بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
تقال باللِّسان بلا رصيد من العمل الايجابي المثمر .
ونخلص إلى القول بأنّ للايمان مرتبتين ، تعني الاُولى منهما : التصديق بقول «لا إله إلاّ الله محمد رسول الله» وهذا هو الحد الاَدنى من الايمان ، وهو الايمان بمعناه الاَعم الذي يصدق على كل من دخل في دين الاِسلام مقراً بالله وبنبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
____________
(1) مفردات ألفاظ القرآن ، للراغب الاصفهاني : 26 المكتبة المرتضوية . والآية من سورة الحديد 57 : 17 .
(2) سورة البقرة 2 : 82 .
(3) سورة يوسف 12 : 17 .
(4) في ظلال الصحيفة السجادية ، للشيخ محمد جواد مغنية : 181 .
( 17 )
فيما يراد بالمرتبة الثانية من الاِيمان ما هو فوق التصديق من الاقرار باللسان والعمل بالاركان ، أي التزام مبادىء الشريعة الاِسلامية وأحكامها، من أداء الواجبات والعمل بالطاعات وتجنب المنكرات والشبهات ، وهذا هو الايمان الممدوح في القرآن والسُنّة .
وهذه المرتبة الاخيرة من الايمان هي التي ستكون محل الاهتمام في هذا الكتاب ، دون المرتبة الاُولى .
المبحث الثاني : حقيقة الاِيمان :
إنَّ حقيقة الاِيمان في هذا الوجود هي أكبر وأكرم الحقائق . لم تدركها النفوس عن طريق دائرة الحس الضيقة ، فليست هي بحقيقة مادية تُدرك بالحواس المعروفة ولكن هي حقيقة معنوية علوية تدركها القلوب السليمة، فتأخذ النفوس من أقطارها ، وتظهر ثمارها الطيبة نظافة في الشعور ورفعةً في الاَخلاق وإستقامة في السلوك .
تلك الحقيقة التي تتجسد في نفوس المؤمنين من خلال مظاهر عديدة، يمكن الاشارة إلى أبرزها اهتداءً بقبس من نور النبوة وحماة منهجها ، وهي :
أولاً : التسليم لله تعالى والرِّضا بقضائه : يقول الرسول الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم : «إنَّ لكلِّ شيء حقيقةً وما بلغ عبد حقيقة الاِيمان حتى يعلم أنَّ ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه » (1).
____________
(1) كنز العمال 1 : 25 | 12 .
( 18 )
فالمؤمن حقاً هو الواثق بالله تعالى وحكمته المستسلم لقضائه ، والمتقبل لما يجيء به قدر الله في اطمئنان أياً كان .
روى الصدوق رحمه الله بسنده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه لقي في بعض أسفاره ركب فقال : « ما أنتم ؟ قالوا : نحن مؤمنون ، قال : فما حقيقة إيمانكم ؟ قالوا: الرّضا بقضاء الله والتسليم لاَمر الله والتفويض إلى الله تعالى فقال : علماء حكماء كادوا أن يكونوا من الحكمة أنبياء ، فإن كنتم صادقين فلا تبنوا ما لا تسكنون ، ولا تجمعوا ما لا تأكلون واتّقوا الله الذي إليه ترجعون»(1).
فالرِّضا بقضاء الله والتسليم لاَمره من أعلى مظاهر الاِيمان وهما من أبرز الخصال التي يتصف بها الاَنبياء ، ومن يتمسك بها يرتقي إلى قمة الهرم الاِيماني ويكون قد حصل على لباب العلم وجوهر الحكمة .
وفي هذا الصدد قيل لاَبي عبدالله عليه السلام بأي شيء يعلم المؤمن أنّه مؤمن؟ قال عليه السلام : « بالتسليم لله والرِّضا بما ورد عليه من سرور أو سخط»(2).
ثانياً : الحب في الله والبغض في الله : وهو من أبرز المظاهر العاطفية التي تعكس حقيقة الاِيمان ، فحينما يؤثر الاِنسان ـ على ما يحبه ويهواه ـ مايحبه الله تعالى ويرضاه ، وحينما يكون غضبه لله لا لمصلحته الخاصة ، فلا شك أنّ هذا الشعور العاطفي العالي يكون مصداقاً جلياً على عمق إيمانه ومصداقيته. ولذا ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : « لا يجد العبد حقيقة الاِيمان حتى يغضب لله ، ويرضى لله ، فإذا فعل ذلك فقد استحق حقيقة
____________
(1) معاني الاخبار ، للصدوق : 187 باب معنى الاِسلام والاِيمان .