مهم فی العقود المالیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مهم فی العقود المالیة - نسخه متنی

محمدعلی التسخیری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلاميةالمهم في العقود المالية

أ. الشيخ محمد علي التسخيري

هل هو الشكل او المقصد؟

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله والصلاةوالسلام على آله وصحبه وبعد

فمن الواضح وجود اتجاهين في الفقه للاجابة على هذا السؤال:

ويركز الاول على شكل العقد واهم ما فيه اللفظ المستعمل، في حينيعتبر الاتجاه الثاني ان المهم المقصد والمحتوى الذي اريد بيانه بهذا اللفظ او العمل.

وقد تعرض الفقهاء لهذا الموضوع عند دراستهم للقواعد الفقهية، وعند تعرضهملبحث الحيل الربوية، أو بحث العقود الصادرة سهواً او عند حالات ذهاب العقل والوعي وأمثال ذلك.

(156)

والملاحظ ان الاتجاه الغالب للفقهاء عبر العصور هوالاتجاه الثاني حيث تشيع بينهم التعابير التالية:

العبرة للمعنى دون الصورة.(1)

العبرة في العقود لمعانيها لا لصور الألفاظ.(2)

العقود تابعةللقصود.(3)

العبرة للمعاني دون الصورة.(4)

العقود لا تعتبر باللفظ وإنما تعتبر بالمعنى.(5)

العقود مبنية على مراعاة القصود.(6)

المقاصدمعتبرة.(7)

الأحكام تتعلق بمعاني الألفاظ دون قوالبها.(8)

إذا دارت المسألة بين مراعاة اللفظ ومراعات القصد فمراعاة القصد أولى.(9)

وهكذا تتعددالتعابير.

وربما استندت في الغالب الى قوله (ص) إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، وهو حديث مشهور وارد في مختلف الكتب الحديثية.

وقد رأىالفقهاء انه لا يختص بباب العبادات بل يعم المعاملات.

وفي شرح كل هذه التعابير يقال:

بأن المراد من ذلك:

قد يكون هو أن العقد لا يتحقق إلا بالقصدفتكون اشارة الى اشتراط كون العاقد قاصداً في

(157)

مقامات العقود كلها ويكون معنى التبعية: عدم تحقق العقد بدون القصد.(10)

وقد يكون بمعنى ان العقدتابع للقصد بمعنى ان العقد شيء يحتاج الى موجب وقابل وعوض ومعوض وهو في هذه الأمور تابع للقصد بمعنى انه لا يقع ما لم يقصد.(11)

وقد يكون بمعنى ان العبرة ملاحظة مايفهمه العرف من مقصود العاقد عبر ملاحظة ما يترتب عليه من آثار فهو المعتبر حتى لو كان التعبير لا يناسب ذلك.

وعلى أي حال؛

فربما يستدل لهذه القاعدة تارةبذكر الروايات الشريفة كالرواية الآنفة وأخرى يستند الى الضرورة الفقهية(12) بعد أن اتفقوا على ان اللفظ بمجرده لا يؤدي الى اثر شرعي. وربما عبر عن هذا بالاجماع.(13)

ويناقش في دلالة الرواية باعتبارها تنصرف الى العبادات وانماط السلوك الأخلاقية، وفي الاجماع بأنه لا يشكل دليلاً مستقلاً وانه غير تام بعد مخالفة الشافعية(14) وغيرهم.

والذي أتصوره ان اهم ما يمكن الاستناد عليه هنا هو الاصل الاولي: فإنه يقتضي أن يكون اللفظ مجرد تعبير عن المقصود او نوع الالتزام ـ كما يعبر

(158)

عنه الفقه الوضعي ـ، كما يقتضي عدم ترتب الآثار المجعولة للعقود إلا بعد تمام التعهد وارتباط تعهد الموجب بتعهد القابل، وهذا يعني ان التركيز كله يقع على القصد والمعنىدون اللفظ والشكل، وان اشترط اللفظ للكشف عن المعنى.(15)

بل يمكن القول بأن الفهم العرفي قد يحول العقد من حالة الى أخرى حتى لو تصورنا وقوع القصد الآني من الفاعل.ونحن نعلم ان الشارع قد ألقى خطاباته الى العرف، فهو الذي يشخص المصاديق والموضوعات وهو الذي يفهم دلالات خطابات الشارع ،وهذا ما سنلاحظه عند ذكر بعض التطبيقات.

بعض التطبيقات المرتبطة بالعقود المالية

وسنكتفي بتطبيقين:

التطبيق الاول:

مسألة الفرار من ربا القرض.

و هذه مسألة عنونت هكذا فيكلمات الفقهاء، الأمر الذي أوقع البعض في شبهة مهمة ملخصها: أن الربا يعد من اشد المحرمات الاسلامية التي ركزت عليها النصوص القرآنية الكريمة والاحاديث الشريفة، وهوالمسرب الطبيعي لكثير من انماط الفساد الاجتماعي والاقتصادي، والازمات الخانقة التي نشاهدها في النظم المتعاملة به، واذا كان

(159)

الامر كذلك فما معنىطرح هذه المسألة في النصوص مما يوهم ان الاسلام - والعياذ بالله - نفسه يفتح السبل لجريان الربا نفسه في المجتمع ولكن تحت عناوين اخرى، وبحيل واساليب التفافية تقوم بنفسالدور المفسد دون ان تمتلك نفس الحرمة الشديدة؟

وقد عبر الامام الخميني عن هذا الاشكال بقوله:

«وهذه عويصة بل عقدة في قلوب كثير من المتفكرين، واشكال منغير منتحلي الاسلام على هذا الحكم، ولابد من حلها، والتشبث بالتعبد (16) في مثل هذه المسألة التي ادركت العقول مفاسد تجويزها ومصالح منعها بعيداً عن الصواب».(17)

اما حل هذا الاشكال فيتم عبر ملاحظة الامور التالية:

اولاً: ان الروايات الواردة في مجال الفرار من الربا تنصب في معظمها على الربا المعاوضي الجاري في النقودوفي المكيل والموزون ، حيث تؤدي الضميمة من غير الجنس الى اخراج المعاملة من كونها تعاملا بالمثلين.

كما في صحيحة الحلبي «لا بأس بألف درهم ودرهم بألف درهمودينارين، اذا دخل فيها ديناران او اقل او اكثر فلا بأس به».(18)

والاشكال الذي طرحناه انما يتجلى في «ربا

(160)

القرض» واما تجويزها في القسم الاول(المعاوضي) فلا اشكال فيه اصلا، ولا عقدة ولا عويصة لان المثليات كسائر الامتعة لها قيمة قد ترتفع وقد تنخفض واشتراء منّ من الحنطة الجيدة بمنين او بأمنان من الشعيركاشتراء سائر الامتعة بقيمتها السوقية، واشتراء دينار أو درهم له قيمة سوقية تساوي دينارين من غير صنفه او درهمين كذلك ليس فيه اشكال ولا عويصة رأسا، بل لعل سر تحريمالشارع المقدس المبادلة فيها الا مثلا بمثل خارج عن فهم العقلاء وانما هو تعبد، فالحيلة في هذا القسم لا اشكال فيها».

اما ربا القرض فلم ترد في مجال التخلص منهالا بعض الروايات وهي:

اما ان تكون ضعيفة من حيث السند او الدلالة، وأما أن تكون في سبيل إراءة سبيل صحيح يجر المعاملة الى عقود اخرى صحيحة تترتب عليها احكامهاالطبيعية ولاتنتج المفاسد الربوية.

وحتى لو افترضنا وجود رواية ما - كما يدعى - سليمة السند والدلالة، فهي بالنظر المسلم به مخالفة لمقتضى الكتاب الشريف والسنةالقطعية المركزة على كون الربا من الظلم والفساد واعلان الحرب ضد الاسلام، وحينئذ فهي مما عبرت عنه روايات اهل البيت(ع) بالزخرف، وانه مما يضرب به عرض الجدار.

كماجاء في رواية يونس الشيباني قال:

(161)

قلت لابي عبدالله(ع): الرجل يبيع البيع والبائع يعلم انه لايسوى والمشتري يعلم انه لايسوى الا انه يعلم انه سيرجع فيهفيشتريه منه قال: فقال: يا يونس: ان رسول الله(ص) قال لجابر بن عبدالله: كيف انتم اذا ظهر الجور واورثتم الذل؟

قال: فقال له جابر لابقيت الى ذلك الزمان. ومتى يكون ذلكبأبي أنت وأمي؟ قال: اذا ظهر الربا. يا يونس وهذا الربا. فان لم تشتره رده عليك؟ قال: قلت: نعم قال: فلا تقربنه فلا تقربنه. (19)

وقد جاء في نهج البلاغة عن علي(ع):

«ان رسول الله(ص) قال له: يا علي ان القوم سيفتنون باموالهم (الى ان قال) ويستحلون حرامه بالشبهات الكاذبة والاهواء الساهية فيستحلون الخمر بالنبيذ والسحت بالهديةوالربا بالبيع»(20)

معيار تشخيص موضوع الربا عن غيره

والمعيار المطروح هنا هو العرف.

ولتوضيح ذلك نقول:

ان العرف انما يرجع اليه في ثلاثةمجالات:

المجال الاول: ما يكتشف منه الحكم الشرعي. كما هو الامر في عقد الفضولي صحة ولزوما.

وانما يتم ذلك اذا ثبت كون الحكم من الاعراف

(162)

العامة الممتدة الى عصر المعصوم(ع) الامر الذي يحقق التقرير والامضاء له بمجرد عدم صدور ردع مناسب.

المجال الثاني: تشخيص مصداقية بعض المفاهيم التي اوكلت اليه منقبل الشارع من قبيل الالفاظ التالية:

الاناء، الصعيد، الفقير، المسكين، الغنى، الاسراف، التبذير، في سبيل الله، وما الى ذلك.

المجال الثالث: ما يرجع اليهلمعرفة مراد المتكلمين عندما يستعملون الالفاظ. سواء كان المتكلم الشارع او غيره، ويرجع اليه ما يرجع الى الد لالات الالتزامية اذا كان منشأ الدلالة ملازمة عرفية.ويمثلون لذلك بحكم الشارع بطهارة الخمر الذي انقلب الى خل، وهو يلازم عرفا الحكم بطهارة جميع اطراف الاناء، وكذلك يدخل فيه كل البحث عن القرائن العرفية، والجمع العرفيبين الدليلين المتنافيين. كأن يقال: ان التعارض اذا لم يكن مستقرا في نظر العرف بل كان احد الدليلين المتعارضين قرينة على تفسير مقصود الشارع من الدليل الآخر وجب الجمعبينهما بتأويل الدليل الآخر وفقا للقرينة. وتدخل هنا بحوث التقييد والاطلاق، والعموم والخصوص، والحكومة والورود.

هذا كله في تشخيص مراد الشارع، وكذلك فان

(163)

للعرف دوره في تشخيص مراد غير الشارع ويدخل فيه ما يرجع الى ابواب الاقرارات والوصايا والشروط والوقوف وغيرها اذا استعملت بألفاظ لها دلالاتها العرفية.

وبهذا نعرف ان العرف وان لم يكن اصلا من اصول الفقه، لكنه يلعب دورا كبيرا في مجال الاستفادة من الاصول والنصوص.

الا ان هناك مفاهيم رأى الشارع ان يتدخلبنفسه لتشخيص بعض مصاديقها بعد ان كان ذلك غامضا على العرف، او ربما يرى الشارع ان العرف يتجه الى مصاديق اخرى، الامر الذي يتنافى مع غرضه، فاذا تدخل الشارع في تشخيصمفهوم عرفي كان هو المتبع في ذلك.

ويمكننا ان نمثل لذلك بالفقاع، فان بعض النصوص جاءت لتؤكد ان الفقاع خمر استصغره الناس، كما يمكن التمثيل له بالربا المعاوضي معاختلاف قيمة العوضين المثليين، فان العرف لايرى في الامر عملية ربوية، في حين يؤكد الشارع ذلك ويحرمه.

وعلى أي حال فان العرف يبقى محكما في الحالات التي لم يتدخلالشارع في تحديدها فيعتبر الامر حينئذ قد اوكل الى الشرع.

بعد هذا لابد من الدقة في تحقيق التشخيص

(164)

العرفي، وملاحظة كل المناسبات التييطرحها، والارتكازات التي يعتمد عليها، فان دراسة هذه المرتكزات لتساعد كثيرا على الوصول الى التشخيص العرفي المطلوب.

ولو عدنا الى موضوعنا الذي نبحث فيهلرأينا ان من اللازم الحصول على تأكد عرفي من عدم صدق الربا، وهو عمل قد يستدعي رفض الكثير من الحالات المشتبهة، واتباع طريق الاحتياط في البين؛ وذلك بملاحظة ما جاء منتأكيد شديد على حرمة الربا وعدم القرب منه، كما جاء في الرواية (فلا تقربنه فلا تقربنه).(21 )

ومن يلاحظ روايات الاحتياط يجد انها - وان لم تؤصل اصلا عاما يعارض ادلةالبراءة الشرعية - لكنها في مثل هذا المورد قابلة للانطباق نظرا لتقارب حدي البيع والربا.

فهناك رواية عن الامام الصادق(ع) تقول:

«من اتقى الشبهات فقداستبرأ لدينه».

ورغم ما قيل من ان الرواية ترغب فقط في الاتقاء وليس فيها ما يدل على الالزام، فانها تبين حالة تشتد وتضعف بملاحظة قرب الحدين الحلال والحراموبعدهما.

وهناك رواية عن الامام علي(ع) اذ يقول لكميل:

(165)

«يا كميل أخوك دينك، فاحتط لدينك بما شئت».

وقد قيل ان قيد «بما شئت» يبعدها عنالوجوب الا ان الظاهر انها ظاهرة في الاحتياط للدين بشتى الوسائل فلا تتنافى مع الوجوب.

وهناك رواية عن الامام الصادق عليه السلام تقول:

«اورع الناس منوقف عند الشبهة» وقد لوحظ عليها ان الاستدلال لايتم الا اذا دل دليل على وجوب الاورعية، وربما اختلف الحال فيها باختلاف موارد الشبهة.

وهناك رواية عن الزهري عنالباقر(ع) قال:

«الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة».

وهناك رواية اخرى عن جميل عن الصادق(ع) عن آبائه.

«قال: قال رسول الله(ص): الامورثلاثة: امر بيّن لك رشده فاتبعه، وأمر بيّن لك غيّه فاجتنبه، وأمر اختلف فيه فردّه الى الله».(22)

وعلى اي حال: فما نؤكده هو وجود موارد واحكام دينية ذكرت على اساسانها منّة الهية على العباد، فاذا شئنا التشدد فيها كان ذلك مخالفا لمضمون هذا الامتنان، وذلك كما في مسألة (التقصير في السفر). كما ان هناك موارد أكد الشارع شدة

(166)

حرمتها، كما في مسائل الاعراض والاموال، ومسألة الربا بالخصوص. فمن الطبيعي ان يحتاط فيها.

ومع ذلك فاننا ما لم نتأكد من الرؤية العرفية لمعاملة ماعلى انها سليمة من الربا كان اللا زم الاحتياط والابتعاد عن ذلك المورد.

اما كيف يمكن التأكد من الرؤية العرفية فيمكن ان نطرح هنا كل ما يبعد نظر العرف عن الربا:

كأن نفترض تنبيه العرف الى وجود التزامات في هذا العقد تختلف تماما عن خصائص العملية الربوية.

من خلال عدم وجود ضمان قرضي هنا، او من خلال عدم وجود فائدةبالنسبة، او من خلال تقليل الاجرة الى الحد الذي يفهم منه العرف انها في قبال الخدمات المقدمة، او كما يعبر عنه بكتابة الدين، وما الى ذلك.

وكذلك من خلال تنبيهالعرف الى الفرق الحقيقي في القصود الملحوظة في هذه العقود.

فان لم نفعل ذلك كان المورد المعنون بعنوان غير الربا في نظر العرف مصداقا للربا بعد رفضه للعنوانالكاذب في نظره. فهو هنا يراه صغرى لعنوان الربا.

او نقول بأن العرف يوسع من مفهوم تحريم الربا

(167)

القرضي ليتجاوز به القرض نفسه ليشمل كل موردمشابه له، كهذا المورد الذي يقبل العرف فيه أنه مصداق لهذا العنوان المدعى، ولكن مفهوم الربا بعد توسيعه يشمل هذا المورد ويخرجه من حكمه المحلل، وهنا تكون التوسعة في(الكبرى).

محاولات فقهية لتحويل الربا الى وجه مشروع

وبغض النظر عن النصوص فان هناك محاولات فقهية لتحويل الفائدة الى وجه مشروع تعرض لها الشهيدالسيد الصدر في كتابه (البنك اللاربوي) فلنستعرضها بسرعة مع بيان مناقشاتها.

المحاولة الاولى: ان يقال انه يوجد في القرض عنصران هما المال المقترض، ونفس عمليةالاقراض ولما كان الربا وضع مال بازاء العنصر الاول فان وضع مال بازاء العنصر الثاني لامانع منه بعد ان كان عملا يمكن مكافأته من خلال عقد الجعالة، اذ يستحق المقرض(الدائن) الزيادة المالية بعقد الجعالة لابعقد القرض، فاذا انكشف بطلان الجعالة انتفى الاستحقاق رغم كون عقد القرض سليما نافذا. وهذا نظير من يجعل جعالة لمن يبيعه بيته -بان يعطيه درهما - فالجعل فيها لقاء عملية البيع لا بازاء الدار المبيعة، ولهذا لايسري على الدرهم حكم العوضين.

(168)

وهذا التقريب يتحدث عنه تارة بلحاظالصغرى واخرى بلحاظ الكبرى.

اما بلحاظ الصغرى فيقال ان العرف - بارتكازه - يرى ان الفائدة هنا جعلت في الواقع في قبال المال المقترض لافي قبال عملية الاقراض.وحينئذ فلا معنى لجعل على مال، لان الجعالة تكون على عمل لامال.

واما بلحاظ الكبرى بافتراض ان المتعاملين قد ركزا في الواقع على جعل الفائدة في قبال عمليةالاقراض حقيقة وحينئذ يقال: ان ملاك استحقاق الجعل هو بملاك ضمان عمل الغير بأمره به لا على وجه التبرع، اي هو ضمان غرامة في العمل على غرار ضمان الغرامة في المال، وحينئذفالجعالة لاتتصور الا على عمل له اجرة المثل في نفسه.

اما عمل الاقراض فلا مالية له في نظر العرف وانما مالية الاقراض انما هي مالية المال المقترض فقط وهي ماليةمضمونة بالقرض فلايتصور ضمان آخر للعمل.

المحاولة الثانية: تحويل القرض الى شيء آخر.

كما لو افترضنا ان زيد مدين لخالد بعشرة دنانير، وان زيدا يتصلبالبنك ويأمره ان يدفع عشرة دنانير لخالد، فتشتغل ذمة زيد بعشرة للبنك نتيجة امره للبنك باتلاف ماله فهو يضمن التالف

(169)

فلم يقع هنا قرض وانما وقع امرباتلاف على وجه الضمان وحينئذ يقال انه لامانع من التزام زيد بضمان اكثر من العشرة فليس هو ضمانا قرضيا وانما هو ضمان بسبب الامر بالاتلاف.

وهنا ايضا يناقش باندليل حرمة الربا يشمل المورد بالغاء الخصوصية. فالدين بأي سبب حاصل يجب ان لايلزم المدين بالزيادة.

كما يناقش بأنه ما الملزم للزيادة؟ فاما ان يكون وجود عقدللقرض او يكون بنحو الجعالة، وحينئذ يأتي الاعتراض السابق. فتسديد البنك ليس عملا له مالية اضافية على مالية المال المسدد، وهو مضمون.

المحاولة الثالثة: تحويلالقرض الى البيع.

وقد يعمل على تحويل القرض الى بيع فيخرج عن كونه ربويا مادام النقد من الاوراق النقدية التي لاتمثل ذهبا ولافضة ولاتدخل في المكيل او الموزون.فيقوم طرف ببيع ثمانية دنانير بعشرة مؤجلة الى شهرين، والثمن وان زاد على المثمن مع وحدة الجنس ولكنه ليس من الربا المحرم في البيع.

ثم انهم يزيدون عليه بجعل شرطفي عقد البيع هذا، يقول: بلزوم دفع درهم لقاء اي تأخر لمدة معينة، وهو الزام بعقد البيع لا القرض.

الا انه يأتي ما قلناه من ان العرف يرى ان

(170)

المعاملة هنا قرض ربوي محرم البس ثوب البيع باعتبار ان المتعاملين يقصدان القرضية حقيقة، او ان العرف يوسع من دائرة الربا لتشمل مثل هذا البيع لو قبلنا بأنه بيع حقيقة.وقد يقال بان الأوراق النقدية تقوم مقام الذهب.

المحاولة الرابعة:

ان يعتبر البنك نفسه وكيلاً عن المودعين في الاقراض فهو يقرض من اموالهم للآخرينويشترط الاضافة لنفسه، الا أنـّه يقال في قبال ذلك ان الروايات تؤكد عدم اشتراط اي شيء في عملية القرض.

فقد جاء فيها تعبير (فلا يشترط الا مثلها). أو تعبير (ويشرطأن يرد اكثر مما اخذه فهذا هو الحرام) (23)

المحاولة الخامسة:

مايسمى ببيع العينة. كأن تباع السلعة بثمن مؤجل ثم يشتريها البائع من المشتري بثمن معجل أقلمما باع به، وذكرت له صور اخرى.

وقد قال بحرمة هذا البيع الإمامان مالك واحمد باعتبار أنه حيلة لربا النسيئة.

وهو في الحقيقة ربا مستور بالبيع.

وهويتصور على ثلاثة انواع:

1ـ ان يشترط البيع الثاني في البيع الاول.

2- أن يتبانيا على ذلك.

3- ان يقعا صدفة ودون اتفاق.

اماالاول: فهو باطل قطعاً لانه ربا مستور لا غير في نظر العرف اما بلحاظ الصغرى واما بلحاظ الكبر كما مر.

وقد اعترض عليه العلماء باعتراضات عديدة اخرى.

منها:لزوم الدور في الاشتراط فيعود شرطاً فاسداً ومفسداً للعقد فبيع الاول مشروط ببيع المشتري، والبيع الثاني متوقف على تمامية البيع الاول.

وقد نوقش هذا الاستدلالبالنقض في موارد.

ومنها: انتفاء القصد.

ومنها: وجود نص في المورد وهو صحيحة علي بن جعفر عن الإمام موسى بن جعفر الكاظم(ع) قال: سألته عن رجل باع ثوباً بعشرةدراهم ثم اشتراه بخمسة دراهم ايحلّ؟ قال: اذا لم يشترطا ورضيا فلا بأس.(24)

وهناك روايات مؤيدة لهذه الرواية.

منها رواية الحسين بن المنذر قال: «قلت لأبيعبدالله (ع) يجيئني الرجل فيطلب العينة فاشتري له المتاع مرابحة (اي اشتري المتاع بمئة وابيعه بمئة وعشرة) ثم اشتريه منه مكاني قال: اذا كان

(172)

بالخيار انشاء باع، وإن شاء لم يبع، وكنت انت بالخيار إن شئت اشتريت وإن شئت لم تشتر فلابأس ، فقلت: إنّ أهل المسجد يزعمون أن هذا فاسد، ويقولون إن جاء به بعد أشهر صلح . قال: انما هذاتقديم وتأخير فلا بأس»(25) الا ان الحسين بن المنذر هذا لم يوثق رغم شهرة الرواية.

وواضح ان الروايتين تنفيان الاشتراط.

وأما الثاني: فان كان البناء الأوليشرطا ارتكازيا عادت للصورة الأولى، وان كانت مجرد وعد غير ملزم لم يبطل البيع.

وأما الثالث: فلا مانع منه لأنه صحيح حسب القواعد.

هذه بعض المحاولات فيالبين. وهناك محاولات اخرى يعرف حكمها مما سبق.

* * *

التطبيق الثاني

تكييف ودائع الحساب الجاري

فقد اعتبر بعض الاقتصاديين الاسلاميين انودائع الحساب الجاري هي ودائع كاملة بالمعنى الشرعي.

يقول الدكتور الامين:

واذا كانت الوديعة النقدية تحت الطلب هي مبلغ يوضع لدى البنك ويسحب منه فيالوقت الذي يختاره المودع فان ذلك كل ما يطلب في الوديعة

(173)

الحقيقية ولا توجد أية شائبة. فاذا كان البنك قد اعتاد أن يتصرف فيها - بحسب مجرى العادة - فانهذا التصرف المنفرد من جانب البنك لايمكن ان يحسب على المودع وينسحب على ارادته فيفسرها على هذا الاتجاه من الايداع الى الاقراض. فارادة المودع لم تتجه ابداً في هذاالنوع من الايداع نحو القرض. كما ان البنك لم يتسلّم هذه الوديعة على انها قرض بدليل انه يتقاضى اجرة (عمولة) على حفظ الوديعة عند الطلب بعكس الوديعة لأجل، وبدليل الحذرالشديد من استعمالها والتصرف فيها من جانبه ثم المبادرة الفورية بردها عند الطلب مما يدل على ان البنك حينما يتصرف فيها انما يفعل ذلك من موقف انتهازي لا يستند الى مركزقانوني كمركز المقرض.

ويؤكد اضافة على ذلك باننا حتى لو لاحظنا مسألة الاجازة الضمنية والعرفية للمودع بتصرف المصرف باموال الحساب الجاري فان هذا لا يغير منارادته في الوديعة ويؤيد اختياره هذا بما اثر عن المالكية من تجويز التصرف بالمثليات للقادر على ردها وان اعتبروا ذلك مكروهاً بل ان (أشهب) لم يقل حتى بهذه الكراهة(26).

والملاحظ أنه يعتبر اموال الحساب الجاري ودائع بمفهومها الشرعي تماماً مستدلاً:

(174)

اولاً: بقصد المودع فالمودعون لم يقصدوا القرض.

ثانياً:باخذ البنك العمولة على حفظها كما في البنوك السودانية.

ثالثاً: حذر البنك من استعمالها فموقفه موقف انتهازي كما يعبر.

الا ان الظاهر ان المورد مورد قرض .ذلك ان من خصائص الوديعة ان تبقى كما هي بعينها ولا يمكن التصرف فيها خصوصا بما يفوت ذاتها - باجماع المذاهب الاسلامية - الا ما ينقله عن المالكية حيث اعتبروا ذلك مكروهاً،وخاصة اذا كانت الوديعة من الدنانير والدراهم اي من النقود. هذا في حين نجد البناء منذ البدء على ان يقوم البنك بالتصرف المطلق في أموال الحساب الجاري تماماً دونما حرج أواستثناء، وانما هو امر طبيعي جداً ولا يتخذ البنك فيه حالة انتهازية - كما يعبر -. اما احتياطه في التصرف في اموال الحساب الجاري فهو تابع لطبيعتها الجارية ولزوم توفرسيولة نقدية في كل آن للاستجابة لاحتمالات السحب في كل آن والا تعرضت سمعة البنك للخطر لا بل امكنت المطالبة القانونية له. فحتى على مذهب المالكية لا يمكن تكييف وديعةالحساب الجاري على اساس انها وديعة وانما تجب الصيرورة الى انها قرض كامل لان التصرف ليس استثنائياً.

(175)

اما مسألة النية (نية الايداع) فهي في الحقيقةناشئة من عاملين:

الاول: كونها كذلك في البنوك الربوية.

الثاني: انها تقرب من الوديعة باعتبار امكان استيفائها كاملة في كل آن، وبما يصاحب ذلك من الحفظوالصيانة فهي تؤدي الى نفس النتيجة التي يؤدي اليها الاستيداع تماماً . الا ان هذه النية لا تنسجم مطلقاً - عندما يراد تكييف العقد شرعاً - مع علم الطرفين بان هذه العينالمالية بمجرد تسليمها سوف تقع تحت التصرف الكامل للبنك وهذا انما ينسجم مع القرض لا الايداع، حتى لو وضع عليه عنوان الايداع . ذلك نظير الايداعات الثابتة التي لا سبيلفيها في البنوك الربوية الا الى القرض حتى لو تمت تحت عنوان الايداع.

فالعبرة في العقود للقصود والمعاني لا للالفاظ والمباني.

ولو قبلنا انها ودائع كانعلينا ان نقول ان التصرف الذي يقوم به المصرف اما ان يكون ناقلاً بذمته، واما ان يبقى مجرد تصرف في مال المودّع، فاذا كان ناقلاً بذمته فمعنى ذلك الاستقراض، وهذا ينسحبعلى مجمل الوديعة من العقد الاول باعتباره يتصرف في اموال الحسابات الجارية كمالك كامل - بل ان المصارف انما تقدم على فتح

(176)

الحسابات الجارية وتقديمخدماتها - وهي لا تتقاضى على ذلك اجراً عادة - ويعتبر ما تتقاضاه بعض البنوك علامة على ضعفها بلا ريب ـ انما تقدم على ذلك لتستفيد من السيولة النقدية التي توفرها الحساباتالجارية.

وحتى لو كانت هذه البنوك لا ربوية فهي تقوم بالمساهمة في عمليات المضاربات الكبرى او اي من العقود المشروعة مما تأخذه من رأسمالها اولاً وما تدخله فيالمضاربات وغيرها مما استقرضته عبر الحسابات الجارية، وهي بالتالي تنال حصتها المشروعة من الارباح على ما دفعته الى ساحة المضاربة من اسهم.

أما إذا لم يقصدالمصرف نقلها الى ذمته فهذا يعني ان هذه الأموال يجب أن ترجع هي وارباحها (المشروعة طبعا) الى المودع لأنه مالك الأصل ـ حسب قاعدة الثبات في الملكية ـ يقول الكيذري ـ وهومن فقهاء الإمامية القدامى ـ : (إذا اتجر بمال الوديعة فالربح لصاحبها والخسران على المودع).(27)

يقول الإمام الخميني بهذا الصدد في المسألة السادسة من (أعمالالبنوك) ـ لو كان ما يدفعه الى البنك بعنوان الوديعة والأمانة فإن لم يأذن بالتصرف فيها لا يجوز للبنك ذلك، ولو تصرف كان

(177)

ضامناً، ولو أذن جاز، وكذا لورضي به وما يدفعه البنك اليه حلال على الصورتين إلا أن يرجع الإذن في التصرف الناقل الى التملك بالضمان، فإن الزيادة المأخوذة مع قرار النفع حرام وإن كان القرض صحيحاً،والظاهر ان الودائع في البنك من هذا القبيل، فما يسمى وديعة وامانة قرض واقعاً ومع قرار النفع تحرم الفائدة.(28)

والظاهر انه ينظر لكلا النوعين من اجناس الوديعة ايالوديعة العينية والوديعة النقدية، ويجيز ان يتصرف البنك بالوديعة العينية بإذن المالك لقاء عوض ـ أما إذا رجع التصرف في الوديعة الى التملك ـ كما في النقود ـ فقد عاداستقراضاً ولا تجوز أخذ الفائدة فيه وبالتالي يفتي بأن الودائع المصرفية بكلا نوعيها الجارية والثابتة هي قرض واقعاً.

ويعلق مؤلف مستند تحرير الوسيلة (والظاهرانه تقرير لدرس الإمام نفسه) على هذه العبارة بقوله:

(وذلك لأن وضع النقود في البنك على ما هو المتداول في الخارج، مقارن مع الرضا بالتصرف فيه بأنحاء التصرفات حتىالتصرفات الناقلة، وهذه التصرفات الناقلة التي تصدر عن البنك لا تكون بعنوان المبادلة على اموال صاحب هذه النقود،

(178)

ولو كان كذلك كان لازمه ان ربحالتجارات يعود الى صاحب هذه النقود، لأن العوض يدخل في ملك من خرج منه المعوض مع أن صاحب البنك يأخذ الأرباح لنفسه فلا يكون ذلك صحيحاً شرعاً إلا مع التمليك بالضمان، لكنإذا تصرف البنك فيه بالتصرفات الناقلة يخرج عن كونه امانة ووديعة، ويصير قرضاً واقعاً، فتسمية ذلك بالوديعة أما لأنه يكون في بداية الأمر كذلك، وأما لأن التسليم الىالبنك ليس لمصلحة المستقرض وهو البنك فقط بل يكون لمصلحة المقرض المودع ـ ايضاً ـ لأن البنك يحافظ بهذا الايداع على المال من السرقة والتلف، ولأجل هذه الجهة يسمى ايداعاًوأن يكون قرضاً غالباً أو دائماً واقعاً).(29)

أما السيد الشهيد الصدر (قدس سره) فيقول:

(فليست المبالغ التي توضع في البنوك الربوية ودائع لا تامة ـ كما يقالفي الحساب الجاري ـ ولا ناقصة ـ كما يقال في الودائع الثابتة ـ وانما هي قروض مستحقة الوفاء دائماً أو لأجل محدد، لأن ملكية العميل تزول نهائياً عن المبلغ الذي وضعه لدىالبنك، ويصبح للبنك السلطة الكاملة على التصرف فيه ... وهذا ما لا يتفق مع طبيعة الوديعة وانما اطلق اسم الودائع على تلك المبالغ التي تتقاضاها البنوك لأنها تاريخياًبدأت

(179)

بشكل ودائع وتطورت خلال تجارب البنوك واتساع اعمالها الى قروض فظلت تحتفظ من الناحية اللفظية باسم الودائع، وان فقدت المضمون الفقهي لهذاالمصطلح. وموقف البنك اللاربوي من الودائع التي تتقاضاها البنوك الربوية يقوم على اساس التمييز بين الودائع المتحركة، والودائع الثابتة ـ كما سبق ـ فالودائع المتحركةيقبلها بوصفها قروضاً دون ان يدفع فيها فائدة والودائع الثابتة يقبلها كودائع بالمعنى الفقهي للكلمة ولكنها ليست مجرد ودائع مسلمة الى البنك لاستنابته في حفظها فحسب بلهناك الى جانب الايداع توكيل من المودع للبنك في التصرف بالمال باجراء عقد المضاربة عليه.

وهكذا يختلف لدى البنك اللاربوي المحتوى الفقهي لقبوله الودائع منعملائه باختلاف حركتها وثباتها.

اما بالنسبة لاستيفاء هذا القرض او السحب عليه وتكييفه فيرى ان الحساب الجاري لدى البنوك قائمة تعبر عن ديون متقابلة فالودائعتمثل رصيد العميل الدائن ويمثل ما يسحبه العميل الرصيد المدين ويعتبر الحساب الجاري ـ من وجهة النظر الغربية معبراً عن عقد قائم بذاته تفقد الحقوق النقدية معه خصائصهاالفردية وتستحيل الى

(180)

عناصر حسابية ينتج عنها في النهاية رصيد دائن مستحق الأداء. وذلك لأن الفقه الغربي مازال يرى ان المقاصة بين الحسابين الدائنوالمدين تحتاج الى قرار متفق عليه في حين ان الفقه الاسلامي يرى قهرية المقاصة (على رأي الإمامية والحنفية) بل لا يمكن التنازل عنها لأنها ليست حقاً قابلاً للاسقاط،ويمكن ان تفسر عملية السحب بأنها استيفاء للدين وهو الذي يرجحه فإن تم على المكشوف فذلك يعني انشاء دين جديد للبنك على العميل.(30)

ويبدو ان هذا الاتجاه ـ اي اتجاهجعل الوديعة في مثل هذه الظروف قرضاً ـ هو الاتجاه السائد لدى الفقهاء في شتى المذاهب.

فقد جاء في كتاب كشف القناع المؤلف على المذهب الحنبلي ان الوديعة مع الإذنبالاستعمال عارية مضمونة.(31)

كما جاء في المغني لابن قدامة لو استعار الرجل الدراهم والدنانير لينفقها فهذا قرض.(32)

ومن الفقه الحنفي نجد السمرقندي يقول:(كل مالا يمكن الانتفاع به الا باستهلاكه فهو قرض حقيقة ولكن يسمى عارية مجازاً).(33)

وكذلك نجد شمس الأئمة السرخسي يقول: (إن عارية الدراهم والدنانير والفلوس قرضلان الاعارة اذن في الانتفاع، ولا يتأتى الانتفاع بالنقود إلا

(181)

باستهلاكها عيناً فيصير مأذوناً في ذلك).(34)

هذا ...

والذي يبدو ان الفقهالوضعي نفسه مر بتطور في مسألة الودائع هذه.

فقد نقل عن الاستاذ (ريبر) الفقيه الفرنسي انه رغم تغليبه فكرة تفسير الوديعة بأنها أمانة محفوظة لكنه يرى ان هذا مجردتصور نظري لأنه يتعارض مع امكان تصرف البنك بالنقود ولذلك اتجه الى فكرة القول بأن الوديعة المصرفية هي وديعة ناقصة او شاذة، بينما اقترح البعض اعطاء عقد الوديعة صفةجديدة، وهو ما يؤيده الاستاذ علي البارودي في كتاب (القانون التجاري اللبناني) ص 288 حيث ترى ان المودع انما يقدم على الايداع لحفظ امواله ولكنه لا يحرم البنك من استعمالتلك الأموال.

وهنا نجد الأستاذ سامي حمود يرد عليه بأن اللجوء الى هذا الحل انما يكون بعد عدم امكان تفسيره بحل آخر وهو الاقراض وهذا التفسير ـ كما يقول الأستاذعلي جمال الدين ـ يستهوي غالبية الفقه الفرنسي مراعاة منه للوضع الغالب من العمل وهو ما أخذ به القانون المصري حيث نصت المادة 726 منه على ما يأتي:

(إذا كانتالوديعة مبلغاً من النقود أو أي

(182)

شيء آخر مما يهلك بالاستعمال وكان المودع عنده مأذوناً له في استعماله اعتبر العقد قرضاً).(35)

إذن فوجود عنصرالضمان للمال المدفوع، وتصرف البنك فيه بكل حرية كما يتصرف المالكون، ورجوع النماء الى البنك ادلة قاطعة على ان العقد عقد قرض لأن المقصود هو هذه الآثار وان جاء التعبيربالوديعة. وهذا ما استقر عليه رأي مجمع الفقه الاسلامي في دورته التاسعة اذ جاء فيه:

قرار رقم: 90/3/د9

بشأن

(الودائع المصرفية) حسابات المصارف

أولاً: الودائع تحت الطلب (الحسابات

(183)

الجارية) سواء أكانت لدى البنوك الاسلامية او البنوك الربوية هي قروض بالمنظور الفقهي، حيث ان المصرفالمتسلم لهذه الودائع يده يد ضمان لها وهو ملزم شرعاً بالرد عند الطلب. ولا يؤثر على حكم القرض كون البنك (المقترض) مليئاً.

ثانياً: ان الودائع المصرفية تنقسم الىنوعين بحسب واقع التعامل المصرفي:

أ ـ الودائع التي تدفع لها فوائد، كما هو الحال في البنوك الربوية، هي قروض ربوية محرمة سواء أكانت من نوع الودائع تحت الطلب(الحسابات الجارية)، أم الودائع لأجل: ام الودائع بإشعار، ام حسابات التوفير.

ب ـ الودائع التي تسلم للبنوك الملتزمة فعلياً بأحكام الشريعة الإسلامية بعقداستثماري على حصة من الربح هي رأس مال مضاربة، تطبق عليها أحكام المضاربة (القراض) في الفقه الاسلامي التي منها عدم جواز ضمان المضارب (البنك) لرأس مال المضاربة.

ثالثاً: إن الضمان في الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية) هو على المقترضين لها (المساهمين في البنوك) ماداموا ينفردون بالأرباح المتولدة من استثمارها. ولا يشترك فيشأن تلك الحسابات الجارية المودعون في حسابات الاستثمار، لأنهم لم يشاركوا في اقتراضها ولا استحقاق ارباحها.

رابعاً: ان رهن الودائع جائز، سواء أكانت من الودائعتحت الطلب (الحسابات الجارية) ام الودائع الاستثمارية، ولا يتم الرهن على مبالغها إلا بإجراء يمنع صاحب الحساب من التصرف فيه طيلة مدة الرهن. وإذا كان البنك الذي لديهالحساب الجاري هو المرتهن لزم نقل المبالغ الى حساب استثماري، حيث ينتفي الضمان للتحول من القرض الى القراض (المضاربة) ويستحق ارباح الحساب صاحبه تجنباً لانتفاع المرتهن(الدائن)

(184)

بنماء الرهن.

خامساً: يجوز الحجز من الحسابات إذا كان متفقاً عليه بين البنك والعميل.

سادساً: الأصل في مشروعية التعاملالأمانة والصدق بالإفصاح عن البيانات بصورة تدفع اللبس او الإبهام وتطابق الواقع وتنسجم مع المنظور الشرعي. ويتأكد ذلك بالنسبة للبنوك تجاه ما لديها من حسابات لاتصالعمله بالأمانة.


1 - شرح الزيادات لقاضي خان، ورقة 898.

2- بدائع الصنائع 5/3.

3- عوائد الأيام: 52 وجواهر الكلام ج23/335.

4- تبيينالحقائق ج5/1.

5- المنتقى للباجي، ج4/ 282.

6- قواعد الأحكام ج2/11.

7- فتاوى شيخ الإسلام 30/152.

8- القبس لأبي بكر بن العربي ج2/709.

9- المعيار للونشريسي.

10-القواعد لدى الإمامية ج3/585.

11- العناوين ج2/ 48 ـ 49 مصباح الفقاهة للسيد الخوئي ج2/106.

12- جواهر الكلام ج22/266.

13- تذكرة الفقهاء، ج1/462.

14- موسوعة القواعد والضوابطالفقهية للدكتور الندوي م1/519.

15- العناوين ج2/50.

16- ويقصد من هذا التعبير ان هناك من يجيب على هذا الاعتراض بان علينا التعبد بما جاء في النصوص دون اي اعتراض، ولكنالامام يرى ان هذا الجواب لايحل المشكلة.

17- كتاب البيع للامام الخميني ج2/406.

18- الوسائل للحر العاملي ج 12/371.

19- الوسائل ج 12/ 371.

20- الوسائل ج 12/ 456.

21-الوسائل ج 12/371.

22- كل روايات الاحتياط واردة في مجموع كتب اصول الفقه التي تبحث عن اصل (الاحتياط).

23- الوسائل ج 12/454.

24- الوسائل ج 12 / 370.

25- الوسائل ج 12 / 370.

26- الودائع النقدية للدكتور حسن عبدالله الامين - الترجمة الفارسية ، ص 207-208.

27- الينابيع الفقهية، ج17، ص 132، طبعة بيروت.

28- تحرير الوسيلة، ص 616 الجزء الثاني.

29-مستند تحرير الوسيلة، ص 116 قسم المسائل المستحدثة.

30- البنك اللاربوي في الاسلام، ص 84 ـ 88.

31- البهوتي الجزء الرابع المطبوع في مصر 1947 ص 141.

32- المغني: ط3 القاهرةج5، ص 207 ـ 208.

33- تحفة الفقهاء الطبعة الاولى ـ دمشق ج3، ص 284.

34- بدائع ال0صنائع في ترتيب الشرائع طبعة القاهرة ج8، ص 3899.

35- راجع تطور الأعمال المصرفية بما يتفقوالشريعة الاسلامية للدكتور سامي حسن احمد محمود ص 264.

/ 1