معارضات القرآن (1) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

معارضات القرآن (1) - نسخه متنی

علی العماری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

عزوجل: وقيل يا أرض ابلعي ماءكويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضى الأمر واستوت على الجودي، وقيل بعداً للقوم الظالمين يئسوا مما طمعوا فيه، وعلموا أنه ليس بكلام مخلوق.

وهذا النص يعطينا أن فصحاءقريش طمعوا في معارضة القرآن، وأعدوا أنفسهم لها واستعانوا عليها بالأسباب التي توهموها معينة على بلوغ الغاية غير أن في آخر النص ما يشككنا في أوله، ذلك أن انقطاع قريشعند هذه المحاولة لما سمعوا الآية السالفة الذكر يوهم أن ما سبق من آيات القرآن على هذه الآية لم يكن كافيا ً لأن يقطع طمع قريش وأن في هذه الآية من روائع البلاغة ما ليسفيما تقدمها من آيات... وهو كلام ـ في رأيي ـ مدخول قصد به إلى أيهام أن نهاية الإعجاز تتحقق في بعض الآي دون بعض، ثم جازت هذه الخدعة على المؤلفين من أصحاب النيات السليمةوالإيمان الصحيح فرووها دون أن يتنبهوا إلى ما تحمل في طياتها من مغزي غير لائق بجلال القرآن الكريم جملة وتفصيلا. ثم هل بلغ البله من قريش أن يغفلوا عن أن البيان سليقةوطبيعة، وأنه لا حاجة إلى هذه (المظاهرة) ويستعينوا بلباب البر وسلاف الخمر ولحوم الضأن... كأن هذا الطعام وهذا الشراب مما يولد في اللسان بيانا لم يكن فيه... ولو أن قريشاًأرادت معارضة القرآن لكان لها من سلائقها وطبائعها ما يعينها على ذلك لو كان ممكنا.

والحق عندي ما يقوله الجاحظ عن المعارضة: ولم يرم ذلك خطيب ولا طمع فيه شاعر ولوطمع فيه لتكلفه ولو تكلفه لظهر ذلك، ولو ظهر لوجد من يستجيده ويحامي عليه ويكابر فيه ويزعم أنه قد عارض وقارب وناقض .

أما ما ورد عن مسيلمة وأشباهه من المتنبئين ومدعيالفصاحة. فقد رفض العلماء أن يكون ذلك داخلا في باب المعارضة لأن حدها السابق لا ينطبق عليه.

وبعض العلماء تناول هذه المعارضات بالنقد والتجريح وبيان ما فيها من ضعفوتهافت، وهم بذلك يسلمون بورودها عن مسيلمة ومن إليه.

وقد كنت ـ وما زلت ـ أعتقد أن هذه المعارضات ـ إن صحت تسميتها بذلك ـ

/ صفحه 209/

من افتعالاتالرواة، وتفكهات أصحاب القصص، وأضاحيك السّمار في المجالس والمجتمعات وأن العرب انقطعوا عن المعارضة حقها وباطلها، ولم أكن أعتقد أن مسيلمة أو غيره من أعراب الباديهينزل إلى هذا المستوى، ويمخرق على قومه ـ وهم فصحاء بلغاء ـ بهذا الهراء.

ونحن لا نعرف فيما وصل الينا من كلام العرب في جاهليتهم في أمثالهم وحكمهم وخطبهم وأشعارهم بلولا من أحاديثهم العادية ما يشبه هذا الكلام، فكيف نعقل أن أعرابياً، كمسيلمة ـ هذا الذي يقول فيه الرافعي ـ وهو عندي كذلك ـ أفصح من المتنبي كيف نعقل أنه يرسل هذا الكلامالواهي المقر على نفسه بالتفاهة في معرض دعواه للنبوة ؟!

ولا شك أن قول الجاحظ السابق نص وثيق صريح في أن شيئا من المعارضات لم يكن وصل إلى علمه.

وقد جاء في كتابالحيوان عند الكلام على الضفدع قول الجاحظ، ولا أدري ما هيج مسيلمة على ذكرها، ولمَ ساء رأيه فيها حتى جعل بزعمه فيما نزل عليه من قرآنه: يا ضفدع بنت ضفدعين، نقي ما تنقين،أعلاك في الماء، وأسفلك في الطين لا الشارب تمنعين، ولا الماء تكدرين.

وأعتقد أن الجاحظ لم يقصد من هذا الكلام إلا السخرية، وأنه موقن أن ذلك من موضوعات الرواةالطرفاء، يؤكد هذا قوله السابق في نفي المعارضة حقها وباطلها.

على أن هذه المعارضة رويت في سيرة ابن هشام بصورة أخرى: يا ضفدع نقي نقي، لا الشارب تمنعين ولا الماءتكدرين، لنا نصف الأرض ولقريش نصف الأرض لكن قريشاً قوم يعتدون.

وقد رواها ابن اسحق عن شيخ من بني حنيفه، ورواها الطبري (عن جابر عن فلان). وكل ذلك مما يحمل علىالاعتقاد بأنها موضوعة.

وقد جاء في رسالة الخطابي رواية المعارضات عن (سعيد بن نشيط)

/ صفحه 210 /

وهو متهم، قال ابن حجر في تهذيب التهذيب عن سعيدهذا: شيخ ابن لهيعة، لا يعرف، مجهول ذكره ابن حبان في ذيل الضعفاء، قال: روى عنه عبد الله ابن عقبة، لا يصح، قلت: وابن عقبة هو ابن لهيعة نسبه لجده. اهـ كلام ابن حجر.

وحديث سعيد هو: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عمرو بن العاص إلى البحرين فتوفي رسول الله وعمرو ثم، قال عمرو: فأقبلت حتى مررت على مسيلمة فأعطاني الأمان ثم قال:إن محمداً أرسل في جسيم الأمور وأرسلت في المحقرات، فقلت: اعرض على ما تقول فقال: يا ضفدع … الكلمات الآنفة، ثم أتى ناس يختصمون إليه في نخل قطعها بعضهم لبعض فتسجييقطيفة ثم كشف رأسه فقال: والليل الأدهم، والذئب الأسحم، ما جاء بنو أبي مسلم من محرم .

ثم تسجي الثانية فقال: والليل الدامس، والذئب الهامس، ما حرمته رطبا إلاكحرمته يابس . قدموا فلا أرى عليكم فيما فعلتم شيئاً، قال عمرو: أما والله إنك تعلم، وإنا لنعلم أنك من الكاذبين فتوعدني.

وفي القصة مع تسليمنا جدلا بورودها أمران:

الأول: أن عمراً لم يذكر أن مسيلمة كان يعارض القرآن بكلامه هذا، وإنما هو كلام قاله على حد ما يفعل الكهان.

الثاني: قول مسيلمة (أرسلت في المحقرات) لا يتفق هذا مع ماهو مشهور من أن مسيلمة كتب إلى النبي يقول: إن لنا نصف الأرض ولقريش نصف الأرض، وإنه جعل يعفي أتباعه، بل وأتباع سجاح التميمية من بعض التكاليف الإسلامية.

وإذا كانمسيلمة تكلم عن الضفدع، فقد تكلم عن الفيل أيضاً.

وقد تنبه إلى ضعف الرواية بعض العلماء الذين عاشوا في قرننا هذا، وإن لم يبينوا لنا وجه الضعف على نحو ما أسلفنا.

جاء في مقدمة إعجاز القرآن للمرحوم مصطفى صادق الرافعي، المقدمة التي كتبها السيد رشيد رضا قوله: وقد نقل بعض أهل التصانيف عن بعض الموصوفين بالبلاغة في القول أنهمتصدوا لمعارضة القرآن في بلاغته، ومحاكاته في فصاحته

/ صفحه 211 /

دون هدايته، ولكنهم على ضعف رواية الناقلين عنهم لم يأتوا بشيء تقر به أعين الملاحدةوالزنادقة فيحفظوه عنهم، ويحتجوا به لإلحادهم وزندقتهم .

ومن الدلائل على أن هذه المعارضات من مختلقات الرواة أن بعضها يروي عن غير واحد كهذه الكلمة: إنا أعطيناكالجماهر، فصل لربك وجاهر. فقد نسبها الشيخ عبد القاهر الجرجاني في رسالته في الإعجاز لمسيلمة، ونسبها ابن عبد ربه في العقد الفريد لمتنبيء في العصر الأموي في عهد خالد بنعبد الله القسري، وزاد في آخرها: ولا تطع كل كافر وساحر.

ومما لا يدع عندي مجالا للشك في أن هذه المعارضات من تفكهات الظرفاء هذه القصة الخليعة التي نسجها الرواة حولالتقاء مسيلمة بسجاح، فقد أطلق الرواة لخيالهم العنان، فنسجوا قصة لم يقصد منها إلا الحط من هذين المتنبئين، وإلا الترويح عن نفوس القارئين لأخبارهما، وقد استغلوااجتماع رجل وامرأة في ظل دعوة كاذبة.

أنشد مسيلمة سجاح شعراً، ونثر لها نثراً، والشعر في غاية الركة معنى ومبنى لا يقوله إلا أفجر رجل لأوقح امرأة، فإذا انتهى منالشعر بكلمة داعرة عاهرة وأجابته سجاح عنها إجابة المرأة الهلوك المتهالكة بكلمة لاتقل فحشاً عن كلمة مسيلمة زعم لها أنه بهذا أوحى إليه، كأن قرآن مسيلمة لا يعف أن يرشدالرجل إلى أدق الشئون في اتصال الرجل بالمرأة اتصالا جنسياً.

وقد عمل خيال الرواة في إتمام القصة أيضاً، فقد زعموا أن سجاح أقامت في حصن مسيلمة ثلاثاً ثم انصرفت فقاللها قومها: ما عندك ؟ قالت: كان على الحق، فاتبعته فتزوجته، قالوا: فهل أصدقك شيئاً ؟ قالت: لا. قالوا: ارجعي فقبيح بمثلك أن ترجع بغير صداق، فرجعت فلما رآها مسيلمة أغلقالحصن وقال: مالك ؟ قالت اصدقني صداقا، قال: من مؤذنك ؟ قالت: شبث بن ربعي الرياحي، قال علي به فجاء فقال: ناد في أصحابك أن مسيلمة بن حبيب رسول الله قد وضع عنكم صلاتين مماأتاكم به محمد صلاة العشاء الآخرة وصلاة الفجر.

/ صفحه 212/

وذكر الكلبي أن مشيخة بني تميم حدثوه أن عامة بني تميم بالرمل لا يصلونهما، وذكر غيره أنهمكانوا يقولون: هذا صداق كريمتنا.

فهل بلغ الهوان بهؤلاء السادة وفيهم الزبرقان بن بدر وعطارد بن حاجب ونظراؤها من وجوه بني تميم أن يتركوا فتاتهم (النبية) مع رجل حنفيثلاثا، وهل كانوا من الغفلة بحيث تردهم بأنها وجدته على الحق فاتبعته... وهل كان كل ما يعنيهم هو مهر فتاتهم ؟ !

وهل كان أتباع سجاح ـ وهي نصرانية من بني تغلب ـ يجمعون فيالصلاة بين ما جاء به محمد وما جاء به مسيلمة، وهل كانوا بلهاء في الدين لدرجة أنهم يعتبرون اسقاط التكاليف مهراً لامرأة ؟ وكيف بقي هذا بعد تبيان الحق، وظهور أمر مسيلمةوسجاح، مع أن سجاح أسلمت بعد ذلك ؟ ومن ابن الكلبي هذا ؟ وما مدى صدق روايته ؟ يبدو أن الرجل كان وضاعا واسع الخيال ؟.

/ 2