ثقافة الوحدة و التقریب و دور مؤسسات المجتمع المدنی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

ثقافة الوحدة و التقریب و دور مؤسسات المجتمع المدنی - نسخه متنی

عبدالرحمن حمود السمیط

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ثقافة الوحدة والتقريب ودور مؤسسات المجتمع المدني

أ.د. عبد الرحمن حمودالسميط

الكويت

مقدمة

مع الزيادة المستمرة في هيئات العمل الأهلي- المدني المستند إلى القيم والتعاليم والمقاصد الإسلامية في البلدانالعربية والإسلامية، ومع النمو التراكمي لخبراتها في العمل الميداني المتصل مباشرة مع القطاعات الواسعة من الجماهير، بدأت هذه الهيئات تقوم بدور متزايد الأهمية فيالكشف عن الأصول الأخلاقية والمعنوية والقيمية لوحدة الأمة الإسلامية من ناحية، وعن التشابه الكبير في القضايا والمشكلات التي تعاني منها شعوب هذه الأمة من ناحية أخرى.ومن ثم يمكننا القول - ومن واقع خبراتنا الميدانية في العمل الخيري الإسلامي على مدى أكثر من عقدين - أن جهود وأعمال منظمات العمل الأهلي ومؤسسات المجتمع المدني ذاتالمرجعية الإسلامية من شأنها أن تسهم - وهي تسهم بالفعل - في توثيق روابط الأخوة، وفي تمتين أواصر الوحدة بين شعوب الأمة الإسلامية، وأن كل نجاح تحققه في هذا الميدان

سوف يصب بالضرورة في اتجاه تحقيق التقارب والترابط بين شعوب الإنسانية كافة، ومن هنا تلتقي جهود المنظمات والهيئات المدنية الإسلامية مع جهودالمنظمات والهيئات المدنية في المجتمعات غير الإسلامية للعمل من أجل مصلحة الإنسان بوصفه إنساناً على الصعيد العالمي بصفة عامة، وفقاً لمعايير ومبادئ سامية لا تصادمفطرته ولا تهدر كرامته.

ونظراً لما للمصطلحات والمفاهيم المتداولة في هذا المجال من أهمية بالغة في توحيد الفهم وإزالة كثير من أسباب الخلاف وعوامل الفرقة المصطنعة،فسوف نخصص البند الأول من هذا البحث لمناقشة الإشكاليات الاصطلاحية المتعلقة بمفاهيم مثل «المجتمع المدني» و«المجتمع الأهلي»، و«العمل التطوعي» و«العمل الخيري»، وسوفنركز في تناولنا لهذه المفاهيم على معانيها الجوهرية التي توضح انتماءها لمنظومة فكرية واحدة وإن اختلفت صور التعبير العملي عنها في الواقع الاجتماعي، كما أننا سوفنشير إلى ما هنالك من خصوصيات تميز تلك المفاهيم في السياق العربي الإسلامي. ثم ننتقل بعد ذلك - في البند الثاني - إلى النظر في واقع مؤسسات المجتمع المدني، أو الأهلي، وماتقوم به من نشاطات متعددة في خدمة المجتمع، ونبين طبيعة علاقتها بالدولة المعاصرة، وكيف أن التشابه الكبير في نوعية المشكلات التي تواجهها مجتمعاتنا العربيةوالإسلامية يفرض التنسيق والعمل المشترك المؤدي إلى دعم روابط الوحدة على كافة المستويات الشعبية والرسمية. أما البند الثالث فسوف نخصصه لتناول القواسم المشتركة بينمؤسسات المجتمع المدني على مستوى المرجعية الشرعية والقانونية التي تستند إليها من جانب، وعلى مستوى الممارسة الاجتماعية والتجارب التاريخية

والمعاصرة التي تعبر عنها في الواقع من جانب آخر. ونتناول في البند الرابع الجوانب المختلفة التي يسهم من خلالها المجتمع المدني في تحقيق وحدة الأمة، ونختتم حديثنابرؤية عامة ونظرات مستقبلية حول دور مؤسسات المجتمع المدني - على اختلاف أنماطها وتعدد مجالات عملها - في الإسهام في تحقيق وحدة الأمة الإسلامية، ودعم روابط التعاونالإنساني على المستوى العالمي استناداً إلى الرؤية الإسلامية التي تخاطب الناس أجمعين، وتهدف إلى الأخذ بأيديهم على طريق التقدم والرقي والسعادة في الدنيا، والنجاة فيالآخرة.

أولاً: مصطلح المجتمع المدني

انشغلت الأوساط الفكرية والسياسية والإعلامية منذ سنوات عدة بالجدل حول مفهوم المجتمع المدني؛ وذلك سعياً للوقوف علىمضامينه التي يحتويها، ومعرفة دلالاته التي يشير إليها على أرض الواقع الاجتماعي في هذا البلد أو ذاك.

ونظراً لأن الأصول الغربية لهذا المصطلح تجعله ملتبساًوربما غامضاً عند استعماله في السياق العربي الإسلامي ، فقد انقسمت الآراء بشدة بين عدد من الاتجاهات منها:

فريق ذهب إلى أن «المجتمع المدني» مفهوم يشير إلى مجموعةالمؤسسات والتنظيمات التي تستند إلى أسس مدنية اجتماعية من وضع البشر أنفسهم؛ أي أنه نقيض مباشر لكل ماهو ديني أو ذا مرجعية دينية.

وفريقآخر ذهب إلى أنه يشير إلى تلك المؤسسات والتنظيمات التي تنبع من المجال الاجتماعي، وتعمل لصالحه، أياً كان الأساس الفلسفي الذي تقوم عليه؛ دينياً أو مدنياً، وأن هذهالمؤسسات والتنظيمات تستهدف، أيضاً، وضع مجموعة من الكوابح والروادع التي تحد من سلطة المجتمع السياسي، أو العسكري الذي تمثله الدولة؛ وبهذا المعنى يصبح المجتمعالمدني نقيضاً لما هو سياسي أو عسكري، أو لكل ما هو حكومي أو منسوب إلى الدولة.

وذهب فريق ثالث إلى أن تحديد المقصود بالمجتمع المدني من خلال عدد من المؤشراتالإجرائية التي تصف مؤسساته ومنظماته وفاعلياته المختلفة، ومن هذه المؤشرات مثلاً: أن تلك المؤسسات والمنظمات تحتل موقعاً وسطاً بين العائلة؛ باعتبارها الوحدةالأساسية التي ينهض عليها البنيان الاجتماعي، والنظام القيمي الأخلاقي في المجتمع من جهة، والدولة ومؤسساتها وأجهزتها البيروقراطية

الحكومية من جهة أخرى.

ومثلما انقسمت الآراء بصدد تعريف مضمون «المجتمع المدني» ، تباينت المواقف من الحكم على وجود ما يصدقه من مؤسسات وتنظيمات في الواقع الاجتماعي العربي والإسلامي.فالبعض أنكر وجوده بأي شكل من الأشكال، وذهب إلى أنه إنجاز حضاري غربي بحت، وأن علينا استزراعه في بلادنا وتنميته في تربة مجتمعاتنا التي لم تعرف ما يشبهه في تاريخهاالطويل. بينما ذهب البعض الآخر إلى أن هناك عديداً من المؤسسات والهيئات التي يمكن تصنيفها - تجاوزاً - ضمن «المجتمع المدني»، وهي تضرب بجذورها في أعماق التاريخ العربيالإسلامي، وفي مقدمتها المساجد الجامعة، والأوقاف، والمدارس

الأهلية ومكاتب تحفيظ القرآن، والبيمارستانات ومشافي العلاج المجاني، وصورأخرى متعددة من أعمال الخير والمنافع العمومية.

وبدلاً من أن يكون «المجتمع المدني» المنشود مفهوماً مبنياً على الانسجام والعمل المشترك بين المجتمع والدولة، سعىبعض الذين تبنوه في مجتمعاتنا الى استخدامه كأداة لمواجهة الدولة الاستبدادية، والحد من سيطرة نظام السوق على مختلف جوانب الحياة الاجتماعية، والقضاء على التكويناتالتقليدية الموروثة باعتبارها سبباً من أسباب التخلف، وعاملاً من عوامل الاستبداد والقهر، وحتى لتعميق الهوة بين المجتمع والدولة، وتقليص فرص نمو مجال مشترك بينهمالمصلحتهما معاً.

ونستخلص مما سبق - وفيما يتعلق بموضوع بحثنا هذا - أن اقتحام مفهوم المجتمع المدني لثقافتنا المعاصرة قد أسهم في تعميق الانقسامات بين النخب الفكريةوالسياسية والثقافية في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وأن هذا الاقتحام قد أشعل الجدل بشأنه لسنوات عدة في محاولة لاكتشاف أبعاده الفلسفية، ومحتوياته النظرية،ومقاصده الاجتماعية والسياسية والثقافية انطلاقاً من خلفياته التاريخية التي ميزت نشأته في التجربة الأوربية بوجه خاص.

ولكن بمرور الوقت، ومع اتضاح تلك الأبعادوالمضامين والمقاصد، وبفضل انخراط أعداد متزايدة من أعضاء النخبة الفكرية والثقافية ذات الخلفية الإسلامية في الجدل المشار إليه، بدأت حدة هذا الجدل تنخفض، وطفقالفرقاء يكتشوفون أن ثمة كثيراً من جوانب الاختلاف فيما بينهم لا مبرر لها، وأن مردها إلى مشاحنات اصطلاحية أكثر منها قضايا مبدئية أو جوهرية، والأهم

من ذلك أن أعداداً متزايدة أيضاً من النخب ذات الخلفيات والمرجعيات العلمانية بدأت تدرك أنها قد أخطأت عندما صورت المؤسسات والمنظمات الموروثة على أنها تقع جملةوتفصيلاً خارج نطاق الحقول الدلالية لمفهوم «المجتمع المدني»، وأنه على العكس من ذلك توجد صيغ وأنماط متعددة من تلك المنظما ت والمؤسسات الموروثة تصب مباشرة في الاتجاهنفسه الذي يقصده أنصار مؤسسات المجتمع المدني الحديث، بل ربما تكون الصيغ الحديثة المستوردة أقل كفاءة في الإنجاز، وأضعف قدرة على اكتساب الشرعية الاجتماعية من تلكالموروثة، أو المستندة إلى منظومة القيم والمبادئ والتعاليم الإسلامية؛ التي تسهم - في الوقت نفسه - في تشكل هوية المجتمع، وفي ضبط سلوكياته.

وما يهمنا التأكيد عليههنا هو الآتي: -

1ـ أن مصطلح «المجتمع المدني» حديث في استخدامه العربي الإسلامي، وهو شديد الارتباط بالتجربة الغربية؛ لاسيما في وجهها الليبرالي - الديمقراطي،وهو أكثر التصاقاً بعملية تشكيل وعي المواطن وحقوقه في التمتع بحياة مدنية حرة في مواجهة النظام الكنسي المستبد الذي خنق العلم، وأهدر الحريات، وأدان العقل، وتحالف معسلطات الدولة في قهر المجتمع، وفي إقصاء الجماهير عن المشاركة السياسية.

2- أن ثمة إشكالاً مفهومياً حدث نتيجة ترجمة مصطلح المجتمع المدني إلى اللغة العربية؛ ذلكلأن التعبير الاصطلاحي الذي تردد في تراث العرب والمسلمين عبر تاريخ علاقتهم الاجتماعية والسياسية والثقافية هو الأخ، والأخوية، والإخوان ، والأهل، وما شاكل ذلك، وكلهاتعابير تعكس سمة

أساسية من سمات الانتماء الإسلامي، أو الولاء العام للأمة الإسلامية، ومن ثم فإن مختلف الممارسات العملية لهذه المفاهيم -التي تضاهيها ممارسات مفهوم المجتمع المدني في بعض جوانبها على الأقل - كانت تترجم الشعور بالوحدة التي توثق عرى الترابط بين مختلف فئات المجتمع من جهة، وبين مختلفتكوينات الأمة الإسلامية من جهة أخرى.

3- أننا مع الرأي القائل بأنه لا مشاحة في الاصطلاح، وعليه فلا بأس من أن نستخدم مفهوم «المجتمع المدني» بمضمون يشير إلى خصوصيةالممارسات والمؤسسات والمقاصد التي تعبر عنه في السياق العربي الإسلامي، لا أن ننقل هذا المفهوم نقلاً أعمى بمضمونه الوافد من الخارج، والمعبر عن خصوصية مجتمعات أخرى.

4- أن المقارنة السابق ذكرها بين المجتمع المدني بمؤسساته الحديثة، والمجتمع الأهلي بمؤسساته التقليدية الموروثة، لا تعني أننا ندعو إلى استبدال حتمي للمؤسساتالموروثة بالمؤسسات الحديثة، أو أن نرفض الحديثة فقط لكونها موصوفة بهذه الصفة، وخاصة أن المؤسسات والصيغ التقليدية للعمل الأهلي، أو المدني ، التي قامت على أساس فكرة«العصبية»، أو الانتماء إلى طائفة مهنية، أو حرفية، أو جهوية، هذه المؤسسات خضعت في معظم الحالات لتغيرات جوهرية في أدائها لوظائفها. فقد كانت تشكل في مجملها صورةللتوحد القائم على الولاء للأمة، والإيمان بعقيدتها، والالتزام بأهدافها الجماعية، أما في الوقت الحاضر، وفي ظل الدولة القطرية التي رسمت حدودها السياسات الاستعماريةأكثر مما رسمتها المصالح الوطنية أو القومية، فإن قيام تلك المؤسسات على أسس طائفية مهنية أو فئوية، أو حرفية قد يقودها إلى العمل

في خدمةأغراض أخرى، تخدم التجزئة، والحروب الأهلية، والتفكك الاجتماعي، ولا تخدم بالضرورة مبدأ الوحدة الإسلامية الجامعة، وهو المبدأ الذي خدمته من قبل في سياق اجتماعيوسياسي مختلف.

ثانياً: حالة مؤسسات المجتمع المدني

يحفل الواقع المعاصر للمجتمعات العربية والإسلامية بعديد من المؤسسات والتنظيمات والهيئات التي يمكن إدراجهاتحت عنوان «المجتمع المدني» ، أو «المجتمع الأهلي» بالمعنى السابق شرحه. وقد أشرنا في البند السابق إلى أن تلك المؤسسات تنقسم إلى نوعين رئيسيين، ونورد هنا مزيداً منالإيضاح:

1ـ قسم أصيل أو موروث، استندت مؤسساته وتنظيماته إلى منظومة القيم والمبادئ والأخلاقيات التي حض عليها الإسلام ودعا إلى الالتزام بها مثل:

التقوى، والعمل الصالح، والإحسان، والبر، والصدقات، والتضامن مع الفقراء والمساكين وذوي الخصاصة، وكفالة الأيتام، وإغاثة اللهفان. وبالرغم من تعدد الصيغ المؤسسية -أو شبه المؤسسية - التي عرفتها المجتمعات العربية والإسلامية بهذا الخصوص، إلا أنها لم تخرج في مجملها عن الإطار العام الذي رسمه الإسلام لوحدة الأمة، وإنما صبت جهودهافي المجرى الرئيسي الذي يدعم هذه الوحدة، ويوثق أواصرها بين مختلف الفئات والجماعات والشعوب الداخلة في تكوين النسيج العام للأمة.

2- قسم وافد أو مستورد منالخبرة التاريخية للمجتمعات الغربية الحديثة التي قدمت نماذج متنوعة هي الأخرى في عملية بناء المجتمع المدني، واستندت مؤسساتها وتنظيماتها على ثلاثة نظم من القيموالمعتقدات

والفلسفات، هي: الليبرالية؛ بمعناها السياسي الذي يؤكد على مبادئ حرية التعبير عن الرأي، والمشاركة في الحكم بأشكال متنوعة،والتعددية السياسية والاجتماعية. والرأسمالية؛ باعتبارها نظاماً مثالياً لإدارة شؤون الحياة المادية ودفع عجلة الإنتاج، إلخ. وأخيراً العلمانية؛ التي تفصل الدين عنشؤون الدنيا، وبخاصة عن شؤون السياسة والحكم وقوانين تنظيم المجتمع وتوجيه العلاقات بين افراده وفئاته، كما تبعده عن التدخل في ضبط المعاملات المدنية، والوقائعالجنائية، وتحصره بدلاً من ذلك كله في نطاق العلاقة بين العبد وربه فقط.

ولعل من أهم ما نلاحظه بشأن القسمين «الأصيل والوافد» أنهما متوازيين وغير متوازنين.

أماتوازيهما فيشير إليه وجودهما معاً على أرضية مجتمعاتنا العربية والإسلامية دون أن يزيح أحدهما الآخر، إضافة إلى التشابه بينهما أحياناً في بعض مجالات العمل والقضاياالتي تنصرف إليها جهودهما، والفئات الاجتماعية التي تستفيد من المشروعات والبرامج التي يقدمانها؛ ومن ذلك قضايا محاربة الفقر، والسعي للقضاء على الأمية، وتوفير فرصعمل للعاطلين .

وأما عدم التوازن بين القسمين الموروث والأصيل، فتدل عليه عدة مؤشرات منها: أن حجم القسم الموروث أو الأصيل أكبر بشكل ملحوظ من القسم الوافد أوالمستورد؛ وذلك نتيجة للعمق التاريخي والاجتماعي الذي تمتعت به المؤسسات والتنظيمات ذات الأصول الموروثة، وقد أتاح لها هذا العمق قبولا اجتماعياً واسعاً، وتنوعاًكبيراً في الأشكال والصيغ التي تعبر عنها ` ابتداء من إماطة الأذى عن الطريق، مرورا بالتبرع لإنشاء مسجد أو مدرسة أو ملجأ، وصولاً

إلى بذلالنفيس والنفس في سبيل الله دفاعا عن الدين والعرض والوطن. ولكن هذا الحجم الكبير نسبياً لم يترافق معه تطور مكافئ في الجوانب الإدارية والمؤسسية والمحاسبية والرقابية،وهي أمور تتفوق فيها مؤسسات القسم الوافد أو المستورد، وتمدها بقدر لا بأس به من الفاعلية تبدو معه أكبر من حجمها الحقيقي في أرض الواقع، ويجعل الكفة تميل لصالحها،وبخاصة إذا علمنا أن الجهات الأجنبية تفضل مؤسسات هذاالقسم المستورد في بلادنا، وتختصه بالجانب الأكبر من مساعداتها الفنية والتدريبية والمالية.

إن النظر في الواقعالمعاصر لمؤسسات العمل الأهلي، أو المجتمع المدني في البلدان العربية والإسلامية يدلنا - أيضاً - على وجود تباين بين أداء المؤسسات الموروثة أو الأصيلة من جهة، وأداءالمؤسسات الوافدة أو المستوردة من جهة أخرى، وبخاصة في الفترات التي وقعت فيها الأمة تحت سيطرة المد الاستعماري الغربي خلال القرنين التاسع عشر والعشرين؛ حيث شهدتالمؤسسات الموروثة نمواً في حجمها، وتزايداً في أعدادها، وازدهاراً في نشاطاتها، وذلك بفعل التحدي الاستعماري ذاته، وكنوع من أنواع مواجهة المخاطر التي حملها معه علالهوية والعقيدة والمصالح الاقتصادية والتجارية والسياسية للأمة. وكانت المهمة الأساسية لهذه المؤسسات الأصيلة جزءاً لا يتجزأ من مهمات الحركة الوطنية الجهاديةالساعية للاستقلال وطرد المحتل من الأوطان الإسلامية. هذا في الوقت الذي نشطت فيه مؤسسات وتنظيمات المجتمع المدني الوافدة وزاد عددها، وارتفع مستوى أدائها مستفيدةبالحماية التي وفرتها لها السلطات الاستعمارية، وكانت أغلبية نشاطاتها وبرامجها ومشروعاتها تصب في خانة ترسيخ أقدام الاستعمار، وتسهم في تمهيد الساحة

أمامه على الصعيد الاجتماعي، من خلال ما كانت تقدمه من خدمات مختلفة في مجالات الثقافة والتعليم والرعاية الصحية، فضلاً عن نشاطها التبشيري المباشر الذي كانيستهدف تحويل المسلمين عن دينهم، وبخاصة في الأوساط الأمية والفقيرة والمحرومة منهم.

ومعنى ما سبق أن النمو في القطاع الأهلي ومؤسساته الموروثة أو المستوردة فيمرحلة الاستعمار لم يكن كله يصب في اتجاه توحيد قوى الأمة ولمّ شتاتها، وإنما على العكس من ذلك كانت جهود هذه المؤسسات تسير في اتجاهين متعارضين: الأول يدعم قضايا التحررمن الاستعمار، ويسهم في مواجهة التحدي الأكبر الذي كان يواجه المجتمعات العربية والإسلامية ممثلاً في الاستعمار، والثاني كان يدعم هذا الاستعمار، ويسهم في ترسيخأقدامه في البلاد بطرق ووسائل مباشرة حيناً، وغير مباشرة في أغلب الأحيان. ونتيجة لذلك فإن محصلة الجهود التي بذلتها مؤسسات المجتمع المدني/ الأهلي في تلك الفترة لم تصببكاملها في اتجاه وحدة الأمة، وكان إسهامها متواضعاً في تقوية أواصر الأخوة بين أبنائها؛ سواء على الصعيد القطري أو الوطني الخاص بكل بلد، أو على الصعيد العام الذي يشملجميع البلدان

العربية والإسلامية.

ويأتي موقف «الدولة» من كلا النوعين من المؤسسات والتنظيمات (الأصيلة والوافدة) ليضيف بعداً آخر إلى إشكالية الأثر الذيتتركه ازدواجية هذه المؤسسات على قضية وحدة الأمة. ويتجلى هذا الأثر من خلال انحياز بعض الدول العربية والإسلامية بوضوح إلى جانب المؤسسات الوافدة، أو ذات المرجعيةالعلمانية، على حساب المؤسسات الموروثة أو الأصيلة، في حين تفعل

بعض الدول الأخرى العكس؛ إذ نجدها تنحاز للموروثة على حساب الوافدة، وفيكلا الحالتين تتضرر وحدة الأمة من الاستقطاب الذي يحدثه الانحياز لهذا الجانب أو ذاك.

وتتجلى حالة انحياز الدولة في علاقتها بمؤسسات المجتمع المدني/ الأهلي فيمجموعتين من القضايا الأساسية هما: قضايا الإشراف والرقابة ومدى حرية العمل المتاحة للنشاط غير الحكومي ، وقضايا التمويل والدعم المادي والتعاون في إنجاز مشروعاتمشتركة حكومية وغير حكومية. والملاحظة العامة في هذا الصدد هي أن الدولة تستطيع ممارسة انحيازها في أي وقت شاءت، وبطرق شتى، ولعل من

أهمها الآتي:

1ـ تشديدالإجراءات الروتينية، وتفعيل البيروقراطية وتنشيط حيلها التي لا تنتهي حتى تعرقل عمل كثير من المؤسسات والتنظيمات الأهلية. وبما أن الحكومة هي التي تسيّر عجلة الإدارةالعامة في الدولة، فإنها تسعى دوماً لتغليب ما تراه «مصلحة عامة»، وتتخذ من هذه المصلحة العامة في كثير من الحالات غطاءً للانحياز إلى نشاطات وبرامج ومؤسسات وجمعيات ذاتتوجه ترضى عنه الدولة، وفي المقابل تقوم بالتشديد على نشاطات وبرامج ومؤسسات ذات توجه آخر قد لا ترضى عنه الدولة.

2- التحكم في التمويل الذي توفره الحكومة للعملالأهلي. وبالرغم من محدودية التمويل الذي توفره الحكومات العربية والإسلامية لمنظمات العمل الأهلي ومؤسساته المدنية بصفة عامة، إلا أن أغلبية هذه المؤسسات والجمعياتتعتمد في تنفيذ بعض مشروعاتها على ما تتلقاه من دعم حكومي.

ومن خلال هذا الدعم تستطيع الحكومات ممارسة انحيازها بزيادته لبعض المؤسساتوالجمعيات، وتخفيضه بالنسبة لبعضها الآخر. وأحياناً تمارس الدولة الانحياز التمويلي من خلال تحكمها في منح أو منع بعض الجمعيات والمنظمات الأهلية حق الحصول على تصاريحجمع التبرعات وتلقي الهبات والمساعدات المحلية أو الأجنبية.

3- تركيز التغطية الإعلامية الإيجابية على بعض المؤسسات والمنظمات الأهلية أو غير الحكومية؛ وبخاصة تلكالتي ترعاها شخصيات بارزة في المجتمع كزوجة الرئيس، أو حرم الملك أو الشيخ أو الأمير، بينما يحدث العكس مع بعضها الآخر؛ وذلك بـإهمالها إعلامياً أو حتى بتعمد تشويههاوشن حملات منظمة عليها في بعض الحالات، أو بمنح الامتيازات الإعلامية؛ في صورة إعلانات مجانية أو منخفضة التكاليف للجمعيات والمؤسسات القريبة من السلطة، ومنعها عنالبعيدة عنها في بعض الحالات الأخرى. وتستطيع الحكومة ممارسة هذا النوع من الانحياز الإعلامي بيسر وسهولة نظراً لأن قسماً كبيراً من وسائل الإعلام لا يزال مملوكاًللدولة في أغلبية البلدان العربية والإسلامية.

إن النظرة الموضوعية تقتضينا التأكيد - مرة أخرى - على ما سبقت الإشارة إليه من أن انحياز الدولة مع أو ضد بعضجمعيات ومؤسسات ومنظمات المجتمع المدني الأهلي، لا يجري لصالح المؤسسات والجمعيات والمنظمات ذات الخلفية العلمانية أو الوافدة من الخارج على طول الخط، كما أن العكس لايحدث دوماً مع المؤسسات والجمعيات والمنظمات الموروثة أو ذات الخلفية الإسلامية. والحاصل على أرض الواقع هو أن الدولة في أغلبية بلداننا العربية

والإسلامية تسعى جاهدة للسيطرة على المنظمات والمؤسسات والجمعيات العامة، والساعية لنشر الوعي السياسي والثقافي والديني في المجتمع.

وفي سبيل تحقيق هذهالسيطرة فإن الدولة لا تجد غضاضة في استخدام أسلوب أو أكثر من الأساليب السابق ذكرها ضد هذه الجمعيات، وبالإضافة إلى ذلك فإنها تسعى لشق جبهة العمل الأهلي أو المدني بدعمبعض الاتجاهات والأفراد وتقريبهم من مراكز السلطة، بينما تقوم بتهميش الآخرين من المعارضين أو من ذوي الاتجاهات التي لا تروق للسلطة الحاكمة. ومثل هذه الحالة لا تنتج سوىآثار سلبية على مجمل أوضاع المجتمع المدني/ الأهلي، وعلى درجة الوحدة والتماسك الداخلي في مختلف الأقطار العربية والإسلامية من ناحية، وبالتالي على وحدة الأمةالإسلامية وتضامن شعوبها من ناحية أخرى؛ وخاصة في ظل ضعف أو غياب أطر دولية فاعلة عربياً وإسلامياً للتنسيق والتعاون بين منظمات وجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني علىالمستوى العام للأمة.

ثالثاً: الخصائص المشتركة

إن المؤسسات والمنظمات والجمعيات الموروثة وذات المرجعية الإسلامية تجمع بينها قواسم مشتركة متعددة بالرغممن تباين نشاطاتها وتنوع مجالات عملها واختلاف أهدافها. ويمكن القول إن هذه القواسم مستمدة في مجملها من وحدة الأصول ومنظومة القيم والمبادئ والأخلاقيات الخاصة بالعملالتطوعي أو الخيري، أو المدني من المنظور الإسلامي، وهي موجودة وفاعلة ليس فقط على مستوى القطر العربي أو الإسلامي الواحد، وإنما أيضاً

على مستوى أغلبية الأقطار العربية والإسلامية بصفة عامة. وإلى جانب هذه الأصول والقيم الواحدة هناك وحدة التجارب والخبرات التاريخية التي مرت بها مجتمعاتناالعربيةوالإسلامية. وفيما يلي بيان موجز بأهم هذه القواسم المشتركة لمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني العربي والإسلامي:

1ـ التعبير عن قيم ومصالح مشتركة

تشمل هذهالمصالح المشتركة التي تعبر عنها مؤسسات وتنظيمات المجتمع الأهلي المدني في أغلبية البلدان العربية والإسلامية، جوانب مادية اقتصادية وجوانب معنوية روحية في الوقتنفسه. وهي تهدف إلى حفظ الوجود المادي والمعنوي أيضاً، وذلك بما تتضمنه من أفكار تدعو لها، ورؤى وتصورات مستقبلية تسعى للإسهام في تحقيقها داخل القطر الذي تعمل فيهوخارجه. قد تكون الفكرة المشتركة بين مؤسسات وجمعيات عربية وإسلامية هي رعاية الأيتام ومساعدة الفقراء والمحتاجين، وقد تكون تأهيل العاطلين عن العمل وإرشاد الشباب إلىميادين إنتاجية نافعة، وقد تكون تقديم الرعاية الصحية وعلاج المرضى والمصابين، وقد تكون إغاثة المنكوبين في الكوارث الطبيعية أو الإنسانية، وفي جميع هذه الحالات نجد أنمرجعية القيام بتلك النشاطات والبرامج والخدمات واحدة؛ وهي مبادئ وتعاليم الإسلام التي تحض على عمل الخير، وتعلي من شأن التعاون على البر والتكافل بين الناس. وعليه فإنأي نجاح تحرزه جميعة هنا أو مؤسسة هناك هو نجاح لمثيلاتها في مختلف أرجاء البلدان العربية والإسلامية، ودعم للفكرة التي تنطلق منها وتعمل على هداها.

2 - الجمع بين دوائر الانتماء المتعددة في إطار واحد

بالرغم من تعدد معايير التصنيف التي تقوم على أساسها مؤسسات ومنظمات المجتمع الأهلي/ المدني فيمجتمعاتنا، إلا أنها تقوم بدور بارز في الجمع بين دوائر الانتماء المتعددة التي ترتبط بتلك المعايير. وهذه الظاهرة موجودة في تراث كثير من المؤسسات الأهلية الموروثة وفيبعض المؤسسات المعاصرة. ولتوضيح المعنى المقصود سنضرب هنا مثالين أحدهما مؤسسة موروثة، والآخر مؤسسة معاصرة:

أـ الأزهر الشريف بمصر. وهو من أعرق المؤسساتالأهلية الموروثة في تاريخ الأمة، ويمكن تصنيفه على أنه مؤسسة إسلامية، مصرية، تتجه رسالته إلى مختلف الدوائر العربية والإسلامية والأفريقية وغيرها حيثما وُجدالمسلمون. وقد اعتمد في أداء رسالته لأحقاب متطاولة من الزمن على ريع الأوقاف التي خصصها عليه أهل الخير من المصريين، والشاميين، والمغاربة، والأتراك، كما أنه أتاحالعلم والمعرفة لأبناء العالمين العربي والإسلامي من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب، ونشأت بداخله أروقة متعددة الانتماءات الجهوية المتنوعة مثل: رواق الأتراك، ورواقالشوام، ورواق الصعايدة، ورواق الجبرت (للطلبة القادمين من الصومال وجيبوتي وإرتيريا)، ورواق المغاربة. كذلك فقد شارك علماء من مختلف الأقطار في تدريس طلاب الأزهر،وأضحى خريجو هذا الصرح العلمي الأهلي دعاة منتشرين في مختلف أنحاء الأرض يجمعون أبناء الأمة على كلمة واحدة، وينشرون الاعتدال والوسطية في فهم التدين وفي الالتزامبتعاليمه.

ب - جمعية العون المباشر/ لجنة مسلمي أفريقيا بالكويت، وهي تصنف باعتبارها جمعية إسلامية كويتية أفريقية النشاط؛ حيث يتركز عملها في

المجتمعات الأفريقية جنوب الصحراء، وتستمد مواردها من تبرعات المحسنين من أهل الكويت وبعض بلدان المنطقة الخليجية الأخرى وبخاصة المملكة العربية السعودية.ومعنى ذلك أن الجمعية تشمل وتوجد في إطارها أطرافاً متعددة، ليقوم كل طرف بدور معين في أداء رسالتها، فمن الكويت ودول المنطقة الخليجية يأتي التمويل من الهبات والتبرعاتوعوائد الوقفيات الخيرية، وفي أفريقيا جنوب الصحراء يجري تنفيذ عديد من المشروعات التنموية والخيرية، ومن بلدان أخرى عربية وإسلامية يعمل العشرات من الموظفين والخبراءفي الوحدات والأقسام المختلفة للجمعية.

وفي رأينا أن المؤسسات والجمعيات التي تجمع في إطارها انتماءات متعددة (مثل الأزهر، وأوقاف الحرمين الشرفين، وجمعية العونالمباشر، والشبكة العربية للمنظمات الأهلية، والاتحادات المهنية والنقابية العربية والإسلامية) تقوم بدور على درجة كبيرة من الأهمية في تحقيق وحدة الأمة والتقريب بينشعوبها المختلفة. وإذا كانت الشركات متعددة الجنسيات التي تعمل في ميادين الاقتصاد والإعلام والتعليم والتجارة قد أسهمت ولا تزال تسهم في تكوين قاعدة متينة للتقارب بينأمم الأرض جميعاً، وتمهد الطريق أمام العولمة وتحويل العالم إلى قرية صغيرة كما يقولون، فإن الجمعيات والمنظمات الأهلية العربية والإسلامية ذات النشاط الدولي يقععليها عبء كبير من أجل موازنة الأثر المادي الناجم عن نشاط الشركات متعددة الجنسيات بأثر معنوي غير ربحي يعمل في نفس الدائرة التي تقرب بين شعوب الأمة، وتنطلق منها إلىالتقريب بين شعوب العالم على أسس أخلاقية وروحية وليس فقط على أسس مادية.

3- الارتباط بقضايا المجتمع والتعاون من الدولة

سمتانأساسيتان تتميز بهما منظمات ومؤسسات المجتمع المدني/ الأهلي في بلادنا، وهما تشكلان أحد القواسم المشتركة فيما بينها: الأولى هي أنها مرتبطة بالقضايا والمشكلاتالواقعية التي يواجهها المجتمع على مختلف مستوياته المحلية والوطنية. والثانية هي أنها متعاونة مع الدولة ممثلة في السلطات الحكومية المختصة بمجالات العمل التي تشاركفيها، والابتعاد عن الدخول في أي نوع من الصراع مع الدولة أو أي من سلطاتها العامة.

وبقدر ما تقرب السمتان المذكورتان بين مختلف مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني/الأهلي في أغلبية المجتمعات العربية والإسلامية، بقدر ما تميزها وتفرقها عن مثيلاتها في المجتمعات الغربية؛ حيث نشأت فيها أغلبية مؤسسات المجتمع المدني على خلفيةالمواجهة بين المجتمع والدولة، والسعي للحد من سيطرة السلطات الحكومية على مختلف جوانب الحياة، ولذلك كثيراً ما يُنظر إلى المجتمع المدني في الغرب على أنه نقيض للمجتمعالسياسي، أو مضاد للدولة وللطبقة الحاكمة فيها. وهذا بخلاف الرؤية الإسلامية التي نشأت على أساسها منظمات وهيئات المجتمع المدني/ الأهلي في مجتمعاتنا؛ وهي رؤية تعلي منشأن التعاون لا الصراع، والسعي لبناء مجال مشترك بين المجتمع والدولة، وليس لتعميق الفجوة بينهما تحت أي دعوى من الدعاوى.

والمعنى الذي نود التأكيد عليه هنا هو أنمؤسسات المجتمع المدني/ الأهلي ومنظماته ومشاريعه المختلفة في بلادنا العربية والإسلامية قامت في أغلبيتها على أساس التعاون المشترك بين المجتمع والدولة، وشكلتمبادرات فاعلي الخير من أبناء المجتمع والدولة، وكان ذلك سمة مميزة وعلامة فارقة

في تاريخ مجتمعات الأمة الإسلامية، إذا قارناه بتاريخالمجتمعات الأخرى، وبخاصة في البلدان الأوربية والأمريكية.

4- العمل ضمن إطار المقاصد العامة للشريعة

هذا مظهر آخر للخصائص المشتركة بين مؤسسات ومنظمات المجتمعالمدني/ الأهلي في بلادنا العربية والإسلامية؛ ذلك لأن التأمل في مختلف برامج ونشاطات تلك المنظمات والمؤسسات ذات المرجعية الإسلامية يوضح لنا أنها تصب في جملتهاباتجاه اساسي هو الإسهام في تحقيق «المقاصد العامة للشريعة الإسلامية». وبمفهوم المخالفة يمكن القول أن أهداف تلك المؤسسات والمنظمات ومجالات عملها ليست خاضعة لأهواءذاتية، ولا لمصالح شخصية أو فئوية أو طبقية؛ فإذا ما كانت خاضعة لمثل هذه الاعتبارات فإنها تفقد شرعيتها، وتصبح عاملة في اتجاهات مغايرة لمصلحة المجتمع، ومضادة لوحدةالأمة وللإطار الجامع لها على المستوى المعنوي، المجسد لها والمعبر عنها على المستوى الواقعي.

نحن ننظر هنا إلى المقاصد العامة للشريعة كإطار موحد للحركةالاجتماعية الأهلية أو المدنية - مثلما يجب أن تكون إطاراً موحداً للحركة السياسية أيضاً - ومع تعدد الأعراق وتباين الخلفيات الثقافية والاجتماعية والمذهبية؛ ليس ثمةخلاف ذي بال بين كافة المدارس الفقهية والمرجعيات العلمية لدى الشعوب العربية والإسلامية في أن تلك المقاصد تتمثل في: حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ المال،وحفظ النسل. ويضيف البعض مقصداً سادساً هو حفظ الحرية الإنسانية. ولا نعتقد أن ثمة من يخالفنا في القول بأن ما تقوم به جمعياتنا ومنظماتنا ومؤسساتنا الأهلية أو المدنية

يمكن تصنيفه تحت مقصد أو أكثر من تلك المقاصد العامة؛ فالبرامج التربوية والدعوية - مثلاً - تدخل تحت مقصد حفظ الدين، ومشروعات الرعايةالاجتماعية وأعمال الإغاثة والمساعدات الإنسانية والرعاية الصحية تدخل تحت مقصد حفظ النفس، والمدارس والمعاهد والبرامج التثقيفية تدخل تحت مقصد حفظ العقل، وكذلكالبرامج التدريبية والتأهيلية والتدريبية تدخل تحت مقصد حفظ المال واكتسابه من وجوه الحلال، أما مشروعات الزواج الجماعي والخدمات الصحية (العلاجية والوقائية) فإنهاتدخل بامتياز تحت مقصد حفظ النسل، وأخيراً فإن النشاطات التي تقوم بها الجمعيات والمنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان والحريات العامة - من منطلق إسلامي - يمكن أن نصنفهاتحت مقصد حفظ الحرية الإنسانية. وكلما زادت هذه النشاطات التي تترجم المقاصد العامة للشريعة زادت قوة أواصر الوحدة بين شعوب الأمة.

5- تشابه الأطر التنظيمية والأنماطالمؤسسية

يشير تراث المجتمع المدني/ الأهلي في مختلف البلدان العربية والإسلامية إلى أن ثمة تشابهاً كبيراً في الأطر التنظيمية والأنماط المؤسسية التي عملت منخلالها الفاعليات المدنية أو الأهلية المختلفة في هذا المجتمع. ولعل مرد هذا التشابه هو وحدة المرجعية العليا التي استندت إليها تلك الفاعليات على النحو الذي شرحناهفيما سبق. وكما يؤكد علماء الاجتماع فإن المؤسسات والأشكال التنظيمية المتباينة هي وليدة العقليات والقيم السائدة في فترة معينة أو في بيئة ما، وعليه فإن المؤسسة لاتعدو أن تكون مجموعة من القواعد والآليات التي تنظم سلوك الأفراد والجماعات وهم بصدد إشباع

حاجاتهم، وتحقيق أهدافهم المشتركة؛ وكلماتنوعت الحاجات والأهداف، تنوعت المؤسسات والمنظمات التي تقوم من أجل تحقيقها.

صحيح أن التشابه الذي نتحدث عنه لا يصل إلى حد التطابق التام؛ حيث تظل لكل بيئة اجتماعيةخصوصياتها التي لابد أن تنعكس على مختلف جوانب التنظيم الاجتماعي الحكومي والأهلي أو المدني معاً، غير أن الاتجاه الغالب على مؤسسات ومنظمات العمل الأهلي والمجتمعالمدني في بلداننا العربية والإسلامية هو التشابه الكبير في الأشكال والصيغ والأنماط التنظيمية والمؤسسية، وقد بلغ هذا التشابه - في حالات كثيرة - إلى حد التماثل فيالسلبيات والمشكلات العملية وليس فقط في الإيجابيات والمبادئ النظرية. وثمة عديد من الشواهد التي تؤكد ذلك، ومنها الآتي:

أـ المساجد، وهي من أهم وأبرز المؤسساتالأهلية في التاريخ العربي الإسلامي؛ وقد كانت منذ نشأتها الأولى ذات وظائف اجتماعية وخدمية وتعليمية وثقافية متعددة، إلى جانب كونها بيتاً لأداء الصلاة، وتلقي تعاليمالدين وتوجيهاته في مختلف شئون الحياة. وأينما يممت وجهك في طول العالم الاسلامي وعرضه تجد أن المساجد - بالمعنى المذكور - هي أحد أهم المعالم المشتركة بين جميع البلدان،كما تجد أن أهدافها، وأسسها التنظيمية، وطريقة إدارتها ومصادر تمويلها، وكيفية شغل الوظائف التي تسيرها وترعى شؤونها، تكاد تكون واحدة. حتى عندما بدأت هذه المساجد تفقدبعض استقلاليتها عن السلطات الحاكمة، لم تقتصر هذه الحالة على بلد دون آخر من البلدان العربية والإسلامية؛ فقد كانت أبواب المساجد والجوامع تظل مفتوحة معظم ساعاتالنهار وزلفاً من الليل لمن أراد أن يصلي أو يتلو القرآن أو يتدارس

الفقه أو يستريح قليلاً من تعب الحياة، ولكن الحال تغير منذ سنوات في أغلبيةالبلدان؛ إذ يجري إغلاق أبواب المساجد مباشرة عقب أداء الصلاة المفروضة بأوامر تصدرها وزارات الشؤون الإسلامية والأوقاف.

ب - نظام الوقف، وهو ممارسة شرعية اجتماعيةمعروفة في جميع البلدان العربية والإسلامية وفي كل مراحل تاريخها. وعلى أساس الوقف قامت مؤسسات وهيئات مدنية وأهلية كثيرة ومتشابهة في جميع تلك البلدان؛ ومنها كتاتيبتحفيظ القرآن، والمدارس والمعاهد والجامعات التي تخصصت في مختلف فروع العلم والمعرفة، والمستشفيات ودور الأيتام والتكايا والملاجئ، وأسبلة مياه الشرب والمضايف ومقابرالصدقة، وغير ذلك من أعمال البر والمنافع العامة. ووصل الأمر في بعض الحالات أ ن تجاوزت المؤسسات الوقفية الأطر القطرية أو الوطنية الضيقة إلى الإطار الإسلامي الأوسع،وقامت بدور كبير في توثيق أواصر الأخوة والوحدة بين المسلمين من مختلف بقاع الأرض، ومن أبرز الأمثلة على ذلك أوقاف الحرمين الشريفين التي لم يخل منها بلد من البلدانالعربية والإسلامية، وكانت خيراتها ترسل سنوياً إلى بلاد الحرمين للإنفاق على حجاج بيت الله الحرام وتوفير وسائل الراحة لهم ليؤدوا مناسكهم ويعودوا سالمين إلىأوطانهم.

ج - أعمال التطوع الفردي، وهي لا حصر لها؛ سواء كانت في صورة تبرعات مادية أو عينية أو نذور وكفارات وصدقات ونوافل، أو كانت تبرعات غير مادية منقبيل تعليم العلم، والتبرع بالوقت من أجل تقديم خدمة من الخدمات. ومثل هذه الأعمال يصعب حصرها أو تقدير قيمتها الحقيقية - كما قلنا آنفاً - نظراً لكونها تتم في أغلبيتهابطريقة سرية، ولا تأخذ نمطاً موحداً؛

بل تتعدد بتعدد الأفراد الراغبين في عمل الخير ومد يد العون للمحتاجين والفقراء.

وإلى جانب هذاالتشابه في الأطر والأنماط المؤسسية للمجتمع المدني/ الأهلي، نلاحظ أيضاً أن ثمة تشابها بينها في المشكلات والممارسات السلبية التي أصابتها بين الحين والآخر. ومن ذلكمثلاً: شيوع نمط الإدارة الفردية، أو العائلية في أحسن الحالات وفي أغلبية تلك المؤسسات والتنظيمات الأهلية والمدنية، وضعف آليات الرقابة والمحاسبة على أداء المسؤولينعن تسييرها، وانتشار الفساد الفردي، وانخفاض مستوى الكفاءة وبطء الإنجاز إلى الحد الذي أدى إلى تخلف عدد كبير من تلك المؤسسات الأهلية المدنية الموروثة، وعدم قدرتهاعلى مواكبة المتغيرات الاجتماعية، وعجزها عن استيعاب المستجدات، وفشلها في مواجهة كثير من التحديات التي واجهت المجتمعات العربية والإسلامية في العصر الحديث.

إنتلك السلبيات التي أشرنا إليها قد أثرت على أداء مؤسسات وفاعليات المجتمع المدني/ الأهلي، وأضافت بعداً آخر لإشكاليات علاقة هذه المؤسسات والفاعليات بوحدة الأمة. ولكنهذا لا يعني أن وظائفها الإيجابية الكثيرة في خدمة وحدة الأمة قد اختفت تماماً، أو لم يعد لها وجود. وسوف نوضح الإسهامات التي تقدمها مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني/الأهلي في وحدة الأمة بشيء من التفصيل في البند

التالي.

رابعاً: إسهام المؤسسات في الوحدة

تشكل الخصائص المشتركة التي تناولناها في البند السابق القاعدةالعريضة للإسهامات التي تقدمها مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني/ الأهلي في اتجاه وحدة الأمة الإسلامية؛ سواء على مستوى المشاعر والمبادئ والقيم

الحاكمة للسلوك الفردي والجماعي، أو على مستوى المواقف العملية والتجانس المؤسسي والتنظيمي الذي يمهد الطريق لتحقيق مبادئ التكافل والتعاون والتضامن على أرضالواقع.

والسؤال هنا هو: كيف تسهم مؤسسات وتنظيمات المجتمع المدني/ الأهلي في تحقيق وحدة الأمة الإسلامية؟ إن الجواب على هذا السؤال يقتضي النظر في السجل التاريخيلخبرة مؤسسات المجتمع المدني/ الأهلي في البلدان العربية والإسلامية، والنظر أيضاً إلى هذا السجل في الواقع المعاصر. وسيتضح أن إسهام هذه المؤسسات في دعم وحدة الأمةيتطلب باستمرار وجود مناخ عام يساعد على تفعيل هذا الإسهام وزيادة جدواه، ويقلل من العوائق والإشكاليات التي تحد من فعالية هذا الإسهام. ويمكن القول أن الملامح العامةلهذا المناخ تتمثل في وجود إرادة الوحدة بين مختلف شعوب الأمة، وأن تكون هذه الإرادة هي الغالبة على كافة المستويات الاقتصادية والسياسية والثقافية.

وأن تكون مدعومةبأطر تنظيمية ومؤسسية تعمل في تناغم وتناسق من أجل تحقيق أمل الوحدة ولو في الأجل البعيد، وأن يكون هناك قدر كبير من التجانس والاتفاق بين صفوف النخب الفكرية والسياسيةالتي تؤثر في اتجاهات الرأي العام، وتمسك بزمام عمليات صنع القرار، وتقود دفة الحكم في البلدان العربية والإسلامية. فإذا ما توافر هذا المناخ كان بالإمكان لمؤسساتالمجتمع المدني/ الأهلي أن تسهم بفاعلية في السير قدماً نحو تحقيق حلم الوحدة بين مختلف أقطار الأمة وشعوبها. وفيما يلي بيان أهم الأدوار الفعلية التي تسهم بها في دعمالتوجه نحو وحدة الأمة في الواقع المعاصر.

1ـ تجديد الشعور بالانتماء إلى الموحدات الحضارية الكبرى

المقصود هنا هو تلك العوامل التي وحدت الأمة الإسلامية وشدتأزرها في العصور السابقة، وفي مقدمها: العقيدة، والشريعة، واللغة، والقيم الأخلاقية.

وقد نبعت من هذه الموحدات منظومة القيم والأخلاقياتالإسلامية التي تندرج ضمنها القيم والمبادئ التي تحض على العمل الخيري والتطوعي؛ وهي التي لا تعترف بالحدود السياسية المصطنعة، ولا بالحواجز العرقية أو الاختلافاتالمذهبية. وتستند إلى تلك المنظومة - كما ذكرنا آنفاً - مؤسسات ومنظمات العمل الأهلي والمدني في أغلبية البلدان العربية والإسلامية. إن عمل هذه المؤسسات التي هي متنوعةومتعددة بالضرورة وفق منظومة القيم الإسلامية التي هي واحدة وموحدة بالضرورة أيضاً؛ يعني أن حصيلة العمل لابد وأن تصب في اتجاه تجديد عوامل الوحدة ودعمها، وتسهم بالقدرنفسه - ولكن في اتجاه عكسي - في إضعاف عوامل التفرقة القائمة على أسس مذهبية أو عرقية أو جهوية.

2- تقوية نسيج البنية التحتية لوحدة الأمة

تتمثل هذه البنى في عديد مندوائر الانتماء الأولية التي تبدأ بالأسرة، وتمر بالجماعات الحرفية والمهنية والمذهبية والثقافية والنقابية والاتحادات النوعية، وتنتهي بالأمة في مجموعها. وفي رأيناأن مفهوم وحدة الأمة يظل غامضاً وهلامياً ما لم يتم التعبير عنه في كيانات فرعية قوية؛ بحيث يغطي كل كيان منها مساحة أو مجالاً أو نشاطاً أو ميداناً من ميادين العملالمتعددة والمتنوعة. ومن تكامل هذه التكوينات الفرعية يتشكل الجسد العام للأمة داخل إطار نسق تحكمه منظومة واحدة من القيم والموجهات النابعة من المقاصد العامة للشريعةعلى نحو ما بيناه آنفاً. وقد رأينا - فيما سبق - أن أغلبية مؤسسات وتنظيمات المجتمع المدني الأهلي في البلدان العربية والإسلامية ترتكز على تلك الدوائر الأولية للانتماء،ويكاد يتوقف نجاحها في أداء مهماتها على مدى ارتباط كل منها بدائرة أو أكثر من تلك الدوائر. ولولا وجود

المؤسسات والتنظيمات المدنية/الأهلية لكان من الصعب جداً المحافظة على التماسك الداخلي بين عناصر الأمة وجماعاتها المختلفة؛ ومن هنا يبرز الدور الكبير الذي تسهم به مؤسسات وتنظيمات المجتمع المدنيفي تقوية نسيج الوحدات الفرعية للكيان الجماعي للأمة، جنباً إلى جنب الدور الذي تسهم به المؤسسات والتنظيمات الحكومية.

إن أهمية هذا التعدد المؤسسي والتنظيميالمدني/ الأهلي في تحقيق وحدة الأمة تتجلى في الوظائف التي تقوم بها تلك الكيانات المؤسسية والتنظيمية على المستويات المحلية والقاعدية التي تعمل في إطارها وتقدمخدماتها للمنتمين إليها. ومن أهم هذه الوظائف التوحيدية؛ أنها تسهم في بلورة اتجاهات متجانسة للرأي العام على أسس وثيقة الارتباط بالواقع وبما يثيره من تحديات. فلوتخيلنا مثلاً أن جميع المؤسسات والتنظيمات المدنية/ الأهلية في كل البلدان العربية والإسلامية العاملة في مجال الرعاية التعليمية تنطلق من ذات المنظومة القيميةوالأخلاقية الإسلامية، وتحتكم إلى معاييرها في تقدير ما تحققه من إنجازات؛ لو تخيلنا هذا وكان بالإمكان تحقيقه على أرض الواقع، إذن لأمكننا الحديث بقدر كبير من الثقة عنوجود لبنة قوية من لبنات وحدة الأمة في هذا المجال التعليمي، وكذلك الحال بالنسبة لبقية المجالات الأخرى؛ سواء كانت خدمية أو إغاثية، أو تنموية.

ولمزيد من الإيضاحللدور الذي تسهم به مؤسسات وتنظيمات المجتمع المدني/ الأهلي في وحدة الأمة عبر تقوية دوائر الانتماء الفرعية، يمكننا أن نفترض الحالة العكسية، والنظر في التداعيات التيتترتب عليها. والحالة العكسية هنا تعني غياب أي نوع من التنظيم المؤسسي/ الأهلي أو المدني، وأنه

لا يوجد سوى المؤسسات والهيئات الرسميةوالحكومية فقط. إن أول تداعيات هذا الافتراض هو أننا سنكون إزاء حالة من المركزية المفرطة في شتى مجالات الحياة، مع ما يرافق المركزية - بحكم التجربة - من ميل شديد نحوالاستبداد وكبت الحريات العامة، وإهمال المبادرات والإبداعات الفردية والجماعية الفرعية والنوعية، وتحميل إدارة الدولة بأعباء هائلة تفوق طاقاتها في كثير من الأحيان،ولا يمكنها الوصول إلى مختلف الفئات والجماعات الفرعية، ولو حرصت على ذلك أشد الحرص. وفي هذه الحالة أيضاً سيكون من العسير جداً الحديث عن لبنات قوية لبناء وحدة الأمة علىأرض الواقع الفعلي، وليس فقط على مستوى التأصيل النظري، أو مستوى الأماني والأحلام، وإذا ما حادت سلطات الدولة عن هدف توحيد الأمة لسبب أو لآخر، فلن يكون وراء ذلك إلاخواء هائل لا يمكن لأبناء الأمة سده بمجهوداتهم الفردية التي لا ينظمها ناظم جامع.

3- حفز التعاون في مختلف المجالات

يتجلى هذا الدور الذي تسهم به مؤسسات ومنظماتالمجتمع المدني/ الأهلي بشكل واضح من خلال ما تخلقه البرامج والنشاطات والمشروعات التي تنفذها على المستوى عبر - الوطني؛ وذلك بهدف توسيع نطاق المستفيدين من تلكالمشروعات والخدمات ليشمل عدة دول عربية أو إسلامية أخرى.

وقد شهد العقدان الأخيران ظهور عدد لا بأس به من الجمعيات والهيئات والشبكات الأهلية التي تعمل داخلالوطن الأم وخارجه في العديد من البلدان العربية والإسلامية، ومنها على سبيل المثال: جمعية العون المباشر - لجنة مسلمي أفريقيا سابقا - وهي تعمل في أكثر من ثلاثين دولةأفريقية جنوب

الصحراء الكبرى. والهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، وهي تعمل في بلدان عربية وإسلامية كثيرة، ويغطي نشاطها أيضاًالأقليات الإسلامية في الدول غير الإسلامية. لدعم المشروعات التنموية للأمم المتحدة الذي يرأسه الأمير طلال بن عبد العزيز، وتغطي مشروعاته بلدان كثيرة أيضاً عربيةوإسلامية. والمنظمة العربية لحقوق الإنسان التي تهتم بقضايا الحريات العامة واحترام حقوق الإنسان في الوطن العربي. وهناك أيضاً الشبكة العربية للمنظمات الأهلية التيسبقت الإشارة إليها، وغير ذلك كثير من الجمعيات والشبكات والمنظمات الأهلية والمدنية، والاتحادات المهنية والنقابية والحقوقية، التي تصب كل مجموعة منها في مجال واحدعبر مختلف البلدان العربية والإسلامية، ولا يقتصر فقط على دولة المؤسسة أو المنظمة أو الجمعية.

وإذا ألقينا نظرة تحليلية شاملة على برامج ونشاطات مثل تلك الجمعياتوالمنظمات والشبكات، يتضح لنا أنها تسهم في تغذية عوامل الوحدة بين شعوب وبلدان العالم العربي والإسلامي من أكثر من زاوية،

أهمها الآتي:

أـ أن كل مجموعة منهامتماثلة الاهتمامات تسهم في الكشف عن تشابه المشكلات والتحديات التي تواجهها المجتمعات العربية والإسلامية، وكذلك التشابه الكبير في الحلول التي يمكن من خلالها التغلبعلى تلك المشكلات والتحديات؛ سواء في مجال التنمية ومحاربة الفقر والبطالة، أو في مجال الرعاية الاجتماعية ومساعدة المحتاجين، أو في مجال الحريات العامة وحقوق الإنسان.وكلما زاد اعتماد هذه الجمعيات والمنظمات على المرجعية الإسلامية في توجيه أعمالها ونشاطاتها، زادت فعالية الدور الذي تسهم به في التقريب بين شرائح الأمة وتكويناتهاالاجتماعية المتعددة. وليس من الممكن اكتشاف هذه

الأبعاد إلا بالممارسة العملية، وعبر التجربة والاحتكام المباشر بحقائق الواقعومتطلباته.

ب - أن المشروعات والبرامج المختلفة التي تقوم بها هذه الجمعيات والمنظمات عابرة القطرية تتطلب تعبئة قدر لا بأس به من الموارد البشرية والماديةاللازمة لوضعها موضع التنفيذ، ولتوفير هذه الموارد تلجأ كل جمعية أو منظمة إلى توظيف أعداد كبيرة من الكوادر والمتخصصين من أبناء العرب والمسلمين للعمل لديها؛ الأمرالذي يتيح الفرصة أمامهم لتبادل الخبرات ولتوسيع مداركهم بأوضاع العالم العربي والإسلامي واكتشاف عناصر الوحدة بين مختلف شعوبه وأقطاره، وتكون الجمعية أو المنظمة فيهذه الحالة بمثابة جسر الوصل بينهم وبين البلدان التي تعمل فيها. كما أن الموارد المادية اللازمة للمشروعات والبرامج تسهم في هذا الاتجاه نفسه؛ من خلال تشجيع بعض عملياتالتبادل التجاري بين البلدان الإسلامية، وتفضيل منتجاتها على المنتجات الأجنبية، ونقل المساعدات والموارد من بلاد الوفرة إلى بلاد الندرة مثلاً.

ج - إن كل تقدمأو نجاح تحققه مؤسسات ومنظمات المجتمع الأهلي/ المدني في تقوية الشعور بأواصر الوحدة ودعمها بين البلدان العربية والإسلامية، من شأنه أن يحفز التعاون التنسيق في مجالاتأخرى اقتصادية وسياسية وثقافية تصب في هذا الاتجاه التوحيدي نفسه؛ وذلك بفعل تأثير قوة المثل Demonstration Effect ، وقد تقوم شبكة من التعاون والتنسيق بين منظمات أهلية من جهةومؤسسات وشركات اقتصادية ربحية من جهة أخرى،

وذلك من باب لزوم ما يلزم، وأن مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وتكون المصلحة متحققة لجميعالأطراف في جميع الحالات.

د - إن التعاون الناجح بين مؤسسات ومنظمات المجتمع الأهلي/ المدني من شأنه أن يعزز التعاون القائم بين المؤسسات الحكومية العربيةوالإسلامية، وبين الحكومات نفسها، ومثل هذا التعاون بدوره يصب في دعم قوى الوحدة والترابط والتكامل بين شعوب الأمة من جهة، وبين هذا الشعوب وحكوماتها من جهة أخرى،ويتدعم هذا الترابط مع اكتشاف حقول العمل الميداني على كافة الأصعدة بين مؤسسات ومنظمات أهلية وأخرى حكومية في إطار تعاوني مشترك، وبعيداً عن الصراعات والانقسامات التيتعوق وحدة الأمة، ولا تحقق سوى مصلحة القوى المتربصة بها.

الخاتمة: تفعيل دور المؤسسات في بناء الوحدة

إن ما تقوم به مؤسسات ومنظمات المجتمعالأهلي/ المدني لم يعد مجرد تعبير عن نوايا حسنة أو عطاءات خيرية يقدمها المحسن أو المتصدق إلى المحتاج أو ذي الخاصة، ولكنه أضحى على درجة كبيرة من الأهمية في تحقيقالتنمية الشاملة، ويعلق الكثيرون عليه آمالاً كبيرة في توجيه عملية التغيير الاجتماعي والسياسي والحضاري بشكل عام، وفي ظل التحولات السريعة التي يشهدها العالم المعاصربشكل خاص. وبالرغم من كثرة القواسم المشتركة بين مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني في البلدان العربية والإسلامية، وبالرغم من أهمية ما تسهم به تلك المؤسسات والمنظمات فيتحقيق وحدة الأمة - على النحو السابق شرحه في البندين الثالث والرابع - إلا أن ثمة عديداً من التحديات التي تواجهها وتحد من فعاليتها - على النحو الذي

سبق أن أوضحناه أيضا في القسم الثاني من هذا البحث - وتحتاج هذه التحديات الى بذل جهد كبير من أجل التغلب عليها، وسوف نقدم هنا عدداً من المداخل والأفكار لتكونموضعاً للنقاش وتبادل المشورة بشأنها بهدف التوصل إلى أفضل الاختيارات التي يتعين القيام بها في هذا المجال. ولكن علينا أن ندرك جيداً أن هدف وحدة الأمة الذي نتحدث عنإسهام مؤسسات المجتمع الأهلي/ المدني في تحقيقه لن يكون نتاج جهد يوم نغرس فيه البذور في الصباح لنجني ثمرتها في المساء أوفي صباح اليوم التالي ، وإنما هو برنامج عمل مركبومعقد وشاق، ويحتاج ضمن ما يحتاج إلى نفس طويل، وإلى تعبئة شعبية واسعة النطاق، ويحتاج أيضاً إلى رؤية بعيدة المدى نرسل النظر فيها إلى عشرات قادمة من السنوات، إلى جانبالاهتمام بالمدى القريب والمنظور سواء بسواء. وفيما يلي أهم المداخل التي يمكن من خلالها تفعيل أداء مؤسسات وتنظيمات المجتمع المدني/ الأهلي في تحقيق وحدة الأمة:

1ـالمدخل التربوي التعليمي

يرتكز هذا المدخل على الدور الكبير الذي تقوم به مؤسسات التربية والتعليم في بناء العقليات وتوجيه السلوك الفردي والجماعي. ومن خلال هذهالمؤسسات يمكن أن نغرس في عقول الناشئة منظومة القيم والمبادئ التي تحض على العمل الأهلي/ المدني من منظور وحدة الأمة؛ التي تقوم على أساس التعاون والتكامل بين مختلفالشعوب العربية والإسلامية. وإذا كانت البرامج والمشروعات والنشاطات التربوية - في وضعها الحالي - تفتقر إلى مثل هذا المضمون؛ فمن الضروري تطوير المناهج الدراسيةوالأنشطة الترفيهية والتربوية في هذا الاتجاه الذي يؤكد على قيمة العمل التطوعي، ويرفع من شأن مؤسساته، وينبه الأذهان إلى أهميتها في تحقيق وحدة الأمة بصفة عامة،

إلى جانب أهميتها القصوى في ترقية حياة المجتمع ونموه الاقتصادي والاجتماعي بصفة خاصة. ومثل هذه المعاني يجب أن تتضمنها المقررات والمناهجالدراسية والأنشطة الترفيهية وبرامج خدمة المجتمع وحصص الأشغال والتدريبات العملية؛ ابتداءً من المراحل الابتدائية من السلم التعليمي، وصولاً إلى أعلى درجات هذاالسلم. وتقع مسؤوليات إنجاز هذه المهمة التطويرية في مناهج التربية والتعليم على الوزارات والهيئات والمراكز التربوية والتعليمية، وفي مقدمتها المنظمة الإسلاميةللتربية والثقافة والعلوم، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، كما تقع أيضاً على المفكرين ودعاة الإصلاح وصانعي الرأي وقادة المجتمع المدني في مختلف البلدانالعربية والإسلامية.

2- المدخل الثقافي الإعلامي

نظراً لضعف الخطاب الثقافي الذي تبثه وسائل الإعلام فيما يتعلق بالمجتمع المدني ومؤسساته بصفة عامة، وبدور هذهالمؤسسات في تحقيق وحدة الأمة بصفة خاصة؛ فإن المطلوب وفقاً لهذا المدخل هو صياغة ونشر خطاب ثقافي إعلامي يركز على تلك المعاني الغائبة، ويهدف إلى بناء صورة ذهنية صحيحةوواقعية عن المجتمع المدني ودوره في النهوض بالمجتمعات المحلية من جهة، وفي تحقيق التآزر والتعاون والوحدة بين شعوب الأمة من جهة ثانية. ولتيسير مهمة وسائل الإعلام فيأداء مهمتها في هذا المجال يجب أن تخصص أكبر مما هي عليه الآن للبرامج التثقيفية المدروسة حول المجتمع المدني ومؤسساته وما تقوم به من أدوار في خدمة المجتمع والأمة، معالتركيز على تغيير الصورة الذهنية النمطية الشائعة عن العمل الخيري الإسلامي ومؤسساته بصفة خاصة، وإبراز أهميتها في تحقيق التقارب والوحدة بين المجتمعات الإسلاميةالغنية

منها والفقيرة. كذلك من الضروري إفساح المجال لعرض تجارب العمل الأهلي الناجحة.

وفي تصورنا أن الهدف الاستراتيجي/ المركزي الذييجب أن تتجه نحوه الجهود الإعلامية والتثقيفية هو العمل من أجل توحيد الثقافة المرجعية لمختلف مؤسسات وتنظيمات المجتمع المدني، وتخليص الثقافة السائدة حالياً من عيبالازدواجية، ومن ثم القضاء على كثير من الثغرات التي تسببها هذه الازدواجية.

3- المدخل التشريعي القانوني

يتطلب هذا المدخل - شأن غيره من المداخل - درجة عالية منالتعاون والتنسيق بين الجهود الأهلية والحكومية في مختلف البلدان العربية والإسلامية؛ بهدف إعادة النظر في الأطر القانونية التي تنظم عمل مؤسسات وتنظيمات المجتمعالمدني/ الأهلي، والقيام بتنقيتها من العقبات التي تحول دون فاعلية هذه المؤسسات من ناحية، والتي تحول دون تواصلها وتعاونها إقليمياً وعالمياً على المستويين العربيوالإسلامي من ناحية أخرى. ومن المفترض أن تتجه الجهود في هذا الميدان إلى القوانين القائمة فتدرسها دراسة مستفيضة لتكشف عن القواسم المشتركة فيما بينها، وتبرزها وتقترحوسائل تفعيلها، ولتكتشف أيضاً تلك العوائق التي أشرنا إليها وتبين كيفية التغلب عليها؛ مع ما يقتضيه ذلك من تعديل النصوص التي تحتاج إلى تعديل، ووضع نصوص جديدة أواستصدار قوانين جديدة بكاملها؛ بحيث تكفل درجة أعلى من التعاون والتنسيق بين كافة المستويات الإقليمية والدولية، إلى جانب ما يجب أن تكفله لها من الاستقلالية وحريةالحركة بعيداً عن قيود البيروقراطيات الحكومية، ويجب أن تكفل لها أيضاً موارد مالية كافية لتمويل مشروعاتها وبرامجها دون الحاجة إلى مصادر التمويل الأجنبية.

4- مدخل إعادة ترتيب الأولويات

تشير النتائج التي توصلت إليها الدراسات الميدانية في عدد من البلدان العربية والإسلامية إلى وجود خلل كبير فيأولويات مؤسسات وتنظيمات المجتمع المدني، وأن أغلبية المشروعات والبرامج التي تقوم بها تفتقر إلى رؤية استراتيجية تساعد على ترتيب تلك الأولويات بشكل عملي، كما كشفتهذه الدراسات عن «محدودية العمل الجماعي وسيادة النزعة الفردية». وإذا استمرت هذه الحالة فإنها ستكون من أكبر العوائق التي تحول دون الإسهام في تحقيق هدف الوحدة؛ إذ أنترك ترتيب الأولويات لا يقتصر على هذه المؤسسة أو تلك المنظمة بمفردها، وإنما ينصرف أيضاً إلى الأمة في مجموعها، لهذا اعتبر علماء السلف أن «ترك الترتيب للقرباتوالخيرات من جملة الشرور»، وقالوا أيضاً «لا يكفي كون الفعل من جنس الطاعات ما لم يراع فيه الوقت والشرط والترتيب» (الغزالي: إحياء علوم الدين، القاهرة: دار الشعب، ج1، ص72(. وفي هذا السياق فإن من أهم التوجهات السائدة لدى مؤسسات المجتمع المدني وتحتاج إلى إعادة نظر الآتي:

أـ غلبة النمط الفردي في العمل الخيري وغيابالثقافة المؤسسية، والواجب هو تنمية قيمة العمل الجماعي والممارسة الشورية داخل المؤسسات والتنظيمات الأهلية وفيما بينها؛ ليس فقط على مستوى كل قطر من الأقطار، وأنماعلى المستوى الإقليمي العربي والإسلامي.

ب - شيوع ثقافة التبرير والاعتذار للتغطية على الممارسات غير الصحيحة، والواجب هو ممارسة النقد الذاتي والاعترافبالأخطاء التي أدت إلى تقوقع مؤسسات العمل الأهلي على ذاتها وداخل الحدود القطرية الضيقة، والعمل على تجاوز هذه الحالة، والاهتمام بغرس روح التعاون والتكامل بين مختلفالمؤسسات، والإصغاء للرأي والرأي الآخر، وممارسة الشورى والالتزام بما يجمع

عليه رأي الأغلبية، وهذا هو أقصر الطرق العملية نحو هدفالوحدة الشاملة بين مختلف شعوب الأمة.

ج - غلبة الميل إلى الأعمال الإغاثية المؤقتة، والواجب هو أن يجري التركيز على المشروعات التنموية المستدامة بدرجة أكبر منالأعمال ذات الطابع المؤقت. وكلما زاد حجم المشروعات التنموية وتحسنت نوعياتها وارتبطت بقضايا ومشكلات عامة مثل مشكلات الفقر والبطالة والمرض، زاد دور مؤسسات المجتمعالمدني في تحقيق وحدة الأمة عبر الإسهام الفعال في حل مثل هذه المشكلات التي استعصت على الحلول الفردية المنعزلة عن بعضها.

5- مدخل التدريب وبناءالقدرات الذاتية

لهذا المدخل أهمية كبيرة في تطوير مؤسسات المجتمع المدني بصفة عامة، وفي توجيهها نحو التكامل والتعاون بما يخدم هدف وحدة الأمة بصفة خاصة. وقد كشفتالدراسات الميدانية الحديثة في هذا المجال عن وجود نقص حاد في عدد الخبراء المختصين بالتدريب والتأهيل في مجال العمل الأهلي بصوره المختلفة، كما كشفت تلك الدراسات عنغلبة المكون الأجنبي على المحلي في عملية التدريب وما تحتاج إليه من عناصر مادية وبشرية؛ الأمر الذي ينعكس سلبياً على أداء المؤسسات والمنظمات من كافة الجوانب؛ بما فيذلك الجانب التنسيقي أو التعاوني الذي يصب باتجاه هدف وحدة الأمة والتكافل بين شعوبها.

وفي تصورنا أن هذه الحالة السلبية بحد ذاتها توفر فرصة كبيرة لتفعيلالقدرات الذاتية عبر التنسيق والتعاون بين مراكز البحوث ومعاهد التدريب العربية والإسلامية، وأن تنهض هذه المراكز والمعاهد بتطوير برامج تدريبية مشتركة عالية المستوىمن جهة، وأن تقوم بتأهيل وتخريج كوادر متخصصة في هذا المجال وفقاً لرؤية عربية إسلامية شاملة من جهة أخرى.

وبذلك يمكن الإسهام في سد النقصالحاصلل في هذا الميدان الحيوي، والقضاء على التأثيرات السلبية للعنصر الأجنبي الذي يعمل وفقاً لأولوياته الخاصة التي لا تتفق بالضرورة مع أولوياتنا، بل ربما تصادمتمعها بقصد مسبق وبوعي كامل.

إن التدريب والتأهيل ضمن الإطار العام الذي أشرنا إليه يدعم بالضرورة مؤسسية المجتمع المدني/ الأهلي في البلدان العربية والإسلامية،و«المؤسسية» هي واحدة من الطرق المؤدية إلى الوحدة؛ شأنها شأن العملية التربوية والتعليمية وشأن وسائل الإعلام وأدوات التثقيف العام التي تأخذ هذا الهدف بحسابها، وشأنالتشريعات القانونية التي تتخذ من المقاصد العامة للشريعة مرجعية عليا لها.

قائمة المراجع

1ـ إبراهيم البيومي غانم: الأوقاف والسياسة في مصر (القاهرة: دارالشروق، 1988).

2- تجربة جمعية العون المباشر في رعاية الأيتام بأفريقيا جنوب الصحراء - مجلة المظلة (القاهرة ) - الشبكة العربية للمنظمات الأهلية - يوليو / أغسطس 2003.

3-(محرر): نظام الوقف والمجتمع المدني في الوطن العربي (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2003).

4- أحمد شكر الصبيحي: مستقبل المجتمع المدني في الوطن العربي (بيروت: مركزدراسات الوحدة العربية، 2000).

5- أماني قنديل (محرر): الإسهام الاقتصادي والاجتماعي للمنظمات الأهلية في الدول العربية: دراسات حالة الأردن - لبنان - مصر - تونس (القاهرة:الشبكة العربية للمنظمات الأهلية، ب. ت).

6- تنمية الموارد البشرية والقدرات التنظيمية للمنظمات الأهلية العربية (القاهرة: لجنة المتابعةلمؤتمر المنظمات الأهلية العربية، 1997).

7- المجتمع المدني العالمي (القاهرة: مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية - الأهرام - 2003).

8- بدر المطيري وإبراهيم البيوميغانم: تطور أوضاع المنظمات الأهلية في دولة الكويت، في التقرير السنوي الثاني للشبكة العربية للمنظمات الأهلية (القاهرة، 2003).

9- المنظمات الأهلية وجمعيات النفعالعام في دولة الكويت، في التقرير السنوي الأول للشبكة العربية للمنظمات الأهلية (القاهرة: 2002).

10- برهان غليون: نشأة مفهوم المجتمع المدني وتطوره من المفهوم المجردإلى المنظومة الاجتماعية والدولية (محاضرة ألقيت في ندوة: المجتمع المدني والديمقراطية - جامعة قطر 14-17 مايو 2001).

11- بيريت م. ليكي (وآخرون): إدارة الجمعيات الخيرية غيرالهادفة للربح: دليل الجمعيات في ظل الظروف المتغيرة، ترجمة علا عبد المنعم عبد القوي (القاهرة: الدار الدولية للنشر والتوزيع، 2000).

12- سعد الدين إبراهيم: المجتمعوالدولة في الوطن العربي (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، ط 2، 1996).

13- سعيد بنسعيد العلوي وآخرون: المجتمع المدني في الوطن العربي وأزمة الديمقراطية (بيروت: مركزدراسات الوحدة العربية، ط 2،2001)ز

14- سلوي حسني العامري: تدريب المنظمات الأهلية العربية في مطلع ألفية جديدة (القاهرة: الشبكة العربية للمنظمات الأهلية، ب . ت).

15-شهيدة الباز: المنظمات الأهلية العربية على مشارف القرن الحادي والعشرين: محددات الواقع وآفاق المستقبل (القاهرة: لجنة المتابعة لمؤتمر المنظمات الأهلية العربية، ب. ت).

16- طارق البشري: منهج النظر في أسس البناء الديمقراطي والتعددية ومؤسسات المجتمع المدني، دراسة منشورة على موقع Islamonline.net زاوية «الإسلاموقضايا العصر».

17- عبد الرحمن حمود السميط: تداعيات أحداث سبتمبر على العمل الخيري الإسلامي ومؤسساته (ورقة قدمت في ندوة: مستقبل المشرق العربي في ضوء أحداث 11 أيلولوما تلاها - المركز العربي للدراسات والأبحاث - قطر - 20 - 22/1/2003).

18- عزمي بشارة: المجتمع المدني: دراسة نقدية مع إشارة خاصة للمجتمع المدني العربي (بيروت: مركز دراساتالوحدة العربية، ط 2، 2000).

19- محمد السيد سعيد: المجتمع المدني العالمي، منشور على موقع Islamonline.net.

20- محمود عودة (وآخرون): واقع ومستقبل المنظمات الأهلية العربية:دراسة لأربعة أقطار عربية (القاهرة: دار المستقبل العربي، 2000).

21- محمود عودة (مشرف): مستخلصات البحوث والدراسات المقدمة إلى المؤتمر التأسيسي العام للشبكة العربيةللمنظمات الأهلية - بيروت 23-25 أبريل 2002 (القاهرة: الشبكة العربية للمنظمات الأهلية، ب. ت).

lejandro Colas: International Civil Society (London: -22

Polity Cambridge, 2002).

Norman Lee (Editor): Soruces ofCharity -23Finance (Tonbridge; Charities Aid Fondation, 1989)

John Kenne: Global Civil Society (Cambridge -24 University Press, 2003)

/ 1