عقل فی التراث الإسلامی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

عقل فی التراث الإسلامی - نسخه متنی

عز الدین وهدان

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

العقل في التراث الإسلامي

الأستاذ عز الدين وهدان (*)

«ملخص»

هذهالمتابعة تشكل قراءة مكثفة لموضوع العقل، وفق المفهوم الإسلامي السلفي، مع مناقشة موضوعية يسيرة للمفهوم المعتزلي والفلسفي داخل دائرة التراث الفكري الإسلامي، ولمتتطرق إلى الفلسفات الغربية الحديثة، أو اليونانية التي أطالت البحث في ميدان العقل فضلّت وأضلّت، فالهدف هو توصيف الفكر الإسلامي، الذي بينه الإسلام، وخاطبه القرآنالكريم، بمعزل عن الجدل المنطقي والفلسفي حول ماهية العقل وأقسامه وأنواعه.

* * *

مفهوم العقل

يدور المعنى اللغوي لكلمة «عقل» في أغلب المعاجمالعربية ـ وغير العربية ـ حول معان، هي: الربط، والضبط والإمساك، والحفظ (1) وهذا هو المعنى الحسي المادي للكلمة وكثير من جزئياته تتوفر في العقل البشري، فهو يحفظ صاحبه،ويمنعه مما يضره، وبه يضبط أموره ويفهمها، ويميز بين السقيم والسليم وقد اختلف الناس في تحديد مكان العقل في الجسم، أهو في الرأس ؟ أم في القلب ؟ أم في سائر الجسد (2)؟.

وقد تعددت التعريفات الاصطلاحية للعقل تعدداً كبيراً تبعاً لكثرة المتحدثين في ذلك من الفلاسفة وأهل الفرق المختلفة فجاء كل تعريف حاملاً معتقد قائله، ومن أشهرتعريفات العقل أنّه :

1 ـ «قوة غريزية للنفس تتمكن به من إدراك الحقائق، والتمييز بين الأمور» (3).

2 ـ «جوهر مجرد عن المادة في ذاته مقارن لها في فعله، وهيالنفس الناطقة، أو هو جوهر روحاني خلقه الله متعلقاً بالبدن» (4).

3 ـ «القوة المدركة في الإنسان، وهو مظهر من مظاهر الروح محله المخ، كما أن الإبصار من خصائص الروحآلته البصر» (5).

ولا خلاف في أن العقل نعمة منّ الله بها على الإنسان ليعرف حقائق الأمور، ويفصل بين الحسن والقبيح. لا نستطيع إدراك حقيقتها أو كنهها وإنّمانعرفها بما دل عليها من أفعال وتصرفات، يتضح من خلالها أن هذا كامل العقل أو ناقصه أو راجحه أو لا عقل له.

ويقسم فلاسفة العرب العقل إلى نوعين: غريزي، ومكتسب (6)..فأما الغريزي فهو العلم بالمدركات الضرورية، واستعداد النفس لتقبل النظريات واكتسابها، وهذا ما يسميه بعضهم «العقل بالملكة» (7) وأما المكتسب أو المسموع، فهو نتيجةاكتساب النظريات واختزانها في العقل الغريزي فالعقل الغريزي، هو الأصل الذي خلقه الله، والمكتسب هو الفرع الذي تم ونما بوجود الأصل، فإذا اجتمعا قوى كل منهما صاحبه (8).والغريزي هو مناط التكليف وسببه، فإن فقد فلا تكليف، وبه سمي الإنسان عاقلاً، وتميز عن سائر المخلوقات، والمكتسب هو مكان المدح والذم، أو إن المدح والذم يقعان على أثره،«فكل موضع ذمّ الله فيه الكفار بعدم العقل فإنه يشير إلى المكتسب دون الغريزي»(9). وهناك تقسيم آخر للعقل وهو: عقل نظري وعقل عملي (10) وهذا اختلاف في التسمية فقط، أم المعنىفيتفق مع التقسيم السابق، فالنظري يساوي الغريزي، والعملي يساوي المكتسب وقد وردت تفسيرات وتقسيمات وتعريفات كثيرة عند الفلاسفة امتزجت بالمفهوم اليوناني الوثني،وانحرفت عن المفهوم الإسلامي للعقل، ولا يتسع المجال لحصرها هنا (11).

والذي نخلص إليه أن العقل ملكة وغريزة فطرية مدركة وهبها الله سبحانه الإنسان وميزه بها،يستطيع عن طريقها التصديق والتصور البديهي للأمور الضرورية، وتصقل هذه الغريزة، وتتسع مداركها بما تتلقاه من علوم وتجارب في الحياة.

العقل في الكتابوالسنة

يخاطب القرآن الكريم الإنسان بوصفه كائناً عاقلاً، متميزاً عن غيره بهذه الصفة التي من خلالها يفرق بين الخير والشر، والحق والباطل، ويعرف ما يضره وما ينفعهعن طريقها ولم ترد آية في القرآن الكريم تعين العقل وتبين ما هو، وإنّما الذي ورد في مواضع كثيرة هي مشتقات العقل، ووظيفته، وعمله، من مثل (تعقلون، يعقلون، عقلوه، تعقل...)وقد بلغت تسعة وأربعين موضعاً (12).

ومن تلك الآيات: ?ومن آياته يريكم البرق خوفاً وطمعاً وينزل من السماء ماءً فيحيي به الأرض بعد موتها.إن في ذلك لآيات لقوميعقلون? (13)، ?كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون? (14)، ?وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون? (15)، ?وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحابالسعير? (16)، وهناك آيات أخرى لم تذكر مشتقات العقل، وإنّما ركزت على وظائف العقل، كالتذكير، والتفكير، والنظر، والفقه، والتدبر، ونحوها، من مثل قوله تعالى: ?.. قل هليستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون? (17)، وقوله: ?.. انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون? (18)، وقوله: ?أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها? (19).

فالآيات هذهوغيرها تدعو دائماً إلى التعقل، أي توظيف العقل، والاستفادة منه فيما يفيد صاحبه، ولم يتوجه القرآن الكريم إلى بيان معنى العقل أو ماهيته، وإنّما كان الخطاب القرآنيمنصباً على توضيح أهمية العقل في كونه وظيفة تساعد الإنسان على التذكر، والتفكير، والنظر، والتدبر، ثم الخروج بنتيجة واحدة، وهي الإيمان بالله الواحد القهار، لأن العقلالسليم لابد أن يهتدي إلى هذا.

وورد في التفسير أن كلمة «القلب» في القرآن الكريم لها ارتباط بالعقل، كما في قوله تعالى: ?أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوبيعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور? (20)، وقوله: ?إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد? (21). فقد فسرابن عباس «القلب» في الآية الثانية بالعقل: وذلك لأن العقل قوة من قوى القلب وخادم من خدامه، وبه قال الليث: لأنه يعقل بالقلب فكنى عنه، وكذا قال مجاهد (22). والقلب ليسالجهاز المعروف لضخ الدم، إنّما هو اللطيفة المدركة التي وضعها الله في الإنسان، لتكون موضع أعمق الأفكار، وأصدقها، وأوثقها (23).

وورد في القرآن الكريم مرادفاتللعقل: كالحجْر، والفؤاد والنُهى، واللبّ، والحلم، وأسند إليها شيء من وظائف التعقل، من النظر والتفكير والذكر والتذكير، ونحوها، مما يدل على أن من اتصف بها قد اكتملعنده العقل فأدرك حقيقة وجوده في هذا الدنيا، وفهم طبيعتها، ويستعين على هذا الإدراك بحاستي السمع والبصر، قال تعالى: ?والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاًوجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ? (24)، وقال: ?ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصمّ ولو كانوا لا يعقلون. ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمي ولو كانوالا يبصرون? (25). وهذه الحواس تعضد العقل وتساعد في معرفة المحسوسات والمشاهدات في عالم الشهادة، في حين ينفرد العقل بمعرفة عالم الغيب (26). وهكذا يكون السمع والبصر طريقينمن طرق التعقل التي تنتهي بالإنسان إلى المعرفة العقلية المنشودة.

من كل ما سبق نرى أن القرآن الكريم يتحدث عن العقل في مقام التعظيم، والتنبيه إلى وجوب العملبه، وكرر الحديث عنه في أطواره ووظائفه المختلفة، فعمّ الخطاب القرآني كل ما يتسع له الذهن الإنساني من خاصة، أو وظيفة عقلية (27). والهدف دائماً هو توظيف العقل والاستفادةمنه في الخروج بنتيجة واحدة، هي الإيمان التام بالخالق المتفرد بالجلال والعظمة، عندما يجب إفراده بالعبادة والخضوع له، وعدم عصيانه في أي حال من الأحوال.

أماالسنة النبوية الشريفة فلم يرد فيها لفظ العقل إلا في حديث النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ إلى النساء عندما قال: «... ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم منإحداكن؟ قلن وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله ؟ قال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل ؟ قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان عقلها أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم ؟ قلن:بلى، قال: فذلك من نقصان دينها » رواه الشيخان، واللفظ للبخاري (28) ويتداول الناس أحاديث كثيرة مفادها أن العقل أو المخلوقات و«لا أصل لشيء منها، وليس في رواتها ثقةيعتمد» (29). وقد نص ابن تيمية على أن حديث «أول ما خلق الله العقل» كذب موضوع (30)، وعلى الرغم من ذلك يصرّ أحد الباحثين (31)، على أن أحاديث العقل كلها صحيحة، لأن علماء الفقهمن السنة قد بالغوا في حملتهم على أحاديث العقل، خوفاً من أن ينساق الناس خلف العقل وحده (32). ويرى أن تلك الأحاديث تتفق مع روح الآيات القرآنية، وتشرحها بطريق غير مباشر (33). ويسوق عدداً من الملاحظات يؤيد بها رأيه، ولكنها لا تستقيم في دفع الوضع، أو الضعف على الأقل عن تلك الأحاديث (34). والذي نراه أن السنة الشريفة وإن لم يصح فيها أحاديثكثيرة جاءت بلفظ العقل، إلا أنها لا تتجاوز المفهوم القرآني، فهي تجعل العقل الذي هو مناط التكليف أساساً في القيام بالواجبات والانتهاء عن المحرمات، وهذا مستفاد منحديث «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتّى يستيقظ، والمجنون حتّى يفيق، والصغير حتّى يبلغ» (35) فالمجنون الذي فقد عقله، ولم يعد يفرق بين الصواب والخطأ، سقط عنه التكليف،وأقواله وأفعاله لا يتعلق بها حكم شرعي، ولا ثواب ولا عقاب (36). وهنا تأكيد على العقل النظري، أو المطبوع الذي يتميز الإنسان بوجوده عن سائر المخلوقات أما حديث «ما رأيت منناقصات عقل ودين.. » فيدل على أن عقل المرأة فيه نقص عن عقل الرجل في بعض الوظائف كالتذكر ـ مثلاً ـ فالحديث يشير إلى أن شهادة المرأتين تعادل شهادة رجل واحد وقد علل ذلك بأنالمرأة سريعة النسيان، فتذكرها الأخرى كما في آية الدين ?.. أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى...? (37)، أما العقل من حيث هو مناط التكليف فلا خلاف في أنّه غير مراد فيهذا الحديث، وإلا لما خوطبت المرأة بالشرع كما في حديث رفع القلم.

وظيفة العقل

لأي شيء خلق الله العقل ؟ وما الوظيفة التي يؤديها في حياة الإنسان ؟..إن كل ما في الإنسان وجد ليؤدي، ويقوم بوظيفة جليلة في حياة هذا الكائن العجيب، والعقل من أعظم ما أودعه الله الإنسان وامتن به عليه، بل إنه الميزة الكبرى التي انفرد بهاعن سائر المخلوقات.. وهذه الميزة جعلها الله طريقاً للاختبار والابتلاء والاختيار، فقد كان الخطاب القرآني منصبا على العقل طالباً منه أن يتحرك، ويجمع كل طاقاته،ويسخرها في طريق الإيمان بالله وحده لا شريك له.

وعلى هذا الأساس نجد أن الإسلام في دعوته الكبرى قد أعطى العقل أهمية كبيرة، وذلك حينما اعتنى بالعقل في نقاطكثيرة لعل من أهمها:

1 ـ الاعتماد على الإقناع العقلي، وذلك عن طريق توجيه العقل إلى التفكير والتدبر في القرآن الكريم: ?أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوبأقفالها? (28)، والتفكير في مخلوقات الله وملكوته ودقة هذا الخلق وعظمته، وعرض قصص الماضين الهالكين لأخذ العبرة والعظة ?قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبةالمكذبين ? (39)، والدعوة إلى النظر في الدنيا ومتاعها الزائل. هذه الأمور متى أعمل الإنسان عقله فيها، انتهى إلى المنهج الصادق الذي يصلح به نفسه وحياته (40).

2 ـعدم إجبار الإنسان على اعتناق الإسلام، بل أعطى العقل حريته الكاملة ليختار الكفر أو الإيمان ?وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر...? (41)، ولا يكره الناس علىالإيمان إن لم يقتنعوا بالإسلام (42) ?.. أفأنت تكره الناس حتّى يكونوا مؤمنين? (43).

3 ـ ذمّ التقليد والتعصب الأعمى، وعدم إعمال العقل فيما يفعله الإنسان (44).

?وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون ? (45).

4 ـ الأمر بالتعلم، لأن العلم يغذيالعقل كما يغذي الطعام الجسم، ومن هنا أصبح للعلماء في الإسلام منزلة كبيرة ?... يرفع الله الّذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات..? (46) لأنهم يعبدون الله عن فهمعميق واقتناع ويقين ?...إنّما يخشى الله من عباده العلماء?(47).

5 ـ الاعتماد على العقل فيما لا نص فيه، وهو ما يعرف بالاجتهاد، كما ورد في قول النبي ـ صلى الله عليهوآله ـ لمعاذ لما بعثه إلى اليمن قاضياً: «كيف تقضي ؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد ؟ قال: بسنة رسول الله، قال: فإن لم تجد ؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو، فضرب رسول الله علىصدره، وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي الله ورسوله» (رواه أحمد وأبو داود والترمذي والدارمي) (48).

ولكن هذا الاجتهاد مقيد في ميدان الشريعةبضوابط معينة، وسنشير إليها لاحقا.

6 ـ المحافظة على العقل مما يؤثر عليه، أو يغطيه، أو يزيله، فحرّم الإسلام الخمر والمسكرات بأنواعها، وجعل الدية كاملة على منتسبب في زوال العقل من إنسان ما (49).

وعندما ننعم النظر في القرآن الكريم نجده يعمّ وظائف العقل المختلفة، ويبين دورها في تحصيل المعرفة بما يخدم منهجه في دعوةجميع الناس إلى عبادة الله وحده في شمولية منهجية مع مراعاة تغير الأحوال والمواقف (50)، فيدعو إلى التعقل، عن طريق النظر أو الاستنباط، أو الرؤية والمشاهدة.

ويبرز القرآن الكريم أهمية التفكر، وما يحتاج إليه من الحواس، واليقظة والدقة في الاستنتاج ?أو لم يتفكروا في أنفسهم، ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالحقوأجل مسمى...? (51).

ويركز على أن التدبر يدل على الفهم العميق الذي ينتج عنه العلم الذي يدعو إلى الالتزام، ويكاد يكون محصوراً على تدبر القرآن الكريم وآياته (52)?أفلا يتدبرون القرآن. ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا? (53). والنظر طريق عقلي اعتمد عليه القرآن الكريم كثيراً ، لينبه الناس إلى حقيقة الكونوالحياة، فوجههم إلى النظر في عاقبة الأمم الماضية التي حادت عن الطريق المستقيم، ولفت أنظارهم إلى الآيات الكونية ليزدادوا إيماناً ?قد خلت من قبلكم سنن فسيروا فيالأرض فأنظروا كيف كان عاقبة المكذبين? (54)، وهنا تجتمع الرؤية البصرية مع النظر العقلي لتنتج عنها معرفة عقلية تحدوها الفطرة السليمة (55).

ويؤكد القرآن الكريمعلى الفقه، وأنه المعرفة الحقيقية والفهم الخالص، فهو أعمق وظائف العقل، فكأنه يدل على العلم المستقر عند الشخص من خلال فهم آيات القرآن (56)، قال تعالى: ?ومنهم من يستمعإليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً...? 57 ـ 58، وقال: ?وما كان المؤمنون لينفروا كافة. فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذرواقومهم إذا رجعوا إليهم...? (59).

ولقد كان الكون ونظامه والقرآن الكريم ، هما الإطار المرجعي الذي اعتمد عليه العقل في نص القرآن، فقد وجه القرآن أنظار الناس إلىالكون الواسع لتنبيه عقولهم إلى أن النظام السائد فيه دليل على وجود خالق صانع له، وأن هذا الخالق سبحانه لا يمكن أن يكون له شريك ، وإلا حصل التنازع بينهما وفسد النظاموانهار العالم ?لو كان فيهما آلهة إلاّ الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون? (60)، وكذلك نبه إلى أهمية القرآن الكتاب المعجز الذي هو آية محمّد ـ صلى الله عليهوآله ـ التي كانت أكبر تحد لقوم تعد اللغة والبيان أفضل ما تميزوا به .. إذن الكون والقرآن متساويان من حيث الدلالة، فالكون دليل على وجود الخالق جل وعلا، ودليل علىوحدانيته، والقرآن دليل على نبوة محمّد ـ صلى الله عليه وآله ـ وصدق رسالته (61).

الإسلام وحرية العقل

من هنا فإنه يمكن القول أن الدين الإسلامي هوأفضل دين أعطى العقل حريته، وأطلق مجاله دونما حجر عليه، أو تضييق، فانطلق العقل ـ بأمر من القرآن الكريم ـ يبحث ويتساءل لمعرفة الحقيقة الكونية، أو الحقيقة الإلهية،وكلن هذا العقل يجب ألا يساء استعماله، من حيث منطق الجدل، أو من حيث حدود البحث. وهنا يجب الوقوف على طبيعة العقل البشري، ومعرفة إمكانياته وحدوده وقيوده (62).

ومهما أوتي العقل من الطاقة الإدراكية فإنه يبقى عاجزاً عن تناول كثير من الحقائق، وإذا حاول الخوض فيها أدى به الأمر إلى التخبط، والزلل، والضياع الفكري ، لذا أمرالإسلام بالامتثال للأمر الشرعي الصريح، حتّى وإن لم تدرك الحكمة منه، ومنع الإسلام العقل من الخوض فيما لا يمكن إدراكه كالذات الإلهية، والروح وماهيتها (63).

ولقد «جعل القرآن الكريم الكون مجالاً فسيحاً للمعرفة العقلية، محسوسة ومعقولة، وإن قدر للعقل عجزه عن الدخول إلى كنه الأشياء الكونية مما لا يعلمه إلاّ الله، وجعل فيمجال العقل أن يستدل من خلال قوانين عالم الشهادة على وجود عالم الغيب، وترك تفصيلات عالم الغيب مجالاً لطريق آخر للمعرفة هو طريق الوحي» (64).

إن العقل يتعامل معالكون الذي يعيش فيه وهو مزود بالحواس التي تفتح له الآفاق الواسعة لمعرفة عالم الشهادة فيدرك المحسوسات ويحكم بوجودها ونهايتها، وهو لا يقف عند حدود المحسوس بل ينظرفيما يقف وراءه من معنويات وقوانين عقلية في عالم الشهادة، ثم يسلم بعد ذلك بأن هناك ما يقف فوقها من عالم غير مشاهد ليس في مقدور العقل إنكاره (65)، وعالم الشهادة ميدانفسيح لعمل العقل، والكون كله مسخر له ليبحث فيه وينظر، قال تعالى: ?... وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار. وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليلوالنهار? (66)، وقال: ?وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه...? (67) والنظر العقلي الذي تطلبه هذه الآيات وغيرها من الآيات التي تخاطب العقل هو النظر الهادف إلىمعرفة الله معرفة حقة، وأنه الخالق لهذا الكون والإنسان، وخالق كل شيء ومن ثم تجب عبادته، وحده لا شريك له.

أما عالم الغيب الذي يستدل عليه العقل عن طريق معرفتهالحقيقية بعالم الشهادة، فلا مجال للعقل في تفصيلاته، ولا قدرة له في ذلك، فإنه مرتبط بعالم الشهادة، وما يكون من نمو عقلي للإنسان وتمكن في حواسه إنّما هو محصلة معرفةواقعية محسوسة لعالمه المشاهد ?والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون? (68)، لكن هذه المعرفة العقلية نتجت عنهاضرورة عقلية بوجود عالم الغيب، وما عالم الشهادة إلاّ أثر له، وبعد ذلك لا يستطيع العقل تقديم تفاصيل ذلك العالم، عندها تكون الحاجة ماسة لطريق آخر وهو الوحي والنبوة،وهي كذلك يسلم العقل بوجودها وإثباتها عن طريق النظر العقلي، ويكون دور العقل هنا التلقي والفهم الصحيح للنصوص القادمة عن طريق الوحي (69)، ولا يتصور وجود تعارض بين العقلالسليم والوحي، لأن الوحي منهج الله، والعقل خلق الله، فلا يمكن تصادمهما. ولكن لما كان العقل البشري محدوداً جزئياً، يعتمد على الاستقراء، وتراكمات الخبرة السابقةلإدراك مسيرته وسبل أدائه، كان من الضروري أن يأتي الوحي ليمده بالمدركات الضرورية التي لا يستطيع فهمها (70) وعلى هذا الأساس فقد يتأثر العقل بعوامل التربية والبيئة،فتختلط عنده المفاهيم فلا يستطيع التمييز بين الخير والشرّ، وإن كان مفطوراً على معرفتها.. وهنا يجب تدخل الوحي لبيان العقيدة والتشريع والأخلاق، فيسلم العقل للنصالشرعي الصحيح، ويقبله وإن لم يدرك الحكمة الظاهرة منه، ويبقى الوحي الإلهي هو المصدر الأول في مجال العقيدة والتشريع (71).

العقل بين منهج السلف ومنهجغيرهم

لعلّ في حديثنا السابق بياناً للمنهج السلفي المعتدل، الذي يؤمن بالعقل مصدراً من مصادر المعرفة، ولكن لا يغالي فيه، ولا يرفعه فوق قدره الذي وضعه الله فيه،فيعرف أن هذا العقل نعمة أنعم الله بها على الإنسان، ليستعين بها على التحكم في أمور حياته، وينطلق من خلالها لإعمار الأرض التي جعله الله فيها خليفة ونعلم أن هذا العقلقاصر عن إدراك حقائق كونية، وأمور غيبية، فلا مجال له فيها، وعليه بالالتزام بالوحي السماوي. ولقد رأينا في الموضوعات السابقة أن القرآن الكريم يدعو إلى توظيف العقلوالاستفادة منه في مجال الإيمان بالله وحده لا شريك له، وهذا الأمر وغيره من أمور العقيدة يعجز العقل أن يستقل بمعرفتها، فلابد من الوحي الإلهي ليهديه ويرشده.

ويتمثل موقف العقل السلفي في مجال العقيدة فيما يلي:

الاعتماد على الفطرة التي فطر الله الناس عليها، التي هي أساس الدين، لأنها تلجئ صاحبها إلى البحث عن الحقوالالتزام به ?فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون? (72)، فالفطرة تعني الإسلام كما هومشهور في تفسير هذه الآية عند جمهور السلف (73)، فلذلك سمي الإسلام «دين الفطرة»، لأن الإنسان منذ خلقه الله مفطور على الإيمان بأن له خالقاً تجب عبادته وحده، ولكن مؤثراتالبيئة تعرض له فتغير اتجاهه، وتطفئ نور الفطرة عنده، كما يدل على ذلك الحديث المشهور «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه» (رواه البخاريومسلم) (74)، وعندما يصيب هذه الفطرة ما يمنعها يتجلى دور الأدلة العقلية التي ورد بها الوحي في إيقاظها وتنبيهها إلى الحق، ويقف العقل أمام ما عرضه الوحي من قضايا عقيديةموقف المتلقي لها بوصفها هبة من الله، ويفهمها بقدر الطاقة البشرية، دون الإغراق في تعقل حقائقها، وتكييفها مما لا فائدة للعقل منه، بل يكون سبباً في ضلال الكثيرين (75).

أما مجال العقل في ميدان التشريع فيتحدد بما يلي:

* المعرفة الفطرية بالحسّ والقبح في الأفعال على سبيل الإجمال، أما التفصيل فمصدره الوحي، وعلى هذا يسهلتلقي التشريع الموحي به الله تعالى الذي يخاطب الفطرة المتفقة معه اتفاقاً تاماً (76).

* الاجتهاد، وهو إيجاد أحكام للقضايا المستجدة وفق ضوابط معينة من خلال دلالةالنصوص الشرعية، وذلك باستخراج الحكم الشرعي من النص، ثم تطبيق هذا الحكم على الحياة البشرية، ولا يتصدّى لهذا العمل إلا المتميزون الّذين حدد السلف شروطهم وصفاتهم،فمن أهم ما يتصف به المجتهد: العلم بالعربية، والتعمق في علوم القرآن والسنة، والوقوف على التراث الفقهي والأصولي، ومعرفة مسائل الحياة العملية، وظروفها، وملابساتها،إلى غير ذلك من الشروط مما نراه مبثوثاً في كتب أصول الفقه (77).

وهنا نرى أن العق اتسع مجاله أكثر منه في ميدان العقيدة، فانطلق في باب الاجتهاد، ليوجد بعض الأحكامالجديدة، ولكن ينبغي أن نعلم أن الاجتهاد ليس عملاً حرّاً، يفعل فيه العقل ما يشاء، ويشرع ما يشاء فالاجتهاد في مفهومه الإسلامي ما هو إلا «فهم للشريعة، وتفريغ لما جاءتبه، وتطبيق لهذه الأحكام المستقاة من الشريعة على الحياة البشرية» (78). ولا يمكن أن يستقل العقل الإنساني بالتشريع للحياة من خلال سنّ نظم الأخلاق والعبادات والمعاملات،لأنه عاجز عن الوفاء بشروط يجب توفرها عنده حتّى يكون مؤهلاً لتلك المهمة، وهذه الشروط هي (79):

1 ـ العلم بحقيقة الإنسان وتكوينه الروحي والجسدي معاً.

2 ـالعلم بحقيقة الشرّ والخير جملة وتفصيلاً.

3 ـ العلم اليقيني بما ستكون عليه الحياة البشرية مستقبلاً.

4 ـ تحرر العقل من قيود التأثر بالمؤثرات الخارجية.

ولا يتصور وجود هذه الشروط الأربعة في أي بشر كائناً من كان، فهذا مما اختص الله به فلا يدرك إلا عن طريق الوحي.

تلك كانت النظرة السلفية للعقل ووظيفته،أما غير السلف فقد تفرقوا، وتاهت بهم الطرق، فمنهم من عطل العقل بالكلية، ومنهم من غالى فيه وجعله المصدر الأول للمعرفة، والحكم والقاضي في الأمور كلها. فمن الّذين عطلواالعقل طائفة من المتصوفة انصرفوا عن العقل واحتقروه، لما رأوا كثرة الجدال والمناظرة بالمتناقضات على أشدها بين أهل الكلام، واعتقدوا أن البله الّذين لا عقل لهم منالأولياء، وفضلوهم على متبعي طريق النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ، واعتمدوا في مذهبهم على حديثين ضعيفين، هما «اطلعت على الجنة فرأيت أكثر أهلها البُلْه» و«أكثر أهلالجنة البُلْه» (80). ولا حاجة إلى بيان بطلان مذهب هؤلاء، فأمرهم ظاهر، فهم لا يستندون إلى دليل نقلي ولا عقلي (81)، فالحديثان ضعيفان، وأما العقل فقد أبطلوه، وهذا مخالفللعقل نفسه الذي عرفنا فيما سبق أن له قيمته ومنزلته التي جعلها الله له في حياة البشر.

غلاة العقل

أما الّذين غالوا في العقل وقدموه، فهم من يسمون«العقليين»، ويمثلهم بشكل واضح المعتزلة، والفلاسفة.

والمعتزلة هم رواد هذا الاتجاه في التاريخ الإسلامي، فقد سبقوا سائر الفلاسفة المسلمين في الخوض في غمارالعقل، وشاع إطلاق اصطلاح «المتكلمين» عليهم دون غيرهم من فرق المتكلمين (82)، وكان هدفهم من الاعتماد على العقل بيان أن ما جاء به الإسلام من أصول حق يتفق مع العقل الصريحوأدلته البرهانية (83)، وقد اعتمدوا في مذهبهم على الفلسفة اليونانية والمنطق الارسطي على الرغم من محاولتهم اتخاذ منطق جدلي خاص بهم (84) فحكّموا العقل تحكيماً مطلقاً،ورفعوا من شأنه حتّى قالوا: «خلق العقل ليعرف، وهو قادر على أن يعرف كل شيء.. المنظور وغير المنظور» (85). وعلى هذا الأساس قدموا الأدلة العقلية على الأدلة الشرعية، فكذبواالحديث الذي لا يتوافق مع العقل، وأولوا الآيات التي لا تتوافق مع مذهبهم وإن وضحت (86)، وقالوا إن العقل قادر على معرفة الحسن والقبيح، ولو لم يرد بهما الشرع، فعلى هذا«فالمعارف عندهم كلها معقولة واجبة بنظر العقل، وشكر المنعم واجب قبل ورود السمع، والحسن والقبيح ذاتيان للحسن والقبيح »(87).

فالعقل عندهم هو أساس المعرفة، بلهو المعرفة، وبناء عليه فإن الثواب والعقاب على الأفعال واجب عقلاً لا شرعاً (88) ودليل العقل عندهم هو الأساس في معرفة الله تعالى، فقد رفضوا أن يكون إيمانهم تقليداً،فعرضوا العقيدة على العقل أولاً، وأثبتوها عقلاً، وبعد ذلك تستخدم الأدلة المعرفية السمعية وهي الكتاب والسنة والإجماع.

ومن هنا نرى أن المعتزلة قد أخضعواالدين لحكم العقل، وبذلك قدموه على النقل الصحيح، وارتفعوا به عن قدره الذي خلقه الله عليه، وهذا مخالف لما قررناه في أول الموضوع من أن العقل البشري بمحدودية إدراكهومعرفته لا يستطيع الاستقلال عن الوحي في سنّ المنهج السليم للإيمان بأصول العقيدة الصافية أو الشريعة المثلى. ومن هنا نرى أن العقل له إطاره المحدود الذي لا يتجاوزالنقل الصريح، أو يكون حاكماً عليه. أما الفلاسفة فقد خاضوا في العقل معتمدين على تأثير الفلسفة اليونانية، وخاصة تأثير أرسطو في حديثه عن العقل، ونقلوا تعريفاتوتقسيمات اليونان للعقل إلى الثقافة الإسلاميّة، فاهمين تشجيع القرآن الكريم للعقل فهماً قاصراً، فاختلفوا في تقسيم العقول، وعددها، ووظيفة كل عقل، وحاولوا تفسير معنى«العقل الفعال» الذي هو عند الفلاسفة اليونان فوق العقل الإنساني، تفيض منه الصور على عالم الكون والفساد، فتكون موجودة فيه من حيث هي فاعلة.

أما في عالم الكونفلا توجد إلا من حيث الانفعال (89). وقد وصفه أرسطو بصفات تسمو به عن عالم الإنسان، وعن العالم الطبيعي، فجعله الخالد وغيره من العقول قابل للفساد (90).

وقد حاولالفلاسفة المسلمون إيجاد تفسير لهذا العقل في الفكر الإسلامي، ومن أشهر هؤلاء الفلاسفة الّذين خاضوا في العقل: الكندي، والفارابي، وابن سينا، وابن رشد فيرى الكندي أنالعقل الفعال هو العلة الحقيقية لكل معقول في الوجود (91)، بينما يرى الفارابي، وهو مؤسس نظرية الفيض والإشراق، أن العقل الفعال شيء خارج النفس، وأنه آخر العقول السماوية،ويسميه الروح الأمين، أو روح القدس، أو واهب الصور (92).

ويأتي ابن سينا ليقول: إن العقل الفعال قوة قدسية، وهي أعلى مراتب القوى الإنسانية، وهي تفيض على العقولالبشرية فتحاكيها، وهذا ضرب من النبوة أو الوحي، في حين يجعل ابن رشد العقل الفعال مظهراً من مظاهر النفس ليس خارجاً عنها، فما هو إلا انتزاع المعاني وتجريدها، يقابلهالعقل المادي أو الهيولاني الذي هو استعداد لقبول المعاني، الذي جعله خالداً أزلياً ليمكنه الاتصال بالعقل الفعال الخالد (93).

ولا يخفى أن هؤلاء الفلاسفة قدساروا خلف المفهوم اليوناني للعقل، وهو بالطبع مختلف عن المفهوم الإسلامي، ومشوب بعناصر وثنية مختلطة بعبادة للعقل، لذا جاءت نظرية العقل عندهم بعيدة عن التصورالإسلامي، وامتزجت بشيء من التصوف، والتعبير بالمصطلحات الدينية عن معان فلسفية، فأدى ذلك كله إلى اختلال المنهج الذي أفضى إلى اختلال التصور العقيدي، وخاصة شرح عمليةالخلق وعملية المعرفة (94)، وهم يحاولون إيجاد منهج توفيقي بين الإسلام والفلسفة في الاعتراف بالنبوة والوحي، وإخضاعها لسلطان العقل، لكنهم ضلوا وانحرفوا، حيث جعلواالعقل المصدر الأول للحكم على كل شيء فهم يرون:

1 ـ أن الأصل الذي يصدر عنه العقل والوحي واحد هو الله أو العقل الفعال، ومن ثم ما يأتيان به واحد، فلا يمكن حصولتضاد بينهما فيما جاءا به من حقائق.

2 ـ أن مصدر الحقائق في الفلسفة هو عقل الفيلسوف، وفي الدين هو مخيلة النبي.

3 ـ أن ما يأتي عن طريق التخيل يكون على شكلرموز تغلف بها الحقيقة، من أجل عامة الناس الّذين لا يدركون الحقائق بشكلها المجرد كما يفهمها الفلاسفة فالاتفاق بين الفلسفة والشريعة إنّما هو اتفاق في الباطن المتخفيوراء الظواهر، ونتيجة لما سبق يتضح في منهجهم أن الفيلسوف لم يعد بحاجة إلى النبي لأنه يعرف حقائق الأمور بعقله في حين أن النبي يتخيلها بل إن النبي في زعمهم محتاج إلىالفيلسوف الباحث بعقله الحرّ ، ليعينه على تفسير بعض الحقائق (95).

هذا جانب من التخطيط الفلسفي الذي اعتمد على تقديس العقل، وجعله الأساس في كل شيء، إلى درجة أنهؤلاء قالوا إن الله هو العقل الفعال أو العقل المحض، وهذا اعتداء على مقام الألوهية (96). وهكذا نرى أن الفلاسفة قد انزلقوا في متاهات العقل وبراهينه القاصرة عندما حاولواتفسير أمور الغيب وما وراء الطبيعة التي لا مجال للعقل فيها إلا بهدي من الوحي السماوي، وبقيت أدلتهم مجرد تصورات عجزوا عن تطبيقها في عالم الوجود الواقعي.

مراجع البحث:

1 ـ الاتجاه العقلي في مشكلة المعرفة عند المعتزلة: مهدي حسن أبو سعدة، دار الفكر العربي، القاهرة، الطبعة الأولى، 1413 هـ: 1993 م.

2 ـإسلامية المعرفة، المعهد العالي للفكر الإسلامي، 1416 هـ.

3 ـ بنية العقل العربي، د. محمّد عابد الجابري، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، الطبعة الثانية، 1987.

4 ـ التعريفات: علي بن محمّد الجرجاني، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1403 هـ.

5 ـ التفكير فريضة إسلامية: عباس محمود العقاد، نهضة مصر للطباعةوالتوزيع، د. ط، د.ت.

6 ـ تكوين العقل العربي: د. محمّد عابد الجابري، توزيع المركز الثقافي العربي للنشر والتوزيع، بيروت، الطبعة الثالثة، 1987.

7 ـ دائرةمعارف القرن العشرين: محمّد فريد وجدي، دار المعرفة، بيروت، لبنان، الطبعة الثالثة، 1971.

8 ـ العقل وفهم القرآن: الحارث بن أسد المحاسبي، تحقيق حسين القوتلي، دارالكندي، دار الفكر، الطبعة الثالثة، 1402 هـ: 1982.

9 ـ مصادر المعرفة في الفكر الديني والفلسفي: د. عبد الرحمن بن زيد الزنيدي، مكتبة المؤيد، الرياض، المعهد العالميللفكر الإسلامي، الطبعة الأولى، 1412 هـ: 1992م.

10 ـ المعجم الفلسفي: د. جميل صليبا، دار الكتاب اللبناني، بيروت، مكتبة المدرسة، بيروت، 1982.

11 ـ المعجمالفلسفي: د. مراد وهبه: د. ناشر، الطبعة الثالثة، 1979.

12 ـ معجم مقاييس اللغة: لأبي الحسين أحمد بن فارس، تحقيق: عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي بمصر، الطبعةالثالثة، 1403: 1981م.

13 ـ منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير: د. فهد بن عبد الرحمن الرومي، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى 1401 هـ: 1981م.

14 ـ موسوعةالفلسفة: د. عبد الرحمن بدوي، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، الطبعة الأولى، 1984.

15 ـ نظرية المعرفة بين القرآن والفلسفة: د. راجح عبد الحميد الكردي، مكتبةالمؤيد، الرياض، المعهد العالي للفكر الإسلامي، الطبعة الأولى، 1412 هـ: 1992م.




*ـ باحث فلسطيني.

1 ـ ينظر: معجم مقاييس اللغة2ـ69 ـ 73، لسان العرب 4 ـ 2046 ـ 2050 طبعة دار المعارف بترتيب الحرف الأول، الصحاح 5 ـ 176 ـ 1772، القاموس المحيط 1336، 1337، بنية العقل العربي، ص 208، 209.

2 ـ مصادر المعرفة،ص 302،وقد أحال في هذا إلى كتاب ـ الحدود في الأصول للباجي، ص 34.

3 ـ مصادر المعرفة، ص 307 ـ 308، نقلا عن «كشاف اصطلاحات الفنون» ص 1034.

4 ـ التعريفات، ص 151.

5 ـدائرة معارف القرن العشرين، 6 ـ 522.

6 ـ دائرة معارف القرن العشرين، 6 ـ 522.

7 ـ ينظر: التعريفات، ص 152.

8 ـ دائرة معارف القرن العشرين، 6ـ 522،مصادرالمعرفة، ص 303.

9 ـ مصادر المعرفة، ص 304، نقلا عن الراغب الإصفهاني في المفردات، ص 342.

10 ـ ينظر: موسوعة الفلسفة 2ـ73، المعجم الفلسفي، د. مراد وهبة، ص 278.

11 ـ ينظر: مصادر المعرفة، ص 303 ـ 307، نظرية المعرفة، ص 266، وما بعدها، المعجم الفلسفي، د. جميل صليبا 2ـ84 وما بعدها، دائرة معارف القرن العشرين 6ـ522 ـ 523.

12 ـ نظريةالمعرفة، ص 604.

13 ـ الروم: 24.

14 ـ البقرة: 242.

15 ـ العنكبوت: 43.

16 ـ الملك: 10.

17 ـ الأنعام: 50.

18 ـ الأنعام: 65.

19 ـ محمّد:24.

20 ـ الحج: 46.

21 ـ ق: 37.

22 ـ العقل وفهم القرآن، ص 120 ـ 121.

23 ـ نظرية المعرفة، ص 604 ـ 605.

24 ـ النحل: 78.

25 ـ يونس: 42 ـ 43.

26 ـ نظرية المعرفة، ص 611.

27 ـ التفكير فريضة إسلامية ص 304.

28 ـ الحديث في صحيح البخاري 1: 136 ـ 137، كتاب الحيض ـ نشر إدارة الطباعة المنيرية طبعة 5 : 1406 هـ،وصحيح مسلم 1 ـ 86 ـ 87 ـ كتاب الإيمان ـ تحقيق: فؤاد عبد الباقي، ومسند الإمام أحمد 2 ـ 66، 67، طبع المكتب الإسلامي ـ بيروت.

29 ـ ينظر: نظرية المعرفة، ص 418 ـ 419.

30 ـ فتاوي ابن تيمية 18 ـ 336 بترتيب ابن قاسم.

31 ـ حسين القوتلي محقق كتاب الحارث المحاسبي: العقل... وفهم القرآن، ص 124.

32 ـ العقل وفهم القرآن، ص 124.

33 ـ العقل وفهم القرآن، ص 125.

34 ـ للاستزادة والتفصيل ينظر: العقل وفهم القرآن، ص 121 ـ 129.

35 ـ رواه أبو داود والترمذي وحسن... حاشية الروض المربع 1 ـ 414،وينظر: فتاوي ابن تيمية 11 ـ 191، 192 بترتيب ابن قاسم.

36 ـ الفتاوي 11: 192.

37 ـ البقرة: 282.

38 ـ محمّد: 24.

39 ـ الأنعام:11.

40 ـ منهج المدرسةالعقلية 1ـ30 ـ 33.

41 ـ الكهف: 29.

42 ـ منهج المدرسة العقلية 1 ـ 34.

43 ـ يونس: 99.

44 ـ منهج المدرسة العقلية 1 ـ 35.

45 ـ البقرة: 170.

46ـ المجادلة: 11.

47 ـ فاطر: 28.

48 ـ منهج المدرسة العقلية 1: 36 ـ 37.

49 ـ منهج المدرسة العقلية 1: 37.

50 ـ نظرية المعرفة ص 630، ولزيادة التفصيلوالإيضاح لوظائف العقل وأدلتها من القرآن ينظر المصدر نفسه، ص 630 ـ 643.

51 ـ الروم: 8.

52 ـ نظرية المعرفة، ص 637.

53 ـ النساء: 82.

54 ـ آل عمران: 137.

55 ـ نظرية المعرفة، ص 638.

56 ـ نظرية المعرفة، ص639.

57 ـ الأنعام: 25.

58 ـ ومثلها الآية 57 من سورة الكهف.

59 ـ التوبة: 122.

60 ـالأنبياء: 22.

61 ـ تكوين العقل العربي.

62 ـ العقل وفهم القرآن، ص 142.

63 ـ منهج المدرسة العقلية، 1/38.

64 ـ نظرية المعرفة، ص 651.

65 ـنظرية المعرفة، ص 647.

66 ـ إبراهيم: 32 ـ 33.

67 ـ الجاثية: 13.

68 ـ النحل: 78.

69 ـ نظرية المعرفة، ص647.

70 ـ نظرية المعرفة، ص 650.

71 ـلزيادة التفصيل في ميداني العقيدة والشريعة ودور العقل فيهما ينظر: مصادر المعرفة ص 370 وما بعدها.

72 ـ الروم: 30.

73 ـ مصادر المعرفة، ص 347.

74 ـ صحيحالبخاري 2 ـ 96 طبعة المكتبة الإسلاميّة، اسطنبول، صحيح مسلم 2 ـ2047 تحقيق فؤاد عبد الباقي.

75 ـ مصادر المعرفة، ص 415.

76 ـ مصادر المعرفة، ص 426.

77 ـمصادر المعرفة، ص 427، وللاستزادة ينظر المرجع نفسه، ص 419 ـ 432.

78 ـ مصادر المعرفة، ص 427.

79 ـ ينظر: مصادر المعرفة، ص 419، ومابعدها.

80 ـ منهج المدرسةالعقلية، 1 ـ 41.

81 ـ منهج المدرسة العقلية، 1 ـ 42.

82 ـ علم الكلام علم يتضمن الاستدلال على العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية.. الاتجاه العقلي.. ص 26، نقلا عنابن خلدون في المقدمة، ص 423، طبعة دار الشعب.

83 ـ مصادر المعرفة، ص 375.

84 ـ ينظر: الاتجاه العقلي، ص 106، ومابعدها

85 ـ منهج المدرسة العقلية، 1 ـ 53.

86 ـ منهج المدرسة العقلية، 1 ـ 54.

87 ـ الاتجاه العقلي، ص 40 نقلاً عن الملل والنحل للهشرستاني 1 ـ 50.

88 ـ ينظر الاتجاه العقلي، ص 300، وما بعدها.

89ـ المعجم الفلسفي، د. جميل صليبا 2 ـ 86.

90 ـ نظرية المعرفة، ص 364.

91 ـ نظرية المعرفة، ص 366.

92 ـ نظرية المعرفة، ص 370.

93 ـ نظرية المعرفة، ص 373،وللاستزادة والتفصيل ينظر المرجع نفسه، ص 362 ـ 373.

94 ـ نظرية المعرفة، ص 421.

95 ـ مصادر المعرفة، ص 377 ـ 378.

96 ـ نظرية المعرفة، ص 424.


/ 1