من الفرق الضالة:
اليزيدية
لحضرة العلامة البحاثة السيد عبد الرزاق الحسنيبغدادلماظهر النبي العربي محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم وبشر بدينه الاسلامي الحنيف، قضى على كثير من المعتقدات والنزعات التي كانت منتشرة في الجزيرة العربية يومذاك،واختفت بعض المذاهب القديمة تحت السيطرة الاسلامية الكاسحة اختفاءً ظاهراً، ولكن لم يمر على هذا الاختفاء أكثر من قرنين حتى بدأت تلك المعتقدات تظهر من جديد، متخذة مننصوص الدين الاسلامي مظهراً لها، ومسوغا لانتشارها، فكان القرآن والسنة، وكان الاجتهاد والقياس من أكبر المصادر التي تستمد منها تلك المذاهب. أضف الى ذلك الطراقومبادىء التصوف التي كان للخيال فيها مسرح واسع، فلم ينتصف القرن الثاني للهجرة الا وتشعبت الطرائق والمذاهب، وصارت ذات اسماء كثيرة مختلفة. وكان للأقوام التي أسلمتمرغمة الدور المهم في هذا التشعب اذ كان يكفى لانشاء المذهب أو المعتقد بين كثير من الاقوام غير المتحضرة أن يظهر داعية عليه ظاهرة الزهد والتقوى، فيغرى الأقوام التي تحفبه، وتؤخذ تصريحاته وآراؤه فتحور وتتناقلها الألسن والأفواه فتصبح معتقدا محاطا بكثير من خرافات العامة ونزعاتها.
/ صحفة 182 /ومن الأقوام التي كانت على هذهالشاكلة قبيلة قديمة تدعى ترهايا(1) كانت تسكن في أطراف الشيخان(2) بلواء الموصل، وتنتحل المجوسية ديناً لها، والمظنون أنها من بقايا الأقوام التي نزحت من بلاد ايرانالمجاورة، عند ما طغى عليها سيل الاسلام الجارف، واتخذت من جهات حلوان(3) مأوى وملجأ منعزلا، فكانت في مأمن من كل تجاوز واعتداء، الا أن انتشار الاسلام في هاتيك الجهات،ومجاورة الأقوام العربية لهذه الأماكن والملاجيء أوجب أن تختفى تلك المعتقدات وأن يعتنق أولئك الأقوام الديانة الجديدة السمحة، أو أن يتظاهروا أمام العرب الفاتحينبعقائدهم الاسلامية على الأقل، ولكن استمرار هذا القبيل المنعزل على هذا النوع من الاعتقاد أوجب أن يضعف فيه الدين القديم، وأن يأتي منه جيل جديد يكون فيه أبناؤه لايعرفوه الا خليطا من المعتقد الأول البائد ومظاهر من المعتقد الجديد المقتبس فكانوا ضعافا في كلا المعتقدين.
حدث التصوف، وحدثت الطرائق، وانتشر شيوخ الطرق أومشايخها في الأقطار الاسلامية الواسعة، وبين الأقوام التي خضعت للمعتقد الجديد، فكان
(1) التيراهية هي الوثنية القديمة، وقد ذكر ابن الأثير في ج 12 ص87 فقال: التيراهية كفار لا دين لهم يرجعون اليه، ولا مذهب يعتمدون عليه، وكانوا من الخارجين المفسدين على شهاب الدين فأوقع بهم نائب تاج الدين الوز مملوك شهاب الدين،وقتل منهم خلقا كثيراً.(2) يطلق اليزيديون على قرية (باعذرا) وما يجاورها من القرى الآهلة بأبناء نحلتهم اسم (الشيخان).(3) قال ياقوت الحموي الرومي في معجمالبلدان: [ 3: 322 ] ما نصه: