ثانياً: التفسير الموضوعي
وقد ولد في أحضان المنهج الترتيبي (التجزيئي) في التفسير، منهج آخر هو المنهج الموضوعي، ولد هذاالمنهج ومنذ بدايات تكون علم التفسير في أحضان المنهج الترتيبي وإن لم يكن ـ آنذاك ـ منهجاً شاملاً لكل القرآن الكريم، وإنما كان المفسرون يقفون أحياناً ـ وأثناءتفسيرهم الترتيبي ـ عند موضوع من الموضوعات القرآنية كـ «الإلوهية» أو «التقوى» أو «الشفاعة».. فيفردون لـه بحثاً مستقلاً، محاولين بذلك استكشاف النظرية القرآنيةالخاصة به، من خلال عرض وتفسير كل الآيات التي أشارت لـه، وفي مختلف المواضع. وقد تطور هذا المنهج في عصرنا الحاضر ـ تبعاً للحاجة إليه ـ حتى أصبح منهجاً مستقلاًفي البحث والتدوين، وشاملاً لكل القرآن الكريم.
وإذا عرفنا أن القرآن الكريم، قد تناول كل الموضوعات الدينية، بل في بعض النصوص المأثورة، ما يشير إلى تناوله لكلشيء في الوجود (1)، وقد يفهم ذلك ـ أيضاً ـ من قوله تعالى: ?...ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيءٍ...? (2). إذا عرفنا ذلك يمكننا أن نتصور مدى الكم الكبير من الموضوعات التييمكن تناولها من خلال هذا المنهج التفسيري.
ما هو المقصود من (الموضوعية) في هذا المنهج
قد يتبادر إلى الذهن بأن المقصود من كون هذا المنهجمنهجاً موضوعياً، هو 1 ـ في الصحيحة، عن أبي عبد الله (الصادق) (عليه السلام)، قال: «إن الله تبارك وتعالى، أنزل في القرآن تبيان كل شيء حتى ـوالله ـ ما ترك شيئاً يحتاج إليه العباد، حتى لا يستطيع عبد أن يقول: لو كان هذا أنزل في القرآن، إلا وقد أنزله الله فيه»، وفي حديث آخر معتبر عن أبي عبد الله قال: سمعتهيقول: «ما من شيء إلا وفيه كتاب أو سنة»، الكافي 1 /59 الحديث 1 و4.
2 ـ النحل: 89.