بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
اتفق المسلمون على أن الكتاب والسنّة هما الدعامتان والحجّتان على الناس في الفقه وفي غيره ممّا يحتاج إليه العباد في حقل الشريعة والعقيدة. والكتابموضع اتفاق في نصّه وإن اختلفوا في بيانه وتفسيره، وأمّا السنّة - والمراد بها سنّة النبيّ(صلى الله عليه وآله) - فمع اتفاقهم على اعتبارها اختلفوا في الطريق إليها وفيتفسيرها وتخريج نصّها، فالجمهور من فقهاء المسلمين يأخذونها عن طريق الصحابة إذا صحَّت أسانيدها عندهم، وأتباع أهل البيت(عليه السلام) يأخذونها في الأغلب عن أئمة أهلالبيت وعن غيرهم إذا صحَّت أسانيدها عندهم. والجدير بالاهتمام اشتراك ما بلغنا عن هذين الطريقين لفظاً أو معنىً بما يقارب خمساً وثمانين في المائة في أصولالأحكام دون الفروع المستنبطة منها، وأمّا الأخلاق والآداب فكادت أن تكون موافقة مائة بالمائة لبعضها. ولا ريب أن الكتاب هو الدّعامة الاُولى والثقل الأكبر،وهو كالأصل للسنّة، فهي بيان له. وشطر من آيات الكتاب حكَم وآداب أخلاقية تعالج الخصال النفسية، ومنها أحكام عملية تعالج أعمال المكلَّفين على صعيد العبادات، والمكاسب،والمناكح، والمواريث، والسياسات، والأحكام، والقضاء وغيرها، ويُقال لها الأحكام الفقهيّة، ويعبّر عن آياتها بـ «آيات الأحكام». وكانت هذه الآيات موضع اهتمامالفقهاء، حيث خصُّوها بالبيان والتفسير في مؤلفاتهم، علاوة على التصدّي لها طيّ التفاسير المطوّلة: كتفسير الطبري (م 310هـ) والطوسي (م 460هـ) والطبرسي (م 548هـ) والرازي (م606هـ) والقُرطبي (م 671هـ) وأخيراً «المنار» للسيّد رشيد رضا وغيرها. والكتب الخاصة بآيات الأحكام تارة يعبّر عنها بهذا التعبير، وأخرى «أحكام القرآن» وبينهمافرق، والنسبة بينهما عموم وخصوص مطلق، فأحكام القرآن تعني في الأغلب بيان حكم يتعلّق بالآيات سواء ما استفيد منها أو استفيد من غيرها ولكنتعلّق بها، وقد يعدّ حكماً فقهيّاً وقد لا يعدّ، فمثلا يبحث في باب أحكام القرآن (بسم اللّه الرحمن الرحيم) أنّها آية من كلّ سورة، أو في سورة الحمد فقط، أو ليست جزء منهاوإنّما هي مجرد فصل بين السورتين، مع الاعتراف بكونها جزء من آية (30) من سورة النمل: (إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم)، وهذا ليس حكماً فقهيّاً، وإنّما يترتّبعليه أحكام فقهية لا تُستفاد من نفس الآية، مثل أنـّه هل تجب قراءتها في الصلاة في سورة الحمد أو في غيرها من السور أو لا تجب، وهل يجب الجهر بها أو لا يجب إلى غير ذلك منالأحكام. وأمّا «آيات الأحكام» فلا تشمل سوى الآيات التي تحمل في طيّها حكماً فقهيّاً دون غيرها ممّا تعلّق بها حكم، ويبدو أن هذين التعبيرين: «أحكام القرآن»و«آيات الأحكام» غلب كل منهما على فريق من المسلمين. فأحكام القرآن مصطلح شائع عند أهل السنّة، وآيات الأحكام شائع عند الشيعة الإمامية. فقد ذكر الحاج خليفة فيكشف الظنون عدّة كتب(1) - وعمدة مافيه لأهل السنّة - تحت عنوان «أحكام القرآن» ليس فيها «آيات الأحكام». وقد طالعت في مقدمة كتاب أحكام القرآن لابن العربي فوجدت أن الكاتبسرد المؤلفات التالية: 1- أحكام القرآن للإمام محمد بن إدريس الشافعي (150 - 204هـ)، وسنخصه بالبحث. 2- أحكام القرآن لأبي بكر أحمد بن علي الجصّاص الرازيإمام الحنفية في بغداد (م 370هـ). 3- أحكام القرآن للكيا الهراسي الشافعي المتوفى (م 504هـ). 4- أحكام القرآن للقاضي أبي بكر محمد بن عبد الله الحافظ المالكي 1- كشف الظنون 1/18 و 20.