اجتهاد فی الشریعة بین السنة و الشیعة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

اجتهاد فی الشریعة بین السنة و الشیعة - نسخه متنی

محمد الحسین آل کاشف الغطاء

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الاجتهاد في الشريعة بين السنة والشيعة

الاجتهاد في الشريعة بين السنة والشيعة

لحضرة صاحب الفضيلة العلامة الكبير

الشيخ محمد الحسين آلكاشف الغطاء

من أهم الموضوعات الحية التي تتصل بالفقه الإسلامي اتصالا عملياً موضوع ' الاجتهاد ' وإنما كان هذا الموضوع من أهم الموضوعات، لأن عليه يترتب أهم وصف يوصفبه الفقه الاسلامي، من حيث صلاحيته لكفالة الحياة السعيدة للعاملين به المنظمين شئونهم على أساسه، فمن المقرر أن شريعة الإسلام صالحة لكل زمان ومكان، وأن لله في كلواقعة حكما حتى أرش الخدش، وما من عمل من أعمال المكلفين من حركة أو سكون الا ولله فيه حكم من الأحكام الخمسة: الوجوب، والحرمة، والندب، والكراهة، والاباحة، وما منمعاملة على مال أو عقد نكاح ونحوهما الا وللشرع فيها حكم صحة أو فساد.

ولما كانت الأعمال غير محدودة، ووجوه التصرفات غير منحصرة، وإنما هي متجددة بتجدد الازمانوالأمكنة والأحوال، وقد يوجد في عصر لاحق ما لم يوجد في عصر سابق، فإما أن يقف الناس أمام تلك الامور حائرين مشدوهين، لا يجدون من يفتيهم فيها بحكم الله، ويبين لهم ماعليهم أن يفعلوه،

/ صفحه 240/

وما عليهم أن يتركوه، فتكون دعوى الصلاحية لكل زمان ومكان في موضع الشك والتزلزل عند عامة الناس وخاصتهم، ويلتمس الناس لأنفسهمفقهاً وضعياً ملائماً لهم، قادراً على تلبية حاجاتهم، وإما أن يستقبل العلماء كل حادثة تجدّ، وكل قضية تعرض، بما كان يستقبل به الفقهاء الأولون حوداثهم، ووجوه التصرفاتوالمعاملات في زمانهم، فيستنبطوا حكم الله، ويبينوا للناس ما نزل اليهم، ويدخلوا بهذا الفقه كل مجال، ويطرقوا به كل باب، ويحملوا أمتهم وحكامهم ونوابهم عليه حملاً، لابالقوة ولا بالثورة، ولكن بالاقناع والتوجيه وإبراز محاسنة، والتخلص من الجمود والتعصب، والضيق والتبرم، وحينئذ تصدق دعوى الصلاحية لجميع الأزمان والأمكنة علماًوواقعاً، ويتجلى للناس فضل الفقه الاسلامي، وسعة أفقه وطواعيته، وحسن تقبله لكل ما يفيد الأمة، ولا يخرج عن الأصول المحكمة التي هي أساس الشريعة.

وليس الذي يدعو إلىالاجتهاد هو حاجة الناس إليه فحسب، وإنما هو أمر تقضي به طبيعة الشريعة نفسها، ويؤذن به أن الله ختم بها النبوات، وجعلها آخر الرسالات، وأنه تعالى تكفل بحفظ كتابه الكريمإلى يوم الدين عزيزاً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولم يكن الخلود والعصمة لمجرد أن يتعبد الناس بتلاوته، وليست العزة لكتاب ما في مجرد تبرك الناس به، وإنماكان هذا وذاك عن حكمة اسمى، ورحمة أعم وأشمل، ذلك أن يظل الناس أبد الدهر منتفعين بكتاب ربهم في جميع شئونهم وأحوالهم، وأن تبقى الحجة به قائمة على صدق الرسول، وحقيةالشريعة، فما دام في المسلمين عقول تفكر، وقلوب تفقه، فلابد لهم من النظر في كتاب ربهم، وإلا كانوا منتسبين إلى القرآن بالاسم والميراث دون أن يكون منهم فرقة متفقهة فيالدين، ينفرون إليه بعقولهم وقلوبهم وأجسامهم قائمين وراحلين فحصا وعلما ودرساً ونظراً وتبيينا وعرفاناً واستنباطاً لينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون.

ثم إن الله جلت حكمته قد أودع نبيه جميع أحكامه وأسراره وعرّفها له

/ صفحه 241/

بالوحي والالهام. فكانت سنته عليه الصلاة والسلام هي الركن الثاني بعد القرآن،وهي البيان له والتفصيل والكشف.

وقد كان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يختلفون في فهم نصوص الكتاب والسنة حسب اختلاف مراتب أفهاهم وقرائحهم (أنزل من السماءماء فسألت أودية بقدرها).

ولكن تأخذ الأذهان منه ****** على قدر القرائح والفهوم

وقد يسمع الصحابي من النبي في واقعة حكماً، ويسمع الاخر في مثلها خلافه وتكون هناكخصوصية في أحدهما اقتضت تغاير الحكمين، وغفل أحدهما عن الخصوصية أو التفت إليها وغفل عن نقلها مع الحديث، فيحصل التعارض في الاحاديث ظاهراً، ولا تنافي واقعاً، ومن هذهالأسباب وأضعاف أمثالها احتاج الاصحاب أنفسهم، وهم الذين فازوا بشرف الحضور، احتاجوا في معرفة الأحكام إلى الاجتهاد والنظر في الحديث، وضم بعضه إلى بعض، والالتفات إلىالقرائن الحالية، فقد يكون للكلام ظاهر، ومراد النبي خلافه اعتماداً على قرينة كانت في المقام، والحديث نُقل، والقرينة لم تنقل، وكل واحد من الصحابة ممن كان من أهلالرأي والرواية ـ إذ ليس كلهم كذلك بالضرورة ـ تارة يروي نفس الفاظ الحديث السامع من بعيد أو قريب، فهو في هذه الحال راوٍ ومحدث وتارة يذكر الحكم الذي استفاده من الروايةأو الروايات حسب نظره واجتهاده، فهو في هذه الحال مفتٍ وصاحب رأي، وأهل هذه المَلَكَة مجتهدون، وسائر المسلمين الذي لم يبلغوا تلك المرتبة إذا أخذوا برأيه فهم مقلدون،وكل ذلك قد جرى في زمن صاحب الرسالة، صلوات الله وسلامه عليه، وبمرأى منه ومسمع.

وإذا أنعمت النظر في هذا اتضح لك أن الاجتهاد كان مفتوح الباب في زمن النبوة وبينالاصحاب فضلاً عن غيرهم وفضلاً عن سائر الازمنة التي بعد ذلك، غاية الامر أن الاجتهاد يومئذ كان خفيف المؤنة جداً، لقرب العهد، وتوافر

/ صفحه 242/

القرائن،وإمكان السؤال المفيد للعلم القاطع، ثم كلما بعد العهد من زمن الرسالة وتكثرت الآراء، واختلطت الاعارب بالأعاجم، وتغير اللحن، وصعب الفهم للكلام العربي على حاق معناه،وتكثرت الأحاديث والروايات، وربما دخل فيها الدس والوضع، وتوافرت دواعي الكذب على النبي (صلى الله عليه وسلم) أخذ الاجتهاد ومعرفة الحكم الشرعي يصعب ويحتاج إلى مزيدمؤنة واستفراغ وسع، وجمع بين الأحاديث، وتمييز الصحيح من السقيم، وترجيح بعضها على بعض، ولكما بعد العهد وانتشر الإسلام وتكثرت العلماء والرواة، ازداد الأمر صعوبة ولكنمهما يكن من شئ فباب الاجتهاد كان في زمن النبي (صلى الله عليه وسلم) مفتوحاً، بل كان أمراً ضرورياً عند من يتدبر.

ومن مفاخر الشيعة الإمامية: أن باب الاجتهاد مايزال عندهم مفتوحاً، ولن يزال إن شاء الله حتى تقوم الساعة، بخلاف المشهور عند جمهور المسلمين من أنه قد سد وأغلق على ذوي الالباب، وما ادري في أي زمان وبأي دليل وبأي نحوكان ذلك الانسداد ؟

وقد بين كثير من حذاق العلماء في مذاهب أهل السنة أن هذا زعم باطل، وتضييق لا دليل عليه، وأن هذا إنما كان يقال به في عصور الضعف الفقهي، والتعصبالمذهبي، وبعض القائلين به إنما يريدون أنه لم يعد بين المسلمين من يصلح لهذا المنصب، لقصور الباع، وقلة المتاع، لا لأن باباً قد أقفل، أو واسعاً قد حُجِّر، والأمر علىهذه الصورة قريب، ومدى الخلاف في شأنه ليس بعيداً، فمن المتفق عليه: أن المجتهد هو من زاول الأدلة ومارسها واستفرغ وسعه فيها، حتى حصلت له ملكة وقوة يقتدر بها على استنباطالحكم الشرعي من تلك الادلة، وهذا أيضاً لا يكفي في جواز تقليده، بل هناك شروط أُخر، أهمها: (العدالة) وهي ملكة يستطيع معها الكف عن المعاصي، والقيام بالواجب كما يستطيع منله ملكة الشجاعة اقتحام الحرب بسهولة بخلاف الجبان، وقصاراها أنها حالة من خوف الله ومراقبته تلازم الإنسان في جميع أحواله، ولم تضق رحمة

/ صفحه 243 /

اللهونعمته حتى تحجر على عصر دون عصر، أو تفرض على قوم دون قوم، أو تضوع لها السدود والأقفال من الأزمان والحساب.

ولقد حملت إلي مجلة ' رسالة الإسلام ' في عددها الأول بشرىمن أعز البشريات، عن حضرة صاحب الفضيلة أخي في الله العالم الجليل الشيخ عبد المجيد سليم رئيس لجنة الفتوى بالأزهر، وكبير فقهاء أهل السنة في هذا العصر، تلك هي قوله فيبيانه للمسلمين: ' ولقد أدركنا في الأزهر على أيام طلبنا العلم عهد الانقسام والتعصب للمذاهب، ولكن الله اراد أن نحيى حتى نشهد زوال هذا العهد، وتطهر الأزهر من أوبائهوأوضاره، فأصبحنا نرى الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي إخواناً متصافين وجهتهم الحق، وشرعتهم الدليل، بل أصبحنا نرى بين العلماء من يخالف مذهبه الذي درج عليه فيأحكامه، لقيام الدليل عنده على خلافه، وقد جريت طول مدة قيامي بالافتاء في الحكومة والازهر ـ وهي أكثر من عشرين عاما ـ على تلقي المذاهب الإسلامية ـ ولو من غير الاربعةالمشهورة ـ بالقبول ما دام دليلها عندي واضحاً، وبرهانها لدي راجحاً مع انني حنفي المذهب، كما جريت وجرى غيري من العلماء على مثل ذلك فيما اشتركنا في وضعه أو الافتاء فيهمن قوانين الاحوال الشخصية في مصر، مع أن المذهب الرسمي فيها هو المذهب الحنفي وعلى هذه الطريقة نفسها تسير ' لجنة الفتوى بالازهر ' التي اتشرف برياستها، وهي تضم طائفة منعلماء المذاهب الاربعة '.

ألا إن هذا لهو الفتح المبين لما زعمه الزاعمون مغلقاً، والفسح والبسط لما حسبوه ضيقا.

ولقد كنت أعرف ذلك في فضيلة الأستاذ الجليل، وفيفريق صالح من إخوانه العلماء الأزهريين، ولكن نشوة من الفرح والأمل يجب أن تغمر كل مسلم لإعلان هذا بلسان هذا العالم الكبير المسئول، ولذلك لا يسعني الا أن أعلنه فيالناس مرة أخرى، وأن أوجه إلى الشيخ وأصحابه ـ مع شديد الاعجاب ـ اكرم التحيات، والحمد لله رب العالمين.

/ 1