نظرات نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

نظرات - نسخه متنی

عبدالوهاب عزام

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

طريق، هذه المرأة المسكينة صيدها و سلعتها، و فريستها و متعتها، تخدع عن نفسها حيناً فتضحك، و تعرف امرها حينا فتبكى. وهي بين الضحك و البكاء، مفتونة مغلوبة، مخدوعة مسلوبة، لا تجد في السوق الصاخبة و الفتنة الغاصبة وقتاً لتفكير و لانهزة لتدبير، و الناس يعجبون و يضحكون و لا يبكون انىوالله لارثى للنساء و حق لهن الرثاء.

قياس الزمانة:

يقيس الانسان زمانه بالسنين و الشهور، و بالايام و الساعات فيرى الزمان سريعالمر شديد الجرى، لا يكاد يجاريه حسابا وعداً، و هو في غم و كآبة من اسراع هذا الزمان و عدوه،و في هم من نفسه بما يرى مر الزمان نقصاً في عمره، و مضيا في حياته، و اقتراباالى أجله. كما قال طرفة:




  • أرى العمر كنزاً ناقصاً كل ليلة
    و ما تنقص الايام و الدهر ينفد



  • و ما تنقص الايام و الدهر ينفد
    و ما تنقص الايام و الدهر ينفد



و كما روى أن الحجاج أنشأ أو تمثل بهذاالبيت حين بلغالخمسين:




  • و ان أمرا قد سار خمسين حجة
    الى منهل، من ورده لقريب



  • الى منهل، من ورده لقريب
    الى منهل، من ورده لقريب



و كم قال الشعراء في مضى الزمان، و سرعة الدوران، دوران الفلك و الاعوام.

ذلك لمن وعى الزمان كنهر جار، أو قطار مسرع، يسيران الى غاية قريبة أو بعيده، و الناس سائرون بسيرهما منتهون الى غايتهما; ولكن من استطاع ثباتاً في التيار و انحيازاًالى الشاطىء، و استقل بفكره و عمله، و لم يعد نفسه عوداً في نهر يجرى به غير مختار، فهذا الانسان هو الزمان، و حساب الزمان بفكره و عمله. هو لا يعد ساعات و أياماً، ولكنأفكاراً و أعمالا، و هو لايحسب سنين التوالية، ولكن آراء و أفعالا تؤرخ بها العصور و لاتحدهي بالعصور; اذ كانت أعماله قوانين يتبعها، و سنناً يسير عليها، لا نزعات وقت وأهواء ساعة.

ان من ساير التيار و استسلم للزمن فانما ينسج على نفسه شبكة الليل و النهار،

/ صفحة 141/

فهو منها في اسار. و من اعتد بنفسه، واستقل بقوله و فعله، فهو شكبة الايام و قيودها، و مسافاتها و حدودها.

دستور اسلامى:

جمعنى مجلس بصاحبين، مصرى و باكستانى. فتحدثنا فيوضع دستور الاسلامى و هذا أحد مقاصد المؤتمر الاسلامى الذي اجتمع في كراجى العام الماضى، و هذا الباكستانى من أعضائه، قال الباكستانى: ان علماء باكستان متشددون، يرون أنيكون كل شىء في عصرنا كما كان أيام الخلفاء الراشدين. و من أجل هذا كان الخلاف بينهم و بين غيرهم، و قال: لابد من اجتماع علماء من بلاد اسلامية مختلفة لينظروا في هذا الشأن.و العلماء في البلاد الاخرى أوسع فكراً و صدراً، فعسى أن يغلبوا علماءنا المتشددين و يفسحوا لنا الطريق.

قلت: ينبغى أن ننظر الى مقاصد الإسلام، لا الى ما شرعهعلماؤنا أو خلفاؤنا في أعصر غير أعصرنا، فإن فعلنا استع المجال و وجدنا في سعة الإسلام ما يخرجنا من ضيق عقولنا و صدورنا، و الامر ليس عسيراً، فكل دستور وضعه المسلمونلمصالحهم لايخالف أصلا من الاصول التى أجمع عليها المسلمون في كل العصور، يسوغ أن يسمى دستوراً اسلامياً، و لا يكلفنا قبول الإسلام اياه الا أن نصله بمقاصد الإسلام، ونبين ما بينها من صلات، و ندخله في سعة الإسلام و سماحته و تنفى عنه كل نص يبعده من مقاصد الإسلام، و قد وضع علماؤنا من القواعد مايعترف باختلاف الاحكام باختلاف الازمان والاوطان، و هذا امامنا الشافعى هاجر من الحجاز الى العراق فمصر. فكتب في مصر مذهبه الجديد، و كثير من مجتهدينا رجعوا عن آراء لهم حيثما انتقلوا من مكان الى مكان أو حال الىحال، فإن أراد المسلمون أن يبينوا عن سعة الإسلام و يؤلفوا النافرين و يوحوا الامل الى اليائسين، فهذه سبلهم، و الا أفلت من أيديهم الزمام و خلفتهم وراءها الايام.

/ صفحة 142/

من آفات هذه المدنية:

لا أنقص هذه المدنية قيمتها، و لا أبخسها حقها، و لست في حاجة الى الابانة عما يسرت للبشر و ذللت، و فتحت من كنوز الارض وأسرار الكون، و ما رفهت عن المرضى، و وقت الانسان من مصائب كثيرة، و لكنى أقول: ان مع الخير شراً، و ان هذه المدنية فتحت على الناس أبواب القلق و الضجر، و أمدت لهم في الشره،و زينت لهم من الشهوات و الاهواء، و أناحت لهم من أسباب العذاب و الخراب ما أحاط بهم من فوقهم، و عن أيمانهم و عن شمائلهم.

و أدع المصائب الكبيرة التي جلبتها هذهالحضارة التي يتحدث الناس عنها كل حين و أقول في أمور تبدو صغيرة ولكن لها في حياة الانسان آثار كبيرة: هذه الضوضاء المحيطة بالناس في ليلهم ونهارهم، من القطارات والسيارات و أشباهها، و من السينما و الاذاعة و المجاهر و أشباهها.

و أخرى أذكر بها: كان الانسان في العصور الخالية لايعرف الا حوادث بلد، و لا يهتم بغيرها، فإندامت حرب خمسين سنة في الصين فعسى أن لايسمع بها أهل مصر، و ان سمعوا بها لم يعرفوا الا قليلا من أخبارها، و الذين يعرفون لا يهمهم منها كثير و لا قليل، بل تقع الحادثات فيجانب من مملكة فلا يسمع بها أهل الجانب الاخر الا بعد أيام كثيرة، و لا يهمهم أمرها كثيرا، و اليوم تقع حرب في الصين أو يفيض نهر أو تهتز أرض أو ينزل و باء فيسمعه الناس فيأرجاء الارض يوم وقوعه، فلا تخفى على الانسان مصيبة على هذه الارض، و كل ما يصيب البشريهم الانسان أو يحزنه أو يقلقه.

لقد طويت المسافات فصار ما يقع في جانب منالارض يصيب من في أقصى الارض بقليل أو كثير، جمعت على الانسان مصائب الارض كلها خيرها و شرها و كان من قبل لا يهمه الا مصيبة نفسه و جيرانه الادنين.

/ صفحة 143/

من تردد تردى:

التردد و التردى من مادة في اللغة واحدة. تكرر تضعيف الدال فاعتلت. و ما أشد الصلة بين التضعيف و العلة. و هما في الاعمال قريبان، و في الشدائدحليفان. و قديماً قيل:




  • اذا كنت ذا رأى فكن ذا عزيمة
    فإن فساد الرأى أن ترددا



  • فإن فساد الرأى أن ترددا
    فإن فساد الرأى أن ترددا



الانسان يفكر و يدبر، و يعد عدته، فاذا تهيأت الاسباب عزم فمضى فبلغغايته. فإن فكر فلم يجزم، و لبث ككفتى الميزان بين الخفة و الرجحان; لم يتجاوز الفكر الى الفعل.

و ان جزم، ثم ثقلت عليه الكلفة، و بعدت الشقة، فبقى يرنو الىالمقصود مشتاقا، و ينظر الى الوسيلة اشفاقاً، تبلد بين الاقدام و الاحجام، و لم يتلبث له الزمان.

و ان فكر و قدر، و أعد و دبر، و تردد بين يومه و غده، و تعجيله وتأجيله، فهو حرى أن تفوته الفرصة، فتعقبه غصة.

و جماع هذا الامر قول القرآن الكريم: ((و شاورهم في الامر)) فاذا عزمت فتوكل على الله

ان الله يحب المتوكلين)) والتوكل في لغة الإسلام أن تستمد من الله القوة و القدرة، و تطمح الى الغاية لا تبالى بعد المسافات، و اعتراض العقبات، كأنك نجم في حباكه أو قمر في أفلاكه، لايقف و لايبطىء، و لا يصده شىء.

ألا ان قوام كل أمر، فكر و جزم، و همة و عزم. و ليس بعد هؤلاة الا سبل مذللة، و غاية مكتسبة، وصلة المقدمات و النتايج، و الغايات و الوسائل.و آفة الامور عقل قائم، و فكر غير جازم، و همة كليلة، و عزيمة عليلة، و تردد ينقص كل فكر، و يحل كل عزم، و يعطل المقدمات، و يحول بين الوسائل و الغايات.

العافية:

كلمة جامعة محبوبة مباركة، من ظفر بها فقد ظفر بالحظ الاوفر، بها يطيب كل شىء لمن ذكرها و قدرها، و يهون كل ماعداها. في قصص الحجاج أنهدعا

/ صفحة 144/

في برية أعرابياً الى طعامه فقال: انه صائم، فقال انه طعام طيب، فقال:

ما طيبة خبازك و لا طباخك; ولكن طيبته العافية، و سمعت منالكلام المأثور:

نعم الادام العافية، أى ان الانسان المعافي لايحتاج الى أدام الخبز، بل يلذ أكله حافّا بالعافية؟ و أشمل العافية ما جاءت في الكلمة الجامعة:أللّهم انى أسألك العفو و العافية في الدين و الدنيا و الاخرة.

و الناس لا يقدرون العافية ما داموا فيها، كالماء لايقدره الا فاقده، فهو كما قيل: أعز مفقود وأهون موجود، فمن رزق العافية الشاملة فما سواها لعب في الحياة و لهو، ان ناله لهابه و لعب، و ان لم ينله لم يكن حريا أن يأسى عليه، و اعتبر هذا بالمريض يهون عليه كل شىء الاالصحة، و كل ما يعده متاعاً في المعيشة أو جاها و سلطانا، قليل حقير في جانب صحته، و ما الصحة الا بعض العافية.

العافية هي براءة الانسان من كل ما يكره، و علىالحقيقة براءة الانسان من كل ما يكره العقلاء، فإن أسى بعض الناس على مافاته من كنز الاموال، وسعة السلطان فأخل هذا بعافيته لم يخل هذا بعافية العاقل، انما يخل بالعافيةفوات الصحة في البدن، أو الكفاف في القوت، أو الامن في الجماعة، أو السلامة في الخلق، أو فوات أحد هذه في الاهل و الولد و الاقرباء، فمن رزق العافية في هؤلاء لم يكن أساهبعد الا نقصا في عقله، و لم تختل عافيته الا بهذا النقص، فهو في حاجة الى أن يعافي منه.

فكرت فيما يحيط بالانسان من آلام و آمال، و ما يغريه من سمعة و بسطة فيالرزق، و سعة في الجاه، و مرّت علىّ مطامع الناس و أهواؤهم و ما يعبّدهم من الاحقاد و الشهوات، فاستعذت بالله فوجدت أمنع ما أمتنع به و أعز ما ألوذ به و أعوذ: أن أسأل اللهالعافية في الدين و الدنيا و الاخرة، و العافية من كل ما ينقص هذه العافية من آفة في الرأى، و خلل في الفكر.

/ صفحة 145/

عارية:

كثيراً ما قلبتكتباً مخطوطة، عليها أسماء من ملكها جيلا بعد جيل; تدخل في ملك انسان فتخرج الى ملك غيره، حتى لتجد الاسماء المتوالية تاريخاً للكتاب أو عبرة للمعتبر، أو رثاء للبشر، وكنت أجد هذه الكلمة على كتب فارسية و تركية قديمة فتبلغ من نفسى، و يطول فيها تأملى كثيراً: وجدت أصحاب الكتب يتورعون عن أن يسموا أنفسهم مالكين، و يدركون حقيقة الملك فيهذه الدنيا، فيكتبون: ((نوبت عاريت بما رسيد)) أى بلغتنا نوبة العارية يعنون أن الكتاب ككل شىء في هذه الدنيا عارية مستردة، كان الكتاب عارية في يد من سبق و تداولهالمستعيرون واحدا بعد واحد، حتى جاءت نوبة العارية الى فلان، و هي حقيقة لا ريب فيها.

كثيراً ما أفكر في الارض يملكها الانسان و الدور يقتنيها، فأقول انهاأبقى من الانسان و أقدم، كانت قبله و تبقى بعده، و يمر بها هو و يزول، فكيف يملك الانسان ما هو أثبت منه على الحادثات و أبقى. إنها عوار يبتلى الانسان بحيازتها و التصرففيها، فليجتهد أن يتخذها وسيلة الى الاصلاح و العمران، و المواساة و الاحسان، فهى أمانة يسأل عنها، و ابتلاء يجزى به، انه مستعير لا مالك، فليس مخيراً في الاساءة والاحسان، و الجد و الكسل، و الرعاية و الاهمال، فليتخدها فرصة لعمارة يجدها، أو مبرة يصطنعها، أو يد يتخذها عند من يستحقها من الناس، انه لايملكها فليحذر من أن تملكه هيفتستعبده، و ليذكر الاية الكريمة ((آمنوا بالله و رسوله و أنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه)) و الاية ((هو أنشأكم من الارض و استعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا اليه)) و ليذكرالحديث: ((ليس لك من مالك الا مالبست فأبليت، أو أكلت فأفنيت، أو تصدقت فأمضيت)) .

و الله ولى الهدى و التوفيق.

/ 2