شیخ میثم البحرانی، یخترق العصر نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شیخ میثم البحرانی، یخترق العصر - نسخه متنی

صباح زنکنة

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الشيخ ميثم البحراني.. يخترق العصر

أ.د. صباح زنكنة

كاتب وباحث ايراني

إن مناسبةإحياء ذكرى عالم موسوعي رحالة بعلمه، مستوعب لشؤون دينه وعصره كالعلامة ميثم بن علي بن ميثم البحراني تمثل حلقة هامة لاستكشاف الماضي بروح متفحصة مدققة، وبنظرة تربطمراحل التاريخ، وتستكنه الثابت منه والمتغير، وتستخرج المعايير الحية للتعامل مع الحاضر والمستقبل.

وإن عصراً كالعصر الذي عاشه العلامة كمال الدين ميثمالبحراني وقد حفل بمختلف الظروف والمؤثرات السياسية والفكرية والدينية والعلمية، وتراكمت فيه الأحداث الجسام، لكفيل بإعطائنا نموذجاً جيدا للدراسة والمقارنة، وهذا ماسنشير إلى ملامحه إجمالا.

(172)

كما وأن شخصية كابن ميثم، بمنشأها العلمي والاجتماعي، وظروف ارتباطاتها العلمية والفكرية، وعبورها الحدود الجغرافية،وبعمق تناولها للمواضيع العلمية وإبداعها في شتى العلوم، وبتجربتها الوجدانية المتفاعلة، لتعتبر شاخصاً ملائماً لاستيعاب تلك المرحلة التاريخية، والانطلاق منها إلىالحاضر والمستقبل.

ومن هاتين الركيزتين، سنحاول الانطلاق للإمساك بالخيوط المتشابكة والمترابطة بين أبعاد الزمن، وصولاً إلى الظروف الموضوعية والعلميةوالذهنية التي نعايشها، وما يمكن أن نستفيده من معايير وقواعد في مواجهة الواقع واستشراف الغد.

ويحدونا في هذا الطريق، ضرورة قراءة التاريخ بعيون عصرية، ورؤيةجديدة، لنتمكن من الإجابة عن أسئلة ملحة في خضم الواقع المعاش، والعواصف التي تحيط بنا.

ـ فمن نحن؟

ـ وما هي خصائص تاريخنا وحضارتنا ومجتمعنا؟

ـوما هي رواسب الماضي ومخلفاته؟ وما هي عناصره الثابتة والمتغيرة؟

ـ وماهي أسباب تخلفنا وانحدارنا وتفرّقنا؟ ولماذا لم نشهد الاستمرارية في الازدهار؟

ـوأين عناصر قوتنا ومكامن طاقاتنا؟

ـ ثم أين حلقة الوصل بين الماضي والحاضر وما هي ركيزة الانطلاق للمستقبل؟

ـ ماذا نريد؟ التقدم، والاستقلال أم التبعيةوالانحدار؟

ـ وهل لإرادتنا تأثير؟

(173)

ـ وماهي مقومات الانطلاق؟

ـ وكيف نعالج الآفات الداخلية والانحرافات والجمود والإفراط والتفريطوبأي وسيلة نواجه التيارات العارمة والهجمات المدمرة للكيان والثقافة والهوية؟ وربما يتساءل البعض: هل نواجهها أم نتركها تمر وتعبث وتخرب وترحل أو لا ترحل؟

يقول الدكتور محمد جابر الأنصاري «أن معركتنا هي معركة حضارية بلا جدال.. بل إن مقومات البقاء، وتجنب الفناء في هذا العالم، هي مسألة حضارية قبل كل شيء»(1).

ويضيف:]ولكن عندما نقول إنها معركة بناء حضاري وتكنولوجي طويل الأمد، هل سيتركنا احد وشأننا نبني ونتحضر بهدوء.. ونتعلم ونستنبت التكنولوجيا في أرضنا كما يحلو لنا .. هل سيتطوعاحد بتوفير هذا المناخ الحضاري الهادئ لنا؟![.

وقبل ذلك، فلنلق نظرة على الأحوال السياسية والعقلية، في القرن السابع الهجري في البلدان الإسلامية، لنطلع علىالظروف التي عاشها العلامة ميثم البحراني خاصة في العراق حيث كان مركز الخلافة العباسية.

الإطار السياسي

يذكر الدكتور كامل مصطفى الشيبي في كتابهالفكر الشيعي والنزعات الصوفية(2)، أن البويهيين حكموا في العراق في القرن الخامس، ولما تفاقمت الحال، أرسل الخليفة العباسي القائم بأمر الله، بمساعدة وزيره أبي الحارثارسلان بن عبد الله البساسيري (451هـ) إلى السلاجقة يطلب إليهم طرد البويهيين من العراق خوفاً من سقوط الدولة العباسية على يد جارتها اللدود

(174)

الفاطمية.وتم الأمر للخليفة سنة 447هـ فأحتل الجيش السلجوقي بغداد(3).

وانقلبت الآية على الشيعة.. واعدم شيخهم، ونهبت دار متكلمهم أبي جعفر الطوسي، وتم إحراق خزانة كتبه وفرإلى النجف(4)، ولو لا مسالمة الشيعة للجيش السلجوقي أثناء دخول بغداد لكان من الممكن أن تحدث أمور جسام(5). ولما استعاد العباسيون السلطة من السلاجقة، دار دولاب السياسة منجديد لصالح الشيعة حتى لقد زعم أن الخليفة الناصر كان يتشيع (575-622هـ) (كما جاء في تاريخ الخلفاء ص 99 وتاريخ أبي الفداء 3/142 و143).

وبموت الناصر، عاد الضعف يدب في جسمالدولة العباسية، حتى جاء التتار في حملة استطلاعية سنة 634هـ فحاصروا أربيل وفتحوها ثم تركوها(6). وعادوا بعد اثني عشر سنة ليطيحوا بالدولة العباسية الهرمة ويأتوا علىبنيانها من القواعد. وقد قتل التتار أبي الصلايا العلوي، كما وقتل نقيب العلويين شرف الدين ابن طاووس على يد هولاكو.

ويضيف الشيخ محمد رضا الخاتمي البروجردي، فيمقدمة تحقيقه لكتاب «شرح نهج البلاغة»: قسّمَ صاحب الروح قلج ارسلان السلجوقي ملكه في حياته بين أبنائه الثمانية وابن أخ له، ولم يمت إلا ورأى السيف بينهم مسلولاً، وكانهو نفسه عاشر العشرة في النزاع والفتنة.

وكان اختلاف الكلمة بين ملوك مغارب ممالك الإسلام هو الذي أدى إلى اشتداد كارثة متفيئي ظل الصليب، وجرأتهم حتى استنفروابخيلهم ورجلهم وقضوا على العباد وحكموا البلاد وأكثروا فيها الفساد، واستولوا على كثير من مدن آسيا الصغرى، وقد يحرجهم الاختلاف إلى الالتجاء بالأعداء والركون الىالذين سفكوا دماء الآباء، والاستعانة بهم وإعانتهم على السفك والقتل.

والمحصل أن الناس بين المشرق والمغرب، يدفرهم عيث التتار ويدغمهم

(175)

عسفالإفرنج، ومن سلم من هاتين الطائفتين، فالسيف بينهم مسلول والفتنة قائمة على الساق. فما ظنك بالعائش في عصر يرى مثوى العباد مسعى الفساد، وأعزة الأهل أذلة، ضحايا نبالالظلم وسبايا يده. وما ظنك فيمن أمتلأت حياته من متكدسات الأشواك.

وواضح أن حالة التقزم والتفرق بين الدويلات، على الرغم من وجود اسم الخلافة العباسية في بغداد،لم توفر القدرة الدفاعية والحصانة اللازمة أمام التيارين السياسيين الكبيرين: الحملات الصليبية، والحملات التترية والمغولية.

وان انشغال الحكومة في بغداد بجمعالأموال وعدم الاهتمام بأمور البلاد، أدى إلى تباعد الطبقات الوسطى ذات المقدرة الإدارية، والعلمية عنها.

ومن المؤلم سماع كلمة هولاكو عندما هجم على بغداد وجاءهحاكمها بكميات كبيرة من الذهب ليستقبله بها ويمنع عن نفسه القتل، إذ قال: يا لك من أحمق ، احتفظت بالذهب لنفسك وكان بإمكانك أن تجهز الجيوش والموانع بها لتدافع بها عنبلادك!!

وقال الرصافي واصفاً حالة الحوار بين المستعصم وهولاكو، حين أصابه التجويع لثلاثة أيام:




  • من الذهب الإبريز واللؤلؤ الرطب
    فدونك فأنظرهل تنوب
    وأنزلت منهاالجند فيمن
    زل خصب تذيب لظاها عنصر الحجر الصلب



  • لآلئ لم تعبث بهن يدالثقب
    عنالحب؟وفاتك أن المقت من ثمر العجب
    زل خصب تذيب لظاها عنصر الحجر الصلب
    زل خصب تذيب لظاها عنصر الحجر الصلب



(176)

حيالاً بها فوق المطهَّمة القب تميزملوك الأرض:دأب كمندأبي!(7)

فقال هلاكو عاجلوه بقصعةٍ وقولوا له

كل ما بدا لله إنها ألست لهذا اليوم كنت ادخرتها وكنتبها دون الممالك معجباً ولو كنت في عز البلاد أهنتها لما أكلتك اليوم حربي وان غدتسا بذلها دون الجنود أزيدهم وسوف وإن لـم يبــق إلا حديثنـا

ونرى في جانب آخر منالبلاد أوضاعاً مأساوية، حيث كانت الحركة الإسماعيلية تسيطر على قلاع ومدن شرق وشمال إيران، وقفت وصمدت أمام تيارات التتار والمغول فترة زمنية، وثم تهاوت وسقطت واحدةتلو الأخرى، نتيجة انعزالها عن جسم الأمة وبقية أجزائها، مع ما كان لها من قوات مدربة ومستعدة للاغتيال والانتحار!! ومن تعاليم وتنظيمات سرية جهنمية.

وموقعالعلماء في هذه البلاد وتلك، وفي ظل التصارع على السلطة، وانعدام الأمن لا يحسدون عليه. وهذا ما يبين الصلة الوثيقة بين الوضع السياسي والأمني من جهة والوضع العلميوالتقدم فيه.

فمن النماذج الحية لعلماء هذا العصر، يمكن الإشارة إلى العلامة خواجة نصير الدين الطوسي المعاصر للشيخ ميثم البحراني، وممن يعتبر صاحب العلاقةالعلمية ذات الاتجاهين: إذ اخذ كل منهما عن الآخر في موضوعات علمية مختلفة.

وعانى العلامة المحقق خواجة نصير الدين، الأمرّين، حيث ولد في طوس (خراسان)، وتنقل بينحواضرها العلمية حتى بلغ سن الرشد، وإذا بفرق الإسماعيلية تلاحقه حسبما جاء في كتاب «يادنامه هفتصدمين الخواجه نصير الدين طوسي» - لمؤلفه مدرس رضوي(8). فاضطر إلىمتابعتهم، حيث استقبله المحتشم، حاكمهم في مقاطعة قهستان واسكنه في قلعة قهستان الآمنة نسبياً حتى حين!!. وأنتج فيها بعضاً من مؤلفاته. وبعد الهجوم المغولي، وسقوط قلعةقهستان، أجبر على الذهاب إلى قلعة الموت، وهي مركزهم آنذاك. واستقر أيضاً فترة من الزمن وأنتج بعضاً آخر من إنتاجه العلمي الهائل. وإن كان قد انتقد في مقدماته، وطرق تلكالجماعات، لكنهم تحملوه وكانوا

(177)

يتبارون في المفاخرة بوجوده بينهم.

وعند سقوط آخر قلاع الإسماعيلية، تلقفه القادة المغول والتتار، إذ كانآقاخان، والد هولاكو قد سمع بقدراته العلمية وأوصى أبناءه بمحاولة الاستفادة منه وضمه إلى بلاطهم. وحينما اصطحبه هولاكو معه إلى بغداد، وكان مقدرا أن يهلك علماء تلكالديار على يد المغول؛ إلا أن نصير الدين الطوسي أصر على عدم المساس بهم، بل وحماهم وهيأ لهم مقومات العيش المناسب والآمن، بعيداً عن ضغوط التيارات المهاجمة، والتياراتالمتشددة المتلبسة بالإسلام، من تكفير واغتيال وتفسيق. والنموذج الآخر، هو الامام فخر الرازي، إذ كان تياره العلمي والفكري قد اخترق الحدود الجغرافية (وحتى الزمنية إلىيومنا هذا)، من خراسان في أقصى شرق العالم الإسلامي، إلى أقصى الغرب في مصر وشمال أفريقيا.

إلا أن هذا العالم الجليل والذي سنذكر بعض تأثيراته العلمية على الوسطالعلمي قد قتله الحسّاد بالسم فمات شهيداً، سنة 660 هـ . ق.

وفي غرب العراق، نجد ابن تيمية، يلعب أدوارا هامة في أواخر القرن السابع وبدايات القرن الثامن الهجري (661 -728هـ).

فلقد نهض ابن تيميه في الوقت الذي كان الرعب والخوف من المغول لا يزالان يسيطران على جميع أنحاء العالم الإسلامي، ودعا المسلمين للصمود أمام المغول وقتالهموساعد في انتصار المماليك في مصر(9).

واقترن مطلع القرن السابع في البلاد الإسلامية جميعها بارتفاع مكانة الصوفية وبخاصة في أطراف العالم الإسلامي، ولعل من ابرزالدلائل على ذلك أن شهاب الدين السهروردي (توفي 632هـ) كان ممثل الخليفة الناصر العباسي في استقبال الوفد المصري إلى بغداد سنة 604هـ ورسوله في سفارات متعددة إلى

(178)

مصر، ومندوبه للتفاوض مع محمد خوارزم شاه لما عزم على غزو بغداد سنة 614هـ ورسوله إلى عز الدين كيكاووس سنة 616هـ لإلباسه لباس الفتوة في قونية، فأحدث وصولهدوياً عظيماً حتى قيل أن كل سكان المدينة لبسوا منه الخرقة الصوفية وبعد هذا بقليل، بدأ مد التتار الذي ساق إمام قبائل التركمان إلى بلاد الروم وكان معها الصوفيةالهاربون من هناك.

وقد كان نجم الدين الكبري قدوة للعصر في مقارعة التتار ومقاتلتهم، وينبغي أن نذكر من هؤلاء المهاجرين السيد محمد الخراساني الذي لقبه الأتراكبحاجي بكتاش، وكان له اثر بالغ في المجتمع الصوفي التركي(10).

ويعتقد بعض المؤرخين أن ابن تيمية كان يعتبر أن ظهور الأحمدية (الرفاعية الصوفية) وإضعافهم للوازعالديني المتصل بالفقه الإسلامي مباشرة، وتخديرهم الناس وحملهم على الخمول والكسل والتسليم كان اكبر أسباب ظهور التتار(11).

وهذا الرأي، وان كان ابن تيمية قد عممهعلى جميع الأحوال والحركات والبلدان، إلا أن نماذج عديدة من مقاومة رموز صوفية أو شيعية تقارع التتار كما ألمحنا قبل قليل من أمثال نجم الدين الكبري، والسيد محمدالخراساني، وغيرهم كثير في العراق وباقي البلدان الاسلامية.

وفي عام 697هـ فتح الجيش المصري في عهد الملك المنصور السلحداري عدداً من القلاع والاستحكامات فيأرمينيا الصغرى، ووصل هذا الخبر إلى دمشق فاحتفل به ابن تيمية(12).

وفي عام 699هـ هاج غازان، إيلخان المغول في إيران، الشام وتغلب على سلطان مصر الناصر قلاوون فيالحرب التي دارت بينهما، فترك أهالي دمشق المدينة خوفاً من المغول. وذهب ابن تيمية وعدد من العلماء لأخذ الأمان من غازان

(179)

فقال له غازان قد بعثت لكمالأمان(13). ولكن حدث اضطراب وفوضى في المدينة، ونهب المغول الصالحية وقتلوا وسلبوا، وصمدت قلعة دمشق ولم تستسلم. ومرة أخرى ذهب ابن تيمية إلى غازان كي يحول دون القتلوالنهب، ولكن لم يسمح له سعيد الدين الساوجي والخواجة رشيد الدين فضل الله باللقاء، وقالا: لا يزال مال مهم لم يحصل عليه غازان.

وفي شوال 699هـ توجه نائب السلطنةبدمشق آقوش الافرم إلى جبال كسروان بلبنان لحرب الدروز الذين ساعدوا المغول في قتالهم المصريين. وخرج ابن تيمية ومعه خلق كثير من المتطوعة مع آقوش في هذه الحرب.

وعام 705 جدد الهجوم على جبال كسروان وشارك ابن تيمية فيه مشاركة فعالة.

كان ابن تيمية يرى أن المتكلمين أهل بدعة وان الفلاسفة والمتكلمين لم يبثوا أي حقيقة. وأنالأصول التي وضعوها تتناقض مع الحقيقة، وهم يرون أن هذه الأصول مقدمة على ما أورده نبي الإسلام (مجموعة التفسير 360) ويقول: يعتقد الفلاسفة أن النبي(ص) لم يقل الحقيقةللناس، بل قال لهم خلاف الحقيقة ليروا صلاحهم فيها. ويقول ابن سينا وأمثاله، ورغم علم رسول الله بالحقيقة، فقد كان يبين ما يخالفها ويدفع الناس للتخيل والظن. ولكنالفارابي وأمثاله يعتقدون أن رسول الإسلام لا علم له بالحقيقة، أيضاً وكما كان في الظن فقد أوقع الناس بالظن، ويعتقدون أن الفيلسوف أفضل من النبي، والنبوة سنخ منالرؤيا.. ويجيز الملاحدة والقرامطة التأويل للخواص فقط.

ويبين ابن تيمية أربعة أصول في محور كل عقائده وآرائه:

1ـ ليس العقل معارضا للقرآن والحديث

(180)

2- العقل موافق للقرآن والحديث

3- عقليات الحكماء والمتكلمين المعارضة للنقل والسنة، باطلة 4- العقل الصحيح والصريح والخالص مخالف لأقوالالحكماء والمتكلمين.

ويكثر ابن تيمية من الاعتراض على الفرق والعلماء والفلاسفة الذين يعتقد أنهم يؤولون القرآن والأحاديث ومنهم المعتزلة والكلابية والسالميةوالكرامية والشيعة والفارابي وأبن سينا وابن رشد والغزالي وابن عربي والرفاعية وابن الطفيل وإخوان الصفا والإسماعيلية، وخاصة في صفات الله عز وجل مما ورد في الآياتالكريمة: مثل : يد الله، على العرش، نزولـه إلى السماء، ومجيئه في صف الملائكة، فيقول ان كل هذا صحيح وإن كيفيتها مجهولة، ويرفض كلام المتكلمين،]إن الله موجود في كل مكانوان نسبته إلى الأمكنةواحدة[.

وكان المعتزلة الذين يغالون في توحيد ذات الباري يخشون الابتعاد عن التوحيد المحض إن قالوا بصفات منفصلة عن ذات الله ويتهمونمخالفيهم الذين يعتقدون بصفات قديمة منفصلة عن الذات بأنهم يقولون بتعدد القدماء (القدماء الثمانية) وقد وجه عالم الشيعة وفقيهها الشهير العلامة الحلي (وهو تلميذ شيخناميثم البحراني) هذا الإتهام إلى الاشاعرة وأتباع السنة في كتاب «منهاج الكرامة» وأثارت هذه التهمة ابن تيمية وأزعجته فخصص لها صفحات عديدة من كتاب «منهاج السنة» الذيألفه في الرد على «منهاج الكرامة».

ويقول الدكتور عباس زرياب الخوئي أن [لا الشيعة المعتزلة ينكرون صفات الله أو ينفونها، ولا الأشاعرة يقولون بتعدد القدماءوتركيب الصفات والذات، وإن النزاع بين الفريقين، في الحقيقة، لفظي ولا معنى للالتزامات المذكورة من الجانبين](3). ونشير هنا إلى بعض الآراء التي تركز بين فئات منالمسلمين.

1ـ الاعتقاد بأن كل شيء من خلق الله وصنعه، وإن اشتراك فعلي الخير والشر

(181)

في أنهما من خلق الله، ولا يوجب اشتراكهما في كل الأحكام،فقد خلق الله النور والظلمة ولكن احكامهما ليست مشتركة (ونرى هنا أن ابن تيمية، خلط الأفعال بالأشياء في استدلاله). وهذا الاعتقاد اقرب إلى تكبيل يد المصلحين ومن يريدمقارعة الظلم والطغيان والاستبداد والاحتلال. فإذا كانت أفعال الخير والشر من خلق الله فلماذا نفرق بينهما؟ ولماذا يدعو القرآن إلى مقارعة الشر، والدعوة إلى الخير؟ولماذا دعا الإمام ابن تيمية إلى مقاومة المغول؟

2- في المنطق كان يعتقد أن المنطقيين حصروا مواد البرهان أو اليقينيات في ثلاثة أصناف: الحسيّات، والوجدانياتالباطنة والمجربات. وكل هذه المواد جزئية ومعينة، وعلى هذا الأساس فمنشأ الإنسان هو الحسيات والمجربات (الرد على المنطقيين 300 - 301).

وقد سبق بكلامه هذه الفلاسفةالمتقدمين بأصالة التجربة في أوروبا. وهذا البعد، لم يستغل مع الأسف لتطويره إلى حالة علمية في أسلوب التعاطي مع الأحداث والتجارب المادية.

ولما كانت أصالةالتجربة قائمة، على أصالة الأشياء المحسوسة، فإن ابن تيمية يرفض الأمور المجردة من المادة ويرفض قول الذين يقولون: أن عالم الغيب هو عالم المجردات والمفارقات (مفارقةللمادة) وهذا البعد، يضيّق أفق الفكر ويتعارض مع النصوص والواقع.

وهدفنا من هذا التفصيل هو:

1ـ بيان الأجواء التي عاشها الشيخ ميثم البحراني، في العراقوما كانت فرق المسلمين تعاني منه، علمياً وعملياً، والأجواء السياسية التي غطت على تلك الفترة الانتقالية الصعبة، بسقوط العباسيين، وتمكن التتار والمغول من أجزاء

(182)

هذا العالم الإسلامي، وتغلغل الصليبيين، وانتشار الدويلات والمزاعم والصراعات.

2- وإيضاح ما كان انشغال أجزاء كبيرة من العالم الإسلامي في قضاياتجريدية وذهنية ورياضات فكرية ومعارك وصولات بناء على هذه المشادات، وتفريط بقوى الأمة في مواجهة التحديات.

3- لم تتوصل هذه الصراعات إلى تطوير علمي وعملي ينفعالناس في حياتهم ويقوي أساليبهم ووسائلهم في تلك الفترة الزمنية، ولم تؤد إلى بناء قواعد للتطوير العلمي والصناعي البسيط حتى في المستقبل (عدا ما شهدته تلك الحقبةالتاريخية من تطوير وتأسيس لدى الخواجة نصير الدين الطوسي، صاحب الشيخ ميثم البحراني، وتلميذه الفقهي، وأستاذه في الحكمة والفلسفة).

ولابد لجلاء الظروف العقليةللقرن السابع والثامن الهجريين، الإشارة إلى: أن علم الكلام بجانبيه الشيعي والسني، إلا السلفي، قد تأثر بالنزعات الفلسفية عن طريق نصير الدين الطوسي نفسه، الذي كان مناهتمامه بالفلسفة ومكانته فيها أن اعتبره ابن القيم الجوزية (ت751) في صف واحد مع ابن سينا (وكان ابن القيم قد اتهم الطوسي بأنه أشار لقتل الخليفة، ولكن ابن كثير وهو أيضاًخصم للطوسي، رأى أن «هذا لا يصدر عن عاقل ولا فاضل» كما جاء في البداية والنهاية (13/267).

واعتبره طاش كبري زاده (962) منقحاً، وارّخ الأخير احياء البحث الفلسفي بأنهما كان إلا منذ نصير الدين الطوسي وإضرابه (الفكر الشيعي، ص 96).

وتمثل بعث الروح الفلسفي عند نصير الدين الطوسي في كتيب صغير عرفه الناس بعد موته، ويعرف بـ «تجريدالاعتقاد»، مزج فيه الفلسفة لأول مرة في الإسلام بعلم الكلام مزجاً تاماً.

ويقول الأستاذ الخضيري في محاضراته: ]إننا إذا نظرنا في كتب الكلام في

(183)

العهد الذي تم فيه العلم وتصور بصورته النهائية من حيث المادة والتبويب والاصطلاحات، رأينا بأنه يحتوي على معالجة لجانب كبير من المسائل الفلسفية في علم ما بعدالطبيعة، وعلم النفس، وفي نظرية العلم على الخصوص، وفي الأخلاق وفي مسائل كثيرة من الطبيعة، وأخيراً في السياسة، هذا إلى جانب المسائل المعتمدة على السمعيات أو علمالدين[. الفكر الشيعي، ص 97.

ووصف علاء الدين ابن محمد القوشجي، وهو احد شراح هذا الكتاب (879) بأنه «مخزون بالعجائب» مشحون بالغرائب، صغير الحجم وكيز النظم، مقبولالأئمة العظام، لم يظفر بمثله علماء الأمصار».

وقد كثر الشارحون في شرحه لعدة قرون وأصبح كتاباً درسياً للمدارس الدينية السنية والشيعية في جميع أقطار العالمالإسلامي (عدا السلفية).

وقد ألّف نصير الدين الطوسي أكثر من 32 كتاباً في الأشكال الهندسية والمطالع والمغارب، والمناظر والكرة، وتعيين القبلة في البلدان،والفلك وأبعاد النيّرين (الشمس والقمر).

كما ألف أكثر من خمسة كتب في الحساب والجبر والمقابلة والمثلثات. أما في الهيئة والنجوم وأحكام النجوم والتقويم فقد ألّف19 كتاباً. وفي الإسطرلاب وهو من فروع علم الهيئة فقد ألف كتابين. كما ألف في علم الموسيقى رسالة.

وفي المنطق والعقائد والفلسفة فله أربعون كتاباً من أمهاتالمراجع. وبين فيها ماهية العلم والعالم والمعلوم، وتطرق إلى جميع المسائل المشكلة وحلولها المقدمة من الآخرين، ونقدها وتحليلها، وبيان إجابته عليها. ونجد في هذه الكتبتأسيساً للأسلوب العلمي في التعامل مع القضايا المادية والحسية

(184)

والمعنوية. كما كتب أربعة كتب في الطب، وعشرين كتاباً في الإجابة على أسئلة علماءالديار الإسلامية.

والكثير من كتب التفسير، والفقه والأصول والأخلاق، والتاريخ وآداب المتعلمين والعروض والقافية، والجواهر والحيوان والنبات، والضرائبالحكومية وأساليب الحكم والإدارة، ألّفها الطوسي وأغنى بها المكتبة الإسلامية.

ومن الكتب والرسائل المهمة هي أجوبته في «رسالة العلم» على تساؤلات شيخنا ميثمالبحراني.

وما يلفت النظر في التاريخ العلمي للبحرين، هو وجود مختلف المدارس الفكرية والعلمية التي تدرس، بعيداً عن التكفير والتفسيق، وعلى شتى المراحلالتاريخية؛ وعلى أعلى مستويات التحصيل العلمي.

وهنا درس ابن ميثم، أولى مراحله العلمية، وعلى المدارس التي تحفل بالتعددية الفكرية.

وحينما فقد احدأساتذته (الشيخ كمال الدين احمد بن علي بن سعيد البحراني) اتجه الى الخواجة نصير الدين، محمد بن محمد بن الحسن الطوسي، وكان الطوسي قد اضطلع بمهمة تاريخية ودينية كبرى وهيتحويل الطوفان المغولي العارم، إلى روافد تحيي الأرض والنسل، وتبديل تلك الأقوام المخربة المدمرة عابدة الأصنام وفاقدة المدينة والحضارة، إلى أقوام تدين بالإسلام،وتمهد لبناء أعظم التجمعات العلمية، وتأسيس أضخم المراصد، وإيجاد مكتبة بأربعمائة ألف مجلد، وحافلة بمئات العلماء والمحققين في شتى فروع العلم والصناعات.

فيهذه الفترة، يرسل شيخنا ابن ميثم البحراني، برسالة حول العلم، ويقول في مقدمتها:

(185)

«فعاقه عن كشف قناعها، عوائق الحدثان، حتى درج إلى راحة الرحمن وعرجإلى ساحة الرضوان؛ فرفعتها متعمداً إلى الوصول إلى أغوارها والنزول على سرايرها وأسرارها، على وحداني الزمان ورمّاني اللسان، قطب أرباب العرفان والبرهان، الناهض إلىأعالي أفق عليّين، الشارح في مشارح المتألهين، الناطق عن مشكوة الحق المبين، سلطان الحكماء والمتكلمين، نصير الحق والدين، محمد الطوسي، أيده الله بروح القدسيين، أعاليمناصب العلويين؛ فأسعفني في سؤالي بأرفع مراتب الإرادة وأسعدني على مقالتي، بأوسع مواهب السعادة، فأقمر ليلي بلوامع أنظاره الزاهرة وأسفر نهاري بسواطع أسرار أفكارهالباهرة، نعمة منه وتفضلاً وتكرمة من لديه وتطولاً..».

ويجيبه الخواجي نصير الدين، ويمتحده كثيراً، ونشير إلى أوائله:

إلى غاية ليست تقارببالوصف»ومنثوره مثل الدراري في اللطـف» «أتاني كتاب في البلاغة منته«فمنظومه كالدر جـاد نظامــه

إلى آخر القصيدة.. ويضيف:

«وردت رسالة شريفة، ومقالةلطيفة، مشحونة بزوايد الفوايد، من زواهر الجواهر، من الجناب الكريم، السيدي السندي، العالمي الفاضلي المحققي المدققي الجمالي الكمالي، أدام الله جماله وحرس كماله؛ إلىالداعي الضعيف، المحروم اللهيف، محمد الطوسي؛ فاقتبس من شرارة ناره نكت الزبور، وآنس من جانب طوره اثر النوب، فوجدها بكراً حملت حرة كريمة.. تضمنت درة يتيمة، هي أوراقمشتملة على رسائل في ضمنها مسائل، أرسلها وسأل عنها من كان أفضل زمانه وأوحد أقرانه الذي نطق الحق على لسانه ولوح الحقيقة من بيانه، ورأيت المورد - أدام الله أفضاله - قدسألني الكلام فيها وكشف القناع عن مطاويها، وأين أنا من المبارزة مع فرسان الكلام، والمعارضة مع البدر التمام،

(186)

وكيف يصل الأعرج إلى قلة الجبلالمنيع، ومن يراك الطالع شارة الضليع؛ لكني لحرصي على طلب التوسل الروحاني إليه، بإجابة سؤاله..».

وثم يبدأ بشرح مواد البحث المطروقة في الرسالة.

هذاالتواصل العلمي، يدلنا على العالمية، أو تخطى الحدود المكانية، حتى في أحلك الأدوار التاريخية، كما يدل على الموقع الهام لشيخنا كمال الدين ميثم بن علي بن ميثمالبحراني، وعلى حرصه لاستكناه الدروس والغوامض من العلوم والفنون.

وكما يعتبر الشيخ ميثم حلقة وصل هامة، حفظت أصول علم الكلام والفلسفة الإسلامية بثوبهاالرشيق، ونقله حتى وصل إلى صدر الدين الشيرازي المعروف بـ «الملا صدرا». وهذا ما اعتمده الملا صدرا في شرح كتاب التجريد لأستاذ الشيخ ميثم الخواجة نصير الدين الطوسي، لاسيما في الجواهر والأعراض (101 الفكر الشيعي).

ولابد أن نذكر لميثم اعتداله في التشيع وتجنب الخوض في الخلافات واللعن.

وقد طرح الشيخ ميثم من السابقين فيالاستشهاد بكلام الغزالي، على ما كان من هذا من وقوع في الشيعة، فاثبت نص كلامه في حقيقة التوبة (ن.م).

ونظرة عابرة إلى كتاب «قواعد المرام في علم الكلام» والذينشرت مشكورة نسخة منه مكتبة آية الله المرعشي العامة في قم عن نسخة مخطوطة؛ تدلل على العمق الفكري والقدرة الخلاقة للشيخ ميثم في ترتيبه المواضيع، وحصره الأقوال وطرحهابكل موضوعية وأدب ونقدها بكل سلاسة، وقبول ما يمكنه قبولها والاستدلال عليها، ورفعة ما يجده مخالفاً للحقيقة النقلية أو

(187)

العقلية.

فيرتبالكلام في بيان التصور والتصديق والبديهي، والطرق الموصلة إلى التصديق والتصور، والنظر المفيد للعلم، ومطابقة الدليل وعدمه، وحصول العلم وغيره، ثم يتطرق إلى أحكامكلية المعلومات، وهي تشكل أرضية ضرورية للتأسيس العلمي من أوسع أبوابه.

وينطلق إلى موضوع حدوث العالم، وثم العلم بالصانع، ونظراً لإشاراتنا إلى بعض الأفكار فيهذا المجال لابن تيمية، فسنشير إلى بعض معالجات ابن ميثم (وقد سبق ابن تيمية في البحث والكتابة بحوالي العقد أو العقدين من الزمن):

ففي موضوع الحيز للباري تعالىفيقول: إنه تعالى ليس بمكان ولا جهة ولا حيز، خلافاً للكرامية، فإنهم اتفقوا على انه تعالى في جهة؛ ثم زعمت العابدية إن بينهما بعداً متناهياً وقال بعض الهيصمية إنه علىالعرش كما ذهب إليه سائر المجسمة.

وبعد هذا التقرير، وبيان وجوه الاحتمالات، يقول في الوجه الثالث: [إنه ثبت في علم الهيئة والمجسطي أن السماوات والأرض كروية،وإذا كانت كذلك كانت الجهة التي فوق رؤى من كان ببلاد المشرق بعينها أسفل لمن كان ببلاد المغرب وبالعكس، فلو كان سبحانه في جهة فوق لكان كونه فوقاً لقوم مسلتزماً لكونهأسفل قوم آخرين، وذلك مما يأباه الخصم وينكره].

وهذه العبارة تدل على منهجية علمية جبارة قياساً للواقع العلمي لذلك التاريخ. وهو ببيان حقيقة علمية بسيطة، يأتيعلى صراع طويل فيبطله من الأساس. وهو بذلك يكون قد سبق القرون الوسطى الأوروبية التي كانت تحاكم القائلين بكروية الأرض وحركتها!!

وأظن أن الأمور قد اتضحت لجماهيرالمسلمين وعلماء المذاهب الإسلامية،

(188)

لكن الحال بقي هو الحال بالنسبة لمجموعة بعينها إلى يومنا هذا..

ولم يكتف العلامة ميثم البحرانيبالاستدلال الكلامي وعلم الهيئة فحسب بل يجاري الخصم الفكري، ليظهر بطلان أدلته بالمعقول والمنقول، وتبرز هنا قوته في الاستدلال القرآني. حتى يصل إلى موضوع تعارض العقلوالنقل فيقول:

]إذا تعارضا فأما أن نعمل معاً وهو جمع بين النقيضين، أو نطرحهما معاً وهو خلو النقيضين، أو نرجح النقل على العقل وهو باطل، لان النقل فرع علىالعقل، فلو إنّا كذبنا العقل لتصحيح النقل لزم تكذيب العقل والنقل معاً، فتعين ترجيح العقل على النقل ثم تأويل النقل أو تفويض علمه إلى الله تعالى[.

وهذاالتحليل، الذي يضع له ضوابط، حسبما ينقل عن الإمام فخر الدين الرازي رحمه الله، يفتح آفاق الاستفادة من العقل وحدود الحركة الحرة الفكرية وذلك مما بإمكانه التأسيس لنهضةعلمية وتقنية عالية ومتطورة.

ونخلص من البحث وصولا إلى ما بامكاننا استنتاجه:

1ـ أن الخلافات السياسية والاستئثار بالسلطة والثروات، أدّى إلى تفرقالدويلات وبالمآل سقوطها أمام تيارات الصليبية والتترية؛2- إن الخلافات المذهبية وتأجيج المشاعر والتكفير والتفسيق، أدى إلى معارك جانبية ومذابح بين الطوائف الإسلاميةالتي نطقت بالشهادتين، ولم تنتج تلك الخلافات المتعنتة سوى الفرقة والتباعد والتباغض؛

3- إن اشتداد الأزمات لابد له من ضبط من الحريصين على هوية الأمة الإسلاميةووحدتها، وهذا ما لمسناه من جهود الخواجة نصير الدين والشيخ البحراني ومن التفّ حولهما من علماء وتلاميذ، مما أدى إلى تحويل الطوفان والسيول المهاجمة إلى روافد مسالمةوبناءة، وأثرت على المهاجم في رؤيته

(189)

وعقيدته، بدل أن تنهزم الأمة في عقيدتها وثقافتها.

4- إن بناء النهضة العلمية التي نحن بأشد الحاجةإليها، لن يكون سهلاً والأمة تعيش التجاذب والإفراط والتفريط والتشدد والعنف، والغزو الفكري والثقافي. فلابد من كتلة أو نواة أولية، كما حصل في القرن السابع لالتئامالعلماء والمفكرين والمثقفين وتأسيس مركز أو مراكز علمية للتطوير والتصنيع والبناء والتنمية البشرية؛ ولابد من دعم الحكومات من اجل الاستمرارية والوصول إلى نتائجمجدية.

5- والعودة إلى التراث الإسلامي وإحيائه كفيل بـإحياء روح المثابرة، وتحصين الأمة، بروح استشراف المستقبل وعدم الوقوف عن الأطلال.

6- والتواصل بينبلدان العالم الإسلامي كما نشهد في شخصية العلامة ميثم البحراني والخواجة نصير الدين الطوسي والعلامة الحلي، يجب أن يستمر بدرجات أعلى واشد.


1 - تجديد النهضة باكتشاف الذات ونقدها - ص 71/ المؤسسة العربية للدراسات والنشر - 1992 - بيروت.

2- مكتبة النهضة - بغداد 1966.

3- تاريخالدولة السلجوقية لعلي بن ناصر الحسيني - لاهور 1933، ص 17.

4- البداية والنهاية 12/68.

5- ابن الأثير 9/211.

6- البداية والنهاية 13/145 ودول الاسلام المذهبي 2/104.

7- تاريخالعراق بين احتلالين - عباس الغزاوي ، ص 225.

8- طبع جامعة طهران عام ، 1335هـ . ش المقارن 1955م.

9- عباس زرياب - دائرة المعاف الاسلامية الكبرى - ج 2، ص 530.

10- الفكر الشيعيوالنزاعات الصوفية - كامل مصطفى الشيبي - ص 369 - 370.

11- الفكر الشيعي نقلاً عن الرسائل والمسائل - الرسالة الخامسة 1/197.

12- دائرة المعارف الاسلامية الكبرى - 2/531.

13-المقريزي / 1 - 13/889.

/ 1