حیاة السیاسیة للامام الجواد (ع) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حیاة السیاسیة للامام الجواد (ع) - نسخه متنی

السید جعفر مرتضی العاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ولكن هذا الأثر لم يتعد بعده العاطفي،
والفكري الجاف، ولم يصل إلى درجة التكوين
العقائدي الراسخ، الذي من شانه أن يجعل
الفكر الحي، يتفاعل مع العاطفة الصادقة
على داخل الإنسان، ليكون وجداناً حياً، من
شانه أن يتحول إلى موقف رسالي على صعيد
الحركة والعمل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
/صفحة 17/
وعلى هذا.. فلم يكن يمكن الاعتماد على هذا
الوعي، ولا على تلك العاطفة في القيام
بحركة تغييرية جذرية وحاسمة، ولاسيما
بملاحظة ما كان يهيمن على الناس عموماً من
ميل قوي للراحة وللحياة المادية، ومن
استسلام لحياة الترف واللذة، والتي
تستتبع الضعف والركود، والخوف من الإقدام
على أي حركة تغييرية تستهدف ما ألفوه
واعتادوه..
ولو فرض أنهم في غمرة هيجانهم العاطفي
نجحوا في حسم الموقف لصالح الاتجاه الآخر،
فإن رصيداً كهذا، فكرياً وعاطفياً وحسب،
أي من دون بعد عقيدي، وفناء وجداني، لن
يكون قادراً على حماية استمرار الحركة
وسلامة صفائها، ولا على تحمل مسؤولياتها
التغييرية التي سوف تستهدف جزءاً كبيراً
من واقعهم وأنفسهم. بل سوف ترتد هذه الحركة
على نفسها لتأكل أبناءها، وتنقض مبادئها،
وتستأصل نبضات الحياة فيها.. وذلك لأن
العاطفة سيخبو وهجها، مادام لم يعد ثمة ما
يثيرها ويؤججها.. وسيصبح الفكر ركاماً
جافاً وخامداً، حينما تهب عليه رياح
المصالح والأهواء والشهوات؛ ولتجعل منه
من ثم هشيماً تذروه الرياح، إن لم يكن
استخدامه وقوداً لها، يعمل على
استصلاحها، وتوجيهها، ويهيئ لها الفرصة
للاستفادة منها على النحو الأكمل والأمثل.
الزيدية.. للاعتبار، لا للأسوة:
هذا كله.. لو أمكن أن تصل الحركة إلى درجة
الحسم لصالح الاتجاه الآخر.. ولكنه فرض
بعيد، وبعيد جداً، كما أثبتته التجارب
المتكررة في اكثر من قرن من الزمن.. حيث
رأينا فيه بوضوح: كيف فشلت الحركات
الزيدية الكثيرة جداً، وكيف سهل القضاء
عليها، حتى أصبحت في خبر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
/صفحة 18/
كان، حتى وكأن شيئاً لم يحدث، رغم سعة
نفوذ الزيدية على مختلف الأصعدة، وفي جميع
المجالات، ورغم سيطرتها التامة على
الأمور، سياسياً، وإعلامياً، وثقافياً،
وعاطفياً، وغير ذلك.. كما أوضحناه في
كتابنا: الحياة السياسية للإمام الرضا
[عليه السلام]، فصل البيعة وأسبابها..
وما ذلك.. إلا لأن حركات الزيدية، وهي
حركات سياسية بالدرجة الأولى، ولا يميزها
سوى أنها تدعو إلى كل من قام بالسيف من آل
محمد [صلى الله عليه وآله]، ولم يكن لها
أصالة فكرية وعقائدية راسخة، تنطلق من
الروح، وتنبع من الوجدان ـ هذه الحركات ـ
إنما كانت تعتمد على هذا المد العاطفي
الهائل، وعلى ذلك الوعي الثقافي الجاف،
الذي لم يصل إلى حد مزج العاطفة بالفكر،
والفكر بالوجدان، لينتج موقفاً رسالياً
تخاض من أجله اللجج، وتبذل دونه المهج، بل
كان يجد من العراقيل والمعوقات النابعة من
داخل أنفسهم، ما يعل الاعتماد عليه
اعتماداً على سراب، والتمسك به تمسكاً بما
هو أوهى حتى من الطحلب..
وذلك هو ما يفسر لنا كيف انه حينما كان
الناس يواجهون الأمور بجدية، ويبلغ
الحزام الطبيين، يعودون إلى دنياهم،
ويركنون إلى حياة السلامة والدعة، حسب
تصورهم، وما ينسجم مع هوى نفوسهم.. ولا
يهمهم ما سوف يحصل بعد ذلك، ولا ماذا تكون
النتائج.
وإذن.. فلم يكن للأئمة [عليهم الصلاة
والسلام] والحالة هذه: أن يُقدِموا على
المجازفة بزجّ الأمة في صراع لن تكون
نتيجته سوى الفشل الذريع، والخيبة
القاتلة، في ظروف كهذه في الوقت الحاضر
على الأقل.. لأن معنى ذلك هو: أن ينتهي
أمرهم، وتتلاشى دعوتهم، وبسهولة ويسر،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
/صفحة 19/
تماماً كما كان الحال بالنسبة للزيدية
وأضرابهم(1)».
وإنهاء أمر الأئمة إنما يعني إنهاء أمر
الإسلام والأمة، والتدمير لهما، والقضاء
على كل نبضات الحركة فيهما، وذلك خطأ فاحش
في السياسة، وسفه في التدبير.. وخيانة ما
بعدها خيانة. وحسبنا ما ذكرناه هنا..
ولننتقل للكلام على الحياة السياسية
للإمام الجواد [عليه السلام].. فـ: إلى ما
يلي من صفحات..
ـــــــــــــــ
(1) راجع: نقش الخواتيم لدى الأئمة [عليهم
السلام] ص38 ـ39.

/ 34