تراثنا القدیم من المصطلحات مصادره ومراجعه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تراثنا القدیم من المصطلحات مصادره ومراجعه - نسخه متنی

السید محمدرضا الشبیبی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

تراثنا القديم من المصطلحات










مصادره ومراجعه

لحضرة صاحب المعالي السيد محمد رضا الشبيبي

وزير المعارف السابق بالعراق

ـــــــــ

للعرب تراثهم الضخم القيم من المصطلحات العلمية وغيرها. ولتلك المصطلحات مصادرها ومراجعها بين مصنفات المصنفين،والاصطلاح فيما يقول اللغويون اتفاق طائفة مخصوصة على أمر مخصوص. وينبغي أن يعرف ـ فيما نحن فيه ـ بأنه: ' اتفاق طائفة مخصوصة على أمر مخصوص يتصل بتغير مدلولات الألفاظ 'وما أكثر طوائف أهل المعرفة عندنا ولكل طائفة اصطلاحاتها كالمحدثين والفقهاء وعلماء العربية على اختلاف فنونها والمتكلمين والفلاسفة وأصحاب التعاليم والعلوم الرياضيةوالمتصوفة إلى غير ذلك.

شهد تدوين العلوم والفنون في اللغة العربية بعد أن استقر العرب الفاتحون في الأقطار التي يسر الله لهم فتحها مولد المصطلحات في اللغة المذكورة.وأقدم مادون من العلوم والفنون في هذه العربية: فنون اللغة والحديث وعلوم الشريعة ففي هذه المدونات وجدت المصطلحات أول ما وجدت ثم نقلت العلوم الدخيلة إلى العربية واتفقنقلتها على أوضاع ومصطلحات خاصة بهم حتى أصبح لكثير من الكلمات العربية معنيان: معنى لغوي، ومعنى اصطلاحي، ومن ذلك مثلا لفظة ' الكلمة ' نفسها فإنها تطلق في أصل اللغة علىالجمل المفيدة: ' كلا إنها كلمة هو قائلها ' ولكنها فقلت في اصطلاح النحويين إلى معنى آخر. ومثل ' الرجعة ' فإنها تعني المرة من الرجوع في اللغة. أما في اصطلاح الفقهاء فإنهاتعني الرجوع عن الطلاق. وهكذا القول في كثير من الألفاظ الشرعية المعروفة وغيرها. ولما اتسع نطاق التأليف والتدوين في شتى أنواع المعارف وكثرت المواضعات

/ صفحه130/

والاصطلاحات العلمية في تضاعيف المصنفات انبري طائفة من أهل العلم إلى وضع مؤلفات تناولت البحث في تعريف تلك المصطلحات والمواضعات نفسها، تيسيرا على الباحثينوالمتعلمين. ومن أقدم المؤلفين الذين عنوا بذلك ابن النديم في فهرسته ثم جاء الخوارزمي فوضع كتابه ' مفاتيح العلوم ' في تعريف المصطلحات. وقد عرض النووي في كتابه ' تهذيبالأسماء واللغات ' إلى البحث في المصطلحات الشرعية. وهذا الكتاب جزآن، عقد النووي الجزء الأول منه للبحث في تهذيب الأسماء: أسماء الرواة والمحدثين، وخص الجزء الثانيبتهذيب اللغات، وفي هذا الجزء شرح معاني الألفاظ والمصطلحات الواردة في المتون والأصول الفقهية أو في مجاميع الحديث. ومن الأمثلة على أسلوبه في الكتاب، ما ورد في مادة 'وقف ' وهذا نصه: ' الوقف والتحبيس والتسبيل: بمعنى واحد، وفي اصطلاح العلماء: عطية مؤبدة بشروط معروفة، وهو ما اختص به المسلمون. ومثل ذلك ما جاء في مادة وهب ومعناها فياللغة والاصطلاح. وبين المصطلحات التي نالت قسطا كبيراً من التعريف والتفسير مصطلحات الصوفية، وللشيخ محي الدين ابن العربي رسالة في هذه المصطلحات، وتلاه السيد الشريفالجرجاني في كتاب ' التعريفات ' والتهانوي في كتابه المعروف بـ ' الكشاف في اصطلاحات الفنون '، وأبو البقاء في ' الكليات '. فهذه أمثلة من المصنفات التي يحسن الرجوع إليهاعند البحث عن تراثنا القديم من المصطلحات.

كتب الأنساب والمصطلحات:

وقد استرعى انتباهنا ونحن نتصفح بعض الكتب المؤلفة بالأنساب: أنها كتب حافلة بالمصطلحات،وخصوصاً المهنية منها، وبألفاظ الحضارة الإسلامية خاصة على صورة تجعل هذه الكتب من أحسن المراجع والمظان في هذا الباب، وليس المقصود بكلمة الأنساب هنا أنساب الآباءوالأجداد والقبائل والبلدان فقط، وإنما يعني بها أيضا ما يتناول الانتساب إلى الحرف والمهن والصناعات، بل ما يتناول السير والمثالب والمناقب، وقديما كانوا يقولون: فلانعالم بالأخبار والأيام والأنساب، فالمقصود بكلمة الأنساب هنا أحوال الناس أفراداً وجماعات

/ صفحه 131/

من وجوه شتى تتناول حرفهم ومهنهم وطرائقهم ومذاهبهمومثالبهم ومناقبهم إلى غير ذلك. ومن يتفهم أساليب الطبقة الأولى من الكتاب والمؤلفين كابن النديم والطبري والمسعودى والبلاذري وطبقتهم عرف ذلك.

ولكلمة الأنساب علىهذا أكثر من مدلول واحد في التاريخ، ويتضح ذلك لمن يعني بشيء من المقارنة بين موارد استعمالها قديما وحديثا، فمدلول هذه الكلمة في مصنفات ابن قتيبة والجاحظ وابن النديم،غير مدلولها عند المتأخرين. وهذا ابن النديم عقد في فهرسته فصلا مشبعاً عنوانه ' أخبار الاخباريين والنسابين وأصحاب السير والأحداث وأسماء كتبهم ' وقد ترجم فيه لطائفة منالعلماء بالأنساب والمآثر والمثالب. ومن المؤرخين وأصحاب السير والأخبار مثل دغفل النسابة، والبكري والشرقي القطامي، وحماد، وابن الكلبي، وابن اسحق، وأبي مخنف، ونصرابن مزاحم، والمدائني، والواقدي.

من هذا الباب من أبواب الفهرست نعلم أن صاحب الكتاب قصد بالكلمة ما يشمل السير والأخبار: أخبار البيوتات والأسر ومناقبها ومثالبها،وما يتناول أيام العرب في الجاهلية ومنافراتهم، أو مفاخراتهم، وأخبار الأوائل، وتسمية أشرافهم وفرسانهم وأيامهم وأحلافهم ومغازيهم بحراً وبراً، وأحوال البلدانوالاسماء والفتوح. ويعد البلاذري مؤلف كتاب ' فتوح البلدان ' من علماء الأنساب بهذا المعنى. ومن أشهر مؤلفاته بعد كتابه في الفتوح: كتاب آخر سماه ' أنساب الأشراف ' ولا صلةلموضوع هذا الكتاب بفن الأنساب المتعارف عند المتأخرين بل هو كما لا يخفى كتاب في التاريخ وتعداد أيام العرب ووقائعهم، وسرد الخلاف الناشب بين طائفة من مشاهيرهم وابناءبيوتاتهم الكريمة في صدر الإسلام، ومن تلك الأيام يوم بنات قين، ويوم الثرثار، وأيام الخوارج، ويوم البليغ، ويوم مرج راهط، ويوم ابن الزبير، إلى غير ذلك من الكوائنوالأيام المعروفة.

ذلك هو مدلول كلمة الأنساب في كتب الصدر الأول، وهو يختلف عن مدلولها عند المتآخرين الذي اختص بأنساب الآباء والأجداد غالبا، ثم ضاقت

/ صفحه132/

دائرة استعمالها فأصبحت مخصوصة بأنساب الهاشميين والعلويين. وقد عرف الحاج خليفة في كشف الظنون علم الأنساب بما يأتي: ' هو علم يتعرف منه أنساب الناس وقواعدهالكلية والجرئية '، والغرض منه الاحتزاز عن الخطأ في نسب شخص، ثم يتبجح الحاج خليفة قائلا: وهذا العلم من زياداتي على مفتاح دار السعادة، والعجب من ذلك الفاضل كيف غفل عنهمع أنه علم مشهور. وقد صنفوا فيه كتباً كثيرة. والذي فتح هذا الباب وضبط علم الأنساب: هو النسابة هشام بن محمد ابن سائب الكلبي المتوفى سنة أربع ومائتين، فانه صنف فيه كتاب(الجمهرة) و (الوجيز) و (الملوكي) ثم اقتفى أثره جماعة، ثم سمى صاحب كشف الظنون عدة كتب في الأنساب، ومن هذا التعريف لعلم الأنساب نعلم كيف اختلف مدلول هذه اللفظة؟.

أنساب السمعاني:

ومن أجلّ كتب الأنساب من الصنف الأول الذي يتناول النسبة إلى الحرف والأعمال والمصطلحات الصناعية والزراعية والتجارية، وأغزرها مادة: كتاب(الأنساب) للسمعاني، وقد سبقه إلى البحث في الأنساب بهذا المعنى: بعض أئمة الحديث والرواية، كالأمير أبي نصر ابن ماكولا في كتاب (الإكمال) والخطيب في (تاريخ بغداد) وأبوحاتم بن حيان في كتاب (الثقات) وكتاب المضافات لأبي كامل البصري، وغريب الحديث لأبي عبيدة، وهذه الكتب من مآخذ السمعاني في كتابه. ولنا أن نقول إن التواريخ التي وضعت علىشاكلة تاريخ بغداد للخطيب وكذلك تاريخ دمشق لابن عساكر، وتاريخ البصرة، وتاريخ الموصل، وتاريخ حلب، وتاريخ واسط، وتواريخ مصر، من مآخذ كتب الأنساب. ومن مآخذ كتب الأنسابأيضا: كتب الخطط والبلدان، والكتب المصنفة في أخبار رواة الحديث وأصحاب الأثر، فإن الطبقة القديمة من المحدثين والفقهاء كانت تحترف وترتزق من مهنة تمتهنها في كثير منالأحيان

ألفت كتب غير قليلة في أنساب المحدثين على غرار كتاب السمعاني منها

كتاب للحافظ المؤرخ المشهور محب الدين بن النجار البغدادي المتوفىسنة ثلاثة وأربعين وستمائة، وآخر للقيسراني، وثالث للحافظ ابن نقطة. وقد عنى السيوطي بعد ذلك بالبحث في الكنى والألقاب والإضافات والأنساب إلى غير ذلك.

والغالب أنهذه المؤلفات لا تخلوا من الأوضاع والمصطلحات الخرفية والمهنية والعلمية على اختلافها، ونلاحظ أن كتاب السمعاني أوسع وأشمل في هذا المعنى فإنه قال في مقدمته ' لما اتفقلي الاجتماع مع شيخنا وإمامنا أبي شجاع عمر ابن أبي الحسين البسطامي فيما وراء النهر، كان يحثني على نظم مجموع في الأنساب، وكل نسبة إلى قبيلة أو بطن أو ولائم أو قرية أوجد أو حرفة أو لقب لبعض أجداده فإن الأنساب لا تخلو من واحد من هذه الأشياء، فشرعت بجمعه بسمرقند في سنة خمسين وخمسمائة، وكنت أكتب الحكايات والجروح والتعديل بأسانيدهاثم حذفت الأسانيد لئلا يطول، وملت إلى الاختصار ليسهل على الفقهاء حفظها ولا يصعب على الحفاظ ضبطها إلى آخر ما قاله في المقدمة المذكورة. والواقع أ ن كتاب السمعانيموسوعة في التاريخ والبلدان واللغة والأدب والشعر والأنساب وكتاب جليل في الفقه والحديث، والملل والنحل، وفيه فوائد غير قليلة من تاريخ مصر وبلدانها ومحدثيها وعلمائهاوما إلى ذلك.

تحدث السمعاني في المقدمة بأحاديث تدل على مفهوم كلمة الأنساب عندهم، ومن هو النسابة الخبير بهذا الفن، وما هو أسلوبهم في الكلام على الأنساب، ومن تلكالأساليب مثلا: أحاديث عن قبائل يقال إنهم من العرب وهم أقدم من العرب جرهم وهم بقية عاد: وثقيف وهم بقية ثمود، وهذا الحديث مروي عن الإمام علي وتحدث في المقدمة عن العربالعدنانية والقحطانية وديارهم، وعن نسب جماعة عن قبائل متفرقة، وعن المفاضلة بين بعض القبائل والبطون، وعقد فصلا تحدث فيه عمن ينسب من القبائل إلى اللؤم والدناءة مثلباهلة وغني وألأم منهما في رأي آخرين عك والاشعريون وعن معرفة مشاهير العرب بالأنساب وقد وصف أبو بكر بأنه رجل نسابه أي أنه يعرف القبائل بأصولها وفروعها ومميزاتها

/ صفحه 134/

فرعا فرعا وبطنا بطنا وأنه يعرف سير سراتها وأوصافهم وما إلى ذلك مما يتصل بصميم علم الأنساب ومن الأمثلة على أساليبهم في البحث عن الأنساب قول أبي عبدالله الزبير بن بكار: العدد من تميم في بني سعد والبيت في دارم والفرسان في يربوع. وقوله أيضاً البيت من قيس في غطفان ثم في بني فزارة والعدد في بني عامر والفرسان في تميم.وما أكثر الأمثلة التي تدل على أساليب هؤلاء النسابين وحذقهم في خصائص القبائل والبيوتات ومميزات الفروع والبطون من مناقب ومثالب ومدائح ومذام وخصوصاً ما يروي عنالزبير بن بكار وأمثاله وهي أحاديث يتخللها أحيانا شعر وأدب وتاريخ غير قليل. وخلاصة القول: هذه المقدمة طافحة بهذه الأساليب في التحدث عن الأنساب.

صيغ الأنساب:

هذا ويلاحظ أن الصيغ المثبتة في أنساب السمعاني هي الصيغ القياسية العامة غالبا المتعارفة في الأنساب وقد عرفوا هذا النوع من النسبة بأنه إضافة ياء مشددة مكسور ماقبلها على الاسم المنسوب إليه والغرض من النسبة هو الدلالة على تخصيص الاسم المنسوب أو توضحيه ومن ذلك أكثر مواد هذا الكتاب وصيغ النسبة فيه إلى البلدان أو إلى القبائلولكن السمعاني لم يفته إدماج صيغ سماعية أو شاذة في هذا الباب. وهذا النمط من الأنساب غير قليل في الكتاب ومن رأيه أن كثيراً من الأنساب لا مجال للقياس فيها كما صرح بذلكفي مادة (الرازي) قائلا هذه النسبة إلى الري وألحقوا الزاي في النسبة تخفيفا لأن الحاق الراء قبل الياء مما يشكل ويثقل على اللسان والألف لفتحة الراء وقال السمعانيأخيراً ما يأتي: ' على أن الأنساب لا مجال للقياس فيها والمعتبر فيها النقل المجرد '.

الأنساب في الفارسية:

ومن هنا رأينا في ثنايا الكتاب نسبا وألقابا فارسيةبحتة اشتهرت بها بعض البيوتات والأسر العلمية في تلك الديار النائية من أقطار الشرق مثل لقب (ديوكش) ومعناه القزاز و (زرشته) يعني صنعة الخيوط الذهبية. وتكثر

/ صفحه135/

في الكتاب النسب والمواد من هذا القبيل ومنها نسب إلى البلدان والحواضر والقرى والدساكر.

وفي كتاب السمعاني نسب على صيغة اسم الفاعل ونسب إلى المصادر والىكثير من المشتقات على اختلاف صيغها والى مختلف الأسماء المقصورة والممدودة والى لفظ الجمع وأسماء الأجناس وأسماء الجموع إلى غير ذلك.

وقد حفل الكتاب المذكور بصيغالنسبة إلى الحرفة والمهنة والعمل والمذهب والطريقة والنحلة، وبعضها ـ فيما نرى ـ نسبة لغوية في الأصل فقد تجئ على وزن فعال. فإن فعال تصاغ قيام الدلالة على الاحتراف أوملازمة الشيء ولا يرى بعض أئمة النحو منهم سيبوية: أن وزن فعال مطرد على كثرته، وذلك خوفا من الالتباس وصرح بأنه لا يجوز مثلا أن يقال برار لبايع البر لأنه يلتبس بما يشتقمن البر، ولا لصاحب الشعر شعار لا لتباسه بما اشتق من الشعر، ولكن أئمة اللغة حلوا هذه المشكلة عند وقوع الالتباس باستعمالهم صيغة النسبة القياسية بإضافة الياء إلى آخرالمنسوب كما هو مشهور، وأكثر النحاة على منع القياس في صيغة فعال تبعا لسيبوية وإن ذهب بعضهم إلى الجواز كالمبرد، وبرأي المبرد أخذ هذا المجمع واتخذ قراراً معروفاً فيهذا الشأن. وقد ترد على صيغ تشابه النسبة النحوية من حيث إضافة الياء إلى آخر الكلمة نحو الصيدلاني، الطرائفي، المطرزي الطناجيري، الطوابيقي، الطاحوني، الصيرفي،الغضائري، الباقلالي، الانماطي الصوفي، الزيدي، الفطحي، الاسمالي ' ومن هذه الصيغ والمواد يتألف كتاب السمعاني.

كان كثير من البدو قبل الإسلام وبعده يحتقرون الحرفوالمهن فلما تغلب المسلمون على ديار الفرس والروم ولما استوطنوا مصر والشام والعراق وأقاموا في ديار الترك والروم والفرنجة وهجروا البداوة والاعرابية واضطروا إلىالارتفاق بالزراعة والصناعة والتجارة وغير ذلك من مرافق الحضارة والى إحداث أوضاع ومصطلحات خاصة يعبرون بها عن تلك الحرف الجديدة التي لم يكن لهم معرفة بها من قبلمستندين إلى أصول لغوية معروفة في العربية كما نجد ذلك واضحاً في الكتب المصنفة في علم الأنساب وفي مقدمتها كتاب السمعاني المذكور.

/ صفحه 136/

السمعاني:

لابد من كلمة لنا عن السمعاني فهو القاضي أبو سعيد عبد الكريم ابن أبي بكر محمد ابن المنصور بن محمد بن عبد الجبار التميمي السمعاني. وسمعان التي ينتسب إليها صاحبالأنساب بطن من تميم وإليه انتهت رياسة البيت السمعاني وبه تمت سيادتهم.

رحل في طلب العلم والحديث إلى شرق الدنيا وغربها وجنوبها وشمالها، وسافر إلى بلاد الترك وماوراء النهر وسائر بلاد خراسان عدة دفعات، وزار الري واصفهان وهمدان وبلاد الجبال، ويلاحظ من كتابه أن هذا الجزء الشرقي من العالم كان زاخراً بالعمران قبل اجتياح المغولفقد سمى السمعاني عدداً هائلا من الأقاليم والحواضر والبلدان والقرى في الديار الخراسانية وفيما وراء النهر بعد خراسان كبخارى وسمرقند والطاشقند إلى ديار السغد والتركوهي أقاليم تقطنها شعوب منها ما ينتمي إلى الآرية والفارسية والخراسانية ومنها ما يمت إلى الأصول الطورانية والتركية وقد تقبلت هذه الشعوب الثقافة الإسلامية عن طواعيةوبصيرة ولم تتردد في أن تفني ذاتيتها في تلك الثقافة العظيمة لثقتها بأن في ذلك سعادتها وخلاصها وأن في ذلك مخرجا لها من الظلمات إلى النور. ولذلك أخرجت عدداً يخطئهالاحصاء من الائمة في الفقه والحديث والأدب وغير ذلك من فروع الثقافة العربية والاسلامية ويخيل إليك أن هذه الأقاليم من حيث وفرة سكانها وضخامة عمرانها ونشاط أبنائها فيالعصور العباسية المتوسطة والمتأخرة، نقول يخيل إليك أن تلك الأقاليم الإسلامية وهي تموج بمظاهر النشاط بعض هذه الأقاليم الأمريكية أو الفرنجية هذا اليوم. وكانت كل قريةأو حاضرة أو دسكرة من تلك الدسا كرلا تخلو من عالم أو أديب أو محدث أو أكثر ينتسب إليها وذلك في المائتين الخامسة والسادسة حتى إذا اجتاحها المغول فدمروا معالم تلكالحضارة الإسلامية. وقد أكثر أهل تلك الأقاليم الشرقية من الانتساب إلى الحرف والصناعات وشاعت هذه العادة عندهم كما يظهر من كتاب الأنساب وغلبت هذه الأنساب على علماءتلك الأقاليم ومحدثيها وأدبائها وهو أمر يدل على اتساع التعليم اتساعاً منقطع النظير حتى بين أبناء الطبقات الفقيرة وذوى الحرف البسيطة وكثر عدد المحدثين والفقهاء بينمن يحترف الطحن

/ صفحه 137/

والصيد وبيع الفحم واستخراج الأدهان إلى غير ذلك. كما يتضح من مراجعة هذا الكتاب. وقد رحل السمعاني أيضاً إلى العراق والحجاز والموصلوالجزيرة وغيرها من البلاد التي يطول ذكرها ولقي العلماء وأئمة الحديث وأخذ عنهم وأربت عدة شيوخه على أربعة آلاف شيخ وصنف التصانيف الحسنة الجليلة منها كتاب الأنساب كمايظهر ذلك لمن يتصفح كتابه المذكورة. ويستفاد من تصفح كتاب الأنساب أن السمعاني زار جملة من مدن العراق المعروفة فإنه زار البصرة والكوفة خمس مرات والموصل وتلعفر والرقةوالأبلة والأنبار ولقي اليزيدية في العراق وتكريت في رحلته إلى الموصل وباجسري القريبة من بعقوبة وبغداد وقرأ على بعض العلماء والمحدثين فيها وقد سافر من العراق إلىالشام بطريق الموصل والجزيرة وحلب وعاد من تلك البلاد إلى العراق بطريق بادية السماوة وضمن كتابه شوارد وطرائف كثيرة عن قبائل السماوة والبادية وعن أصحابه ورفقائه منالبدو في رحلته المذكورة وروى نبذة من أشعارهم في اللهجة البدوية.

وخلاصة القول: لقد وجدنا في هذا الكتاب طرفا من تراثنا القديم في المصطلحات ووجدنا فيه وفي أمثاله منكتب الأنساب فنّا من فنون كتابة التاريخ عند العرب.

/ 1