احتلال العراق و تداعیاته نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

احتلال العراق و تداعیاته - نسخه متنی

فهمی هویدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

السياسي. والتطلع إلى ثروات الدول المحتلة، ان شئت فقل انها امبرياليةجديدة، مارست نفس الاسلوب التقليدي مع اختلاف في العناوين والاخراج.

* ـ أن ذلك الاحتلال أدى إلى انتزاع رقعة عزيزة وغالية من قلب العالم العربي، ويحاول الآن أنينقل تلك الرقعة إلى أفق آخر، يتمثل في الإلحاق بالنموذج الغربي - الاميركي خاصة - كما يتمثل في فرض التطبيع مع اسرائيل عليه. واذا تحقق للأميركيين ما يريدون فإن تآكلالعالم العربي سيتقدم خطوة إلى الأمام، إذ سيتم اقتطاع العراق في القرن الواحد والعشرين،.

* ـ أن الاحتلال أدى إلى اسقاط نظام استبدادي وحشي، جثم على صدرالعراقيين لأكثر من ثلاثة عقود، وان أدى ذلك إلى اطلاق سراح الشعب العراقي، فإنه اخضعه لحكم سلطة أجنبية، مارست بحقه قهرا واذلالا من نوع آخر.

* ـ أن المواجهةالراهنة هي بالدرجة الأولى بين الغرب والمسلمين وبين المشروع الامبريالي والامبراطوري الأميركي، فلا هي بين العرب والغرب بعامة، ولا هي بين الغرب والإسلام، وينبغي أننلاحظ في هذا الصدد أن حملة معارضة الحرب كانت ومازالت عالمية، شاركت فيها مختلف شعوب العالم بما في ذلك الشعب الاميركي ذاته، كما وقفت الكنائس الغربية ضد الحرب. وكانالفاتيكان من معارضيها، الأمر الذي يتعين معه استبعاد اطلاق وصف 'الصليبية' على تلك الحرب.

ما الذي يعنيه الغزو بالنسبة للعراق؟

ألخص الاجابةعلى السؤال في أن العراق انتقل من كارثة إلى كارثة، في الكارثة الأولى التي خضع فيها لحكم النظام البعثي فقد العراق حريته وكرامته، وفي كارثة الاحتلال فإنه فقداستقلاله، ويريدون له ان يفقد هويته أيضا. لا مجال - ولا جدوى - للتفصيل فيما كان، لأن الكائن الآن هو الأهم، بعد ما أصبح مصير العراق بأيدي السلطة الأمريكية وليس بأيديالعراقيين، الذين لا يلوح في الأفق أنهم سوف يستردون حقهم في ادارة شؤون بلادهم في عهد قريب، خصوصا وأن التقديرات الاميركية تشير إلى أنهم سيبقون في العراق لمدة سنتينعلى الأقل، وأن هناك ترتيبا لاقامة ثلاث قواعد عسكرية دائمة للأميركيين هناك، فضلا عن ذلك فالحديث متواتر على 'اعادة تأهيل' العراقيين لمرحلة مابعد سقوط نظام الرئيسصدام حسين. والمقصود بذلك تنصيب الموالين للولايات المتحدة في مواقع القيادة والادارة، ووضع دستور جديد للبلاد (مرشح لهذه المهمة يهودي أميركي) واخضاع وسائل الاعلامللسياسة والتوجيهات الأميركية، ووضع كتب ومناهج دراسية جديدة علمانية التوجه. ومتصالحة مع الولايات المتحدة واسرائيل.

ثمة مقاومة للاحتلال تنشر الصحف أخبارهايوما بعد يوم، وثمة مشاعر مكتومة بدأت تعبر عن نفسها سواء بين الشيعة والأكراد والتركمان وغيرهم، وثمة أحزاب سياسية .

بلا حصر بدأت تظهر على سطح المجتمع، بعضهااحياء وامتداد للقديم والبعض الآخر جاء جديدا، وثمة فراغ شبه كامل عجزت سلطة الاحتلال عن ملئه، وهناك سباق على ذلك بين مختلف التيارات والقوى، وفي ذلك الخضم، ثمة دعواتلتشكيل حكومة وطنية، لم تبد سلطة الاحتلال حماسا لها في الوقت الراهن. وآثرت أن تبقي على السلطة الحقيقية في يدها بينما يشكل العراقيون 'مجلسا استشاريا' له سلطاتهالمتواضعة، والى أن تشكل تلك الحكومة المنشودة فإن الأمل ضعيف في استقرار الأوضاع بالعراق. ومن ثم فان احتمالات الفوضى التي سبقت الاشارة إليها ستظل واردة.

عربيا وإسلاميا، ماذا يعني الغزو؟

لعلي لا أبالغ اذا قلت ان التأثيرات الكارثية للغزو على المستوى العربي والإسلامي لا تقل عن مثيلاتها على المستوى الوطنيالعراقي، بل هي من حيث الكم اضعاف ما أصاب العراق، كيف ولماذا؟

لايكاد يختلف اثنان على ان ماجرى في العراق هو بمثابة زلزال من الناحية الاستراتيجية، لم يوجه ضربةموجعة لعناصر القوة العربية فحسب، وانما أدى إلى خلل كامل في ميزان القوة لصالح اسرائيل، وهي التي سعت إلى قصف المفاعل النووي العراقي في عام 1981، وبعد 22 عاما اكملتالولايات المتحدة المشوار بالقضاء على القوة العسكرية العراقية وتفكيكها. ولا غرابة في ان تنتهز القوى المساندة لاسرائيل في البيت الأبيض تلك الفرصة النادرة لكي تحاولأن تفرض حلا للقضية الفلسطينية المعلقة منذ أكثر من نصف قرن، ذلك أن بلوغ الضعف العربي ذروته، وتجريد الأمة العربية من عناصر القوة فيها هو أفضل توقيت للانقضاض علىالعالم العربي، وعلى الفلسطينيين بالدرجة الأولى. ومطالبتهم بالتنازل عن حق العودة وعن القدس وعن حقهم في استرداد كافة أراضيهم التي احتلت في عام 1967.

وفي حينكان احتلال العراق من هذه الزاوية بمثابة هزيمة للعرب جميعا، فإنه كان انتصارا كبيرا لاسرائيل، التي وجدت الجبهة العربية في ضعف متزايد. وأن جبهتها الغربية التي يقبعفيها الأردن والعراق جرى تأمينها بالكامل، وهو ما فتح شهيتها للضغط على سوريا التي استجابت بسرعة وأغلقت مكاتب حركتي 'حماس' و'الجهاد'، بل أن ذلك شجع بعض الاصوات النافذةالتي بدأت تتحدث في تل أيب عن محور جديد يضم اسرائيل والأردن والعراق، وغني عن البيان أن العراق الجديد سيكون معترفا باسرائيل، التي ستحصل منه على النفط بسعر أقل طبقاللوعود الأميركية، وفي هذا السياق أعلن عن الاعداد لإعادة تشغيل خط أنابيب البترول الذي كان يربط في السابق بين كركوك في العراق، وميناء حيفا في اسرائيل.

اعترافالنظام الجديد في العراق باسرائيل، يعد اختراقا من شأنه أن يوسع من دائرة التطبيع مع العالم العربي، وليس هناك شك في أن ذلك الاختراق سوف يستصحب اختراقا موازيا للعالمالإسلامي، شهدنا بوادر له فيما اعلن عن اتصالات جرت بين وزير الخارجية الأفغاني الدكتور عبد الله عبد الله ونظيره الاسرائيلي سيلفان شالوم، وما تناقلته التقاريرالدبلوماسية من تقارير بين محور آخر في آسيا يضم اسرائيل والهند وأفغانستان.

هذا الصعود الاسرائيلي سيفتح الأبواب في الأغلب لردود أفعال متعددة في العالمالعربي، حيث من الطبيعي ان يستنفر تيارات المقاومة خصوصا في أوساط الشعب العراقي، الذي يعرف الجميع كم هي متجذرة في أعماقه عناصر الانتماء العربي والإسلامي، ولن تستغرباذا ما ظهرت تجليات العنف والغضب في أنحاء العالم العربي من جراء ذلك الصعود، الذي اقترن بالاحتلال الأميركي لقطر عربي له مكانته الخاصة في الوجدان العربي، التاريخيوالمعاصر.

لقد تابع كثيرون مظاهر الحضور الشيعي البارز في العراق خلال الاسابيع التي اعقبت سقوط النظام البعثي، وهو الذي تجلى في اشهار أنشطة المنظمات الشيعية،كما تجلى في احياء ذكرى استشهاد الامام الحسين. بمدينة كربلاء المقدسة، هذا الحضور من ارهاصات الصحوة الشيعية في العالم العربي، التي كانت قد تلقت دفعة قوية بعد نجاحالثورة الإسلامية في ايران (عام 1979)، جد منها الجهد الذي بذل لتعميق الهوة بين العرب والفرس، خصوصا مع اندلاع شرارة الحرب العراقية الايرانية، لكن الأمر اختلف هذه المرة،لأن الحضور الشيعي حدث في بلد عربي، الأمر الذي لا يستبعد معه أن يكون له صداه في الاقطار العربية الأخرى، وقد لمسنا أثرا لذلك في المذكرة التي قدمها إلى ولي العهدالسعودي الأمير عبد الله ممثلو الشيعة في المنطقة الشرقية، وتضمنت المطالبة ببعض الاستحقاقات التي تساوي بين حظوظهم وحظوظ أهل السنة.

يجدر الانتباه في هذاالصدد أن ورقة العلاقات الشيعية السنية استخدمت إبان الاحتلال البريطاني في عشرينيات القرن الماضي، للوقيعة بين الكتلتين الكبيرتين في العراق، ولا يستبعد أن يلجأالأميركيون إلى ذات الاسلوب اذا ازدادت الضغوط المطالبة برحيل الاحتلال عن البلاد.

لا يفوتنا في هذا الصدد أن نشير إلى أن الاحتلال الأميركي للعراق اذا كان قدوضع أيدي الأميركيين على ثاني أكبر مخزون للنفط في العالم (السعودية تحتل المرتبة الأولى)، ومن ثم عزز قبضتهم على أحد أهم مصادر الطاقة في العالم، فانه أدى في الوقت ذاتهإلى احكام الحصار الاستراتيجي من حول ايران، وهي الدولة التي تعتبرها الولايات المتحدة واسرائيل على رأس خصومهما، إذ بعد الاحتلال فان ايران اصبحت مطوقة بالوجودالعسكري الأميركي من كل صوب، الأمر الذي يشكل ضغطا على ايران لا يمكن تجاهله، وهو ما ادركه المسؤولون في واشنطن، وشجعهم على توجيه ضغوطهم السياسية على طهران من خلالالحديث عن دعمها للإرهاب تارة، وسعيها لامتلاك القدرة النووية تارة أخرى، وتشجيعها للشباب الايراني للتمرد على حكومتهم تارة ثالثة، وليس هناك شك في أن الضغوط ضد ايرانستتواصل من جانب الولايات المتحدة. بأمل تطويعها، وهي المهمة التي تشجعها اسرائيل وتحث عليها بكل الوسائل؛ بسبب قلق اسرائيل من القدرة العسكرية الايرانية ومن دعم طهرانلحزب الله.

اننا اذا القينا نظرة على الخريطة الاستراتيجية للعالم العربي والإسلامي، سنجد أن احتلال العراق أدى إلى اضعاف العالم العربي في مواجهة الولاياتالمتحدة واسرائيل، كما أن استهداف ايران اذا حقق مراده. فسوف يسهم في اضعاف العالم الإسلامي الذي تعد ايران أحد أعمدته . وهذا الاضعاف ليس مقصورا على النواحيالاستراتيجية العسكرية فحسب، وانما من شأنه أيضا أن ينسحب على العلاقة الحضارية بين العالم الإسلامي والغرب، وهذه النقطة الأخيرة تحتاج الى تحرير.

ينبغي أننلاحظ أولا أن الولايات المتحدة تبنت فكرة تغيير الأنظمة، كما حدث في افغانستان والعراق ومع قيادة السلطة الفلسطينية، وهذا التوجه شجع انصار الملكية في إيران علىالتطلع إلى استعادة سلطانهم. ينبغي أن نلاحظ ايضا أن ثمة ضغوطا أميركية قوية نحو اعادة النظر في مناهج التعليم، وتقييد التعليم الديني بوجه أخص، وهو ما تحقق في بلدان عدة.فلجأت إما إلى وضع المدارس الدينية تحت اشراف الحكومة، كما حدث في باكستان واليمن، أو وضع مناهج علمانية جديدة، كما هو الحاصل الآن في العراق، أو إلى 'تنقيح' المناهجالقائمة من خلال الحذف والاضافة، كما حدث في دول عربية أخرى كثيرة.

هذه المؤشرات تدل على أن التدخل الأميركي ذهب إلى حد محاولة إعادة صياغة العقل العربيوالإسلامي، سواء لكي يصبح أكثر قبولا للنموذج الغربي أو أكثر اقترابا منه، وليس خافيا أن الضغوط الأميركية تمارس بشكل مواز مجالات أخرى فيما يتعلق بالمرأة والمنظماتالأهلية وحقوق الانسان وغير ذلك، وليس هناك شك في أن تنشيط تلك القطاعات من الأهمية بمكان ، ولكن مأخذنا الوحيد ينصب على مبدأ التدخل الخارجي لاحداث ذلك التنشيط المنشود.لأن حركة المجتمع المدني لابد أن تنبع من داخل المجتمع وليس من خارجه، يتصل بذلك المأخذ أن التدخل الخارجي يعكس بطبيعته استراتيجية الخارج وأولوياته. وهو ما لمسناه بوضوحفي برامج الجمعيات الأهلية التي اعتمدت على التمويل الخارجي، حيث وجدنا أن هذه البرامج مرتبطة إلى حد كبير بالاجندة الخاصة لجهات التمويل الخارجي.

الخلاصة التيأريد التنبيه إليها أن التدخلات الأميركية في المجالات السياسية والثقافية والاجتماعية تتمثل في النموذج العلماني الأميركي، وهو أمر طبيعي ومفهوم، لكن المشكلة تنشأحين يجري فرض ذلك النموذج على المجتمعات العربية والإسلامية أو الترويج له من خلال القوانين أو برامج التعليم أو أنشطة الجماعات الأهلية، لذلك فلسنا نبالغ اذا قلنا أنمن شأن الاحتلال وتداعياته أن يؤثر على الهوية الحضارية للمجتمعات العربية والاسلامية.

نخطئ اذا تصورنا أن ضغوطا من هذا القبيل يمكن ان تمارس دون أن تحدث ردفعلها المعاكس أو المقاوم في العالم العربي والإسلامي ، والتجربة علمتنا أن التغريب هو أحد المصادر الذي يتغذى منها التطرف والعنف، وهو ما حدث في مصر حين لجأ الرئيسالراحل انور السادات إلى تطبيق ما اطلق عليه سياسة 'الانفتاح' التي استقبل المجتمع المصري في ظلها رياحا قوية للتغريب، صدمت أجيال الشباب المتدين، فدفعت بعضهم إلى الردبوسائل مختلفة، تراوحت بين هجرة المجتمع وتكفيره، الأمر الذي أدى إلى ظهور جماعات دعت إلى تغيير المنكر باليد، وأدى إلى مانعرف من اشتباكات واصطدامات ومحاكماتواعدامات وغير ذلك.

قياسا على هذه الخلفية، فينبغي أن نتوقع اتساع رقعة العنف المضاد، الذي يجيء تعبيرا عن رفض ضغوط التغريب، التي تعد قبيل القهر الثقافي الذييسعى إلى فرض النموذج العلماني الغربي بمختلف قيمه، التي نعرفها في أوروبا وأميركا على الواقع العربي والإسلامي، وبين الثقافتين تعارض في مسائل جوهرية يتعلق بعضهابفلسفة الرؤية الدينية والعلاقة مع الله، ويتعلق البعض الآخر بالشق الاجتماعي الذي تختلف فيه القيم بصورة جذرية عنها في النموذج الغربي.

الغضب هذه المرة سيكونمصدره الغيرة على البنية الحضارية الذي اذا انضاف إلى الغضب الناشئ عن الاحتلال والهيمنة السياسية. فمن شأن ذلك أن يضاعف من جرعة التوتر ورقعته، وبالتالي توفير تربةمواتية للتطرف، واحتمالات العنف الفكري والمادي.

تحسبا لهذه الاحتمالات فان الولايات المتحدة لجأت إلى التضييق على العرب والمسلمين في أراضيها، واستنفرت فيذلك الدول الاوروبية التي لجأ أكثرها إلى اتخاذ اجراءات مماثلة، لقد صادرت الولايات المتجدة أموال أغلب الجمعيات الإسلامية العاملة على أراضيها،حتى تلك التي كانت ترعىالأرامل والأيتام في الأرض المحتلة، أو تلك التي كانت انشطتها ثقافية بحتة، كما اخضعت المساجد للرقابة، وفحصت أوضاع كل القادمين من البلاد الإسلامية المقيمين علىأراضيها، ونقلت وكالات الأنباء إن 13 ألفا منهم مهددون بالترحيل والطرد من البلاد بسبب مخالفات بسيطة، تذرعت بها أجهزة الادارة الأميركية لاقصائهم، أما الذين تماحتجازهم من المسلمين فقد حرموا من كافة حقوقهم المدنية والقانونية، الأمر الذي أثار منظمات الحقوق المدنية، لكن الادارة الأميركية لم تلق بالا إلى احتجاجاتهم .

حدث ذلك وسط حملات اعلامية مكثفة أثارت الشكوك والمخاوف من كل ما ينتسب إلى الإسلام، وكان لهذه الحملة صداها في أوروبا التي بدأت تنظر بعين الارتياب والقلق إلىالمسلمين وتصر على ادماجهم في ثقافتها وتقاليدها، بل وتلاحق المحجبات في المدارس والوظائف العامة بحجة أن ظهورهن بالحجاب يمثل انتهاكا لتقاليد العلمانية.

لايحتاج المرء إلى بذل جهد كبير لكي يدرك أن مثل هذه الحملات تعمق من شعور السخط والتوتر بين المسلمين في هذه الدول، الأمر الذي يعمق من الفجوة بين المسلمين وبين الدولالتي يعيشون فيها.

غير أن ذلك كله في كفة وصدى الاحتلال في الساحة الدولية في كفة أخرى، واذا طرحت السؤال لماذا، فردي عليه كما يلي:

* ـ لأن الحرب التيشنتها الولايات المتحدة تمت خارج القانون وخارج الشرعية، ومعلوم أن الادارة الأميركية فشلت في الحصول على قرار من مجلس الأمن يخولها غزو العراق، مما دفعها إلى ازدراءالمجلس، والاصرار على المضي قدما في الحرب، متذرعة بوجود أسلحة الدمار الشامل في العراق، وهي الحجة التي ثبت كذبها حتى الآن، وتبين لاحقا أن الادارة الأميركية ضغطت علىالأجهزة الأمنية المعنية لكي تستخلص منها تقارير تؤيد إدعاءها، الأمر الذي شكك كثيرا في صدقية قراراتها السياسية.

* ـ ولأن غزو العراق تم في ظل الرؤية الأميركيةالامبراطورية التي تتطلع إلى بسط الهيمنة على العالم والتفرد بتقرير مصير النظام الدولي، وهو ما أثار قلق حلفائها في أوروبا، مما أدى إلى حدوث انقسام في المعسكر الغربي،وقفت فيه ألمانيا وفرنسا في جانب، والولايات المتحدة وانجلترا في جانب آخر.

* ـ ولأن عملية الغزو تمت في إطار استراتيجية استباق الخطر التي اعلنتها واشنطن،وبمقتضاها اعطت لنفسها الحق في أن تقوم بعمل عسكري ليس ردا على عدوان كما تقرر المواثيق الدولية، وإنما لا جهاض عدوان محتمل. وهذا شيء جديد تماما يفتح الباب لشرور كثيرة،اذا ما انتهجت دول أخرى ذات الخط ، وهو ما أفادت منه اسرائيل في قمعها للفلسطينيين، وتحدثت صحف الهند عن حق نيودلهي في توجيه 'ضربات استباقية' مماثلة إلى باكستان (بحجة دعمالتمرد في كشمير) وسوغ به الروس سحقهم للشيشانيين.

* ـ ولأن الغزو بمثابة انتصار لتيار الغلاة والمتطرفين في الادارة الأميركية، وهم الذين يكنون عداء شديداللعرب والمسلمين بعامة، بحكم تواطئهم مع اسرائيل وتبنيهم لمخططاتها ومصالحها، وهؤلاء الرابح الأول من الحرب (اسرائيل الرابح الأول مكرر). وهذا الفوز من شأنه أن يعززمكانة الغلاة الأمر الذي قد تكون له تداعياته السلبية على الحريات المدنية داخل الولايات المتحدة، وتداعياته المماثلة في السياسة الخارجية الأميركية، وما التحرشبايران إلا نموذج لتلك التداعيات الاخيرة.

* ـ ولأن احتلال العراق، الذي هو في الوقت ذاته اغتصاب لبلد عريق له مكانته في العالم العربي والإسلامي، وقد استصحبضغوطا متزايدة على المسلمين في الولايات المتحدة وأوروبا، من شأنه أن يضيف مصدراً آخر للتوتر وعدم الثقة بين المسلمين والعالم الغربي، رغم الطبيعة الخاصة للمواجهة التيسبقت الاشارة إليها. هذا الفوز لا يساعد بحال على الاستقرار الدولي، ونرجو ألا يؤدي إلى تصعيد عمليات العنف والفوضى في العالم، واذا صح ذلك فمن حقنا أن نقول أن الاحتلالدفع العالم خطوات إلى الوراء، ولم يمثل خطوة إلى الامام كما يدعون، هذا اذا استثنينا مسألة اسقاط النظام البعثي وطي صفحة شروره.

/ 2