لغة و الأدب بین الجدید و القدیم نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

لغة و الأدب بین الجدید و القدیم - نسخه متنی

عبد الجواد رمضان

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

اَلّغُةْ وَالأدبُ







بَيْنَ الْجًديد وَ الْقديمْ

لحضرة صاحب الفضيلة الاستاذ الشيخعبد الجواد رمضان

المدرس فى كلية اللغة العربية

انشعب الباحثون فى اللغة العربية و آدابها، منذ مشرق النهضة الأدبية الحديثة، إلى ثلاث شعب:

فأما الشعبةالأولي: فقد مضت على سنن المنهج القديم، تترسمه، و تتعمقه، و تؤمن به إيمانا لا يخامره ريب، و تنافح عنه نفاح المجاهد المستميت، ثقة منها بأنه الدرب الذى لا يصل العربىبعامّةٍ إلى إدراك أسرار البيان العربي، و إلى نواحى الجمال فيه، ولا يصل المسلم بخاصة إلى دلائل إعجاز القرآن الكريم الذى هو عروة الإسلام و جماعه ـ إلا أذا سار عليه.

و أما الأخرى : فقد وردت موارد الشعبة الأولي، فنهلت، و علّت و تملّت و تملأت، و أطالت الدرس و التأمل، و غاصت إلى الأعماق، ثم أسعدتها حيواتها الخاصة، بالاطلاع علىمناهج البحث و النظر فى بعض لغات الغرب، فاستعارت عنها أفضل ما فيها، مما ظهر أثره فى استيفاء الوسائل، و توسيع آفاق البحث، و تهذيب العرض، و عظم الفوائد التى يصل إليهاالباحث من أقرب طريق.

و لقد اشتعلت نارالحرب بين هاتين الشعبتين زمنا طويلا، و كان اشتعالها فى أول الأمر طبيعيا، لأثر القديم الموروث فى النفوس، و لسوء الظن بكل ماهو غربي

ثم لعدم الاطمئنان إلى نوايا الروّاد الأول لهذه النجعة. بيد أن الزمن حلاّلَ المشكلات، قد تكفل بإخماد نار الحرب، إذ كانت مطاولته فرصة لأن يدركالمحافظون، أن المنهج الجديد، يمسّ الشكل دون الجوهر، و أنه معين مسعد، لا مثبط خاذل، و أنه بانيا أكثر منه هادما، على أنه حينما هدم ما هدم، لم يكن شرح مبتدعاً، ولامدعياً ولا قائلاً على القدماء ما لم يقولوا، وإنما ردد ما قالوا، ما أجملوا، و لذلك غدونا اليوم، و هذا المنهج «المطعم» منهج المحافظين و الاحرار، و المجددين والرجعيين، فيما يعالجون من بحوث النقد فى مختلف الأوطان العربية و الاسلامية جميعا.

نحن ـ الآن ـ أمام الشعبة الثالة: و هى شعبة لها خطرها، و لها رجالها البارزون، ولها شبابها الجراء، الذين يستمدون تسعة أعشار قوتهم من جهات ثقافية، من الغرور أن أمسّ رسالتها، أو أنال منها، و إلا سمعت قصة الصخر و الوعل!

هذه الشعبة: قد أعطتالثقافة الغربية و الآداب الغربية من أنفسهم، بمقدار ما أعطت الشعبتان الأوليان اللغة العربية و آدابها من أنفسهم، و كانت قد حامت حول اللغة العربية و أدبها، و لكنهاماوردت، أو بعبارة أقرب إلى الإنصاف، وردت ورود الرّافه الرّيان، لا ورد المتعطش الظمآن.




  • و بعيدً ما بين وارد رفهٍ
    عللٍ شَربُه، ووارد خْمس!



  • عللٍ شَربُه، ووارد خْمس!
    عللٍ شَربُه، ووارد خْمس!



هذهالشعبة ـ مذ اليوم ـ تحاول مُلحّة جاهدة، أن تنزل الآداب العربية منذ جرى بها لسان عربى على معايير النقد الأدبى فى الغرب، يسلم منها ـ و قلما يسلم ـ ما وافقها، ويُبَهْرَج منها ما حاد عنه، و ما أكثر ما يحيد! لهم فى هذا الكتب المؤلفة، و الرسائل و المقالات، و الجدل الشفوي، الذى ينتهى أحيانا إلى الصراع، أو إلى ما هو شر من الصراع.

لست هنا بسبيل أن أذكر أسماء، أو أن أراد على شخص معينّ، و لكننى أنا هض

مذهبا أدبيا ينشط فى الدعاية له و فى العمل به مثقفون يملكون كثيرا من وسائل الدعايةو النشر، و قد أنقل بعض العبارات يستدعيها الكلام، لا أريد أن أرد على صاحبها بالذات، و إنما أريد ناحيتها العامة التى تمس جوهر الموضوع، و سأحتفظ بالمراجع لنفسي‌،إمعانا فى التبرى من الاهتمام بالقائل، و من العناية بالرد عليه.

هذا واحد منهم يقول:

«إذا قلت لك إن الشعر العربى القديم كان فى جملته شعر «السطوح الخارجية»للنفس و الحياة، فلا تحمل هذا القول على التعصب للحديث و الوقوف إلى جانبه إن أمامك هذا اشعر، فراجع فيه نفسك، و استشرفى حقيقته ذوقك و حسك، إنه شعر يشعرك بفراغ « الوجودالداخلي» عند قائليه، لأنهم كانوا يعيشون خارج «الحدود النفسية» فى الكثير الغالب من الأحيان، فاذا عادوا إلى تلك الحدود، فتغلبوا على مشكلة «الصدق الشعوري» قامت فىوجوههم مشكلة مشكلة أخرى هى مشكلة (صدق الفني) وهنا مطرق الطريق بين المشكلتين الرئيسيتين مشكلة «الأداء النفسي» و مشكلة « الأداء اللفظي» فى معرض الموازنة بين الشعرالعربى الحديث، و الشعر العربى القديم».

ويقول فى موضع آخر:

«على هذا الأساس سار الشعر القديم، يبارك خطواته النقد القديم، ذلك لآن الأجيال قد دأبت على أن تخلقأبناءها فى ميدان الفن من طينة واحدة، وأن تصوغ ملكاتهم من معدن واحد: يقف الشاعر عند « الهياكل العظمية» للألفاظ، و يقف معه الناقد؛ و غاية الفن عند هذا و ذاك، أن يطلبالأول إلى صاحبيه أن يقفا لحظات ليبكيا معه، و أن يشير الثانى إلى أنه قد بلغ القمة، لأنه وقف و استوقف، و بكى و استبكي، أو لأنه مثلا، قد و فق إلى تشبيه شيئين بشيئين فىبيت واحد!» أ هـ بنصفه.

هذا كلام واضح بنفسه، ليس فى حاجة إلى تعليق و لا تعقيب، و ما بى أن

أعرض له فى تفاصيله، فان ذلك يحمل الاعتراف بالمبدأ، و هو خاطئ؛ولكنى أقصده فى صميمهه، بما لعله يخزيه، و يخذله، و يشفى صدور قوم مؤمنين.

اللغة العربية لغة مقدسة، حصّن الإسلام ثغورها بحماية مسلحة، تستعصى على الحديد والنار،لأنها وعاء القرآن، معجزة الإسلام، ولقد جاءت خولة بنى العباس، فجعلت من الاسلام العربي، اسلاما علليا، و التهمت جميع العلوم و الفلسفات التى كانت للأمم القديمة، منالفرس و الهنود و الا غريق؛ ثم عزفت عن الأداب الغربية عزوفا، فلم تقلب لها صفحة، و لا أعارتها أى اهتمام، و أرتجت أبواب الوضع، و التعريب، و الاستشهاد، بانتهاء الدولةالأموية، و بين سمع بنى العباس و بصرهم؛ فأقروا هذا الارتاج، و اعترفوا به، ولم يحاولوا أن يمسوه من قريب أو من بعيد.

و جاء فقهاء الفروع فاشترطوافى المجتهد أن يتبحرفى اللغة العربية تبحرا يقربه من السليقة، و اختلفوا اختلافا مُرّا فى جواز ترجمة القرآن، و كانت الصولة فى جانب المانعين، ولكَم أشفقتْتُ ـ فى عهد قريب ـ على شخص، آثيرعندنا، كريم علينا و على التاريخ معنا، من تورطه فى هذا الموقف تورطا، لم يخامرنى ريب ـ عهدئذ ـ فى أنه غير ناجح فى الخلاص منه بغير التساهل و الإهمال.

و متى كانت اللغةمقدسة، فان آدابها: رواية و دراية و نقدا و عرضا و فقها الخ: من كل ما تتوقف عليه حياتها، مما لا يتم الواجب المطلق إلا به؛ فلا نحراف بها عن سننه إلى نهج غريب عنها، محاولةفى قيام المشروط بدون شرطه، و هى محاولة فاشلة بلا جدال.

إن الحاكم فى النقد الأدبى عند العرب هو الذوق الأدبى العربي، لا الذوق الشخصى الخاص كما يفهم بعض أدعياءالنقد فى هذا العهد؛ و الذوق الأدبى العربى إنما يربيه التملؤ من الأثار الإبية، حفظا و بحثاً و تعمقا و طول ممارسة حتىإذا اكتهل هذا الذوق واكتمل، تصدر للحكم على هذهالآداب، أوْ لها و للفُتْيَا فيما يعرض لطلابها من مشكلات؛ و لبيان أسرار البلا‎غة فيها، و سمات الجمال فى في

معاطفها، و علل الضعف أو النقص فى بعض نواحيها.فالأداب العربية مؤثرة فى «التقد العربي» لأنها مصدره، متأثرة بالنقد العربى لأنه يميز صحيحها من عليلها، و رفيعها من مُسِفِّها، و كاذبها من صادقها، و ما فسر العربالقر ان؛ ولا ألف الزمخشرى كشافه المعجز، ولا وضع عبد القاهر الجرجانى كتبه فى أسرار الإعجاز، ولا، ولا، الخ، إلا بعد البحث المتقصى فى آداب اللغة العربية، و إلا بعداكتمال الملكة الذوقة التى طاروابها فى سماء البلاغه العربية و آفاقها الرحيبة كل مطار.

جوهر المشكلة بيننا و بين بعض مجددى النقاد فى هذا العهد الأخير، إنهم يريدونفصل اللغة العربية: متنها و آدابها و نقدها و عرضها الخ. عن الدين .

أما نحن، فاننا تعتبر هذا الفصل كالفصل بين الروح و الجسد؛ فان اللغة قوام الدين؛ والدين هو المقوملحياة الإسلام بين شعوب العالم المعمور.

و أذكر أن هذه الخاطرة التافهة نمّت بها بعض الأقلام منذ عهد بعيد، و كان الفرد الذى لمحها فأسرع إلى كبها، ذلك الكاتبالاسلامى العظيم المغفور له مصطفى صادق الرافعي، فى أسطر قليلة وردت فى مقدمة أحد مؤلفاته، و قرأتها يومئذ ثم ماتت الفكرة فترة طويلة حتى نشأ نقاد الفترة الحاضرة،فأخذوا يحومون حولها، و لكنها ستعود إلى قبرها، لا لأننا سنعنى بمحاربتها، بل لأنها غير صالحة للحياة.

قد يقول قائل: إذا كانت اللغة على ما ذكرت مقدسة؛ فما عمل المجمعاللغوى و هو سؤال قد يخطر ببال من لا يتعمقون الأمور؛ فأما أنا فاننى مؤمن أعمق الإيمان بأن الرجال الخالخين أعضاء المجمع الموقر يرون أول واجباتهم حماية اللغة من أمثالهذه هذه الوافدة؛ و ان لهم وراء ذلك لمجالا رحبا يستنفد الجهود فى الحياطة و التيسير؟

/ 1