دیمقراطیة الثقافة و التعلم فی الإسلام نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

دیمقراطیة الثقافة و التعلم فی الإسلام - نسخه متنی

علی عبدالواحد وافی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ديمقراطية الثقافة والتعلم في الإسلام

للأستاذ الدكتور علي عبد الواحد وافي

تمتازالنظم التربوية في الإسلام بأنها نظم ديمقراطية النزعة، تحقق تكافؤ الفرص بين الناس، فتجعل التربية والثقافة والتعلم حقا مشاعا لجميع الأفراد، كحقهم في الماء والهواء،لا تفرق في ذلك بين رجل وامرأة، ولا بين حر ورقيق، ولا بين عربي وأعجمي، ولا بين شريف ووضيع، ولا بين مسلم وغير مسلم؛ الناس كلهم في نظرها سواسية في هذا الحق كأسنان المشط،ولكل إنسان في نظرها الحق المطلق في أن ينال ما يشاء أن يناله من حظ في الثقافة، بل إنها لتوجب عليه أن يطلب من العلم والتربية القدر اللازم لاستقامة أمور دينه ودنياه.

* * *

فالنظم التربوية في الإسلام، لا تفرق بين الرجل والمرأة في حق التربية والتعلم؛ بل تعطي المرأة الحق نفسه الذي تعطيه الرجل في هذه الشئون، فتبيح لها ان تحصل علىما تشاء الحصول عليه من علم وأدب وثقافة وتهذيب، بل إنها لتوجب عليها ذلك في الحدود اللازمة لوقوفها على أمور دينها، وحسن قيامها بوظائفها في الحياة، وقد حث الرسول عليهالصلاة والسلام النساء على طلب العلم، وجعله فريضة عليهم في هذه الحدود؛ فقال عليه الصلاة والسلام: ' طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ' وضرب

(عليه السلام)

أروع مثلفي الحرص على تعليم المرأة وتثقيفها بما فعله مع زوجه حفصة أم المؤمنين، فقد روى البلاذري في كتابه ' فتوح البلدان ' أن الشفاء العدوية، وهي سيدة من بني عدي، رهط عمر بنالخطاب رضي الله عنه، كانت كاتبة في الجاهلية، وكانت تعلم الفتيات، وأن حفصة بنت عمر أخذت عنها القراءة والكتابة قبل زواجها بالرسول عليه الصلاة والسلام، ولما تزوجهاالنبي

/ صفحه 143 /

صلى الله عليه وآله وسلم طلب إلى الشفاء أن تتابع تثقيفها، وأن تعلمها تحسين الخط وتزيينه كما علمتها أصل الكتابة، وروى الواقدي أن عائشة وأمسلمة زوجتي الرسول

(عليه السلام)

تعلمتا القراءة والكتابة، وأنهما كانتا تقرآن، ولكنهما لم تجيدا الكتابة.

وتدل شواهد كثيرة على أن أبواب التربية والتعلم بتخلفصنوفهما كانت مفتحة على مصاريعها للبنت العربية منذ عصر بني أمية، وأنه قد نبغ بفضل ذلك عدد كبير من النساء العربيات، وبرزن في علوم القرآن والحديث والفقه واللغة والأدبوشتى أنواع المعارف والفنون، بل لقد كان منهن معلمات فضليات تخرج عليهن كثير من أعلام الإسلام، فقد روى ابن خلكان أن السيدة نفيسه بنت الحسين ابن زيد بن الحسن بن علي بنأبي طالب رضي الله عنهما وعنهم كان لها بمصر مجلس علم حضره الإمام الشافعي نفسه، وسمع عليها فيه الحديث، وعد أبو حيان من بين أساتذته ثلاثا من النساء، هن: مؤنسة الأيوبيةبنت الملك العادل أخي صلاح الدين الأيوبي، وشامية التيمية، وزينب بنت المؤرخ الرحالة الشهير عبد اللطيف البغدادي صاحب كتاب: ' الإفادة والاعتبار في الأمور المشاهدةوالحوادث المعاينة بأرض مصر '.

ولا يفرق الإسلام كذلك بين الحرة والأمة في حق التربية والتعلم، بل إن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يحث على تعليم الحرة ولم يرغب فيتثقيفها بمقدار ما حث على تعليم الأمة، ورغب في تثقيفها وتأديبها. فقد روى البخاري في صحيحه عن أبي بردة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أيما رجل كانتعنده وليدة (أي أمة) فعلمها فأحسن تعليمها، وأدبها فأحسن تأديبها، ثم أعتقها وتزوجها فله أجران '.

وينبئنا التاريخ الاسلامي أن فرص الثقافة والتعلم كانت متاحةللجواري على الأخص في أوسع نطاق في مختلف العصور الاسلامية، وأن هذه الفرص قد آتت ثمرتها الطيبة، فأنشأت من الجواري مئات من المبرزات في علوم القرآن والحديث والفقهواللغة والادب، وشتى أنواع المعارف والفنون، وكتب التاريخ والأدب

/ صفحه 144/

العربي ـ وخاصة كتاب الأغاني ـ مملوءة بأخبار هؤلاء الجواري وما بلغنه من شأو بعيدفي ميادين الآداب والعلوم، وما كان لهن من فضل في النهوض بالثقافة الإسلامية والعربية. بل إن هذه الآثار لتدل على أنه قد نبغ من الجواري معلمات فضليات تخرج عليهن كثير منأعلام الإسلام فمن ذلك ما أخبر به المقري في كتابه ' نفح الطيب ' عن جارية ابن المطرف اللغوي، فقد ذكر أنها أخذت عن مولاها النحو واللغة، ولكنها فاقته في ذلك، وبرعت فيالعروض على الأخص، ولذلك كانت تسمي ' العروضية ' وأنها كانت تحفظ عن ظهر قلب كتابي الكامل للمبرد والأمالي لأبي علي القالي وتشرحهما، وأنه قد درس عليها كثير من العلماءهذين الكتابين، وأخذوا عنها العروض؛ وما أخبر به ابن خلكان عن شهدة الكاتبة التي كانت جارية في الأصل، فقد ذكر أنه كان لا يشق لها غبار في العلم والأدب والخط الجيدوالجميل، وأنه قد سمع عليها، وأخذ عنها خلق كثير.

ومن هذا يظهر أن الإسلام قد هيأ للنساء على العموم فرصا للتربية الراقية، من انتهزنها منهن بلغن أعلى المراتب التيقدر للرجال بلوغها، فلم يكن السبب في الجهل الذي كان فاشيا بين النساء والمسلمات في الجيل الماضي راجعا إلى النظم التربوية في الإسلام، وإنما كان السبب في ذلك راجعاً إلىانحراف المسلمين عما سنه الإسلام من نظم في شئون التربية والتعليم. وإذا كانت الأمم الإسلامية قد اتجهت في العصر الحاضر إلى تربية البنت وتثقيفها، فإنها في ذلك لم تأتبدعا من العمل، وإنما أحيت سنة صالحة سنها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأخذ بها الخلفاء والأمراء من بعده.

* * *

وكما لا يفرق الإسلام بين الرجل والمرأة في حقالثقافة والتعلم، كذلك لا يفرق في هذا الحق بين الحر والعبد، ولا بين العربي والأعجمي، ولا بين المسلم وغير المسلم، فقد فتحت لهذه الطوائف جميعاً في ظل الإسلام وبفضلتعاليمه، وفي مختلف عصوره أبواب الثقافة والتعلم على مصاريعها، ووصل آلاف من العبيد والموالي والأعاجم وغير المسلمين في ميادين العلوم والآداب إلى آفاق لم يصل إلىمثلها مشاهير الأحرار

/ صفحه 145/

والعرب والمسلمين، بل إن معظم الفضل في النهوض بعلوم القرآن والحديث والفقه والأصول والتوحيد واللغة والفلك والطبيعةوالرياضة والفلسفة والطب والموسيقي ليرجع إلى الأعاجم بفضل ما أتاحه لهم الإسلام من فرص للتربية والثقافة العالية.

* * *

ولا يفرق الإسلام كذلك بين الشريف والوضيعفيحق الثقافة والتعلم، ومن أروع ما يروي في هذا العدد ما حدث به أبو بكر بن جابر خادم أبي داود صاحب كتاب السنن المشهور؛ قال: كنت مع أبي داود ببغداد، فصلينا المغرب، إذقرع الباب ففتحته، فإذا الأمير أبو أحمد الموفق يستأذن، فأذن له أبو داود، فدخل وقعد، ثم أقبل عليه أبو داود وقال:

ما جاء بالأمير في مثل هذا الوقت؟

قال، ثلاثةأمور:

قال، وما هي؟

قال، تنتقل إلى البصرة فتتخذها وطناً ليرتحل إليه طلبة العلم من أقطار الأرض.

قال: هذه واحدة؛ هات الثانية.

قال: تروي لأولادي كتابالسنن.

قال: نعم، هات الثالثة.

قال: تفرد لهم مجلساً للرواية؛ فإن أولاد الخلفاء لا يقعدون مع العامة.

فقال أبو داود: أما هذه فلا سبيل إليها؛ فإن الناس شريفهمووضيعهم في العلم سواء، وكان ما أراد أبو داود؛ فكان أولاد الموفق يحضرون مجلسه فيسمعون حديثه مع عامة الشعب.

* * *

فالنظم التربوية في الإسلام تمتاز عن نظائرها فينظم الأمم الأخرى بأنها نظم ديمقراطية النزعة، تسوي بين جميع الناس في حق التربية والتعلم، ولا توصد أبواب الثقافة أمام كائن من كان.

/ صفحه 146/

وبحسبنا لبيانما وصلت إليه النظم التربوية الإسلامية من سمو في هذا السبيل بالقياس إلى الشرائع الأخرى أن نوازن بينها وبين ما يعدونه أرقى نظام ديمقراطي قبل الإسلام، وهو نظام حكومةأثينا في العصور السابقة للميلاد المسيحي، فقد كانت قوانين أثينا لا تتيح فرص الثقافة والتعلم إلا للأحرار من ذكور اليونان، بينما توصدها إيصاداً تاماً أمام النساءوالعبيد والموالي والأجانب، ولقد عبر عن وجهة نظرهم هذه أصدق تعبير، وصاغها في صورة نظرية علمية، كبير فلاسفتهم أرسطو، إذ يقرر في كتابه ' السياسة ' أن الآلهة قد خلقتفصيلتين من الأناسي: فصيلة زودتها بالعقل والإرادة وهي فصيلة اليونان؛ وفصيلة لم تزودها إلا بقوى الجسم وما يتصل اتصالا مباشراً بالجسم كالغريزة والعادة، وهي فصيلةالعبيد والموالي والأجانب. وبفضل هذا التقسيم يتحقق توزيع الأعمال على الوجه الذي يتفق مع طبائع الأشياء، فيقوم العبيد والموالي والأجانب بالأعمال الجسمية التي زودوابالقدرة عليها؛ بينما يتفرغ اليونان لما عدا ذلك من الأعمال العقليه والارادية الراقية التي يقتضيها العمران الانساني، والتي زود هؤلاء بالكفايات اللازمة لها، ومن أجلذلك يرى أرسطو أنه من الواجب أن يقصر نطاق التعلم والثقافة العقلية على اليونانيين. أما من عداهم من العبيد والموالي والأجانب فليس في طبيعتهم أي استعداد لتلقي العلوموالمعارف. ولذلك يجب أن يقتصر في تربيتهم على إعدادهم للأعمال الجسمية التي خلقوا من أجلها، وهي أعمال الصناعة والزراعة وما إلى ذلك.

وكذلك شأن النساء في نظره: فإنالطبيعة لم تزودهن بأي استعداد عقلي يعتد به.

ولذلك يجب أن تقتصر تربيتهن على شئون تدبير المنزل والحضانة والامومة.

ولم يكن أرسطو في ذلك معبرا عن رأيه الشخصي،وإنما كان مسجلا لما كان يجري عليه العمل في حكومة أثينا، التي يعدون نظامها أرقى نظام ديموقراطي في الأمم السابقة للإسلام.

/ 1