بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
أجيالٌ من الأدباء.فإذا حدثت ثورة في فن أدبي لتُحِلَّ أسساً جديدة في ذلك الفن، سارع النقد إلى مواكبة الثورات الأدبية ليستخلص منها قواعدها الجديدة من جديد.أما اليوم، وبعد أن وقف التأليف المسرحي حائراً ضائعاً أمام موجة العرض المسرحي الجديدة التي قلبت موازينه، فإن على النقد أن يسبق المبدع وأن يدله على الطريق الجديدة التي يمكن لـه أن يسير فيها.وأنا لا أدعي أني سأكون قادراً حتماً على القيام بهذا السبق.لكني أقوم بما أعتقده ضرورياً لعودة التأليف المسرحي العربي إلى نصاعته وقوته حتى تعود للكاتب المسرحي مكانته في قيادة الحركة المسرحية وفي مواكبة التجديد.إن ما سوف أقدمه من حديث عن أركان التأليف المسرحي لا ينطلق من مذهب فني محدد أو مدرسة أدبية ما.بل ينطلق من تكوين هذه الأركان الأساسية.وهو مجموع القواعد التي لا بد من توفرها في بناء النص المسرحي كائناً ما كانت مدرسة الكاتب أو اتجاهه.وإذا كان في ما سوف نقدمه شيء كثير أو قليل من إعادة النظر في تحليل خصائص هذه الأركان لاستبعاد ما لم يعد صالحاً اليوم لخلق أدب مسرحي عظيم، فإن تراجع مكانة الأدب المسرحي في العالم اليوم تُضطرُّنا إلى إعادة النظر هذه.فبهذه الطريقة نعيد اكتشاف أرهفِ الجوانب وأدقها وأكثرها ضرورية ولزوماً في أركان وعناصر التأليف المسرحي.وبذلك نقدم إلى كاتب اليوم منحىً جديداً يعينه على التعامل الحي الموجز المكثف الذي يدفعه إليه إيقاع الحضارة الحديثة.فالعقل البشري لم يعد يتقبل التطويل أولاً.وصار دخولـه إلى عالم الموجودات سريعاً حاداً ثانياً.وأعانته المكتشفات العلمية على تطوير خشبة المسرح فاستغنى بها عن كثير من الأقوال ثالثاً.وحلَّ الفعلُ الدراميُّ الذي يقوم به ممثل متعلم محنك محلَّ الأقوال لأن لـه من المقدرة ما يجعله يستغني بأفعاله عن الأقوال رابعاً.لكن أهم ما يدعونا إلى إعادة النظر هذه هو أن العصر الحديث يميل بشدة نحو التخلص من القواعد التي أثبت الزمن عدم صحتها.وهذا العصر يملك الجرأة الكافية على رفض هذه القواعد دون أن يحترم قدسيتها التي تأتيها من كونها قديمة.فتخلى عن أسوأ تقليدٍ أدبي عرفته البشرية وهو تمجيد القديم لأنه قديم فكان قيداً لها حين كانت تعجز عن رؤية العصر الحاضر.وقد قال العرب القدامى (المعاصرة حجاب).فكأن هذا العصر أنهى مفعولَ هذه القاعدة الصماء.وهو يملك هذه الجرأة لأنه يملك من المقدرة والعلم والذكاء ما يمكِّنه أن يهدم قواعد القديم وأن يضع لنفسه قواعده.وليست هذه النظرة إلى بناء أركان التأليف إلا استخلاصاً لأصفى وأصحِّ ما في النظرة النقدية القديمة، وحذفاً لكل ما يربك كتابة النص المسرحي الأدبي المعاصر المتفلِّت من القيود من ناحية، والمتمسك بالمهم منها من ناحية ثانية.إن ما دفعني إلى إعادة النظر هذه أني أواكب المسرح منذ ما يقرب من أربعين عاماً كنت خلالها أرصد التأليف المسرحي العربي وما تُرجِم من التأليف المسرحي غير العربي، وأحاول أن أستوعب التيارات الخفية التي كانت تغير ملامح المسرح العربي بسرعة فائقة في شتى ميادين التأليف والإخراج والتمثيل.ولعلي بعد هذه المتابعة الحثيثة أستطيع أن أهمس في أذن المؤلف المسرحي العربي وفي أذن ناقده وقارئه ببعض الوسائل التي تعين الكاتب على الإبداع، وتعين الناقد على استخلاص قواعد الإبداع، وتعين القارئ على تناول النصوص المسرحية العربية تناولاً جديداً تجعله أقدر على التفاعل معها.ثانياً مصاعب التأليف المسرحي المعاصر منذ مدة وأنا أتابع النصوص التي تقدم في العروض المسرحية، وأقرأ بعض النصوص المطبوعة التي تصدر لكتاب الجيل الجديد.وقبل كل شيء أحب أن أوضح المقصود بالنص المسرحي.فهو الذي ليس معداً عن نص مسرحي معروف , وليس (المولَّفَ) عن قصة قصيرة، وليس المقتبسَ عن نص آخر أو عن أية مادة أدبية.فالمقصود، إذن، هو النص الذي يحاول أن يسير على أصول الدراما وقواعد التأليف المسرحي من تقيدٍ بالحكاية وبناءٍ للشخصية والصراع المسرحي، وما يقتضيه ذلك من ربطٍ لهذه العناصر بما يسمى في قواعد التأليف المسرحي (الحبكة).وأحب أن أضيف إلى هذا التوضيح أن تقيُّدَ الكاتبِ بهذه العناصر لا يعني على الإطلاق ألا يكسر ترتيب وتصاعد هذه العناصر بوسيلة أو أكثر كالراوي أو الغناء أو غير ذلك.فهذه الوسائل تدخل على أركان التأليف المسرحي دون أن تخرج بها عن كونها أركان التأليف المسرحي.وكل ما تفعله أنها تقدم هذه العناصر بإطار جديد يكسر الإطار التقليدي للدراما التي أرسى دعائمها بشكلها النهائي (إبسن)، والتي أَعْمَلَ فيها