قال شيخي
لحضرة الكاتب الفاضل الاستاذ أحمد بريرىقال شيخي:
تقول ألا تهجو فوارس هاشم
أبي الهجو أني قد أصابوا كريمتي
إذا ما امرؤ أهدى لميت تحية
لنعم الفتي أدى ابنصرمة بزه
و طيب نفسي أنتي لم أقل له
كذبت و لم أبخل عليه بماليا
و مالي و إهداء الخنا ثمماليا
و أن ليس إهداء الخنا من شماليا
فحياك رب الناس عني معاويا
إذا راح فحل الشول أحدب عاريا
كذبت و لم أبخل عليه بماليا
كذبت و لم أبخل عليه بماليا
قلت: أفهو أخو الخنساء الذي قالت فيه:
و إن صخراً لتأتم الهداة به
كأنه علم في رأسه نار
كأنه علم في رأسه نار
كأنه علم في رأسه نار
قلت: عرسه «سليمي» التي قال فيها و في أمه:
أرى أم صخر لا تمل عيادتي
و ما كنت أخشى أن أكون جنازة
أهم بأمر الحزم لو أستطيعه
و قد حيل بين العير و النزوان
و ملت سليمي مضجعي و مكاني
عليك و منيغتر بالحدثان
و قد حيل بين العير و النزوان
و قد حيل بين العير و النزوان
قلت: لله ما أشقها حياة تلك التي كان القوم يحيونها. فهم قتيل و منتظر أن يقضى نحبه، و لا ثالث إلا أن يكون من سقط
المتاع. لا في العير و لا في النفير، أو منالطبقة الثالثة على حد تعبير الفرنجة.
قال: أو كما قال دريد ابن الصمة:
يغار علينا واترين فيشتفي
بنا إن أصبنا أو نغير على وتر
بذاك قسمنا الدهر شطرينقسمة * * * فما ينقضي إلا و نحن على شطر
يقتلون عدوهم أو يقتلهم و تلك غاية عيشهم.
قلت: عيش الجاهلية الاولي التي أراح الله الدنيا منها برسالة خاتم الانبياء والمرسلين سيدنا محمد صلوات الله عليه و على آله و صحبه أجمعين.
قال: بل عيش السادة الكرام، ولا والله ما أنكره الإسلام، بل أبقاه فيما أبقي من حسنات الجاهليين.
قلت:فإني لا أعلم أن الإسلام يريد الناس على أن يقاتلوا أبداً فيقتلوا و يقتلوا.
/ صفحه 164/قال: فأما أنا فموقن بأن الإسلام أراد المسلمين على أن يقاتلوافيقتلوا و يقتلوا، أو يغيروا أو يغار عليهم.
قلت: أي أنه يطبق حكم دريد بن الصمة.
قال: و لم لا؟ «إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بأن لهم الجنة يقاتلونفي سبيل الله فيقتلون و يقتلون» و إنما الفرق بين الحالين أن القوم في جاهليتهم كانوا يقاتلون في سبيل الشيطان، على خلاف المسلمين الذين يقاتلون في سبيل الرحمن.
قلت:العجيب أن قاعدة القتال هذه قاعدة آدمية شاملة، فكذلك كانت الفرنجة أيام فروسيتها، كان القتال شأن السادة. و كان على العبيد كل شيء إلا القتال فهم معفون منه، و قد يقتلالسيد فلا يصيب العبد أكثر من أن يستبدل بسيده القتيل سيداً آخر هو القاتل.
قال: فتعلم أن دلالة فساد النوع هي أن ينحرف السيد عن سبيله هذه التي سلكه فيها الطبع قبل أنيقره عليها الوضع.
قلت: أفمودى هذا أنا أصبنا بما يسمونه «فساد النوع» و أنه لا دليل على البرء من هذا الداء إلا أن نعود سيرتنا الاولي مقاتلين في سبيل الله؟ أهى إذندعوة إلى الجهاد و الاستشهاد؟
قال: لا تفتر على شيخك، فما كنت داعية جهاد. و إنما أقول: «ادع إلي سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة» و لست أشك في أن لكل زمان «ضرباً منالمصلحة و نوعا من العبادة» كما يقول أبو عثمان: بيد أنى أعمل مع العاملين على نشر دعوة أخرى محلها وحدة المسلمين التي تبددت، ولله ما أصدق القائل الذي رآها تتبدد.
ماكان أغني رجالا ضل سعيهمو
كنا أناساً على دين ففرقنا
فرع الكلام و خلط الجد باللعب
عن الجدل و أغناهم عن الخطب
فرع الكلام و خلط الجد باللعب
فرع الكلام و خلط الجد باللعب
/ صفحه 165/الخطب و فرسان الجدل ممن شغلهم هذا الفرع أو شغلوا أنفسهم و الناس بالفروع فنسوا الاصول و أنسوها؟
قلت:يقول: «كنا أناساً على دين» أفيعني أنهم لم يصبحوا على دين؟
قال: أزعم أنا أن الوحدة هي أصل هذه الشريعة المحمدية، فأين أنت منها إذا عملت على أن تبعثها شيعاً وأحزاباً؟ إنه لمن حقك ـ إذا شئت ـ أن تحتج «بمفهوم المخالقة» في قوله: «كنا على دين» و إنى لادعو شيوخ الإسلام إلى أن يعطوا هذه المسألة ما هي حقيقة به من جد التفكير، و مايترتب عليه من صدق التقدير و سلامة التدبير.
قلت: أولا يتدبرون القرآن؟
قال: من تدبر القرآن لم يمسكه «فرع الكلام» و لم يلهه تحبير الخطب عن جليل الخطب النازل جراءجدل ما كان أغنانا عنه لولا الاستجابة إلي نزغ الشياطين.
قلت: إنه لمن اليسير أن تسمعوا الخاصة و هي لاشك باذلة قصارى جهدها في جمع الشتات و تدارك ما فات. ولكن البليةفي أن العامة ليست لها أذن واعية إن المقدمات لمؤديات إلى نتائجها ضرورة، و ليس في وسع عاقل أن يجادلك
إذا أنت بينت له أن الفروع ما كانت لتطغي على الاصول. و أن من شأنالمسلمين أن يذهبوا مذاهب شتي في تلك على وحدة المذهب في هذه.
قال: رويدك بعض الثرثرة. فإن عامة المسلمين براء مما تحاول أن ترميها به.
و إن لها لغريزة واعية أوعي منعقول أصحاب المقدمات و النتائج. لقد ينسي الرجل الامي أنه شافعي أو مالكي، و لكنه لا ينسي أبداً الوحدة الاسلامية.
لو قلت: لو أن للخاصة أذناً واعية لما عدوت الحقيقةالواقعة.
قلت: فإني أرى الخاصة قد استجابت إلي دعوة التقريب، فمتيترى العامة تدخل فيها أفواجا؟
قال: و هل خرجت منها حتي تريدها على أن تدخل فيها؟ لقد عمل أهلالقطيعة داخل البلاد الاسلامية و خارجها على أن تصبح «الطائفية» أو «المذهبية»
/ صفحه 166/أديانا مختلفة «فلا يذكر الرجل إلا أنه حنفي أو حنبلي أوإمامي أو زيدى، فحبطت أعمال هؤلاء العاملين المفسدين، عليهم لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين، و سلمت عامة المسلمين، فلم يلتو بها قصد. «و على الله قصد السبيل و منهاجائر و لو شاء لهداكم أجمعين».
قلت: لو شاء لهدانا أجمعين. فما الحكمة في أنه ـ جل جلاله ـ هدى بعضاً وأضل آخرين؟
قال: الحكمة هي أنه ـ علت حكمته ـ حق القول منهليملأن جهنم من الجنة و الناس أجمعين. و ليس شيخك ممن يقفون ما ليس لهم به علم. و لقد أمرنا مالك الملك أن نتفكر في ملكوت السموات و الارض و ما خلق الله من شى ء. أفليس في«علوم الحياة» و قد كلفتها، ما يصرفك عن قضايا جدلية لاتجدينا إلا أن نلقى بأيدينا التهلكة؟
قلت: فمعاذ الله أن نلقي بأيدينا إلي التهلكة، و ما قصدت إلي أكثر مما يقصدإليه أصحاب الكلام حين يتناولون مسائل القضاء و القدر و الاختيار و الاضطرار و مرد التبعة و الجزاء.
قال: فخير أن تقصد إلي مقصود «أصحاب الفعال» و كفانا ما لقينا منأصحاب الكلام و المقال.
قلت: لقد يجرنا المقال إلي حديثنا الماضي عن إلياسين و الابين و الاخين.
قال: ويل للشجي من الخلي، فلو أنك كنت في غمرة الحمى التي تعالج شيخكأو يعالجها لكان لك شغل عن الابين و الاخين و النحو و النحويين؟