الإمام الحسن العسكري
سيرة وتاريخ
علي موسي الكعبيتحظي إصدارات المركز
بالمتابعة والتقويم والأشراف العلمي
مقدمة المركز
إن دراسة سيرة الائمة المعصومين عليهمالسلام تعتبر من الاسس القويمة للبناء
الفكري والمنهج السلوكي لديننا الحنيف
،لانهم الامتداد الحقيقي لنهج النبوة
وسيرتها المعطاء ، والحماة الامناء
لمفاهيم الرسالة وعقائدها من حالة التردي
والتحريف والضلال.
اننا في رحاب سيرتهم نتواصل مع القدوة
الحسنة بكل تجلياتها الروحيه والفكرية
والعلمية ، و امتداداتها التي تستغرق كل
مفردات الحياة وتسيرنحو سلم الكمال
المطلوب علي صعيد الفرد والمجتمع.
من هنا فاننا بحاجة الي دراسة متاملة
وقراءة متأنية تلم بأطراف تلك السيرة
المشرقة بالعطاء ، لنجعلها نصب اعيننا
فنستجلي مواطن العبرة فيها ، ونستلهم دروس
العظمة منها ، ونتعاطي مع دلالتها
المتناغمة مع مسيرة الحياة بما تحمله من
متطلبات ومستجدات علي كافة مستويات الفكر
والمنهج والسلوك.
ولعل في تنوع ادوار تلك السيرة بحسب طبيعة
المرحلة والظروف السياسية المحيطة
بقادتنا المعصومين عليه السلام مايزيل
الرتابة منها ويجعلعا تتواصل مع مختلف
المواقف والظروف نحو هدف اسمي وهم مشترك ،
وذلك هوحفظ الكتاب الكريم وسنة النبي
المصطفي صلى الله عليه و اله، وطلب
الاصلاح والهداية ، والامر بالمعروف
والنهي عن المنكر.
وهذا كتاب قراءة في سيرة أحد عظماء اهل
البيت عليهم السلام، ذلك هو امامنا الحادي
عشر أبومحمد الحسن العسكري عليه السلام
الذي قال فيه أبوه الهادي عليه السلام:
((ابومحمد ابني أنصح ال محمد غريزة وأوثقهم
حجة)) .
ويبدو أن أهم مايستوقف الباحث في حياة
الامام العسكري عليه السلام هو كونه اخر
امام ختمت به الامامة الظاهرة ، ليبدأ
بعده عصرالغيبة الذي بدأت تباشيره وأوشك
زمانه ، لذلك وقع علي الامام العسكري عليه
السلام العبء الأكبر في ترسيخ مبدأالغيبة
وتأصيله في نفوس شيعته للحفاظ علي خطهم
الرسالي من الاضياع والانهيار. وقداستطاع
إمامنا العسكري عليه السلام أن ينجز هذه
المهمة الخطيرة بكل جدارة وقوة ، وأن
يحافظ علي حياة ولده المهدي عليه السلام
من ملاحقة السلطة وأدوات قمعها ، في وقت
عصيب عزل فيه الامام عن أصحابه وشددت
الرقابة عليه.
وفي هذا الاتجاه استطاع أن يهيء ذهنية
شيعته لتقبل عصر الغيبة باتباع عين
الاسلوب الذي سيتخذه ولده المهدي عليه
السلام في عصرالغيبة ، وهو الاحتجاب عن
الناس واتخاذ الوكلاء الذين يختارهم من
خاصته ، والاتصال بأصحابه عن طريق
المكاتبات والتواقيع التي صارت سمة بارزة
في حياة الامامين العسكريين عليهما
السلام.
وهناك صفحات أخري مشرقة تستوقف الباحث في
سيرة هذا الامام العظيم الملأى بالعطاء ،
نتركها للقارئ الكريم وهو يتحراها في فصول
هذاالكتاب الذي استطاع مؤلفة أن يوقفنا
عند المحطات الرئيسية في سيرة هذا الامام
العظيم ، ضمن دراسة جادة موثقة بالمصادر
المعتبرة.
المقدمة
الحمدلله رب العالمين ، وسلامه علي عبادهالمصطفين محمد واله الميامين.
وبعد : إن البحث في سيرة الائمة المعصومين
عليهم السلام باعتبارهم قادة رساليين
وقدوة حسنة تتمثل بهم خصائص العظمة
والاستقامة ، يعكس دورهم الايجابي في
تحريك طاقات الأمة باتجاه الوعي الرسالي
للشريعة ، وتعميق حركة الاسلام الاصيل في
وجدانها ، وحماية الرسالة من حالة التردي
بالوقوف في وجه التيارات الفكرية
المنحرفة.
ويقابل ذلك البحث في سيرة الزماعات
المعاصرة لهم عليهم السلام التي نقرأ فيها
الوجه المشوه للرسالة علي المستوي النظري
والتطبيقي ، علي الرغم من تماهي أصحاب
السلطة والصولجان في كتابه تاريخهم
وإغداقهم أسخي الهبات علي كتابهم
وشعرائهم.
من هناكان نصيب السيرة الأولي الخلود
والسمو والمجد رغم إقصاء رموزها
المعصومين عليهم السلام عن مركزهم في
زعامة الامة ، ورغم كونهم ملاحقين
ومعزولين عن قواعدهم وشهداء في نهاية
المطاف ، وكان نصيبهم أيضا أن تمسكت بهم