المؤسسة التعليمية الدينية
الحوزات العلمية عند الشيعة الامامية(1) الشيخ محمد مهدي الاصفي
رئيسالهئية العلمية للمجع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية
تمهيد
(ولولا نفر من كل فرقة طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوااليهم لعلهم يحذرون). (2) هذه الآية الكريمة من سورة التوبة هي الأساس للمؤسسة الدينية التعليمية، وهي تحض المؤمنين أن تنفر من كل فرقة منهم طائفة للتفقّه فيالدين، لينهضوا بدور الانذار والتبشير والتثقيف إذا رجعوا اليهم.
وإذا كان التفقّه في الدين في عصر الوحي يتمّ في فترة زمنية قصيرة فإن التفقه في الدين يحتاجاليوم الى زمن طويل وجهد كبير، ودراسة منظمة؛ وذلك للتعقيد الحاصل في الظروف الاجتماعية والاقتصادية والادارية والقانونية لحياة الناس، وهذا التعقيد يتطلّب جهداً اكبرللاجابة على مسائل الناس الفقهية.
هذا من جانب، ومن جانب آخر للتطور الحاصل خلال هذه العصور، في آلية الاجتهاد والفقاهة، والتي تمكّن الفقيه من تغطية مساحاتواسعة من حياة الناس فقهيّاً.
ومن جانب ثالث تزايد الحاجة الى الثقافة الاسلامية نتيجة التعقيدات الحاصلة في الساحة الثقافية، وتتطلب هذه الحاجة من طالب العلمجهداً أكبر ليتمكن من تثقيف الناس بثقافة الوحي، وإزالة الشبهة والشكوك عن ثقافة الوحي.
وكل ذلك يتطلب أن يحقق المسلمون حالة الاستنفار للتفقه في الدين، الىجانب الاستنفار لمجاهدة النفس، وهذا الاستنفار حكم من أحكام الدين.
وانطلاقاً من هذه الآية المباركة من سورة التوبة أقام المسلمون المؤسسات والمدارس للتعليمالديني على امتداد التاريخ، وقد حفظت لنا هذه المؤسسات والجوامع والمدارس الدينية أصالة ونقاوة الفكر الديني النابع من الوحي الى اليوم.
ورغم أن بلاد المسلمينقد تعرضت لهزّات ومصائب كثيرة نتيجة التقلّبات السياسية؛ إلا أن هذه المدارس والحوزات الدينية بقيت تحافظ على أصالة هذا الدين، وارتباط المسلمين بدين الله، والتزامهمبأحكامه وحدوده، على امتداد هذا التاريخ الطويل.
وهذه الجوامع والمدارس والحوزات تنتشر في رقاع وأقاليم كثيرة من العالم الإسلامي كالحرمين الشريفين والنجف فيالعراق، وقم في ايران والزيتونة في تونس، والأزهر في مصر، والقرويين في المغرب، وندوة العلماء في الهند، وغيرها من الحوزات والجوامع العلمية التي حفظت لنا القرآنوالحديث والفقه والتراث والعقيدة والأخلاق والثقافة الاسلامية النابعة من الوحي.
وكانت بمثابة الحصون المنيعة التي حفظت هذا الدين من عوامل التخريب الكثيرةالتي استهدفت رسالة الله تعالى الى هذا اليوم.
ومن الطبيعي ان تتأثر هذه الحواضر العلمية سلباً وايجاباً بالظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، إلا أنهاتمكنت من أداء رسالتها، في كل الظروف ضمن مدّ وجزر الى اليوم الحاضر.
وعندما تساقطت قلاعنا أمام الغزو الثقافي والحضاري القادم من الغرب؛ كانت هذه المراكز منالمراكز القليلة التي قاومت هذا التيار الزاحف من الغرب، ولم تسقط في هذا الصراع الحضاري الذي تعرضت له بلادنا في الشرق الإسلامي.
وفي هذه الدراسة سوف اتحدث انشاء الله عن أهم المكاسب والخبرات والتجارب والانجازات التي حققتها مدرسة أهل البيت (ع) الفقهية في العراق وايران، وهما مدرسة (النجف) في العراق، ومدرسة ( قم) في ايران.
تاريخ المدرستين
يرجع تاريخ الجامعة العلمية في قم الى الربيع الأول من القرن الرابع الهجري في عصر البويهيين، وعاش في هذه الفترة في قم والريعلماء كبار أمثال الشيخ الكليني، المتوفى 329 هـ وابن بابويه المتوفى في نفس السنة، وابن قولويه المتوفى في سنة 369 والشيخ الصدوق المتوفى عام 381 هـ، وغيرهم من كبارالمحدّثين والفقهاء. وعليه فإن تاريخ هذه الحوزة العلمية يرجع الى احد عشر قرناً؛ واستمرت هذه المدرسة منذ ذلك الحين الى اليوم تمارس نشاطها العلمي في الحديث والفقه فيمد وجزر. ويرجع تاريخ الجامعة العلمية في النجف (العراق) الى 448 هـ أي منتصف القرن الخامس الهجري، عندما انتقل الشيخ الطوسي (رض) الى النجف لما كُبس على دارهببغداد، وأخذ ما وجد فيها من دفاتره وكتبه، ومنذ ذلك الحين استمرت مدرسة النجف (بجوار الكوفة) في ممارسة نشاطها العلمي الى اليوم، في مد وجزر كذلك، وهذه المدة تقارب الألفعام.
ولقد كتب نجم الدين المحقق الرضي الاسترآبادي المتوفى سنة 688 هـ كتابه الكبير المعجم في النحو على شرح الكفاية في النجف قبل 734 سنة ويكتب في نهايته، قد تمتمامه في الحضرة المقدسة الغروية، على مشرفها صلوات الله العزة سنة ست وثمانين وستمائة.
النجف وقم هما الجامعتان الفقهيتان الأم في مدرسة أهل البيت (ع)، وهما منأعرق الجامعات الاسلامية، او الحوزات العلمية كما يسميها ابناء هذه الجامعة.
وقد اكسبت هذه العراقة التاريخية هاتين الحوزتين الكثير من الخبرة في القرآنوالحديث والفقه، وهي أمهات العلوم في هاتين الجامعتين.
ولأن هاتين المدرستين كانتا تحتلان موقعاً سياسياً واجتماعياً في اوساط اتباع أهل البيت (ع)، فإن هاتينالمدرستين كسبتا خلال الفترة خبرة سياسية واجتماعية وعلمية وأخلاقية وتربوية كبيرة.
وسوف نعكس في هذه المدرسة إن شاء الله طرفاً من هذه الخبرة في المجال السياسيوالاجتماعي من جانب، وفي المجال العلمي من جانب آخر، وفي المجال التربوي من جانب ثالث.
1ـ في المجال التعليمي والاجتماعي
أـ الاستقلال السياسي:
ومن أهم هذه الخبرات الاستقلال السياسي لهذه المدارس عن الأنظمة والحكومات، التي كانت تحكم هذه البلاد في فترات التاريخ المختلفة. وذلك لأن مسؤوليةالفقهاء والعلماء هي الرقابة العامة على كل المرافق والمؤسسات الاجتماعية، ونقدها ومحاسبتها. وعلى رأس هذه المؤسسات مؤسسة الدولة بكل أجهزتها ودوائرها الفرعية، فإذاتحولت الجامعة الدينية الى جامعة تابعة لمؤسسات النظام وملحقة بها لم تعد تملك القدرة الكافية على رقابة هذه المؤسسة والمؤسسات التابعة لها ونقدها، ولو تحول الفقهاءالى موظّفين في الدولة لم يملكوا القدرة على النقد والرقابة البتة.
ب ـ الاستقلال الاقتصادي:
والاستقلال السياسي يتبع الاستقلال الاقتصادي، فلو كانتالمؤسسة الدينية تابعة اقتصادياً لمؤسسة الدولة؛ لا تستطيع بالضرورة ان تحافظ على استقلالها السياسي ... القضيتان تؤلفان معادلة واحدة، لا يمكن فصل بعضها عن بعض،والاستقلال الاقتصادي لا يتحقق إلا بالاكتفاء الذاتي. وتعتمد حوزاتنا الفقهية ومساجدنا إدارة شؤونها على الحقوق الشرعية من الزكوات والأخماس.
ويعتقدفقهاء الإمامية أن تشريع الخمس أوسع من خمس غنائم الحرب الذي ورد في آية الخمس من سورة الأنفال: (واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) فهذه الآيةتخص مفردة من مفردات الخمس.
وقد صحّ عندنا من حديث رسول الله (ص) إن رسول الله (ص) كان يأمر بجباية خمس فائض رأس المال.
والخمس والزكاة تغطيان مساحة واسعة مننفقات الحوزات، والمدارس الدينية والمساجد التابعة للمؤسسة الدينية الكبيرة.
مطاوعة الجمهور
وهذه الاطروحة اطروحة جيدة، تمكن المؤسسةالدينية من القيام بمسؤولياتها في ادارة الشؤون الدينية في المجتمع، ولكن النقطة السلبية في هذه الأطروحة أنها تقود المؤسسة الدينية باتجاه تبعية الجمهور. ومطاوعةالرأي العام، وذلك لأن المؤسسة الدينية عندما تحاول أن تحقق لنفسها حالة الاكتفاء الاقتصادي من ناحية الحكومات، فلا محالة تعتمد في تمويل مؤسساتها وأعمالها على إنفاقالناس ... والاعتماد على الناس في التمويل من الممكن ان يسلبها استقلالية الرأي، والقرار حتى لو كان هذا الإنفاق ضمن الحقوق الشرعية، وعليه فإن المؤسسة الدينيةتحتاج الى جهد ذاتي كبير لتحفظ نفسها من الانقلاب من حالة التبعية الرسمية الى حالة مطاوعة الجمهور.
ثقة الجمهور وطاعتهم للفقهاء
قلما نجدنظيراً لهذه الثقة والطاعة من ناحية الجمهور للفقهاء، ولست أقول لا نجد، وأتباع مدرسة أهل البيت (ع) يُعرفون بهذه الميزة ويشتهرون بها. وسبب ذلك يعود: أولاً الىتعليمات أهل البيت (ع) لشيعتهم بطاعة الفقهاء والثقة بهم والالتفاف حولهم. وقد تكرّر الأمر والتوصيات بذلك من ناحية أئمة أهل البيت (ع)، وهذه التعليمات أكسبت موقع الفقاهةعند الإمامية قيمة اجتماعية وسياسية كبيرة.
والعامل الآخر هو سلوك الفقهاء تاريخياً الى اليوم، فإن المعروف منهم الأعراض عن الدنيا ومتاعها، والزهد فيها، وعدمالاستغراق في لذاتها وطيباتها، أولاً، والاهتمام بشؤون الناس وهمومهم ومصائبهم ثانياً.
يقول أمير المؤمنين (ع) في الخطبة الشقشقية في صفة العلماء: (وما أخذ اللهعلى العلماء ألا يقارّوا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم) أي لا يسكتوا عن تـُخمة ظالم ولا جوعة مظلوم ... وهذا الاهتمام بشؤون الناس والمراعاة لحقوقهم والدفاع عنهم في مقابلالظالمين، بالاضافة الى ما عرف عنهم تاريخياً من الإعراض عن الدنيا والزهد فيها ... من عوامل طاعة الناس لهم وثقتهم بهم ومحبتهم لهم وهذه الحالة لا تزال الى اليوم باقية،وإن كان يصيبها مدّ وجزر أحياناً.
وقد سألني أحد الأخوة عن قصّة الملك ناصر الدين القاجار مع زوجته، حينما طلب منها أن تعدّ له دخان التبغ اليومي الذي اعتاده كليوم ... وكان المرحوم السيد حسن الشيرازي قد حرّم استعمال التبغ على المسلمين بعد أن أعطى الشاه حق احتكار التبغ لشركة انجليزية، تستأثر به في أطماعها الاستثمارية،فامتنع المسلمون في ايران جميعاً عن استعمال التبوغ، استجابة لحكم الفقيه، فلما طلب الشاه من زوجته داخل قصره أن تأتي اليه بما اعتاده من شرب التبغ يومياً امتنعت، فلمازجرها قالت له: الذي أحلّني عليك حرّمها عليَّ.
هذه الثقة الغالبة والطاعة النادرة بمثابة عتلة قوية استخدمها الإمام الخميني (رض) في حياتنا المعاصرة، في الاطاحةبالنظام البهلوي الفاسد وإقامة دولة اسلامية محله، ولولا هذه الثقة وهذه الطاعة النادرة لم يكن مثل هذه الثورة العامة بمقدور أحد من الناس.
وليس من شك أن هذه عطيةإلهية جليلة، حبا الله بها الفقهاء، وعليهم المحافظة عليها، والمحافظة عليها تكون بالمحافظة على مسيرة السلف الصالح من الفقهاء، بالإعراض عن الدنيا والزهد فيها،والاهتمام بهموم الناس، ومعايشة الناس في سرائهم وضرائهم، وعدم حجب الناس عنهم. فإن الجمهور يحمل فطرة سليمة في التقويم والتقدير، فيضع الثقة حيث تجب الثقة، وتحجب الثقةحيث لا يستحق الثقة. فإذا حجب الجمهور ثقته عن شخص فالأحرى به أن يراجع نفسه وعمله قبل أن يتّهم الناس في إقبالهم وإعراضهم، او يشك في سلامة تقديرهم، فقد دلتنا التجاربالكثيرة إن الله تعالى زود جمهور المؤمنين بحسّ مرهف دقيق في التوثيق والتقييم.
الدفاع عن قضايا المسلمين
وجدنا الفقهاء دائماً خلال تاريخناالمعاصر في المقدمة من خطّ المواجهة، في كل القضايا السياسية المصيرية التي تتعرض له بلاد المسلمين؛ في ثورة العشرين في العراق، عندما قاد فقهاء النجف جمهور العراقيينلطرد الانجليز من العراق، وثورة الدستور في ايران، عندما قاد العلماء الجمهور الى المطالبة بالدستور في ايران، وتحرك الإمام الحكيم في وجه المد الأحمر الشيوعي فيالعراق، وقيام العلماء بالثورة ضد البرامج التي اعلنها الشاه في ايران، وغير ذلك من الثورات والانتفاضات والحركات الشعبية الواسعة، كان آخرها قيام الإمام الخميني (رض)بالاطاحة بحكومة البهلوي الفاسدة ولم يقتصر فقهاء أهل البيت على القضايا التي تخصّ مساحة نفوذهم وانما كانوا يحملون هموم وقضايا العالم الاسلامي في شتى أقاليمالمسلمين، مثل قضية الجزائر وفلسطين، وكشمير والبوسنة والهرسك والشيشان وأفغانستان، وسائر الجروح في جسم العالم الاسلامي. ولا يختلف عندهم أن يتعرض للظلامةشيعي أم سني، فالمسألة عندهم الإسلام والكفر.
وقد رأينا وقوف علماء الشيعة بكلمة واحدة أمام الاحتلال الانجليزي، عندما اشتبكت القوات العثمانية والانجليزية فيحروب ضارية في العراق، وكانت غاية الانجليز اخراج آل عثمان من العراق.
والذين يعرفون تاريخ العراق المعاصر يعرفون ماذا لقي شيعة العراق وهم أكثرية الشعب، من ظلمآل عثمان وعدوانهم خلال فترة حكمهم في العراق... ومع ذلك لما جدّ الجد واشتبكت الجيوش العثمانية بالجيوش الانجليزية في العراق؛ هب علماء الشيعة في العراق لمواجهةالانجليز وأتبعهم المسلمون كافة سنة وشيعة، وكان القائد التركي يقول عن ساحة المعركة: كلما ضاقت بنا الحرب، واشتدت بنا الأزمات كنت أنظر الى خيمة فقيه الشيعة شيخالشريعة الاصفهاني تحت وابل الرصاص، وهو ثابت مطمئن في شيخوخته وعجزه، فاكتسبت منه القوة والطمأنينة والثقة في الموقف العسكري.
الدعوة الى التقريب
ومن اهتمامات فقهاء الشيعة الدعوة الى وحدة المسلمين، وملء الفجوات التي احدثها اعداء الاسلام فيما بين المسلمين، والعمل الجاد لتوحيد الرأي والموقف السياسي، فيكل القضايا الأساسية التي تهم العالم الاسلامي، وازالة الحدّة والتشنج من الخلافات التاريخية والعقائدية والفقهية بين المسلمين، و ليس معنى التقريب أن يتحول السني الىالشيعي ولا العكس، ولكن معنى التقريب إزالة التشنج والحدّة من هذه الخلافات أولاً، وطرح المسائل العلمية التي يختلف فيها المسلمون، في ضوء البحث العلمي الموضوعي النزيهثانياً، كما يتفاهم فقهاء طائفة واحدة فيما بينهم، والبحث عن المفاهيم والتصورات والأحكام والقواعد والأصول الفقهية والأحاديث المشتركة، لتكون قاعدة للتلاقي بينالمسلمين، ثالثاً ورابعاً: السعي الجاد لتوحيد الموقف السياسي في القضايا الاسلامية الأساسية مثل قضية فلسطين وأفغانستان والعراق وسائر مصائب المسلمين. وقدأثّرت الأعمال الكبيرة التي نهض بها فقهاء أهل البيت (ع) في ايجاد ارضية واسعة وخصبة للوحدة الاسلامية.
فمن الناحية العلمية دوّن علماء الشيعة مدونات واسعة فيالحديث المشترك، والأسانيد الروائية المشتركة بين الشيعة والسنة، والتفسير المقارن والحديث المتفق عليه، والفقه المقارن بين الشيعة والسنة، والأصول المقارن،والقواعد الفقهية المقارنة.
كما كتب السيد عبدالحسين شرف الدين (رض) كتاباً في تحديد عنوان (الإسلام)، وحرمات المسلمين التي لا يجوز انتهاكها بحال. واسم الكتاب(الفصول المهمة في تأليف الأمة)، وهو كتاب قيّم يحسن بكل دعاة التقريب قراءة هذا الكتاب، الذي استقى المؤلف مفاهيمه من الكتاب الكريم، وما صحّ من السنة الشريفة عندالشيعة وأهل السنّة.
كما كان للإمام كاشف الغطاء جولات واسعة في سبيل توحيد كلمة المسلمين، ومؤلفات وخطب ومقالات كثيرة.
وكان الإمام السيد حسينالبروجردي الزعيم والمرجع الديني المعروف من دعاة التقريب، وممن ساهم في تشييد صروح التقريب، وكان بينه وبين الإمام الشيخ محمود شلتوت شيخ جامع الأزهر (رض) مراسلاتوتعاون في أمر التقريب. رحم الله الماضين منهم، وحفظ الله لنا الباقين.
2ـ في مجال الدراسات الفقهية:
لأن فقهاء مدرسة أهل البيت (ع) لم يغلقوا بابالاجتهاد قط، واستمرت حركة الاجتهاد في حلقات متصلة، متواصلة في مدرسة أهل البيت (ع) ... هيأت هذه الحركة فرصاً جيدة لتكامل ونضج وتطور الآليات الفقهية للاجتهاد في هذهالمدرسة. الآليات الفقهية للاجتهاد في هذه المدرسة
وظهر خلال هذه الفترة فقهاء كبار أحدثوا تغييرات واسعة في منهج الاجتهاد وتطويره، وظهرتمدارس فقهية جديدة، مكّنت الفقهاء من ممارسة الاجتهاد بدرجة عالية من الكفاءة والدقة، والفرز الدقيق لموارد استخدام الأدلة والحجج. وفيما يلي نشير الى بعض هذهالنقاط بصورة إجمالية، ونترك البحث التفصيلي والفنّي عنها الى مواضعها:
1ـ الموازنة بين العقل والنقل:
(النص) هو المصدر الأساسي للاجتهاد بلا شك، سواءكان النص من الكتاب، أم من السنّة. غير أن نصوص السنّة لابدّ ان تناقش من حيث السند بصورة دقيقة؛ لتمييز الصحيح منها عن غير الصحيح.
والفقيه يتعامل معالنص من منطلق الحجية والتعبّد، ولا يصح له أن يتجاوز النص، أو يطوّع النص لرأيه، او يحمل على غير معناه الصريح، إذا كان نصاً في معناه، او غير معناه الظاهر، إن كانتالآية أو الرواية ظاهرة في معناها.
ولا اجتهاد في مقابل النص، وكل اجتهاد أو رأي في مقابل النص فهو باطل البتّة ... ولا يلجأ الفقيه الى الاجتهاد إلا عند فقدان النصاو إجماله او تعارض النصوص.
وعليه فإن النص هو المصدر الأساس للفقيه في فهم الحكم الشرعي ... وهذا هو الجانب النقلي من الاجتهاد، وهو البعد الأول والأهم فيالاجتهاد والى جانب هذا البعد البُعد العقلي في الاجتهاد.
وللعقل ثلاثة أدوار في الاجتهاد: الدور الأول في فهم النص.
فقد يحتاج الفقيه في فهم النصواكتشاف آفاقه ومجالات تطبيقه الى الدقة العقلية، وهذا التدقيق في فهم النص لا ينافي ما ذكرنا آنفاً من منهج (الاستظهار)، وعدم العدول عن صريح الكلام في النصوص وعن ظاهرالكلام في غيرها.
والدور الثاني في الأدلة العقلية المستقلة وغير المستقلة، والعقل بمعنى القطع واليقين حجة يحاجج الله تعالى بها عباده، وهذا باب واسع من العلم،لا يسعنا أن نتحدث عنه الآن بأكثر من هذه الإشارة.
والدور الثالث للعقل الأصول العقلية التي يلجأ اليها الفقيه عندما لا يجد سبيلاً الى الدليل الشرعي.
وهكذا نجد أن الفقيه يوظّف العقل لخدمة النص وفهم الحكم الشرعي في ثلاثة اتجاهات، في فهم النص وفهم مجالات تطبيقه أولاً، وفي اكتشاف الحكم الشرعي عن طريق العقل بقانونالملازمة، بين الحكم العقلي والشرعي ثانياً. وفي تحديد الوظيفة العقلية عند فقدان الدليل ثالثاً.
وهذا الاستخدام الواسع للعقل في عملية الاجتهاد لا يُحجِّم دورالدليل النقلي في عمل الفقيه، إذا عرفنا أن الدليل النقلي الذي تتبعه الفقيه هو الأساس في عملية الاجتهاد وفهم الحكم الشرعي.
2ـ الموازنة بين الأصوليةوالتطوير:
الأصولية هي الصيغة العامة للاجتهاد، والفقيه المتمرس في الفقه يعطي قيمة كبيرة لكلمات الفقهاء المتقدّمين، وللاجماعات الفقهية التي يركن اليهاالفقيه في الاستنباط، وحتى للمرتكزات الفقهية، ولسيرة المتشرعة. ويحافظ الفقيه على المنهج الفقهي المألوف والموروث، ويعتبر هذا النهج أساساً صحيحاً للاستنباطتركن اليه النفس.
والى جنب هذه الصيغة الأصولية العريقة في الاستنباط، والتي توليها الحوزات العلمية التابعة لمدرسة أهل البيت (ع) اهتماماً كبيراً ... نجد أن هناكسعياً جاداً لتطوير آلية الاستنباط.
والذي يتبع التطور العلمي الحاصل في هذه المدرسة؛ يجد أن فقهاء هذه المدرسة اكتشفوا خلال عملهم العلمي آليات جديدة في عمليةالاستنباط.
وأضرب على ذلك مثلاً ـ تقسيم الفقهاء الأدلة والحجج في أصول الفقه الى طائفتين: (الامارات) و(الاصول) ويتم تنظيم العلاقة بينهما من خلال قاعدتي(الحكومة) و(الورود).
وإذا عرفنا أن ترتيب الأدلة من المسائل الأساسية التي يواجهها الفقه في عملية الاستنباط، وتحوج الفقيه الى نظام واحد عام في الفقه؛ لتقديمالأدلة بعضها على بعض، ولا يمكن الاكتفاء بالعلاجات والحلول الموضعية ... نعرف قيمة هذا الكشف العلمي الذي توفق له الفقيه الشيخ الأنصاري (رض) لأول مرة في تاريخ الفقه،وتترتب على هذا الكشف آثار كبيرة في تقديم الأدلة بعضها على بعض.
إن الاجتهاد عملية صعبة، تتعهد بتطبيق الثابت على المتغير، فإن شريعة الله ثابتة لا تتبدل ولاتتغير، وظروف الحياة الاجتماعية متغيرة شديدة التغيير، ومهمة الاجتهاد هي تطبيق ثوابت الشريعة على متغيرات الحياة، وهي مهمة شاقة تحتاج الى جهد متواصل، في تطوير آليةالاجتهاد ليكون قادراً على تحقيق هذه المهمة.
الموازنة بين حرية الرأي وانفتاح باب الاجتهاد،
وبين الالتزام بالحجة وضوابط الاجتهاد
اشتهر فقهاء مدرسة أهل البيت (ع) بالانفتاح على الآراء المختلفة، وقبول تعددية الرأي في الفقه، ولم ينغلق باب الاجتهاد في هذه المدرسة قط، وقد اثمر هذا الانفتاح ثمراتطيبة في تنامي وتكامل الدراسات الفقهية.
وتتميز الدراسات الفقهية في الحوزات العلمية التابعة لهذه المدرسة بإفساح المجال لمناقشة الآراء وحرية ابداء الرأي،والنقاش العلمي يجري على كل الأصعدة بين الطلبة والأساتذة، وبين الطلبة أنفسهم، وبين الفقهاء وأساتذة الدراسات العليا على أعلى مستويات (القمّة).
ويتناقلالطلبة أجواء هذا النقاش وقناعاتهم العلمية، ويتمخض هذا النقاش عن تكامل حركة الاجتهاد.
يقال أن فقيهين معاصرين هما الفقيه المحدث البحراني (رض) صاحب الموسوعةالفقهية (الحدائق الناضرة) في الفقه، والفقيه الأصولي الوحيد البهبهاني صاحب كتاب (الفوائد الحائرية) تلاقيا بعد صلاة العشاء في ساحة الحائر الحسيني بكربلاء؛ فأخذا فينقاش مسألة فقهية حتى آن وقت اغلاق ابواب الروضة، فطلب منهما سادن الروضة أن يخرجا عن ساحة الروضة فخرجا، ووقفا خارج ساحة الروضة، وهما يواصلان النقاش في نفس المسألة،فذهب السادن الى بيته للنوم ولما عاد فجراً لفتح أبواب الجامع للصلاة، سمع من بعيد نقا شهما، فذكّرهما بقرب دخول وقت صلاة الفجر فرجعا الى الجامع للاستعداد للصلاة.
ويؤاخذ البعض حالة الانفتاح على الرأي الآخر، وحرية النقاش في هذه الحوزات بالمبالغة في الانفتاح ... ومهما يكن نصيب هذه المؤاخذة من الصحة، فإن أمثال هذا الانفتاحوحرية إبداء الرأي والمناقشة ضمن ضوابط الاجتهاد، يؤدي الى تنضيج وتكامل هذه الحركة.
ونحن من خلال التجربة الطويلة في هذه المدارس نعرف جيداً أن هذه الحرية فينقد الرأي، والانفتاح على الرأي الآخر، يتم ضمن ضوابط الاجتهاد الدقيقة ... ووجود هذه الضوابط يحفظ حركة الاجتهاد من الانفراط والخروج عن الحدود، ولذلك استمرت حركةالاجتهاد في مدرسة أهل البيت (ع) بين المحافظة على التراث والمعاصرة، وبين الأصولية والتطوير، ولم تخرج هذه الحركة عن الخطوط العامة المقبولة في هذه المدرسة.
الاستناد الى الحجة
إن القيمة العلمية الوحيدة في هذه المدرسة للحجة وما لم يعتمد الرأي على الحجة القطعية لا يكون مقبولاً ولا صواباً، والشك في الحجيةيساوق دائما القطع بعدم الحجية. إذن، لابد أن يستند الرأي أخيراً الى الحجة، حتى يكتسب الصفة العلمية، وهذه القاعدة تحفظ حركة الاجتهاد في هذه المدرسة عن الزيغوالخطأ، في الوقت الذي تحرص قيمة هذه المدرسة على فسح المجال للتعددية في الرأي الفقهي، وتلاقح الآراء والأفكار.
3ـ في المجال التربوي
للعلماءموقع حساس وخطير في هذه الأمة، وهو موقع التوجيه والتثقيف والتربية والاصلاح. وليس العلم كل شيء في شخصية العالم الديني، الذي يتخرج من الحوزات العلمية، وإنماهو أحد شطري شخصية العالم الديني، والشطر الآخر والأهم في هذه الشخصية هو الخلق الإسلامي وتهذيب النفس، وما لم يكتسب العالم الديني هذه الخصال الحميدة لا يستطيع أن يؤديحق العلم؛ فإن الناس يأخذون من الخصال الحميدة للعالم الديني أكثر مما يستمعون اليه ويقتبسون من عمله أكثر مما يُصغون اليه ... وقد روي عن الإمام الصادق (ع) أنه كان يقوللأصحابه: (كونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم).
ومهمة العالم الديني ليس هو التعليم فقط، وإنما التعليم والتزكية معاً في امتداد خط الأنبياء (ع): (يزكيهم ويعلمهم الكتابوالحكمة). ولا تتيسر التزكية للعالم الديني إلا إذا كان معلم التزكية هو على درجة عالية من التزكية.
ولذلك فإن منهج التهذيب والتزكية في مقدمة المناهج والأعمالالتي تُعنى بها الحوزات العلمية التابعة لمدرسة أهل البيت (ع) ... ويدخل شباب الطلبة من بلاد شتى ومن أمزجة وأخلاق وسلوكات نفسية متعددة، فتصهرهم الحوزة العلمية فيأجوائها خلال سنوات عديدة، وتطبعهم بطابعها الخاص، فيغلب عليهم الخشوع، والتفكير، وخشية الله، وحب العبادة، والاشتغال بذكر الله، والتقوى.
وطبيعي أن يكون ذلكبدرجات مختلفة، وليس كلهم يبلغ القمّة في ذلك، إلا أنهم جميعا يسلكون هذا الطريق وتصهرهم الحوزة بحرارتها التربوية العالية، إلا من شذ منهم.
ومن الطبيعي أن هذهالحالة من الانصهار قد هبطت بنسبة عكسية مع التوسع الكلي للحوزة، ولم يعد اليوم كما كان قبل خمسين سنة، ولكنها باقية الى الآن وفاعلة، ومؤثرة، وإن كانت دون الطموح.
ويدرس اليوم أساتذة الحوزة طريقة معالجة هذا الهبوط الروحي النسبي في نفوس الطلبة، في ظروف التوسع الكمي الهائل الذي اكتسبته الحوزات العلمية في السنين المتأخرة،وتنعقد لذلك مؤتمرات ولجان عمل لتحقيق الطموح الذي تطمح اليه الحوزة العلمية في أبنائها.
وثمرة هذا الجهد التربوي الذي تهتم به الحوزات العلمية، ثمرة طيبة، فقدأنشأت هذه الحوزة عباداً صالحين لله، رزقهم الله حظاً كبيراً من تهذيب النفس وتزكيتها، وأذاقهم حلاوة ذكره، وشغلهم به تعالى عن غيره، (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عنذكر الله)، يدخلون معنا في ساحات حياتنا، في السوق، والمدارس، والدوائر، والشوارع، ويعيشون كسائر الناس، إلا أن شيئاً من ذلك لا يشغلهم عن ذكر الله تعالى ويصح فيهم بشكلدقيق حديث الحاضر الغائب، فهم حاضرون في مجامع الناس بأبدانهم وغائبون عنها بقلوبهم حاضرون في مجامع الناس بأبدانهم لأداء المهمات التي ألقاها الله تعالى على عواتقهم،غائبون عنها لأن قلوبهم معلّقة بعزّ قدسه، ومشغولة عن الناس وهموم الحياة بذكر الله، وشغوفه بحب الله، وشائقة الى لقاء الله وخائفة وجلة من عقوبة الله، ومولهة بجمالالله وجلاله.
وأمثال هؤلاء متواجدون في هذه الحوزات، رجالاً ونساء، وشباباً وشيوخاً، لو خليت ـ كما يقال ـ لقلبت ، وليتك تراهم، وهم يقومون بين يدي الله فيالأسحار خاشعين للصلاة، فتجري دموعهم على خدودهم وتسمع زفيرهم وانينهم، ونشيج بكائهم، وليتك تراهم وهم سجّداً بين يدي الله يحنّون الى ربهم حنين الواله المشتاق، وترتعدفرائصهم من خشيته، وتخشع جوارحهم وجوانحهم بين يدي الله رب العالمين ... لو رأيتهم في صلاتهم في الأسحار لشغلك ذلك عن نومك وصلاتك، ووددت يطول بك هذا المشهد ولا ينغلق ظلامالليل على الإصباح.
وفي هذه الحوزات مناهج ومدارس للتربية والتزكية والتهذيب.
وأهم هذه المناهج منهج التأمل والتفكير، والاستغراق في التأمل والتفكير،ومن مسالك التأمل والتفكير مسلك التأمل في النفس، فإن التأمل في النفس من أفضل مداخل التفكير في الله وذكر الله. وقد جعل القرآن الكريم التفكير في النفس قبل التفكير فيالآفاق، وكلاهما هاديان الى الله، ولكن التفكير في الأنفس اسرع وصولاً بالانسان الى الله من التفكير في الآفاق، رغم أن أيّاً منهما لا يغني عن الآخر، بالضرورة.
ومن هذه المناهج منهج الذكر والعبادة والاشتغال بالصلاة والدعاء وقراءة القرآن، وهو من اهم هذه المناهج واكثرها شيوعاً، ولسنا نقصد بالنهج الأول الانشغال بالتأملوالتفكير عن العبادة والعمل، فهذا ما لا تسوّغه روح هذا الدين، ولكن اقصد بمنهج التفكر والتأمل أن تكون الصيغة العامة للمنهج هو التفكر والتأمل ... وأما المنهج الثاني فهوالاستغراق في الصلاة والدعاء والذكر، وهؤلاء يدأبون في تلاوة القرآن والدعاء، وقيام الليل، والمواظبة على النوافل، ويعشقون الليل عشقاً، فإذا حل بهم الليل، وهدأت منحولهم الأصوات وغلقت الأبواب، وذهب الناس الى مضاجعهم؛ قاموا الى صلاتهم كما يقول ربنا تعالى: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) فلا تستقر جنوبهم على المضاجع حتى يهبّوا الىعبادة الله.
ولليل دولة وللنهار دولة، وكلتاهما دولة الصالحين. وهناك ابطال لدولة الليل رجالاً ونساء، وهناك ابطال لدولة النهار، وأبطال دولة النهار لابدّ لهممن دولة الليل حتى يتمكنوا من القيام بأعباء عبودية الله تعالى وطاعته والدعوة اليه في النهار، وأبطال دولة الليل تنقصهم دولة النهار، حتى لا تعزلهم دولة الليل عنالانصراف الى مسؤولياتهم في النهار، فإذا تكاملت دولة الليل ودولة النهار عندئذ يتكامل الإنسان، ويؤدي حق هذين الشطرين العظيمين من حياته.
والعلماء أمراء دولةالليل والنهار. ولذلك يجب عليهم ان يحرصوا على أن يعطوا حق الليل والنهار بشكل كامل.
يقول أمير المؤمنين (ع): (أما الليل فصافون اقدامهم يرتلون القرآن ترتيلا،ويستثيرون به دواء دائهم ... أما النهار فحلماء علماء أبرار أتقياء قد برأهم الخوف بري القدّاح).
ومن مناهج التربية والتزكية ترويض الجسم والنفس. ومن مفرداتالترويض الصيام، والكف عن لذائذ الطعام، والكف عن الاستغراق في النوم ... وبين الجسم والروح علاقة عكسية فكلّما بالغ الانسان في لذات جسمه ـ حتى المحللة منها ـ تضاءل حظهمن المعرفة والبصيرة والخشوع، والإنابة، والدعاء، والمناجاة ... وهو رزق تتلقاه النفوس من عند الله، كما تتلقى الأجسام المطاعم والمشارب والمناكح من عند الله، وكل منهمارزق الله، ولكن الإكثار من الأول يؤدي بصورة قهرية الى تحجيم وتحديد حظّ الإنسان من الرزق الثاني، ولابد للإنسان من رعاية الجسم، والمحافظة عليه، وتطييبه بما خلق اللهتعالى له من الطيبات، فإن الجسم مركّب الروح والنفس، ومن دون الجسم لا يستطيع الإنسان أن يبلغ ما أراد الله تعالى له من السعي والكدح الى جنابه الكريم، ولكن بشرط أن لايبالغ الإنسان في ذلك، وبشرط أن يأخذ الإنسان نفسه ببعض التضييق والتشديد في لذاته، حتى يفتح الله تعالى عليه لذات الروح والنفس، ولذات الروح والنفس لا تضاهيها لذة لمنطعم هذه اللذات.
(1) تدوين للمحاضرة التي القاها صاحبها في (ندوة التراث التربوي العلمي الاسلامي) التي اقامتها كلية التربيةبجامعة السلطان قابوس بمسقط ـ عمان بتاريخ 25 ـ 27 شعبان 1422 في التعريف بالحوزات العلمية الشيعية في ايران والعراق.
(2) التوبة: 122.