تعرف السنة
السنة: هي قول النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ وفعله وتقريره، الصادر على جهة التشريع، ومما لا شك فيه أن المسلمين متفقون على اعتبار السنة دليلاشرعياً. ولكن لما لم تحظ السنة بما حظي به القرآن الكريم من الحفظ من الزيادة والنقصان، حدث فعلاً زيادة ونقصان، سواء على سبيل الخطأ أو الاختلاف في الفهم فيالرواية بالمعنى، أو على سبيل الكذب والوضع المتعمد، ولذلك ـ وبخاصة بالنسبة لمن يعاصر النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ اختلفت آراء المسلمين وأقوالهم حول ما هي السنةالصحيحة وما هو الموضوع والمكذوب، وما هي المقاييس المعتبرة في تمييز ذلك.
وسنعرض في هذا البحث جملة من تلك الآراء، لنعرف مدى الاختلاف فيما بينها من
(200)
جهة، ونعرف أيضاً وجوه الاتفاق ووحدة المقاصد فيها من جهة أخرى.
آراء المذاهب الإسلاميّة حول السنة
أولاً: الزيدية:
بالنسبة لمكانة السنة ـ فإن الزيدية تعتبر السنة المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن وأن السنة لا يمكن أن تتعارض مع القرآن، وليس حاكمة عليه وإنّما هي بمنزلة المفسروالمبين للقرآن. وأما فيما يتعلق بالتمييز في معرفة الصحيح من غير الصحيح منها، وما يقبل وما لا يقبل، فسنطرح ذلك بعرض أقوال بعض أئمة الزيدية الذين تناولوا هذاالموضوع بالبحث المستفيض وتوصلوا إلى الخلاصة التالية:
قال الامام القاسم بن محمد t اختلف الناس فيما يؤخذ به من سنة رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ، فعندالقاسم بن إبراهيم والهادي إلى الحق وآبائهم ـ رضي الله عنهم ـ أن من لم يدرك رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ ولا سمع منه مشافهة أن لا يقبل من الحديث إلاّ ما كان متواتراأو مجمعا على صحته أو كان رواته ثقاتا، وله في كتاب الله أصل وشاهد(1).
ثانياً: الإمامية: (الأثنا عشرية):
بنقل من كلام السيد محمد باقر الصدر، أحد أعلامهم،قال رحمه الله في تعريف السنة: 1 ـ الاعتصام بحبل الله المتين: 1 ـ 10.