آراء الاجتماعیة فی نهج البلاغة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

آراء الاجتماعیة فی نهج البلاغة - نسخه متنی

عبدالوهاب حموده

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الآراء الاجتماعّية

الآراء الاجتماعّية

في نهج البلاغة

لحضرة الأستاذ عبد الوهاب حموده

أستاذ الأدب الحديث بكلية الآداببجامعة فؤاد الأول

لسنا بصدد تحقيق نسبة كتاب «نهج البلاغة» الى الامام على رضى الله عنه، أو الى جامعه الشريف الرضى، فان لذلك مجالا غير هذا.

غير أنه مما لا شكفيه عند أحد من أدباء هذا العصر، و لا عند أحد ممن تقدمهم في أن أكثر ما تضمنه «نهج البلاغة» هو من كلام أمير المؤمنين رضوان الله عليه.

و على ضوة هذا الرأى نحن ننظر فيالكتاب فنبحث في مطاويه، و نمتع الذهن بأسرار معانيه، و نستخرج منه الآراء الناضجة الا جتماعية، و الأفكار الخالدة الانسانية.

و ان الباحث ليتملكه الدهش حين يرىلأدب آل البيت جميعا سمات خاصة و خصائص متمايزة، لافرق في ذلك بين رجالهم و نسائهم و خطبائهم و شعرائهم.

فان لأدب كل جماعة سمات تستمد من وجداناتهم، و صدق عواطفهم، ونبل مقاصدهم، و دقة مشاعرهم.

فمن سمات أدب آل البيت صدق العاطفة. وجزالة الأسلوب، و سمو المقصد، و حرارة العبارة، و قوة الايمان، و رسوخ العقيدة، و توقد الوجدان .

و لا عجب في ذلك، فان الأدب ينهض في عصور المشادة لاعصور اللين و الأمن، و ان عصور الأمن عصور طراوة ودعة لاتحفز النفوس، و لا تستثير قواها الكامنة.

و على النقيض منذلك عصور المشادة و الجهاد التى تحرك أعمق اعماق النفوس و تثير كل تياراتها، و تبتعث رواقدها، لما تتطلبه طبيعة العراك من استمداد كل قوة، و افراغ كل جهد.

ان الاضطهادالعنيف لم يترك في أدب آل البيت أنيناً و شكوى، و لا بكاءو لا عويلا، و انما ترك قوة صامدة، و تحقيراً لأمر الدنيا، و اعظاماً للجهاد، و اكباراً للتضحية.

و لم يكن لآلالبيت أسلوب قوى فحسب، بل كانت معانيهم أيضاً قوية، فقد اصطبغت هذه المعانى بالمثل الأعلى للايمان و العقيدة، فاكتسبت رونقا و جلالا و عظمة و جمالا.

و لاغرو فقدقدموا في سبيل هذه العقيدة أغلى ما يمكن أن يقدمه انسان قربانا لعقيدة، و هى أنفسهم الزكية، وأرواحهم الطاهرة، أليس يقول الامام رضى الله عنه:«لنا حق فان أعطيناه، و الاركبنا أعجاز الابل و ان طال السرى».

و قد اجتمع له رضى الله عنه في كتاب «نهج البلاغة» ما يجتمع لكبار الحكماء و أفذاذ الفلاسفة، و نوابغ الربانيين من آيات الحكمةالسامية، و قواعد السياسة المستقيمة، و من كل موعظة باهرة، و حجة بالغة، و آراء اجتماعية، و أسس حربية، مما يشهد للامام بالفضل و حسن الأثر.

فأنت و اجد في خطبه ووصاياه رضوان الله عنه ملتقى العاطفة المشبوبة و الاحساس المتطلع الى الرحمة و الاكبار، فقد كانت حياته و حياة أبنائه سلسلة من الجهاد و الصراع و الاضطهاد و الجلاد.

فكان رضى الله عنه شجاعا غير بغى، قوياً في غير قسوة، سليم الصدر من الضغن و الحقد، برى ء النفس من حب الانتقام و الغرور، لايتكلف و لايحتال على أن يتكلف، بل كان يقول:«شرالاخوان من تكلف له».

و كان لايعرف غير طريق واحدة هى طريق الصراحة التى تكشف عن قرارة نفسه، فهو في طلب الحق لاتلين قناته، و لا تأخذه فيه هوادة، و هو يربأ بنفسه أنيستهوى الأفئدة بالمداجاة و المقاربة و بذل العطاء كما كان يفعل سواه.

و من اليسير أن نعرف سياسة الامام بينه و بين رعاياه من غير حاجة الى الاطالة في التعريف و سردالامثال. فانها سياسة الرجل الذى شاه القدر أن يجعله فدية للخلافة الدينية في نضالها الأخير مع الدولة الدنيوية، فهى سياسة أقرب الى المساواة، و أدنى الى رعاية الضعفاء،فالناس في الحقوق سواه، لامحاباة لقوى، و لااجحاف بضعيف، فالروح الانسان هو قوام الحكومة الامامية.

فمن آرائه الاجتماعية أنه رضى الله عند قد دعا الى التعاون دعوةصريحة في عبارة نبيلة حيث قال يودع جنوداً ذاهبين الى القتال:

«و أى امرى ء منكم أحس من نفسه رباطة جأش عند اللقاء، و رأى من أحد اخوانه فشلا. فليذب ّ عن أخيه بفضلنجدته كما يذب عن نفسه، فلو شاءالله الجعله مثله».

و هو لا يزال يلح في دعوته الى التعاون، و انه ليسوقها في منطق واضح و حجة لازمة:«أيها الناس انه لايستغنى الرجل و انكان اذا مال عن عشيرته و دفاعهم عنه بأيديهم و ألسنتهم».

فالانسان مدنى بالطبع أو هو كما وصفه فيلسوف اليونان أرسطو «حيوان اجتماعى» و لهذا دعا الامام دعوته.

و مامربنا من دعوة الامام الى التعاون، ليس الا بعض دعوته الى (الحب العام) فان قلبه النبيل قد غمر بهذه العاطفة الشريفة، و ثبتها ايمانه القوى المنقطع النظير. و ليس هذا بغريبممن صادق النبى صلوات الله و سلامه عليه و شاطره آلامه و جهاده، فشعر بحلاوة الصداقة، و ذاق جمال الأخوة.

و ان النزعة الد يمقر الطية في كتاب «نهج البلاغه» أبين من أنتحتاج الى بيان. فهو فضل العامة على الخاصة، و ان سخط الخاصة، و هذا عرفان منه لخطر العامة و مبلغ تأثير هم في صلاح الأمة و فسادها، فقال :

«ان سخط العامة يجحف برضىالخاصة، و ان سخط الخاصة يغتفرمع رضا العامة، و ليس أحد من الرعية أثقل على الوالى مؤونة في الرخاء و أقل معونة له في البلاء، و أكره للانصاف، و أسأل بالالحاف، و أقل شكراًأعند الاعطاء و ابطاً عذراً عند المنع، و أضعف صبرا عند ملمات الدهر، من أهل الخاصة. و انما عماد الدين و جماع المسلمين، و العدة للأعداء: العامة، فليكن صفوك لهم، و ميلكمعهم» فهذا كلام صريح في تفضيلهم، و الاعتماد عليهم.

غيرأنا نقف برهة عند هذا الاندفاع، نقف لنسمع الاعتدال في الرأى و الأصالة في الحزم، و الدقة في الفكرة، يقول رضىالله عنه في وصية له :

«ثم الصق بذوى الأحساب و أهل البيوتات الصالحة، و السوابق الحسنة، ثم أهل النجدة و الشجاعة، و السخاء و السماحة».

نعم ان هذا النغمة قد تبدوشاذة، و لكن ينبغى ألا نرتاع لها و لنكمل استمتاعنا بأنشودة الامام الحبيبة، فان وصيته بالا لتصاق بذوى الأحساب لاتنافي الديمقراطية فهو لم يدع الى تمييزهم، و انما دعاالى الانتفاع بما عند هم، و كثيراً ما يتسق نبل الأخلاق مع نبل الدماء، ثم ان الامام أتبع ذلك بقوله «و السوابق الحسنه ثم أهل النجدة و الشجاعة و السماحة» و هولاء يكونونمن هذه الطبقة كما يكونون من تلك دون تمييز، على أن الامام قد تأثر فيما يبدو بما كان عند العرب من احترام للأنساب و تفاخربها.

و اذا كان الامام قد أخذ بالد يمقراطيةكما وضح فمن الطبيعى أن نراه نصيرا للحرية، يهيب بابنه «و لا تكن عبد غيرك و قد خلقك الله حرا».

و لكن الامام لم ينس أن للجمهور سيئاته، كما أن له حسناتة، فلنسمع كلمةالامام في الغوغاء، قال :

«الناس ثلاثة: فعالم ربانى، و متعلم على سبيل نجاة، و همج رعاع اتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، و لم يلجئوا الى ركنوثيق».

ووصف الغوغاء في موضع آخر بأنهم من اذا اجتمعوا غلبوا، و اذا تفرقوا لم يعرفوا، ووصفهم مرة أخرى بأنهم من اذا اجتمعوا ضروا، و اذا تفرقوا نفعوا، لأن كل صانعينصرف الى عمله فيحصل النفع.

و قد وضع الامام اصبعه على آفة من آفات الجماهير و طبيعة من أخص طبائعهم، و هى سرعة التقلب، و قد وضحها «شكسبير» أبلغ توضيح في رواية«يوليوس قيصر».

و قد أمر رضى الله عنه باحترام التقاليد الشعبية، و العادات الاجتماعية، فكان حكيما بعيد النظر في سياسة الجماعات، و ما زلنا نرى ساسة الأمم يفشلونحين يتجاهلون للشعوب تقاليدها، و للجاعات عرفها، قال الامام :

«و لاتنقض سنة صالحة عمل بها صدور هذه الأمة، و اجتمعت بها الألفة و صلحت بها الرعية».

و اذا أردت وصفاً دقيقا يصدّق الحكمة القائلة «التاريخ يعيد نفسه» فاستمع اليه و هو يصف مجتمعه بأوصاف كأنهم يعيشون بيننا و يتنقلون بين أظهر نا، فيقول: «و اعلمواـ رحمكم الله ـ أنكمفي زمان القبائل فيه بالحق قليل، و اللسان عن الصدق كليل، و اللازم للحق ذليل، أهله معتكفون على العصيان، مصطلحون على الادهان، فتاهم عارم ـ شرس ـ و شائبهم آثم، و عالمهممنافق، و قارئهم مماذق ـ غاش مخادع ـ لايعظم صغير هم كبير هم، و لايعول غنيهم فقير هم». و كان دستوره رضى الله عنه في تحصيل الضرائب، الرفق بالأهلين، و عدم بيع شى ء ضرورى،و هذا ما تفعله قوانينا الحديثة، من منع الحجز على الملابس، و مرتبات الموظفين، و كل ما يقوم به الأود، فيقول:«و لا تبيعُن للناس في الخراج كسوة شتاه و لاصيف ولا دابةيعتمدون عليها، فان شكوا ثقلا ـ أى ثقل المضروب عليهم من مال الخراج ـ أو علة أو انقطاع شرب ـ أى ماء في بلاد تسقى بالانهارـ أو بالّةـ أى ما يبل الأرض من ندى و مطر ـ أواحالة أرض اغتمرها غرق ـ أى تحويلها البذر الى فساد بالتعفن لما اغتمرها و عمها من الغرق ـ أو أجحف بها عطش، خففت عنهم بما ترجو أن يصلح به أمرهم»، و هذا بعد نظر، و سياسةمالية حكيمة، تزيد وضوحا في قوله:

«تفقد أمر الخراج بما يصلح أهله، فان في صلاحه و صلاحهم صلاحا لمن سواهم، و لا صلاح لمن سواهم الابهم، لأن الناس كلهم عيال علىالخراج و أهله.

و ليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج، لأن ذلك لايدرك الا بالعمارة، و من طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد و أهلك العباد، و لميستقم أمره الا قليلا، و انما يؤتى خراب الأرض من اعواز أهلها، و انما يعوز أهلها لاسراف الولاة على الجمع و سوء ظنهم بالبقاء و قلة انتفاعهم بالعبر».

و قد أدى بُعدنظر الامام به الى أن يدعو الى تقسيم الأعمال و توزيعها و هو المبدأ الذى لم تعرفه المدنية الا حديثاً فقال :

«و اجعل لكن انسان من خدمك عملا تأخذه به فانه أحرى ألايتوا كلوا في خدمتك» و قال من رسالة الى الأشتر النخعى أيضاً:

«و اعلم أن الرعية طبقات لايصلح بعضها الا ببعض، ولا غنى ببعضها عن بعض، فمنها جنود الله، و منها كتابالعامة و الخاصة، و منها قضاة العدل، و منها عمال الانصاف و الرفق ،و منها أهل الجزية و الخراج، و منها التجار و أهل الصناعات، و منها طبقة السفلى من ذوى الحاجة و المسكنة».

ثم فصل بعد ذلك وظيفة كل فرقة تفصيلا يذكرنا بتقسيم افلاطون لطبقات المجتمع حين شبهه بجسم الانسان، فيه القوة العقلية يقوم بها الكتاب و المفكرون، و القوة الغضبيةيمثلها الجيش، و القوة الشهوية يقوم بها الصناع و الزراع.

أما نصائحه و سننه التى و ضعها لأفراد المجتمع في معاملة بعضهم بعضا فكثيرة يعسر حصرها، منها:

لاتتخذنعدو صديقك صديقا فتعادى صديقك.

و لا تضيعن حق أخيك اتكالا على ما بينك و بينه فانه ليس لك بأخ من أضعت حقه.

و لا يكون الصديق صديقاً حتى يحفظ أخاه في ثلاثد: في نكبتهو غيبته و وفاته.

صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة و الصيام.

و بعد: فهذا بحر لاساحل له، و كنز لاتنفد ذخائره، و منار لايطفأ اشعاعه فجزاه الله عن الاسلام والمسلمين خيراً؟

/ 1