من ثمرات المعقول و المنقول
للشاعر الكبير الأستاذ على الجندىالعميد السابق لكلية دار العلوم الديلم:
جيل من العجم كانت بينهم و بين العرب عداوة راسخة، فصارت العرب تسمى كل عدو ديلميّاً، و في ذلك يقول المتنبى:
و لا نبحت خيلى كلاب قبائل
كأن بها فيالليل حَمْلات ديلم
كأن بها فيالليل حَمْلات ديلم
كأن بها فيالليل حَمْلات ديلم
احترام الاذان:
كانت الكأس في يد سيف الدولة بن حمدان، فحدث أن أذن المؤذن بالصلاة، فوضع سيفالدولة الكأس من يده، و كان المتنبى حاضراً، فقال مرتجلا:
ألا أذّن فما أذكرت ناسى
و لا شغل الامير عن المعالى
و لا عن حقّ خالقهبكاس
ولا ليّنت قلباً و هو قاسى
و لا عن حقّ خالقهبكاس
و لا عن حقّ خالقهبكاس
يلقيهم في النيل:
اتصل قوم من الغلمان في مصر بالامير ((أنجور))الاخشيدى، و حاولوا افساد العلاقات بينه و بين كافور الوصى عليه، فطالبه كافور بتسليمهم اليه فأبى، و جرت وحشة بينهما، ثم سلمهم اليه فألقاهم في النيل!! و اصطلحا بعد ذلك،و هي احدى هفوات كافور على تقواه!!
/ صفحه 232/
من عادات العرب في الحرب:
كان من عاداتهم في الحرب: أن يركبوا الابل، و يَجْنُبوا الخيل - إذا كانت الرحلة طويلة -حتى إذا وصلوا إلى أرض المعركة ركبوا الخيل و هي مستريحة قويه على القتال، و هذا من بصر العرب بالحروب. و معنى: جنبوا اليخل: قادوها إلى جنوبهم.
الشاب والكهل:
فيالمغرب: الشاب ما بين الثلاثين إلى الاربعين، و في الصحاح: الكهل: ما جاوز الثلاثين، فيكون الشاب إلى الثلاثين، و قيل: الكهل ابن ثلاث و ثلاثين. و ذكر الامام النووى: أنسن الكهولة ينقضى ببلوغ أربعين سنة، و تدخل بالاربعين سن الشيخوخة، و ليس بينهما زمان، و الشباب: جمع شاب، و يكون مصدراً بمعنى الحداثة، و هي خلاف الشيب، و لم يجمع فاعلعلى فعال - بفتح العين- غيره. و قد جاء في الحديث: ((الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة)) و معنى الحديث: أن الحسنين سيدا كل من مات شاباً و دخل الجنة، و الإخبار بالشبابلانهما كانا دون ثمان سنوات عند موت الرسول - صلوات الله و سلامه عليه -!! ولكن المتبادر من العبارة أنهما ماتا شابين مع أن سنهما كانت فوق الاربعين بالاجماع.
و الجواب:أن من لم يتجاوز الستين قد يعد في العرف شاباً لا شيخاً، و ما معنى ((شباب أهل الجنة)) مع أن الجنة ليس فيها غير الشباب؟ و الجواب: أن الاضافة: اضافة توضيح باعتبار بيان العامبالخاص.
طلاق الامام للدنيا:
تزينت الدنيا لعلى - (عليه السلام)- فقال لها: أنت طالق ثلاثاً لارجعة لى فيك.
و كانت تكفيه واحدة للسنة، لكنه جمع الثلاث لئلايتصور للهوى جواز المراجعة، و دينه الصحيح، و طبعه السليم يأنفان من المحلل، كيف و هو أحد رواة حديث: ((لعن الله المحلل)).
/ صفحه 233/
حجاب الغفلة:
قال بعضالزهاد: ما علمت أن أحداً سمع بالجنة و النار تأتى عليه ساعة لايطيع الله فيها بذكر أو صلاة أو قراءة أو احسان، فقال له رجل: انى أكثر البكاء. فقال: انك ان تضحك و أنت مقربخطيئتك خير من أن بتكى و أنت مدل بعملك، و ان المدل لا يصعد عمله فوق رأسه!! فقال الرجل: أوصنى، فقال: دع الدنيا لاهلها كما تركوا هم الآخرة لاهلها، و كن في الدنيا كالنحلةان أكلت أكلت طيباً، و ان أطعمت أطعمت طيباً، و ان سقطت على شىء لم تكسره، و لم تخدشه. الأمر و النهى:
قال سهل التسترى: ترك الأمر عند الله أعظم من ارتكاب النهى: لانآدم نُهِى عن أكل الشجرة فأكل منها فتاب عليه، و ابليس أمر أن يسجد لادم فلم يسجد فلم يتب عليه. الخوف من العُجْب:
ذكر ابن سعد في الطبقات عن عمر بن عبدالعزيز: أنهكان إذا خطب على المنبر فخاف على نفسه العجب قطعه!! و إذا كتب كتاباً فخاف فيه العجب مزقه!! و يقول: اللهم انى أعوذ بك من شر نفسى!! حلواء الرسول:
كانت حلواء الرسلو -عليه الصلاة و السلام - المجيع بوزن جميع و المجيع: تمر يعجن باللبن; و العارف بما قاله الاطباء في اللبن و التمر يعرف قيمة هذا الغذاء مع رخصه و يسره و خفته على المعدة وحلاوة مذاقه. مقلة الرحمن:
مقلة الرحمن وردت في قول ابن حمديس الصقلى:
فلك الويل من النار اذا
مقلة الرحمن لم تنظر اليك
مقلة الرحمن لم تنظر اليك
مقلة الرحمن لم تنظر اليك
/ صفحه 234/شمس بن مالك:روى بفتح الشين كما يسمى ببدر ونحوه. و روى بضم الشين، و هوفي هذه الحال يحتمل أن يكون جمع شموس بالفتح; قال الاخطل:
شُمْس العداوة حتى يُستقادَ لهم
و أعظم الناس أحلاماً إذا قدروا
و أعظم الناس أحلاماً إذا قدروا
و أعظم الناس أحلاماً إذا قدروا
العفاء:
العفاء بفتح العين: التراب، قال صفوان بن محرز: إذادخلت بيتى، فأكلت رغيفاً و شربت عليه ماء، فعلى الدنيا العفاء!! أوقل: و قريب من هذا قول بعض الزهاد:
خبز و ماء و ظل
جحدت نعمة ربى
ان قلت:انى مُقل
هو النعيم الاجل
ان قلت:انى مُقل
ان قلت:انى مُقل
أى أشكره معك، أو لاجل نعمته عليك
المكلفون:
المراد بالمكلفين: من يصح تكليفهم، و ان لم يكونوا مكلفين بالفعل، و لذلك قالوا: انوضوء الكافر جائز، حتى إذا أسلم لا يلزمه تجديده مع أنه غير مكلف بالفروع على أصح الاقوال. القراءة المنكوسة:
قال ابن بطال: لا نعلم أحداً قال بوجوب القراءةعلى ترتيب السور، لا داخل الصلاة و لا خارجها، و أما ما جاء عن السلف من النهى عن قراءة القرآن منكوساً / صفحه 235/فالمراد به أن يقرأ آخر السورة إلى أولها. و قدكان جماعة يصنعون ذلك في القصيدة من الشعر مبالغة في حفظها، فمنع السلف ذلك في القرآن، و هو حرام، كما ذكر ابن حجر في باب تأليف القرآن في شرح البخارى.
القيام للمصحف:
في التبيان: أنه يستحب القيام للمصحف إذا قدم به اليه. و يقول عز الدين بن عبدالسلام: القيام للمصحف بدعة لم تعهد في الصدر الاول.
و يقول النعسانى الحلبى: ليسبين العبارتين مغايرة، فليس كل أمر لم يعهد في الصدر الاول يكون مذموماً، نعم انه ليكون من الدين، و صاحب القول الاول: انما ادعى أنه محمود حسن، و لم يذكر أنه من الدين و هوكما قال.
القرآن والحديث القدسى:
قال الكرمانى في أو لكتاب الصوم: القرآن لفظ معجز، و نزل بواسطة جبريل - (عليه السلام)- و الحديث القدسى: غير معجز بدون الواسطة،و مثله: يسمى بالحديث القدسى و الالهى و الربانى. و قال الطيبى: القرآن: هو اللفظ المنزّل به جبريل على النبى -
(عليهما السلام)- و القدسى: إخبار الله - تعالى - معناهللرسول بالالهام أو المنام، فأخبر الرسول أمته به بعبارة نفسه. و الفرق بين الحديث القدسى و سائر الاحاديث: أن القدسى مضاف إلى الله - تعالى - و مروى عنه بخلاف غيره، فانهلايضاف إلى الله - تعالى - و لا يروى عنه، أو أن القدسى: ما يتعلق بتبرئة ذاته - سبحانه - و صفاته الجلالية و الكمالية.
القتل الخطأ:
قال صاحب الهداية: لا اثم فيالقتل الخطأ، و المراد: نفى اثم القتل، فأما في نفسه فلا يعرى عن الاثم من حيث ترك العزيمة، و عدم المبالغة في الحرص و التثبت. و القوانين الوضعية لاتعفى من يقتل خطأ منالعقوبة، الا أنها لا تصل به إلى درجة الاعدام.
/ صفحه 236/
حروف المعجم في بيت:
قال بعض الشعراء:
مُزَرْفَن الصدغ يسطو لحظه عبثاً
بالخلق جذلان ان تشكالهوى ضحكاً
بالخلق جذلان ان تشكالهوى ضحكاً
بالخلق جذلان ان تشكالهوى ضحكاً
اللؤم:
اللؤم: اسم لخصال تجتمع، و هي البخل، و اختيار ماتنفيه المروءة، و الصبر على الدنية، و دناءة النفس، و عدم الاباء. و ضده الكرم: و هو اسم لخصال تضاد خصال اللؤم.
الهُمام:
الملك العظيم الهمة، أو السيدالشجاع السخى، و هو خاص بالرجال. العباد:
أكثر ما تستعمل في الاضافة إلى الله - تعالى -.
و قد أضافها المتنبى في مدح سيف الدولة اليه، فقال:
أنلت عبادك ماأمّلوا
أنالك ربك ما تأمل
أنالك ربك ما تأمل
أنالك ربك ما تأمل
من معانى الحسب:
من معانى الحسب: عدد ذوى قرابة الرجل، من أولاده و غيرهم.
و يفسر ذلك: أنهوازن أتوا النبى - صلى الله عليه و آله و سلم - فقالوا: أنت أبر الناس و أوصلهم، و قد سُبى أبناؤنا و نساؤنا، و أخذت أموالنا، فقال - عليه الصلاة و السلام -: ((اختاروا احدىالطائفتين: اما المال، و اما السبى)) فقالوا: أما إذا خيرتنا بين المال و بين الحسب، فاننا نختار الحسب، فاختاروا أبناءهم و نساءهم، فقال - صلى الله عليه و آله و سلم-: ((اناخيرناهم بين الاموال و الاحساب فلم يعدلوا بالاحساب شيئاً)) فأطلق لهم السى.
قال الازهرى: فبين هذا الحديث: أن عدد أهل بيت الرجل يسمى: حسبا
/ صفحه 237/
تقديمالاناث على الذكور:
ورد تقديم الاناث على الذكور في قوله -تعالى-: ((يهب لمن يشاء اناثاً و يهب لمن يشاء الذكور)) أقول - والله أعلم بمراده- ان تقديم الاناث على الذكور فيمعرض الهبة، يفيد كثرة الاناث على الذكور، فالمعروف منذ بدء الخليقة، أن الطبيعة سخية بالاناث، لان الانوثة مصدر النتاج، و اعتبر في هذا بالدجاج مثلا، فمائة دجاجة معديك خير و أجدى من ألف ديك مع دجاجة، بل ان المقارنة لاتصح; و لهذا يقول الجاحظ: انظر في أى جهة كنت أمامك و خلفك و يمينك و شمالك; فانك لا بد أن تجد عدد الاناث أكثر من عددالذكور. لم أسلمت؟
قيل لبعض الاعراب - و قد أسلم-: عن أى شىء أسلمت؟ و ما ذا رأيت من ذلك على أنه رسول الله؟
فقال: ما أمر بشىء، فقال العقل: ليته نهى عنه، و لا نهىعن شىء، فقال العقل: ليته أمر به، و لاا أحل شياً، فقال العقل: ليته حرمه، و لا حرم شيئاً، فقال العقل: ليته أباحه.
و قد احتج هذا الاعرابى للاسلام بهذه الكلمات القصارالفطرية بما يغنى عن حجج علماء الكلام جميعاً، و أشهد أننى زدت بها ايماناً.
مراتب الزهد:
قال الامام أحمد: الزهد على ثلاثة أوجه: ترك الحرام، و هو زهد العوام، وترك الفضول من الحلال، و هو زهد الخواص، و ترك ما يشغل عن الله و هو زهد العارفين. الزهد و الورع:
قال ابن القيم: سمعت شيخ الاسلام ابن تيمية يقول: الزهد ترك مالاينفع في الاخرة، و الورع ترك ما تخاف ضرره في الاخرة. قال ابن القيم: و هذه العبارة من أحسن ما قيل في الزهد و الورع و أجمعها.
/ صفحه 238/
سُرُج الاسلام:
كان الامام أحمد يرى المحابر بأيدى طلبة العلم، فيقول: هذه سرج الاسلام. وكان هو يحمل المحبرة على كبر سنه، فقال له رجل: إلى متى يا أبا عبدالله؟ فقال: المحبرة إلىالقبر. قطع السارق:
قال بعضهم:
يد بخمس مىء من عسجد وُديِت
تناقض ما لنا الا السكوت له
و نستجبر بمولانا من العار
ما بالها قطعت في ربع دينار
و نستجبر بمولانا من العار
و نستجبر بمولانا من العار
يد بخمس مىء من عسجد وديت
حماية الدم أغلاها، و أرخصها
خيانة المال فانظر حكمة البارى
لكنها قطعت في ربع دينار
خيانة المال فانظر حكمة البارى
خيانة المال فانظر حكمة البارى
وليت شعرى ما ذا يقول هؤلاء في روسيا الحديثة التي تعدم السّرّاق و المرتشين و لانكتفى بقطع أيديهم ((سنريهم آياتنا في الافاق و في أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق)).
رؤيةالله:
سأل أعرابى محمد بن على بن الحسن: هل رأيت الله حين عبدته؟ قال: لم أكن لاعبد من لم أره، قال: فكيف رأيته؟ قال: لم تره الابصار بمشاهدة العيان، ورأته القلوب بحقائقالايمان، لايدرك بالحواس، و لايشبه بالناس، معروف الايات، منعوت بالعلامات، لايجور في القضيّات، ذلك الله الذي لا اله الا هو. فقال الاعرابى: الله أعلم حيث يجعل رسالته./ صفحه 239/
الانتفاع بالقرآن:
إذا أردت الانتفاع بالقرآن، فاجمع قلبك عند تلاوته و سماعه، و ألق سمعك، و احضُر حضور من يخاطبه به من أوحى به سبحانه اليه -و هو الرسول الكريم - فإن القرآن خطاب من الله لك على لسان رسوله، قال تعالى: ((ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع و هو شهيد)) فالقلب: المراد به القلب الحى الذييعقل عن الله تعالى: و ألقى السمع: وجّه سمعه إلى مايقال له، و هو شرط التأثر بالكلام،. و هو شهيد: قال ابن قتيبة: شاهد القلب حاضر غير غائب. فاذا حصل المؤثر و هو القرآن، والمحل القابل و هو القلب الحى، و وجد الشرط و هو الاصغاء، و انتفى المانع و هو اشتغال القلب و ذهوله عن معنى الخطاب، و انصرافه عنه إلى شىء آخر، حصل الاثر، و هو الانتفاع والتذكر. الاوّاب: قال عبيد بن عُمَير: الاواب: الذي يتذكر ذنوبه ثم يستغفر منها.
و قال مجاهد: هو الذي إذا ذكر ذنبه في الخلاء استغفر منه.
و قال سعيد بن المسيب: هوالذي يذنب ثم يتوب، ثم يذنب ثم يتوب.
آية لكشف المرض:
في قوله تعالى: ((و أيوب اذ نادى ربه أنى مسنى الضر و أنت أرحم الراحمين)).جمع في هذا: الدعاء بين حقيقة التوحيد، واظهار الفقر و الفاقة إلى ربه، و وجود طعم المحبة في المتملق له، و الاقرار له بصفة الرحمة و أنه أرحم الراحمين، و التوسل اليه بصفاته سبحانه، و شدة حاجته هو و فقره. قال ابن القيم: و متى وجد المبتلى هذا كشفت عنه بلواه، و قد جرب أنه من قالها سبع مرات و لا سيما مع هذه المعرفة، كشف الله ضره. حديث لزوال الهم:
في المسند و صحيحأبى حاتم من حديث عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه و آله و سلم-: ((ما أصاب عبداً همّ و لا حزن، فقال: اللهم، انى / صفحه 240/عبدك ابن عبدك ابنأمتك، ناصيتى بيدك. ماض فىّ حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعلالقرآن ربيع قلبى، و نور صدرى، و جلاء حزنى، و ذهاب همى و غمى، الا أذهب الله همه و غمه، و أبدله مكانه فرحاً)).
قالوا: يا رسول الله: أفلا نتعلمهن؟ قال: ((بلى: ينبغى لمنسمعهن أن يتعلمهن)).
اللهو واللعب:
يقا لها بالشىء: أى اشتغل به، و يقال: لها عن الشىء: إذا انصرف عنه و اللهو للقلب، و اللعب للجوارج، و لهذا يجمع بينهما، تقول: لها ولعب بالشىء. مراتب التقوى:
التقوى ثلاث مراتب: احداها: حِمَية القلب و الجوارح عن الاثام و المحرمات. و الثانية: حميتها عن المكروهات. و الثالثة: حميتها عن الفضول وما لا يعنى. فالاولى تعطى العبد حياته، و الثانية تفيده صحته و قوته، و الثالثة تكسبه سروره و بهجته. منازل القوم:
أول منازل القوم: اذكروا الله ذكراً كثيراً وسبحوه بكرة و أصيلا، و أوسطها: هو الذي يصلى عليكم و ملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور، و آخرها: تحيتهم يوم يلقونه سلام. حياة الخضر:
أنكر الامام ابن حزمالظاهرى، و شيخ الاسلام ابن تيمية الحرانى امتداد حياة الخضر - (عليه السلام)- و ليس في القرآن الكريم، و لا السنة الصحيحة دليل على حياة الخضر، و لم ينقل عن أحد منالاثبات أنه رأى الخضر صاحب موسى - (عليه السلام)- و القول بحياته إلى يوم القيامة من تلفيق القصاصين و ترويجهم، كالقول بحياة المسيح - (عليه السلام)- و لم تجرالعادة أن يحيا الانسان هذاالعمر الطويل الذي قد يمتد إلى آلاف الملايين من السنين، و الله تعالى يقول: ((و ما جعلنا
/ صفحه 241/لبشر من قبل الخلد)) و لم ينظرأحداً من خلقه إلى يوم القيامة غير ابليس ((انك لمن المنظرين)) فهى خصوصية له و ان تكن لغير مزية و لا أفضلية، ولكن ليبتلى بذلك عباده، و لتتم على ابليس اللعنة و الحرمان.
اختيار الاوقات:
نقل عن الامام على (عليه السلام)-: أنه كان يكره السفر والنكاح في محاق الشهر، و إذا كان القمر في العقرب.
مات حتف أنفه:
الحتف: الهلاك. و قدكان العرب يتخيلون: أن روح المريض تخرج من أنفه، فإن جرح خرجت من جراحته: هكذا في النهاية. و يقول صاحب النهج: المراد به: أن يموت الميت على فراشه من غير أن يعجله القتل،انما يتنفس شيئاً فشيئاً حتى ينقضى; فخص بذلك الانف، لأنه جهة لخروج النفس و حلول الاجل، فالميتة هنا ذات مهلة، فلا يستعمل ذلك في الغرق و الهدم و جميع فجاءات الموت، وانما يستعمل في الميتة المماطلة. النور و الضياء:
في الصحاح النور: الضياء; و لذا يقال: نور القمر، و ضياؤه و ضوءه. وقال الغزالى: النور: يطلق على نفس الذاتالمستنيرة أيضاً، و على غير المحسوس كنور العقل، بخلاف الضياء، و في القاموس: النور: الضوء أيا كان أو شعاعه: أى شعاع الضوء، و محمد - صلى الله عليه و آله و سلم - و الذي يبينالاشياء. و القرآن الكريم أضاف النور إلى القمر، و الضياء إلى الشمس، و هو فقه لغوى دقيق، قال تعالى: ((هو الذي جعل الشمس ضياء و القمر نوراً)). كلمة ذات وجوه:
خطبالامام على (عليه السلام)- يوماً فقال: ما قتلت عثمان، و ما كرهت قتله. و قال في مقام آخر: من كان سائلى عن قتل عثمان فالله قتله و أنا معه. قال ابن سيرين: هذه كلمة قرشيةذات وجوه: أما قوله: ما كرهت قتله، فمعناه: أن قتله كان بقضاء
/ صفحه 242/الله و قدره، و نال درجة الشهادة، و أنا ما كرهت قضاء الله و قدره، و ماكرهت الدرجة التينالها، و قوله في المقام الاخر: الله قتله و أنا معه; فمعناه: أنا معه مقتول اقتل كما قتل هو، فقد كان رسول الله - صلى الله عليه و سلم- أخبره بأنه يستشهد!
دعاء مأثور:
من أدعيتهم: اللهم انى أعوذ بك من مال يكون علىّ فتنة، و من ولد يكون علىّ كلاّ، و من حليلة تقرّب الشيب، و من جار ترانى عيناه و ترعانى أذناه، ان رأى خيراً دفنه، و ان سمعشراً طار به. الصلاة الوسطى:
ذهب الجمهور: إلى أنها: العصر; لانها بين صلاتى نهار و صلاتى ليل، و قد رووا أيضاً في ذلك روايات. بعضها في الصحاح، و قياس مذهبالامامية: أنها المغرب; لان الظهر إذا كانت الاولى كانت المغرب الوسطى، الا أنهم يروون عن أئمتهم: أنها الظهر، و يفسرون الوسطى بمعنى الفضلى، لان الوسط في اللغة هو خياركل شىء، و منه قوله تعالى: ((جعلناكم أمة وسطا)) و قد ذهب إلى أنها المغرب قوم من الفقهاء أيضاً. و قال كثير من الناس: انها الصبح; لانها أيضاً بين صلاتى ليل و صلاتى نهار، ورووا أيضاً فيها روايات، و هو مذهب الشافعى. و من الناس من قال: انها الظهر كقول الامامية. و لم يسمع عن أحد أنها العشاء الا قول شاذ ذكره بعضهم، و قال: لانها بين صلاتينلاتقصران. ورع الخلفاء:
استعدى رجل على الامام علي عمر بين الخطاب - رضى الله عنهما- و كان الامام جالساً، فالتفت اليه عمر و قال: قم يا أبا الحسن فاجلس مع خصمك،فقام الامام فجلس معه و تناظراً. ثم انصرف الرجل و رجع الامام إلى محله، فتبين عمر التغير في وجهه، فقال: يا أبا الحسن، مالى أراك متغيراً؟ أكرهت ما كان؟ قال: نعم. قال: و ماذاك؟ قال: كنيتنى بحضرة خصمى!! هلا قلت: قم يا على فاجلس مع خصمك!! فاعتنق عمر علياً، و جعل يقبل وجهه، و قال: بأبى أنتم!! بكم هدانا الله!! و بكم أخرجنا من الظلمة إلى النور!! / صفحه 243/ظرف الشعبى:
ارتفعت جميلة بنت عيسى بن جراد - و كانت جميلة كاسمها - مع خصم لها إلى الشعبى - و هو قاضى عبدالملك - فقضى لها، فقال هذيل الاشجعى:
فتن الشعبى لما
قتلته بثنايا
و مشت مشياً رويداً
قضى جوراً على الخصـ
ـم و لم يقض عليها
رفع الطرف اليها
ها و قوسى حاجبيها
ثم هزّت منكبيها
ـم و لم يقض عليها
ـم و لم يقض عليها
قال ابن أبى ليلى: ثم انصرف الشعبى يوماً من مجلس القضاء - و قد شاعت الابيات، و تناشدها الناس و نحن معه - فمررنا بخادم تغسلالثياب و تقول:
فتن الشعبى لما
و لا تحفظ تتمة البيت، فوقف عليها و لقنها و قال:
رفع الطرف اليها
ثم ضحك و قال: أبعده الله!! و الله ما قضينا لها الا بالحق!!
فأزلهما الشيطان:
المعنى الصحيح في الاية: أن آدم و حواء كانا مندوبين إلى اجتناب الشجرة، و ترك التناول منها، و لم يكن ذلك عليهما واجباً لازماً; لان الانبياءلايخلون بالواجب. فوسوس لهما الشيطان حتى تناولا من الشجرة، فتركاً مندوباً اليه، و حرماً بذلك أنفسهما الثواب، و سماه ازلالا; لانه حطّ لهما عن درجة الثواب، و هو الافضل.و قوله تعالى في موضع آخر: ((و عصى آدم ربه فغوى)) لاينافي هذا المعنى; لان المعصية قد يسمّى بها من أخل بالواجب و الندب معاً. و قوله: ((فغوى)) أى خاب من حيث لم يتسحق الثواب علىما ندب اليه. نوادر الحصر:
صعد ابن لعدىّ بن أرطاة المنبر، فلما رأى الناس حصر، فقال: الحمدلله الذي يطعم هؤلاء و يسقيهم، و صعد روح بن حاتم المنبر، فلما رأىالناس قد / صفحه 244/رشقوه بأبصارهم، و صرفوا أسماعهم نحوه، قال: نكّسوا رءوسكم، و غضوا أبصاركم، فإن أول مركب صعب، فاذا يسر الله -عزوجل - فتح قفل تيسر، ثم نزل.و خطب مصعب بن حيان خطبة زواج فحصر، فقال: لقنوا موتاكم لا اله الا الله فقالت أم الجارية: عجل الله موتك!! ألهذا دعوناك؟ و خطب مروان بن الحكم فحصر، فقال: اللهم انا نحمدك ونستعينك، و لا نشرك بك. و قيل لرجل من وجوه أمراء القبائل: قم فاصعد المنبر، فلما صعد حصر، فقال: الحمدلله الذي يرزق هؤلاء و بقى ساكتاً. فأنزلوه و أصعدوا آخر من الوجوه،فلما استوى قائماً قابل بوجهه الناس فوقعت عينه على صلعة رجل، فقال: أيها الناس، ان هذا الاصلع قد منعنى الكلام، اللهم فالعن هذه الصلعة!! فأنزلوه!! و قالوا لوازع اليشكرى:قم إلى المنبر فتكلم، فلما صعد و رأى الناس، قال: أيها الناس، انى كنت اليوم كارها لحضور الجمعة، ولكن امرأتى حملتنى على اتيانها، و أنا أشهدكم أنها طالق ثلاثاً، فأنزلوه.و خطب عبدالله بن عامر مرة فأرتج عليه، و كان ذلك اليوم: يوم الاضحى، فقال: لا أجمع عليكم عيناً و لؤماً: من أخذ شاة من السوق فهى له و ثمنها علىّ!!
بل الرفيق الاعلى:
قالت السيدة عائشة: كثيراً ما كنت أسمع رسول الله يقول: ان الله لم يقبض نبياً حتى يخيره، فلما احتضر رسول الله - صلى الله عليه و آله و سلم - كان آخر كلمة سمعتها منه: ((بلالرفيق الاعلى)) فقلت: إذا و الله لايختارنا، و علمت أن ذلك ما كان يقوله من قبل. و قد روى كثير من الناس ندب ((الزهراء)) أباها يوم موته، و بعد ذلك اليوم، و هي ألفاظ معدودةمشهورة، منها: يا أبتاه! جنة الخلد مثواه! يا أبتاه! عند ذى العرش مأواه! يا أبتاه! كان جبريل يغشاه! يا أبتاه! لست بعد اليوم أراه! رحم الله الزهراء!! انها لتقطع قلوبنا بهذاالندب المؤمن النبيل البليغ بعد هذا العهد الطويل، كأنما نسمعه منها الان!! كلمة انفرد بهاالامام:
من قول الامام على - (عليه السلام)-: سلونى قبل أن تفقدونى،فلأنا أعلم / صفحه 245/بطرق السماء منى بطرق الارض، و قد أجمع الناس كلهم على أنه لم يقل أحد من الصحابة و لا أحد من العلماء: ((سلونى)) غير الامام، كما ذكره ابنعبدالبر في كتاب ((الاستيعاب)) و المراد بذلك: ما اختص به من العلم بمستقبل الامور، و لا سيما في الملاحم و الدول، و قد صدّق هذا القول ما تواتر عنه من الاخبار بالغيوبالمتكررة، لامرة و لا مائة مرة، حتى زال الشك و الريب في أنه اخبار عن علم، و أنه ليس على طريق الاتفاق، و قد تأوله قوم على وجه آخر، قالوا: أراد بالاحكام الشرعية، والفتاوى الفقهية، أعلم منى بالامور الدنيوية، فعبر عن تلك بطرق السماء، لانها أحكام الهية، و عبر عن هذه بطرق الارض، لانها من الامور الارضية، قال ابن أبى الحديد: والاول أظهر; لان فحوى الكلام و أوله يدل على أنه المراد.
غسل الرسول:
تولى غسل الرسول - صلى الله عليه و سلم - على و العباس - رضى الله عنهما- و كان الامام يقول بعد ذلك:ما شممت أطيب من ريحه، و لا رأيت أضوأ من وجهه حينئذ، و لم أره يعتاد فاه ما يعتاد أفواه الموتى. من المنكرات:
عن عبدالله بن ظالم قال: لما بويع لمعاوية أقام المغيرةبن شعبة خطباء يلعنون علياً - (عليه السلام)- فقال سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل: ألا ترون إلى هذا الرجل الظالم يأمر بلعن رجل من أهل الجنة؟!
و عن على بن الحسين قال:قال لى مروان بن الحكم: ما كان في القوم أدفع عن صاحبنا من صاحبكم، قلت: فما بالكم تسبونه على المنابر؟ قال: انه لايستقيم لنا الأمر الا بذلك.
و خطب مروان، و الحسن -
(عليه السلام)- جالس. فنال من الامام، فقال الحسن: ويلك يا مروان، أهذا الذي تشتم شر الناس؟ قال: لا ولكنه خير الناس!
و قال عمر بن عبدالعزيز - رضى الله عنه-: كان أبىيخطب فلا يزال مستمراً
/ صفحه 246/في خطبته، حتى إذا صار إلى ذكر على و سبّه، تقطّع لسانه، و اصفر وجهه، و تغيرت حاله، فقلت له في ذلك، فقال: أو قد فطنت لذلك؟ انهؤلاء لو يعلمون من على ما يعلمه أبوك، ما تبعنا منهم رجل!
و سبّ عدى بن أرطاة علياً
(عليه السلام)
- على المنبر، فبكى الحسن البصرى و قال: لقد سبّ هذا اليومرجل، انه لاخو رسول الله - صلى الله عليه و آله و سلم - في الدنيا و الاخرة! و حدث اسماعيل بن ابراهيم قال: كنت أنا و ابراهيم بن يزيد جالسين في الجمعة مما يلى أبواب كندة،فخرج المغيرة بن شعبة فخطب ثم وقع في على -
(عليه السلام)- فضرب ابراهيم على فخذى أو ركبتى، ثم قال: أقبل علىّ فحدثنى; فانا لسنا في جمعة! ألا تسمع ما يقول هذا؟!
و عنأبى بكر بن عبدالله الاصبهانى: أن دعياً لبنى أمية يقال له: خالد بن عبدالله لايزال يشتم عليا -
(عليه السلام)- فلما كان يوم جمعة و هو يخطب الناس قال: و الله ان كان رسولالله - صلى الله عليه و آله و سلم - ليستعمله، و انه ليعلم ما هو!! و لكنه كان ختنه: أى صهره
و كان سعيد بن المسيب قد نعس ففتح عينيه، ثم قال: و يحكم!! ما قال هذا الخبيث؟! لقدرأيت القبر انصدع، و رسول الله - صلى الله عليه و آله و سلم يقول: كذبت يا عدو الله!
و عن أبى عبدالله الجدلى قال: دخلت على السيدة أم سلمة أم المؤمنين، فقالت لى: أيسبرسول الله - صلى الله عليه و آله و سلم - فيكم و أنتم أحياء؟ قلت: و أنى يكون هذا؟ قالت: أليس يسب على - (عليه السلام)- و من يحبه.
و عن السدى قال: بينما أنا بالمدينة عندأحجار الزيت، اذ أقبل راكب على بعير، فوقف فسب عليا -
(عليه السلام)- فحف به الناس ينظرون اليه، فبينما هو كذلك اذ أقبل سعد بن أبى وقاص، فقال: اللهم ان كان سب عبداً لكصالحاً، فأر المسلمين خزيه، قال: فما لبث أن نفر به بعيره فسقط فاندقت عنقه! او كان سعد - رضى الله عنه - مجاب الدعوة.
/ صفحه 247/و قال ابن لعامر بن عبدالله بنالزبير لولده: لاتذكر يا بني علياً الا بخير، فإن بني أمية لعنوه على منابرهم ثمانين سنة، فلم يزده الله بذلك الا رفعة، ان الدنيا لم تبن شيئاً قط الا رجعت على ما بنتفهدمته، و ان الدين لم يبن شيئاً قط و هدمه.
و عن الزهرى قال: قال ابن عباس لمعاوية: ألا تكف عن شتم هذا الرجل؟ قال: ما كنت لافعل حتى يربو عليه الصغير، و يهرم فيهالكبير، فلما ولى عمر بن عبدالعزيز كف عن شتمه، فقال الناس: ترك السنة، و قول الناس مصداق للحديث الشريف الذي رواه عبدالله بن مسعود: ((كيف أنتم إذا شملتكم فتنة يربو عليهاالصغير، و يهرم فيها الكبير، فيجرى عليهاالناس فيتخذونها سنة، فاذا غيّر منها شىء قيل: غيرت السنة)).
و قد وضع عمر - رحمه الله - بدل السب قوله تعالى: ((ان الله يأمربالعدل و الاحسان و ايتاء ذى القربى و ينهى عن الفحشاء و المنكر و البغى يعظكم لعلكم تذكرون)). و قد مدحه الشعراء على ذلك، فمن ذلك قول كثير عزة:
وليت فلم تشتم علياً، ولم تخف
و قلت فصدقت الذي قلت بالذى
فعلت فأضحى راضياً كل مسلم
برياً و لم تتبع مقالة مجرم
فعلت فأضحى راضياً كل مسلم
فعلت فأضحى راضياً كل مسلم
يابن عبدالعزيز لو بكت العين
أنت أنقذتنا من السب و الشتم
غير أنى أقول انك قد طبت
((دير سمعان)) لاعتدت الغوادى
خيرميت من آل مروان ميتك
فتىمن أمية لبكيتك
فلو أمكن الجزاء جزيتك
و ان لم يطب و لم يزك بيتك
خيرميت من آل مروان ميتك
خيرميت من آل مروان ميتك
أيهما أفضل:
لما فتح هولاكو بغداد سنة ست و خمسين و ستمائة، أمر أن يستفتى العلماءأيما أفضل؟ السلطان الكافر العادل، أم السلطان المسلم الجائر؟
ثم جمع العلماء بالمستنصرية لذلك، فلما وقفوا على السؤال أحجموا عن الجواب.
/ صفحه 248/و كانرضى الدين على بن طاوس حاضراً هذا المجلس - و كان مقدماً محترماً - فلما رأى احجامهم تناول رقعة السؤال، و وضع خطه فيها بتفضيل الكافر العادل على المسلم الجائر، فوضع الناسخطوطهم بعده. روى هذه القصة الفخرى في تاريخه، و لا شك أن المراد: الافضلية في الحكم و السياسة و الولاية.
العبث المدمر:
لعب محمد الامين الخليفة العباسى مع وزيرهالفضل بن الربيع بالنرد، فتراهنا في خاتميهما، فغلب الامين فأخذ الخاتم، و أرسل في الحال و أحضر صائغاً - و كان على الخاتم مكتوب: الفضل بن الربيع - فقال للصائغ انقش تحته((يُصفع)) فنقش الصائغ ذلك في الحال، ثم أعاد الخاتم إلى وزيره و هو لا يعلم ما نقش عليه. ثم مضت على ذلك مدة، فبعد أيام دخل الفضل عليه، فقال الامين: ما على خاتمك مكتوب؟قال: اسمى و اسم أبى، فتناوله الامين و قال له: ما هذا المكتوب تحت اسمك؟ فلما قرأه الفضل فهم القضية و قال: لا حول و لا قوة الا بالله العلى العظيم!! هذا و الله هو الخذلانالمبين!!
أنا وزيرك ولى كذا و كذا يوماً أختم الكتب بهذا إلى الاطراف و هو على هذه الصفة!! هذا و الله آخر الدولة و دمارها!! و الله لاأفلحت و لا أفلحنا معك.
فكانتالفتنة بعد ذلك بيسير.
بناء بغداد:لما أراد المنصور بناء بغداد، سأل بعض رهبان الدير المعروف هناك بدير الروم أحد حشايته عنه، فقال له: أميرالمؤمنين المنصور،فقال له: ما اسمه؟ قال: عبدالله، قال: فهل له اسم آخر؟ قال: اللهم لا، الا أن كنيته أبو جعفر و لقبه المنصور.
قال الراهب: فاذهب اليه و قل له: لاتتعب نفسك في بناء هذهالمدينة فانا نجد في كتبنا أن رجلا اسمه ((مقلاص)) يبنى ههنا مدينة، و يكون لها شأن من الشأن، و أن غيره لايتمكن من ذلك.
فجاء الرجل إلى المنصور و أخبره بما قال لراهب،فنزل المنصور عن دابته
/ صفحه 249/و سجد طويلا، ثم قال: أما و الله كان اسمى مقلاصاً، و كان هذا اللقب قد غلب على ثم ذهب عنى.
و ذلك: أن لصاً كان في صباى يسمىمقلاصا، و كانت تضرب به الامثال، و كانت لنا عجوز تربيتى، فاتفق: أن صبيان المكتب جاءوا يوماً الىّ و قالوا لى: نحن اليوم أضيافك و لم يكن معى ماأنفقه عليه، فأخذت غزلها وبعته و أنفقته عليهم فلما علمت العجوز أنى سرقت غزلها سمتنى مقلاصا، و غلب هذا اللقب على، ثم ذهب عنى، و الان عرفت أنى أبني هذه المدينة!!
صورة تذكرة بخالقها:
قالبعض الادباء الحكماء: الجمال الصريح: ما استنطق الافواه بالتسبيح و قال الجندى:
ليت شعرى ما رابني من جمال
رب حسن هدى إلى خالق الحسـ
و دعاء باسم الملاحة يزجى
ذكّرينا يا ((جُمْلُ)) بالله، فالله
و ارجعينا إلى الحياة،فقد متـ
شقى الناس بالجمال، و يشقى
لو دروا سرّه أظلهم السّلـ
ليت من أشعلوا البسيطة ناراً
عرفوه!! فلم يصبنا البلاء
هو لله حجّة بيضاء
نحيارى لم تهدهم أنبياء
تتلقاه بالقبول السماء
جمال هامت به الاصفياء
ـنا و ان ظُنّ أننا أحياء
في ظلال السعادة الاغبياء
ـم و رفّت عليهم النّعماء
عرفوه!! فلم يصبنا البلاء
عرفوه!! فلم يصبنا البلاء