بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
والحمد لله، وصلاته وسلامه على عباده الذي اصطفى محمد وآله الطاهرين. 23 شهر رمضان المبارك 1419 هـ. جعفر مرتضى العاملي تمهيد: فضل قراءة سورة الماعون: 1 ـ ابن بابويه باسناده، عن عمرو بن ثابت، عن أبي جعفر عليه السلام قال: "من قرأ سورة أرأيت الذي يكذب بالدين في فرائضه ونوافله كان فيمن قبل الله عز وجل صلاته وصيامه ولم يحاسبه مما كان فيه في الحياة الدنيا". 2 ـ روي عن النبي (ص)أنه قال: "من قرأ هذه السورة غفر الله له ما دامت الزكاة مؤداة ومن قرأ بعد صلاة الصبح مائة مرة حفظه الله إلى صلاة الصبح". 3 ـ وقال رسول الله (ص): "من قرأها بعد عشاء الآخرة غفر الله له وحفظه إلى صلاة الصبح". 4 ـ وقال الصادق عليه السلام: " من قراها بعد صلاة العصر كان في أمان الله وحفظه إلى وقته في اليوم الثاني". أسباب نزولها: علي بن إبراهيم في معنى السورة، قوله )أرأيت الذي يكذب بالدين( قال: نزلت في أبي جهل وكفّار قريش[1]. بسم الله الرحمن الرحيم )أَرَأَيتَ الذِي يُكذِّبُ بِالدِّين * فَذَلِكَ الذِي يَدُعُّ اليَتيم* وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ المِسْكِين * فَوَيْلٌ لِلمُصَلِّين * الذِينَ هُمْ عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُون * الذِينَ هُمْ يُرَاؤُون * وَيَمْنَعُونَ المَاعُون ( صدق الله العلي العظيم تفسير قوله تعالى: )أَرَأَيتَ الذِي يُكذِّبُ بِالدِّين ( تبدأ السورة بقوله تعالى: )بـسـم الله الـرحمـن الـرحـيـم( )أرأيـتَ الـذِي يُـكـذِّبُ بِـالـدِّيـن( وقد تحدّثنا حول آية البسملة في تفسير "سورة الفاتحة"، فمن أراد الإطلاع على ما قلناه، فعليه بمراجعة ذلك الكتاب. وبالنسبة لسورة الماعون، نقول: إنّ هذه السورة تتحدّث عن خصوصيات ومواصفات الذي يكذّب بالدِّين، والمراد بالدِّين هو يوم الجزاء. وتقول: ان من مواصفات هذا المكذّب، أنه يدعّ اليتيم، وأنه لا يحضُّ على طعام المسكين. ونحن نبدأ حديثنا حول هذه السورة بطرح سؤال، ومحاولة الإجابة عليه، فنقول: سؤال و جوابه: لو سألنا سائل: من هو الذي يكذِّب بالدِّين؟ فسنقول له: إنه الإنسان الجاهل، المتكبّر، الإنسان الضال، المغرور برأيه وبنفسه. ولا يخطر على بالنا: أن مجرّد عدم حضّ الناس على طعام المسكين، وكذلك دعّ اليتيم، يصلح أن يكون عنواناً للتكذيب بالدِّين، أو أن له أي ارتباط به. ومعنى ذلك هو أنّ هناك أموراً نتخيَّل أنها لا أهمية لها، ثم يتبيَّن لنا أنها ترتبط بأمور خطيرة جداً، حتى على مستوى التكذيب بيوم القيامة. ومن جملة هذه الأمور ما ذكرته السورة المباركة من أنّ أوصاف وخصوصيات من يكذّب بالدِّين أنه لا يحضّ على طعام المسكين.. فكيف نفسّر ذلك! وعلى وفق أي معيار يمكننا أن نفهمه ونتعقله؟! ويمكن أن يقال في الجواب: إنّ قضيَّة التديُّن أساساً، إنّما تعني العبودية، والخضوع، والانقياد لله عز وجل، والالتزام بأوامره ونواهيه، وهذا الخضوع يحتاج إلى استعداد نفسي، ولا يكفي أن يمارس الإنسان خضوعاً ظاهرياً جوارحياً، وحسب. فالجندي مجبر على تأدية التحيّة لرئيسه، ولكنه لو خلِّي وطبعه فقد يكون يكرهه، بل ويكره الدخول في الجيش من الأساس. ومن الواضح: أن الخضوع الحقيقي لله عز وجل يحتاج إلى معرفة ووضوح في الرؤية بالنسبة لألوهيته سبحانه وتعالى، وبالنسبة إلى صفاته، ثم إلى تقييم دقيق لحقيقة النعم والألطاف والرعاية التي يحبوه بها سبحانه. وبتعبير آخر: إن التديّن عبودية إرادية، وخضوع يحتاج إلى معرفة، والمعرفة تحتاج إلى معايير ومقاييس وقيم، نقيس بها ما نعرفه، وتكون هي التي تتحكّم بهذه المعرفة، وتستثمرها لتنتج معرفة جديدة، وتنتج أيضاً موقفاً وحركة، ومشاعر، وأحاسيس، وحالة إيمانية، وأخلاقاً إنسانية.. فلا تكفي معرفة أنّ الله عز وجل قادر منعم خالق، بل ثمة حاجة إلى مقاييس وقيم، لتقييم هذه النعم: كالخالقية، والرازقية، وثمة حاجة أيضا الى تحديد حقيقة هذه القدرة الإلهية، ومدى حاجة الإنسان إليها، وما هو موقعه منها. ثم لا بدّ من استثمار هذه المعرفة في استمرار التنامي والتكامل، إذ ليس المطلوب تلك الحالة