بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید الدفلـــى البريد الالكتروني: unecriv@net.sy E-mail : aru@net.sy موقع اتحاد الكتّاب العرب على شبكة الإنترنت http://www.awu-dam.org تصميم الغلاف : ميرنا اوغلانيان ماري رشو الدفلـــى - روايــة - من منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق - 2002 (صــــلاة) (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) (لكن!! نجّنا من الشرير..) إهـــــــداء إلى زينة - صديق - هنادي - ربيكا - حنان - دينا - لما - مازن - جابر - آنّا ميشيل - ماري. بقيت عيناي على المسافة التي انطلق عبرها الرجل. كنت أجلس على مقعدي المعتاد. أخيط ثوب السيدة الثريّة، وأحسب الأجر الذي سأتقاضاه، بينما ألعن عمل الخياطة ومخلّفاتها. أطلت النظر والتفكير معاً. ليست المرة الأولى التي أجلس فيها هنا، وليست المرة الأولى التي أرفع رأسي أو ألقي بصري نحو تلك النقطة ذاتها. سحبت بصري ثانية. كنت متفاجئة لا أكثر. لم أكن خائفة، فهذا طبيعي، وهو ما نطلق عليه خداع بصر، أو كما يقال ألاعيب بصر. لكنه مرّ بسرعة كبيرة. كأنه يطير، فقد تزامنت رؤيته مع رفّة هدبي. لكن! كيف لم أره في السابق؟ هذا مقعدي ومن هنا أجول ببصري. التفتّ إلى الوراء. كانت الستائر مسدلة، وعلى امتداد الممشى القصير نسبياً أمكنني مشاهدة جزء من غرفة الطعام المفضية للصالون. هل هو زجاج الخزانة؟ لا أعتقد. إنه رجل حقيقي. كيف حدث ذلك؟ حدث لأن البصر أحياناً يعطي صوراً لا علاقة لها بالحقيقة. هذا ما حدث. ليس من خيال أو صورة أو تهيؤ. إنه انعكاسات لشيء ما، ربما عكسها تفكيري، أو تعبي، أو قلقي على ابنتي أو ابني. عدت للعمل. كان الجميع نياماً. ابنتي وزوجها وابناها، ورحت أمارس هوايتي المفضّلة في أوقات الوحدة. كأن أستمع إلى المذياع أو أحاول الغناء. في الحقيقة لا أغني بصوت عال، مع أنني أهوى ذلك، فألجأ إلى غناء خافت، أو أغني في أعماقي. كان هذا أجمل ما أفعله، خاصة وأنا أحمّل الحالة حناناً وحنيناً، وأستعيد تلك الأغنيات التي أحببتها وأنا صغيرة. كانت أمي تردّدها بحنين أيضاً، وأستطيع الآن استيعاب ذلك تماماً. إنه الاستغراق الجميل ما بين الكلمة واللحن والذي عليه تقع مسؤولية تفريغ شحنات التعب والأسى والقلق، وخلق جو من الانطلاق نحو أمل موعود، فتسهل الأمور، وتبسط الحياة. تذكّرت الرجل ثانية. أمعنت النظر في النقطة التي عبر منها. استطعت استعادة صورته. كان متوسط الطول، برأس صغير قليلاً. يرتدي سترة بلون بني فاتح، أما بنطاله فلم يتح لي الوقت ملاحظة لونه، ربما كان داكناً بعض الشيء، أو بنياً غامقاً. ضحكت للصورة، وعدت لعملي. كان علي إتمام الثوب واغتنام فرصة نوم الصغيرين، فقد تتغير الأمور فجأة، ويتحتّم علي ملاعبتهما، أو مشاهدة الصور المتحركة التي يحبانها. شعرت بالسعادة، وأنا أستعيد الأيام الصعبة التي مررت بها. يوم مات زوجي إثر نوبة قلبية مفاجئة. شعرت بأنني صفر اليدين أمام متطلبات كثيرة، فلم نكن نملك سوى هذا البيت الكبير والمتعدّد الغرف، والذي ورثه زوجي عن أسرته. أما أنا فورثت ميولاً فنية. كنت أحب الرسم وأشعر برغبة تجتاحني بين الفينة والفينة لتصميم زيّ ما. أمّا الحاجة فكانت أم جميع الأعمال، وهذا ما جعلني ألجأ للعمل، ولفن الخياطة بالذات، أفرغ ميولي وأسدّ ثغرات الحاجة والعوز. كان أهم ما أقلقني هو رغبة ابني بالسفر لتحصيل العلم، والوقوف أمام العجز الذي سيلاحقني إثر متطلباته التي لا تنتهي وهو في بلاد الغربة. شعرت بالسعادة أيضاً وأنا أتذكّر أيام العزلة والشقاء اللذين عشتهما، حين هربت ابنتي مع شاب لا يعرف معنى المسؤولية. تعتقد بأنها تحبه. لم تكن تتعدّى السادسة عشرة من عمرها آنذاك، أما هو فيكبرها بعامين، ويستطيع ممارسة هواياته السابقة، كأن يلاحق الفتيات بسيارته الخاصة، والتي ابتاعتها له أمه إثر موت أبيه، أمه التي يستنزفها باستمرار، مستغلاً حبها، فتحنو عليه بعد أن أصبح مسؤولاً عن زوجة وابن، وبعد أن تغيّر مجرى حياته بزواجه المباغت، والذي لم تكن تتوقّعه، فأصبح عاطلاً عن كل شيء، خاصة الدراسة، فتغدق عليه المال الذي يبعثره كيفما اتّفق. لم تكن ابنتي سعيدة مع زوجها وأمه، لكنها لم تعلن ذلك، فقد ورثت عن أبيها مقدرة