ولم نرد لواحد منهم خلافا في ذلك، ونزلا على حكم هذه الآيات الصريحة الواضحة، وتحقيقاً للغرض المقصود، وهو التقرب إلى الله بإراقةالدم، ولله سبحانه وتعالى أن يتعبد عباده بما يشاء: بما يدركون حكمته، وبما لا يدركون، وما كان اختلاف الفرائض في عدد الركعات والكيفيات وتحديد الأوقات، واختلاف مقاديرالزكاة، والكفارات، وسائر ما دخله العد، أو اعتبرت فيه الكيفية الا نوعا من هذا التعبد الذي يتجلى فيه بوضوح مقتضى العبودية الحقة، وهو الامتثال لأمر الرب الحكيم، عُقلمعناه أو لم يعقل والعلماء يذكرون في هذا المقام أن هذه القربة تذكر بحادثة الفداء الذي حصل لابراهيم

/ صفحه 367/

الخليل وولده

(عليهما السلام)

، وتنبهالنفوس المؤمنة إلى مبدأ التضحية في سبيل الله وطاعته بأعز شئ لديها ' وفديناه بذبح عظيم '.

على ان في العمل بهذه القربة سراً اقتصادياً يرجع إلى سكان البادية، ولعلهمن مصداق دعوة أبيهم إبراهيم حين قال: ' ربنا اني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمراتلعلهم يشكرون ' ذلك أن الماشية رأس مال أهل البادية، وموسم الحج هو السوق التي تنفق فيه هذه السلعة، عن رغبة لا مشقة فيها، وبذا يحصلون على أرزاقهم من أعمالهم ومن ثمنأموالهم دون أن يتعرضوا لذل السؤال أو يترقبوا المن والعطاء.

من هذا يتضح جلياً أنه لا يجوز للمسلمين ان يفكروا في استبدال النقود بالهدى أو الأضاحي التي طلبهاالشارع بذاتها، إقامة للتصدق بثمنها مقامها إذ ليس القصد هو التصدق وإنما القصد ـ كما قلنا ـ التقرب بها نفسها، وإننا لو أبحنا لأنفسنا هذا النحو من التفكير ـ بناء على مانظن من حكم للتشريع ـ لا نفتح علينا باب التفكير في التخلي عن الأعداد والكيفيات التي طلبت في كثير من العبادات، ولأمكن لقائل أن يقول: إن الغرض من الصلاة هو الخضوعومراقبة الله، وهما معنيان يحصلان بالقلب، وبأي مظهر من مظاهر الخضوع والمراقبة، فليست هناك حاجة إلى ركوع أو سجود أو غيرهما من كيفيات الصلاة الخاصة! وبذلك ينفتح بابالشر على مصراعيه، ولا يقف ضرره عند حد الأضاحي وفدية الحج.

أما ما يبررون به مثل هذا التفكير من أن لحوم الذبائح تتكدس في منى، وتترك للتعفن المفسد للجو، أو للنارالمذهبة للأموال، فهذه الحالة ـ إن صحت ـ ليست نائشة عن أصل التشريع الذي هو خير كله، وإنما نشأت عن عدم التنظيم وعدم الالمام بأحكام الشرع، فإن الشرع لم يطلب من كل حاج أنيذبح، ولم يوجب ان يكون الذبح ـ فيما يطلب في الذبح ـ في خصوص منى ولا مجزرتها، ولا في اليوم الأول من أيام النحر، فأيام النحر كلها زمن للذبح، والحرم كله مكان الذبح،والذبح لا يطلب عينا إلا في حالات مخصوصة، وما عداها فالحاج مخير بينه وبين غيره من صدقة أو صيام.

/ صفحه 368/

فلو عرف الحجاج أحكام الله على هذا الوجه فيما يختصبالدماء فتصدق من لم يطلب منه الذبح، وذبح من طلب منه الذبح، وفرقوا الذبح على الأماكن والايام، ثم تخيروا الذبيحة من غير العجاف والمرضى، وهيئوها بالسلخ والتقطيع لماكان لهذه الشكوى موضع، ولكن جرت سنتنا في التفكير أن نعد الوضع الذي جرت إليه العادات ـ وإن كان فاسدة ـ صورة للتشريع فنحكم عليه بالقبح، ثم نحاول التخلي عنه بالقضاء علىأصله، وبذلك ندخل في باب من التغيير والتبديل في أحكام الله، ولا نلبث بعد ذلك أن نترك الشريعة كلها جانباً، باستحساننا الفاسد المبني على واقع جر إليه الجهل وعدمالتنظيم.

وبعد: فان الكلام في هذا الموضوع ليس وليد اليوم، بل سبق أن تحدث فيه المرحوم الهلباوي بك مع فضيلة المغفور له استاذنا الأكبر الشيخ المراغي، فأحال فضيلتهعلى بحثه من الوجهة الفقهية الشرعية، فعدت إلى فضيلته بعد البحث الطويل بأن الفقهاء جميعاً يعتبرون التعبد في هذه المسألة بإراقة الدماء، دون أن أرى في كلام واحد منهم مايشير ـ ولو من بعيد ـ إلى جواز استبدال النقود بها، فاطمأن فضيلته إلى هذا وأقره، وقد عرضت على فضيلته اقتراحا هو:

أنه على فرض تكدس اللحوم ـ كما يقولون بعد مراعاةالأحكام الشرعية في زمان الذبح ومكانه، وطلبه وعدم طلبه ـ يجب على المسلمين ـ وفيهم والحمد لله موسرون كثير: ـ أن يعملوا على استخدام إحدى الوسائل الحديثة لحفظ هذهاللحوم وادخارها طيبة، ثم توزيعها على الفقراء المحتاجين في جميع الاقطار الإسلامية أن ضاق عنها القطر الحجازي، أو بيعها بأثمان تصرف فيما ينفع الفقراء والمساكين، أوفي سبيل الله العامة، وإني اعتقد أن هذا المشروع متى كفله العاهلان العظيمان المؤمنان: عاهل مصر، وعاهل الحجاز، رأينا آثاره وانتفع الناس بثمراته في الموسم المقبل إنشاء الله.

هذا ما يجب أن ينزل عليه المسلمون في فهم أحكام دينهم، وفي تنظيم العمل بها والمحافظة عليها، والسلام على من اتبع الهدى.

/ 1