قياس الزمانة:
يقيس الانسان زمانه بالسنين و الشهور، و بالايام و الساعات فيرى الزمان سريعالمر شديد الجرى، لا يكاد يجاريه حسابا وعداً، و هو في غم و كآبة من اسراع هذا الزمان و عدوه،و في هم من نفسه بما يرى مر الزمان نقصاً في عمره، و مضيا في حياته، و اقتراباالى أجله. كما قال طرفة:
أرى العمر كنزاً ناقصاً كل ليلة
و ما تنقص الايام و الدهر ينفد
و ما تنقص الايام و الدهر ينفد
و ما تنقص الايام و الدهر ينفد
و ان أمرا قد سار خمسين حجة
الى منهل، من ورده لقريب
الى منهل، من ورده لقريب
الى منهل، من ورده لقريب
دستور اسلامى:
جمعنى مجلس بصاحبين، مصرى و باكستانى. فتحدثنا فيوضع دستور الاسلامى و هذا أحد مقاصد المؤتمر الاسلامى الذي اجتمع في كراجى العام الماضى، و هذا الباكستانى من أعضائه، قال الباكستانى: ان علماء باكستان متشددون، يرون أنيكون كل شىء في عصرنا كما كان أيام الخلفاء الراشدين. و من أجل هذا كان الخلاف بينهم و بين غيرهم، و قال: لابد من اجتماع علماء من بلاد اسلامية مختلفة لينظروا في هذا الشأن.و العلماء في البلاد الاخرى أوسع فكراً و صدراً، فعسى أن يغلبوا علماءنا المتشددين و يفسحوا لنا الطريق.قلت: ينبغى أن ننظر الى مقاصد الإسلام، لا الى ما شرعهعلماؤنا أو خلفاؤنا في أعصر غير أعصرنا، فإن فعلنا استع المجال و وجدنا في سعة الإسلام ما يخرجنا من ضيق عقولنا و صدورنا، و الامر ليس عسيراً، فكل دستور وضعه المسلمونلمصالحهم لايخالف أصلا من الاصول التى أجمع عليها المسلمون في كل العصور، يسوغ أن يسمى دستوراً اسلامياً، و لا يكلفنا قبول الإسلام اياه الا أن نصله بمقاصد الإسلام، ونبين ما بينها من صلات، و ندخله في سعة الإسلام و سماحته و تنفى عنه كل نص يبعده من مقاصد الإسلام، و قد وضع علماؤنا من القواعد مايعترف باختلاف الاحكام باختلاف الازمان والاوطان، و هذا امامنا الشافعى هاجر من الحجاز الى العراق فمصر. فكتب في مصر مذهبه الجديد، و كثير من مجتهدينا رجعوا عن آراء لهم حيثما انتقلوا من مكان الى مكان أو حال الىحال، فإن أراد المسلمون أن يبينوا عن سعة الإسلام و يؤلفوا النافرين و يوحوا الامل الى اليائسين، فهذه سبلهم، و الا أفلت من أيديهم الزمام و خلفتهم وراءها الايام./ صفحة 142/من آفات هذه المدنية:
لا أنقص هذه المدنية قيمتها، و لا أبخسها حقها، و لست في حاجة الى الابانة عما يسرت للبشر و ذللت، و فتحت من كنوز الارض وأسرار الكون، و ما رفهت عن المرضى، و وقت الانسان من مصائب كثيرة، و لكنى أقول: ان مع الخير شراً، و ان هذه المدنية فتحت على الناس أبواب القلق و الضجر، و أمدت لهم في الشره،و زينت لهم من الشهوات و الاهواء، و أناحت لهم من أسباب العذاب و الخراب ما أحاط بهم من فوقهم، و عن أيمانهم و عن شمائلهم.و أدع المصائب الكبيرة التي جلبتها هذهالحضارة التي يتحدث الناس عنها كل حين و أقول في أمور تبدو صغيرة ولكن لها في حياة الانسان آثار كبيرة: هذه الضوضاء المحيطة بالناس في ليلهم ونهارهم، من القطارات والسيارات و أشباهها، و من السينما و الاذاعة و المجاهر و أشباهها.و أخرى أذكر بها: كان الانسان في العصور الخالية لايعرف الا حوادث بلد، و لا يهتم بغيرها، فإندامت حرب خمسين سنة في الصين فعسى أن لايسمع بها أهل مصر، و ان سمعوا بها لم يعرفوا الا قليلا من أخبارها، و الذين يعرفون لا يهمهم منها كثير و لا قليل، بل تقع الحادثات فيجانب من مملكة فلا يسمع بها أهل الجانب الاخر الا بعد أيام كثيرة، و لا يهمهم أمرها كثيرا، و اليوم تقع حرب في الصين أو يفيض نهر أو تهتز أرض أو ينزل و باء فيسمعه الناس فيأرجاء الارض يوم وقوعه، فلا تخفى على الانسان مصيبة على هذه الارض، و كل ما يصيب البشريهم الانسان أو يحزنه أو يقلقه.لقد طويت المسافات فصار ما يقع في جانب منالارض يصيب من في أقصى الارض بقليل أو كثير، جمعت على الانسان مصائب الارض كلها خيرها و شرها و كان من قبل لا يهمه الا مصيبة نفسه و جيرانه الادنين./ صفحة 143/من تردد تردى:
التردد و التردى من مادة في اللغة واحدة. تكرر تضعيف الدال فاعتلت. و ما أشد الصلة بين التضعيف و العلة. و هما في الاعمال قريبان، و في الشدائدحليفان. و قديماً قيل:
اذا كنت ذا رأى فكن ذا عزيمة
فإن فساد الرأى أن ترددا
فإن فساد الرأى أن ترددا
فإن فساد الرأى أن ترددا