نعم لم يكن القرآن مؤرخا، و إنما أوحي الله إلي نبيه صلي الله عليه و آله و سلم من
/ صفحه 407/«أنباء الغيب» (1) وننائج التأريخ،عبراً تأخذ بأعناق قومه إلي الاستقامة و الايمان و عاد من تلك الانباء مثل ما جاء مقصوداً لذاته كي يتخذ منه موضوعا مستقلا، و إنما جاء شاهداً من شواهد الحياة في معرضالتحذير من العصيان، و الاغراء بالطاعة، أو جاء ـ بعبارة أخرى ـ مشهداً من مشاهد العرض التاريخي في رواية الحياة.
و مع ذلك فقد تواتر حديثه العميق المحمل على إبرازملامحها، و تحديد أهم العناصر التي يحتاج إليها باحث يريد أن يؤرخ لعاد، فحدد زمانها، و حدد مكانها، و وصف طبيعة أرضها، و موارد عيشها، و قوتها و فنها العمراني، و ثقافتهاالزراعية و الحيوانية، ثم صور كارثتها في ضبط حسابي دقيق.
و إليك صوراً من حديثه عنها كمستندات في هذه الخطوط الجوهرية من حياتها:
زمانها :
«ألم يأتكم نبأالذين من قبلكم قوم نوح و عاد و ثمود الذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله. جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم و قالوا: انا كفرنا بما أرسلتم به. و إنا لفي شك مماتدعوننا إليه مريب» سورة ابراهيم. «و أنه أهلك عاداً الاولي، ـ النجم ـ و الاولي: القديمة خلافاً لوهم القدماء الذين رأوا عاداً ثانية، إذ ظنوا (الاولي) عدداً. على حينأنها وصف.
«و إلي عاد أخاهم هوداً، قال يا قوم اعبدو الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون». «أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم، و اذكروا إذ جعلكم خلفاءمن بعد قوم نوح. و زادكم في الخلق بسطة، فاذكروا آلاء الله لعلكم
1- «تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت و لا قومك من قبل هذافأصبر أن العاقبة للمتقين» سورة هود.