بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
ذِكُره لم يأذن لنبيه أن يستغني بالقرآن، وإنما أذِنَ لـه أن يُظهر من نفسه لنفسه خلاف ما هو به من الحال، وهذا لا يخفى فساده^(^^). 8- وقال الطبري أيضًا: ومما يُبين فساد تأويل ابن عيينة أيضًا أن الاستغناء عن الناس بالقرآن من المحال أن يوصف أحد به أنه يؤذن لـه فيه أو لا يؤذن، إلا أن يكون الأذن عند ابن عيينة بمعنى الإذن الذي هو إطلاق وإباحة^(^^)، وإن كان كذلك، فهو غلط من وجهين، أحدهما: من اللغة، والثاني: من إحالة المعنى عن وجهه. أما اللغة، فإن الأذن مصدر قولـه أذن فلان لكلام فلان، فهو يأذن لـه: إذا استمع وأنصت /76/، كما قال تعالى: *وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ*^ ^(^^)، بمعنى: سمعت لربها وحُقَّ لها ذلك، كما قال عدي بن زيد: إن همي في سَمَاع وأَذَن^(^^). بمعنى: في سماع واستماع. فمعنى قولـه: « ما أذن الله لشيء » إنما هو: ما استمع الله لشيءٍ من كلام الناس ما استمع لنبي يتغنى بالقرآن. وأما الإحالة في المعنى، فلأن الاستغناء بالقرآن عن الناس غير جائز وصفه بأنه مسموع ومأذون لـه^(^^). 9- ومع أن الحافظ ابن حجر حاول جاهدًا الدفاع عن تفسير سفيان بن عيينة ومن تابعه، لكنه لم ينكر أيضًا أنه أيضًا بمعنى تسحين الصوت به والجهر والترنم عن طريق التخزين لتظافر ظواهر الأخبار الصحيحة على ترجيح هذا المعنى، فقال: « والحاصل أنه يمكن الجمع بين أكثر التأويلات المذكورة، وهو أنه يُحَسِّن به صوته جاهرًا به مترنمًا على طريق التحزن، مستغنيًا به عن غيره من الأخبار، طالبًا به غنى النفس، راجيًا به غنى اليد، وقد نظمتُ ذلك في بيتين: تَغَنَّ بالقرآن حَسِّن به الصوت حزينًا جاهرًا رنم /77/ واستغن عن كتب الأُلى طالبًا غنى يد والنفس صم الزم^(^^) 10- وإذا جمعت هذه الآراء والتأويلات إلى الأحاديث الصحيحة التي سوف نسوقها بعد قليل تبيّن صحة تأويل^(^^) من قال أنه بمعنى تحسين الصوت والتطريب والغناء المعقول الذي هو تحزين القارئ سامعَ قراءته كما أن الغناء بالشعر هو الغناء المعقول الذي يطرب سامعه. الدليل الثاني: أخرج أحمد^(^^) في مسنده، والبخاري^(^^) ومسلم^(^^) في صحيحها، وأبوداود^(^^) في السنن من حديث عبدالله بن مغَفَّل -*-، قال: « رأيت النبي * يقرأ وهو على ناقته -وهي تسير به، وهو يقرأ سورة الفتح- أو من سورة الفتح- قراءة لينة، يقرأ وهو يرجع ». وبين عبدالله بن مُغَفَّل -*- كيفية ترجيعه وأنه آ آ آ ثلاث مرات، قال شعبة عن معاية بن قرة المُزني راوي الحديث عن عبدالله بن مغفل: ثم قرأ معاوية، يحكي قراءة ابن مُغَفَّل، وقال: لولا أن يجتمع /78/ الناس عليكم لرجعتُ كما رَجَّع ابن مُغَفَّل، يحكي النبي *. فقلت لمعاوية: كيف كان ترجيعه قال: « آ آ آ ثلات مرات ». أخرجه البخاري^(^^) ومسلم^(^^) في صحيحيهما. وزعم القرطبي أن ذلك مجموع على إشباع المد في موضعه، ويحتمل أن يكون حكاية صوته عند هز الراحلة، كما يعتري رافع صوته إذا كان راكبًا من انضغاط صوته وتقطيعه لأجل هز المركوب، وإذا احتمل هذا فلا حجة فيه^(^^). وهذا الذي ذهب إليه القرطبي -رحمه الله- مردود بمن هو أفضل منه في فهم حديث رسول الله *، قال العلامة ابن القَيّم: « أن هذا الترجيع منه * كان اختيارًا لا اضطراراً لهز الناقة لـه، فإن هذا لو كان لأجل هز الناقة لما كان داخلاً تحت الاختيار، فلم يكن عبدالله بن مُغَفَّل يحكيه ويفعلُه اختيارً ليُؤتسى به، وهو يرى هز الراحلة لـه حتى ينقطع صوتًه، ثم يقول: كان يُرَجِّع في قراءته، فنسب الترجيع إلى فعله، ولو كان من هز الراحلة، لم يكن منه فعل يسمى ترجيعًا »^(^^). وقال الحافظ ابن حجر متعقبًا القرطبي: وهذا فيه نظر، لأن في /79/ رواية علي بن الجعد عن شعبة عند الإسماعيلي: « وهو يقرأ قراءة لينة، فقال: لولا أن يجتمع الناس علينا لقرأت ذلك اللحن » وكذا أخرجه أبوعبيدة في « فضائل القرآن » عن أبي النضر، عن شعبة^(^^). الدليل الثالث: أخرجه البخاري^(^^)، ومسلم^(^^)، والترمذي^(^^)، من حديث أبي بردة، عن أبي موسى الأشعري -*- قال: قال رسول الله * لأبي موسى: « لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة، لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود ». وأخرج البيهقي ^(^^) بإسناد مسلم نفيه « داود بن رشيد، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا طلحة، عن أبي بردة، عن أبي موسى » زيادة أنه قال لرسول الله * « لو علمت لحبرته لك تحبيرًا » وقد نص البيهقي على أن