عناصر وجود الامة الاسلامیة (3) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

عناصر وجود الامة الاسلامیة (3) - نسخه متنی

محمود فیاض

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

3ـ التضامن الجماعى و المسئولية المشتركة:

تقررت الحرية و الأخوة المساواة بين الناس كافة و بين المؤمنينخاصة، فهل فى الإسلام ضمان من سئؤ استعمال هذه الحقوق؟.

لم يشأ الاسلام أن يدع لكل فرد تحديد مدى حريه و مساواته حتى لا يظغى على حريات الآخرين، فيكون الفساد من حيثأريد الإصلاح، و الظلم عن طريق الرغبة فى تحقق العدالة، و لكنه جعل لذلك شرعة و منهاجا، فربط بين المسلمين برباط جديد ـ لم تعرفه الانسانية من قبله، و لم تصل إليه تمامابعد ـ هو التضامن الجماعى لخير الجميع، و المسئولية المشتركة عن صالح الجميع، تقرر هذا نظريا و طبق عمليا بنجاح عظيم منذ القرن السابع الميلادي! و هاك حديثه.

يقصدبذلك المبدأ. تكليف الفرد بالنظر إلى نفسه على اعتبار أنه عضو فى أسرة يحتاج إليها و تحتاج إليه، لا على اعتبار الفردية المطلقة؛ و تكليفه بتوخى صالح المجموعة فى كافةأعماله، و أن يرعى شئون غيره بالعدل، و ألا يدفعه بغضه لشخص أو جماعة إلى ظلمها، و أن يدفع الضرر ما استطاع عن أخيه الفرد و عن المجموعة، و وعد الذين يؤثرون على أنفسهم و لوكان بهم خصاصة حسن الجزاء فى درا البقاء: «و من يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون» لأن الشح ربيب الأثرة الداعية إلى الفردية و الظلم و العدوان، و فى هذا المعنى يقول الرسولصلوات الله عليه و سلامه: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يجب لنفسه» «المسلم من سلم المسلمون من يده و لسانه». «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا» و جعل المسلمين فىتراحمهم و تعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا أصيب منه عصو، لحق الأذى الجسم كله: و أصل ذلك ما ورد فى القرآن الكريم من حض على التعاون و البر و الاحسان كقوله تعال: «وتعاونواعلى البر و التقوي، و لا تعاونوا على الإثم و العدوان» و قوله: «و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر» إلى غير ذلك من آيات كثيرة فى هذا المعنى الذى يوجب على الفرد و الجماعة،التناء الأعمال على رعاية مصلحة

الجميع، و لا أكاد أعرف حكما إسلاميا ـ إيجابيا أو سلبيا ـ لا يقوم على المصلحة، أو لا يعلل بالمصلحة فى الفعل و التراك! و هدفذلك كله، جَعْل وحدة الأمة قوية متماسكة، تسخر لمصلحتها جهود الفرد، و تسخر جهودها لمصلحة الفرد، الفرد يخدم الجماعة ـ الأمةـ و يرعى صوالحها، و الأمة تخدمه و تحفظه وترعى صوالحه، فاذا تعارضت مصلحة الفرد مع مصلحة الأمة، كان لمصل‍ة الأمة المحل الأول فى الاعتبار، و لقد ضرب الرسول الكريم مثلا رائعا يوضح لنا مبلغ اعتبار هذا التضامنالجماعى لمصلحة الجميع، و الحد من حرية الفرد أو تقييد مصلحته بمصلحة الجماعة بقول: «إن قوما ركبوا فى سفينة، فانقسموا، فصار لكل رجل منهم موضع. فجاء رجل منهم فنقر موضعهبفأس. فقالوا له: ما تصنع؟ قال: هو مكانى أصنع فيه ما أشاء، فإن أخذوا على يده نجا و نجوا، و إن تركوه هلك و هلكوا.» و هكذا ربطت مصلحة الفرد بمصلحة الجماعة، و وجب علىالجماعة رعاية صالح كل فرد حتى لا يهلك فتهلك الجماعة، كما أن عليها أن تستيقن من أن نتصرف الفرد الخص يحقق مصلحه، و لا يؤدى إلى هلاكه، و من ثم صح الحجر على السفهاء الذينلا تَضمن تصرفهاتهم مصالحمهم أو تصر بمصالحهم و مصلحة الجماعة.

و تبدو مظاهر هذا التضامن بين الفرد و الأمة فى ثلاثة أمور قررها القرآن الكريم بعناية تامة، و دعاإليها كثيراً فى أكثر من موضع، و هي: الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر، و شئون الحكم، و التنظيم الاقتصادى للإسلام، و إنى محدثك عنها بديجاز.

الأمر بالمعروف و النهىعن المنكر:

«كنتم خير أمة أخرجت للناس. تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر. و تؤمنون بالله…» و هذا الأمر و النهى هو المعنّى بقول الرسول الكريم «الدين النصيحة للهو رسوله، و لأئمة المؤمنين و عامتهم» فهو النصح و الإرشاد. و التواصى بالحق و الصبر رالمرحمة، و الأمر و النهي، أو النصيحة، سلطة عامة. لا حدود لا ختصاصاتها، و إن كان لهاآدابها، و هى حق لكل مسلم يرى نفسه أهلا لها، و صالحاً لمباشرتها، بحيث يكون سلوكه قدوة فى الخير و البر،

ملتزماً لكل معروف يأمر به، بعيداً عن كل شرمنكر ينهىالناس عنه «أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم و أنتم تتلون الكتاب. أفلا تعقلون» و هذه السلطة هى حجر الزاوية فى هذا التضامن، و هى بحق ـ كما يقول المغفور له الإمامالشيخ محمد عبده: (1) إنها السلطة الوحيدة التى جعلها الإسلام الأدنى المسلمين، يقرع بها أنف أعلاهم، ولو باشرها مسلمو اليوم كما باشرها أسلافهم القدامى لتحقق لهم مايصبون إليه من وحدة و عزة و حب وسلام.

و لقد كان الرسول صلوات الله و سلامه عليه و خلفاؤه مثلا عالياً فى الاستماع إلى الناصحين و المشيرين، فالنبى عليه الصلاة والسلام ينزل على نصح الحباب بن المنذر فى معركة بدر، و على نصح سعد بن معاذ يوم الأحزاب، و غير ذلك مما هو معروف فى مواطنه، و عمر يقول: مرحباً بالناصح غدواً و عشياً أبداالدهر، و يأمر المؤمنين ألا يتقيدوا بوقت ، وألا يتحرجوا من نصحه فى أى موطن وفى أى مكان فى المسجد أو المنزل فى الليل أو فى النهار، فى مجلس أو فى طريق، و لقد كان المسلمونيرون النصح واحباً شرعياً، حتى إن أحدهم ليلقى عمر فى بعض شوارع المدينة، فيناديه: و الله إنك لماأخوذ بعمالك ياعمر! فيقول: و يحك ما هذا؟ فيقول الرجل؛ إن عاملك عياض بن غنميأكل الطيب، و يلبس اللين، و يركب الفاره! فيقول عمر: و يلك! أواشٍ أنت؟ فيقول: بل ناصح مؤدِ ماعليه؛ و يقول عثمان بن عفان: والله لو رّدنى النصح عبداً لا سننت بسنة العبيد، ومنهج على بن أبى طالب فى النصح و التناصح معروف لكل إنسان، و لكبار علماء الصحابة و التابعين فى ذلك مواقف مشهورة مشكروة مع الأمراء فى كاف ة العصور. حيث كان للمسلمين ذمة ودولة و عزة.

الإسلام و نظرته إلى الحكم:

لعل الإسلام أول من قرر أن الحكم خدمة عامه للمحكومين، و أول من ربط مسائل الاجتماع

(1) الإسلام والنصرانية، ص 66 ـ 60.


/ 5