تعلیل خاطئ لیسر الإسلام نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تعلیل خاطئ لیسر الإسلام - نسخه متنی

عبدالمتعال الصعیدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

تعليل خاطئ ليسر الإسلام

لحضرة صاحب الفضيلة الشيخ عبد المتعال الصعيدي

الأستاذ بكلية اللغة العربية

ورد في كلام بعض شراح الأحاديث ما يفيد أن علة يسر الإسلام وسهولته؛ هي أن الله تعالى علم ضعف المسلمين وقلة احتمالهم للتكاليف والمشاق فرفع عنهم الآصاروالأغلال التي كانت على من قبلهم بظلمهم وبغيهم، والتي كانوا يحتملونها ويقدرون عليها لقوتهم وشدة أيدهم.

فهل هذا صحيح؟ هل علة يسر الإسلام وسهولته حقاً ما علمه اللهتعالى من ضعف المسلمين ضعفا نسبياً خلقياً عن الذين سبقوهم؟ وهل كان اليهود والنصارى أقوى من المسلمين؟ وهل يصح أن نبث في المسلمين هذا الشعور بالضعف ولا نشعرهم بالقوة؟وهل يصح أن نغفل عما يكون لهذا من الأثر السئ في نفوسهم، لأن من يشعر في نفسه بالضعف يرضخ للذلة المهانة، فتستهين بهم الأمم وتطمع في ضعفهم، وتستولي على بلادهم وأراضيهم،ولا يجدون إلا أن يرضخوا لحكمهم لأن دينهم بمقتضى ذلك الشرح الخاطئ يضعهم في صف الأمم الضعيفة، وحكم الفطرة والتاريخ أن يرضخ الضعاف للأقوياء، لأن الضعاف يعجزون عنمجاراتهم في القوة. فلا يكون لهم مكان في التاريخ إلا صفوف الأمم المتخلفة.

هل يصح شيء من هذا؟ اللهم لا. وياشقاوة أمة ينتشر بين أفرادها هذا الشعور بالضعف، وقد كانيكفينا ما يشعر به عامتنا وأشباههم خطأ من أن لغيرنا الدنيا ولنا الآخرة، فقد ضيع علينا هذا الشعور الخاطئ لعامتنا وأشباههم دنيانا،

/ صفحه 304/

وما الدنياإلا قنطرة الآخرة، فلما ضاعت بهذا دنيانا ضاعت معها أخرانا أيضا.

فلا يصح أن نزيد الطين بلة بتوجيه يسر الإسلام ذلك التوجيه الخاطئ.

ولا شك أنا إذا رجعنا إلىالتاريخ وجدنا الأمر في ذلك على العكس بالنسبة للمسلمين ومن سبقهم من اليهود والنصارى، فلنرجع إلى التاريخ عند نشأة الإسلام بين عرب الجاهلية، ونشأة اليهودية بين بنيإسرائيل في مصر وصحراء سينا، ونشأة النصرانية في فلسطين وحكامها من الرومان.

لقد نشأ الإسلام بين أمة لم تكن لها صناعة إلا الحرب، تعيش في صحرائها بعيدة عن تسلط الدولالمجاورة لها عليها، اللهم إلا على بعض أطراف من جزيرة العرب، كانت فيها دويلات عربية، مثل دولة المناذرة بالعراق، ودولة الغساسنة بالشام، وكان لدولة الفرس شيء منالنفوذ في الدولة الأولى، وللرومان شيء من النفوذ في الدولة الثانية، ولكنها كانت على كل حال دولا لها ملوكها من العرب، ولهم عز الملوك وسطوتهم وسيطرتهم، وكانوا ينظرونإلى ملوك الفرس والرومان نظر الند للند، لأنه كان من ورائهم أمة عزيزة الجانب، كثيرة العدد، مشهورة بالقوة والشجاعة، وكان كل من ملوك الفرس والرومان يتجه إليهم فيالحروب المتواصلة بينهم، فيستعين ملوك الفرس بملوك المناذرة ومن إليهم من العرب في العراق وما جاوره من بلاد العرب في الجنوب، ويستعين ملوك الرومان بملوك الغساسنة فيالشام وما جاوره من بلاد العرب في الشمال، فتشترك العرب في تلك الحروب مع أمتي الفرس والروم، وتقف جيوشها بجانب جيوشهما في الحرب، وهذا إلى تلك الحروب الداخلية التي كانتلا تنقطع بين قبائل العرب، وجعلت كل فرد في أمة العرب بطل حرب.

أما اليهودية فقد نشأت أولا في مصر بين بني إسرائيل، وكانوا يعيشون فيها غرباء لا حول لهم ولا قوة، قداستبد بهم فرعون واستعبدهم، وسخرهم في الأعمال التي كان المصريون يترفعون عن الاشتغال بها، ثم طغى وبغى عليهم وبالغ في الطغيان والبغي، كما قال تعالى في الآية ـ 3 ـ منسورة القصص: '''' إن فرعون علا في الأرض

/ صفحه 305/

وجعل أهلها شيعاً يستضعف طائفة طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين '''' فهذه الطائفةالتي كان يستضعفها ويظلمها إلى ذلك الحد ـ حد قتل الأبناء واستحياء النساء ـ هي طائفة بني إسرائيل، فأرسل الله تعالى إليها موسى
(عليه السلام)

لينقذها من هذا الذل،ويخلصها من حكم فرعون الظالم، وينشئ لها دولة صغيرة في غير مصر، لأنها لا تقوى أن تتغلب على المصريين، وقد بلغوا ما بلغوا من استعبادهم لها، واستبدادهم بأفرادها، وظلمهملهم إلى ذلك الحد السابق، فطلب موسى

(عليه السلام)

من فرعون أن يرسلهم معه بني إسرائيل لينشيء لهم هذه الدولة الصغيرة فأبى فرعون أن يرسلهم معه، وأبى إلا أن يبقوا تحتحكمه في ذلك الضعف، يقاسون فيه ما يقاسون من ضروب الذل، ويلاقون فيه ما يلاقون من أنواع المهانة، فلم يجد موسى

(عليه السلام)

إلا أن يهرب بهم إلى سينا، وقد تبعهم فرعونليردهم إلى مصر، فأنجاهم الله منه بمعجزة من معجزاته، لا بقوة منهم استعملوها في الدفاع عن أنفسهم، لأنهم لم يكن لهم في تلك الحال التي قاسوا فيها ما قاسوا قوة ولاحولولكنهم لم يكادوا يصلون إلى سينا حتى شعروا بعجزهم عن إنشاء هذه الدولة الصغيرة، وإخراج من كان فيها من أهلها، وكان موسى

(عليه السلام)

قد بعث منهم إثنى عشر نقيباليتعرفوا عليها قبل أن يسيروا لفتحها، كما قال تعالى في الآية ـ 12 ـ من سورة المائدة: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم إثنى عشر نقيبا وقال الله إنى معكم ''''الآية ـ فلما وصلوا إليها وشاهدوا أهلها أدركهم الجزع والفزع، ونسوا ميثاق الله عليهم ووعده بفتحها لهم، وقوله لهم (إني معكم) ومن يكن الله تعالى معه فلا غالب له وإن بلغفي القوة ما بلغ، لأن قوة الله أقوى من كل قوى، وهو واهب القوة للأقوياء فلا يمكن أن تغلبه قوتهم وهو الذي وهبها لهم، فنسوا كل هذا، وأخذوا حين رجعوا إلى قومهم يهولون لهمفي أمر من شاهدوهم، في الأرض التي وعدها الله تعالى لهم، فزادوهم ضعفا على ضعفهم، حتى خارت نفوسهم، وأدركهم من الجبن ما أدركهم، وقد أخذ موسى

(عليه السلام)

يذكرهمبوعد الله تعالى لهم، وبما كان له

/ صفحه 306/

من نعم عليهم، ليبدل ضعفهم إلى قوة، وجبنهم إلى شجاعة، ويأسهم إلى أمل، كما حكى الله تعالى عنه في سورةالمائدة.

ولكنه يئس منهم بعد أن أظهروا هذا الضعف البالغ، وكان أن عاقبهم الله تعالى بتحريم هذه الأرض عليهم أربعين سنة، حتى يذهب ذلك الجيل الذي نشأ في ظل الاستعبادوالاستبداد، وأرهقة ظلم فرعون وطغيانه فيه، وينشأ جيل آخر لم ينشأ في ظل الاستعباد والاستبداد، فيمكنه أن يقوم بفتح هذه البلاد، كما قال تعالى بعد الآيات السابقة: '''' قالفإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين ''''.

وأما النصرانية فقد نشأت نشأة أضعف من نشأة اليهودية، إذ لم يدن بها على عهد عيسى

(عليهالسلام)

إلا أفراد قلائل من بني إسرائيل، وكان بنو إسرائيل في ذلك الوقت واقعين تحت حكم الرومان، فكان أولئك الأفراد الذين دانوا بالنصرانية ضعافاً كل الضعف، لأنهمكانوا من شعب مستضعف بحكم أجنبي، وكان ذلك الشعب يضطهدهم وينابذهم العداء، ويستعين عليهم بذلك الحاكم الأجنبي، حتى اضطرهم إلى مداراته اتقاء لغضبه، وقد سألوا عيسى

(عليه السلام)

عما يفعلونه مع قيصر الرومان، فقال: اعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله، ولهذا كانت النصرانية شريعة زهد في الدنيا، لأنها لم يكن لها أمل مع قلة من دان بهافي دنيا تقيمها، تتغلب فيها أولا على ذلك الشعب المحكوم بحكم أجنبي، ثم تتغلب فيها ثانيا على ذلك الحكم وأنى لها هذا ولم يدن بها إلا أفراد ضعاف قلائل، وملك الرومان قد شملما لا يعد من البلاد والأقطار في ذلك الوقت، فانتهى أمرهم مع عيسى

(عليه السلام)

بتسليمه لأعدائهم، وكان الذي دل عليه أعدءاهم واحداً منهم، ولا نهاية أضعف من هذهالنهاية، ولا أتباع أضعف من أولئك الأتباع الذين سلموا في نبيهم، ولم يتحرك لنصرته واحد منهم، بل كان واحد منهم هو الذي دل عليه أعداءهم.

ولنعد إلى المسلمين الذينيقال إن الله تعالى علم ضعفهم فيسر لهم شريعتهم،

/ صفحه 307/

ورفع عنه الآصار التي كانت على من قبلهم لقوتهم، فإن الله تعالى لم يخترهم لإنشاء ملك صغير فيبقعة من الأرض كما اختار بني إسرائيل، بل اختارهم ليستخلفهم في الأرض جميعها، وليكون لهم فيها ملك كبير يشمل أكثر بقاع الأرض كما قال تعالى في الآية ـ 55 ـ من سورة النور:(وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم) الآية ـ فكانوا عند وعد الله تعالى لهم، لم يهنوا ولم يضعفوا في يوم منالايام، ولم يجبنوا عن القتال حينما ندبوا له كما جبن بنو إسرائيل، بل كان أن قام النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر يتشيرهم في القتال، فقام المقداد بن الأسود منالمهاجرين فقال: يا رسول الله، امض لما أمرك الله، فو الله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: (إذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون) ولكن أذهب أنت وربك فقاتلا إنامعكما مقاتلون، والله لو سرت بنا إلى برك الغماد ـ موضع على ثلاثين أو أربعين ميلا جنوب المدينة الغربي ـ لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه. وقام سعد بن معذ من الانصار فقال:قد آمنا بك صدقناك وأعطيناك عهودنا فامض لما أمرك الله، فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لنخوضه معك، وما نكره أن تلقى العدو ينا غدا إنا لصبر عندالحرب، صدق عند اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر على بركة الله.

فيالله لهذه القوة التي لا نظير لها، والتي لم تكن تفوقها قوة أرضية في ذلك الوقت، لقدأخذت تقود الإسلام من نصر إلى نصر، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت إلا وقد دان له جميع بلاد العرب، ثم قام خلفاؤه من بعده فساروا في سبيله، وقد تحرش بهم ملوك الفرسوالروم حينما رأوهم قد قضوا على ما كان لهم من النفوذ السابق في بلاد العرب، فلم يضعفوا أمام تحرشهم بهم، بل قابلوا ما كان لهم من قوة العَدد والعُدد بقوة الايمان،فغلبوهم بهذه القوة التي لا تغلب، وقضوا على ملك الفرس في الشرق، واستولوا على جميع البلاد الشرقية

/ صفحه 308/

التي كان الروم يستولون عليها، من الشام، إلىمصر، إلى جميع بلاد المغرب، ثم أخذوا يغزونهم في عقر دارهم، ويستولون على بعض بلاد أوربا من الأندلس وغيره، حتى كان لهم ما وعدهم الله به من الخلافة في الأرض، وانتشرالإسلام في جميع البقاع، فعرفه القاصي والداني من سكان الأرض، وبهر نوره جميع أهل الأديان، وصارت له قوة مادية وأدبية يحسب الان في سياسة الدولة حسابها، وسيكون الفوزبإذن الله في النهاية لها

فما هو إذن التعليل الصحيح ليسر الإسلام؟

والجواب إن الإسلام جاء دينا وسطا بين الشدة واللين، لأنه دين أريد به أن يكون صالحا لكلالناس، ملائما لكل زمان ومكان، ليكون خاتمة الشرائع السماوية، وينتهي به التشريع الالهي، فلابد أن يكون ملائما لكل الفطر، داخلا في حدود الطاقة البشرية للأفراد، وليسلهذا قياس إلا أن يقف عند ذلك الحد الوسط، فلا يسرف في جانب الشدة حتى يخرج عن حدود الطاقة، ويكون عسراً لا يسراً، ولا يسرف في جانب اللين حتى لا يكون تكليفاً، بل يكونإباحة لا تكليف فيها.

والشرائع إنما تقاس بمقدار صلاحيتها للناس في ذاتها، لأن درجاتها في الرقى تابعة لمقدار صلاحيتها، فكلما زاد مقدار صلاحيتها زاد مقدارها فيالرقى، ولا شك أن الشريعة الإسلامية قد بلغت الغاية في هذه الصلاحية، لأنها جاءت وسطا في تكاليفها، فقربت من كل الفطر البشرية على اختلافها، وصارت في طاقة كل فرد من غيرإرهاق وعنت: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر).

/ 1