الإمام المصلح السيد محسن الأمين داعية الوحدة الاسلامية، وعدو الاستعمار
الأستاذ محمد واعظ زاده الخراساني الى مؤتمر الإمام السيد محسن الأمين المنعقد في دمشق
بحث قدمه
الإمام الأكبرالسيد محسن الأمين وهبه الله عز وجل عمراً طويلاً كلّه اصلاح وارشاد وتعليم وتعلم، ودراسة وتحقيق، وتصنيف للكتاب، وتأليف بين الأمة الاسلامية، وجهاد في سبيل الله،متخلقاً بأخلاق فاضلة وسماحة بالغة، وخصال حميدة وقائماً بأعمال كبيرة. وله في كل هذه الخصال والأعمال، مواقف مشهودة، ومساعي مشكورة، وإنجازات مشهورة يتطلب كل موقفمنها بحثاً وافياً. وهو الذي كشف الستار عن جملة منها قبل غيره، فيما رسمه بقلمه قبيل رحيله، في سيرته(1)، ثم خاض فيها الباحثون والدارسون فيه الأخصائيون بكلناحية من نواحي الإصلاح والدعوة والسياسة، والاجتماع، والجهاد، والوطنيّة، فأشادوا اليها نظماً ونثراً في مجالس تأبينه، وفي المؤتمرات التي أقيمت مرة بعد أخرى تكريماًبهذه الشخصية الفذة ولهذا الرجل العظيم، وقد جمعت نبذة منها في آخر جزء من أعيان الشيعة(2)، تلمس بالمروء عليها صفحات من تلك المواقف مثل: الزعيم الديني الأوحد(3)،المصلح(4)، الكبير المتواضع(5)، الزاهد(6)، عدو الاستعمار(7)، عدو التعصّب(8)، الزعيم الوطني(9)، قدوة المصلحين(10)، مربي الأجيال(11)، في مجمل خصائصه وخلائقه(12)، عالم في فرد(13)،المرتفع فوق الفوارق(14)، في صورته الماثلة وخطّه وتأليفه(15)، أجمع العلماء لفضائل الحلم(16)، المعلّم الأول(17)، هو المعلم يقود
مدرسة(18)، الخالد(19)، لم يكن دينهجاهاً وتعصّباً(1)، جار عليه الجاحدون(2)، فقيد العلم والدين(3)، الثابت ثبوت الطود(4)، رجل كبير(5)، موسوعة في رجل(6)، عبقرية فذّة(7)، العالم النبي(8)، ذو الامجاد(9)، محاربالبدع والأضاليل(10)، جوانب انسانية(11)، فوق الطائفيات(12)، المجتهد الكامل(13)، في صميم معركة الاصلاح(14)، الفضلائي المجدد(15)، إمام في الوطنية(16).
ولا ريب في أن هذهالمواقف الموفقة، والشماهد المشهودة كلها عظيمة، تخضع النفوس لعظمة هذا الإنسان الكامل، إلا أن الجانب الذي أعجبني منها وسأهتم بها في هذه المحاضرة المتواضعة، هو جهدهالدائم، واهتمامه البالغ بتأليف الأمة، ووحدة المسلمين، وبالالتيام والتقريب بين المذاهب الاسلامية، وقلع جذور التعصب الأعمى من بين أتباعها، فلهذا الإمام في هذاالجانب من حياته السعيدة أقدام راسخة، وأشواط بعيدة وجهود واسعة، فنختار منها شذرات اطّلعنا عليها، وهي قطرات من بحار.
وقبل الخوض فيها ننبه القارئ الى أن شطراًكبيراً من حياة هذا الإمام مضى في دولة الخلفاء العثمانيين، أي منذ ولادته عام 1284 هـ ق الى أيام انقضاء تلك الدولة عام 1334. وهذا يعادل نصف أيام حياته تقريباً، والشطرالأخير من حياته كان مقارناً لاحتلال الفرنسيين سوريا، ثم ما تلاه من إمارة الملك فيصل عليها ثم فترة الاستقلال.
ففي كل فترة من هذين الشطرين قد لمعت سيرتهالتقريبية والوحدوية بكل سماحة، كما برزت عداوته للاستعمار وصموده في صفّ المناضلين الوطنيين، واليك التفصيل:
مواقفه الوحدوية والسياسة في الشطرالأول من حياته
في أيام الخلافة، على الرغم من ضغط الحكام في جبل عامل وسوريا على طائفة الشيعة عامة، وعلى أسرة الأمينخاصة، فكان السيد يداريهم، ولم يقف منهمموقف العداء، ولم يماشي من خالفهم من الطوائف داخل البلاد، ولم يدخل صف القوميين الذين كانوا يدعون الى إحياء القومية العربية، والخروج عن حوزة الخلافة، بدعم منانجلترا، ومن وراءها ممارسة الحركة الصليبية القديمة في لبنانا والى جانبها لاحركة الوهابية في شبه الجزيرة العربية التي انتهت الى فصل تلك البلاد عن ساحة الخلافةالاسلامية والى قيام المملكة السعودية فيما بعد على أساس تلك الفطرة الخاطئة التي سمّوها (سلفية)، وكان السيد الأمين قد أحسّ خطرها، وقابلها بكتبه ومقالاته. وهذه ارادة من العثمانيين لم تكن لرضاه من سيرة العثمانيين وأعمالهم، ولا من أجل خضوعه لتلك السلطة القائمة في البلاد خوفاً وطمعاً، كلاّ بل حفاظاً على الحكم الاسلاميالقائم، ودعماً لوحدة الصفّ الاسلامي ولصمود المسلمين من جميع الشعوب أمام الاستعمار الاوروبي الواقف على أعتاب أرض الإسلام حين ذاك، والنافذ بدسائسه الشيطانية،وأساليبه السياسية الماكرة، وبثقافته الجالبة، بين الشعوب الاسلامية، الذين بدأت توجد ـ بكل أسف ـ بينهم نفوص أحبت هؤلاء الأجانب وكادت تلبّي دعوتهم وتحبذر طريقهم. وكان يظهر هذا الموقف الملائم من السيد الأمين أيام العثمانيين حتى أيام طلبته للعلم. من ذلك ما كان عاناه ـ وهو طالب علم شاب ـ في جبل عامل لمّا طُلب للعسكر(1)، حيثلم تعد الحكومة مدارس الشيعة في تلك البلاد رسمية، فلم تعفوا طلابها من الخدمة العسكرية وكانت مصيبة وهمّاً لهؤلاء الطلبة.
فاقترح عليهم ـ وهم ايسون ـ الشيخ أبوالخير الخطيب الدمشقي قاضي صور ـ وكان من اهل السنّة طبعاً ـ أن تقدّم المدرسة الحيدرية في قرية (عين الزطّ) ـ وكان السيد الأمين من طلاب هذه المدرسة في تلك الفترة ـمعروضاً الى المشيرية بدمشق تطلب اعتبارها مدرسة رسمية، لكي تقبل طلابها في الامتحان، فطلب الخطيب بأسماء الطلبة المطلوبين للعسكر، فعمل الخطيب المعروض بنفسه وكتبهبخطه، فقدّم المعروض في دمشق الى المشير (رجب باشا) وقال السيد: وهو رجل حازم منصف لا تعصّب عنده فأجابهم بأن ذلك قيد التحقيق، فأصدر الأمر الى الملازم الاول في صيدا أنيحضر الى (عينا) ويرى المدرسة الحيدرية إنها حقيقية أم لا واعترف السيد ثانياً بأنّ هذا الملازم كان من خيرة الرجال وكان من أقرب الناس الينا، وكنا من أعزّهم عليه، لمافعل خيراً مما فعل ـ فجاء الملازم الى المدرسة فأحضر الطلبة، وكانوا متفرّقين في القرى خوفاً من الحكومة، فكتب بلسان موافق: إني حضرت المدرسة، فوجدتها مدرسة معمورة ...ووجدت الطلبة المطلوبين جميعاً فيها، ولم يقبل الملازم أن يأخذ من المال شيئاً، فعند ذلك صدر أمر المشيرية باعتبار المدرسة رسمية وبقبول من فيها من الطلبة للامتحان. وكان ذلك فتحاً جديداً في جبل عامل، ولم يكن ذلك سابقاً، وبقي هذا المشروع الى زوال الدولة العثمانية. ونحن نرى أن السيد قدّر وشكر هؤلاء الذين سمّاهم خلال حديثه عنهذه الواقعة، ثم قدر ثانياً كلاً من الشيخ أبو الخير الخطيب والمشير رجب باشا، والملازم أول في صيدا الذي قال في حقه: إنه لا يوجد في الردقيين في صيدا مخلص غير هذا الرجل،وقال: وقد شدّدت الحكومة بالطلب للعكسر قبل مجيء أمر المشيرية.
ثم قدر وشكر في ختام حديثه رجالاً آخرين من عمال الحكومة الذين أعانهم على مطلوبهم ومنهم محمدأفندي البلابيدي مأمور الاجراء أي الامتحان حيث عاملهم معاملة حسنة، فأعلن أن طلاب صيدا وصور، ومرجعيون نجحوا جميعاً، وقد نشرت في جريدة، فكانت بشارةعظيمة. وكذا قدّرالميرآلاي الذي وقّع الشهادة وأوصاهم بخير. (2)
ومع ذلك قد شكى السيد خلال حديثه: تركيّاً اسمه محي الدين، وكان غاضباً على طلبة العلم، حيث كتب معهم الى بيروت أنهؤلاء ليسوا طلبة علمٍ وأنهم زارعون. (3)
وقد شكى من آخرين لشدة تعصّبهم على الشيعة في مسيرهم الى العراق، منهم (تابروال) المركب(4) الذي ركبوه في البحر من بيروت الىاسكندرون.
وهذه عادة السيد الأمين على العموم في سيرته وتعامله مع الآخرين، وحتى خلال التراجم للرجال من (أعيان الشيعة) أنه يقدّر الخير ويفنّد ما لا يرضاه منالسوء من كل أحد من غير فرق بين أبناء طائفته الشيعة، او من غيرهم. ولها شواهد عدّة فيما كتبه في سيرته. وهذا إن دلّ على شيء فقد دلّ على أن هذا الإمام منطبع فطرةً بملازمةالحق والعدل والخير، والإعراض عن الباطل والظلم والشرّ أينما كانت ولو عند أقرباءه وأهل جلدته من الشيعة الجعفرية.
ومن مظاهر هذه الخصلة الحميدة تلك الثورة التيأثارها ضد البدع التي شاعت عند الشيعة في سوريا وغيرها، وهي من أظهر الأعمال الإصلاحية عند هذا الإمام، كما بيّنها في سيرته(5).
مواقفه السياسية في الشطرالثاني من حياته
أما موقفه بعد انتهاء الحكم العثماني أمام الاستعمار الفرنسي، فأمر واضح عند السوريين وقد نص على ذلك رجال السياسة والكتّاب وعلماء الدين من أهلالسنّ' في سوريا. فممن قدّره وأوضح موقفه في ذلك الاستاذ لطفي الحفّار(6)، رئيس الوزراء الأسبق في سوريا، فقد كتب تحت عنوان (إمام الوطنية) أن الجهود المتفرقة كانت تتلاقىفي مختلف الميادين السياسية والاقتصادية لمقاومة هذا الأجنبي وأعوانه ... وبدأت الحركات الوطنية تظهر شيئاً فشيئاً، وبدأت المقاومة السلبية في شتى المناسبات، ولجأالأجنبي للقضاء على هذه الروح الوطنية الوثّابة، بالاعتقالات، وسوق الوطنيين العاملين الى المنافي والسجون، ثم نشبت الثورة السورية عام 1925 الى عام 1928 حينما اضطّرتفرنسا لدعوة العلماء لانتخاب جمعية تأسيسية تضع دستورها، وتقرر أوضاعها السياسية والإدارية والمالية، بعد أن شعرت بشدة المعارضة الوطنية، وقوّة مراسها، وإجماعكلمتها، ثم تألّفت وقتئذ الكتلة الوطنية ـ الى أن قال ـ وكانت البلاد السورية كلها صفّاً واحداً، وكلمة جامعة، تعمل وتجاهد وراء قادتها العاملين المخلصين ... وكنّا في هذهالظروف الحرجة التي تُبدل فيها ما عزّ وهان من جهد وتضحية وبذل. ولقد قال: نعاني الأمرين من بعض الذين اتخذوا الدين مطية لأهوائهم ومطامعهم والوصول الى غاياتهم فيالحكم والسلطان، ومقاومة اجماع البلاد، لعدم التعاون مع الاجنبي المحتل، وكنا نلاقي آلماً من هذه التيارات الخطرة على الناس وامامته.
وفي هذه الحقبة من أيامالنضال والنزال على اختلاف ظروفه وأحواله كنا نستمد قوة روحية، ورعاية واسعة، ودعوة صالحة من الإمام المجتهد السيد محسن لاأمين على عكس ما نراه من بعض الأدعياء الجهلاء،وما عندنا مرة من منفى او سجن، والمعارك سجال، بيننا وبين هؤلاء أذناب المستعمر، الذين يخدعون الناس ويضللونهم بالباطل، إلا وكان الإمام السيد يدعو للثبات والتضحيةوالإخلاص في العمل، ويبارك جهود العاملين، ويدعوهم بالقوة والتأييد.
وكم كنا نأنس بزيارته من حين لآخر، لما نلاقي في أحاديثه الممتعة ودعاية وطنية المخلصة، منالتشجيع والتنشيط والحثّ على متابعة الجهاد في سبيل الوطن، وتحقيق غايات البلاد في الحرية والاستقلال، والدفاع عن كرامة الإسلام والمسلمين، والتضامن مع مختلف الطوائفوالمذاهب، والتسامح والاتحاد ونبذ الضغائن والاحقاد.
كان لنا نيرات تضيء في المدلهمات، والملمات وقبساً يشع نوره في مختلف الحادثات. ولا أنكر أننا كنا نلاقي مثلهذا التأييد والتشجيع من بعض رجال الدين الآخرين على اختلاف المذاهب والطوائف الذين يستشعرون واجباتهم الدينية والدنيوية، غير أن ما كان يتمتع به الإمام العلاّمة السيدمحسن من الزعامة، والقوة والحب العميق من جميع من عرفه واجتمع اليه من إخوانه ورجال عشيرته وغيرهم، كانت هذه الزعامة والحب قوة لنا لمتابعة الجهاد والنضال، دون تردد اوضعف، وكانت مجالسه كلها التي نغشاها من حين لآخر مجالاً للدعوة الصالحة في وجوب التضامن والائتلاف ونبذ السخائم والخلافات، والترفع عن الدنايا والاسفاف، وكان بهذهالقوة التي يعمرها الايمان يحارب الكثير من الصغائر والسخافات، داعياً لترك العادات التي ما أنزل الله بها من سلطان، وهي تصدّ المسلمين عن إصلاح دينهم ودنياهم الى أنقال: وكان لدعوته هذه الأثر البالغ في النفوس، لأنها كانت صادرة عن قلب ملؤه الإيمان والاخلاص ...
وقد كتب الأستاذ حسين مروة تحت عنوان (الذي يعرف دار المفوضالسامي)(7) ... ميز اعتاذ بهما السيد محسن الأمين أولاً هو الزعيم الديني الأوحد الذي لم يعرف قط دار المفوض السامي الفرنسي في بيروت، ولا دار (المندوبية الفرنسؤية) بدمشقطول عهد الانتداب الدائر، وهو الزعيم الديني الأوحد الذي لم يعرف قطّ، وجه فرنسي واحد معرفة غيره لهاتيك الوجوه التي كانت تحنو لها وجوه القوم هنا وهناك من كلّ لون ...وكان غنيّ النفس من وطنية وعزة وكرامة وإباء ..
وكان بهذا كله غنياً فلم يعرف داراً ولا وجهأً للحاكمين المسيطرين، ولكن عرف وجوه جميع الوطنيين الذين كانوايناهضون الانتداب ويجاهدون ويثيرون بوجهه العواصف والأعاصير، عرف تلك الوجوه شيعاً في سوريا ولبنان، وما يزال منهم ذاكرون يذكرون كيف كانت تعقد الحلقات الوطنية فيدمشق. برعايته وتوجيهه كلما اشتدت ازمة او هاج اعصار.
وثانية الميزتين أن السيد محسن الأمين كان حرباً دائمة على البدع والأوهام والمشعوذات والخرافات تدخل عقولالناس في الدين، او في العلم او في الوطنية جمعاء ...
وفي ذلك يقول الدكتور أسعد الحكيم ... وما الى أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها حتى بدأت مرحلة جهادهالأكبر التي اسفرت عن انتصاره الباهر بعد حرب ضروس أبلى فيها بلاء حسناً على تقويض دعائم كثير من البدع الدخيلة والمعتقدات الضالة المتوارثة المتأصلة في النفوس، وعنفوزه الكبير، في صراعه مع حكومة الانتداب الفرنسي التي كانت تدعوه الى قبول مبدأ الطائفية في سوريا، وفيها شق عصا المسلمين الى شطرين، مهددة تارة، وملوّحة بالمالوالمناصب الرفيعة، تارة أخرى، فلم تكن له قناة، وكانت كلمته في جمع مواقفه: (إنما المؤمنون إخوة)، وفيه ص 399: من اخباره الخاصة قال المندوب المفوض السامي: إنني موظف عندالله فلا يمكن أن اكون موظّفاً عند المفوض السامي.
وقال الأستاذ وجيه بيضون(8) في حديثه عن ما جرى بينه وبين السيد الأمين طيلة سنين: ومن اخبار وطنيته ونزاهتهوسموّه النفسي أنّ الفرنسيين عرضوا على سماحته منصب رئاسة العلماء والإفتاء بمعاش كبير مشفوعاً بدار للسكنى وسيارة خاصة وأرسلوا أحد الضبّاط من بيروت الى دمشق كي يعرضعليه الرأي، فلما أن مثل بين يديه في صومعته الصغيرة وكنت ترجامنه ـ قال الضابط إنه قدم لزيارته ثلاث مرات حتى اسعده الحظ بلقياه، فما كان من سماحته إلا أن أمرني أنأكذّبه، لأنه لم يحاول الزيارة أكثر من مرتين، فتلطخت بنقل تكذيبه الى الضابط الذي اعتذر للحال عن خطته. ثم أدلى بالغاية التي قدم من اجلها، وكان يترقب كل جواب إلا الجوابالسلبي الذي جابهه به سيدنا الأمين، وقال: (إنني موظّف عند الخالق العظيم وسيّد الأكوان، ومن كان كذلك لا يمكن أن يكون موظّفاً عند المفوض السامي فاشكره بالنيابة عني علىثقته بي، واحمل اليه أن المعاش الكبير والمركز الخطير والدار المنيفة والسيادة الرفيعة، كل أولئك قد أغناني الله عنه بالقناعة) فبهت الضابط الفرنسي وقام متحاملاً علىنفسه منصرفاً بين العجب والاعجاب ..
وقال الشيخ محمد جواد مغنية في حديثه(9) عن السيد الأمين: فكان في جبل عامل والعراق ودمشق لا وزن عنده إلا الحق ولا فضل إلا لعاملعلى خير الوطن والصالح العام كائناً من كان سنياً او شيعياً، مسلماً أم غير مسلم .. وقال في حديثه إن المسيح لا يريد النصراني الماروني الروسي إنما يريد النصرانيالانساني، ومحمد لا يريد المسلم السنّي او الشيعي وإنما يريد المسلم الإنساني، هكذا فهم الفقيد الاسلام والإيمان.
فلنضع حياته لهذا الشعور، وبهذا كان عظيماًعند المسيحيين كافّة، والمحمديين كافة ...
وقال الإستاذ علي بزي في حديث(10) بعنوان (عدوّ الاستعمار): عرفنا الاستعمار أول ما يتملّق رجال الدين فيستضع من يستضع،ويسكت من لم يقو على استضاعه بمختلف الطرق وشتى الأساليب، أما فقيدنا الكبير فإن المستعمر لم يجرؤ حتى الدنو منه يأبى اغراء، ذلك أنه كان يعرف أن المحسن الأمين لا يعتبرإلا بجاه العلم، وثقة اخوانه المؤمنين المسلمين، فلو أعطي ملك الأرض لما عادله بجزء يسير من هذا العزّ الخالد والجاه الصحيح .. وأنى للمال أن يغري تلك النفس الكبيرة التيعرفت أن تسرّ العظمة في العطاء لا في الأخذ، وأنّ من وقف نفسه وحياته وقلمه وفكره على الناس، هيهات أن ينفذ إلى الكفر: بملاينته ومسايرته . وقد كان سيفا مصلتا في وجه طيلةحياته.
ولم تزل وعشق تذكر مواقفه العديدة في إبان نضالها حيث لم يكن يكتفي بالتأييد ولم يسلك السبيل التي سلكها أقرانه من الإفتاء بالجهاد فحسب ، بل كان يجاهدكأيّ مواطن يجمع الصفوف وينظمها، ويحضّها، ويقوي في عزائمها حتى أصبح بلبه في الشام تحجه القادة الوطنيين بها، ولم يزل يذكر الوطنييون كلمته الخالدة لأحد القادةالفرنسيين حين زاره في منزله بدمشق وتعرض لجلالة المغفور له الملك فيصل فقال له: 'إنك ضيف في منزلي ، وحرمة الضيافة وحدها تمسكني عن إهانتك، ولكن تأكدوا أن التاريخ لميسجل أن القوة استطاعت الانتصار على الحق انتصارا أبديا، ولابد للحرب في سوريا أن ينتصروا في النهاية بحقهم على قوتكم' .
يا سيدي: لقد كنت في حياتك وستظلّ في مماتكمنارة وهديا للعالم الاسلامي، وللعرب ومفخرة لنا في جيل عامل..
موقفه اما الحاكم العربي الأمير فيصل
هذا كله حكاية موقف السيّد الاميني امامالمستعمرين، اما موقفه امام الحاكم العربي الامير فيصل فقد دخل مع الضيف من العلماء والزعماء بعد الحرب العالمية الاولى دمشق وهنأ الامير فيصل ، وفي ذلك يقول: 'ثم دخلنادمشق وهنأنا الأمير فيصل واجتمع جماعة من شبان ممجلة الحراب وطلبوا منّي أن ندعو فيصلا إلى وليمة يقيمونها له فذهبت إليه وقلت له: إنّ أهل محلة الخراب يرغبون في أنيتنازلوا وتشرفوا محلّتهم لوليمة غذاء أو عشاء وحكى القضية إلى أ، قال فأجاب إلى وليمة عشاء.. ولما كان قريب الغروب حضر بعربته وقد اصطف طلاب المدرسة له على الطريق صفتي،ورددوا النشيسد وارتفعت السواريخ إلى عنان السماء ، فلما وصل إلى قريب المدرسة ترجل، وقد زيّن الرقاق وفُرس بأنواع الطنافي وخرجت لاستقباله.. ودخل المدرسة فسرّ كنهواوحضرت وقت الصلاة فدعاني وأنتم بي إلى ان قال: ونصبت المائدة وعشى وتعشينا معه .. وعند تتويج فيصل ملكا على سورية أثناء وجودي في دمشق محضرت وهنّأته بالملك وتغدينا عندهوبعد ما توج الامير فيصل حضر اثنان من علماء جبل عامل ومعهما توكيل لي ولهما عن اهل البلاء في القيام مايلزم لدى الملك فيصل ودخلنا على الملك وبعدما انقضت مراسم الملاقاةللأمير فيصل والسلام عليه التي حضرنا الدمشق لأجلها عدنا إلى جبل عامل. وقد مرّت بنا حكاية إمانة مندوب المفوض السامي عند السيد بالملك فيصل فغضب عليه حتى كاداةيخرجه من داده.
موقفه في التقريب بين المذاهب الاسلامية
يكفينا من ذلك تقرب من اقواله وآراءه، فمن ذلك قوله في شأن الصحابة عند الشيعة(11).وعهدةما ينقمه غير الشيعة عليهم دعوى القدح في السلف، أو أحد ممن يطلق عليه رسم الصحابي، والشيعة يقولون: إن احترام أصحاب نبينا (ص) من احترام نبينا ، فنحن نحترمهم جميعالاحترامه ، وذلك 'يمنعنا من القول بتفاوت درجاتهم وأ، عليا عليه السلام أحقّ بالخلافة من جميعهم، وأ، بعضهم قد أخطأ إلى ان قال - هناك انه لا سانح للتضليل الشيعة واخراجهمعن بقية الاكرام من هذه الجهة، وهي أهمّ وقال: 'ولم نجد في الآثار والأخبار ولا في متن الدين وحواشيه ج 351 أنه (ص) كان يشترط في الاسلام الاعتقاد في أصحابه، ودرجات فضلهمومنزلتهم. لكن منكر امامتهم عندهم ليس بخارج عن الاسم وتجري عليه جميع احكامه.
وقال ردا على الرافعي في نسبه الشيعة النفاق إلى الصحابه: 'إن الشيعة لميقولوا، ولن يقولوا: إن الصحابة كانوا منافقين، ولكنهم يقولون: إنهم لم يكونوا كلهم على صفة واحدة ووتيرة واحدة بل كانت درجاتهم متفاوتة، ويقولون كما قال الله تعالى فيكتابه العزيز 'دنى أهل الدينة مردوا على النفاق' الآية.
ويقول في مذهبهم في الصحابه(12): ' وقالت الشيعة حكم الصحابة في العدالة حكم غيرهم ، ولا تحتم حكم بها بمجردالصحبة، وهي لقاء النبي (ص) مؤمنا به وهمات على الاسلام - على ماقال ابن حجر في الإصابة إنه أصح ماوقف عليه في تعريف الصحابي - وأنّ ذلك ليس كافيا في ثبوت العدالة بعدالاتفاق على عدم العصمة المانعة من صدور الذنب، فمن علمنا عدالته حكمنا بها، وقبلنا روايته ولزمنا له من التعظيم والتوفير بسبب شرف الصحبة ونصرة الإسلام، ولجهاد في سبيلالله ماهو أهله، ومن علمنا منه خلاف ذلك لم تقبل روايته، أمثال مروان الحكم، ولغيرة بي شعبته، والوليد بن عقبة، وبشر بن أرطاة، وبعض بني أمية واعوانهم، ومن جهلنا حاله فيالعدالة توقّفنا في قبول روايته.. ثم دخل في البحث مع ابن حجر وغيره.
ومنها قوله بشأن أمهات المؤمنين(13).
قال جواب عن أسئلة الأستاذ سعيد الأفغاني بعد أنبيّن اعتقاد والشيسعة في أزواج الأنبياء عليهم السلام عامّة قال: أما اعتقادهم في خصوص ازواج النبي(ص) فهو من نطق به القرآن الكريم واتفق على نقله اهل الآثار والأخبار(دون ما انفرد به بعضهم، ولم تعم برهان على صحته ما روسي السياسية في عصر الملك المعضوض ، أو انفرد به شذاذ لاعبرة بهم فأزواج النبي أمهات المؤمنين في كروم الاحتراموالتكريم احتراما للنبي (ص) وحرمة نكاحهن من بعد 'النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم وازواجه امهاتهم ، كان لكم أ، تؤزوا الرسول الله وأن تنكحوا ازواجه من بعده' وإن الزوجةللنبي(ص) ' ترفع عقاب المعصيبة بل تضاعفه كما تضاعف ثواب الطاعة 'يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة .. إلى قوله: 'يا نساء النبي لستن كاحد من النساء إن اتقيتن ..' ثم أطالفي الجواب ال ان قال : واما الجواب عن السؤال الثاني - وقد سأله عنها - فهو أن السيدة عاشئة أم المؤمنين كانت راوية للحديث ، بصيرة بالفقه ، جزئية على النبي(ص) ظهر ذلك منهافي عدة مواضع حفظها تلاريخ لا يتسّع المقام لذكرها.. ويرون انها أخطأت بخروجها على الامام العادل خطيرة الطلب بدم عثمان إلى آخر ماقال.
ومنها قوله بشأن اتباعالمذاهب الاسلامية(14). : 'مذهب الشيسعة أ، الاسلام هو ما عليه جميع أهل المذاهب فضلا عن الخلفاء وعليه يجري التناكح والتوارث وسائر احكام الاسم ، حتى أن من قال بالتجسيم منالحنابلة ولكنه لم يلتزم بلوازم قوله لا يحكم عليه بالكفر.
ومنها قوله في الاحاديث لدى الشيعة: وأما الحديث فيأخذونه من رواية الثقات ولو كانوا من غير الشيعة ولايأخذون من غير الثقات ولو كانوا شيعة ، فقد قبلوا كثيرا من روايات من سمّوا بالنبيين لكونهم كانوا ثقات وسمّوا حديثهم بالموثّق ، وتركوا كلّ حديث رواه من ليس بثقة وان كانشيعيا، وسمّوه ضعيفا، كما يظهر من كتب رجالهم كتب وفقههم الاستدلالية، وكتب حديثهم.
ومنها قوله بشأن أخذ العلوم عند الشيعة: وأما العلم فيأخذونه من كلّ أحد،وتبعهم التي يدروسنها في اللغة وعلوم العربية، وعلوم البلاغة والمنطق ونحوها، جلها تأليف غير الشيعة، وكذلك التاريخ يثقون بروايته عمن يوثق به، ولو كان غير شيعي أمثالالطبري، وابن الأثير، ولا لوم عليهم إذا لم يثقوا برواية التاريخ عن الذين ظهر منهم التعصب وقلب التاريخ وتحريفه على حسب أهوائهم.
وأما كتب فقههم فمحشونة بأقوالالفقهاء الأربعة وغيرهم مثل محمد بن الحسن الشيباني تلميذا إلى خيفة وغيره، فقد يوافقونهم في الرأي، وقد يخالفونهم، وأما أصول فقههم فكّلها مشحونة بأقوال من تسمّواباهل السنة كابن إلحاصب، والقاضي عضد الدين، وسعد الدين التفتازاني، والآمدي وغيرهم، فيوافقهم فيما أداهم الدليل إلى موافقتهم، ويخالفونهم في غيره.
والى عهدقريب كانت تدرس كتب هؤلاء في المدارس الدينية للشيعة ومنها اقواله في خصوص التقريب بين المذاهب الاسلامية ووحدة المسلمين فقال:
نصيحة مهمة(15).
يحب درسهاوالتدبر فيها للسملمين خصوصا وللعرب عموما .
إن المسلمين اليوم يقدرون بثلثمائة وخمسين مليونا (والآن عددهم ميليارد وثلمائة مليون) منهم تسعون مليوناني الشيعةوالباقون من أهل السنة، وهي قوة في الكون لا يستهان بها، ولكن تفكك عرى المودة والإتفاق، وفقد الرابطة بينهم أضعف قوتهم المعنوية والمادية، فاصبحوا عيالا على غيرهم،وفقدوا استقلالهم والدول التي لها شبه استقلال منهم، فاقدة للاستقلال الصناعي والاقتصادي الذي هو من مقدمات الاستقلال في الحكم، ومع هذا كلّه فهم غافلون عن حاضر امرهمومستقبله، مشتغلون بالسفالف والعداوات المذهبية، والجنسية، والطائفية، متهاونون بأهم فروضهم الدينية، مضيعون لمحاسن دينهم الأخلاقية، والاجتماعية، والاقتصادية التياستفادت منها جميع الامم، وسعدت باتبّاع بحضها، وإذا حصل لاحدهم شيء من كلم موهوم ، أو إمارة مستمدة من الغير استأثر بها على إخوانه وأثار أضغانهم وحفائظهم، ولم يلتفتإلى أنه بهم حصل له مابيده، وعما قليل ينتقل إلى غيره، واكثر ذوي الملك والإمارة منهم ينحون نحو العادات الأخرى، ويعادون التعاليم الإسلامية، ويسعون جهدهم لاوبادتهابالقهر والقوة ظنّا منهم أن أصحاب الدول يميليون اليهم ويوالونهم بسبب ذلك، وأنهم يذهبون بذلك شوطا بعيدا في اللحاق بهم والاقتباس من قوتهم ومدينتهم التي غلبو بها الامم- إلى ان قال فأنتم أيها الاخوان السنيون كفوا عن معاداة اخوانكم الشيعة، وعن القدح فيهم وتضليلهم، وإثارة حفائهم، والاستئثار عليهم بما هم شركاؤكم فيه ، فقد آن لكم أنتعلموا أن الذي فرّق بينكم وبينهم هو السياسة ، كما أوضحفناه في البحث السادس - والسياسة اليوم تقضي عليكم وعليهم - باتفاق الكلمة والتأمل الصحيح وترك التقليد الذميميُعلمكم أنهم إخوانكم في الدين، وانتم أيها الكتّاب حملة الاقدام بشان حال الأمة إلى متى تقدمون في إخوانكم الشيعة بالحق وبالباطل؟ - إلى أن قال:
وأنتم أيهاالإخوان الشيعيون عليكم أن تعملوا بما أمركم به إمامكم اهل البيت جعفر بن محمد الصادق من التحبّب إلى اخوانكم أهل السنّة من زيادتهم ، والصلاة في جماعاتهم، وتشيعجنائزهم وعيادة مرضاهم، وتجنّب كلّ ما يوغر صدورهم حتى يقولوا الله جعفر بن محمد ما احسن ما أدّب به أصحابه' ولو لم يكونوا معروفين بذلك لم يكن فعلهم هذا سببا لذلك القول.
وانتم أيها الاخوان من السنيين والشيعيين لا تركوا العمل بوضية نبيكم (ص) من اللين والتساهل مع كل أحد ، ولما أمر به ربّكم في كتابه العزيز نبيّه الأكرم(ص) منمعاملة الخارجين عن ملّة الإسلام بالرفق واللّين تعليما لكم، وتهذيبا لا خلاقكم بقوله تعالى: (وجادلهم بالتي هي أحسن) وغيرها من الآيات البنيات إن الذي يدخلكم في حوزةالإسلام عند المتأمل المنصف حاصل لكل منكم، وما ختلفتم فيه لا يخرج واحدا عنكم عن هذه الحوزة، وحساب كل منكم على ربه، والله تعالى يقول لنبيه(ص): (ما عليك نس حسابهم من شيء)أفرفع الله تعالى حسابكم عن نبيه ، وأوكله اليكم نسأله تعالى أن يوفق الجميع لمافيه الصلاح والإصلاح.
كما إننا نستميح الخدر ممن يطالع كنا بنا هذا إن عثر منا علىهفوة أو كلمة تخالف ما سطرناه في هذه النصيحة قد تدعو إأليها غفلة أو نودان غضب أو عاطفة، أو يضطرنا إليها بيان حقيقة فيسمينا إلى مخالفة القول للعمل ، فإن الإنسان محلالغلط والنسيان ، والمعصوم من عصمه الله، ولسنا نرمي في مقاصدنا الا إلى لم الشعث، واصلاح ذات البين ان شاء الله وبالله التوفيق.
كلمة تلوح منها رفضالتعصب
وأهم من كل ماذكرنا في القمام السيد بوحدة المسلمين رسالة القيمة 'حلق اليقين في التأليف بني المسلمين' وسنقدمها للمؤتمر مع هذا الخطاب بإذن الله تعالى قدحكى السيد الامين في كتبه الذي غاب عني الآن: أنه زار الأزهر في القاهرة فأتاه تلميذ وسأله سيدنا الفرق بين الشيعة فلقت له الشيعة تعمل على مذهب أهل البيت في كل أعماله ،وأهل السنة يعملون بالمذاهب الأربعة، فقال ليس هناك فرق بينهم غير هذا؟ فقلت لا نقل أنه جاء السيد رجل وقال له: أريد أن أكون جعفريا وبعد ان بين له عدم الفرق بين السنيوالشيسعي فلم يقنع قال له: قل لا إلاه الا الله محمد رسول الله فقال لها، قال له أصبحت جعفريا فبهت الرجل، وفي رواية أخرى قال الرجل له: كنت أقولها من ذي قبل، فقال كنتجعفريا من ذي قبل. وقال(16). في جواب من قال: أي فائدة لهذه الباحث الخلافة والامامة في هذا اليوم، ولم تبق للمسلمين إمامة ولا خلافة؟ وكان من الذين يسعون جهدهملجميع كلمة المسلمين وتأليف قلوبهم.
فيقول في جوابه إننا وألم الله أول من سعى ويسعى لجمع الشمل وتأليف القلوب بني المسلمين، ورقيّهم ورفع المنابذة والخرفات منبينهم، ولكن الأولى بمن يريد أن يعترض هذا الإعتراض، أن يوجّهه إلى من يعدّون أنفسهم كتّاب العصر ويسعون في ترقية مدارك المسلمين ومعارضهم ، وهم يبثون أمثال هذه السمومبنهم.. إلى أن قال - فهل يمكنا بعد هذا إلاّ الدفاع عن ديننا ومذهبنا ، وحماية خواتنا بما عندنا من قوة ومبرهان.
ومن هذا القبيل ماحكاه لي الأستاذ الكبير حسن الأمينابن الإمام السيد محسن الأمين رجهما الله تعالى قبل سنيين عن والده أنه قال: نحن لا نهاجم الآخرين ونتركهم على حالهم، أمّا لو هاجمونا فندافع عن أنفسنا، ومن تتبع كتبهوآثاره الكثيرة و'سيما ردوده على من هاجم الشيعة قديما وحديثا وشطر كبير منها مطبوع في الجزء الاول من أعيان الشيعة: في البحث السادس(17). من بعدها لاعترف بما قاله السيد ،ومع ذلك فإنه في دفاعه عن مذهبه ودفع الافتداءات عنه لا يعتمد إلا على الديل ، ولا تأفذة العاطفة إلى الإهانة عن هاجمهم.
خاتمة المقال
قد ظهر مماذكرنا أنّ عنوان الإمام المصلح الداعي إلى الوحدة والتعريف بين السملمين ، والى العداء للمستعمرين) صدق وحق تماما بشأن السيد الأمين، وهذا لا يختص بموقفه بين المسلمينوبين المذاهب الإسلامية فقد كان هذا السيرته بين الشيعة أنفسهم. كما نصّ عليه الباحثون في سيرته ، ونشير إلى ماقاله لدى دخوله دمشق عام 1319هـ : الأول الأمية والجهلالمنطبق، والثاني الاختلاف والتخرّب بين الشيعة في دمشق ، الثالث مجالس العزاء ومافيها من أحاديث غير صحيحة، وما يضح في المشهد (المعروف الآنساني زينبية) من ضرب الرؤسبالسيوف واالقامات وبعض الأفعال الستنكرة.. فوجهنا اهتما منها إلى إصلاح هذه الأمور الثلاثة.. ثم ذكر تأسيس المدارس للأطفال دفعا للجهل والامية وقام بتأليف الكتب بعرضالصحيح من مصائب أهل البيت عليهم، ثم الثورة التي أثارها ضد تلك التقاليد وكان لها صدى في جميع الأقطار الشيعية، وقد خرج من الدنيا وقد ملأت آثاره الدنيا قال: وأما أمرالخربية بين أپناء الطائفة والتشاكس الواقع بينهم فرفعه أمر واحد لم نكن نعرفه ولا نعرف ان له هذا الأثر، وهو المساواة بين الناس ، وعدم التحيّز لفريق دون آخر وهذا امرطبعنا عليه ولم تتكالفه مكالفا.
العلامة السيد حسن الامين
ويجب علينا ونحن نشارك في هذا الحفل الكبير لتكريم الإمام الأمين أن نذكر مالابنهالكاتب الكبير السيد حسن الامين - وهو أهل لأن يحقد له مؤتمرات، من الأيادي البيضاء اولا في اتمام وتصحيح ونشر آثار والده ولا سيّما الكتاب القيّم أعيان الشيسعة فلولامساعيه وجهوده الجباره لما أمكن إخراجها بهذه الحلية الطيبة، فهو شريك والده في جميع ما ألفّه في حياته الممتعة. وثانيا ما وهبه قدمه للمكتبة الإسلامية منالآثار النفسية القيمة، وفي طليعتها كتابا من الاول: 'المستدركات لاعيان الشيسعة' التي وقفنا على الجزء التاسع منه .
الثاني: دائرة المعارف الشيسعية التي قدأتمها وأكمالها قبل رحيله بأيام.
وكان يرسل المستدركات ودائرة المعارف جلدا وجلدا إلى هذا الجلد رمزا إلى الصداقة التي استمرت بيننا طيلة اكثر من 32 سنة إبتداءباشتراكه في المؤتمر الألقي للشيخ الطوسي، الذي اقمناه في جامعة مشهد، ولم تنقطع هذه العلاقة إلى آخر ساعة من حياته فرحمه الله رحمة واسعة وأسكنه مع والده بحبوبة جناتهآمين ياربّ العالمين.
(1) الطبع الجديد من أعيان الشيعة، الجزء العاشر، ص 333 ـ 378.
(2) الجزء العاشر، ص 378 ـ 449.
(1) أعيان الشيعة، المجلد العاشر، ص 345.
(2) أعيان الشيعة، ج10، ص 355 ـ 347.
(3)نفس المصدر، ص 346.
(4) نفس المصدر، ص 349.
(5) نفس المصدر، ص 361.
(6) نفس المصدر، ص 383.
(7) المجلد العاشر، ص 387.
(8) نفس المصدر، ص 390.
(9)نفس المصدر، ص 391.
(10) نفس المصدر، ص 392.
11 - اعيان الشيعة ج 1: 39 .
12 - أعيان الشيعة ج 1، ص 1130.
13 - نفس المصدر ، ص 120.
14 - اعيان الشيعةالجزء الأول ، ص 52 .
15 - اعيان الشيعة الجزء الأوّل ، ص 86.
16 - أعيان الشيعة ج 1، ص 86.
17 - نفس المصدر، ص 385.