فضل المسجد علی الثقافة الاسلامیة (2) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

فضل المسجد علی الثقافة الاسلامیة (2) - نسخه متنی

عبدالوهاب حموده

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

فضل المسجد على الثقافة الاسلامية

لحضرة الاستاذ عبدالوهاب حموده

أستاذ الادب الحديث بكليةالاداب بجماعة فؤاد الاول

قد بينا فى مقالنا السابق بعض آثار المسجد فى الثقافة الاسلامية عصر النبوة و الان نتمم الحديث، ثم ننتقل الى الكلام على ذلكالفضل فى العصور التى تلت عصر النبوة.

لقد اتخذ من المسجد في عصر النبوة ميدان للتدريب العسكرى و التمرين الحربى استعدادا للجهاد دفاعا عن الدين، فإن منفعةذلك عائدة على نصرة الحق و حماية الدعوة الصالحة، أليس يقول القرآن: ((و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة)) .

ففى الصحيحين عن عائشة رضى الله عنها جاء حبش بحرابهميلعبون في يوم عيد في المسجد فدعانى

(صلّى الله عليه و سلّم)

فوضعت رأسى على منكبه، فجعلت أنظر الى لعبهم حتى كنت أنا الذي أنصرف عن النظر اليهم، قال الحافظ ابنحجر: إن لعب الحبشة بحرابهم كان للتمرين على الحرب، و التدرب على القتال.

يحث أصحابه على تعلم الرمى بالنبال في المسجدليكونوا دائما على استعداد لعدوهم، و يتحدوا في آلات حربهم، فلو كان فعل الحبشة مجرد لعب لنهاهم عليه الصلاة و السلام عن ذلك.

و كان المسجد يتخذ دارا للقضاء، ومكانا لاقامة العدل، و موطنا لتنفيذ

/ صفحه 59/

العقوبات و الحدود حتى يشهدها القوى و الضعيف، و الغنى و الفقير، و الصغير و الكبير، و في هذا من التقويمالخلقى ما فيه.

و عن ابن عباس: بينا رسول الله



(صلّى الله عليه و سلّم)

يخطب الجمعة، اذ جاءه رجل فقال: أقم على الحد.

و قال في المدونة. القضاءفي المسجد من الامر القديم، و هو الحق و الصواب، قال ابن أبى زيد: و احتج بعض أصحابنا في قضاء المسجد بقوله تعالى: ((و هل أتاك نبأ الخصم اذ تسوروا المحراب، فدل على أن حكمالحكومة وقعت عنده في مسجده.

و قد عنون البخارى في صحيحه بابا بقوله (باب القضاء في المسجد) روى فيه عن سهل بن سعد أن رسول الله

(صلّى الله عليه و سلّم)

قضى في قضية رجل قذف امرأته، فأمرهما بالتلاعن في المسجد. قال القسطانى: و هذا جائز عند عامة الائمة.

أما بعد عصر النبوة فقد امتدت وظيفة المسجد واتسعت، و تعددت و تنوعت، فقد فتح المسلمون مصر سنة عشرين من الهجرة على يد عمرو بن العاص، فكانت الفسطاط أول حاضرة للاسلام في مصر خطها عمرو بن العاص سنة 21 هـ.

وكانأول ما اتجه اليه نظره أن يبنى للمسلمين مسجدا يقيمون فيه شعائرهم، و يكون رمزا لسيادة الإسلام الروحية، و منبرا للدين الجديد، فبنى جامعه. فهو اذن أقدم جوامع مصرالاسلامية، و من ثم أطلق عليه المسجد العتيق، و تاج الجوامع، و المسجد الجامع، و هو أول جامعة علمية اسلامية كبرى في مصر، سبق لها الفضل في تخريج عدد كبير من العلماء كانلبحوثهم أعظم الاثرفي توجيه الافكار و تثقيف الاذهان.

و كان القائمون بالتعليم فيه هم الصحابة و التابعون، و كانت العلوم التي تدرس و قتئذ هي علوم الدين منتفسير القرآن، و تلقين لقرائتة، و رواية للحديث، و كان أشهر الصحابة الدين نزلوا بمصر، و قاموا بالتعليم فيه، هو عبدالله بن عمرو

/ صفحه 60/

ابن العاص، ويعد بحق مؤسس المدرسة المصرية في الحديث، فقد أخذ عنه كثير.

و أول من أقرأ القرآن بمصر هو أبو أمية عبيد بن مخمر المغافرى، و كان من أصحاب رسول الله صلّى اللهعليه و آله.

تلقى المصريون العلم في أول الامر على أيدى المعلمين من الصحابة و التابعين، ثم لم يلبثوا أن أصبحوا معلمين يلقون العلم في مجالسه، و لهم تلاميذمصريون يأخذونه عنهم، و يرحلون الى البلاد في طلبه و التزود منه، ثم يعودون الى مصر يدرسون و يتدارسون، و يستنبطون منه الاحكام. فترى مثلا عثمان بن سعيد القفطى المصرىالمعروف بورش، و كان من أصل قبطى، و قد ولد بمصر، ثم تعلم اللغة العربية و قراءة القرآن، و رحل الى المدينة فقرأ بها على نافع، ثم عاد الى مصر، و اليه انتهت رياسة الاقراءفيها.

كما تخرج في جامع عمرو مركز الدراسة الاسلامية الممتازة في مصر أقطاب الفقهاء و المحدثين، أمثال الليث بن سعد، و عبدالله بن وهب.

و قد نشطالتعليم في مصر على أثر تعدد المذاهب الفقهية، فقد انحاز كل فريق من العلماء المصريين الى مذهب يأخذ به، و يدفع عنه، و يعمل على تعليمه و نشره، فكان بين المالكيين والاحناف خصام و نزاع في التشريع و مسائل الفقه، حتى جاء الشافعى، و أقام في مصر نحو خمس سنوات يحرر مذهبه، و يمليه على تلاميذه المصريين، و كون له حلقة علمية نشيطة، و مالاليه كثير من المصريين. و ذلك لان المصريين كان من عادتهم بعد قضاء حجهم في مكة أن يحضروا الى المدينة المنورة للصلاة في مسجد رسول الله

(صلّى الله عليه و سلّم)

، واستماع الموطأ من الامام مالك، و كان الشافعى يمليه عليهم، و من ذلك الحين عرف المصريون الشافعى، و مالت قلوبهم اليه، و اهتموا بالوقوف على أخباره.

فلما جاءالشافعى الى مصر ابتداأ في القاء دروسه بجامع عمرو فكان اذا صلى الصبح جاء أهل القرآن و حضروا عليه فاذا طلعت الشمس قاموا و جاء أهل الحديث فاذا ارتفعت الشمس قاموا و حضرقوم للمناظرة، ثم يجىء أهل العربية

/ صفحه 61/

والعروض و الشعر و النحو، و لا يزالون الى قرب انتصاف النهار، و بعد ذلك يأخذ الشافعى عصاه و ينصرف الىداره، فكان يعمل في المسجد ثمانى ساعات من الرابعة صباحا الى الثانية عشرة.و كان طلاب العلم يحضرون على الشافعى رجالا و نساء كنظام الجامعات الان، و لم يكن هناك حرج منهذا النظام و قتئذ، لان مذهب الشافعى و إن كان يقضى بأن لمس النساء ينقض الوضوء، الا أن الرجال و النساء أطالت أكمام الثيات تفاديا من ذلك اللمس عملا بوصيته، و كانتالنفوس في حرز من تقواها، و صون من النزق لخشية ربها.

و نبغ على الشافعى كثير من المصريين والمصريات، فمن الرجال: الربيع الجيزى و حرملة والمزنى و البويطى ومحمد بن عبدالله بن الحكم و غيرهم.

و من النساء كثيرات كذلك كالسيدة أخت المزنى التي أخذ عنها العلماء و درج اسمها في جدول كبار فقهاء الشافعية.

وظل التعليم في مصر تعليما دينيا خالصا منضما اليه دراسة العلوم اللغوية التي لا بد منها لفهم القرآن والحديث، و رفد الى مصر علماء كثيرون من العراق و غيرها من البلادالاسلامية، جاءوا يعلمون المصريين أحيانا أو يطلبون العلم في مصر أحيانا أخرى، فقد جاء نافع فقيه أهل المدينة الى مصر كى يعلم المصريين، و أقام بينهم مدة طويلة، كما جاءمحمد بن جرير الطبرى المحدث الفقيه المفسر المؤرخ و كان ذلك سنة 253.

يقول ياقوت: ثم سار الطبرى الى الفسطاط، و كان بها بقية من الشيوخ و أهل العلم، فأكثر عنهمكتابة علوم مالك و الشافعى و ابن وهب و غيرهم، ثم عاد الى الشام، ثم رجع الى مصر فلقيه أبو الحسن على بن سراج المصرى فوجده فاضلا في كل ما يذاكره به من العلم، و يجيب في كلما يسأله عنه، حتى سأله عن الشعر فرآه فاضلا بارعا فيه، فسأله عن شعر الطرماح، و كان من يقوم به مفقودا في البلد فاذا هو يحفظه، فسئل أن يمليه حفظا بغريبه، فكان يمليه عندبيت المال في الجامع.

/ صفحه 62/

و اليك ما قاله ابن سعيد في وصفه للمسجد الجامع عند زيارته له ((و استحسنت ما أبصرته فيه من خلق المصريين لاقراء القرآن والفقه و النحو في عدة أماكن)) أضف الى ذلك ما ذكره المقريزى نقلا عن ابن الصائغ الحنفى من أنه أدرك بجامع عمرو، قبل الوباء الكائن في سنة 249 هـ، بضعا و أربعين حلقة لاقراءالعلم لا تكاد تبرح منه.

و قد عنى بنو الاخشيد بهذا المعهد كما عنى به غيرهم من الامراء من قبل و من بعد، و زيدت عمارته في عهدهم، و زينت عمده، و كانت حلقاتهالعلمية في زمنهم أشهر مجالس العلم والتعليم.

فقد ذكر ابن سعيد: ((وفى سنة 326 هـ )) عاد أصحاب مالك و الشافعى الى القتال في المسجد الجامع العتيق، و كان في الجامعللمالكيين خمس عشرة حلقة، و للشافعين مثلها، و لاصحاب أبى حنيفة ثلاث حلق، فلما زاد قتالهم أرسل الاخشيد و نزع حصرهم و أغلق الجامع، و كان يفتح في أوقات الصلوات، ثم سئلالاخشيد فيهم فردهم.

و مهما يكن من أمر فقد بالغ الاخشيديون في اعطاء الاموال و الهبات للعلماء المصريين و الوافدين على مصر، مما أفاد التعليم فائدة عظيمة، وكانت حلقات الفسطاط حيث يلقى الفقهاء و الادباء دروسهم على طلبتهم في أوج ازدههارها، و نبغ من المصريين كثير من زعماء الفكر و الادب، منهم: أبو عمر الكندى، و أبو جعفرالنحاس المصرى، و أبوبكر الحداد، و كثيرون غيرهم. و كان جامع عمرو هو معهد مصر الاكبر في ذلك العهد.

أماالمتنبى فكان يعقد حلقاته الادبية في مسجد ابن عمروس حيثيجتمع اليه الادباء و الشعراء.

و من أهم الاثار العربية في مصر جامع ابن طولون، فانه عند ماتم بناؤه أملى فيه الحديث الربيع بن سليمان تلميذ الامام الشافعى،فكان معهدا من معاهد التعليم في مصر من بدء انشائه، و قد ظل كذلك في العصور التالية، فقد ذكر ابن جبير

/ صفحه 63/

في رحلته: أن المغاربة كانوا يسكنون زمنصلاح الدين بن أيوب، و يحلقون فيه، و كانت رحلة ابن جبير سنة 587 هـ و قال السيوطى في كتابه ((حسن المحاضرة)) إن هذا الجامع كان شهيرا بدروس التفسير و الحديث والفقه والقراءاتو الطب و الميقات في زمن حسام الدين لاجين سنة 696 هـ.

لم يكد يتم للفاطميين فتح مصر، و يستقر سلطانهم حتى أخذ جوهر في بث الدعوة للخليفة المعز الفاطمى خاصة، وللعلويين عامة، فاتخذ من المساجد ميدانا لبث هذه الدعوة السياسية، و سرعان ما بني الجامع الازهر في القاهرة حاضرة الفاطميين ليكون مركزاً لبث عقائد مذهبهم و اجتماعأشياعهم لا سيما و أن بعض المساجد الاخرى كان لا يزال يؤمها كثير من المصريين السنين، و سنفرد للجامع الازهر بحثا خاصا في مقال تال يليق بتاريخه المجيد و فضلهالعميم.

دأب الخلفاء الفاطميون على العناية بالمساجد و غيرها من دور العلم و ساعدهم على ذلك ما جمعوه من الاموال و الثروات الطائلة، فلم ينس الخلفاءالفاطميون نصيب المعلمين و الطلبة من العطف عليهم و العناية بشئونهم.

و كان لجامع عمرو نصيب موفور من عناية الفاطميين، فقد ظل محتفظا بنشاطه العلمى، فكانتحلقاته العلمية و الادبية تعقد بانتظام و يشهدها كثير من الاساتذة و الطلاب و الادباء و الشعراء، فقد وصف ناصر خسرو جامع عمرو عند زيارته لمصر سنة 439 هـ في أيام المستنصرالفاطمى، فذكر أنه يزوره في اليوم خمسة آلاف رجل ما بين معلم و مقرىء و طالب و زائر و ناسخ.

و من بين معاهد التعليم في مصر في العهد الفاطمى جامع الحاكم بأمرالله الذي أسسه أبوه العزيز بالله، و كان عدا هذه المساجد الجامعة الكبيرة مساجد أخرى كثيرة في المدن المصرية المختلفة، و كان التعليم بهذه المساجد شاملا و إن كان يقلنشاطا عن التعليم في الجامع الازهر أو جامع عمرو.

و كان للمعلمين في المساجد في العصر الفاطمى الاول مقام اجتماعى رفيع، و كرامة و احترام كبير عند عامة القوم وخاصتهم، فقد خرج المعز والحزن باد عليه

/ صفحه 64/

يوم وفاة النعمان بن محمد سنة 362 هـ و صلى عليه و أضجعه في قبره بنفسه، و خرج الحاكم للقاء ابن الهيثم يوموصل الديار المصرية و أمر بانزاله و اكرامه و احترامه.

يقول جوستاف لوبون في كتابه: ((حضارة العرب)) .

و كما أن مساجد المسلمين مركز للاجتماع و ملجأللغرباء و مرجع للمرضى هي كذلك موئل للتعليم، و في أصغر المساجد يعلم الاولاد، و تعد المساجد الكبيرة من الجامعات التي لاتقل أحيانا عن جامعات أوربا أهمية.

((ولم تكن المساجد مشابهة لجامعاتنا السابقة في التدريس وحده، بل نرى شبها بينهما في حياة الطلاب أيضا. و لما قيض لى أن أطوف بالجامع الازهر و أن أنظر الى حلقات تدريسه رأيتنىقد انتقلت بقوة ساحرة الى احدى جامعاتنا في القرن الثالث عشر، فتمثل لى ما كان فيها، كما في الجامع الازهر من التشويش في دروس علم الكلام و دروس الادب، و تمثل لى ما كانفيها مثل ما في الازهر من أساليب التعليم و حلقات الطلاب و حريتهم)) .

هذا ما كان من أثر مساجد مصر في الثقافة الاسلامية، أما مساجد غير مصر من البلدانالاسلامية كمساجد بغداد و البصرة و الكوفة و القيروان و الزيتونة و قرطبة فأمرها غير مجهول، و أثرها غير منكور.

فقد كان مسجد البصرة مركزا لحركة علمية كبيرةفي العهد الاموى، فحول الحسن البصرى، و في حلقته: نشأت المباحث الكلامية. واعتزل واصل بن عطاء حلقة الحسن و كوّن له حلقة، بل كان هناك بجانب حلقات علوم الدين حلقات لعلومالعربية.

قال ياقوت: ((كان حماد بن سلمة بن دينار يمر بالحسن البصرى في الجامع فيدعه و يذهب الى أصحاب العربية)) .

و لما تنوعت العلوم في العصرالعباسى تنوعت كذلك حلقات الدروس:

فهناك حلقات يدرس فيها النحو كالذى حكى ياقوت أيضا عن الاخفش، قال: وردت بغداد فرأيت مكان الكسائى في المسجد فصليت خلفهالغداة، فلما انفتل

/ صفحه 65/

من صلانه و قعد بين يديه الفراء و الاحمر و ابن سعدان

سلمت و سألته عن مائة مسئلة، فأجاب بجوابات خطأته في جميعها)).

و كان المعتزلة يعلمون الكلام في مسجد المنصور ببغداد، كذلك المسجد منتدى لانشاد الشعر و قده، والتلاحى فيه.

فيروى الاغانى أن الكميت بن زيد وحمادا الراوية اجتمعا في مسجد الكوفة فتذاكرا أشعار العرب و أيامهم، فخالفه حماد في شىء ونازعه، فقال له الكميت:

أتظن أنك أعلم منى بأيام العرب و أشعارها؟قلا: و ما هو الا الظن! هو و الله اليقين. ثم تناظرا و تساءلا و أرجآ الى أجل في خبر طويل:

و حكى المرزبانى في كتابه ((الموشح)) إن مسلم بن الوليد كان يملى شعره فيالمسجد و حوله الناس، و قال أبو محمد اليزيدى: كان أبو عبيدة يجلس في مسجد البصرة الى سارية، و كنت أنا و خلف الاحمر نجلس جميعا الى أخرى.

و يقول (متز) في كتابه((الحضارة الاسلامية)) .

((كان أبو حامد أحمد بن محمد الاسفراينى المتوفى عام 406 هـ امام أصحاب الشافعى، كان يدرس بمسجد عبدالله بن المبارك ببغداد. و كان يحضر مجلسهما بين ثلثمائة و سبعمائة فقيه.

و كان أبو الطيب الصعلوكى الفقيه الاديب مفتى نيسابور و هي مركز علماء خراسان، يقال انه حضر مجلسه أكثر من خمسائة طالب علم فيعشية الجمعة الثالث و العشرين من المحرم سنة (387 هـ).

و كان عدد الطلاب يعرف باحصاء محابرهم التي يضعونها أمامهم و التي كانت أهم عتاد الطالب.

و كاناذا مات العالم كسر تلاميذ، المحابر و الاقلام، و طافوا في البلد نائحين مبالغين في الصياح.

و كان الاملاء فيما مضى من الزمان يعتبر أعلى مراتب العليم، و كانالمستملى يكتب أول القائمة: مجلس أملاه شيخنا فلان بجامع كذا في يوم كذا)) .

/ صفحه 66/

و في الاندلس وصلت جامعة قرطبة في مسجدها كما يقول ((فيلب حتى)) الى مكانةعالية بين معاهد التعليم في العالم أجمع في عهد الحكم الثانى المستنصر، فلقد تقدمت على كل من الازهر في القاهرة و النظامية في بغداد، و كانت تجذب اليها الطلاب مسيحيينكانوا أو مسلمين لا من أسبانيا فحسب، بل من أجزاء مختلفة من أوربا و أفريقية و آسيا.

و لقد وسع الحكم المسجد الذي كان يضم الجامعة، وكان يستدعى الاساتذة منالشرق ليحاضروا فيه، و قد خصص بعض الاموال لوظائفهم، و من بين هؤلاء الاساتذة المورخ ابن القوطية الذي كان يدرس النحو، و العالم اللغوى البغدادى المشهور أبو على القالى،الذي لا تزال أماليه تدرس في المعاهد العليا بالبلاد العربية.

هذا الى ما يلحق بالمساجد من مكاتب زاخرة بالكتب المختلفة في الفنون و العلوم.

يقول(متز):

((و كان في كل جامع كبير مكتبة، لانه كان من عادة العلماء أن يقفوا كتبهم على الجوامع)) .،

و كان في الجامع الافخر المعروف بالفاكهانى مكتبةكبيرة حافلة بمجموعة من المخوطات في شتى العلوم والمصاحف المذهبة، أدركت بقيتها وزارة الاوقاف و نقلتها الى الخزانة الزكية وقت أن كانت تابعة لها، ثم أرسلت الى مكتبةالازهر.

و بعد فهذه لمحة في فضل المسجد على اثقافة الاسلامية، و موعدنا في المقال الاتى إن شاء الله أثر المسجد على الثقافة الفنية، ثم الافاضة في فضل الازهرعلى العلوم و الاداب الاسلامية في مخلتف أقطار المسلمين و دولهم، بل و على غير المسلمين في مشارق الارض و مغاربها.

/ 1