اقیمو اصرح الاصلاح علی أساس من العلم نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

اقیمو اصرح الاصلاح علی أساس من العلم - نسخه متنی

عبدالمجید سلیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

اَقيموُ اصَرْحَ الاصلاح عَلَ أسَاسٍ منَ العِلْمْ

اَقيموُ اصَرْحَ الاصلاح عَلَ أسَاسٍ منَ العِلْمْ

لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذالجليل

الشيخ عبد المجيد سليم

رئيس لجنة الفتوى بالأزهر و وكيل جماعة التقريب

«يرفع الله الذين آمنوا منكم و الذين أوتوا العلم درجات»

لما ألفت(جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية) انفتح للمسلمين باب عظيم من الأمل فى أن تتنزل عليهم رحمة من الله تعم بلادهم و شعوبهم، و تدفع بهم فى طريق الخلاص من الضعف الذىانتابهم، و الذل الذى أصابهم، والشتات الذى فرق بين قلوبهم، و قال المخلصون لهذه الأمة، الغُيُر على هذه الملة: جماعة من أهل العلم، و أولى الرأى يمثون المذاهب المختلفةفى العالم الإسلامي، قد انعقدت بينهم آصرة جديدة من أو اصر المودة و القربى، و يُسرت وسيلة ناجعة من وسائل التفاهم و الشورى، و إنهم لواصلون بإذن الله إلى ما يبتغون منتأليف قلوب المسلمين، و جمعهم على كلمة سواء: أن يؤمنوا بما آمن به الرسول و المؤمنون، و أن يمحصوا ما يعرض لهم من مسائل الخلاف تمحيص الصادقين المخلصين للحق، الذين لايبتغون الفلج، و لا يتنازعون الغلب، و أن يعود و اكما كانوا أمة واحدة، رائدها كلمة الله، و غايتها إعزاز دينه و نشر شريعته، و إبلاغ العالمين رسالة خاتم النبين.

 

/ صفحه 130/

و كان من أهم ما اغتبطتُ له، و استبشرت خيرا به، أن هذه الجماعة قد أخذت على عاتقها تبصير المسلمين بحقيقة دينهم، و أن تجلى لهم أصوله و مبادئهو علومه حتى يعرفوه، فإنهم إذا عرفوه عشِقوه، و أذا عشقوه لم يؤثروا عليه شيئا، ولم يدخروا فى سبيل نصرته و سعا، فيصلح الله به أمر آخرهم، كما أصلح به أمر أولهم.

***

لقد خالطت بشاشة الإيمان قلوب المسلمين الأولين، فاستبسلوا فى نصرة الحق و شرَوْا أنفسهم و أموالهم فى سبيل الله، و خاضوا بإيمانهم كل مخاض، حتى زلزلوا و بسطوا لواءالعدل و الأمن على عالم كان قبلهم مضطرباً يسوده البغى والخوف، و كانت هيبتهم تسبقهم، و تعاليمهم القوية الواضحة تعزو القلوب قبل أن يغزوا البلاد، و ما كان هذا الإيمانالذى جعل الله به من بعد ضعف قوة، و من بعد ذل عزة، إلا أثراً من آثار العلم الصحيح، و المعرفة الواضحة، و قد فطن لذلك أعداء الإسلام حيث تتبعوا أمر المسلمين فعلموا أنتمسكهم بدينهم، و إقبالهم على التضيحة فى سبيله بكل مرتخص وغال، هو سر قوتهم، ومبعث هيبتهم، فكان لابد لهم أن يعرفوا المسلمين عن دينهم، و أن يدخلوا عليهم الوهن من قبلالتفريط فيه، و التخلى عنه، لكنهم لم يستطيعوا أن يأتوا إلى ذلك واضحين، فعمدوا إلى الحيلة و الخديعة، فكان من ذلك أنهم دسوا على الدين فى غفلة المسلمين ما ليس منه،فشوهوا جماله، بالأ كاذيب تارة، و بالبدع تارة، و بإثارة أسباب للخلاف مصطنعة بين الطوائف الإسلامية أحيانا، و كان من ذلك أنهم قاوموا التعليم الدينى بشتى الوسائل،فضيقوا على أهله، و أغروا بينهم الهداوات، و حاربوا الكفايات، و نصروا الجهالات، و أغدقوا المال و النعيم و الجاه على كل من جرى فى سبيلهم، و أعانهم على إثمهم، و كان منذلك أنهم أحلوا القوانين الوضعية محل الشريعة فى البلاد الإسلامية، و اجتلبوا تلك القوانين من بلاد الغرب كما هى دون أن يراعوا أخلاق البلاد و تقاليدها، فأباحوا الخمورو الربا و المعاملات المحرمة، و خذلوا الفضيلة،

 

/ صفحه 131/

و نصرا الزذيلة باسم المدينة أو الحرية، و زينوا لأبناء الإسلام تقاليد الفجور، و بذروا فىالبلاد بذور الزيغ و الإلحاد، و كرموا كل طاعن فى الدين، متهجم على العقائد، مستهزئ بأحكام الله.

بهذا كله جهلت الأمة ـ عامتها و كثير من خاصتها ـ تعاليم دينها، بلنفرت منها و عادتها، و صرنا نسمع فى كثير من الأحيان لوما و تقريعا للمتمسكين بدينهم، و حمدا و تشجيعا للمتفلتين منه، و قديما قيل: من جهل شيئاً عاداه.

فاذا كان أولالسلسلة فى إضعاف هذه الأمة و العمل إذلالها، هو صرفها عن دينها بالحيلولة بينها و بين فهم هذا الدين فهما صحيحا، و إدراك أنه سر سعادتها، و منبع عضمتها عن طريق العلم به،و التعمق فى أصوله و مبادئه؛ فان أول ما يجب على هذه الأمة ـ إذا أرادت أن تستعيد مجدها، و أن تتبو، فى العالم سامى مكانتها ـ أن تعنى بالعلم و المعرفة و الإدراك الصحيح،فتعرف دينها و عقائدها، و تنفى عنما كل شائبة من شوائب الجهل و التلبيس، و تعرف شريعتها و ما تكفله من سعادة و عزة فى الحياة، و تعرف وسائل القوة و الغلب فى العصر الذى تعيشفيه، و تعرف حقائق التاريخ الصحيحة و أسرار تطوراته، و سنة الله المطردة فيه من نصر الأمم إذا استقامت، و خذلانها دذا التوت، و من استقرار أحوالها، و سعادة أفرادها،بالخلق و الدين و الفضيلة، و اضطرابها و شقائها و ذلها باضداد ذلك. و إن هذا الدين ليدعو إلى العلم، و يكرم العلماء أعظم تكريم، و يحض على النظر فى ملكوت السموات و الأرض، ويأمر بإعداد القوة لدفع غائلة الإعداء، و بأن تكون الأمة على أهبة الاستعداد فى كل وقت لمقاو,ة الطامعين فيها، و العادين عليها.

ولا شك أن من أول ذلك و أوجبه أن تكون منالأمة فئة خبيرة بالمستحدثات فى شئون الدفاع و الحرب، و فئة محيطة بضروب الاقتصاد و وسائل الاستغلال الصحيحة، و غير ذلك مما به تكون الأمة قوية ذات منعه يخشاها عدوها.

 

/ صفحه 132/

لقد طغت فى هذه الأيام موجة من التهاون بالعلم، و زين للشباب هجر دوره، و التخفف من أعبائه و تكاليفه، ونظر كثيرمنهم إلى المدارس و المعاهد، لاعلى أنها دور أعدتها الأمة للتزود بالعلم، ولكن على أنها وسائل للحصول على الشهادات الدراسية ثم الوظائف التى تدر على أصحابها المال الرتيب، و الحياة الوادعة، و لذلكيقصرون هممهم على التطلع لضمان مستقبلهم، و الا طمئنان إلى القيمة المادية التى تقدر بها شهاداتهم، فهم فى ذلك يتنافسون، و فى سبيله يجاهدون، ولم يعد أحد يدرس العلم حبافى العلم، و تطلعا إلى التكمّل بالمعرفه، و لم تعد فضايا العلم و مسائله هى الشغل الشاغل للأساتذة و الطلاب كما كانت فى الماضي، و ضعف المشرفون على الطلاب ضعفا ينذربأسوا، العواقب، و أصبحنا نرى الأمور تتقرر، و المناهج توضع أو تعدل أو تلغى رعاية لمقتضيات بعيدة عن المصلحة، بل منافرة لها، و بهذا كله سارت السياسة التوجيهية فىالتعليم سيرا عكسيا، فأصبح الموّجهون موجّهين، و مضى الركب العلى يتخبط فى طلمات الجهالات، لا يعرف طريقا، ولا يهتدى سبيلا.

هذا هو السر الحقيقى فى ضعف الأمة، و هذاهو أساس الداء العضال الذى منيت به، فمن أراد العلاج فليبدأ علاجه من هذه النقطة.

أن أبناء الأمس هم رجال اليوم، و أبناء اليوم هم رجال الغد، فاذا ترادف على الأمةأجيال من أهلها دلك مبلغهم من العلم، و حظهم من الدين، تولوَّا شئونها بأيد ضعيفة، و قلوب واهنة، و عزائهم منحلة، وبهذا تخبو جذوتها، و تركد ريحها، و تسرع إليها عواملالفساد و الضعف حتى تموت، أو تحيا حياة ضئيلة، خير منها الموت و الفناء.

إن الإمم ليست بكثرة أفرادها و عديدها، ولكن بروحها و إيمانها و خلقها، ولعمرى إن سبيل ذلك لهوالعلم.؟

/ 1