مصادر الأحكام الاجتهادية
عند الامامية
للعلامة الأستاذ الشيخ محمد علي ناصر من علماء لبنان الجنوبي في العدد السابق من (رسالة الإسلام) عرض فضيلة العلامة الكاتب ـ وهو بصدد الكلام عما دعا إليه الدكتور أحمد أمين بك من فتح باب الاجتهاد بحرية واسعة: ـ لبعض الأحكام التيأثرت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهي: حكمه بوقف إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة، وحكمه بوقوع الطلاق ثلاثً بلفظ الثلاث، وحكمه برفع حد الشرب أيام الحرب.
وقد علقت(رسالة الإسلام) على ما كتبه فضيلته مبينة وجهة نظرها فيما حكم به الخليفة الثاني عليه رضوان الله، فجاءنا من فضيلته هذا الرد على ما كتبناه، ونحن ننشره في هذا العددراجين أن ندلي برأينا مفصلاً في العدد المقبل إن شاء الله تعالى، ولا ريب أن غرضنا وغرض فضيلته إنما هو الوصول إلى الحق. (التحرير)
قال فضيلته:
كنت كتبت في العددالثاني من السنة الرابعة من مجلة (رسالة الإسلام) الغراء، مقالاً بهذا العنوان، جلوت فيه حصر مصادر الأحكام الاجتهادية، بالكتاب والسنة، وما يرجع إليهما، ويكشف عنهما،أو عن أحدهما بأحد طرق الكشف المعتبرة عقلاً أو شرعاً! وأن الاجتهاد واجب على عموم المسلمين وجوباً كفائياً لحفظ الأحكام أن تزول وتضمحل! وأنه لا يكون مصدر تشريع إلا إذابنيت أحكامه على أساس الكتاب أو السنة، فهو مقيد بهذه الجهة، وإن كان مطلقا من سوى ذلك، فلا يتقيد بمذهب، ولا برأي، بل هو فوق المذاهب والآراء …
/ صفحة 282 /
وأنكل حكم اجتهادي لا يمت إلى الكتاب أو السنة بصلة ـ وإن بعدت ـ فهو حكم بغير ما أنزل الله تعالى، ومن البدع، والتشريع في الدين الذي لا يجوز لأحد من المسلمين!.
وقد تعرضتفيه لنقد مقال للدكتور أحمد أمين بك في العدد الثاني من السنة الثالثة من تلك المجلة بعنوان: (الاجتهاد في نظر الإسلام) دعا فيه إلى فتح باب الاجتهاد بحرية واسعة، لا يتقيدمعها بكتاب ولا بسنة، اقتداء بما صدر عن الخليفة الثاني رضي الله عنه من أحكام كان مصدرها هذا الاجتهاد.
وهي: (1) حكمه بوقف إعطاء (المؤلفة قلوبهم) من الزكاة لعدم الحاجةإلى التأليف لكثرة المسلمين:
حكمه بوقوع الطلاق ثلاثاً بلفظ الثلاث، تأديباً لمن أكثروا الحلف بالطلاق ثلاثا، مع أن الطلاق بلفظ الثلاث مرة من المرتين في قوله تعالى(الطلاق مرتان).
حكمه برفع حد الشرب أيام الحرب، خشية تنصر من يحد من المسلمين حيث حد مسلماً فتنصر.
حكمه برفع الحد عن مسلم سرق أيام المجاعة، وتغريم قبيلته بدفعثمن الفاقة، بعد حكمه بحده لأنهم أجاعوه فسرق!.
فهذه الأحكام التي أدارها الخليفة مدار العلة المستنبطة ـ بالظن أو الاستحسان وجوداً وعدماً، هي القدوة التي يعتمدعليها الدكتور في الدعوة إلى فتح باب الاجتهاد بتلك الحرية!! بيد انى نقدت تلك الأحكام بماخذ أبنت بهاعدم أبتنائها على الكتاب أو السنة، وعدم رجوعها إليهما بوجه. أماالحكم الأول فقد أخذت عليه بأنه نسخ لحكم كتابي من غير سند شرعي معتبر، وهو لا يجوز لأحد من الناس مهما كان شأنه فإنه حكم بغير ما أنزل الله. أما ما قاله الدكتور من أنالخليفة الثاني كان يدير الحكم مدار العلة وجوداً وعدماً، والعلة للحكم هي
/ صفحة 283 /
الحاجة، وحيث انتفت لكثرة من دخل في الإسلام، فينتفي معلوها وهو الحكم. لذلكوقف إعطاء الزكاة للمؤلفة قلوبهم. فقد أخذت عليه:
أولا: أن ظاهراً خذ وصف في موضوع حكم دخالته نفسه فيه، وعليته له، لا شيء آخر، فظاهر قوله تعالى (والمؤلفة قلوبهم) أنالتأليف علة للحكم بالزكاة، لا الحاجة إلى التأليف، ولا هو في ظرف الحاجة!
وثانياً: لو سلم ذلك فإن انتفاء العلة ممنوع، إذ الحاجة إلى التأليف كما تكون لأجل الجهاد،تكون لأجل تثبيت ضعفاء المسلمين على الإسلام، فإن المؤلفة قلوبهم، قسمان على الصحيح: كفار استميلوا بالزكاة للجهاد، ومسلمون في نياتهم ضعف يعطون منها لتقوى نياتهم! إذلا خير في إسلام بلا يقين. وهم موجودون في كل زمان، فلا وجه لانتفاء الحكم مع وجود علته!!
ولو أريد انتفاء العلة (الحاجة) حتى بالنسبة إلى ضعفاء المسلمين، فإن ذلك منالغرابة بمكان. فإن الخليفة الثاني عند نسخه هذا الحكم لم يكن للإسلام هذه الكثرة المفرطة، حتى لا يبالي بمن لم يثبت على الإسلام. على أنه ليس من الحكمة عدم المبالاةبضعفاء النيات ممن لو استطاع لجمع الناس جميعاً تحت راية الإسلام ولثبتهم على مبادئه!!
وثالثاً: أنه لو حصرنا العلة بالحاجة إلى الجهاد، فإنا نمنع انتفاء الحكم. ذلكلأن علل الشرع ومقاصده من قبيل الدخيل في العلة التامة للحكم، إذ هي علل غائية، فقد يتوقف على شرط غيرها، وقد يمنع من تأثيره مانع، فلا يمكن ـ والحالة هذه ـ استكشاف حكممنها وجوداً أو عدماً، إلا فيما علم بنحو الجزم، أن المقصد للمشرع من قبيل الغاية المنحصرة، وأنه مع إراداته (سبب كافٌ) لتشريع الحكم. وهنا لم يعلم أن التأليف، ولو من جهةالحاجة إليه كذلك أن يكون لمشرع الحكم مقصد آخر لم نطلع عليه، وعدم العلم بالوجود لا ينفي الوجود، فلا وجه لانتفاء الحكم إلا الاستنباط الضني، وهو لا يغني عن الحق شيئاً!مع أنا قد نحتاج إلى الجهاد، وإلى التأليف من أجله خصوصاً في الظروف
/ صفحة 284 /
العصبية التي يمنى بها المسلمون على مر العصور! (وأما بقية الأحكام) فقد أخذت عليهابأنها صريحة المخالفة للكتاب. فلا وجه لها لأنها في قبالة النص الصريح!
وقد أجابت (رسالة الإسلام) عن المآخذ التي أوردتها بإجابات:
أما عن المأخذ الأول فقد أجابتبما مفاده أن موضوع الحكم هو المؤلفة قلوبهم بوصف التأليف، وهو فعل مصلحي إنما يلزم في ظرف الحاجة إليه بنظر الإمام. فإذا فعله كان ذلك منه اعترافاً بالحاجة إليه،واعترافاً بوجود موضوع الحكم، فيجب إعطاؤهم نصيبهم في الزكاة، وإذا لم يفعله فإنما ذلك لعدم اعترافه بالحاجة إليه، ويلزمه عدم الاعتراف بوجود الموضوع، فلا يجب إعطاؤهممنها. إذ الحكم يدور مدار موضوعه وجوداً وعدماً، فإذا انتفى الموضوع لانتفاء بعض أجزائه وهو الوصف، فينتفي حكمه بانتفائه، فالخليفة الثاني لم يرفع الحكم مع وجود موضوعهحتى يقال إنه نسخ حكماً كتابياً بلا سند شرعي، وإنما رفع الحكم لعدم وجود موضوعة، فهو قبيل السالبة بانتفاء الموضوع لا من قبيل السالبة المحصلة مع وجوده حتى يكون من بابالنسخ، ثم إنهم أوضحوا الجواب بأنه لا يوجد الآن (رق) الذي هو أحد مصارف الزكاة، فلا يقال إذا منع الإمام الرق فامتنع نصيبه من الزكاة ـ إنه نسخ حكماً كتابياً، لأن الأمرأمر انعدام الصنف الذي هو موضوع الحكم، لا نسخ الحكم مع وجود موضوعه، فالمناقشة في حاجة الإسلام يوم ذاك إلى التأليف أو عدم حاجته مناقشة في أمر اجتهادي لا علاقة لهبموضوع النص، ويؤخذ على هذا الجواب. أولاً: ما أفصحنا عنه من أن ظاهر أخذ وصف في موضوع حكم دخالته نفسه في الحكم وعليته له لا شيء آخر، فالتأليف علة للحكم لا الحاجةإليه، ولا هو في ظرف الحاجة، فالموضوع موجود بوصفه ولا معنى لرفع حكمه و(قطع استمراره الزماني) إلا النسخ وهو من شئون المشرع لا يجوز لأحد سواه!.
وثانياً: لو سلم ذلك.وأن التأليف فعل مصلحى لا يلزم إلا في ظرف الحاجة ولكن الحاجة المعتبرة فيه إنما هي بنظر المشرع للحكم، فإن الأحكام الشرعية
/ صفحة 285 /
(كما هو الحق) عند الإمامية ـتدور مدار المصالح والمفاسد الواقعية ـ إن في الحكم أو في الموضوع ـ وذلك لا يكون إلا بنظر المشرع المطلع على الواقع، والخبير بعواقب الأمور، لا بنظر غيره مهما كان شأنه،فليس لأحد أن يتصرف في حكم المشرع، ولا في موضوعه، لا سعة ولا ضيقاً، ولا وضعاً ولا رفعاً، إلا بحجة نتهي إليه، ولو كان ذلك بالإمضاء.
وليس للخليفة من الوظيفة ما يخولهالتدخل في شئون التشريع، إذن فعدم اعتباره وصف الموضوع، لعدم الحاجة إليه بنظره، المستلزم لعدم تحقق الموضوع اعتبارً تشريعياً، المستلزم لرفع الحكم، هو نسخ للحكمالشرعي الكتابي بلا وجه فإن النسخ كما يكون برفع الحكم مباشرة، يكون برفعه بواسطة رفع موضوعه بإلغاء بعض أجزئه مع وجوده واقعاً، واعتباره كذلكاجتهاداً في مقابلة النص فالأمر ليس أمر انعدام موضوع واقعاً، وارتفاع حكمه تبعاً له، وإنما هو أمر انعدامه اعتباراً ـ مع وجوده واقعاً ـ باجتهاد ليس مصدراً للتشريعبوجه، كيف والمؤلفة قلوبهم كانوا موجودين، يطالبون بنصيبهم يوم ذاك، وإن لم يفلحوا في طلبهم، وحيل بينهم وبينه بهيمنة الخليفة وقوة سلطانه! وأما إيضاح الجواب بأنه لايقال إذا منع الإمام (الرق) فامتنع نصيبه من الزكاة، إنه نسخ حكماً كتابياً إذ هو ارتفاع حكم لانعدام موضعه؛ لا رفع حكم مع وجود موضوعه، حتى يكون نسخاً! فيؤخذ عليه.
أولاً: أن الرق موجود، ولا معنى لإنكاره.
وثانياً: لو سلم ذلك فإما أن يكون عدمه مستنداً إلى منع الإمام، وإما أن يكون لانقراض هذا الصنف، فإن كان الأول فيؤخذ عليه أنذلك نسخ للحكم بواسطة رفع موضوعه بالإلغاء اعتباراً تشريعياً وهو كرفعه مباشرة، بل هو نسخ لحكمين: حكم وضعي، وهو الرقية والملكية مباشرة، وحكم تكليفي، وهو إباحة التصرفبالرق. بواسطة نسخ الحكم الوضعي الذي يستتبعه. وإن كان الثاني: فهو قياس مع الفارق إذ الموضوع هنا منعدم بخلافه في الأول، فلا وجه لقياس / صفحة 286 /
أحدهما بالآخر،إذن فالنسخ موجود لا محالة، إما لحكم وإما لحكمين، فالجواب لا يدفع المأخذ لكن يضاعفه ويؤكده!!
* * * *
وأما عن مأخذ بقية الأحكام، فقد أجابت رسالة الإسلام عنالحكم بوقوع طلقات ثلاث بلفظ الثلاث، بما خلاصته: أن الخليفة لم يحكم بوقوع الطلاق ثلاثاً ممن طلق بلفظ الثلاث، حتى يقال إنه نسخ حكماً كتابياً فهو ليس بهذا، وإنما منع منحق الرجعة، لمن طلق كذلك تأديباً له، لاستعجاله فيما له فيه أناة.
وللإمام أن يعاقب بالحرمان من بعض المباحات لمصلحة تقتضي ذلك، وهذا نظير منع الحكومات بعض المباحات(كمنع التجول ليلا) لظروف تقضي بذلك، فهو بذلك خالف السنة لمنعه هذا الحق بمقتضى الهيمنة والسلطان، لا بمقتضى التشريع لا أنه خالف الكتاب، ويؤخذ عليه.
أولاً: أنالأحكام الشرعية أمور توقيفية لا يجوز أن يتعدى بها حدود ما أنزل الله. فلا يجوز لأحد أن يحلل حراماً، ولا أن يحرم حلالاً برأيه، ما لم يستند بذلك إلى الكتاب أو السنة، ولوبالواسطة كما صرحنا به، وإن حرمان الخليفة المطلق بلفظ الثلاث من حق الرجوع، ومن إباحته المجعولين له بقوله تعالى (فإمساك بمعروف) هو نسخ لهما باجتهاد لا يصح أن يكونمصدراً للأحكام بنظر الإسلام، وبعبارة ثانية: المخالفة في هذا الحكم للكتاب من جهتين، جهة المنع من الحق المشروع فيه، وجهة ما يستتبعه الحق من الإباحة، فإن جعل الحق قديستتبع جعل الحكم التكليفي تبعاً فحسب كما في المقام، وقد يستتبع الحكم التكليفي والوضعي معاً، كما في جعل حق الخيار في المبيع المستتبع لجواز الفسخ. الحكم التكليفي ـولنفوذه، الحكم الوضعي، كما قد يستتبعانه هما أيضاً في موارد ذكرت في محلها، فهو بذلك خالف الكتاب سواء قصد المعارضة أو لم يقصد، إذ لا مدخل للقصد في المخالفة لا وجوداًولا عدماً.
/ صفحة 287 /
وثانياً: إن القياس على مثل منع التجول من المباحات ـ قياس مع الفارق، فإن مثل منع التجول ليلاً تدبير موقت ربما تفرضه الضرورة، فيرفع بقولهتعالى (إلا ما اضررتم إليه) وقوله (صلى الله عليه وسلم) (رفع ما اضطروا إليه) وأين هذا من نسخ حق، أو حكم بلا ضرورة مرخصة، نسخاً يبقى ببقاء الدهر!!
وقد أجابت عن رفع حدالشرب. بأنه تأجيل للحد لا نسخ له! ويؤخذ على الجواب:
أولاً: أن الخليفة رفع الحد عن جميع المسلمين أيام الحرب مخافة تنصرهم كما صرح به الدكتور وهو المراد من قولي: رفعالحد عن المسلم في مقالي السابق لا عن فرد منهم ليكون ذلك قضية في واقعة. ودعوى التأجيل في مثل هذا الحكم العام، ومن الغرابة بمكان، فإن ذلك مساهلة في إقامة الحدود،وتعطيل لها، خصوصاً فيما إذا عاجل الموت من أجل حده بعد وجوبه، وثبوته شرعاً لدى الإمام، وهو بمثابة نسخها لمنافاته لحكمه تشريعها التي هي الأخذ بالشدة والحزم، حسماًلمادة أو حداً من سورتها!! وثانياً: لو سلم أنها قضية في واقعة، فإن تأجيل الحد كما يظهر من تتبع مجاري الحدود التي أقيمت زمن النبي (صلى الله عليه وسلم)، ولم يكن يرخصبه إلا لعذر يمنع من إقامته فوراً نظير الحمل في المرأة التي عليها الحد، أو مرض يخشى منه التلف إذا أقيم الحد مع عدم ثبوت الحد بهذا المقدار، وما إلى ذلك مما ذكر في محله،ومخافة أن ينتصر من يقام عليه حد الشرب ليس عذراً مسوغاً للتأخير والتأجيل! ويدل على الوجوب الفوري في إقامة الحدود إلا لعذر شرعي بمنع منه. ظهور أوامر الحدود في الآياتالقرآنية، والسنة النبوية، في الوجوب الفوري ظهوراً انصرافياً عرفياً بمناسبة الحكم للموضوع (أعني حكمة تشريع الحد) من الأخذ بالشدة والحزم، لحسم مادة الفساد، والحد منقوتها ـ وإن لم نقل بوضع صيغ الطلب لذلك ـ فلا يجوز التأجيل إلا بدليل معتبر شرعاً!
/ صفحة 288 /
وإذن فهذا الجواب لا يصحح حكم الخليفة بوجه. إذ هو خلاف حكم الكتاب وحكمالسنة، الموجب لمخالفة قوله تعالى (وما أتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا)!.
وأجابوا عن رفع حد السرقة، وتغريم القبيلة بدفع ثمن الفاقة. بأن ذلك للضرورة التيتبيح أكل الميتة! ولكن يؤخذ على هذا، أن الضرورة إنما تقدر بقدرها، فالسرقة التي حصلت أيام المجاعة، إما بمقدار حاجة ذلك المضطر، وإما بأزيد منها بمقدار عليه الحد، فإنكان الأول، فهو معذور فلا وجه لتغريمه ولا لتغريم قبيلته بدفع ثمن الفاقة،فإن قوله تعالى (إلا ما اضطررتم إليه) وقوله (صلى الله عليه وسلم) (رفع ما اضطروا إليه) كما يرفعالحكم التكليفي ـ أعني الحرمة ـ يرفع الحكم الوضعي ـ أعني الضمان ـ عنه وعن قبيلته بلا فرق، على أنه لو لم يرفع الضمان، فإنما يتحمله السارق ليجبر على الدفع عندالاستطاعة، إذ لا وجه لتغريم القبيلة، فإن ذلك مخالف لصريح قوله تعالى (لا تزر وازرة وزر أخرى)!! ولا يتوهم أن تغريم القبيلة، من قبيل الحكم بالدية على العاقلة في قتلالخطأ ـ لوجود الدليل الشرعي هناك ـ وعدم وجوده هنا، ولا دليل على حجية القياس، بل دل الدليل على المنع عنه شرعاً، وأنه لا يكون مصدراً للأحكام كما حقق في محله!! وإن كانالثاني: فالحكم برفع الحد مخالف لصريح قوله تعالى (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما)، فلا وجه لهذه الأحكام ـ إلا الاجتهاد بالرأي الذي لا يمت إلى الكتاب بصلة.