من ثمرات المعقول والمنقول
للأستاذ علي الجندي بنات كسرى:
ذكر الزمخشري في ربيعالأبرار: أنه لما جئ بسبي فارس إلى عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ كان فيه ثلاث بنات لكسرى يزدجرد فأمر ببيعهن، فقال له الإمام علي ـ كرم الله وجهه ـ: إن بنات الملوك لايعاملن معاملة السوقة !. قال: وكيف الطريق معهن ؟
قال: يقوّمن، ومهما بلغ ثمنهن قام به من يختارهن.
فقومن، فأخذهن علي ـ عليه السلام ـ فدفع واحدة لعبد الله بنعمر فولدت له سالما.
ودفع الثانية لمحمد بن أبي بكر، فولدت له القاسم.
ودفع الثانية لابنه الحسين، فولدت له علياً زين العابدين.
أقول: وقد كان هؤلاء الثلاثةمن أخيار زمانهم، وقد كان أهل المدينة لا يرغبون في التسري فلما رأوا هؤلاء النجباء، أحبّوا التسري.
* * * *
وكانت أم زين العابدين ـ وهو أفضل آل البيت بعد الحسينـ تدعى سُلافة، ثم دعيت فاطمة، وكانت من خيّرات النساء.
وكان يقال لزين العابدين: ابن الخيرتين ؛ لقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ: لله من عباده خيرتان، فخيرته منالعرب قريش، ومن العجم فارس .
وكان زين العابدين ـ رضي الله عنه ـ من أبر الناس بأمه، وكان لا يأكل معها في صحفة واحدة. فسئل في ذلك، فقال: أكره أن تسبق يدي إلى ما قدسبقت إليه عينها، فأكون قد عققتها.
/ صفحه 176/قد يدعي الإنسان باسم أبيه:
تجوّز اللغة أن يدعي الإنسان باسم أبيه كما نفعل نحن في كثير من الأحيان،وقد جاء في ذلك قول كثير في محمد بن الحنفية:
وصىّ النبي المصطفى وابن عمه
وفكاك أعناق وقاضي مغارم
وفكاك أعناق وقاضي مغارم
وفكاك أعناق وقاضي مغارم
وكقولالآخر:
يحملن عباس بن عبد المطلب
يريد: ابن عباس.
والعرب في هذا الباب أيضاً تجيز إقامة المضاف إليه مقام المضاف، كقول الفرزدق:
ورثتم ثياب المجد فهيلَبوسُكم
عن ابني مناف عبد الشمس وهاشم
عن ابني مناف عبد الشمس وهاشم
عن ابني مناف عبد الشمس وهاشم
قبيلة سعد:
سعد من بين قبائل العرب، مخصوصة بالفصاحة وحسنالبيان، وكان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مسترضعاً فيهم، وظئره حليمة السعدية منهم، وهي التي تسلمته من جده عبد المطلب فحملته إلى المدينة فكانت ترضعه وتقوم علىتربيته. ولما ردته إلى مكة نظر إليه جده ـ وقد نما نمو الهلال وهو يتكلم بفصاحة ـ فامتلأ قلبه سروراً وقال: جمال قريش وفصاحة سعد، وحلاوة يثرب.
وقد قيل للرسول ـصلوات الله عليه ـ: ما رأينا الذي هو أفصح منك ؟ فقال: وما يمنعني من ذلك وأنا من قريش ونشأت في بنى سعد .
البدء بالحمدلة:
قال سهل بن هارون: يجب على كل ذي نعمة، أنيبدأ بحمد الله قبل استفتاحها، كما بدئ بالنعمة قبل استحقاقها.
اسم الله في كتب الرسول:
روى الشعبي: أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كتب أربعة كتب. أولها باسمكاللهم. / صفحه 177/ثم نزلت سورة هود وفيها: باسم الله مَجْريهَا ومُرساها فكتب: باسم الله . ثم نزلت سورة بني إسرائيل، وفيها: قل ادعوا الله أوادعوا الرحمن فكتب باسم الله الرحمن .
ثم نزلت سورة النمل، وفيها: إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم فكتبها. وكان زيد بن ثابت يكره أن يكتب بسم الله ليس فيها سين.
وكان إذا رآها بغير سين مسحها.
وروى أن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ ضرب عمرو بن العاص لما كتب إليه بغير سين.
فقيل له: فيم ضربك ؟.
قال:ضربني في سين.
الحديث أولى من أقوال الأئمة:
كان أبو القاسم الداركي الفقيه الشافعي، ربما أفتى على خلاف مذهب الإمامين أبي حنيفة والشافعي. فيقال له في ذلك؛فيقول: ويحكم ! حدث فلان عن فلان عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بكذا وكذا، والأخذ بالحديث أولى من الأخذ بقول الإمامين.
إبطال تدجيل:
روى ابن أبي الحارث: أنقسًّا راهن على أن الصليب الذي في عنقه من خشب لا يحترق؛ لأنه من العود الذي كان المسيح ـ عليه السلام ـ قد صلب عليه؛ وقد كان يفتن بذلك ناسا من غير أهل النظر. ففطن له بعضالمتكلمين، فأتاهم بقطعة عود تكون بمدينة كرمان فكانت أبقى على النار من صليبه !. أركان الملك:
روى الطرطوشي في سراج الملوك: أن المنصور العباسي قال: ما كانأحوجني أن يكون على بابي أربعة لا يكون على بابي أعف منهم. قيل: من هم يا أمير المؤمنين ؟ قال: هم أركان الملك؛ لا يصلح الملك إلا بهم، كما أن السرير لا يصلح إلا بأربعقوائم، فإن نقصت قائمة واحدة عابه ذلك. / صفحه 178/أحدهم: قاض لا تاخذه في الله لومة لائم.
والثاني: صاحب شرطة ينصف الضعيف من القوى.
والثالث:صاحب خراج يستقصى ولا يظلم الرعية، فإني غني عن ظلمهم.
ثم عض على إصبعه السبابة ثلاث مرات؛ يقول في كل مرة آه. آه !!
قيل: من هو يا أمير المؤمنين ؟
قال: صاحب بريديكتب لي بخبر هؤلاء على الصحة.
الخصاء والروم:
قال الجاحظ: كل خصاء في الدنيا فإنما أصله من قبل الروم، ومن العجب أنهم نصارى وهم يدعون من الرأفة والرحمة، ورقةالقلب والكبد ما لا يدعيه أحد من جميع الأصناف. وحسبك بالخصاء مُثْلة !! وحسبك بصنيع الخاصي قسوة !!. وقد ذكروا: أن عثمان بن مظعون استأذن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـفي السياحة؛ فقال: سياحة أمتي الجماعة .
واستأذنه في الخصاء، فقال: خصاء أمتي الصوم، والصوم وِجاء (1).
بيئة الأنبياء:
لم يبعث الله نبياً قط من الأعراب ولامن الفدادين أهل الوبر. وإنما يبعثهم من أهل القرى، وسكان المدن. نصيحة في الجدل:
يجب على المرء إن يتجنب الجدال في المواضع التي يكثر فيها التعصب لخصمه؛ فإنه لايعدم فيها أحد شيئين. إما الغيظ فتقصر قريحته، وإما الحصر فيعيا بحجته. ويجب عليه ألا يستصغر خصمه، ولا يتهاون به، وإن كان صغير المحل في الجدل؛ فقد يجوز أن يقع لمن لايؤبه له الخاطر الذي لا يقع لمن هو فوقه في الصناعة.
وقد أوصى القدماء بالاحتراس من العدو، وألا يُستصغر منه صغير، والخصم عدو لأنه يجاهدك بلسانه، وهو أقطع سيفيْه كماقال أزدشير:
(1) اوجاء: نوع من الخصاء.