من بحوث مجمع فؤاد الأول للغة العربية
معجم الفاظ القرآن الكريم لجنة صاحبي الفضيلةالاستاذين:
الشيخ محمود شلتوت عضو جماعة كبار العلماء والشيخ محمد محمد المدني المفتش بالازهر ب ل غ
بلغ الشيء يبلغهع بلوغا ـ من باب قعد ـ: وصل اليه أو قارب الوصول وأينما جاءت هذه المادة في الكتاب الكريم، فهي بمعنى الوصول والانتهاء الى الشيء الا في موضعين: أحدهما قوله تعالى: «و اذا طلقتمالنساء فبلغن أجهلن فأمسكوهن بمعروف»
231 / البقرة
والآخر قوله تعالى: «فاذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف» 2 / الطلاق. والمعنى فيهما: قاربن الاجل، لأن المطلقة التي انقضى أجلها ليس للزوج أن يمسكها. 1 ـ وقد يكون المنتهى اليه زمانا كما فيقوله تعالى: «ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلها الذي أجلت لنا» 128 / الانعام.
2 ـ وقد يكون مكانا كما في قوله تعالى: «حتى اذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع علىقوم لم نجعل لهم من دونها سترا» 90 / الكهف.
3 ـ وقد يكون شيئا غيرهما كما في قوله تعالى: «و اذا بلغ الاطفال منكم الحلم فليستأذنوا» 59 / النور.
بالغة
ويقال: 1 ـ حجة بالغة أي منتهية الى غايتها في الاقناع وقد جاء ذلك في قوله تعالى: «قل فلله الحجة البالغة» 14 / الانعام. 2 ـ و حكمة بالغة أي واصلة الى مداها من التأثير وقد جاء ذلك في قوله تعالى: «حكمة بالغة فما تغنى النذر» 5 / القمر.
3 ـ يمين بالغة أي منتهية في التوكيد الىأقصاه وقد جاء ذلك في قوله تعالى: «أم لكم أيمان علينا بالغة» 39 / القلم.
بلغ
و يقال: بلغته الخبر وأبلغته: بمعنى أوصلته اليه، وكل ماجاء في الكتاب الكريم معدى بالهمز أو التضعيف، فهو بهذا المعنى ماضياً كان أو مضارعا أو أمراء وذلك مثل قوله تعالى: 1 ـ «يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربكوان لم تفعل فما بلغت رسالته» 67 / المائدة.
2 ـ «فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي» 93 / الاعراف.
بليغ
لم تردلفظة «بليغ» في الكتاب الكريم الا مرة واحدة وصفاً للقول وذلك في قوله تعالى:
«فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا» 63/ النساء.
أي مؤثراً يصل الى قلوبهم.
بلاغ
البلاغ كسحاب، جاء في الكتاب الكريم بمعنيين: أحدهما: الايصال فيكون اسما، بمعنىالابلاغ والتبليغ، وذلك كما في قوله تعالى: «ما على الرسول الا البلاغ» 99 / المائدة.
أي تبليغ الناس ما أنزل اليه من ربه.
والثاني: الكفاية، وقد جاءعلى هذا المعنى قوله تعالى: «ان في هذا لبلاغا لقوم عابدين» 106 / الانبياء.
ويصح على كلا المعنيين قوله تعالى:
1 ـ «هذا بلاغ للناس ولينذروا به» 52 /ابراهيم.
2 ـ «بلاغ فهل يهلك الا القوم الفاسقون» 35 / الاحقاف.
وما عدا ذلك فهو من المعنى الاول.
مبلغهم
«المبلغ»: الحد والنهاية، ولم يأت هذا اللفظ في القرآن الكريم الا مرة واحدة في قوله تعالى: «ذلك مبلغهم من العلم» 30 / النجم. أي حدهم منه ونهايتهم التيوصلوا اليها.
ب ل و
بلا
بلوت فلانا ـ أو بلوت كذا ـ أبلوه من باب نصر، بلوا وبلاء، وأبليته أبليه وابتليته أبتلية: كل ذلك بمعنى جربتهواختبرته. ويكون في الخير والشر، والنعمة والنقمة، وفي الحديث الشريف: (اللهم لا تبلنا الا بالتي هي أحسن).
وقد جاء التصريح بذلكفي الكتاب الكريم حيث يقول جل شأنه:
1 ـ «وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون» 168 / الاعراف.
2 ـ «ونبلوكم بالشر والخير فتنة والينا ترجعون» 35 /الانبياء.
فمن البلاء بالنعمة ما ورد في قوله تعالى: «فلما رآء مستقراً عنده قال هذا من فضل ربي لبلوني أأشكر أم أكفر» 40 / النمل.
ومن البلاء بالنقمةماورد في قوله تعالى: «ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات» 155 / البقرة.
والمعنى الحقيقي الذي هو الاختباروالتعرف انما يكون فيما أسند الى غير الله، أما ما أسند اله تعالى فالمراد به ـ في أي موضع ورد ـ ما يلزم المعنى الحقيقي من اظهار جودة المختبر أو رداءته دون التعرف لحالهوالوقوف على ما يجهل من أمره اذ كان الله علام الغيوب.
فما جاء على المعنى الحقيقي قوله تعالى: «هنا لك تبلو كل نفس ما أسلفت». 30 / يونس.
في قراءة منقرأ «تبلو» بالناء والمعنى تختبر كل نفس وتذوق ما أسلفت من العمل وتعانيه مستتبعاً لآثاره من نفع أو ضر.
ومما أسند الى الله عزوجل قوله تعالى: «و لو شاء اللهلجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم» 165 / الانعام.
أي ليعاملكم معاملة من يختبركم حتى يظهر أمركم.
(أ) ورد من هذه المادة فيالكتاب الكريم، ماضي الثلاثي المجرد ومضارعه ومصدره.
بلونا
فأما الماضي فقد جاء منه «بلونا» في آيتين: 1 ـ «وبلوناهمبا لحسنات والسيئات لعلهم يرجعون» 168 / الاعراف.
أي عاملناهم معاملة من يختبهرم بالنعم والنقم لنظهر حقيقتهم.
2 ـ انا بلوناهم كما بلونا أصحابالجنة. 17 / القلم.
وذلك من البلاء بالنعمة والخير.
نبلو
وأما المضارع فقد جاء في سبعة عشر موضعا تارة متعديا الى الاشخاص،وتارة متعديا الى غيرهم. فمن الاول قوله تعالى: «انا جعلنا ما على الارض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا» 7 / الكهف.
أي لنعاملهم معاملة المختبرلهم.
ومن الثاني قوله تعالى: «انه على رجعه لقادر يوم تبلى السرائر» 9 / الطارق.
أي يوم تختبر لتظهر.
وقد اجتمعا في قوله تعالى:«ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم» 31 / محمد.
بلاء
وأما المصدر فقد ورد في مواضع ستة بمعنى الاختبار فيالنعمة والنقمة كقوله تعالى: 1 ـ «وآتيناهم من الآيات ما فيه بلاء مبين» 33 / الدخان.
الضمير لبني اسرائيل، و قد آتاهم الله آيات من الخيروالشر.
2 ـ «ان هذا لهو البلاء المبين» 106 / الصافات.
الاشارة الى قصة الذبيح.
يبلى
(ب) وورد من هذه المادةأيضاً المضارع من المزيد بالهمزة، وهو «يبلى» و ذلك في موضع واحد هو قوله تعالى: «و ليبلى المؤمنين منه بلاء حسنا» 17 / الانفال. يقال: «أبلاه الله يبليه ابلاء،والاسم بلاء، والمراد بالبلاء الحسن. هنا النصر، أي يختبرهم بالنصر ليئهر كيف تكون حالهم معه.
ويصح أن يكون هذا من قولهم: أبليته كذا أي جعلته بالياً له،خابراً اياه عارفاً بكنهه، والتعريف به كناية عن الاعطاء والتمليك على حد قولهم: «عرفك الله بركاته» أي أعطاكها فعرفنها، وعلى هذا فالمعنى: وليذيقهم النصر ويجعلهم بالينله خابرين اياه.
(ج) وورد من هذه المادة أيضاً، الماضي والمضارع والامر واسم الفاعل من المزيد بالالف والتاء: ابتلى، نبتلى، يبتلى، ابتلوا،مبتل.
ابتلى
1 ـ جاء «ابتلى» مبنياً للمعلوم في موضعين بمعنى الاختبار بالخير والشر. قال تعالى:
«فأما الانسان اذا ماابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن» 15 / الفجر.
«و أما اذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن» 16 / الفجر.
2 ـ وجاء «ابتلى» أيضاً متضمنامعنى التكليف في موضع واحد، هو قوله تعالى: «و اذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فأتمهن» 124 / البقرة.
قالوا معناه: كلفه بخصال معينة فاذاهن بتمامهن، وانما كانالتكليف ابتلاء واختباراً لأنه يظهر به المطيع والعاصي.
ابتلى
3 ـ وجاء على طريقة ما لم يسم فاعله في قوله تعالى: «هنا لك ابتلى المؤمنون و زلزلوازلزالا شديدا» 11 / الاحزاب. نبتلى
وجاء «نبتلى» بمعنى الاختبار في قوله تعالى: «انا خلقنا الانسان من نطقة أمشاج نبتليه» 2 / الانسان. أي خلقناه مريدين ابتلاءه واختباره : أيشكر أم يكفر.
يبتلى
وجاء «يبتلى» في موضعين: أحدهما: جاء الفعل فيه متعديا الىالاشخاص، وذلك هو قوله تعالى: «ثم صرفكم عنهم ليبلتيكم» 152 / آل عمران.
أي ليظهر حالكم.
والآخر: جاء الفعل فيه متعديا الى غير الاشخاص، وذلك هو قولهتعالى:
«وليبتلى الله ما في صدوركم» 154 / آل عمران.
أي ليظهره ويكشفه.
ابتلوا
وجاء «ابتلوا» بصيغة الامر على المعنى الحقيقيوهو الاختبار والتعرف في قوله تعالى: «وابتلوا اليتامى حتى اذا بلغوا النكاح فان آنستم منهم رشدا فادفعوا اليهم أموالهم» 6 / النساء. أي اختبروهم لتعرفواأيحسنون التصرف في الاموال أم لا.
مبتل
وجاء «مبتل» على صيغة اسم الفاعل مسنداً الى الله عزوجل على معنى معاملة الناس معاملة من يختبرهم لنظهرحالتهم، وذلك في آيتين. 1 ـ فلما فصل طالوت بالجنود قال ان الله مبتليكم بنهر» 241 / البقرة.
2 ـ «ان في ذلك لآيات وان كنا لمبتلين» 30 / المؤمنون.