تقسيم الخبر من حيث عدد رواته
يقسم جمهور علماء أصولالفقه الخبر من حيث عدد رواته إلى قسمين:
القسم الأول: المتواتر: وهو الخبر الذي رواه جمع كثير يستحيل تواطؤهم على الكذب عن جمع مثلهم إلى نهاية السند، وكانمستندهم الحس، أي أن يكون الخبر نقلا لأمر يدرك بأحدى الحواس، وليس أمرا عقليا. فكون الواحد نصف الاثنين يقول به كل الخلق، وليس هو من المتواتر لأنه أمر عقلي. ونبع الماءمن بين أصابعه الشريفة صلى الله عليه وآله أمر مشاهد بالحس، وقد نقله جمع كبير يستحيل تواطؤهم على الكذب عن جمع مثلهم إلى الطبقة الذين شاهدوا المعجزة، وهم كثير كذلك رضيالله عنهم، فهو إذن خبر متواتر. القسم الثاني: خبر الواحد أو الآحاد: وهو كل مالم يبلغ درجة التواتر، بأن كان له سند واحد فقط، أو إسنادان، أو أكثر لكنه لم يبلغرتبة التواتر.
وقد وافق الحنفية على هذا التقسيم وعلى أحكام كل قسم في اصطلاحهم، وأضافوا قسما آخر ثالثا هو «المشهور».
والمشهور عند الأصوليين الأحناف:هو الخبر الذي كان آحاديا في الأصل، ثم تواتر في القرن الثاني والثالث مع قبول الأُمة له، كما في مُسلَّم الثبوت، قال في شرحه فواتح الرحموت: (وإن لم يكن كذلك فهو خبرالواحد)(1).
وقد تسرع بعض العصريين ـ الذي أومأ إليه بحثنا ـ فانتقد هذا التقسيم عند الحنفية، دون أن يكلف نفسه البحث عن وجهة لهم أو عذر. وحسبنا لو نظرنا إلى علاقةالأقسام أن نلحظ أن الحنفية منطقيون في جعل القسمة ثلاثية، لأن القسم
1 ـ عبد العلي الأنصاري، فواتح الرحموت شرح مسلّمالثبوت 2/111.