منهاج عملی للتقریب نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

منهاج عملی للتقریب - نسخه متنی

محمد صالح الحائری المازندرانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ماذان به الأولون السابقون المقربون فيالعقليات و الفطريات، و لا يجوز الاكتفاء بأحد الطريقين عن الآخر، حتى أن المتقدمين كانوا يكتبون عن كل محدث بل كانوا يرحلون الى شقة نازحة لطلب حديث واحد كيلا يشذ عنهمشيء من علم الرسول صلوات الله و سلامه عليه، فاذا فعلوا ذلك وسلكوا السبيلين و تلقوا علم الله تعالى من كلتي يديه المبسوطتين زالت الوحشة عما بين المعشرين، و حصل التقريبو التعارف بين القبيلتين أصولا و فروعا، كل ذلك من غير أن يتشبع سني أو يتسنن شيعي.

طريق التصالح بين السنة و الشيعة في الامامة و الخلافة:

فان ملاك التسننالخالص عن الزوائد التعصبية انما هو صحة الخلافة الملية لا انكار الامامة السماوية المنصوصة، و لا الاعراض عن علوم أهل بيت الرسالة و رواياتهم و فتاواهم، كما أن ملاكالتشيع الكامل اعتقاد الامامة المنصوصة لعلي و الائمة الأحد عشر من ولده و افتراض طاعتهم في العلوم الدينية لا ابطال خلافة من قام بمصالح الأمة مع العدل و الزهد والأمانة على بيت المال لامكان رضا الامام المنصوص بها، و لو لصلاح الوقت و خشية الفتنة، و قد كان الأمر في الصدر الأول على هذا المنوال، فلم يكونوا يشترطون في صحة الخلافةالجمهورية انكار الامامة المنصوصة الخاصة الالهية لأهلها، و لا في الامامة بهذا المعنى المتقوم بالنص والعصمة والمعجز انكار صحة الخلافة للقائم بها دون الامام برضاالأمة أو برضا الامام، سيما اذا عهد النبي صلوات الله عليه و سلامه عليه أن لا يقوم الامام المنصوص بها، و لا ينهض لها حتى يبايعوه و يأتوه طائعين، فان مبحث الامامة ومبحثالخلافة مبحثان مستقلان لا يجب التناكر و التكاذب بينهما، وانما القى البأس و الخلاف بينهما بعد ذلك، فما روعى طريق التسالم بينهما فكانت عاقبته أمر المفرقين بينهما فيالأمة خسرا.

لكن مع ذلك ظهر في كل عصر جماعة من السنة و الشيعة حفظوا السلم و الوحدة بين المنصبين من غير أن يكذب أحدهما الآخر لعدم الاصكاك والاحتكاك بينهما

/صفحه 409/

ذاتاً الا بالعرض و الغرض، والا فجواز الجمع بينهما في شخصيت و عدم امتناعه بديهي كما أن وجوبه مع رضا الامام و تسليمه الخلافة لغيره ظاهر سيما في مثل هذاالعصر الذي يحرم فيه القاء الخصومة بين المنزلتين، و نقض الوحدة بين أمة لا امامهم حاضر و لا أحد الخلفاء من الصحابة حي.

هذا مجمل الفكرة في بيان الأمر الثالث المعززللأمرين الذي هو النمرقة الوسطى، و سواء الكلمة العملية الأخرى بعد سواء الكلمة العلمية الأولى، و تمام هذا الأمر و كماله و ضياؤه ومصباحه نصيب كرسي لتدريس فقه أهل البيتفي مصر، و آخر لتدريس عقائدهم الكلامية، فانهما مرآتان تامتان مطابقتان لعقائد الخلفاء الراشدين و الصحابة المنتجبين و فقههم و سيرتهم و هداهم و بيناتهم و عدلهم و زهدهمو أمانتهم و عباداتهم و مراوحتهم بين جباههمه و ركبهم و رسوخهم في العلم و غوصهم في أنوار الرسالة فمن أراد أن ينظر اليهم فلينظر في هاتين المرآتين، و ليوقد هذينالمصباحين، و ليقم هذين العمودين، و ليشيد أركانهما بعلوم سائر الأعلام الأفذاذ المخلصين من أئمة المذاهب الاربعة و خلص أتباعهم.

فيأيها المسلمون لئن كفاكم مجملالقول المذكور فنعما هي، و ان شئتم بعض البسط فأعيروني أسماعكم، أشرح لكم أولا الأمرين اللذين بنى العلامة الأكبر شيخ الاسلام عليهما الوحدة الاسلامية و هدف التقريب، وثانياً أبسط لكم الأمر الثالث الذي عززتهما به، و نرى احتياج ظهور التقريب الحقيقي العملي، و توحيد الثقافة، و وحدة سنخ الفكر اليه.

أما الأمران، فأولهما: أن المسلماذا عرف ـ كما عرفت المسلمون الأولون ـ أنه لا اعتزاز له الا بدين الاسلام الذي هو كلمة سواء بين المسلمين لا تختلف و لا تتخلف عن أي قوم منهم و أي مذهب، و علم أنه لن يصلحفي آخرته و أولاه الا به رسخ في نفسه حب دينه، و حب كل مسلم بما أنه أسلم لدينه شيعياً كان أو سنياً لاشتراك الجميع في الأساس الأصلي، و عدم تأثير تنوع الأفكار العلمية فيضعفه فضلا عنه في هدمه، و على هذا فلا يجتمع بغضهم و معاداتهم، و ترك الاعتزاز بهم و بما عندهم

/ صفحه 410/

من العلم مع حب الاسلام و الاعتزاز به، كيف و المطلوب منالمسلم يؤثر حب الله و رسوله، و الجهاد في سبيله على كل محبوب من متاع الحياة الدنيا! و لا أقل من أن يوطن نفسه عليه و يروضها، و يمرنها به.

الثاني: التعاون و التعارف فيكل شأن، و في العلوم و الآثار، مع نسيان كل حقد وضغينة، و مع ترك الجدال و سوء القول، فلا يكترث المسلم و لا يبالى باختلاف المشرب، و يتلقاه كأن لم يكن، أو يفرضه كأنه لميزل مشربا لنفسه، و بعد ذلك كاختلاف الناس في المطاعم و المشارب و اللغات و نحوها، فقد خلقوا أطواراً و كل ميسر لما خلق له، و كل يعمل على شاكلته، و قد ورد: لو علم الناس كيفخلقوا لم يلم أحد أحداً، و ليس في ذلك ضرر و لا ضرار بين أمة واحدة، فقد جمعهم دين واحد، ثم فرقتهم الدنيا لا الدين، فذاقوا وبال أمرهم، و فقدوا بالتفرق كل مجد و سلطان، و كلحرية، و كل قوة، و كل صحة، و كل أمان. و اليوم يوم أن يجمعهم الدين كأول يوم، فقد رفرف عليهم النصر و هو يهتف فيهم بموافاة وقت الاتحاد و الائتلاف اليهم، وفاحت في أقطارهمنفحة الظفر التي بشرهم بها نبيهم صلوات الله و سلامه عليه بقوله: ان لله في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها، فاذا تعاونوا و ائتلفوا متحابين في كل ما يصلحهم و يعيد مجدهم، وفي علومهم و ثقافاتهم و آثارهم زالت الوحشة عما بينهم، و ارتفع توهم الاختصاص و الاستقلال المثير للبغضاء و الضعف و التخاذل و الجهر بالسوء والتنابز و الاستهزاء والتجهيل، فضلا عن التكفير و التضليل و كي كل جبهة موحدة لله تعالى بالشرك.

و هذا الوجه أخص من الأول لابتنائه على التعارف بين جميع الشعوب و القبائل في جميع العلومالاسلامية التي فيها علوم الصحابة و علوم أهل بيت الرسالة و سادات التابعين، ثم شأنهم و الاختيار من غير أن يتسنن شيعي أو يتشيع سني، فان الاحاطة بالعلوم و الثقافات منأشرف الغايات، و فيها ثقيف للأفكار، و تشحيذ للأذهان، و تسهيل لمعرفة الحق لمن أحب، فلا ينبغي أن تغتر قبيلة بعلمها، ففوق كل ذي علم عليم، و عند كل قبيلة مسلمة علم تراهمصيبا لصريح الحق، و ربما يحصل

/ صفحه 411/

بذلك التوفيق بين كل شعبين، فانظروا أيها المسلمون الى الامام مالك المدني، كيف راعى علوم كل قوم من الأمة وصوب الرجوعاليها، و لم يحصر الامة في دائرة علمه.

ألم تسمعوا أن الرشيدين هرون، و المأمون، كل في عهده طلب منه أن يأذن في تعليق كتابه الموطأ بالكعبة، و أن يحمل الناس جميعاً علىما فيه فأبى و قال: ان عند كل قوم علما، و كل عند نفسه مصيب، و استشاره هرون أيضاً في تغيير منبر النبي صلوات الله عليه بمنبر مرصع بالدر و الجوهر فأبى ابقاء على أثر الرسولصلى الله عليه و آله و سلم، و ايم الله ان علوم أهل بيت الرسالة وعلوم سائر الصحابة من أعظم آثار الرسول التي يجب ابقاؤها و حفظها، فان كلا منها منبر عام عليه امام ناصح، وزناد قادح، و نجم لائح، فلا يجوز أن يعرض عنها المسلمون، و يأخذوا بعضا و يتركوا بعضاً، و كلها مما آتاهم الرسول (( و ما آتاكم الرسول فخذوه، و ما نهاكم عنه فانتهوا)).

وهذان الوجهان ما لم ينضم اليهما الأمر الثالث المبنى على اعادة المسلمين الى هدى السلف في العقائد و الفقه بالطرق الهادية اليها من طرق الصحابة و طرق أهل البيت، و علىتدريس الفقه الجعفري و سائر العلوم آل محمد العترة الطاهرة في ممالك السنة فقهاً و أصولا و كلاما و تفسيرا، لم تكن للتقريب و الوحدة المطلوبة صورة عملية تزيل الوحشة والنفور و تؤنس الأبصار و الأسماع بأحكام كل قوم و أعمالهم و نسكهم و منهاجهم و ربما تجمعهم على شاكلة واحدة وثقافة متحدة ينتابها و يرتادها السني في تسننه و الشيعي فيتشيعه، و قد كان في مدرس الامام جعفر بن محمد، من أئمة السنة جم غفير يروون عنه و يتتلمذون عليه و يعملون بفتاواه، و هم على تسننهم الى أن قضوا نحبهم غفر الله لهم و لناجميعاً، و لولا اجراء هذا الامر الثالث كان الأمران المذكوران أشبه بالتعليم الأخلاقي و النصح العام منهما بدستور عملي مقدس يعمل به لو تدريجاً في الملأ و المجامع من غيرخوف و تقية و هزء و أذية، و يقرأ و يدرس في المدارس بلا اضمار غل، و لا سوء طوية، و قد كان قدماء الشيعة

/ صفحه 412/

و متأخروهم الى عهد الشهيدين يدرسون المذاهبالخمسة لطلاب القبيلين، و كتبهم مشحونة بأقوالها و أدلتها و رواياتها، لكن كان ذلك من جانب واحد، و أما من الجانب الآخر فلا، حتى انتهى ذلك الى القنوط، فجردوا من القرنالعاشر كتبهم من غير طرقهم و طريقتهم، و مع ذلك لم يتركوا العلم و المطالعة و الحفظ لعلوم الجمهور، بل و تدريسها لأهل السنة، كما كان السيد مهدي بحر العلوم يدرس المذاهبالأربعة في الحجاز، اذ مكث هناك سنة و أكثر، وكذا غيره، حتى قالوا: لو كان الأمر كما تقوله الشيعة في شأن المهدي المنتظر فهو هذا المهدي.

و بالجملة فلابد في هذا العصرمن اجراء هذا الأمر الثالث كي لا يطيش سهم التقريب عن اصابة الهدف المطلوب، سيما بين عوام القبيلين الذين جبلوا على ما يخصهم من مسائل الكلام و الأحكام و الشعائروالمراسم، فان هذه الخصائص هي التي أوهمت بعض الأعلام استحالة التقريب غفلة عن وقوعه ـ فيما مضى ـ بين كثير من علماء السنة و الشيعة الذين لم يملك قواهم تفريقات الأهواء،و لم يطوق رقابهم أغلال التعصبات و الآراء، من غير أن ينقلب السني منهم شيعياً، و الشيعي سنيا، و كيف يوصم التقريب بوصمة الامتناع، و لا أقل من تأثيره في تقليل الخلاف واختيار التي هي أهذى و أقوم، أو في الرضا باستماع القولين والتسالم والتصافى على نشر العلمين و احترام الثقافتين في التعاليم العامة و المؤتمرات الخاصة، أو في خرقالأوهام و الخرافات و المفتريات و شواذ الآراء.

و أوهمت أعلاما آخرين، أن هدف التقريب رفع العداء فقط، و ابقاء الخلافات على ما كانت، بزعم أن الخلاف طبيعي، فلا يزالونمختالفين، و لذلك خلقهم الله كما في الآية الكريمة غفلة عن أن ذلك انما هو بين الأمم لا بين أمة واحدة، على أن الآية تذم المختلفين ابتداءاً و استمرارا، و لذا استثنى اللهمنهم من رحمه و هم الذين لا يختلفون و لو رغماً على جبلتهم الكارهة لما أنزل الله، و طباعهم المتأبية عن قبول الحق، كالذين أسلموا من اليهود و النصارى و المجوس و غيرهمفالآية تذم الاختلاف على أي حال، سواء كان بين الأمم ببقائهم على الدين المنسوخ،

/ صفحه 413/

أو بين أمة واحدة باحداث الأباطيل المفرقة لها شيعاً، و الممزقةلوحدتها و قوله سبحانه: و لذلك خلقهم، اشارة الى ما سبق له عز اسمه من العلم فيهم بسوء اختيارهم مع تمام الحجة عليهم و ليس معناه أن الله خلقهم ليختلفوا، فان لام الغايةتارة تكون لتعليل فعل الخالق بفعل آخر من أفعاله كقوله سبحانه: ((و أنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا لنخرج به حباً و نباتا)) ((هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم منالظلمات الى النور)) و مثله كثير، و أخرى لتعليل فعله بفعل المخلوق، كقوله: ((و ما خلقت الجن و الانس الا ليعبدون)) ((لتسلكوا منها سبلا فجاجا)) ((انا ارسلناك شاهدا و مبشراً ونذيرا لتؤمنوا بالله)) ((هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا ايمانا)) و مثله كثير، و من هذا القبيل تعليل فعله عز اسمه بسيئآت عباده الاختيارية لسابق علمهفيهم بأنهم لا يهتدون بسوء اختيارهم بلا جبر و لا تفويض كقوله ((انما نملي لهم ليزدادوا اثما)) و قوله ((و كذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الانس و الجن يوحى بعضهم الى بعضزخرف القول غرورا و لو شاء ربك ما فعلوه فذرهم و ما يفترون، و لتصغى اليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة و ليرضوه و ليقترفوا ما هم مقترفون))، والصغو والصغى الميل الىالباطل و الاثم، فتصغى أفئدتهم الى ايحاء زخرف القول، فيرضونه لخبث نفوسهم و اتباعهم الهوى بسوء اختيارهم، و قوله ((وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهممن بيننا أليس الله بأعلم بالشاركين)).

أحسن وجوه تصالح السنة و الشيعة و الزيدية:

و أوهمت أعلاماً آخرين أن الشيعة و السنة متقابلتان تقابل طرفي الخط فيالامامة و الخلافة، غافلين عن الفرق بين الامامة المنصوصة التي يعتقدها الامامية و الخلافة الميلة التي يعتقدها أهل السنة، و لا منافاة بينهما و لا تنازع بل همامتسالمان متصالحان من أول الأمر الى غايته الا أن يفسد المفسدون بين المتسالمين، و قد فعلوا و خسروا، و اليوم لا داعى للأمة أن يجددوا فعلها، حتى لا يبقى منهم على وجهالأرض حر و لا ماجد و ذلك لأن الامامة عند الامامية متقومة

/ صفحه 414/

بالعصمة والنص والمعجز، وهذه المنزلة السماوية لم يدعها أحد من الخلفاء الراشدين ولاادعاها لهم أحد من أتباعهم، و لم يقع بحث منهم في ذلك، و لا انكار لها، و لا احتاجوا في أمرهم ابتداء و استدامة الى انكارها، و لا هي منزلة تستحيل عقلا حتى تنكر لأجلاستحالتها و حتى يجب التأويل في أدلتها، و لا التسالم بين المنزلتين، و التراضى عليهما أمرغير معقول و لا معهود في بيوت الأنبياء و المرسلين حتى يجادل فيهما و يخاصمعليهما و يثبت أحدهما و ينفى الآخر كالضدين اللذين لا يمكن اجتماعهما، و ليس من شرط الامامة عند الامامية تلبس الامام المنصوص المعصوم فعلا بالخلافة، نعم يجب عندالامامية أن يكون صالحاً و أهلا لها، بل لا خلاف في ذلك عند الكل، ثم استحقاقه لها و أولويته بها، فهو عند الامامية بل و عند جميع العقلاء معنى لا يجب فيه عقلا و عادة وشرعا أن يكون قيام غيره بها ـ مع العدل و الزهد و الأمانة و حسن التدبير سيما مع طاعة الأمة له ـ غصبا و عدوانا لامكان رضا الامام فيها بغيره و لو لعدم اجتماع الأسباب له، وخشية الفتنة في قيامه و المفروض وقوع جميع ذلك و لو في ظاهر الحال.

و خلافة الخلفاء الرشادين انما هي منزلة مقدسة أخرى غير الامامة الخاصة و رياسة عامة ملية مع الصفاتالمزبورة التي لم يختلف فيها اثنان و لو في الجملة، ولم ينكرها و لا أبطلها الامام المنصوص المعصوم طيلة خمسة و عشرين عاما حتى أتته الخلافة منقادة اليه تجرر أذيالهافجاءته الأمة طائعين من غير طلب، و هو مع ذلك كاره لها، راض بأن يولوا عليهم غيره، فظهر أن معنى الامامة المصطلحة عند الامامية غير مضاد و لا معارض لمعنى الخلافة، فأيحاجة في تثبيت الخلاقة الى انكار منزلة الامامة التي نودى بها على رؤوس الاشهاد، و أي جناية اجتماعية أعظم من أن يكون الأمر بين الامام المنصوص و الخليفة العادل المرضىعلى التراض و التسالم و المصلحة و الناس مع هذا يجادلون فيهما، و يفرقون الملة باسمها على خلاف رضا الامام و الخليفة، و الذين تولوا كبر هذه الجناية الكبرى هم الألىأنكروا الامامة و النص، و عادوا القائلين بها حتى اضطروهم الى وصف

/ صفحه 415/

الخلافة بما لا ينبغي، و قد أجمع أهل البيت و المخلصون من أتباعهم على ابطال كلاالقولين: انكار الامامة المنصوصة و الطعن في الخلافة و وصفها بما لا ينبغي.

و لئن وقع في هذه القضية يومئذ شيء من تبادل الآراء و الأقوال و المعاتبات ففي غير أساسهاتين المنزلتين كما لا يخفي على من أنعم النظر في تاريخ الاسلام و أخذ بالقول الفصل، و سكت عن فضول الهزل.

و قد ألم بالاشارة الى هذه المسالمة فضيلة الاستاذ العالمةعالم الشيعة الامامية بالقاهرة الشيخ محمد تقي القمي، أمين السر العام المؤبد لدار التقريب في جولته المباركة بين الآراء حول التقريب حيث قال: بيد أنهم ـ أي السلف الصالحو الزعماء بعد الرسول صلى الله عليه و آله و سلم ـ حصروا الخلاف في دائرته المعقولة، و لم يجعلوا له أثراً يضر بالوحدة الاسلامية ولا أعطوا به فرصة لأعداء الاسلام، كانخلافا في الرأي لا تشاجراً، اتهى.

أقول بل اني لا أرضى أن يسمى ذلك خلافا، فضلا عن المشاجرة اذ لم يكن يومئذ انكار لمنزلة الامام ولا للنص عليه و لا لأهليته للخلافة،ولا لشيء من ملكاته الفاضلة، ولا لشيء من سوابقه و لا لعدل الصديق و زهده و صلاحيته للزعامة، و انما كان عتابا على المبادرة اليها قبل الحضور و المشورة بل اعترف الامام أنالمسبب للبدار اليها سعد بن عبادة في الانصار الخزرجيين والأوسيين و كان في العباب أيضاً تذكرة لنصوص المنزلة لئلا تنسى أو تمحى بعد ذلك، و هذا لا يسمى خلافا في الرأي، اذلم تكن المقاولات يومئذ نظير مقاولات الكيسانية و الجارودية و الفطحية وأشباهها مع الامامية الاثنى عشرية مثلا، حتى تكون بحثاً في الامامة بمعناها الخاص أو في صحةالخلافة بمعناها العام، فان الامامية لم يشترطوا في الامام المنصوص المعصوم وجوب قيامه بخلافة الملك وان كان هو عندهم أولى بها لتوقفها على أسباب ظاهرية، وأبى الله أنيجرى الامور الا بأسبابها، و لا يجمعها كملاً الا لمهدي الامة المنتظر، ولا ينفع التأسف للامام علي عدم اجتماع الأسباب له فضلا عن المخاصمة عليه، و لو كان ذلك خلافاأساسياً لأقيم في جزيرة العرب على ذلك نظير الحروب الصليبية و النهب و الغارة

/ صفحه 416/

و القتل الذريع، و لم يقع شيء من ذلك بحسن تدبير علي (عليه السلام)

، والخلفاء رضي الله عنهم.

و أما الاحتجاجات حول الامامة و الخلافة، فانما كانت لحفظ منزلة روحانية الرسالة في العترة الصفوة كي لا يكون أول سلسلتها مشوباً بالرغبة فيالملك و الحكومة فيرتاب المبطلون بعد ذلك في تلك المنزلة السماوية، فيتوهموا أن ذلك سياسة ملكية لا منزلة دينية سماوية مستحفظة على علوم الكتاب والسنة و علوم الانبياء وعلى قوة المبارزة لجميع علماء الملل و اجابة اقتراحاتهم المعجزة، و دفع كل متنب أو مشعبذ أو ساحر أو مغالط، و على حفظ صحف الأنبياء، و حل كل مشكلة دينية و غير ذلك، و اينهذا من المعارضة لخلافة القوامين بالقسط المحافظين على الوحدة الاسلامية و اعلاء كلمة الاسلام، فالامام المنصوص لا يجب قيامه بالخلافة في شئون الملك، فانها أمار آخر لايشترط في الامامة الخاصة المذكورة، فربما يستنيب غيره لها، و ربما لا يجوز له القيام بها لعدم الأسباب و خشية الفتن أو لسبق العهد بتركه حتى يأتوه طائعين، و بمباشرةتجهيز النبي صلوات الله و سلامه عليه و بجمع القرآ، قبل كل عمل، أو لحصول الغرض الأصلي بقيام من يوثق بعدله بها فيسلم له الأمر و الامرة من غير نقص في منزلته الالهية، فانخلافة الملك قد تتخلف عن الرسول المبعوث على كافة الناس مع استحقاقه و صلوحه لها.

ألا ترى أن محمداً صلى الله عليه و آله لم يكن ملكاً مطاعاً في مشارق الأرض و مغاربها،حتى كان يصالح بعض الأمم و يترك آخرين الى حين، و قد نزل: ((و ما أكثر الناس و لو حرصت بمؤمنين)) و انما قدر الله سبحانه الفتوحات بعده، بل المسلمون مجمعون على أن رسالته علىكافة الخلق كانت من يوم بعث لا من يوم قوى أمره و استفحل شأنه، فلو لم يتفق له ما قدره الله سبحانه له من القوة و النصرة فقتل أو مات قبل الهجرة أو بعد الدعوة العامة بمكة، ولم ينزل من القرآن عليه الا المكيات، لم تنقص منزلته من الرسالة العامة بحيث ينتظر بها أن تكمل بعد ذلك بالفتح، و كثرة أهل الدين، فكذا الامام لا ينقص شيء من منزلته

/صفحه 417/

أن لم تستخلفه الأمة رأساً أو أخروا البيعة له، كما أن الخلافة لا يجب أن تكون ممنوعة سيما اذا سلم الامام الأمر لغيهر و اقتدى به و أخلص الود و النصيحة لهسراً و جهاراً.

فلينظر المسلمون الى رضا علي
(عليه السلام)

و سلمه حتى بعد مقتل الفاروق رضي الله عنه، فقد روى سلام بن أبي مطيع عن أيوب السنختباني عن جعفر ابن محمدعن أبيه قال: لما طعن عمر رضي الله عنه بعث الى حلقة من أهل بدر كانوا يجلسون بين القبر و المنبر، فقال: يقول لكم عمر أنشدكم الله أكان ذلك عن رضا منكم؟ فتلكأ القوم، فقامعلي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال لا، و ودنا أنا زدنا في عمره من أعمارنا، انتهى.

فانظر الى سيرة الامام و سيرة الائمة من ولده كيف يعلمون الناس السلم و أدب التقريببين الامامة و الخلافة و ينشرون ذلك بين الأمة.

ثم انظروا أيها المسلمون الى كلام الامام علي بن الحسين

(عليه السلام)

لنفر من متشيعة العراق كيف يثنى على الخلفاءبما يدل على الرضا بخلافتهم مع كونه الامام المعصوم المنصوص عند الامامية، وأول التسعة المعصومين من ولد الحسين

(عليه السلام)

، لعدم التنافى بينها و بين امامته، فقدروى أبو نعيم الحافظ بسنده عن محمد ابن حاطب عن علي بن الحسين قال: أتاني نفر من أهل العراق فقالوا في أبي بكر و عمر و عثمان رضي الله عنهم، فلما فرغوا قال لهم علي بنالحسين: ألا تخبروني، أنتم المهاجرون الأولون الذين أخرجوا من ديارهم و أموالهم يبتغون فضلا من الله و رضوانا، و ينصرون الله و رسوله أولئك هم الصادقون؟ قالوا: لا، قال:فأنتم الذين تبوموا الدار و الايمان من قبلهم يحبون من هاجر اليهم، و لا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا و يؤثرون على أنفسهم و لو كان بهم خصاصة، و من يوق شح نفسه فأولئك همالمفلحون؟ قالوا: لا، قال: أما أنتم فقد تبرأتم أن تكونوا من أحد هذين الفريقين، ثم قال: أشهد أنكم لستم من الذين. قال الله عزوجل فيهم: ((و الذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنااغفر لنا و لاخواننا الذين

/ صفحه 418/

سبقونا بالايمان، و لا تجعل في قلوبنا غلا للين آمنوا ربنا انك رؤوف رحيم)) اخرجوا، فعل الله بكم. انتهى.

فليتعلم معشرالشيعة و اخوانهم السنة طرز الجمع و التوفيق بين المنزلتين، فهل ترى الامام السجاد ينتقص بهذه الشهادات منزلة نفسه من الامامة، أم هل يمكن أن ينظر الى خلافتهم التي كانعمدة نظر أولئك النفر العراقيين القدح فيها مع هذه الحجج الا بنظر الصحة و الرضا، فما بالنا نتعارك في ذلك، هذا بانكار النص، و ذاك بانكار صحة الخلافة، اذا لم يتوقف صحةالامام على بطلان الخلافة، أو صحة الخلافة على بطلان الامامة و أمكن الاقرار بصحتهما و الاعتزاز بهما معا لكلا المعشرين، لأن الشيعة يمكنهم القول بصحة الخلافة بما أشرنااليه من الاقتداء و التسليم، و من الوفاء بعهد الرسول صلوات الله و سلامه عليه اليه بالصبر و الامساك و الاكتفاء بمنزلة الامامة و المحافظة على ما يعجز عنه غيره من اقامةالحجج و المعجزات على حقانية الرسالة الختمية و دين الاسلام على الملل و تنجديز عدات النبي صلوات الله و سلامه عليه، و غير ذلك مما لا يجرى الا على يد نبي أو وصي نبي مضافاالى حفظ اتصال سلسلة الأوصياء في الصفوة من آل محمد صلى الله عليه و آله و سلم من لدن شيث الى المهدي الموعود.

كما أن أهل السنة يمكنهم القول بالامامة المنصوصة لعلي والائمة من ولده، و بأن الصحابة لم يخالفوا النص، و انما جوزوا تأخير العمل بالنص لصلاح الوقت و مراعاة ضعف أحوال الناس، و لم يبطلوه و لا كذبوه، و لا تركوا العمل به رأسافتلفوا باجتهادهم النص واجباً مؤقتاً بوقته المأمون عن الفتنة و نفوذ أعداء الاسلام في أمر الامة في أول المصيبة العظمى، و قبل اتساع دائرة الفتح و النصر في البلاد، وعلو كلمة الله في المشارق و المغارب، و لم يتلقوا النص واجبا مطلقا منجزا مقارنا لوفاة الرسول صلوات الله و سلامه عليه، كيف و قد أخبر علياً بما سيكون بعده، و أوصاه بتركالقيام و الخلاف حتى تجتمع عليه الأمة بطباعهم، و أنهم سيجمعون عليه و سينصره بالعراق

/ صفحه 419/

مائة ألف سيف، و بهذا القول ترضى الشيعة و لا يكون على اخوانهمالسنة فيه ضرر، و لا في تركه و الجدال فيه أقل فائدة، كما أن القول بصحة الخلافة من الشيعة و عدم كونهما عدوانا ترضى أهل السنة، و لا يكون على اخوانهم الشيعة ضرر و لو مثقالذرة، فقد علموا أن الائمة
(عليهم السلام)

نهوهم عن انتقاص الخلفاء رضي الله عنهم، و أمروا بوجوب تعظيم شأنهم و مؤازرتهم على اعزار الاسلام و توحيد الكلمة.

و أمااختلاف الرأي في ابتداء الامر في تعيين الأمير و الخليفة، أو في وحدته و تعدده، أو أنه في أي قبيلة، فلم يكن خلافا منهم في الامامة و لا تكذيباً لها، و لم يخطر ببالهميومئذ أن تعيين القائم بالأمر مضادة لأقوال الرسول صلى الله عليه و آله و سلم و مشاقة لله سبحانه و له.

و حسبك في ذلك أن علياً لما واجه الصديق يوم البيعة العامة فيالمسجد بعد بيعة السقيفة، و قال له: أفسدت علينا أمورنا و لم تشاورنا و لم ترع لنا حقاً، قال: بلى، و لكن خشيت الفتنة، فانظر كيف صدق الصديق رضي الله عنه أمورهم، و اعترفبحقهم، و علل البيعة بخوف الفتنة، ثم انظر أن علياً

(عليه السلام)

كيف لم يبطل قيامه بالأمر من أصله، و انما عاتبه على ترك المشاورة، و لولا التسالم على المنزلتين لميستقم هذا الأسلوب من كلامهما، و كذا كلام الصديق على باب المسجد قبل واقعة السقيفة، قائلا: من كان يعبد محمد فإن محمد قد مات، ومن كان يعبد رب محمد فإنه حي لا يموت، ولا بدمن أحد يقوم بهذا الأمر، فهاتوا آراءكم أو كما قال، يدل على أن هذا الاعلام كان عادياً عقلياً، لم يتوهم أحد منه خلافا على نص النبي و منزلة الوصي، و كان في الناس من حملةتلك النصوص و المحتجين بها، و من حواريى على و من بني هاشم كثير، و لولا أن ادارة أمر الامة سياسة صحيحة لا تخالف منزلة الامامة ولا تنقص من شأن أهل البيت قيد شعرة لماجالناس في تلك الساعة في الجدال، و لذلك أمر علي

(عليه السلام)

الكارهين من بني هاشم و خواص أصحابه و حوارييه العارفين بمنزلته السماوية بالبيعة و الطاعة

/ صفحه420/

لهم، و تولى الأعمال عنهم، فأين الخلاف بين الامامة و الخلافة مع حفظ ودهما لولا ويادة المفرقين على الخلافة ما ليس منها، و نقصهم من الامامة ما هو منها، و اقامةالحرب بين يميني الله و رسوله المتصافحتين و قوتيهما المتراوحتين، فالخليفة أمين خزائن الارض، و الامام أمين خزانة علوم الله و رسوله

(صلى الله عليه و آله وسلّم)

التصالح بين الامامية و الزيدية:

وقد كادت هذه الخلافة الملية التي لا تزاحم الامامة و لا تكذب النص، تشبه الامامة التي أسسها الزيدية، المنبية على الخروجبالسيف لاقامة العدل و ادارة الملك و اصلاح المجتمع و نحو ذلك، و يكفى في هذا النحو من الامامة ما قررناه في تصحيح الخلافة من كونها أمراً سائغاً عقلا مباحا غير محظور و لاممنوع من نبي أو وصي نبي، أو نائبه الخاص، اذ لا مانع من القيام برياسة عامة عادلة لاعلاء كلمة الله، لئلا تكون للأعداء و المتآمرين فرصة يبادرون فيها الى تملك معاقلهم، واستعمال بلادهم، و يطمعون في تفتيت أعضادهم، و تشتيت جامعتهم، و لو أن الزيدية قعدوا بعد زيد عن ذلك، لم يكن اليوم و ما قبله لهم دولة و لا سلطان، فكم من دولة اسلاميةتشكلت لهم بهذه الامامة التي أسسوها و استفادوها من قعود الائمة المنصوصين المعصومين عنها فضلا عنها بعدهم حتى انهم وفقوا لتشكيل دولة عظمى في بلاد طبرستان كدولة أبيمحمد الحسن بن علي الأطروش و أقرانه، و هو مع أنه كان شيعياً اثنى عشريا له كتاب يثبت فيه امامة الائمة الاثنى عشر بالنصوص المتواترة تولى امامة الزيدية و روح أمرهم وطريقتهم لاحقاق حق أهل البيت بأي اسم و رسم و من هذا القبيل دولة الملوك الفاطميين باسم المهدوية و الامامة في مبانيها المرمورة العجيبة، و كم لذلك من نظير يحمده العقلاءو يرضى به المسلمون، فما ظنك بخلافة الخلفاء الراشدين الذين اتعبوا من بعدهم فلم يكن و لا يكون لها كفو، و قد سلم لها الامام المنصوص، و من المعلوم أن كل مرتبة من هذهالرياسات الاسلامية العادلة المعبر عنها بالامامة أو الخلافة أو الرضا لآل محمد أو الآمر بالمعروف و النهي

/ صفحه 421/

عن المنكر، لها قيمتها و قدرها، و ليستمكذبة للامامة الخاصة المنصوص المشروطة بشروط مخصوصة، و صفات ربانية لن توجد الا فيمن نص الله عليه على لسان رسوله

(صلى الله عليه و آله وسلّم)

، و لأجل عدم التكاذب بينالامامتين أجمع علماء الامامية على جلالة زيد و علمه و عبادته و خشيته و صلاحيته للسلطان الاسلامي و على موافقته للامامة المنصوصة في حق أخية محمد الباقر و ابنه جعفرالصادق، و له أشعار صريحة في ذلك، و كان يدعو الناس الى رضا آل محمد و الأمر بالمعروف و جل الأخبار صريح في فضله و الرضا بدعوته و ما يخالفها مطروح أو مؤول عند الامامية، ومنعه عن القيام انما كان اشفاقاً عليه لا تحريماً، فهو
(عليه السلام)

و ان قصرت مدته ـ اذ خرج في الاربعاء و قتل يوم الجمعة ـ لكن قدره الرفيع طويل، و أمر الحسين بن عليصاحب فخ أيضاً كذلك، فقد أبلى بلاء حسنا و جاهد في الله حق جهاده صلوات الله عليه و على أصحابه و أنصاره و المستشهدين بين يديه، و لقد أجاد الشيخ المفيد محمد بن محمد بنالنعمان المطلع المتبحر الخبير في كتابه ((الفصول)) و هو فصول من أماليه و مجالسه جمعها تلميذه العظيم علم الهدى السيد المرتضى الموسوي، و هذا الكتاب مخطوط عندنا منه نسخةقديمة، فقد جمع بين الامامتين، و صالح بينهما على نحو ما أدت اليه فكرتنا بين الامامة و الخلافة قبل النظر اليه.

قال السيد المرتضى فيه ما نصه: ((حضر الشيخ، أيده الله،بمسجد الكوفة، فاجتمع اليه من أهلها و غيرهم أكثر من خمسمائة انسان، فانتدب رجل من الزيدية أراد الفتنة و الفساد، فقال: بأي شيء استجرت انكار امامة زيد بن علي؟ فقال لهالشيخ: قد ظننت على ظنا باطلا، و قولي في زيد لا يخالفني عليه أحد من الزيدية فلا يتصور مذهبي في ذلك بخلاف لهم، فقال الرجل: ما مذهبك في امامة زيد ابن علي؟ فقال له الشيخ:أنا أثبت من امامة زيد ما يثبته الزيدية، و أنفى من ذلك ما تقيه فأقول: ان زيداً كان اماماً في العلم و الزهد و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و أنفى عنه الامامةالموجبة لصاحبها العصمة و النص والمعجز، و هذا

/ صفحه 422/

ما لا يخالفني عليه أحد من الزيدية، فلم يتمالك جميع من حضر من الزيدية أن شكروه و دعوا له و بطلت حيلةالرجل فيما أراد من التشنيع و الفتنة)) انتهى.

أقول هذا هو ملاك التصالح القطعي بين الامامة لعلي و الائمة المنصوصين من ولده، و خلافة الخلفاء الرشادين نثبت لهم ماأثبته الشيخ لزيد من الامامة في العلم و الزهد مضافا الى بيعة المسلمين لهم، و اقتداء الامام المنصوص بهم، و ننفى عنهم الامامة الموجبة للعصمة و النص و المعجز، و هذا ممالا يخالف عليه السلف واحد من أهل السنة، و لا ادعاها الخلفاء الراشدون باجماع الأمة، فما معنى الخلاف و محاربة الامامة التي لا تحاربهم، و انكار منزلتها التي لا تنكرمنزلة الخلافة للسابقين الأولين القائمين بها، فسلوا السيوف المغمدة التي لا تقصدهمه على وجوههم بلا موجب، ثم قالوا: ما سل سيف على شيء كما سل في الاسلام على الامامة والخلافة و كان الحق أن يقال ما أعمد سيف عن الرياسة في أمة كما أغمد في صدر الاسلام بين الامام و الخليفة، حتى اذا نزلت بهم قضية و لم يكن عندهم أثر رجعوا الى العلم المذخورمن معدن النبوة عند الوصي و الامام المنصوص، فيقول له قائلهم العظيم تارة غص يا غواص و أخرى لولا على لهلكت، و ثالثة لا بقيت لمعضلة ليس لها أبو الحسن، و رابعة لو وليهم هذالحملهم على المحجة البيضاء.

و من طريف ما يدل على أن علياً

(عليه السلام)

كان مسالماً لعقد الخلافة لهم، واثقا بعدلهم في شئونها و بحصول الغرض المطلوب بهم، و عدممنافاتها لمنزلته الالهية، و لا للنص عليها، و لا لأولويته بها أن أتوه جميعاً طائعين: ما رواه غير واحد، منهم الامام الأعظم الخبير الشيخ المفيد في فصول أماليه التيجمعها علم الهدى الموسوي و هو ما نصه: ((حضر الشيخ أيده الله ((بسر من رأى)) و اجتمع اليه من العباسيين و غيرهم جماعة كثيرة، فقال له بعض مشايخ العباسيين: أخبرني من كانالامام بعد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم؟ فقال: كان الامام من دعاه العباس الى أن يمد يده لبيعته على حرب من حارب، و سلم من سالم، فقال العباسي: و من هذا الذي دعاهالعباس الى ذلك؟ فقال له الشيخ: هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

/ صفحه 423/

حيث قال له العباس في اليوم الذي قبض فيه رسول الله، عليه و آله الصلاة و السلام بمااتفق عليه النقل: ابسط يدك يابن أخي أبايعك، فيقول الناس عم رسول الله بايع ابن عمه فلا يختلف عليك اثنان، فقال شيخ من فقهاء البلد، فما كان الجواب من علي؟ فقال له كانالجواب أن قال ان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم عهد الى أن لا أدعو أحداً حتى يأتوني، و لا أجرد سيفا حتى يبايعوني، و مع هذا فلى برسول الله شغل، فقال العباسي فقد كانالعباس أيضا على خطأ في دعائه له الى البيعة؟ فقال له الشيخ: لم يخطىء العباس فيما قصد لأنه عمل على الظاهر، و كان عمل أمير المؤمنين على الباطن، فكلاهما أصاب الحق و لميخطىء، و الحمد لله. انتهى موضع الشاهد.

أقول ليت شعري اذا كان الأمر على هذا المنوال من المسامحة و المسالمة و العهد المعهود مع ما قدمنا من عدم التنازع بين الامامة والخلافة، و عدم كون الشيعة و السنة أو لا و بالذات على طرفي الخط في هذين المقامين، فأي معنى للنزاع بينهما سيما في هذا اليوم؟! أم أي مصلحة في ابقائه و تأييده بعد توجهالأذهان الى التقريب و تأسيس دار عظمى له في مركز الفضل و الأدب؟! أم أي جدوى في هذا العصر لتجديد ايقاد النار التي أوراها الغافلون أو المفرقون من قبل بين الامامة والخلافة و بين أحد الثقلين أهل بيت النبوة، و بين عظماء المهاجرين من قريش؟! و هل يجوز بعد اللتيا و التي تشمير الساعد و شد الحيزوم لحفظ و ميضها تحت الرماد كحفظالزرادشتية نارها المعبودة في حفر بيوتها، رغما على البرد و السلام الذي كان بين المنصبين و بين ذويهما في أول الأومر.

وانما حدثت الأبحاث حول الامامة و الخلافة بعدذلك تعصبا، و الا فرب الامامة و ربيها و رب الخلافة و ربانيها كانا متسالمين عليهما لم يسمع و لم ير من أحدهما هدم أساس منزلة صاحبه بمنزلة نفسه، بل اجتمعا على نقطة سواء،و توازرا على هدف واحد بمنزلتين أحدهما الهية و الأحرى خلقية.

و لو فرض على خلاف الواقع أن الأمر لم يكن على وجه السلم و الوحدة،

/ صفحه 424/

وجب على زعماءالعلم و الملك ستره عن الأغيار، و أن يقولوا لا خلاف بين الأمة في منزلة العترة و منزلة الخلفاء، و كل عندنا على كرامته المنصوصة أو الملية.

لكن المؤسف ـ و أني ينجعالأسف ـ أنهم شرعوا أسنة كل خلاف مفترى في صدر الاسلام في صدور أهله المنشرحة بالسلم و السلام و الاعتراف بالحق و حسن التدبير في الجمع بين الحقين، و الخطب الأفظع أنهم فيظلال تلك الأسنة، و خلال تلك السيوف جانبوا أهل البيت و هضموا جانبهم الذي هو جنب الله القوي و صراطه السوى، في علومهم الموروثة فيهم عن معدنها و صاحب سكينتها و المبثوثةلديهم من باب مدينتها حتى في تفاصيل العقائد فضلا عن مسائل الفقه، فمن له العناية بعلوم السلف و الصدر الاول فهم

(عليهم السلام)

طرقها و مناهجها، فكيف يسوغ تركها ومجانبتها و يكتفى بعلوم غيرهم و حدها.

أو لم يتفكروا في أن أهل البيت لا يعتقدون في دينهم بخلاف ما يعتقده رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، و لا يفتون الا بما يوافقعلمه، أما عند الامامية فلعصمتهم و مصونيتهم عن كل خطأ و جهل، فضلا عن التعصب و غيره من الأهواء، و أما على فرض أن لا يكون أئمة منصوصين معصومين فليس علمهم بالكتاب و السنةو حقائقهما، و لا رواياتهم و لا فتاواهم من المناكير حتى يعدل عنهم الى غيرهم، اذ المسلمون مجمعون على أن ما يعلمه أهل بيت الرسالة في دينهم أصلا و فرعا و هم يدينون بهبينهم و بين ربهم لا يخطىء علوم جدهم المرسل، و لا ما يدين به السلف الصالح الحفاظ من الصحابة المخلصين المنجبين، و ليس اليوم يوم مجانبة علومهم و لا مجانبة علوم الصحابة،و قد كان كثير من علماء الشيعة و السنة بجمع بينها في اجتهادهم لا يتركون علما لا من هؤلاء و لا من هؤلاء تشهد بذلك كتب الشيعة كالمبسوط و الخلاف للشيخ الطوسي، و التذكرةللعلامة الحلي و ليس في ذلك تشيع للسني و لا تسنن للشيعي، لأن التسنن لا يدور مدار مجانبة معارف آل محمد الطاهرين. فليس كل متبع لجعفر بن محمد الصادق في الكلام

/ صفحه425/

و الفقه شيعياً، و لا كل من يتبع فيهما طرق الصحابة و فتاوى الأئمة الأربعة و من قبلهم من رواة السنة و المتكلمين منهم من قبل و من بعد سنياً.

فكم عالم أو عامي،يتبع تعاليم أهل البيت في أصولهم و فروعهم، واثقاً بعلومهم العقلية و النقلية، مؤثراً لهم على من سواهم، لوثوقه بأن علومهم أقرب الى علم رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم و سنته، لكن لا يعتقد امامتهم المنصوصة، و ولايتهم المعصومة، و لا كونهم حجج الله تعالى على جميع العالمين يجب طاعتهم على حد طاعة جدهم، بل يعتقد صحة خلافة الخلفاءعلى تلك الأصول المشهورة بين أهل السنة، فهو سني المباني، جعفري الطريقة.

و كم ممن يتبع الطرق التي حفظها أو دونها أهل السنة في صدورهم أو صحاحهم الستة، أو مجاميعهمالسابقة على الصحاح كمجموع ابن شهاب الزهري، و عبد الملك بن جريح و غيرهما، ثقة منه بها، جامدا عليها، أو مجتهداً فيها نقاداً لها. و لكن لا يتتبع ما نقل عن أهل البيتمحفوظاً أو مدوناً في الأصول الأربعمائة، أو الكتب الأربعة المشهورة للامامية، ثم الأربعة الأخرى بعدها، أو ما كان مدوناً قبلها في أربعة آلاف كتاب من كتب رواة جعفرالصادق و تلامذته، و ذلك لمرونته على روايات أهل السنة في المحيط المناسب لذلك، فاستغنى بها في اصابة السنة سيما مع عدم معرفته لثقات أهله البيت، أو عدم اطلاعه على كتبهمو جوامعهم و معاجمهم أو زعمه بهذه المرونة و الأنس، و كثرة أصحاب طريقته و أنصارها، أن ما بيده يغنى عن الفحص عن علوم أهل بيت نبيه صلوات الله عليه أو ظنه التوافق بينهما ولو في خصوص المسائل التي هي عامة البلوى، أو ظنه أن له الخيرة في اختيار ايهما شاء، و أنه لا يجب عليه النقد و التحقيق و الجمع و التوفيق بين الطريقين، أو أحس العجز مننفسه، اذ قضى أكثر عمرة في معرفة تلك الطريقة المتسننة و العمل بها فيشق عليه الورود في دائرة علمية وسيعة أخرى، يكون فيها كالطفل الأبحدى مثلا فيقول في نفسه: متىأتعلمها، و متى أعمل بها، و أنى لي قوة الاجتهاد؟ فيها فيثبط نفسه عنها بهذه الاعذار و أشباهها، و بمثل ذلك يرجع في العقائد الكلامية الى

/ صفحه 426/

ما ألفه وبنى عليه و سخره من دلائل مشايخه التابعين لأصحاب المقالات الحادثة، فلم يلتفت الى ما حققه أهل البيت في المسائل الكلامية و لا نظر فيها و لا بحث عنها، و مع ذلك كله تراهمعتقداً بامامتهم المنصوصة على الوجه الذي تعتقده الامامية حتى انه لو كان في عصر واحد منهم فاتفق لقائه و سؤاله عما لا يعلم أو علم من غيرهم، اتبع قوله و دان به، و مثلهذا الصنف كثير في العلماء القدماء، حتى انه كان فيهم من يعمل بالقياس، و كذا في العوام، فهذا الصنف جعفري المباني في الامامة، و سني الطريقة في الكلام و الفقه و أصولالفقه، و قد اتفق ذلك لكثير من علماء السنة بالمعنى المعروف، أي الذين لا يقولون بالامامة المنصوصة، و يتبعون في الفقه طرق غير أهل البيت، و في العقائد أيضاً طريقةغيرهم، ثم اذا لقوا أحداً منهم

(عليهم السلام)

، و عرفهم بغير ما كانوا يعرفونه من غيرهم تركوه و اتبعوا قول أهل البيت، مع بقائه على تسننه في الامامة و الخلافة، حتىانا وجدنا كثيراً من فرق المرجئة حتى المرجئة الشكاك الحشوية من مرجئة العراق و اصحاب الحديث اذا وقفوا على كلام أهل البيت أو سألوهم اتبعوهم فيه، و هم يرون الامامة والخلافة لكل من أقيم بعد الرسول صلوات الله و سلامه عليه مقامه في لم الشعث و جمع الكلمة، و السعي في أمور الملك، و الرعية، و اقامة الهدنة، و تأمير الامراء، وتجنيدالجنود و الدفع عن بيضة الاسلام، و ردع المعاند، و تعليم الجاهل، و انصاف المظلوم، و ربما كان فيهم من يعرف الامامة المنصوصة لأهل البيت، و يخص الخلافة بالخلفاء بهذهالشئون في هذه الجمل المتعاطفة المأخوذة من نص كلامهم. لكن الجم الغفير وقعوا في الغلط في ملاك التسنن و التشيع في الفقه و العقائد، و في الخلط بين الامامة و الخلافة، و فيتوهم المعارضة بينهما كما شرحناه.

و أما اليوم، فيجب تعارف العلوم و الثقافات بين القبيلتين، و التسالم على الخلافة للخفاء الراشدين، و الامامة المنصوصة للائمةالصفوة العترة، من غير حاجة الى تنزل السني عن تسننه، و لا الشيعي عن تشيعه، ثم يجب تحصيل النمرقة الوسطى في العقائد و في الفقه، و هو الامر الثالث المعزز لما شرحهالعلامة الكبير شيخ

/ صفحه 427/

الاسلام من الأمرين، ليكون للتقريب صورة عملية، و هي البناء على عقائد السلف المطابقة لمحكمات الكتاب و السنة، و الجمع فيالاجتهاد بين الصحاح و الجوامع الأربعة عشر، ستة منها لأهل السنة، و ثمانية للامامية، و تدريس الفقه الجعفري في ممالك السنة، و تدريس عقائد السلف التي حفظتها كتبالامامية لتتعارف العلوم، و تتآلف العقائد، و تتوانس المسلمون مع التعظيم و الحرمة لكل مذهب.

و هل هذا الرجاء الا من دار التقريب، فالمرجو من جماعة التقريب الكرامعموما، و من فضيلة شيخ الاسلام خصوصاً: نصب كرسي في القاهرة لتدريس علوم الامامية و الترغيب لسائر ممالك السنة في ذلك ليتصل المسلمون بعضهم ببعض و لا يضيق ذرعا أهل كلمذهب من استماع علوم اخوانه سواء اختاروها أم لا، و سواء أدى اجتهادهم بعد استفراغ وسعهم فيها الى موافقتها أم لا، فان اختلاف أنظار الفقهاء بعد تحقيق أدلة الأحكام لاينبغي أن يسمى خلافا يعتد به في تفريقهم شيعا و أحزابا، فان كلا منهم يستفرغ وسعه في اطاعة مولاه الذي هو مولى الكل و في امتثال أمره، فمثل الفقيهيين المختلفين، مثلمملوكين لمولى واحد ينادى أحدهما بعينه أو كليهما بسقيه الماء، فظن أحدهما بعينه أمره بايتائه الغداء و الآخر بسقيه الماء، فبادر كل الى الامتثال باتيان ما ظنه اطاعةلأمره، فكلاهما ممتثل مطيع له معذور مناب، نعم قد يتفق نادراً ترتب مفسدة على عمل المخطىء لكنها تنجبر غالبا بمصلحة الطاعة و الانقياد، على أن الخطأ غالبا ينشأ عن القصورأو المسامحة في الفحص.

و بالجملة فاذا حصلت العناية بدراسة مذهب أهل البيت و سائر المذاهب في الممالك الاسلامية حصل التقريب الحقيقي بين المسلمين، و قد كان فيالامامية فيما سبق جماعة يدرسون المذاهب الخمسة على أتم وجه، لكن لا يحضرني من علماء السنة من جازاهم بهذه الحسنة، و بدراسة المذهب الجعفري بعد رسمية المذاهب الاربعة منعهد القادر بالله العباسي الحاكم بها في العراق، و تلاه الظاهر بيبرس في مصر

/ صفحه 428/

و قبله المعز بن باديس(1) في افريقية، و غيرهم في غيرها في قصص طويلة سجلهاالتاريخ.

و لنا الرجاء الأكيد، و الأمل الوطيد من فضيلة شيخ الاسلام و من جماعة التقريب الكرام أن يكونوا هم القدوة في تأسيس هذه الحسنة، كما أنهم هم القدوة في تأسيسدار التقريب.

و علينا أن نسرد ذكر الصحاح الستة لأهل السنة، و الصحاح الثمانية للامامية تذكرة لمن تذكر و الأمر لله تعالى من قبل و من بعد.

أما الصحاح الستة:





فأولها

صحيح الامام محمد بن اسماعيل البخاري المولود سنة 194 هـ و المتوفى سنة 256 هـ و قد حكى عنه محمد بن يوسف القربري، و هو آخر من قي ممن سمع صحيحه أنه قال: صنفت كتابيالصحيح لست عشرة سنة، خرجته من ستمائة ألف حديث، و جعلته حجة فيما بيني و بين الله، و ما وضعت في كتابي الصحيح حديثاً الا اغتسلت قبل ذلك و صليت ركعتين، قال الفربوي: سمعصحيح البخاري تسعون ألف رجل (سبعون ألف رجل) فما بقى أحد يرى عنه غيري، و روى عنه أبو عيسى الترمذي كذا في الوفيات، أقول عدة أحاديث صحيح البخاري على ما ذكره الشهيد الأولفي الذكرى، و شهد به ابن حجر مع المكرر، سوى المعلقات و المتابعات، سبعة آلاف و ثلثمائة و سبع و تسعون حديثا، و الخالص بلا تكرير ألفان و ستمائة و حديثان، و فيه من المتونالمعلقة المرفوعة مائة و خمسون حديثا.

الثاني:

صحيح مسلم بن الحجاج النيسابوري المتوفى سنة 261 هـ و عدة أحاديثه بلا تكرار أربعة آلاف حديث، و مع المكرر 7275، كذا عنكشف الظنون.

(1) المعز بن باديس هو الحميري الصنهاجي صاحب افريقة و ما والاها، و لقبه الحاكم صاحب مصر شرف الدولة في سبع و أربعمائة، و كان مذهب أبيحنيفة أظهر المذاهب في افريقية، فحمل المعز جميع أهل المغرب على مذهب مالك، و حسم مادة الخلاف في المذاهب و استمر الحال على ذلك قرونا منه.


/ 3