دور الازهر فی حرکة التقریب بین المذاهب الاسلامیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

دور الازهر فی حرکة التقریب بین المذاهب الاسلامیة - نسخه متنی

عبدالمعطی محمد بیومی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

دور الازهر في حركة التقريب بين المذاهب الاسلامية

أ. د. عبد المعطي محمد بيومي

باحثمن مصر

الاسلام - كما هو معروف - دين عالمي، وعقيدته عقيدة أممية تنشئ أمة واحدة مع الاعتراف بخصائص الشعوب الثقافية، الا أنها تصهر الشعوب في اطار واحد على أسسواحدة من العقيدة ومن الشعور بالوحدة والانتماء.

فأساسيات العقيدة الاسلامية لا تصادر التعددية لأن اطارها يحتوى كل خصائص الانسان وثقافات الشعوب ولا يجعل منهذه الخصائص الفردية أو الثقافات الشعبية أو العادات والتقاليد عوامل تفرقة.

واذا شئنا قلنا دون أن نعدو الحق: إن الاسلام يقدم نظاما يقوم على التعدد في اطارالوحدة أو التنوع في اطار العموم.

فنرى الله تعالى يقول: 'ان هذه أمتكم أمة واحدة، وأنا ربكم فاعبدون' (الانبياء: 92).

فالايمان بالوحدانية لله والنبوةالخاتمة بمحمد(ص) والايمان بالبعث والنشور في اليوم الآخر ايمان يتسع لمفهوم الأمة الواحدة، ولا يتعارض مع أي ثقافة تؤمن بهذه الأسس الوحدانية - الرسالة - اليوم الآخر،وتترك بعد ذلك للانسان وللشعوب في هذا الاطار أن تتمذهب بما تشاء دون حرج ودون خروج على مفهوم الأمة الواحدة. وهذه بدهية من بدهيات الاسلام، وامكانية كبرى من امكانياتالتوحيد والعالمية للبشر والرسالة.

وقد عمل رسول الله(ص) على تأكيد هذه السمة وتركيزها في المجتمع الاسلامي بكل ما استطاع من وسائل الدعوة والبناء للأمة.

ولنأخذ من عمله (ص) مظهرين أساسيين في هذا المجال:

1- توحيده (ص) على أساس مفهوم الأمة في أول عمل له لاقامة الدولة الاسلامية في المدينة عن طريق:

- مؤاخاته أولا بين المهاجرين والأنصار، وازاحة الخلافات والنعرات القديمة بين الأوس والخزرج، وطرحه للعصبية الجاهلية التي كانت تفرق بينهم على أساس قبلي طائفي. وقالعن هذه العصبية الجاهلية 'دعوها فانها منتنة'.

- ادخاله عليه الصلاة والسلام في عقد الوحدة للأمة غير المسلمين في مفهوم الأمة الواحدة بالوثيقة التي أپرمها (ص) معيهود المدينة وجعلم ضمن الأمة الواحدة مع احترام رغبتهم فيما يدينون وتركهم عليه.

أورد ابن هشام في كتابه 'السيرة النبوية' قال:

قال ابن اسحق'كتب رسول الله (ص) كتابا بين المهاجرين والأنصار، وادع فيه يهود وعاهدهم، وأقرهم على دينهم وأموالهم وشرط لهم، واشترط عليهم'.

ثم أورد نص الكتاب: فقال 'بسم اللهالرحمن الرحيم' هذا كتاب من محمد النبي(ص) بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب، ومن تبعهم فلحق بهم، وجاهد معهم، انهم أمة واحدة من دون الناس.

وجاء فيه 'وان ذمةالله واحدة، يجير عليهم أدناهم، وان المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس، وانه من تبعنا من يهود فان له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصرين عليهم'.

كما جاءفيه 'وانكم مهما اختلفتم فيه من شيء فان مرده الى الله عز وجل، والى محمد (ص)، وان اليهود يتفقون مع المؤمنين ماداموا محاربين، وان يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهوددينهم، وللمسلمين دينهم، الا من ظلم وأثم، فانه لا يوتغ (يهلك) الا نفسه وأهل بيته، وان ليهود بني النجار مثل ماليهود بني عوف، وان ليهود بني الحارث مثل ماليهود بني عوف....

وراحت الوثيقة تعدد قبائل اليهود، وتعطيهم ما تعطي لبني عوف.

ولكن الذي يلاحظ في الوثيقة بعد ذلك تأكيده (ص) وتكراره على أن أي حدث أو اشتجار بين أهلالصحيفة سواء بين المسلمين بعضهم وبعض أو بين المسلمين واليهود أو بين اليهود واليهود ممن شملهم مفهوم الأمة الواحدة في هذا النص المبكر في تاريخ الاسلام يجب أن يعود فيهالمشتجرون، حتى قبل فساد مابينهم ووصوله الى مرحلة يتعذر معها الاصلاح أن يريدوه، الى الله عزّوجل، والى محمد(ص) ، فيطرحوا خلافهم على القرآن والسنة فينزلوا جميعا علىحكم الله فيما شجر بينهم. جاء في الوثيقة: '... وانه ماكان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده، فان مرده الى الله عزوجل، والى محمد رسول الله(ص) ، وان الله علىأتقى مافي هذه الصحيفة وأبره'

ومضى المسلمون أمة واحدة على هدى هذه الوثيقة بعد هدى الله سبحانه في قوله: 'فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما' وقوله سبحانه 'وما اختلفتم فيه من شيء فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا'وقوله تعالى: 'وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه الى الله'.

لعلنا نلاحظ تكرار القرآن الكريم وتأكيده على الرجوع الى الله ورسوله عند اشتجار المؤمنين واختلافهم في أيشيء والأخذ بما يقول الله ورسوله في موضع الخلاف الذي يتنازعون فيه.

لكن الأمور لم تمض على هذا النحو طويلا، فانصدعت الوحدة الاسلامية بدءا من عهد عثمان (رض)ومرورا بعهد على (ع)، وما تلا ذلك من عهود، تشعبت فيها الآراء وتشققت المذاهب، وذهب كل فريق مذهبا لا يلوي على الآخر، وعمد أصحاب المذاهب الى القرآن والسنة يطوعون آياتالله ويخضعون أحاديث رسوله الى مذاهبهم، ويضربون الكتاب بعضه ببعض، ويقتل بعضهم بعضا، مع نهي الرسول(ص) عن ذلك في آخر بيان عام له يوم حجة الوداع 'لا ترجعوا بعدي كفارايضرب بعضكم رقاب بعض'.

وكان المذهبان الكبيران اللذان برزا من هذا الخلاف هما مذهبا أهل السنة والشيعة، وقد جرت بين أتباعهما مقاتل كثيرة أضرت بهم جميعا، كماأضرت بمفهوم الأمة الواحدة، ومكنت لأعداء الاسلام والمسلمين الشيء الكثير في الماضي والحاضر خاصة بعد ما أنهكت الحروب والمقاتل الداخلية الأمة الاسلامية ومكنتلأعدائها المتوالين عبر التاريخ من التتار والصليبيين وحملات الاستعمار وهي جديرة في حال استمرارها أن تمكن من الأمة الاسلامية حملات التغريب المستمرة منذ قرون،وحملات العولمة ومايسمى بالنظام العالمي الجديد.

ومع أننا لا نريد بهذه المناسبة أن ننكئ الجراح القديمة؛ بأن نسرد بعض تفاصيل هذا الصراع المقيت، ولا أسسهالمذهبية فاننا نريد أن نذكر هنا بالفضل والاشادة أن هذا الصراع المذهبي الدامي لم يخل من أناس كبار النفوس والقلوب وكبار العقول كان لهم من سماحة الصدر ورحابة الأفقوسعة العلم والحدب على الأمة حاولوا التوفيق في الخلاف والتقريب بين المسلمين، لترد الأمة ما اشتجرت فيه الى الله ورسوله، ولتتفرغ جهودها الضائعة في الخلاف فيما بينهاالى التوحيد، والتركيز في مقاومة مايتحداها من خارجها، وهو أولى بالمقاومة وأجدر بتجميع الصفوف وتوحيد الجهود.

من هؤلاء السيد جمال الدين الأفغاني(الاسد آپادي) وتلميذه الامام محمد عبده.

فقد كان الرجلان أسرع من تنبها الى ضرورة توحيد الأمة في مقاومة الاستعمار بشتى أشكاله السياسية والثقافية والاجتماعيةوالعسكرية، وأن هذا التوحيد لن يتحقق الا بالاتفاق على الأصول العامة للاسلام ومبادئه الأساسية التي تحتفظ للمسلم باسلامه، و لا يضر بعد ذلك الخلاف فيما سواها، لتتوحدالأمة تحت راية الاسلام وتتعاون فيما بينها على صد المحالاوت الأجنبية التي تريد أن تستعبد المسلمين في ديارهم وتجتث أصول دينهم من قلوبهم لتتركها فراغا تملؤه بعد ذلكبما شاءت من أهواء وأفكار.

وقد كان جمال الدين يرى أن السياسة في الحقيقة، لا الدين، هي التي أذكت نار الخلاف بين السنة والشيعة 'فالملوك من السنيين - كما قال -هوَّلوا وأعظموا أمر الشيعة لاستهواء العوام بأوهام غريبة وعزويات عجيبة على شيعة أهل البيت، ليتسنى له بذلك تحزيب الأحزاب، وتجييش الجيوش ليقتتل المسلمون بعضهم بعضا،بحجة الشيعة والسنة وجميعهم يؤمنون بالقرآن، وبرسالة محمد(ص)'.

ولم يكن جمال الدين الأفغاني (الاسد آبادي) يرى مبرراً - في عصرنا للخلاف بين المسلمين من أجلالخلافة في عصور مضت بكل مافيها.

قال: 'أما مسألة تفضيل الامام علي والانتصار له يوم قتال معاوية وخروجه عليه، فلو سلمنا أنه كان في ذلك اليوم مفيداً أًو ينتظر منورائه نفع لاحقاق حق أو ازهاق باطل، فاليوم نرى أن بقاء هذه النعرة والتمسك بهذه القضية التي مضى أمرها وانقضى مع أمة قد خلت ليس فيها الا محض الضرر وتفكيك عرى الوحدةالاسلامية'.

ثم قال: 'لو أجمع أهل السنة اليوم، ووافقوا المفضلة من الشيعة من عرب وعجم وأقروا وسلموا بأن علياً بن أپي طالب، كان أولى بتولّي الخلافة قبل أپي بكر،فهل ترتقي بذلك العجم أو تتحسن حالة الشيعة؟ أو لو وافقت الشيعة أهل السنة بأن أبا بكر تولى الخلافة قبل الامام علي بحق ، فهل ينهض ذلك بالمسلمين السنيين وينشلهم مماوقعوا فيه اليوم من الذل والهوان وعدم حفظ الكيان.

أما آن للمسلمين أن ينتبهوا من هذه الغفلة؟ ومن هذا الموت قبل الفوت؟

يا قوم. وعزة الحق انأمير المؤمنين علي بن أبي طالب لا يرضى عن العجم ولا عن عموم أهل الشيعة، اذا هم قاتلوا أهل السنة أو افترقوا عنهم لمجرد تفضيله على أپي بكر ، وجميعهم لا يحسنون أمردنياهم، والناس أبناء ما يحسنون.

وكذلك أبو بكر، فلا يرضيه أن تدافع أهل السنة عنه وأن تقاتل الشيعة لأجل تلك الأفضلية التي مر زمنها، والتي تخالف روح القرآن،الآمر أن يكونوا كالبنيان المرصوص'.

ولابد هنا أن نسجل بكل حياد وإنصاف أن الأزهر كان له الدور الأكبر منذ وقت مبكر منذ بدء الحملات الفكرية الاستعمارية التيأرادت أن تلعب على وتر الفرقة بين المسلمين واستغلال الانقسامات المذهبية والوقيعة بين فصائل الأمة خاصة بين السنة والشيعة.

فبالرغم من أنه قام أصلا على دراسةالمذهب الشيعي منذ انشأه الفاطميون في مصر، وتحولت مسيرته الى دراسة المذهب السني الا أنه في معظم عصوره لم يكن يلجأ الى تكفير المسلمين، الاّ المغالين الذين ينكروننصوص القرآن أو يطعنون مباشرة في ثوابت الدين أو ينتقصون بالسب أو القذف أحدا من أنبياء الله ورسله أو صحابته المشهود لهم بالعدالة أو الولاية في القرآن الكريم .

والذي يفحص منهج الأزهر عبر تاريخه الطويل في دراسته للعقائد يدرك بوضوح وجلاء أن هذه الدراسة تعتمد على عرض الأقوال والجدل بينها في أمانة وموضوعية في الأغلب الأعم،ويتدخل شيوخه تدخلا حاسما كل بقدره عندما تترامى سهام الألفاظ أحيانا في بعض الكتب التي ألفت في عصور تأثرت بالفتنة، أو نضحت عليها بعض آثار الانقسام.

ولقد انتجمنهج الأزهر عبر تاريخه استعدادا وتهيؤا لدى أساتذته وطلابه ، لكلمة الحق في المذاهب الاعتقادية والفقهية على حد سواء طالما تجردت للحق وخلت من الغلو والتطرف وبرئت منالأطماع السياسية التي تعلو عليها عقائد الاسلام النقية التي هي فطرة الله التي خلق الناس عليها لأن تلك العقائد التي لا تقبل التطرف والشرك في الألوهية والتزييف فيالربوبية كما لا تقبل المادية البغيضة التي لا تعترف بالأديان وما تحتوي عليه من الألوهية والنبوة واليوم الآخر.

ولذلك لم يكن الأزهر بعيدا عن التقريب بينالمذاهب الاسلامية بل كان يمارس التقريب في كل يوم في محاضرات أساتذته وشيوخه وتكوين عقول طلابه.

وما أن تلقف دعوة التقريب بين السنة والشيعة على يد مجموعة منكبار علمائهم مثل الشيخ محمد تقي القمي والشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء، حتى وجدت في أرض الأزهر نبتة صالحة أقبل عليها كبار علمائه، من الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهرنفسه والشيخ على الخفيف والشيخ عبد العزيز عيسى والشيخ محمد المدني والشيخ محمد الغزالي والشيخ سيد سابق. وقد كانت جهودهم امتدادا لجهود الشيخ محمد عبده والشيخ محمدمصطفى المراغي والشيخ مصطفى عبد الرازق والشيخ عبد المجيد سليم وغيرهم.

وقد سارت مدرسة محمد عبده في الأزهر في ضوء هذه القواعد الأساسية التي أرساها فجعلت منالأزهر أكثر ترفعا وموضوعية في وزن وتقييم المذاهب الاسلامية .

ولقد كان للروح الجديدة التي بثها محمد عبده في الأزهر أثر في خلق تيار جديد أكثر اقداما علىالاجتهاد والتجديد وادراك الظروف السياسية والاجتماعية الناشئة من الفرقة في الأمة الاسلامية.

وكانت فكرة الشيخ محمد عبده الأساسية في أن عقائد الاسلامالأساسية التوحيد والنبوة والايمان باليوم الآخر اذا وجدت لدى أحد من المسلمين فردا أو جماعة كان على الاسلام الصحيح والدين الحق ولا يضر بعد ذلك الخلاف في الفروع التيوراء الايمان بهذه الأصول.

فهو يقول عن التوحيد: 'نصَّ الكتاب على ان دين الله في جميع الأزمان هو افراده بالربوبية ، والاستسلام له وحده بالعبودية، وطاعة فيماأمر به ونهى

عنه مما هو مصلحة للبشر... وأن هذا المعنى من الدين هو الأصل الذي يرجع اليه عند هبوب ريح التخالف، وهو الميزان الذي توزن به الأقوال عند التناصف واناللجاج والمراء فراق مع الدين وبعد عن سنته، ومتى روعيت حكمته ولوحظ جانب العناية الالهية في الانعام على البشرية ذهب الخلاف وتراجعت القلوب الى هداها، وسار الكافة فيمراشدهم اخوانا، بالحق مستمسكين ، وعلى نصرته متعاونين.

ويقول في النبوة: 'بعد أن ثبتت نبوته عليه السلام بالدليل القاطع على ما بيّنا، وانه انما يخبر عن اللهتعالى، فلا ريب أنه يجب تصديقه والايمان بما جاء به، ونعني بما جاء به ما صرح به في الكتاب العزيز وما تواتر به الخبر تواترا صحيحا مستوفيا للشرائط وهو : ما أخبر به جماعةيستحيل تواطؤهم على الكذب. عادة في أمر محسوس.

ومن ذلك أحوال مابعد الموت من بعث ونعيم في جنة وعذاب في نار وحساب على حسنات وسيئات وغير ذلك مما هو معروف ويجب أنيقتصر في الاعتقاد على ماهو صريح في الخبر.

ويقول: 'من اعتقد بالكتاب العزيز، وبما فيه من الشراع العملية، وعسر عليه فهم الغيب على ماهي في ظاهر القول، وذهب بعقلهالى تأويلها بحقائق يقوم له الدليل عليها مع الاعتقاد بحياة بعد الموت، وثواب وعقاب على الأعمال والعقائد بحيث لا ينقص تأويله شيئا من قيمة الوعد والوعيد ولا ينقص شيئامن بناء الشريعة في التكليف كان مؤمنا حقا .

ولقد تنبه لدور الأزهر وضرورة هذا الدور في نجاح حركة التقريب العلامة المصلح الشيخ محمد تقي القمي بعبقريته الفذةوأدرك أن هذه الحركة الاصلاحية لا تنمو نموها الطبيعي الا في تربة الأزهر حيث ينقلها الأزهر بدوره وبتأثيره المتعاظم الى أنحاء الاسلام الرحبة.

فما أن أسس هذهالدعوة مع زملائه في ايران الأئمة الحاج أغا حسين البروجردي ، والشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء، والسيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي حتى هاجر من ايران الى مصر واتصلبعلماء الأزهر.

وقد وصف الامام الأكبر الشيخ شلتوت عبقرية هذا الرجل في اختيار مصر والأزهر منطلقا لدعوة التقريب فقال:

'كنت أود لو كتب قصة التقريب أحدغير أخي الامام المصلح محمد تقي القمي ليستطيع أن يتحدث عن ذلك العالم المجاهد الذي لا يتحدث عن نفسه ولا عما لاقاه في سبيل دعوته، وهو أول من دعا الى هذه الدعوة وهاجر منأجلها الى هذا البلد، بلد الأزهر الشريف. فعاش معها والى جوارها منذ غرسها بذرة مرجوة على بركة الله، وظل يتعهدها بالسقي والرعاية بما آتاه الله من عبقرية واخلاص وعلمغزير وشخصية قوية ، وصبر على الغير، وثبات على صروف الدهر حتى رآها شجرة سامقة الأصول باسقة الفروع، تؤتي أكلها كل حين باذن ربها، ويستظل بظلها أئمة وعلماء ومفكرون فيهذا البلد وفي غيره'.

وكان الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الأزهر الأسبق قد مهد الأجواء لحركة التقريب بمهاجمته القوية للأهواء التي تفرق الأمة، فقد كان يقول:'يجب العمل على ازالة الفروق المذهبية، أو تضييق شقة الخلاف بينها ، فان الأمة في محنة من هذا التفرق ، ومن العصبية لهذه الفرق، ومعروف لدى العلماء ان الرجوع الى أسبابالخلاف ودراستها دراسة بعيدة عن التعصب يهدي الى الحق في أكثر الأوقات..'.

ثم يقول: 'أيها المسلمون: غضوا الطرف عن الفروق الطائفية والمذهبية ولا تجعلوا تلك الفروقسببا في الفرقة وسلاحا بين عدوكم يخرب به بيوتكم ولا تخشوا أحدا في اظهار شعائر الاسلام والانتصار له'.

كما كان شيخ الأزهر الشيخ عبد المجيد سليم مقتنعا تمامابوجوب التقريب بين المذاهب الاسلامية 'وأسهم بكل طاقاته المادية والروحية في انشاء جماعة التقريب ودعا الى تأييدها بقلمه ولسانه'.

وقد أشاد الشيخ شلتوت رحمه للهبدور سلفيه الراحلين شيخي الأزهر السابقين الشيخ مصطفى عبد الرازق والشيخ عبد المجيد سليم فقال: 'كنت أود لو أستطيع أن أبرز صورة الرجل السمح الذكي القلب العف اللسان رجلالعلم والخلق المغفور له الأستاذ الأكبر الشيخ مصطفى عبد الرازق، وصورة كصورة الرجل المؤمن القوي الضليع في مختلف علوم الاسلام، المحيط بمذاهب الفقه أصولا وفروعا، الذيكان يمثل الطود الشامخ في ثباته، والذي أفاد منه التقريب في فترة ترسيخ مبادئه أكبر الفائدة، المغفور له أستاذنا الأكبر الشيخ عبد المجيد سليم رضي الله عنه وأرضاه'.

وكان الشيخ شلتوت بعد ذلك أكبر دعم لحركة التقريب عن طريق اتخاذه موقفين أساسيين في دفع الحركة الى الامام وهما:

1- فتواه وهو شيخ للجامع الأزهر بجواز التعبدبمذهب الشيعة الامامية الاثنى عشرية لمن يرى صحة ذلك ونص هذه الفتوى:

'قيل لفضيلته: ان بعض الناس يرى أنه يجب على المسلم لكي تقع عباداته ومعاملاته على وجه صحيح أنيقلد أحد المذاهب الأربعة المعروفة وليس من بينها مذهب الشيعة الامامية ولا الشيعة الزيدية فهل توافقون فضيلتكم على هذا الرأي على اطلاقه فتمنعون تقليد مذهب الشيعةالامامية الاثنى عشرية مثلا؟

فأجاب فضيلته:

1- ان الاسلام لا يوجب على أحد من أتباعه اتباع مذهب معين بل نقول: ان لكل مسلم الحق في أن يقلد بادئ ذي بدء أيمذهب من المذاهب المنقولة نقلا صحيحا، والمدونة أحكامها في كتبها الخاصة، ومن قلد مذهبا من هذه المذاهب أن ينتقل الى غيره - أي مذهب كان - ولا حرج عليه في شيء من ذلك.

2- أن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الامامية الاثنى عشرية مذهب يجوز التعبد به شرعا كسائر مذاهب أهل السنة فينبغي للمسلمين أن يعرفوا ذلك، وأن يتخلصوا منالعصبية بغير الحق لمذاهب معينة، فما كان دين الله وما كانت شريعته بتابعة لمذهب أو مقصورة على مذهب، فالكل مجتهدون مقبولون عند الله تعالى يجوز لمن ليس أهلا للنظروالاجتهاد تقليدهم والعمل بما يقررونه في فقههم، ولا فرق في ذلك بين العبادات والمعاملات'.

وقد بعث الشيخ شلتوت نص هذه الفتوى المهمة الى محمد تقي القمي ليسجلهاضمن وثائق دار التقريب، في خطاب نصه مايلي:

'السيد صاحب السماحة العلامة الجليل الأستاذ محمد تقي القمي

السكرتير العام لجماعة التقريب بين المذاهبالاسلامية

سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

أما بعد.. فيسرني أن أبعث الى سماحتكم بصورة موقع عليها بامضائي من الفتوى التي أصدرتها في شأن جواز التبعدبمذهب الشيعة الامامية، راجيا أن تحفظوها في سجلات دار التقريب بين المذاهب الاسلامية التي أسهمنا معكم في تأسيسها ووفقنا الله لتحقيق رسالتها.

والسلام عليكمورحمة الله

2- الموقف الثاني: تقرير دراسة فقه المذاهب الاسلامية الشيعية مع المذاهب السنية في الأزهر وفي كلية الشريعة على وجه الخصوص.

وكانت فكرة الشيخشلتوت أن يكون من بين ما تعني به كلية الشريعة في منهجها الجديد دراسة الفقه المقارن بين المذاهب الاسلامية على الأسس التالية:

أولا.. أن تكون الدراسة على مختلفالمذاهب، لا فرق بين سنة وشيعة، ويعني بوجه خاص ببيان وجهة النظر الفقهية، حكما ودليلا، لكل من مذاهب السنة وهي الأربعة المعروفة والامامية الاثنا عشرية والزيدية.

ثانيا... يستخلص الحكم الذي يرشد اليه الدليل دون التفات الى كونه موافقا أو مخالفا لمذهب الأستاذ أو الطالب حتى تحقق الفائدة من المقارنة، وهي وضوح الرأي الراجح منالآراء المتعددة، وتبطل العصبيات المذهبية المذمومة.

وفي أصول الفقه يعنى بوجه خاص ببيان المواضع الأصولية التي وقع الاختلاف فيها بين المذاهب الستة السابقةالذكر، مع بيان أسباب الخلاف.

وفي علم مصطلح الحديث ورجاله تشمل الدراسة ما اصطلح عليه أهل السنة، وما اصطلح عليه الامامية والزيدية ، كما تشمل دراسة الرجالالمشهورين، وأصحاب المسانيد ومسانيدهم، في كل من الفريقين.

هذا بالاضافة الى التوسع في هذه الدراسة تفصيلا في الدراسات العليا بكلية الشريعة.

والواقعأن الموقفين اللذين صدرا من الشيخ شلتوت كانا ترجمة وتطبيقا لبند من بنود العمل في جماعة التقريب حيث كانت تتضمن في لائحتها الأساسية المادة الثالثة العمل على أن تقومالجامعات الاسلامية في جميع الأقطار بتدريس فقه المذاهب الاسلامية حتى تصبح جامعات اسلامية عامة، 'بالاضافة الى نشر الكتب والرسائل، والدعوة بطريق الصحف والمناظراتوالاذاعات، وتبادل النشرات مع الجماعات الدينية والثقافية في مختلف الهيئات الاسلامية .

وقد استقبل الشيخ محمد تقي القمي - شريك الشيخ شلتوت في انشاء دارالتقريب - هذا العمل العلمي بالتقدير الشديد فنراه يقول في وصفها: 'لم تكن الفكرة ارتجالية، بل كانت مبدأ نادت به الجماعة منذ نشأتها فلما قدر لرجل صالح مصلح من رجالهاالمجاهدين - له مركزه الديني الكبير - أن يجلس على كرسي مشيخة الأزهر كان من الطبيعي أن ينفذ ماعاهد الله عليه لخير الاسلام وصالح المسلمين'.

ويقول: 'ولقد زلزل هذاالقرار كثيرا من الانتهازيين وقضى على آمال كثير من المتربصين، ولكن التاريخ لا يخدع، وقد سجل هذه الخطوة كحدث هام في تاريخ الاسلام والمسلمين، لم يكن سُجل مثله منذ بدأالخلاف بين الطائفتين الى اليوم'.

كما علق الشيخ القمي على اقتران هذه الخطوة العلمية في الأزهر بفتوى الشيخ شلتوت بجواز التعبد بمذهب الشيعة الامامية بأن هذهالفتوى كانت ثمرة يانعة من ثمار التقريب، صدرت من رجل عظيم ذي مركز خطير في الاسلام اعتنق الفكرة من أول يوم وأيدها بقلمه وعلمه ومشكور سعيه في كل مناسبة'.

ولم يكنموقف الشيخ شلتوت من حركة التقريب فورة عاطفية أو مجاملة لصديقه الشيخ القمي أو صديقه الآخر الشيخ البروجردي، وانما كان موقفا عقليا نابعا من اقتناعه الذاتي لضرورةالتقريب بين المسلمين وكان - على حد ماقال بالحرف - منهجا قويما وايمانا راسخا تجلى في تفسيره للقرآن الكريم الذي استمر ينشره في مجلة رسالة الاسلام التي تصدرها حركةالتقريب.

قال: 'لقد آمنت بفكرة التقريب كمنهج قويم، وأسهمت منذ أول يوم في جماعتها وفي وجوه نشاط دارها بأمور كثيرة كان منها تلك الفصول المتتابعة في تفسير القرآنالكريم التي ظلت تنشرها مجلتها (رسالة الاسلام) قرابة أربعة عشر عاما، حتى اكتملت كتابا سويا، أعتقد أنه تضمن أعز أفكاري، وأخلد آثاري، وأعظم ما أرجو به ثواب ربي ، فان خيرما يحتسبه المؤمن عند الله هو ما ينفقه من الجهة الخالص في خدمة كتاب الله '.

وقد كانت الدعامة الأساسية التي يقوم عليها منهج الشيخ شلتوت في تفسيره هي: التحرر منالتأثر بالعصبيات المذهبية على خلاف ما درج عليه أصحاب المذاهب من تحميل القرآن الكريم لمذاهبهم وتطويع الآيات القرآنية لتؤيد اتجاهاتهم.

قال الشيخ شلتوت: 'حدثتبدعة الفرق والتطاحن المذهبي والتشاحن الطائفي وأخذ أرباب المذاهب وحاملو رايات الفرق المختلفة يتنافسون في العصبيات المذهبية والسياسية.

وامتدت أيديهم الىالقرآن فأخذوا يوجهون العقول في فهمه وجهات تتفق وما يريدون' .

ويقودنا البحث بطبيعة الحال الى سر تفاعل الشيخ شلتوت وانعطافه بهذه الدرجة مع حركة التقريبوتأييده لها لعدة اسباب وعوامل:

1- ان الدعوة نفسها منبثقة من آية كريمة تُعد حركة التقريب هي أساس الحركة ومنهجها وثمراتها وهي قوله تعالى: 'انما المؤمنون أخوةفأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون'.

فالجملة الأولى من الآية الكريمة تقر حقيقة الأخوة الايمانية على سبيل الحصر 'انما المؤمنون أخوة' وهي شبيهة فيهذا الأسلوب - كما تقول مقدمة قصة التقريب - بقوله تعالى 'انما الله اله واحد' فليس للمسلمين بعد هذا أن يرموا الى هدف يخالف هذا الهدف ، ولا أن يخرجوا من مقتضيات هذه الأخوةلأي سبب من الأسباب.

والجملة الثانية: تأمر باصلاح ذات البين أي بأن يدرأ المسلمون عن أنفسهم كل ما يفسر علاقة الأخوة التي قررها الله بينهم - وفي ذلك تحذير رسولالله(ص)، اذ يقول: 'ان فساد ذات البين هي الحالقة'.

والجملة الثالثة تأمر بأن يكون الاصلاح بين المسلمين في ظل من تقوى الله، فتحذر من اتباع الهوى والتواء القصد.

والجملة الرابعة: وهي جملة الختام يوجه الله فيها رجاءنا الى ثمرة هذه الدعوة فيقول 'لعلكم ترحمون' لتحقق الرحمة للمسلمين وما الرحمة في هذا المقام الا تيسير اليسرىلمن استقام على الطريقة: المثلى.

2- ان العلاقة بين الفريقين السنة والشيعة سادها الكثير من الظلام الموحش الذي جعل كلا من الفريقين لا يرى أحدهما الآخر - كما يقولالشيخ القمي - الا شبحا تحوطه الظلمة.

والكتب المؤلفة من أبناء الفريقين كانت تحتشد بالطعن والتجريح على الآخر فكبرت الخلافات وسادت الشكوك حتى وصلت المصحف فقيلان لدى الشيعة مصحفا يسمى مصحف فاطمة يختلف عن المصحف الذي يتداوله المسلمون ويقول الشيخ القمي 'ومع ذلك لم يكلف أحدهم نفسه مأونة التقليب في نسخة من ملايين النسخ التي فيمتناول يده ، ولو أنهم فعلوا ذلك، لذهب الشك وحلت المشكلة، ولكنهم حكموا على الموجود المحسوس بماليس فيه اعتمادا على قول مؤلف مغرض مات قبل قرون'.

3- جهودالمستشرقين التي أكدتها السياسات الأجنبية في الطعن على الفريقين كليهما من كتب الآخر مما أعطى الفرقة الشرعية ومكن لخصوم الاسلام نفسه من المسلمين.

4- ثم انهناك سببا يراه الشيخ القمي وهو ان الأسر التي حكمت باسم الخلافة الاسلامية قرونا طويلة (يشير الى الأمويين والعباسيين) كانت ترى في آل علي كرم الله وجهه المعارض الوحيدالخطير عليها، فكانت تسيء الى شيعة آل علي وتستخدم الأقلام والألسنة ضدهم حتى أوجدوا حول الشيعة كثيرا من الخلط وكثيرا من التشويش، وكان يمكن لاي مصلح يتصدى للدفاع عنهمأن يدرأ عن المسلمين شر التفرق، ولكن القوة بيد الخلفاء ومقاومة بعض الحكام من الجانب الآخر كلاهما سخر الأقلام والضمائر ضد كل محاولة من هذا القبيل وقضى عليها.

كل ذلك - قطعا - كان في ذهن الشيخ شلتوت باعتباره رجلا عالما أزهريا مفكرا مصلحا يستوعب القرآن وأهدافه وغاياته في رأپ الصدع بين المسلمين واعادتهم الى مفهوم الأمةالواحدة الذي طبقه رسول الله (ص).

5- على أنه كان في نهاية الأسباب وقمتها التي دفعت الشيخ شلتوت لمناصرة حركة التقريب، هي نفس المبادئ التي قامت عليها الحركةوكانت كفيلة بأن تغريه بالمشاركة في تأسيسها والعمل الدؤوب في دعمها ونشرها ونشر روحها بين المسلمين كافة.

يقول الشيخ القمي في تلخيص مبادئ هذه الحركة وكيفحددوا هذه المبادئ بوصفها خطة عمل وأنجح طريقة لتحقيق الغاية.

'هكذا بدأنا في التفكير في التقريب، ثم سلخنا بعد ذلك شهورا نبحث في سبيل العلاج ، فدرسنا الدعواتالتي سبقتنا وأفدنا منها كثيرا، ودرسنا المشاكل الطائفية برمتها، والكتب المعتمدة عند كل فريق لنحدد الطوائف التي تتفق في الأصول الاسلامية، ودرسنا الخلافات الفرعيةالفقهية ومبلغ ما وصلنا اليه، ثم حددنا أنجح طريقة للوصول بفكرتنا الى الأعماق.

وقد أدى بنا التفكير الى أن هذه الدعوة:

* يجب أن تقوم بها جماعةبدل أن يقوم بها فرد يتعرض لكثير من الأخطار.

* وأن تكون الدعوة الى التقريب بين أرباب المذاهب، لا الى جمع المسلمين على مذهب واحد فيبقى الشيعي شيعيا والسنيسنيا.

* وان يسود بين الجميع مبدأ احترام الرأي الذي يؤيده الدليل.

* وأن تكون الجماعة ممثلة للمذاهب الأربعة المعروفة عند أهل السنة ومذهبي الشيعةالامامية والزيدية، وأن يمثل كل مذهب علماء من ذوي الرأي والمكانة فيه.

* وأن تكون الجماعة بمعزل عن السياسة.

* وأن تكون محددة الأهداف.

* وأن يكونسعيها على أساس البحث والعلم كي تثبت أمام المعارضة وتكسب الأنصار عن سبيل الاقناع والاقتناع، ولكي تستطيع بسلاح العلم محاربة الأفكار الخرافية الطفيلية التي لا تعيشالا في ظل الأسرار والأجواء المظلمة، ولكي تتمكن في الوقت نفسه من مقاومة الطوائف والنحل التي ليست من الاسلام في شيء والتي يحسبها الشيعي سنية والسني شيعية، بينما هي فيحقيقتها حرب على الاسلام.

* ولم تكن سنة التدرج تفارق الفكرة.

هكذا كانت فكرة التقريب التي شهدت ازدهارها في منتصف هذا القرن الهجري (في الستينيات من هذاالقرن الميلادي) ودور الأزهر فيها بعامة ودور الشيخ شلتوت بخاصة وكان من نتائجها كما يقول الشيخ القمي:

- تبين بوضوح أن المسلمين لا يختلفون في كتابهم ولا فيصلواتهم ولا في صومهم ولا في حجهم، بالاضافة الى اتفاقهم المطلق في أصول العقائد وأصول الدين والتوحيد والنبوة ، وليس يضيرهم أن يكون لبعضهم أصول مذهبية خاصة، كالولايةعند الشيعة الذي يرون أن عليا (ع) وأولاده أحق بها من غيرهم.

لقد قرأ السني عن الشيعة أبحاثهم واستنباطهم وأعجب بالكثير منها.

وقرأ الشيعي عن السنة أن أهلالبيت مجمع بينهم على حبهم واكرامهم وان ماصدر عن بعض الظالمين لا يمثل رأي أهل السنة في أهل البيت.

وعرف أهل السنة أن الشيعة يعتبرون الغلاة نجسا ويحكمون بكفرهمويحكمون بخروج أصحاب الحلول كذلك.

وأذن فشتان بين الشيعة على حقيقتها، والشيعة التي تصورها المتصورون، وشتان بين الناصبي الذي كان يناصب أهل البيت العداء، وأهلالسنة الذين يرون في حب أهل البيت عبادة، ويصلون عليهم في تشهدهم 'اللهم صلي على محمد وآل محمد.. وبارك على محمد وآل محمد.

وتبقى نتيجة أخرى من نتايج التقريب لميكتب للشيخ القمي ولا للشيخ شلتوت أن يرياها، وهي أن أخلاف الشيخ شلتوت وتلاميذه الذين يمثلون امتداد الرائد العظيم الأستاذ الامام محمد عبده داعية التجديد للاسلاموالتقريب بين المسلمين يملأون ساحات الأزهر وأروقته ويشغلون قمته. وهم على استعداد تام وتأهيل كامل ووعي متعاظم بالرسالة الكبرى للعودة بهذه الأمة الى الينابيع الأولىوالوثائق الأساسية التي أوحاها الله الى رسوله(ص) ليعيدوا على أساسها تجديد الاسلام والتقريب بين المسلمين.

/ 1