اسباب الاختلاف التي تختص بها السنة
سماحة الشيخ محمّد محمّد المدني (رحمه الله) القسمالثالث والأخير
1 ـ بلوغ الحديث أو عدم بلوغه. 2 ـ قبول الحديث أو عدم قبوله.
3 ـ أمثلة من نقد الحديث : نقد ابن حزم لحديث في زكاة الفطر.
4 ـنقد الحنفية لحديث المصراة.
5 ـ تحقيق في أساس القبول : لا ينبغي أنّ ترفض الرواية لمجرد صدورها من مخالف في المذهب.
6 ـ المعول عليه هو كون الراوي صادقاً.
7 ـ رأي الرازي.
8 ـ رأي ابن حزم .
9 ـ هل يجب بيان سبب التعديل والتجريح.
10 ـ السنة تأخذ برواية الشيعة والشيعة تأخذ برواية السنة والعبرةعند الجميع بصدق الراوي.
من أهم أساب الاختلاف في السنة:
1 ـ بلوغ الحديث أو عدم بلوغه: 2 ـ قبول الحديث أو عدم قبوله وهو من جهتين :
أ ـ من جهة النظر في السند:
ب ـ ومن جهة النظر في المتن.
أوّلاً : بلوغ الحديث أو عدم بلوغه :
1 ـ كان أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ همالّذين أخذوا منه ورووا عنه ، وكانوا متفاوتين في حظهم من الأخذ ، وفي إقبالهم على الرواية ، فكان رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ يسأل عن المسألة ويحكم بالحكم ، ويأمربالشيء أو ينهى عنه ، ويفعل الشيء أو يعرض عنه ، فيعي ذلك من يحضره ، ويغيب عمن غاب عنه. فلما توفي رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ تفرق أصحابه في البلاد ، فأخذأهل كلّ بلد عمن لديهم من الأصحاب ، وفي ذلك يقول ابن حزم : (فقد حضر المديني ما لم يحضر البصري ، وحضر البصري مالم يحضر الشامي وحضر الشامي ما لم يحضر البصرة وحضر البصريومالم يحضر الكوفي ، وحضر الكوفي ما لم يحضر المديني ، كلّ هذا موجود في الآثار ، وفي ضرورة العلم بما قدمنا من مغيب بعضهم عن مجلس النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في بعضالأوقات وحضور غيره ، ثم مغيب الذي حضر أمس وحضور الذي غاب ، فيدري كلّ واحد منهم ما حضر ، ويفوته ما غاب عنه ، هذا معلوم ببديهة العقل ، وقد كان كعلم التيمم عند عمار وغيره، وجهله عمر وابن سمعود فقالا : لا يتيمم الجنب ولو لم يجد الماء شهرين ، وكان حكم المسح عند علي وحذيفة ـ رضي الله عنهما ـ وغيرهما ، وجهلته عائشة وابن عمر وأبو هريرة وهممدنيون ، وكان توريث بنت الابن مع البنت عند ابن مسعود وجهله أبو موسى...) (1).
فمن أمثلة ذلك : ما أخرجه مسلم : من أنّ ابن عمر كان يأمر النساء إذا اغتلسن أنّ ينقضنرؤوسهن ، فسمعت عائشة بذلك فقالت : يا عجباً لابن عمر ! هذا يأمر النساء إذا اغتسلن أنّ ينقضن رؤوسهن ، أفلا يأمرهن أنّ يحلقن رؤوسهن ؟! لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله ـ صلىالله عليه وآله وسلم ـ من إناءٍ واحدٍ ، وما أزيد على أنّ أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات (2).
ومنها : ما ذكره الزهري : من أنّ هنداً لم تبلغها رخصة رسول الله ـ صلى اللهعليه وآله وسلم ـ في المستحاضة ـ ويه التي ينزل عليها الدم بعد أقصى مدة الحيض ـ فكانت تبكي لأنها لا تصلي (3).
ومنها : ماروي عن رفاعة بن رافع قال : بينا أنا عند عمربن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ إذ دخل عليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين ، هذا زيد بن ثابت يفتي الناس في المسجد برأيه في الغسل من الجنابة ، فقال عمر : علي به ، فجاء زيد ، فلمارآه عمر قال : أي عدو نفسه ! قد بلغت أنّ تفتي الناس برأيك ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، والله ما فعلت ، ولكن سمعت من أعمامي حديثاً فحدثت به من أبي أيوب ، ومن أبي بن كعب ، ومنرفاعة بن رافع ، فقال عمر : علي برفاعة بن رافع ، فقال : قد كنتم تفعلون ذلك إذا أصاب أحدكم المرأة فأكسل أنّ يغتسل ؟ فقال : قد كنا نفعل ذلك على عهد رسول الله ـ صلى الله عليهوآله وسلم ـ لم يأتنا فيه عن الله تحريم ، ولم يكن فيه عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ شيء ، فقال عمر : ورسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يعلم ذلك ؟ قال : ماأدري ، فأمر عمر بجمع المهاجرين والأنصار ، فجمعوا وشاروهم ، فشار الناس أنّ لا غسل إلاّ ما كان من معاذ وعلي ، فإنهما قالا : إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل ن فقال عمر :هذا وانتم أصحاب بدرٍ قد اختلفتم ، فمن
بعدكم أشد اختلافاً ! فقال علي : يا أمير المؤمنين ، إنه ليس أحد أعلم بهذا من شأن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ منأزواجه ، فأرسل إلى حفصة ، فقالت : لا علم لي فأرسل إلى عائشة ، فقالت : إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل ، فقال : لا أسمع برجل فعل ذلك إلاّ أوجعته ضرباً ، يريد عدمالاغتسال من الإكسال (4).
2 ـ ثم جاء بعد ذلك عصر التابعين ، فأخذ كلّ بما علم من رواية من الصحابة ، وغاب عن بعضهم كذلك ما علمه غيرهم ، ثم أتى بعد التابعين فقهاءالأمصار ، كأبي حنيفة ، وسفيان ، وابن أبي ليلى ، وابن جريح ، ومالك ، وابن الماجشون ، وعثمان البتي ، وسوار ، والأوزاعي ، والليث ، وزيد بن علي ، وجعفر بن محمّد ، وغيرهم ،فمنهم : من كان في الكوفة ، ومنهم : من كان بمكة ، ومنهم : من كان بالبصرة ، ومنهم : من كان بالمدينة ، ومنهم : من كان بالشام ومنهم : من كان بمصر ... إلى آخره . فجروا على تلكالطريقة من أخذ كلّ واحدٍ منهم عن التابعين من أهل بلده فيما كان عندهم ، واجتهادهم فيما لم يجدوه عندهم وهو مووجود عند غيرهم (5).
ثانياً : قبول الحديث أوعدم قبوله :
قد يقبل بعض المجتهدين حديثاً لتوافر شروط القبول في نظره ، ويرده آخر لعدم توافر شروط القبول عنده ، ويقع ذلك على وجوه : منها : ما يرجع إلى السند،ومنها : ما يرجع إلى المتن. أ ـ فما يرجع إلى السند:
1 ـ ما استدل به الشافعية من حديث مروي عن عبادة بن الصامت ، حيث قال : 'صلّى رسول الله ـ صلى الله عليهوآله وسلم ـ الصبح فثقلت عليه القراءة فلما انصرف قال : إني أراكم تقرأون وراء إمامكم ، قال : قلنا يارسول الله : إي والله ، قال : لا تفعلوا إلاّ بأمالقرآن ، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها' (6) رواه أبو داود والترمذي.
وقد استدل الشافعية بهذا الحديث فيما استدلوا به على وجوب قراءة الفاتحة على المأموم ، وفي هذاالحديث يقول ابن قدامة المقدسي صاحب المغني : (حديث عبادة لم يروه غير ابن إسحاق ونافع بن محمود بن ربيع ، وبان إسحاق مدلس ، ونافع أدنى حالاً منه.
وهذا النوع كثير، وهو اساس هام من أسس الخلاف ، ولا سيما بين السنة والإمامية والزيدية ، فكل فريق منهم يرى أحاديث ثبتت عنده لا يراها الآخر ، بسبب تجريحهم من رواها ، أو عدم الأخذ عنهلأمر آخر قام لديهم) (7).
2 ـ ومن ذلك : اختلافهم في العمل بالحديث المرسل ـ وهو قول غير الصحابي :
قال رسلو الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فبعضهم يرى العملبه ، وبعضهم لا يرى ذلك .
قال ابن الصلاح : (الاحتجاج به مذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابهما في طائفة، والشيعة يأخذون بالمرسل إذا علم من حال مرسله أنّه لا يرسل عن غيرالثقة فينظمونه في سلك الصحاح ، كمراسيل محمّد بن أبي عمير) (8).
ويقول ابن كثير : إنّ الاحتجاج به محكي عن الإمام أحمد بن حنبل في رواية ، وأما الشافعي فنص على أنّ مرسلات سعيد بن المسيب حسان ، قالوا : لأنه تتبعها فوجدها مسندةً ، والذي عول عليه كلامه في 'الرسالة' أنّ مراسيل كبار التابعين حجة إنّ جاءت وجهٍ آخر ولو مرسلة ، أواعتضدت بقول صحابي أو أكثر العلماء ، أو كان المرسل لو سمي لا يسمى إلاّ ثقة ، فحينئذ يكون مرسله حجة، ولا ينتهي إلى رتبة المتصل) (9).
3 ـ وقد يقع في نفس من بلغهالحديث أنّ راويه قد وهم ولم يحفظ . وقد نقل مثل هذا عن الصحابة وعمن بعدهم:
ومن أمثلة ذلك على عهد الصحابة : ما فعلته عائشة في الخبر الذي رواه ابن عمر عن ـ صلىالله عليه وآله وسلم ـ : من أنّ الميت يعذب ببكاء أهله عليه ، فقضت عائشة عليه بأنه لم يأخذ الحديث على وجهه : مر رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ على يهودية يبكيعليها أهلها فقال : 'إنهم يبكون عليها وإنها تعذب في قبرها'(10). فظن العذاب معلولاً للبكاء ، فجعل الحكم عاماً على كلّ ميت.
وشبيه بهذا فيما بعد الصحابة ما رواه ابنماجة ، عن إسماعيل بن محمّد الطلحي ، عن ثابت بن موسى العابد الزاهد ، شريك الاعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر مرفوعاً : 'من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار' (11).قال الحكم :دخل ثابت على شريك وهو يملي ويقول : حدثنا الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر قال ، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وسكت ليكتب المستملي ، فلما نظر إلى ثابت قال ـ :'من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار' قوصد بذلك ثابتاً لزهده وورعه ، فظن ثابت أنّه متن ذلك الإسناد فكان يحدث به ، وقال ابن حبان : إنما هو قول شريك قاله عقب حديثألأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر مرفوعاً : 'يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم' فأدرجه ثابت في الخبر(12).
ب ـ ومما يرجع إلى المتن:
1 ـ نقد ابن حزم لحديث قيل :إنّ الحسن رواه عن ابن عباس جاء فيه : أنّه خطب في آخر رمضان على منبر البصرة ، فقال : أخرجوا صدقة صومكم ، فكأن الناس لم يعلموا ، فقال : من ها هنا من أهل المدينة ؟ فقومواإلى إخوانكم فعلموهم فإنهم لا يعلمون فرض رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ هذه الصدقة صاعاً من تمر أو شعير ، أو نصف صاع من قمح على كلّ حر أو مملوك، ذكر أو أنثى ، صغير أو كبير ، فلما قدم علي ـ عليه السلام ـ رأى رخص الشعير ، قال : قد أوسع الله عليكم فلو جعلتموه صاعاً من كلّ شيء.
قال ابن حزم : وهذا الحديث قبلكلّ شيء لا يصح ؛ لوجوه ظاهرة :
أولها : أنّ الكذب والتوليد والوضع فيه ظاهر كالشمس ؛ لأنه لا خلاف بين احد من أهل العلم بالأخبار أنّ يوم الجمل كان لعشر خلون منجمادى الآخرة سنة ست وثلاثين ، ثم أقام علي ـ عليه السلام ـ بالبصرة في جمادى الآخرة ، وخرج راجعاً إلى الكوفة في صدر رجب ، وترك ابن عباس بالبصرة أميراً عليها ، ولم يرجععلي بعدها إلى البصرة ، هذا ما لا خلاف فيه من أحد له علم بالأخبار ، وفي الخبر المذكور ذكر تعليم ابن عباس أهل البصرة صدقة الفطر ، ثم قدم علي بعد ذلك ، وهذا الكذب البحثالذي لا خفاء فيه .
ووجه ثان : أنّ الحسن لم يسمع من ابن عباس أيام ولايته البصرة شيئاً ، ولا كان الحسن ـ حينئذ ـ بالبصرة ، وإنما كان بالمدينة ، وهذا مما لا خلاففيه بن أحد من نقلة الحديث .
وأيضاً وجه ثالث : فإنه حديث مفتعل لا يصح ؛ لأن البصرة فتحها وبناها ـ سنة أربع عشرة من الهجرة ـ عتبة بن غزوان المازني ، بدري مدني ،ووليها بعد المغيرة بن شعبة ، وأبو موسى ، وعبدالله بن عامر ، وكلهم مدنيون ، ونزلها من الصحابة أكثر من ثلاثمائة رجل ، منهم : عمران بن الحصين ، وأنس بن مالك ، وهشام بنعامر ، والحكم بن عمرو ، وغيرهم ، وفتحت أيام عمر بن الخطاب ، وتداولها ولاته إلى أنّ وليها ابن عباس بعد صدر كبير من سنة ست وثلاثين من الهجرة ، فلم يكن في هؤلاء من يخبرهمبزكاة الفطرة ، بل ضيغوا ذلك وأهملوه ، واستخفوا به أو جهلوه مدة أزيد من اثنين وعشرين عاماً وهي مدة خلافة عمر بن الخطاب وعثمان ، حتّى وليهم ابن عباس بعد يوم الجمل.
أترى عمر وعثمان ضيعا إعلام رعيتهما هذه الفريضة ؟ أترى أهل البصرة لم يحجوا أيام عمر وعثمان ، ولا دخلوا المدينة ، فغابت عنهم زكاة الفطرة إلى ما بعد يوم الجمل ؟ إنّ هذا لهو الضلال المبين ، والكذب المتفرى ، ونسبة البلاء إلى الصحابة رضوان الله عليهم ، إنّ هذا الخبر ما يدخل تصحيحه في عقل سليم ، وما حدث الحسن ـ والله أعلم ـ بهذاالحديث إلاّ على وجه التكذيب له ، لا يجوز غير ذلك (13).
ولا شك أنّ هذا نقد جيد يدل على تعمق في البحث ، وطول باع.
ومن ذلك : موقف الحنفية من الحديث المعروفبحديث 'المصراة' (14)، وهو ما روى عن أبي هريرة ، عن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أنّه قال : 'لا تصروا الإبل والغنم ، فمن ابتاعها بعد فهو بخير النظرين بعد أنّ يحلبها :إنّ شاء أمسك ، وإن شاء ردها وصاعاً (15).من تمر' (16).
فمقتضى هذا الحديث أنّ للمشتري أنّ يرد ، وعليه في هذه الحالة أنّ يدفع للبائع صاعاً من تمرٍ ، سواء كان اللبنقليلاً أم كثيراً ، وأن اللبن لا يرد للبائع كأن التمر بدل منه.
وثبوت الخيار بالتصرية بين الرد والإمساك هو مذهب الجمهور ، وبه قال عبدالله بن مسعود ، وابن عمر ،وأبو هريرة ، وأنس ، والشافعي ، ومالك ، والليث ، ابن أبي ليلى ، وأحمد ، واسحاق ، وأبو يوسف ، وزفر ، أخذاً بهذا الحديث.
وقال أبو حنيفة : (لا يثبت بذلك خيار ، لاننقصان اللبن ليس بعيب ، ولهذا لو وجدها ناقصة اللبن عن أمثالها يثبت له الخيار).
ولذلك يرد كثير من الحنفية هذا الحديث ، ولا يثبتون الرد بالتصرية ، ولا يوجبون ردالصاع من التمر ؛ لأن هذا يخالف الأصول الفقهية في نظرهم من جهات :
1 ـ من جهة : أنّ للبن ضمن فيه بالتمر ، والتمر ليس مثلياً ولا قيمياً للبن ، والقاعدة : أ، ضمانالمثليات يكون بمثلها ، والقيميات بقيمتها.
2 ـ ومن جهة : أنّه قد حدد قدر الضمان بالصاع ولم ينظر إلى كمية اللبن ، والقاعدة عندهم : أنّ الضمان إنّما يكون بقدرالتالف.
3 ـ ومن جهة : أنّ اللبن ضمن فيه بالتمر مع بقائه ، والقاعدة : أنّ الأعيان إنّما تضمن عند هلاكها (17).
والشيعة الإمامية يرون التصرية من قبيلالتدليس وإن لم تكن عيباً ، ويقولون : إذا ردها رد معها اللبن الذي احتلبه منها ولو فقد دفع مثله ، ويعتمدون في ذلك على خبر آخر رواه أبو داود في سننه ، وهو قوله ـ صلى اللهعليه وآله وسلم ـ : 'من ابتاع محفلة (18) فهو بالخيار ثلاثة أيام ، فإن ردها رد معها مثل أو مثلي لبنها قمحاً' (19)، وعلى هذا فقد يزيد الواجب على الصاع من التمر ، وقد ينقص ،وهذا الحديث الأخير هو الذي يوافق قاعدتهم في اعتبار التصرية تدليساً يوجب الرد ، وفي رد اللبن أو مثله ؛ لأنه ملك البائع، وحملوا الحديث الآخر ـ لو ثبت ـ على صورة ما إذاتعذر اللبن ومثله مع مساواة الصاع لقيمته.
فتحصل : أنّ فريقاً يعدّها عيباً ويثبت بها الخيار على ما جاء في الخبر الأول، وأولئك هم الجمهور.
وفريقاًيعدها تدليساً وليست بعيب ، ويثبتون بها الخيار ، واللبن أو قيمته إنّ لم يكن ، وهم الإمامية.
وفريقاً لا يعدها عيباً ولا تدليساً ، وذلك قول أبي حنيفة ومن تبعه.
4 ـ وبعضهم يرى عدم العلم بالحديث الذي تركه أهل الفقه والفتوى ، مع عدم الطعن في روايته.
وممن يرون ذلك : أبو حنيفة ومالك والشيعة الإمامية ؛ لأن إهمالالفقهاء له وعدم عملهم به ـ مع أنّه منهم على مرأى ومسمع ـ يكشف عن وجود قرينة تستدعي الإعراض عن ذلك الحديث بالخصوص وإن كان الراوي له صداقا (20). أما الشافعي فإنه يرىالعمل به لقوته.
ومثال ذلك : حديث القلتين ، فإنه حديث صحيح روي بطرق كثيرة ، ولكنه لم يظهر في عهد سعيد بن المسيب والزهري ، ولم يمش عليه المالكية ، ولا الحنفية ،وعمل به الشافعية(21).
هذه أمثلة أردنا أنّ نبين بها الاختلاف الراجع إلى العمل ببعض الأحاديث من جانب ، وتركها من جانب آخر ، ولم نرد الاستقصاء في الأنواع ، ولا فيالأمثلة.
تحقيق في أساس القبول والرد من حيث السند :
ونود أنّ نقول هنا كلمة عن رأينا في الخلاف الذي سببه تمسك كلّ فريق بما جاء عن طريق رواته ،ورفضه الأخذ بما جاء عن طريق رواة مخالفيه ، فنقول : إنّ هذا النوع من الخلاف لا مبرر له ، ولا ينبغي أنّ يعتد به في الفقه ، ونستطيع ـ نحن معاشر المتأخرين منمختلف المذاهب الإسلاميّة ـ أنّ نتخلص منه ، ونسير على أساس آخر هو : أنّ ننظر من حيث السند إلى صدق الراوي وضبطه ، أو كذبه وغفلته ، ولا شأن لنا بكونه يرى كذا في المعارفالكلامية ، أو في الأمور التي لا تتعلق بأصول الدين ما دام لا يعتقد جواز الكذب لتأييد مذهبه ، ونؤيد هذا الرأي بما يأتي :
أوّلاً : أنّه لا ارتباط بين ما يعتقدهالإنسان وما يتصف به من الصدق أو الكذب أو الضبط أو السهو ، فكم من صادق ضابط في روايته وهو مع ذلك يعتقد شيئاً هو مخطئ فيه ، وكم من مصيب فيما يعتقد ولكنه مع ذلك معروفبالكذب أو بالغفلة ، ونحن مكلفون بالعمل بما ثبت عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ من أي طريق صحيح منضبط ، لا من طريق معين دون سواه.
نعم ، إنّ العلماءيردون رواية الكافر ، وهذا ليس سببه أنهم لا يتصورون الصدق منه ، أو يتصورون غلبة الكذب عليه ، ولكن يتصورون فيه : أنّ عداوته للمسلمين تحمله على محاولة تضليلهم وإفساددينهم . أما المخالف من أهل القبلة ما دام لا يرى الكذب لنصرة مذهبه جائزاً فإن المحققين من العلماء لا يرون رد روايته لمجرد خلافه ، وهذا هو الإنصاف ؛ لأن كلاً منالمتخالفين متأول في أمر ليس من الأصول التي لا مناص من الإيمان بها ، فأحدهما لا يكفر الآخر بمخالفته ، فلا يكون منصفاً إلاّ إذا عذره واحترم حقه في الاجتهاد والنظر ،فله أنّ يقول لصاحبه : أنت مخطئ في رأيك ، وليس له أنّ يقول له أنت كاذب في روايتك لأنك مخطئ في رأيك.
قال الإمام فخر الدين الرازي : (أجمعت الأمة على أنّه لا تقبلرواية كافر : من يهودي أو نصراني إجماعاً ، سواء علم من دينه الاحتراز عن الكذب أو لم يعلم ، أي : لأن مخالفته في الدين تجعله عدواً للمسلم ، وتجعل الشأن فيه عدم النصيحة ،وعدم تحري الصدق . قال : والمخالف من أهل القبلة إذا كفرناه ـ كالمجسم وغيره ـ هل تقبل روايته أم لا ؟ والحق : أنّه إنّ كان مذبه جواز الكذب لا تقبل روايته ، و إلاّ قبلناها، وهو
قول أبي الحسين البصري)(22).
هذا كلام الإمام الرازي ، ولا شك أنّه رأي منصف ، بل أننا نستطيع أنّ نصفه بالتسامح ؛ لأنه جعل المجسم ممن تقبل روايتهفما بالك بمن لا يصل مذهبه إلى القول بالتجسيم؟
ولابن حزم في ذلك كلام جيد قال : (هل نقبل نقل أهل الأهواء وروايتهم ؟ فقولنا في هذا ـ وبالله تعالى التوفيق ـ : إنّ من يشهد بقلبه ولسانه أنّه لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله وأن كلّ ماجاء به حق وأنه بريء من كلّ دين غير دين محمّد ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فهو المؤمن المسلم ،ونقله واجب قبوله إذا حفظ ما ينقل ما لم يمل عن إيمانه إلى كفر أو فسق ، وأهل الأهواء ، وأهل كلّ مقالة خالفت الحق ، وأهل كلّ عمل خالف الحق مسلمون أخطأوا ما لم تقم عليهمالحجة ، فلا يكدح شيء من هذا في إيمانهم ولا في عدالتهم ، بل هم مأجورون على ما دانوا به من ذلك وعملوه أجراً واحداً إذا قصدوا به الخير ، ولا إثم عليهم في الخطأ ؛ لأن اللهتعالى يقول : (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم( (23) ونقلهم واجب قبولله كما كانوا ، وكذلك شهادتهم ، حتّى إذا قامت على أحد منهم الحجة في ذلك من نص قرآنأو سنة ما لم تخص ولا نسخت ، فأيما تماد على التدين بخلاف الله ـ عز وجل ـ أو خلاف رسوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أو نطق بذلك فهو كافر مرتد؛ لقوله تعالى : (فلا وربك لايؤمنون حتّى يحكموك فيما شجر بينهم( (24) الآية ، وان لم يدن لذلك بقلبه ولا نطق به لسانه ، لكن تمادى على العمل بخلاف القرآن والسنة فهو فاسق بعمله ، مؤمن بعقله وقوله ، ولايجوز قبول نقل كافر ولا فاسق ولاشهادتيهما، قال الله تعالى: (يا أيها الّذين آمنوا إنّ جاءكم فاسق بنبأ( (25) الآية ، وقد فرق بعض
السلف بين الداعية وغير الداعية ،يريد : الداعية لمذهبه ، وهذا خطأ فاحش ، وقول بلا برهان ، ولا يخلو المخالف للحق من أنّ يكون معذوراً بأنه لم تقم عليه الحجة ، أو غير معذور لأنه قامت عليه الحجة ، فإن كانمعذوراً فالداعية وغير الداعية سواء ، كلاهما معذور مأجور ، وإن كان غير معذور لأنه قد قامت عليه الحجة فالداعية وغير الداعية سواء ، وكلاهما : إما كافر كما قدمنا ، وإمافاسق كما وصفنا ، وبالله تعالى التوفيق (26).
ويقول الطوفي الحنبلي : (إنّ المحدث إذا كان ناقداً بصيراً في فنه جاز له أنّ يروي عن جماعة من المتبدعة الّذين يفسقونببدعتهم : كعباد بن يعقوب وكان غالياً في التشيع وحريز بن عثمان وكان يبغض عليا رضي الله عنه)(27).
ومما يتصل بهذا : أنّ أهل الأصول قد تكلموا في قبول التعديلوالتجريح إذا لم يبين سببهما ، فالتعديل لا يشترط بيان سببه استصحاباً لحال العدالة ، وممن يقول بذلك : الإمامان : أحمد بن حنبل والشافعي ، وفي ذلك دليل على أنّ حال المسلممحمول على العدالة الإسلاميّة ، ومذهب أبي حنيفة : أنّ مجهول الحال من المسلمين يعتبر عدلاً وتقبل روايته من حيث العدالة.
واستشهدوا لذلك : بأن النبي ـ صلى اللهعليه وآله وسلم ـ قبل شهادة الأعرابي برؤية الهلال ولم يعرف منه إلاّ الإسلام ، فقد روى عكرمة ، عن ابن عباس قال : جاء أعرابي إلى النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فقال :إني رأيت الهلال ـ يعني : رمضان ـ فقال : أتشهد أنّ لا إله إلاّ الله ؟ فقال : نعم (28) رواه أبو داود وغيره . وروي أيضاً عن عكرمة مرسلاً بمعناه ، وقال : فأمر بلالاً فنادى فيالناس أنّ يصوموا وأن يقوموا ، وفي رواية النسائي ، قال : 'يا بلال أذن في الناس فليصوموا غداً' (29).
وأما سبب الجرح فيشترط بيانه ، وممن يقول بذلك : الشافعي وأحمد فيأحد
قوليه ؛ وذلك لاختلاف الناس في سبب الجرح ، واعتقاد بعضهم ما لا يصلح أنّ يكون سبباً للجرح جارحاً : كشرب النبيذ متأولاً فإنه يقدح في العدالة عند مالك ـمثلاً ـ ولا يقدح عند الحنفية ، وكمن يرى إنساناً يبول قائماً فيبادر بجرحه لذلك ولا ينظر في أنّه متأول مخطئ أو معذور ، لما في الحديث : أنّ رسول الله ـ صلى الله عليهوآله وسلم ـ بال قائماً لعذر كان به ، فينبغي بيان سبب الجرح ليكون على ثقة واحتراز من الخطأ والغلو فيه.
قال الطوفي رحمه الله تعالى : (ولقد رأيت بعض العامة وهويضرب يداً على يد ويشير إلى رجل ويقول : ما هذا إلاّ زنديق ، ليتني قدرت عليه فأفعل به وأفعل ، فقلت : ما رأيت منه ؟ فقال : رايته وهو يجهر بالبسملة في الصلاة)(30).
ثانيا : أنّه ليس في المذاهب الستة ـ المالكية والحنفية والشافعية والحنابلة والإمامية والزيدية ـ من يرى جواز الكذب على رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، فقد صحعنه أنّه قال : 'من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار' (31). وقد جاء هذا الحديث بلفظه أو بمعناه في روايات صحيحة في هذه المذاهب ، وقد بلغ من تشديد الشيعة الإمامية فيذلك أنهم يجعلون الكذب على رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ مفسد اً للصوم ، وأنه إذا وقع عمداً من صائم في رمضان وجب عليه القضاء والكفارة ، كما يجبان على من تعمدسائر المفطرات (32).
ثالثا : قد بينا من قبل أنّ خلاف هؤلاء جميعاً بعضهم مع بعض ليس من قبيل الخلاف على الأصول التي يكون بها المسلم مسلماً ، وبجحودها أو' جحود شيءمنها يخرج من ربقة الإسلام ، وإذن فنبغي ألا ينظر في التجريح لمجرد أنّ الراوي يرى مذهباً من هذه المذاهب ، فكما لا يجوز أنّ يقول ذلك أحد من الشيعة عن مخالفة من
شافعي أو مالكي ـ إلى آخره ـ لا يجوز كذلك أنّ يقوله السني عن الإمامي ، أو الزيدي ، ولا العكس ، ولكن المعول عليه هو : كون الراوي كاذباً أو ليس بكاذب . وهذا عند التحقيق ما يعمل به السنة والإمامية والزيدية وإن تراءى من النظرة العاجلة أنّ كلا من الفريقين يرفض ما عند الآخر .
فالشيعة الإمامية ـ مثلاً ـ يشترطون في الحديث الذييسمونه 'الصحيح' أنّ يكون الراوي إمامياً ثبتت عدالته بالطريق الصحيح ، وفي الحديث الذي يطلقون عليه لفظ 'الحسن' أنّ يكون الراوي إمامياً ممدوحاً ولم ينص أحد على ذمه أوعدالته ، وهذا إنّما هو اصطلاح لهم فيما يسمى بـ'الصحيح ' وفيما يسمى بـ'الحسن ، وليس كون الراوي إمامياً شرطاً في الصحة ، أو الحسن بالمعنى المفهوم لغة ، ويدل على ذلك ـ أيعلى أنّ الأمر أمر اصطلاح وتسمية ـ أنهم يذكرون إلى جانب هذين النوعين حديثاً يسمونه 'الموثق' ، وهو ما رواه مسلم غير شيعي ، ولكنه ثقة أمين في النقل ، ويعملون به كمايعملون بالنوعين الأولين (33).
وقال أحد محققيهم : (الموثق هو : ما رواه العدل غير الإمامي الموثوق بنقله ، المعلوم من حاله التحرز عن الكذب والمواظبة على الحديثعلى ما هو عليه ) ثم ذكر المحقق بعضاً ممن عملت الإمامية بروايته وليس بشيعي فقال : (وممن عملت الطائفة بروايته من اهل السنة : حفص بن غياث ، وغياث بن كلوب ، ونوح بن دراجالسكوني ... إلى آخره).
وقال الشيخ محمّد حسن الصدر في تعليقه على ذلك بكتابه 'الشيعة' : (فأنت ترى أنّ الشيعة كانت ـ ولا تزال ـ تأخذ عن السني إذا عرفت منه الصدقوعلمت منه التحفظ ، ومن المعلوم أنّ الشيعة لا تفحص عن الحديث عند ما يرويه المخالف؛ لأنه صادر من غير شيعي ، لان طريقة الفحص تسير عليها الشيعة مع السني
والشيعيمن غير أي خصوصية) (34).
وقد قبل البخاري وغيره من أصحاب كتب الصحاح التي يعتمدها أهل السنة كثيراً من الرواة المعروفين بالتشيع ، وفي ذلك يقول السيد شرف الدينالموسوي الشيعي الإمامي في كتابه'المراجعات' (35): (تشهد بهذا ـ يريد احتجاج أهل السنة برواية الشيعة ـ أسانيد أهل السنة وطرقهم المشحونة بالمشاهير من رجال الشيعة ، وتلكصحاحهم الستة وغيرها تحتج برجال من الشيعة وصمهم الواصمون بالتشيع والانحراف ، ونبزوهم بالرفض والخلاف والتنكب عن الصراط ، وفي شيوخ البخاري رجال من الشيعة نبزوابالرفض ، ووضموا بالبغض ، فلم يقدح ذلك في عدالتهم عند البخاري وغيره ، حتّى اجتجوا بهم في الصحاح ، بكل ارتياح).
ثم ذكر السيد الموسوي مائة من الرواة الّذين أخذبهم أهل السنة وهم من الشيعة ، ونحن نورد بعض ذلك ليتبين للقارئ منهج البحث ، قال (36).
أبان بن تغلب بن رياح القارئ الكوفي : ترجمه الذهبي في ميزانه فقال : أبان بنتغلب الكوفي ، شيعي جلد ، لكنه صدوق ، قلنا : له صدقه وعليه بدعته ، قال : قد وثقه أحمد بن حنبل وابن معين وأبو حاتم ، وأورده ابن عدي ، وقال : كان غالباً في التشيع ، وقالالسعدي : زائغ مجاهر ، إلى آخر ما حكاه الذهبي عنهم في أحواله.
وعده ممن احتج بهم مسلم وأصحاب السنن الأربعة : أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة ، حيث وضع علىاسمه رموزهم ، ودونك حديثه في صحيح مسلم والسنن الأربعة عن الحكم ، والا'مش وفضيل بن عمرو ، وروى 'نه عند مسلم : سفيان بن عيينة ، وشعبة ، وإدريس الأودي . مات ـ رحمه الله ـسنة إحدى وأربعين ومائة.
إسماعيل بن زكريا الأسدي الخلقاني الكوفي : ترجمه الذهبي في الميزان ، وقال:
إسماعيل بن زكريا ـ ع ـ الخلقاني الكوفي ، صدوق شيعي، وعده ممن احتج بهم أصحاب الصحاح الستة ، ودونك حديثه في صحيح البخاري ، عن محمّد بن سوقة ، وعبيدالله بن عمر ، وحديثه في صحيح مسلم عن سهيل ، ومالك بن مقول ، وغير واحد. أما حديثه عن عاصم الأحوال فموجود في الصحيحين جميعاً ، وروى عنه محمّد بن الصباح ، وابو الربيع عندهما ، ومحمد ابن بكار عند مسلم ، ومات سنة أربع وسبعين ومائةببغداد ، وأمره في التشيع ظاهر معروف ... إلى آخره.
جابر بن يزيد الحارث الجعفي الكوفي :
ترجمه الذهبي في ميزانه ، فذكر : أنّه أحد علماء الشيعة ، ونقل عنسفيان القول بأنه سمع جابراً يقول : انتقل العلم الذي كان في النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ إلى علي ، ثم انتقل من علي إلى الحسن ، ثم لم يزل حتّى بلغ جعفراً (الصادق)وكان في عصره.
وكان جابر إذا حدث عن الباقر يقول ـ كما في ترجمته من ميزان الذهبي ـ : حدثني وصي الأوصياء ، وقال ابن عدي ـ كما في ترجمة جابر من الميزان ـ عامة ماقذفوه به أنّه كان يؤمن بالرجعة.
وأخرجه الذهبي في ترجمته من الميزان بالإسناد إلى زائدة ، قال : جابر الجعفي رافضي يشتم .. وضع الذهبي على اسمه رمزي : أبي داودوالترمذي ، إشارة إلى كونه من رجال أسانيدهما ، ونقل عن سفيان القول بكون جابر الجعفي ورعاً في الحديث ، وأنه قال : ما رأيت أورع منه ، وأن شعبة قال : جابر صدوق ، وأنه قالأيضاً : كان جابر إذا قال : أنبأنا وحدثنا وسمعت فهو أوثق الناس . وأن وكيعاً قال : ما شككتم في شيءٍ فلا تشكوا أنّ جابراً الجعفي ثقة ، وأن ابن عبد الحكم سمع الشافعي يقول :قال سفيان الثوري لشعبة : لئن تكلمت في جابر الجعفي لا تكلم فيك . انتهى كلام السيد شرف الدين .
والخلاصة : أنّ المسألة في رأي المحققين وفيما يجب أنّ نأخذ بهإنّما هي : مسألة صدق أو كذب ، وضبط أو عدم ضبط ، والحق أحق أنّ يتبع.
1 ـ الأحكام لابن حزم 2 : 126.
2 ـ صحيح مسلم : كتابالحيض 1 : 260 / حديث 331.
3 ـ أعلام الموقعين 1 : 66.
4 ـ أعلام الموقعين 1 : 63.
5 ـ الاحكام لابن حزم 2 : 126.
6 ـ سنن الترمذي 2 : 117.
7 ـ لنا فيهذا الشأن تعقيب سيمر بك قريباً.
8 ـ الرسالة 'الوجيزة' للشيخ بهاء الدين العاملي : 3 طبع إيران.
9 ـ الباعث الحثيث لابن كثير : 385.
10 ـ سنن النسائي 4 :16 : ، 17 ، 18.
11 ـ كنز العمال 7 : 783.
12 ـ الباعث الحثيث إلى معرفة علوم الحديث لابن كثير : 775.
13 ـ الإحكام لابن حزم 2 : 132.
14 ـ المصراة : هي الدابةالتي ربط ضرعها ليجتمع اللبن فيه ، من قولك : صريت الماء في الحوض ـ بتخفيف الراء المفتوحة وتشديدها إذا جمعته ـ والبائع يفعل ذلك ليوهم المشتري أنّ لبنها كثير ، غشا له .
15 ـ الصاع مكيال قديم قدر بقدحين وثلث قدح.
16 ـ السنن الكبرى للبيهقي 5 : 318 عن صحيحي البخاري ومسلم.
17 ـ راجع : نيل الأوطار للشوكاني 5 : 216 طبعالمطبعة العثمانية ، وأعلام الموقعين لابن قيم الجوزية 2 : 125، ثم تذكرة الفقهاء للحلي الإمامي 7 : 366 ، وفيها رأي الإمامية.
18 ـ هي المصراة ، وسميت محفلة لأنه جمعفيها اللبن ، ولهذا سمي اجتماع الناس محافل.
19 ـ سنن أبي داود : كتاب . البيوع 3 : 268 / حديث 3446.
20 ـ كتاب 'مع الشيعة الإمامية' لقضيلة المرحوم الأستاذ الشيخمحمّد جواد مغنية رئيس المحكمة العليا ببيروت سابقاً : 73.
21 ـ 'جحة الله البالغة للدهلوي 1 : 147.
22 ـ راجع حاشية روضة الناظر المسماة (نزهة الخاطر العاطر)للشيخ عبد القادر أحمد بن مصطفى بدران الرومي ثم الدمشقي 1 : 281 وما بعدها ـ طبعة المطبعة السلفية بمصر سنة 1342.
23 ـ الاحزاب : 5.
24 ـ النساء : 65.
25 ـالحجرات : 6.
26 ـ الأحكام لابن حزم 4 : 235.
27 ـ راجع 'نزهة الخاطر' في الموضع الذي سبق ذكره.
28 ـ سنن أبي داود 2 : 312.
29 ـ سنن أبي داود 2 : 312.
30 ـ المصدر السابق : 295 .
31 ـ صحيح مسلم 1 : 10.
32 ـ المراجعات للسيد شرف الدين الموسوي : 50 مطبعة العرفان سنة (1373 هـ) بالمراجعة رقم 14.
33 ـ 'معالشيعة الإمامية' للأستاذ محمّد جواد مغنية رحمه الله : 72 ، وراجع في ذلك أيضاً 'الرسالة الوجيزة' للشيخ بهاء الدين العاملي : 3.
34 ـ كتاب الشيعة : 134.
35 ـانظر كتاب المراجعات : 49 : 52 وما بعدها.
36 ـ انظر كتاب المراجعات : 49 : 52 وما بعدها.