طرق غریبة فی اثبات الجرائم نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

طرق غریبة فی اثبات الجرائم - نسخه متنی

علی عبدالواحد وافی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

طرق غَريْبَة









في إثباتِ الجرائِمْ

للاستأذ الدكتور على عبد الواحد وافي

تقصد المجتمعات الإنسانية من نظامالمسئولية والجزاء أن تسلم لها حياتها ،وتظل حدودها بمأمن من الاعتداء ،وتصان نظمها ،ويتوطد ما لها في النفوس من قدسية وجلال ،ويزول من طريقها كل ما يعوّق سيرها الطبيعىمن عقبات .ويشتد الحرص على تحقيق هذه الوظيفة كلما كان الجرم خطيرا في نظر المجتمع ،ولذلك اتسع نطاق المسئولية والجزاء في هذا النوع من الجرائم كل الاتساع ،حتى إنهليتحايل أحياناً على إثباتها بطرق غريبة لاتدل في ذاتها على شى ء ،ولكنها تعيد للمجتمع هدوءه وتشعره بزوال ما يتهدد حياته من خطر ;فتذلل له بذلك السبيل لتحقيق الوظيفةالاجتماعية للمسئولية والجزاء. فمن ذلك مثلا ما يسمونه بطريقة «الأورداليا » ORDALIA «أى الامتحان الإلاهى »التي أخذ بها في تحقيق الجرائم الخطيرة كثير من الشعوب المتحضرةفي العصور القديمة ،ومن بينها الشعب اليونانى نفسه في أرقى عصور نهضة ،وأخذت بها الأمم الأوروبية المسيحية في العصور الوسطى وصدر العصور الحديثة حيال جرائم السحروالإلحاد وما إليها من الأمور التي كانت تعد من كبار الذنوب .وذلك أنه كان يؤتى بقطعة من حديد فتحمى حتى تصير جذوة نار،ويكلف المتهم أن يقبض عليها بيده ،أو يكلف المشى علىجمر الفحم الحجرى ،أو يضع يده في الماء وهو في درجة الغليان ;فإن أصابه ضرر من هذه الأمور دل ذلك على إدانته ;وإن نجاه الله منها،فأصبحت النار برداًوسلاماًعليه ،كان ذلكآية على براءته ;

/ صفحه 38 /

ولكن هيهات كان يحدث هذا الإعجاز! وأحياناًكانت يده تلف بعد ذلك بضماد وتختبر بعد ثلاثة أيام ،فإن قام في أذهان المحققين أن الحرق فيطريق البرء دَل ّذلك على براءة المتهم ،وإلا ثبتت إدانته. هذا ،ولا تزال لطريقة «الأورداليا »آثار كثيرة في العصر الحاضر .فمن ذلك مثلا طريقة «البُشْعة»التي تسير عليهابعض القبائل العربية في الشام ومصر ،وخاصة من يسكن منهم مديرية الشرقية (قبائل المعازى والدراجين والعيايدة والحويطات... الخ»في تحقيق الجرائم الخطيرة كالقتل وماإليه،وذلك أن يؤتى بطاس من حديد ،ويحمى حتى يحمر، ويكلف المتهم أن يلعقه بلسانه ،ويتناول جرعة ماء يتمضمض بها بعد ذلك .فإن أحجم عن لعق الإناء أو لعقه وأصابه منه ضرر اعتبرمذنبا .وفي كلتا هاتين الحالتين يعرض أمره على المحكمين ليقضوا في شأنه بما يرون وقفاً لعرفهم القضائى. وأما إذا لعق الإناء ولم يصبه ضرر منه فإنه يعد بريئاً.وتسمى هذهالطريقة لديهم طريقة «البشعة»بضم الباء أو بكسرها ،ويشرف على إجراءاتها (أى على عملية «التبشيع»كما يسمونها )إخصائى يسمى المبشِّع بكسر الشين المشددة)ويعتقدون أنهلايوجد إلا مُبَشِّع واحد في مصر،وأن هذه الوظيفة قد آلت إليه بالوراثة ،وأنها تنتقل منه إلى أكبر أفراد أسرته سناً...وهكذا ،وأن بحسمه حصانة وراثية تجعل الناربرداًوسلاماًعليه :حتى لقد جرت العادة أنه يمسح المبشِّع نفسه الطاس المحمية بيده قبل أن يقدمها للمتهم بدون أن يناله أى ضرر من هذا المسح .ويجرى «التبشيع »عادة في حفليشهده المبشِّع والمحكَّمون وطرفا الدعوة (المتهم والمجنى عليه )وعدد من أقربائهما .ويحضره كذلك شاهد للطرفين يسمى «سامعة »ويتقاضى هذا الشاهد أجراًعلى شهادته ،كمايتقاضى المبشِّع نفسه أجراًعلى عمله (يقدر أجر المبشع عادة لدى قبائل العرب في الشرقية بخمسة جنيهات على كل متهم).

/ صفحه 39 /

ويظهر أن هذه الطريقة قد دخلها الآنكثير من الغش والحيلة ،حتى إنه ليقال إن في إمكان المبشع أن يدبر لمن يتحيز إليه من المتهمين لسبب ما بعض وسائل النجاة من أضرارها .ومن ذلك أيضاًطريقة «القرعة »لتعيينالمجرم ،التي أخذت بها طائفة من الأمم في بعض الجرائم الخطيرة .ففى حالة الاشتباه في المجرم ،وعدم استطاعة الاهتداء إليه بالذات ،كانت تضرب القرعة بين طائفة من المشتبهفيهم ،فمن أصابته منهم وقع عليه الجزاء.ومن ذلك أيضاًطريقة «تعذيب المتهم»(1)TRTUE GUETIM  التي سار عليها في تحقيق بعض الجرائم الخطيرة عدد كبير من الأمم في مختلف العصور ،ومنبينها الأمم الأوروبية المسيحية نفسها في العصور الوسطى والحديثة ،وخاصة في «محاكم التفتيش »الشهيرة GUPISITIN التي أنشئت في مختلف الممالك الأوروبية لمحاربة جرائمالإلحاد والسحر وما إليها من جرائم العقيدة :وظلت قائمة حتى أوائل القرن التاسع عشر،ئتقتضى طريقة «التعذيب »هذه أن يسام المتهم مختلف أنواع العذاب حتى يعترف بالجرم،وكان القضاة أنفسهم هم الذين يشرفون على ذلك .وكان الأمر ينتهى بالمتهم إلى الاعتراف صادقا كان أم كاذبا ليتخلص مما يسامه من عذاب .وفي بعض الاحوال ما كان ينتظر اعترافهالصريح لإثبات إدانته ،بل كان يكتفى في ذلك بعلامات تافهة كتلجلج صوته ،أو تقطع نبراته ،أو اضطراب حديثه، أو تفكك عباراته ،أو إحجامه عن الكلام .وقد بقى لهذا النظام بعدإلغائه رواسب كثيرة في عدة شعوب بل إن نظم التحقيق في البوليس لاتزال تسير في الجرائم الخطيرة على شىء منه عند كثير من الأمم الراقية في ا لعصر الحاضر ؟

(1) معنى كلمةGUETINفي الأصل التعذيب الذي كان يسامه المتهم في أثناء سؤاله عن الجرم ،ثم .طلقت فيما بعد على السؤال نفسه ،من باب إطلاق الكلمة على ما يصاحب مدلولها ويلازمه .

/ 1