رجة البعث فی کلیة الشریعة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

رجة البعث فی کلیة الشریعة - نسخه متنی

محمد محمد المدنی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

رجّة البعث






فى كلّية الشّريعة

لفضيلة الأستاذ الشيخ محمد محمد المدنى

عميد كلية الشرية بالجامعة الأزهرية

إن الأزهرهو الجامعة الإسلامية الكبرى الفريدة بتاريخ وأهدافها ورسالتها فى العالم.

فهى التى تقوم على حفظ التراث الإسلامى فى عقائده ومبادئه العليا، وفى شريعته الغراءأصولها وفروعها. وفى لغته وتاريخه وآدابه وسائز ثمراته الفكريه التى أثمرتها القرون المتوالية، والعقول المثابرة المتضافرة فى ظلال كثير من المدنيات والحضاراتوالشعوب.

وهو بذلك جامعة غير متكررة، ومن حقه على الأمة. أن يبقى أبدا; لأنه يحمل رسالة يجب أن تبقى أبدا، ومن حقه أيضا أن يكون بقاؤه بقاء مثمراً نافعاً، لا أن يكونمجرد بقاء رسمى ظلى.

وليس المخاطب بهذا الحق ولاة الأمر من الحاكمين وأصحاب التصريف فقط، ولكن أهله أيضاً مخاطبون بذلك، بل لعل الخطاب إليهم أكثر توجها، وأشد إيجابا.

/صفحه 371/

وأهم ما يجب عليهم فى سبيل الاحتفاظ بمعهدهم الأكبر، وكفالة الحياة المثمرة النافعة له أن يفكروا داثما فيما يجعله متطوراً متجاوبا مع الأمة فى حدودرسالته التى يحمل لواءها، فإن التطور والتجاوب هما أبرز علامات الحياة، كما أن الجمود والركود; هما أظهر علامات الموت، وأول مقدمات الانحلال الذى يعقبه الفناء.

*   *    *

وكلية الشريعة هى أهم ركن من الأركان الأساسية العلمية، التى يقوم عليها صرح الجامعة الأزهرية.

وفيها معنى الانفراد برسالة معينة لا يشاركها فى القيامعليها كلية أخرى فى أية جامعة من جامعات العالم.

إنها الكلية التى تختضن الشريعة الإسلامية أصولها وفروعها، وتدرسها دراسة عميقة مستمدة من كتاب الله وسنة رسوله، كماتختضن الأصول العلمية والعقلية المستندة إلى هذين المصدرين الساميين، وهى فى سبيل ذلك تدرس الفقه فى مدارسه المختلفة، التى الصطلح الناس على تسميتها بالمذاهب، وتدرسأصول الفقه التى هى قوانين الفهم والاستنباط لدى أصحاب تلك المدارس. وتدرس «فقه القرآن والسنة» الذى اصطلح الناس على تسميته بدراسة آيات الأحكام، وأحاديث الأحكام،وتدرس كل ما يعين على تسديد الخطوات المنهجية فى ذلك كله من، منطق، ورواية، ومصطلح، وتاريخ للمذاهب أو للرجال.

وكان ينقصها أمران أساسيان، فلم ير العهد الجديد، عهدالإصلاح فى الأزهر، بدأ من استكمالهما. وهذان الأمران هما:

1ـ استيفاء أركان المقارنة فى الفقه المقارن بين المذاهب الإسلامية.

2ـ والتزود من الدراسات القانونيةبما يفتح للناظر فى الشريعة آفاقا جديد

/صفحه 372/

تعينه على ما هو بصدده. وتجعله ملما بما يدور حول التفكير الفقهى الذى يزاوله من تيارات ملائمة أو معارضة.

إنالباحث فى الشريعة الإسلامية لا يسعه أن يغض النظر عن هذين الجانبين، ولو أنه غض النظر عنهما لكان نظره ناقصاً ومتحيزاً; لأن الفقه ليس مجرد تحصيل الفروع ومعرفة الأحكامالمستقاة من المذاهب، وإنما هو مجموع النظر والمقارنة والترجيح، فلو عرف الناظر بعض الاتجاهات الفقهية وجهل بعضاً لكان الركن الأكبر فى الفقه منهدما عنده; لأن احتمالاقويا يبقى قائما أمامه كأنه يناديه ويلح عليه ويقول له: لعل الذى أعرضت عنه هو الحق والصواب، ولعلك إذا قارنته بما عرفته تحول نظرك، وتغير حكمك.

ثم إن الفقه فى واقعأمره إنما هو قانون تنظيم الحياة للفرد فى نفسه ومع غيره منفرداً أو مجتمعاً، وما سنت القوانين الوضعية إلا لذلك، فكيف يعيش الفقيه الإسلامى فى دائرة فقهه وحده وهو يرىأوضاع الناس وقوانين حياتهم مصطبغة اصبطاغا تاما بغير هذا الفقه؟ أيظل معرضاً عن هذا الواقع العملى، جاهلا أو مغضياً عن مبادئه، وأصوله، وقواعده، وإذن يعتزل الناس كمااعتزلوه، ويسخر منهم كما سخروا منه؟ أم يقف موقفاً عمليا، فيعرف، ويدرس، ويحيط بما حوله، ويوازن بينه وبين ما عنده، وإذن يكون متسلحا بالعلم والمعرفة، قادراً على أنيقنع الناس بأسلوبهم، وأن يخطو بالفقه الإسلامى خظوات تقربه من الناس وتحببه إليهم؟

إن المدارس الفقيهة المعروفة بالمذاهب الإسلامية، إنما قامت على أساس دراسةأحوال الناس وأعرافهم وظروف مجتمعهم، ثم استنبطت لذالك كله من الأحكام العلمية ما هو متمش مع الصالح العام الذى هو أساس شريعة الله، فمن ظن أن الفقهاء قد انقطعوا فىنظرهم عن فقه الحياة، أو عن المجتمع، أو عن الظروف والملابسات التى توضع لها القوانين ـ من ظن ذلك فإنه لم يصب كبد

/صفحه 373/

الحقيقه.

ولذلك لم يكن بد من أنتستكمل «كلية الشريعة» هاتين الناحيتين.

*    *    *

ولم يغب عنا أن اتجاه عهد الإصلاح فى الأزهر إلى استكمال هاتين الناحيتين; سوف لا يمر مراً خفيفاً بقريق منالناس لهم من ظروفهم الاجتماعية أو الفكرية ما يحعلهم يسارعون إلى المعارضة فى كل مالم يألفوه، مع أنهم لو تدبروا الأمر منصفين لما وجدوا إلا الخير والصلاح.

ولذلك لمنعجب حين سمعنا أن من الناس من لا يرحب بإدخال فقه الشيعة فى كلية الشريعة، وأن منهم من يقاوم إدخال الدراسات القانونية فيها.

بيد أننا نحب أن نكون صرحاء مع هؤلاءجميعا، فنذكر وجوه اعتراضاتهم، وما يدور فى أذهانهم وتفصح عنه ألسنتهم، ثم نبين رأينا فيه:

*    *    *

1ـ فمثلا نرى بعض الناس يقول:

كيف تدخلون فقه الشيعة فىالأزهر، مع أن هذا المذهب هو مذهب الذين يعتقدون أن جبريل إنما بعث بالرسالة إلى علىّ فأخطأه ونزل بها على محمد، وأن عليا قد حل فيه جزء من الإله،

وهؤلاء نقول لهم:

إن كلمة: «الشيعة» تطلق على عشرات المذاهب التى تنسب إلى الإسلام حقاً أو باطلا، وبعض هذه المذاهب ضال منحرف عن الأصول الإسلامية، وبعضها مستمسك بما يجب الإيمان به،مثله فى ذلك كمثل مذاهب السنة، وإن خالفهم فى بعض الفروع الفقهية أو النظريات والمسائل التى هى من قبيل المعارف الكلامية.

والفريق الأول من المسمّين باسم الشيعة وهملضالون المنحرفون، لا يعدون

/صفحه 374/

من أهل الإسلام وإن ادعوه; لأن العبرة فى ثبوت الإسلام إنما هى بالإيمان بأصول العقائد الإسلامية، وعدم إنكار ما هو معلوم منالدين بالضرورة، وهؤلاء ليسوا كذلك وقد انقرضوا ولم يعد لهم أثر فى العالم الإسلامى، ولو فرضنا أن لهم بقية فى كهف من الكهوف أو طرف من الأطراف فليسوا منا وولسنا منهم،وهم كفار خارجون على ملة الإسلام. ملعونون من أهل السنة ومن الشيعة.

أما الشيعة الذين تقرر إدخال فقههم فهم:

1ـ الشيعة الإمامية الاثنا عشرية، وقد لقبوا«بالإمامية»; لأنهم يقولون بأن إمامة على ثابتة بالنص، ولقبوا «بالاثنا عشرية»; لأنهم يسوقون الإمامة إلى اثنى عشر إماما، أولهم على بن أبى طالب، وآخرهم محمد بن الحسنالعسكرى الملقب بالحجة.

وهم يسكنون إيران والعراق وسوريا ولبنان والباكستان والهند، وغيرها من البلاد العربية والإسلامية ويؤمنون بأصول الإسلام كلها، ولا يستطيعأحد من أهل القبلة أن يحكم بكفرهم، وكل ما بينهم وبين السنة من اختلاف; إنما هو فيما وراء الأصول التى يجب الإيمان بها لتحقق مفهوم الإسلام، وينسب فقههم إلى أئمتهم من أهلالبيت النبوى، واشتهر باسم الفقه الجعفرى نسبة إلى أحد هؤلاء الأئمة، وهو جعفر الصادق بن محمد الملقب بالباقر.

وهؤلاء الشيعة الإمامية يلعنون أهل المذاهب المنسوبةإلى لشيعة من الغلاة فى شأن على، ويتبرءون منهم، ويحكمون بكفرهم ونجاستهم.

ولهم كتبهم فى العقائد والفقه والأصول وأسرار الشريعة والأخلاق والتصوف، وعلوم اللغةالعربية وغيرها، وقد نبغ منهم كثير من الفقهاء، وأهل الحديث والرواية، والأدباء، والأصوليين، والمتكلمين، وغيرهم، ولهم أثر واضح فى العلوم الإسلامية فى مختلف العصور.

/صفحه 375/

2ـ الشيعة الزيدية، وهم يسكنون اليمن غالبا، ومذهبهم منسوب إلى الإمام زيد بن على زين العابدين، وهو أقرب مذاهب الشيعة إلى مذاهب السنة.

ولا ينازع أحدفى شأنهم مع كونهم أيضاً ملقبين بلقب «الشيعة».

وإذن، فلا يستقيم القول بأن الشيعة كلها تقول برسالة على أو ألوهيته، أو تغالى فى شأنه، فإن هذا القول على إطلاقه خطأ،ويجب التفريق بين الشيعة المهتدين، والشيعة الضالين أو المنحرفين، كما يجب الحذر عند سماع أى نقل عن الشيعة، والتحرى عن القائل منهم بذلك حتى لا يحمل قول ضال على فرقةمهتدية لم تقله.

*    *    *

3ـ ونرى بعض الناس يقول: إذا درس الأزهر المذهب الشيعى ليرد عليه، ويبين زيفه وأخطاءه، كان ذلك داعياً إلى الفتن وإيقاظ العداوات، وإندرسه على أنه حق لا زيف فيه كان ذلك دعاية له وإلقاء للمتعلمين بين براثنه، وهذا ما تؤيده الفتوى بجواز التعبد به(1).

ونحن نقول لهؤلاء: ينبغى أن يفهم هنا الفرق بيندراسة مذهبى الإمامية والزيدية على سبيل الاستقلال، ودراستهما ضمن الفقه المقارن، فليس الذى قرره الأزهر هو دراسة هذين المذهبين الستقلالا على معنى أن تكون المذاهبالتى تدرس فى كلية الشريعة ستة، هى الأربعة السنية المعروفة، والاثنان الشيعيان: الإمامية والزيدية، لا، ولكن الذى تقرر من أول يوم، والذى كان موضع البحث من أول يوم هوإدخال هذين المذهبين فى منهاج «الفقه المقارن»، ودراسة الفقه المقارن تقوم على أساس ضرورى، هو أن يدخل الباحثون فيها


1-المقصود الفتوىالتاريخية التى أصدرها السيد صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ محمود شلتوت شيخ الجامع الأزهر، وهى منشورة فى صدر العدد الثالث من المجلد الحادى عشر لمجلة «رسالةالإسلام».

/صفحه 376/




/ 5