بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
^(^^)، كما ذكر هذه الطاعة مفردة في العديد من الآيات الكريمات أيضًا^(^^). فليس لمؤمن أن يختار شيئًا بعد أمره *، بل إذا أمَرَ فأمره خَتْمٌ، وإنما الخِيَرَة في قول غيره إذا خَفِيَ أمرُه، وكان ذلك الغيرُ من أهل العلم به وبسنته، فبهذه الشروط -عندئذٍ- يكون قول غيره سائغ الاتباع لا واجب الاتباع، فلا يجب على أحد اتباع قول أحد سواه بل غايته أنّه يسوغُ لـه اتباعُه، ولو ترك الأخذ بقول غيره، لم يكن عاصيًا لله ورسوله. ومما يؤسف عليه أن الأحاديث الضعيفة والموضوعة أصبحت تدور /68/ على ألسنة الكثرة الكاثرة من المدرسين الخطباء والوعاظ والمؤلفين، بل أن كثيرًا من كبار الفقهاء يبني أحكامه على أحاديث ضعيفة لا تثبت عن الرسول *، ولا يتحرج برد أحاديث أخرجها البخاري ومسلم، وتزداد البلية حينما يتلقاها عنهم الناس -ثقة بهم وركونًا إليهم- فيعتدون بها أو بما يستفاد منها، فيؤدي كل ذلك إلى أضرار كبيرة في جوانب من الأمور الاعتقادية والعبادية والسلوكية والفكرية والاجتماعية، ويترك آثارًا سيئة وانحرافات خطيرة وتشويه لحقائق الإسلام ومقاصده النبيلة. وهذه الفائدة الجليلة والحقيقة الناصعة نبه إليها الإمام مسلم بن الحجاج القشيري -رحمه الله- قبل مِئين من السنين، حينما قال في مقدمة صحيحه: « فلولا الذي رأينا من سوء صنيع كثير ممن نصب نفسه محدثًا فيما يلزمهم من طرح الأحاديث الضعيفة والروايات المنكرة، وتركهم الاقتصار على الأحاديث الصحيحة المشهورة مما نقله الثقات المعروفون بالصدق والأمانة بعد معرفتهم وإقرارهم بألسنتهم أن كثيرًا مما يقذفون به الأغبياء من الناس هو مستنكر ومنقول عن قوم مرضيين ممن ذم الرواية عنهم أئمة الحديث » ثم قال -رحمه الله-: « واعلم وفقك الله تعالى أن الواجب على كل أحد عرف التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها وثقات الناقلين لها من المتهمين أن لا يروي منها إلا ما عرف صحة مخارجه والستارة في ناقليه، وأن يتقي منها ما كان منها عن أهل التهم والمعاندين من أهل البدع »^(^^). /69/. وقد وفقني الله -*- إلى دراسة الأحاديث الواردة في هذا الموضوع، فثبت عندي من حديثه * -بحمد الله ومَنّه- ضرورة تحسين الصوت والتطريب والتغني بالقراءة للقرآن الكريم، ولم يثبت عندنا حديث واحد في منع ذلك أو كراهته مما يمكن أن ترد به تلك الأحاديث الصحيحة الثابتة. فأحببت أن ينتفع بذلك إخواني من محبي كتاب الله والإنصات إليه والحنين إلى سماعه، فضلاً عما سأسوقه من أقوال الصحابة والتابعين وأدلة العلماء المتشبعين بسنة المصطفى *، وما أبينه من العلل في الأحاديث المنسوبة على رسول الله * التي استدل بها بعض العلماء في النكير على من جَوّز ذلك، وإليك دلالات ذلك: الدليل الأول: أخرج أحمد^(^^) في مسنده، والبخاري^(^^) ومسلم^(^^) في صحيحيهما، والنسائي^(^^) في السنن من حديث أبي هريرة -*- قال: قال رسول الله *: « لم يأذَنِ الله لشيء ما أَذِنَ لنبيٍّ أن يتغني بالقُران » /70/. وقد اختلف العلماء في معنى قولـه * « يتغنى » على وجهين رئيسين: أ- الاستغناء به، وهو من الاستغناء الذي ضد الافتقار، لا من الغِناء، يقال: تغنيت وتغانيت بمعنى استغنيت، وتغانوا: أي استغنى بعضهم عن بعض. وإلى هذا التأويل ذهب سفيان بن عيينة، كما صَرَّح به البخاري^(^^) وغيره، إذ قال بعد أن ساق هذا الحديث من طريق سفان عن الزهري، قال: قال سفيان: تفسيره يستغني به. وكان يقول في حديث: « ليس منا من لم يَتَغَنَّ بالقرآن » ^(^^): ليس منا من لم يستغن بالقرآن عن غيره، ولم يذهب إلى الصوت^(^^). ونصره في ذلك أبوعبيد القاسم بن سلام، فقال: وهذا جائز فاش في كلام العرب، تقول: تَغنَّيت تغنيًا بمعنى استغنيت وتغانيت تغانيًا أيضًا، واستدل بقول الأعشى^(^^): وكنت امْرءاً زمنًا بالعراق عفيف المُنَاخِ طَويلَ التَّغَنْ كما استدل بقول الشاعر^(^^): /71/. كِلانا غَنِيًّ عن أخيه حَياتَهُ ونحن إذا متنا أشد تَغَانيا وبهذا أيضًا قال وكيع بن الجراح ولعله اختيار محمد بن إسماعيل البخاري لإتباعه ترجمة الباب^(^^) بقولـه تعالى: * أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ*^ ^(^^). وقال أبوالعباس ثعلب: « الذي حصلناه من حفاظ اللغة في قولـه * « كأذَنه لنبي يتغنى بالقرآن » أنه على معنيين على الاستغناء، وعلى التطريب، قال الأزهري: فمن ذهب به إلى الاستغناء فهو من « الغِنَى » مقصورة، ومن ذهب إلى التطريب فهو من « الغِناء » الصوت، ممدود^(^^). ب- تحسين الصوت، والتحزن به، والتلذذ