بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
جعفر مرتضى الحسيني العاملي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ /صفحة 8/ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تمهيد التخطيط.. في خدمة الرسالة: بعد أن ارتكب الحكم الأموي البغيض جريمته النكراء، والبشعة، في حق الإمام الحسين [صلوات الله وسلامه عليه]، وأبنائه، وأهل بيته، وصحبه الأبرار، [رضوان الله تعالى عليهم أجمعين].. صعد بشكل مثير من ممارساته التصفوية، التي تستهدف خط الإمامة الإلهية، المتمثل في أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة [عليهم الصلاة والسلام].. وتستهدف كذلك كل العاملين في هذا الخط، أو المتعاطفين معه، أياً كانوا، وحيثما وجدوا.. وقد استطاع الإمام الجواد [عليه الصلاة والسلام]، الذي واجه الردة عن الخط الإسلامي الصحيح على أوسع نطاق، حيث لم يكن يعترف بإمامته في وقت ما سوى ثلاثة أشخاص، حسبما روي(1) ـ استطاع ـ أن يبعث النور، ويزرع بذرة الخير من جديد، وأن يتابع المسيرة، من خلال تركيز خط الإمامة في الامة، حتى تمكن أخيراً من تهيئة الظروف والمناخات الملائمة لقيام نهضة دينية، علمية، وثقافية، وتربوية على نطاق واسع، من شأنها: أن تعرف الناس، كل الناس على الإسلام الحق، وعلى التعاليم الإلهية ـــــــــــــــ (1) هم: أبو خالد الكابلي، ويحيى بن أم الطويل، وجبير بن مطعم [ولعل الصحيح: حكيم بن جبير] ثم إن الناس لحقوا وكثروا [راجع: ترجمة هؤلاء في كتب الرجال والتراجم]. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ /صفحة 10/ الصحيحة، التي أريد لها أن تبقى رهن الإبهام والغموض، ولكن الله يأبى إلا أن يتم نوره، ولو كره الكافرون.. وهكذا.. فقد جاءت مدرسة الإمامين: الباقر والصادق عليهما الصلاة والسلام، لتكون الثمار الجنية، والنتيجة المرضية للجهود الجبارة، التي بذلها الإمام الجواد [عليه الصلاة والسلام] في هذا السبيل من قبل، وروتها وغذتها دماء أبي الشهداء، وصحبه الأبرار في كربلاء(1). وقد اتجهت هذه النهضة العلمية الشاملة نحو التركيز على القواعد القرآنية الثلاث، التي أشارت إليها الآية الكريمة: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ)(2). وهذه القواعد الثلاث هي: 1 ـ تعليم أحكام الدين، ونشر معارفه، عملاً بقوله تعالى: (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ). 2 ـ العمل على إثارة دفائن العقول، والابتعاد عن الجمود، وإعطاء العقل دوره وأصالته، عملاً بقوله تعالى: (وَالْحِكْمَةَ). 3 ـ التربية الروحية، وتصفية النفوس، وتهذيب الأخلاق، عملاً بقوله تعالى: (وَيُزَكِّيهِمْ) هذا كله.. مع الاهتمام بتعميق روح التعبد ـــــــــــــــ (1) راجع فيما تقدم، من أجل التعرف على جانب من الدور الذي قام به الإمام السجاد [عليه الصلاة والسلام].. مقالاً لنا بعنوان: «الإمام السجاد باعث الإسلام من جديد» في كتابنا: دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ج1. (2) الجمعة. الآية رقم2. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ /صفحة 11/ والخضوع لأوامر الله تعالى، بهدف حفظ الدين عن التحريف والتأويل غير المسؤول(1). وكان الأئمة [صلوات الله وسلامه عليهم] يهدفون من وراء بعث ذلك النهضة إلى تهيئة الأرضية المناسبة لإقامة حكم الله سبحانه على الأرض.. فربوا [عليهم السلام] الكوادر الواعية، والجيل المنفتح والمسؤول.. حتى أصبحت تلك الطليعة المثقفة والواعية، التي رباها الإمامان الباقر والصادق [عليهما السلام] تمثل التيار العام، الذي يهيمن على مختلف القطاعات تقريباً في الدولة العباسية، وقد استمر هذا المد الثقافي العارم حتى عهد الإمام الرضا [عليه السلام]، وبعده.. وكانوا [عليهم السلام] يهتمون بأن يبقى عملهم ونشاطهم هذا محتفظاً بسريته التامة، وكانوا يشددون على شيعتهم في النهي عن الإذاعة، ويعتبرونها مروقاً من الدين تارة، وقتلاً عمداً لنفس الإمام [عليه السلام]، أخرى، وسبباً للبلاء