فی الالهیات بین ابن سینا و ابن رشد نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

فی الالهیات بین ابن سینا و ابن رشد - نسخه متنی

محمد یوسف موسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


في الآلهيات





بين ابن سينا وابن رشد

لحضرة صاحب الفضيلة الدكتور محمد يوسف موسى

من علماء الأزهر وأستاذ بجامعة فؤادالأول

نكتب هذه الكلمة والعالم العربي والإسلامي يتأهب للاحتفال بالعيد الألفى لفيلسوف الإسلام الأكبر (ابن سينا) ويشاركنا في هذا الإحتفال صفوة من كبار المستشرقينالذين لكل منهم قدم راسخة في الدراسات الإسلامية بعامة، والفلسفية بخاصة. لذلك، نرى أن من حق (رسالة الإسلام) أو من واجبها بعبارة أصح، وهي زعيمة المجلات العربيةالإسلامية، أن تحتفل بهذه المناسبة الكبيرة المجيدة، ولهذا، نكتب هذه الكلمة لها، وفاء بحق الشيخ الرئيس، راجين أن يكون الإحتفال على هذه الصور العالمية مقدمةلاحتفالات أخرى بكبار رجال الإسلام في التشريع والتفسير واللغة والفلسفة، إلى غير هذا كله من شتى وجوه نشاط العقل الإنساني.

ابن سينا وابن رشد، كلاهما فيلسوف خالد فيتاريخ الفكر الإسلامي، ولكل منهما مكانه الملحوظ في تاريخ الفكر العالمي، فقد كان أولها فيلسوف الإسلام في المشرق، كما كان الثاني فيلسوف الإسلام في المغرب، وقد شغلتفلسفة كل منهما أوربا فترة طويلة من الزمن، حتى كان لكليهما تلاميذ وشيعة يتعصبون له، وينصرون مذهبه.

/ صفحة 178 /

وقد أحس كلاهما، كسائر الفلاسفة المسلمين، بالحاجةالماسة للعمل على التوفيق بين ما عرفاه من فلسفة الإغريق، وما جاء به الإسلام من عقائد دينية، هذه العقائد التي قررها ودعمها القرآن نفسه، وكان نتاج التفكير الإسلامي فيهذه الناحية: ناحية التوفيق بين الدين والفلسفة، وهو بحق معقد الطرافة أو الأصالة في الفلسفة الإسلامية.

وما كان لابن سينا ولا لأي فيلسوف إسلامي ألا يعني بهذهالناحية، إذا حرص على أن يبقى مسلماً، فيما بينه وبين ضميره، أو فيما بينه وبين المسلمين، ما دام ما جاء عن الفلاسفة الإغريق ـ وبخاصة فيما يختص بالإله وصلة العالم به ـيتعارض مع ما جاء عن ذلك القرآن.

الله في رأي الإسلام هو الخالق لكل شيء، والذي لا يتم شيء إلا بأمره، ولا يدوم إلا بحفظه، والذي يعلم كل شيء مهما صغر ودق، وهو الذيأخرج العالم من العدم للوجود، وخلق كل شيء بلا واسطة أحد من خلقه، وله المثل الأعلى من الصفات التي ينطق بها القرآن في كثير من آياته.

هذا الإله، وهذه صفاته، وتلكأفعاله، لا يمكن أن يتفق مع إله أرسطو، أو (المحرك الأول) بعبارة أخرى، ولا مع فكرة (الواحد) كما نعرف عن الأفلاطونية الحديثة، والتي دخلت بعد هذا في الإسلام.

ومن ثم،نرى فلاسفة الإسلام جميعاً، من تقدم منهم عن ابن سينا، ومن تأخر، يبذلون جهدهم في سبيل التوفيق بين القرآن والفلسفة الإغريقية كما عرفها وربما كان ما أتوا به من جديد فيتاريخ الفكر الفلسفي يتركز في هذه الناحية وحدها.

*   *   *

هذا، وليس من المستطاع أن نتناول هنا جميع المشاكل الإلهية عند ابن سينا، لذلك سنكتفي بمسألة (وجود اللهتعالى وإثباته) ومن الطبيعي أننا سنضطر إلى الإشارة لما كان من رد الغزالي بعنف وعرامة على الفلاسفة ممثلين في الفارابي

/ صفحة 179 /

وابن سينا، ثم من بعد إلى ما كانمن ابن رشد في رده على الغزالي، وكتابة: (تهافت الفلاسفة) محاولا بيان الحق في المشاكل التي احتدمت الخصومة من أجلها بين حجة الإسلام والفارابي وابن سينا.

وابن رشد (520ـ 595هـ) يعتقد اعتقاداً لا ريب فيه أن أرسطو هو المفكر الأعظم الذي أدرك في هذه المسائل ونحوها الحق الذي لا يأتيه الباطل من جانب من جوانبه، وأنه الصورة العليا للعقلالإنساني، حتى ليسميه بالعقل الالهي. (وكان من هذا، أن توفر على شرحه واستخلاص فلسفته من كتبه، حتى سماه مؤرخو الفلسفة بحق (الشارح) للمعلم الأول بإطلاق.

من أجل ذلك،ولأنه نصب نفسه للانتصار للفلسفة والفلاسفة، ولأنه عني ينقض (تهافت الفلاسفة) للغزالي من أساسه، تراه يقف موقفين في هذا السبيل:

(أ) يقف مع ابن سينا، ضد الغزالي حينيراه متفقاً معه في الرأي، أو حين يراه قد صدر عن فلسفة أرسطوا الحقة بعبارة أخرى؛ فهو حينئذ قد يضيف لمذهب (ابن سينا) سنداً جديداً، أو يجليه بشيء من الإيضاح لعباراته،والتفصيل لبعض ما يجمله.

(ب) ومن جهة أخرى، حين يرى (ابن سينا) خالف المعلم الأول، فابتدع ما لم يذهب إليه، نراه ينعى عليه هذا ويلومه بشدة من أجله، مبيناً أنه بصنيعهأتاح الفرصة للغزالي لمهاجمة الفلاسفة بعامة، بينما ابن سينا ـ أو هو الفارابي معه أحياناً ـ هو الذي يستأهل الرد وحده، وقد يلومه أحياناً أخرى، لا لأنه ذهب إلى رأيباطل، بل لأنه صرح برأي لا يصح التصريح به للعامة، وإن كان حقاً في نفسه، كما في مسألة المعجزات التي لم يتكلم فيها القدماء مع انتشارها، لأنها من مبادئ الشريعة التي يجبأن يعاقب الفاحص عنها والمشكك فيها (1).

إذاً، لا عجب إن رأينا شدة من فيلسوف قرطبة على الشيخ الرئيس، في هذه

(1) أنظر تهافت التهافت في مواضعكثيرة، ص514، 527.



/ 13