ثم التفت إلى كميل بن زياد؛ فقال: يا كميل بن زياد، اطلبهم.
قال كميل: وأينأطلبهم يا أمير المؤمنين؟.
قال: في أطراف الأرض تجدهم؛ قد اتخذوا الأرض فراشاً، والماء طيباً، والقرآن شعاراً، والدعاء دثاراً(2)، باكين العيون، يقرضون العيشقرضاً(3)، إن غابوا لم يفتقدوا(4)، وان شهدوا لم يعرفوا , وإن خطبوا لم يزوجوا، وإن قالوا لم ينصت لقولهم، يدفع الله ـ عز وجل ـ بهم العاهات والآفات والبلايا عن الناس، وبهميسقي الله ـ عز وجل ـ العباد الغيث من السماء، وينزل القطر من السحاب، أولئك عباد الله حقاً.
وصية الجليلة:
قال أبن عباس: ما انتفعت بشيء بعد النبي ـ صلى الله عليهوسلم ـ انتفاعي بكلمات كتبهن إلي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ قال: كتب إليّ: (بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، فإن المرء يفرح بإدراك ما لم يكن ليفوته،ويغتنم لفوت ما لم يكن ليدركه!! فإذا آتاك الله من الدنيا شيئاً فلا تكثرون به فرحاً، وإذا منعك منها فلا تكثرن عليه حزناً!! وليكن همك لما بعد الموت، والسلام. إفحاميهودي:
جاء رجل من اليهود إلى الإمام علي ـ عليه السلام ـ فقال: يا أمير المؤمنين، حتى كان ربنا؟. (1) النسمة: النفس.(2) الشعار: الثوب الذييلي الجسد، والدثار يكون فوق الشعار.(3) يقرضون العيش… المراد عدم الكون إلي الدتيا.(4) لم يفتقدوا: لا يسأل عنهم.