على ذكر المؤتمر الدولي الذي سيعقد في جنيف في صيف هذا العام:
الطاقة الذرية في خدمةالانسانللدكتور محمد محمود غالي دكتوراه الدولة في العلوم الطبيعية من السوربون ليسانس
العلوم التعليمية ـ ليسانس العلوم الحرة ـ دبلوم المهندسخانه (رسالة الاسلام) تزجى هذا البحث العلمي ليرى فيه قراؤها الكرام صورة من صور النشاط العلمي والعقلي في عالمنا الحاضر، والاسلام دين العلم والبحث والنظر في ملكوت السمواتوالأرض وما خلق الله من شيء. [ المحرر ]
في 22 ابريل سنة 1954 وجه الي المجمع المصري للثقافة العلمية دعوة لالقاء محاضرة عن العصر الذري، وقد جعلت عنوانها: (الذرة ومستقبلالعالم) وكانت هذه هي المحاضرة العشرين من محاضراتي العامة التي ألقيتها في موضوع الذرة بين بغداد والاسكندرية والقاهرة، ولقد كان لي من محاضراتي السابقة وكتابي الذيصدر في موضوع الذرة ومقالاتي العديدة بهذا الخصوص هدفان:
الأول: اطلاع اصحاب الرأي المتنور في مصر وجاراتها على موضوع الذرة وتقريبه الى أذهانهم رغم ما به من صعوبةعلمية، فلا يصبح غريباً عليهم بعد أن أصبح من المواضيع الهامة التي تشغل بال العالم، اذ يتعلق على تطور المعارف فيه وكيفية استخدامها مستقبل البشر.
/ صحفة 205 /والثاني: دعوة أصحاب هذا الرأي الى فكرة السلام المنبثقة اليوم من تطور معارفنا عن الذرة، ولقد كنت مؤمنا دائما بهذه الفكرة والدعوة اليها، وازداد ايماني بها بعد تطورمعارفنا الأخيرة عن حقيقة العلاقة بين المادة والطاقة وما وصل اليه العلماء من معارف خطيرة تحمل في ثناياها مفاجآت قد تصل بأهل هذا الكوكب الى مدارج العلا، أو تنزل بهمالى هلاك حقق، حتى أنني كتبت عن يقين على غلاف كتابي(1) الذي صدر في سنة 1949:
(ستعلم وأنت تطالع هذا الكتاب أن البشرية قد خطت مع بكارل الفرنسي منذ نصف قرن(2)، و مع أوتوهانالألماني حديثاً(3) خطوتين حاسمتين: فاما مدنية فوق التصور نصبح فيها كالملائكة نستطيع ما لا نستطيعه اليوم، واما مفاجأة محزنة قد ينمحى معها الكوكب الوديع الذي نعيشعليه).
ولقد تأثرت بفكرة سلام العالم والعمل في سبيلها نتيجة لتتبعى موضوع الذرة وما يحمله كل يوم من جديد فاندفعت خلال محاضرتي المشار اليها الى ترديد هذه الفكرةالسامية، حتى أن المحاضرة اتخذت طريقاً واضحاً نحو هدف معين وشكلا متبلوراً نحو غاية معلومة خرجا من قضايا علمية غاية في الدقة تهدف كلها نحو السلام، ولقد حمل كل هذاالحاضرين ـ وكانوا بالمئات ومن بينهم عدد عديد من العلماء وأهل الرأي ـ على أن يتخذوا قراراً في آخر المحاضرة بضرورة عناية الحكومة باستخدام الذرة في أعمال السلم معالمطالبة بتحريم الأسلحة الذرية والهيدروجينية.
(1) كتاب (ماذا تخبئه نواة الذرة للانسان) الناشر مكتبة النهضة بالقاهرة.(2) كشف العالمالفرنسي (بكارل) النشاط الاشعاعي في عنصر اليوارنيوم في سنة 1896، وذلك بملاحظة الآثار التي تحدثها قطعة منه على اللوح الفوتوغرافي، وكان كشفه الخطير أول رسالة من داخلنواة الذرة.(3) كشف العالم (أوتوهان) الألماني أول انشطار أو انفلاق لنواة ذرة البليتونيوم في نوفمبر من سنة 1938، ولم تنشر نشرته العلمية وتذع في العالم الا في 8يناير سنة 1939 قبل الحرب الثانية بثمانية شهور.