مقدمة قصة التقریب نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مقدمة قصة التقریب - نسخه متنی

محمود شلتوت

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

مقدمة قصة التقريب

لفقيد الاسلام المغفور له الأستاذ الاكبر الشيخ محمود شلتوت

شيخ الجامع الازهر

و انه ليحقللمسلمين أن يفخروا بأنهم كانوا أسبق من غيرهم تفكيراً و عملا فى تقريب مذاهبهم و جمع كلمتهم.

أحسنت دار التقريب صنعاً، اذ فكرت فى اصدار كتاب نسجل فيه قصة هذه الفكرةالاسلامية، و تذكر أطوارها و تاريخها، و ما صادفها من تأييد المؤيدين، أو معارضة المعارضين، حتى أصبحت من الحقائق العلمية الثابتة فى تاريخ الفكر الاسلامى، و سرى بهاروح من الاصلاح و المحبة و الاخوة بين المؤمنين، تحقيقاً لقول الله جل شأنه: ((انما المؤمنون اخوة فأصلحوا بين أخويكم و اتقوا الله لعلكم ترحمون)).

و لقد كنت أود لواستطيع أن أكتب هذه القصة بنفسى لاسجل فيها ألواناً من المشاعر و الافكار التى مرت بى فى فترات مختلفة من العصر الذى عشته فى جوها، و الذى عاصرت فيه اخوة أعزاء، أحببتهم وأحبونى فى الله، و ناظرتهم و ناظرونى بحثاً عن الحقيقة، و التماساً لافاق من العلم الدينى من واجب المؤمنين أن يلتمسوها، و أن يرودوا لاهليهم أوديتها.

/ صفحه 195/

كنت أود لو أستطيع ذلك بنفسى لاسجل لمحات كنت ألمحها فى فكرة تعرض، أو رأى ينفذ، أو اجتماع يعقد، أو بحث ينشر، أو رسالة ترد، أو وفد يفد.... فان دعوة التقريب هى دعوةالتوحيد و الوحدة، و هى دعوة الاسلام و السلام، و ان أسلوبها الذى تنتهجه لهو الاسلوب الحكيم الذى أمر الله به رسوله الكريم اذ يقول: ((ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظةالحسنة و جادلهم بالتى هى أحسن ان ربك هو أعلم بمن ضل على سبيله و هو أعلم بالمهتدين)).

و إذا اتجههت العقول إلى البحث فى اخلاص و تضامن، لا هم لها الا ابتغاء الحق، لمعتأمامها الاضواء، و سرت اليها أشعة الهداية الربانية، و كان لها قبسات، و كان لها لمحات، و انى لارجح أن قوله تعالى: ((و اتقوا الله و يعلمكم الله)) يشمل الأمر بالتجرد عن كلهوى من شأنه أن يخل بتقوى الله حين يتجه المرء إلى محراب العلم ملتمساً أن يفيض الله عليه من نفحاته.

ان المتقى لله فى مقام ابتغاء العلم هو ذلك الذى لاتأخذه عصبية، ولا تسيطر عليه مذهبية، و لا ينظر يميناً أو شمالا دون قصده.

كنت أود لو أستطيع ذلك بنفسى لاصور فكرة الحرية المذهبية الصحيحة المستقيمة على نهج الاسلام، و التى كانعليها الائمة الاعلام فى تاريخنا الفقهى، أولئك الذين كانوا يترفعون عن العصبية الضيقة، و يربئون بدين الله و شريعته عن الجمود و الخمول، فلا يزعم أحدهم أنه أتى بالحقالذى لا مرية فيه،

/ صفحه 196/

و أن على سائر الناس أن يتبعوه، ولكن يقول: ((هذا مذهبى و ما وصل اليه جهدى و علمى، و لست أبيح لاحد تقليدى و اتباعى دون أن ينظر و يعلممن أين قلت ما قلت، فان الدليل إذا استقام فهو عمدتى، و الحديث إذا صح فهو مذهبى)).

و كنت أود لو كتب قصة التقريب أحد غير أخى الامام المصلح محمد تقى القمى، ليستطيع أنيتحدث عن ذلك العالم المجاهد الذى لايتحدث عن نفسه، و لا عما لا قاه فى سبيل دعوته، و هو أول من دعا إلى هذه الدعوة، و هاجر من أجلها إلى هذا البلد بلد الازهر الشريف... فعاشمعها و إلى جوارها منذ غرسها بذرة مرجوة على بركة الله و ظل يتعهدها بالسقى و الرعاية بما آتاه الله من عبقريةو اخلاص، و علم غزير و شخصية قوية، و صبر على الغير، و ثبات علىصروف الدهر، حتى رآها شجرة سامقة الاصول باسقة الفروع تؤتى أكلها كل حين باذن ربها، و يستظل بظلها أئمة و علماء و مفكرون فى هذا البلد و فى غيره، ولكنى أعود فأقول:

منهو أدرى بالدعوة و ظروفها من داعيها الاول؟

لقد آمنت بفكرة التقريب كمنهج قويم، و أسهمت منذ أول يوم فى جماعتها، و فى وجوه نشاط دارها بأمور كثيرة، كان منها تلكالفصول المتتابعة فى تفسير القرآن الكريم التى ظلت تنشرها بحلتها (رسالة الاسلام) قرابة أربعة عشر عاماً حتى أكتملت كتاباً سوياً أعتقد أنهن تضمن أعز أفكارى، و أخلدآثارى، و أعظم

/ صفحه 197/

ما أرجو به ثواب ربى،فان خير ما يحتسبه المؤمن عندالله، هو ما ينفقه من الجهد الخالص فى خدمة كتاب الله.

و لقد تهيأ لى بهذه الاوجهمن النشاط العلمى أن أطل على العالم الإسلامى من نافذة مشرقة عالية، و أن أعرف كثيراً من الحقائق التى كانت تحول بين المسلمين و اجتماع الكلمة و ائتلاف القلوب على أخوةالاسلام، و أن أتعرف إلى كثير من ذوى الفكر و العلم فى العالم الإسلامى، ثم تهيأ لى بعد ذلك، و قد عهد إلى بمنصب مشيخة الازهر أن أصدرت فتواى فى جواز التعبد على المذاهبالاسلامية الثابتة الاصول، المعروفة المصادر، المتبعة لسبيل المؤمنين، و منها مذهب الشيعة الامامية ((الاثنا عشرية)) و هى تلك الفتوى المسجلة بتوقيعنا فى دار التقريبالتى و زعت صورتها الزنكغرافية بمعرفتنا، و التى كان لها ذلك الصدى البعيد فى مختلف بلاد الامة الاسلامية، و قرت بها عيون المؤمنين المخلصين الذى لاهدف لهم الا الحق والالفة و مصلحة الامة، و ظلت تتوارد على الاسئلة و المشاورات و المجادلات فى شأنها و أنا مؤمن بصحتها، ثابت على فكرتها أؤيدها فى الحين بعد الحين، فيما أبعث به من رسائلللمستوضحين، أو أرد به على شبه المعترضين، و فيما أنشىء من مقال ينشر، أو حديث يذاع، أو بيان أدعو به إلى الوحدة و التماسك و الالتفاف حول أصول الاسلام، و نسيان الضغائن والاحقاد، حتى أصبحت والحمدلله حقيقة مقررة، تجرى بين المسلمين مجرى القضايا المسلمة بعد أن كان المرجفون فى مختلف عهود

/ صفحه 198/

الضعف الفكرى، و الخلافالطائفى، و النزاع السياسى يثيرون فى موضوعها الشكوك و الاوهام بالباطل.

وها هو ذا الازهر الشريف ينزل على حكم هذا المبدأ، مبدأ التقريب بين أرباب المذاهب المختلفة،فيقرر دراسة فقه المذاهب الاسلامية، سنيها و شيعيها، دراسة تعتمد على الدليل و البرهان، و تخلو من التعصب لفلان أو فلان، كما أنه يعتزم فى تكوين مجمع البحوث الاسلامية أنيكون أعضاؤه ممثلين لمختلف المذاهب الاسلامية.

و بهذا تكون الفكرة التى آمنا بها، و عملنا جاهدين فى سبيلها قد تركزت الان و أصبحت رسالة الدار محل التقدير و التنفيذ.

و كنت أود لو أستطيع أن أتحدث عن الاجتماعات فى دار التقريب حيث يجلس المصرى إلى الايرانى، أو اللبنانى أو العراقى أو الباكستانى، أو غير هؤلاء من مختلف الشعوبالاسلامية، و حيث يجلس الحنفى و المالكى و الشافعى و الحنبلى يجانب الامامى و الزيدى حول مائدة واحدة تدوى أصوات فيها علم، و فيها أدب، و فيها تصوف، و فيها فقه، و فيها معذلك كله روح الاخوة، و ذوق المودة و المحبة، و زملة التعليم و العرفان.

و كنت أود لو أستطيع أن أبرز صورة كصورة الرجل السمح الذكى القلب، العف اللسان، رجل العلم والخلق المغفور له الأستاذ الاكبر الشيخ مصطفى عبدالرازق، أو صورة كصورة الرجل المؤمن القوى الضليع فى مختلف علوم الاسلام، المحيط

/ صفحه 199/

بمذاهب الفقهأصولا و فروعاً الذى كان يمثل الطود الشامخ فى ثباته، و الذى أفاد منه التقريب فى فترة ترسيخ مبادئه أكبر الفائدة المغفور له أستاذنا الاكبر الشيخ عبدالمجيد سليم رضىالله عنه و أرضاه، أو صورة كصورة ذلك الرجل الذى حنكته التجارب و احتضنته محافل العلم و الرأى المغفور له الأستاذ محمد على علوبة، جزاه الله عن جهاده و سعيه خير الجزاء.

و لعلى أيضاً كنت أستطيع أن أتحدث عن صور لكثيرين ممن و هبوا أنفسهم لهذه الدعوة الاسلامية، و وقفوا عليها جهودهم و آمنوا بالتقريب سبيلا إلى دعم قوة المسلمين و ابرازمحاسن الاسلام، و غير هؤلاء كثيرون ممن سبقونا إلى لقاء الله من أئمة الفكر فى شتى البلاد الاسلامية الذين انضموا إلى التقريب، و بذلوا جهودهم لنشر مبادئه، و ساجلناهمعلما بعلم، و رأيا برأى، و تبادلنا و اياهم كثيراً من الرسائل و المشروعات و المقترحات، و فى مقدمتهم المغفور له الامام الاكبر الحاج أقا حسين البروجردى أحسن الله فىالجنة مثواه، أو المغفور لهما الامامين الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء، و السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوى رضى الله عنهما.

لقد تلقى أولئك الاعلام دعوة التقريبفى أول نشأتها، ففتحوا لها قلوبهم و عقولهم، و أصفوها أكرم جهودهم حتى ذهبوا إلى ربهم راضين مرضيين، و ان لهم لتاريخاً يذكر، و فضلا يجب أن يسجل و يؤثر، و غير هؤلاء كثير، ولسنا بصدد العد والاحصاء

/ صفحه 200/

و لقد ذهب هؤلاء إلى ربهم راضين مرضيين، و ان لنا لاخوة آمنوا بالفكرة، و لا يزالون يعملون فى سبيل دعمها، و هم ائمة الاسلام وأعلام الفكر فى شتى الاقطار الاسلامية، أطال الله أعمارهم، و سدد فى سبيل الحق خطاهم ((من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و مابدلوا تبديلا)).

و إذا كان هذا جانباً من جوانب التأييد و التلاقى حول فكرة التقريب، فان جانباً آخر من الحرب و المعارضة قابل هذه الدعوة، و حاول أن يصد عنها، شأن كلدعوة اصلاحية حين يتصدى لها الذين لم يألفوها، فلقيت بذلك دعوة التقريب نصيباً كبيراً من المعارضة لها، و الهجوم عليها بقدر أهميتها و عظم هدفها، و كان هذا النصيب متعددالاشكال و الانواع.

كان الجو السائد ئند بدء الدعوة مليئاً بالطعون والتهم، مشحوناً بالافتراءات و أسباب القطيعة و سوء الظن من كل فريق بالاخر، حتى عد تكوين الجماعةبأعضائها من المذاهب المختلفة، السنية الاربعة، و الامامية، و الزيدية نصراً مبيناً أهاج نفوس الحاقدين، و هوجمت الدعوة لامن فريق واحد بل من المتعصبين أو المتزمتين منكلا الفريقين، السنى الذى يرى أن التقريب يريد أن يجعل من السنيين شيعة، و الشيعى الذى يرى أننا نريد أن نجعل منهم سنيين، هؤلاء و غيرهم أساءوا فهم رسالة التقريب فقالوا:

أنها تريد الغاء المذاهب، أو ادماج بعضها فى بعض

/ صفحه 201/

حارب هذه الفكرة ضيقوا الافق، كما حاربها صنف آخر من ذوى الاغراض الخاصة السيئة، و لا تخلوا أيةأمة من هذا الصنف من الناس، حاربها الذين يجدون فى التفرق ضماناً لبقائهم و عيشهم، و حاربها ذوو النفوس المريضة و أصحاب الاهواء و النزعات الخاصة، هؤلاء و أولئك ممنيؤجرون أقلامهم لسياسات مفرقة لها أساليبها المباشرة و غير المباشرة فى مقاومة أية حركة اصلاحية، و الوقوف فى سبيل كل عمل يضم شمل المسلمين و يجمع كلمتهم.

كانايهاجمون الفكرة كل على طريقته، و يسممون الجو بقدر استطاعتهم بغية القضاء على تلك الدعوة الواضحة المبادىء و الاركان، القائمة على العلم و الدراسة و البحث، الداعية إلىفتح المجال أمام الدليل من أى أفق طلع.

كنت أود لو أستطيع أن أبرز هذه النواحى كلها فى قصة التقريب أكتبها بنفسى و أتتبع تفاصيلها كما لابستها و عشت ظروفها، ثم أتتبعمجلة ((رسالة الاسلام)) التى أدت أمانتها و أحسنت سفارتها و كانت معرضاً لاراء العلماء من كل فريق، يمدونها بالبحوث و ينتظرها كل منهم حريصاً عليها، فتزدان بها مكتبةالشيعى، كما تزدان بها مكتبة السنى، و ينهل من معارفهاالغربى كما ينهل من معارفها الشرقى، ولكن حسبى أن أكتب هذه المقدمة مشيراً بها إلى بعض جوانب هذه القصة.

و انالنحمد الله سبحانه أن أصبحت فكرة التقريب نقطة

/ صفحه 202/

تحول فى تاريخ الفكر الاصلاحى الإسلامى قديمه و حديثه، و أنها أثرت تأثيراً بعيد المدى.

و أنه ليحقللمسلمين أن يفخروا بأنهم كانوا أسبق من غيرهم تفكيراً و عملا فى تقريب مذاهبهم و جمع كلمتهم، و قد نجحوا فى ذلك بفضل اخلاص القائمين على أمر هذه الدعوة، و سلامة تفكيرالمسلمين.

و انا لنسأل الله تعالى دوام النجح لهذه الدعوة حتى يعود للاسلام مجده و للمسلمين عزهم، و يتحقق فيهم وصف الله عزوجل:

((كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرونبالمعروف و تنهون عن المنكر و تؤمنون بالله))، ((قل هذه سبيلى أدعو إلى الله على بصيرة أنا و من اتبعنى))، ((يأيها الذين آمنوا استجيبوا لله و للرسول إذا دعاكم لما يحييكم)).

و السلام عليكم و رحمة الله.

/ 1