تقریب بین المصطلحات الأصولیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تقریب بین المصطلحات الأصولیة - نسخه متنی

أحمد المبلغی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

التقريب بين المصطلحات الأصولية

الشيخ أحمد المبلغي(1).

لا ريب أنّ للتقريب بين المصطلحاتالأصوليّة أهمّية كبيرة كما يكون وسيلة للتقريب في الأصول؛ وذلك لأمرين هما:

أولاً: أنّ المصطلحات لدى كل مذهب تعتبر في الحقيقة علائم له؛ ولذلك أصبح مصطلح كلمذهب عرضة للاتهام والعداء من قبل الآخرين؛ نتيجة لوجود التعصب المذهبي بينهم، بل كان تمحور العداوة بينهم حول هذه المصطلحات أكثر منه في غيرها.

وثانياً: تحملالمصطلحات الأصولية بين طياتها حساسية شديدة، إذ أنّ أدنى تغيير يحصل فيها يؤثر كثيراً على عملية الاستنباط، ويكمن سر ذلك في أنّ المصطلحات تعتبر القناة التي يمر عبرهاتأثير الأصول على الفقه، وهذا التأثير يبرز في شكل من الأشكال الثلاثة الآتية:

1 ـ إخراج الدليل عن دائرة الحجية، أي: عدم الاعتراف به كدليل، أو جعله دليلاًتابعاً لغيره من الأدلة.

2 ـ تغيير مرتبة الدليل بين الأدلة.

3 ـ تغيير طرق الاستفادة من الكتاب والسنة، ومثاله: التغييرات التي تأتي في مباحثاجتماع الأمر والنهي، وأصالة الظهور، والعموم والخصوص، والتزاحم بين الأدلة، وغير ذلك من الأمثلة. ومعلوم أن أكثر مواطن الاختلاف الأصولي بين المذاهب يكمن في هذهالنقاط الثلاث.

مبادئ ثلاثة في التقريب:

قبل بيان كيفية التقريب في هذا المجال يحسن بنا أنّ نذكر حقيقة هامة لها تأثير فاعل ومفيد في مجالاتالتقريب عامة، وفي مجال التقريب في الأصول بصورة خاصة، وهي: أنّ التقريب يعتمد على مبادئ ثلاثة تدور كلها حول كلمتين هما: الاجتهاد والتسامح، وهذه المبادئ هي:

1ـ مبدأ لزوم عدم التسامح في عملية الاجتهاد.

2 ـ مبدأ لزوم التسامح مع اجتهاد الغير.

3 ـ مبدأ لزوم الاجتهاد في مواطن التسامح.

أما مبدأ عدم التسامحفي الاجتهاد فتظهر أهميته في كون أنّ التسامح القليل في عملية الاجتهاد سوف يجعلنا بعيدين عن الإسلام وأحكامه، وسيحدث على الصعيد الفقهي خسارة علمية لا يمكن تعويضها.

هذا وأن ما روي من:أنّ 'للمخطئ أجر واحد' (2). لا يفهم منه جواز التسامح في الاجتهاد؛ لأنه ناظر إلى المخطئ غير المقصر، لا المخطئ الذي يكون بتسامحه مقصراً، كما يمكناستشعار ذلك من نفس كلمة الاجتهاد.

إنّ اللالتزام بهذا المبدأ يجعلنا أما ميدان واسع للتقريب، لأن ثمرته تقليل مجالات الخطأ، وهي تؤدي بالتالي إلى ثمرة أخرىتتمثل في تقليل الاختلافات، فإن اتساع مجال الخطأ كما يهيئ أرضية لأن تتسع الاختلافات أكثر فأكثر فكذلك تضييقه يؤدي إلى العكس.

وأما مبدأ لزوم التسمح معاجتهادات الآخرين فاعتباره مأخوذ من أنّ الشارع قد أجاز أنّ نجتهد، والاجتهاد ـ كما هو معلوم ـ لا يمكن أنّ لا يتعدد بعد أنّ كانت العقول متفاوتة. بالإضافة إلى ذلك أنّ احتمال الخطأ يتطرق إلى أي اجتهاد، ولا يخفى أنّ لازم الأمرين الالتزام بهذا المبدأ. وأما ما قلناه سابقاً كنتيجة للالتزام بمبدأ عدم التسامح في الاجتهاد فهو: أنّ عدمالتسامح فيه يؤدي إلى تقليل حجم هذا التعدد أولاً، وتضييق شقة الاختلاف بين الآراء ومبانيها ثانياً، لا أنه يؤدي إلى القضاء على أصل التعددية في الاجتهاد، فإنها غيرمنفكة عنه.

وعلى ضوء ما قلناه يتضح: أنّ المقصود من التسامح مع الاجتهادات هو: أنّ نبدي أمام هذه الاجتهادات موقفاً مرناً، ونحتمل الصواب فيها، ونقوم بدراستهابصورة موضوعية، وهذا الأخير ـ القيام بدراسة ما اجتهد به الغير ـ يعتبر أيضاً واجباً يفرضه علينا مبدأ عدم التسامح في الاجتهاد كما قلنا سابقاً؛ لأن هذا المبدأ يتطلبالفحص عن الحقيقة كلما خفيت علينا وكمنت.

ودور مبدأ لزوم التسامح مع آراء الغير في التقريب يظهر على ضوء ملاحظة: أنّ التعصب المذهبي نشأ في بدايته عن بقاء أنصاركل مذهب على آراء مجتهدي المذهب، الأمر الذي أدى إلى محاولتهم القيام بإحياء وتنشيط تلك الآراء، وإماتة آراء الآخرين بأنحاء عديدة، وأقل شيء برز في هذه الظروف هو: التعصبالأعمى. وليكن شعار كل مجتهد ـ انطلاقاً من هذا المبدأ ـ ما قاله الإمام الشافعي: (مذهبي صواب يحتمل الخطأ، ومذهب غيري خطأ يحتمل الصواب) (3).

وأما مبدأ الاجتهاد فيمواطن التسامح في الإسلام فنعني بالتسامح هنا: ما قد يعبر عنه بالمرونة التي لا تخلو أحكام الإسلام منها في كثير من المجالات الفردية والاجتماعية.

وواضح أنّ توجيه الاجتهادات المختلفة نحو هذه المواطن سوف يؤدي إلى وصولها إلى نقاط متقاربة؛ لأن الوقوف على مواطن التسامح في الإسلام يشرح الصدورويصحح التفكير.

فالنتيجة: أنّ هذه المبادئ كلها تلزمنا قبل كل شيء القيام بالدراسات المقارنة بصورة موضوعية، ونحن نظن ا، علم الأصول هو أكثر استحقاقا إلى هذه الدراسة الموضوعية التيتعالج الاختلافات والخلافات معالجة جذرية.

وأخيراً فإنه يظهر: أنّ جل الخلاف بين المسلمين حدث بسب أنّ كثيراً من علمائهم كانوا يتسامحون في مواطن عدم التسامح،ولا يتسامحون في مواطن التسامح.

كيفية التقريب في القواعد الأصولية:

إنّ كل من يسعى إلى التقريب ويحاول تحقيقه يجب عليه قبل كل شيء القيامبالدراسات الموضوعية حول المسائل الأساسية التي من جملتها: المصطلحات الأصولية، فانطلاقاً من ذلك نقول: هناك مرحلتان يجب مراعاتهما في دراسة المصطلحات الأصولية،فانطلاقاً من ذلك نقول: هناك مرحلتان يجب مراعاتهما في دراسة المصطلحات في علم الأصول، وهما: مرحلة تحديد معاني المصطلحات، ومرحلة إبداء التغيير فيها أو حولها.

تحديد معاني المصطلحات:

تعتبر هذه المرحلة خطوة هامة ومؤثرة جداً في المحاولات التحقيقية الأصولية، ولشدة أ÷ميتها ودورها نرى الأصوليين من مختلفالمذاهب قد قاموا بها، وأن كل من يلقي نظرة على كتب الأصول قديماً وحديثاً يرى الاهتمام بالتعريف من جانبهم. فهذا أبو يعلى قد عقد في بداية كتابه 'العدة' فصلاً لبيانالحدود(4).

وكذلك نجد هذا الاهتمام واضحاً عند الباجي، حيث أفرد كتاباً في الحدود الأصولية (5).

وبإمكاننا أنّ نعرف شدة اهتمامهم بالتحديد من خلال قيامهمبتقسيم المعنى كلما عجزوا عن التعريف.

يقول إمام الحرمين في هذا الصدد: (حق على كل من يحاول الخوض في فن من فنون العلم أنّ يحيط بحقيقته وحده إنّ أمكنت عبارةسديدة على صناعة الحدّ، وإن عسر فعليه أنّ يحاول الدرك بمسلك التقاسيم) (6).

إبداء التغيير في المصطلحات أو حولها:

تأتي مرحلة التغيير بعد تحديدالمصطلحات، وسرّ أهمية هذه الخطوة تكمن في أننا لو لم نقم بها فإن خطوة تحديد المصطلحات سوف تبقى بلا نتيجة مؤثرة، وسوف لا يأخذ علم الأصول دوره الفعال المتوقع منه.

وقبل الدخول في تحديد هذه المرحلة ينبغي الإجابة عن سؤال وهو: ألم يشتهر على الألسن: أنّ المشهور خير من الصحيح المهجور ؟ فانطلاقاً من ذلك ألا ينبغي الحفاظ على ما وجدفي علم الأصول من المصطلحات من دون تغيير ؟ والجواب على هذا يتضح من خلال النظر إلى أمرين وهما:

أولاً: المبدأ القائل: بأن التسامح في عملية الاستنباط وبالتالي فيالأصول غير صحيح.

وثانياُ: أنّ المصطلحات لها دور مهم في أصول الفقه، وبالتالي لها تأثير كبير على الفقه، والذي يفهم بعد ملاحظة ما تقدم: أنّ الالتزام بمبدأ عدمالتغيير يؤدي إلى مسخ الهوية الأصولية، وبالتالي يؤدي إلى التسامح في عملية الاستنباط، هذا من جانب، ومن جانب آخر أننا عندما نتكلم عن لزوم التغيير أو التبديل في عالمالمصطلحات فلا نعني به ترك المصطلحات القديمة أو محوها من الكتب، ولكن نعني: إحداث تغييراتٍ في جانب تلك المصطلحات القديمة؛ حتى نتمكن على ضوئها درك معاني تلكالمصطلحات، وبهذه الوسيلة يمكن تقليل جوانب الاختلافات بإرجاع بعض المصلحات إلى بعضها الآخر، أو أخذ رأي جديد.

نعم، إنّ المصطلحات الجديدة قد تأخذ ـ لشدةوضوحها وأهميتها ـ مكانة هامة في العلم بحيث تغطي على المصطلحات القديمة، وهذا لا يضر شيئاً، بل يسبب تطور آفاق العلم، الأمر الذي تكون نتيجته: إجادة العمليةالاستنباطية أكثر فأكثر.

بعد هذه الإجابة نقول: هناك مجالان للتغيير في المصطلحات، وهما:

1 ـ التغيير في تعريف المصطلح.

2 ـ التغيير في نفسالمصطلح.

1 ـ التغيير في تعريف المصطلح وملاكاته:

إنّ التغيير في التعريف يعني: محاولة إعطاء تعريف جديد للمصطلح. والأمر المهم هنا: الوقوف على ملاكاتهذا التغيير، وهي:

أ ـ التغيير على أساس التوسيع: وهذا النوع من التغيير يكون في الموارد التي يعطي فيها التعريف ـ المراد نقده ـ معنى ضيقاً بحيث لا يشمل جميعالمعنى المقصود منه، وكمثال على ذلك: ما نراه من نقد السيد الحكيم لتعريف الآمدي للاجتهاد بأنه: استفراغ الوسع في طلب الظن، حيث أشكل السيد عليه بعدم شموله لموارد حصولغير الظن (7).

ب ـ التغيير على أساس التضييق: ونعني به: تغيير التعريف بما يؤدي إلى تضييق دائرته، وكمثال على ذلك: ما يمكن أنّ نذكره من نقد حول ما أعطي من تعريفاتلكلمة 'الدليل'، حيث وسعوا دائرة معناه بما يشمل كثيراً من الأدلة غير المستقلة التي ترجع إلى أدلة أخرى مستقلة، أو يشمل مالا يكون دليلاً أصلا، وتفصيل البحث موكول إلىمحله.

ج ـ التغيير على أساس المباينة: ونعني به: اختيار تعريف جديد يباين التعريف السابق.

د ـ التغيير على أساس الاعتماد على الحد: ولتوضيح ذلك نقول: إنّ هناك كثيراً من التعريفات لم تتم على أساس الحد، بل هي من قبيل: التعريف بالرسم الذي هو قائم على ذكر اللوازم والآثار.

ولعل كثيراً من الباحثين الأصوليين لايهتمون بالمناقشات الداعية إلى هذا التغيير، انطلاقاً: إما من عدم إمكانية التعريف بالحد، أو من عدم أهميتة، ومن جملتهم: صاحب الكفاية، حيث كان يقول: (إنها تعاريف لفظيةتقع في جواب السؤال بـ 'ما'

الشارحة، لا واقعة في جواب السؤال بـ'ما' الحقيقة) (8).

إنّ التغيير في التعريف بجميع أنواعه المذكورة يحق فوائد كثيرة جداً،نذكر منها فائدتين:

الأولى: تحرير محل النزاع، ولا يخفى أهمية ذلك بعد ما نرى أنّ كثيراً من الخلافات هي لفظية تنشأ من عدم تحرير محل النزاع وتبرز هذه الثمرةبصورة جلية في البحوث الأصولية المقارنة.

الثانية: أنّ كثيراً من الأخطاء التي حصلت في الآراء الأصولية ناشئة من عدم الدقة في المعنى الاصطلاحي.

وهذاالقسم من التغيير وإن شوهد قيام الأصوليين بالتحقيق والبحث فيه في كتبهم بيد أننا نرى من الواجب ترويجه وتنشيطه أكثر مما كان؛ وذلك باعتباره عملاً جذرياً والحقيقة: أنهلو كان هناك نوع من التطور في علم الأصول لأمكننا اعتباره ثمرة لهذا الأمر.

والكتب الأصولية وإن كانت مليئة بأمثلة من هذا النقد في التعريف غير أنه لا بأس بتقديممثال على ذلك، وهو: ما قام به الأصوليون من نقد ما ذكره الإمام الشافعي في تعريف البيان،وقد واصلوا هذا النقد حتى استقر معناه وحقق(9).

2 ـ التغيير في نفسالمصطلح وملاكاته:

والمراد ـ كما هو واضح ـ تبديل نفس المصطلح بمصطلح آخر، أو إضافة فروع أخرى للمصطلح، وهذا النوع من التغيير هو الذي يكون جديراً بأن نبني عليهآمالنا لتطوير علم الأصول والتقريب بين قواعده عند مختلف المذاهب، وسر ذلك يظهر من ذكر الملاكات التي تدعونا إليه، وهذا الملاكات هي:

1 ـ التغيير على أساسالتوسيع: قد يكون المصطلح غير واف بالمقصود، وفي بعض الأحيان يكون ـ مالم يشمله المصطلح ـ أهم أو أكثر مما شمله، وهذا يجعل المصطلح غير فني.

2 ـ التغيير على أساسالتضييق: قد يكون المصطلح شاملاً لأكثر مما ينبغي بحيث يجعل المصطلح غير فني؛ لأنه يؤدي إلى الخطأ في الرأي، وكمثال على ذلك: كان الاستصحاب عند الإمامية في البدايةاصطلاحاً واحداً، وقد انجر البحث عند المتأخرين منهم إلى إحداث مصطلحات جديدة مثل: الأصل المثبت، والاستصحاب التعليقي والتنجيزي والكلي والجزئي ن وغيرها. وفي ظل ذلكضيقوا مجال الاستصحاب الذي يكون حجة(10).

3 ـ التغيير على أساس المباينة: قد لا يكون المصطلح مؤدياً إلى ما يقصد من معنى له، فيحاول الباحث الأصولي تبديله إلى مصطلحآخر يناسب المعنى.

4 ـ التغيير على أساس كشف ميادين جديدة، ويمكن القول: إنّ إحداث مصطلحات: الورود، والحكومة، والتزاحم (11)، والشبهة المصداقية (12) قد تم في أصولالإمامية على أساس ذلك، مما أدى إلى تطوير علم الأصول عندهم، وكان من نتيجة ذلك: (أنّ تطورت مباحث هذا العلم، وأدخل عليها تعديلات ونظريات حديثة ظهرت آثارها في مخالفةالأواخر للأوائل في كثير من الأحكام الشرعية) (13).

5 ـ التغيير على أساس الحساسية الأصولية: غير خفي أنّ المباحث الأصولية ـ كما ذكرنا سابقا ـ تتميز بحساسية شديدة،وهذه الحساسية تتطلب أنّ يكون البحث فيها أكثر فنية مما قد تقتضي التغيير في بعض المصطلحات، وكمثال على ذلك: ما نرى في بحوث الشهيد الصدر الأصولية من الإقدام على تغييرمصطلح معين، معللاً هذا التغيير بـ (أنه في رأينا أكثر قدرة على إعطاء الطالب صورة أوضح عن دور القاعدة الأصولية في المجال الفقهي، ورؤية أجلى لكيفية الممارسة الفقهيةلقواعد علم الأصول) (14).

6 ـ التغيير على أساس ما يقتضيه البحث المقارن: قد يكون من الصعب على الباحث المقارن تحديد نقطة الاختلاف عند المقارنة بين الاصطلاحين،والذي يساعده في

هذا المجال للجوء إلى اصطلح جديد للدخول في البحث. ويمكن التمثيل لذلك: بعقد فصل في البحث المقارن حول عنوان 'الدليل المستقل' و'الدليل التبعي'،الذي يهيئ بصورة فنية مجالاً واسعاً للبحث حول دليلية كثير من الأدلة.

وإننا ندعو الباحثين في الأصول المقارنة أنّ يوجهوا عنايتهم إلى كشف عناوين جديدة في هذاالباب، وخصوصاً بملاحظة أنّ الفجوة بين المجاميع الأصولية قد اتسعت، مما قد يجعل البحث المقارن عقيماً من دون كشف هذه العناوين.

وأخيراً نشير إلى مسالة مهمة لوروعيت فسوف لا نخاف على الفقه من إبداء هذه التغييرات في البحوث الأصولية، وهذه المسألة هي: أنه من الواجب أنّ يكون الفقيه ذا اطلاع فقهي واسع بحيث يمتلك الذوق الفقهياللازم، وتظهر نتيجة هذا الذوق في تطبيق القواعد الأصولية في عملية الاستنباط، وبذلك نفهم: أنّ لزوم استثمار الذوق الفقهي لا يعني وجود الخطأ في علم الأصول لأن الخطأالذي نريد منعه من جراء الذوق الفقهي إنما هو كامن في جانب التطبيق، لا أصل القاعدة الأصولية.

نعم، قد تكون لهذا الذوق نتيجة أخرى وهي: منع الفقيه أحياناً منالتأثر بخطأ ناشئ عن الأصول قد خفي عليه عند بحثه الأصولي، ولكن ذلك لا يقلل من أهمية علم الأصول شيئاً، بل بالعكس، فإنه يملي علينا أحيانا لزوم تطوير الأصول أكثر فأكثر؛لأن هناك ميادين في الفقه لم تكشف بعد وهي بحاجة إلى سد النقص فيها، والكفيل بالإجابة على هذه الحاجة هو: علم الأصول،فالخطأ الذي قلنا بأنه ناشئ عن البحث الأصولي هو فيالحقيقة ناشئ عن عدم تطويره.

ومن هنا نفهم: أنّ الكشف الذي يحققه الذوق الفقهي هو كشف غير تفصيلي لا يكون داخلاً ضمن أي إطار أو قاعدة. بيد أنّ الكشف الذي يقوم بهعلم الأصول هو: كشف تفصيلي يبرز ضمن القواعد، فمعنى: أنّ الذوق الفقهي قد يقوم بمنح ورود الخطأ الأصولي في الفقه هو: أنه يكشف شيئاً لم يكشفه علم الأصول بعد.

ويمكن أنّ نمثل لذلك: بما وقع لصاحب الجواهر من أخذه رأيا في مسألة من مسائل باب الشهادات لم يحرره العلماء قبله، وقال بصدد توجيه ما تبناه: (وظني أنّ من يقف على كلامناهذا يستبشعه ويستنكره، لخلو كلام الأصحاب عن تحريره على الوجه المزبور،

وإنما فيها ـ أي: في كلمات الأصحاب ـ الإطناب بذكر المناسبات التي لا تصلح دليلاً شرعياً،وإنما هي أشبه شيء بالعلل النحوية التي تذكر بعد السماع، بل جملة منها حقيقة بأن لا تسطر؛ لما فيها من تشويش الذهن ومنعه عن الوصول إلى الحق، خصوصاً الأذهان المعتادة علىالتقليد وإثبات عصمة لغير المعصوم) (15).



1 ـ كاتب في مركز الدراسات الإسلامية في مجمع التقريب ـ فرع قم.

2 ـ نص الحديث مارواه مسلم وأبو داود هكذا: 'إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذ حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر' يقول صاحب الفصول في الأصول: (إنّ هذه الرواية قد تلقتها الأمة بالقبول)انظر كتاب الفصول في الأصول: 403.

3 ـ نقلاً عن رسالة الإسلام، العدد 3 للسنة الأولى: 244.

4 ـ راجع كتاب العدة لأبي يعلى.

5 ـ انظر الحدود في الأصولللباحي.

6 ـ راجع كتاب الحدود في الأصول للباجي.

7 ـ انظر أصول الفقه المقارن للسد محمّد تقي الحكيم: 562.

8 ـ الكفاية للآخوند الخراساني: 252.

9 ـ الفكر الأصولي للدكتور أبي سليمان: 448.

10 ـ انظر كفاية الأصول للآخوند، مبحث الاستصحاب، وفوائد الأصول للنائيني 4: 411.

11 ـ انظر أصول الفقه المقارنللسيد الحكيم: 88.

12 ـ فوائد الأصول للنائيني 2: 525.

13 ـ رسالة الإسلام العدد 3 للسنة 2: 278.

14 ـ بحوث في علم الأصول 1: 62.

15 ـ جواهر الكلامللنجفي 41: 135.

/ 1