تقریب و الحوار بین الادیان و الحضارات نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تقریب و الحوار بین الادیان و الحضارات - نسخه متنی

محمد صلاح الدین المستاوی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

التقريب والحوار بين الأديان والحضارات

أ. محمد صلاح الدين المستاوي

كاتب اسلامي

اذا كان الحوار بين الحضارات والاديان قد قطع اشواطا لا بأس بها بحكم ما جد من احداث مؤلمة وحوادث ارهابية تسارعت وتيرتها، جعلت الاقتناع حاصلا بضرورة الحوار تجنباللصدام الذي تنبأت بحتميته بعض الاطراف، فان حواراً آخر لابد منه، لعله المقدمة التي ينبغي الانطلاق منها. هذا الحوار تدعو اليه بإلحاح مبادئ الدين الحنيف ويفرضهالواقع، انه الحوار بين المذاهب والفرق الاسلامية.

لا ينبغي ان ننكر حقائق نعيشها على امتداد الساحة الاسلامية ومنذ القرن الاول للهجرة؛ وهي اننا امة الاسلاموان كان ربنا واحدا ونبينا واحدا وكتابنا واحدا وقبلتنا واحدة، فاننا نتوزع الى مذاهب وفرق: فمنّا السني ومنا الاباضي ومنا الشيعي، وفي الشيعة مذاهب شتى ومنا داخل السنة:المالكي والحنفي والشافعي والحنبلي، وفينا السلفي وفينا الصوفي والطرقي، انها فسيفساء، ولو مضينا في تتبع فروع الفرق والمذاهب والطرق لبلغ العدد الى المئات دون مبالغة.

(168)

ومع هذا الاختلاف والتنوع الذي ليس كله مذموما؛ اذ فيه الثراء والاضافة وفيه توسيع الآفاق وفيه الفرص الاكثر لايجاد الحلول والأجوبة على بعض الاسئلةالحادة التي لم تعد تقبل التأجيل.

وقد اثبتت بعض التجارب المتواضعة فوائد هذا التلاقي والتعاون والتكامل حتى مع وجود بعض الاختلافات، فمجمع الفقه الاسلاميالدولي التابع لمنظمة المؤتمر الاسلامي والذي يتخذ من مدينة جدة مقرا له والذي يتولى امانته العامة فضيلة الشيخ محمد الحبيب بن الخوجة، توصل الى صيغة من التعاونوالتكامل بين علماء الامة الاسلامية على مختلف مذاهبهم حيث عرضت عليهم في دورات المجمع المتلاحقة، والتي استضافتها عديد من الدول الاسلامية قضايا مستحدثة تشغل الضميرالاسلامي حيثما كان في ديار الاسلام وخارج ديار الاسلام ليدلوا فيها بآرائهم، ويقدموا الاجابات المقنعة والحلول الواقعية التي تجسد في حيز الواقع مقولة (الاسلام صالحلكل زمان ولكل مكان) وباجتهاد جماعي يتسامى على الفوارق المذهبية اصدر المجمع قرارات جريئة يمكن ان يعاد النظر فيها كلما جد في مجالها جديد مفيد، ولكنها تبقى اجاباتعلميّة لا تدعي الكمال وتلك طبيعة كل عمل بشري.

هذه التجربة الناجعة في المجال الفقهي العملي لا ينبغي الوقوف عندها بل لابد ان تكون دافعة لنا كي ننزل بها الىالمسلمين حيثما كانوا ونجعلها عنوانا للتمشي الصحيح الذي ينبغي علينا ان نسلكه ونزيد الوعي به بين الناس ونقيم على صحته وسلامته الحجج والبراهين التي لا تعوزنا من كتابالله الداعي الى الوحدة واجتماع الكلمة ونبذ التنازع والاختلاف (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا). (وان هذه أمتكم أمة واحدة وانا ربكم فاعبدون) (انما المؤمنون اخوة)(ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)

(169)

وفي سنة رسول الله (ص) وسيرته التي تشبّه المسلمين بالجسد الواحد وبالبنيان المرصوص وبراكبي السفينة الواحدةوالمتوعدة لمن يكون سببا في الفرقة والفتنة والاختلاف بين المسلمين بالعذاب الشديد.

ان النجاح في المجال العلمي والفقهي بالخصوص والمتمثل فيما اعد من اعمالعلمية جادة وما اصدر من فتاوى وقرارات هامة كانت سببا في ازالة الكثير من الضيق والحرج على المسلمين (ما جعل عليكم في الدين من حرج) هذا النجاح يحتاج الى المزيد من التعريفبه واشاعته واذاعته بين الناس اذ هو خطاب المرحلة التي تعيشها الامة اليوم، هذا النجاح ينبغي المضي فيه الى آخر مداه اي ينبغي ان نمس به المسلم اينما كان ومهما كان مذهبهومهما كانت فرقته و لابد ان يحل التفتح والتكامل والتسامح محل الانغلاق والتزمت والتعصب وادعاء امتلاك الحقيقة، ينبغي ان تزول الى غير رجعة ولو كان ذلك شيئاً فشيئاًنبرات التشنج والاشمئزاز من الآخر وتحقيره والتشنيع به ورميه بشتى اوصاف الزيغ والضلال والتكفير . ان العالم اليوم حول المسلمين في سعي جاد الى رؤى كونية ونظرات شموليةتجاوزت في حيز الواقع المادي كل الحدود والقيود، والمسلمون هم فقط الذين تفرق بينهم المذهبية الضيقة والفرقة المتعصبة، جاعلة منهم اديانا داخل الدين الواحد الذي يجمعبينهم. حرام على امة الاسلام ان تتخلف عن ركب البشرية، وحرام عليها ان تضرب عرض الحائظ بدعوات ربها ونداءاته المتكررة في الكتاب العزيز الى اجتماع الكلمة ووحدة الصف. ولايفهم مما اقولـه انني ادعو الى اللامذهبية معاذ الله وكلا والف كلا انماالذي اتمناه هو ان يستفيد المسلمون من تأريخهم الطويل وما عانوه من الانقسامات والفتن وان يوظفوامما توفر للأنسانية جمعاء من اسباب التواصل والقرب وما وفرته ثورة المعلومات من فتوحات علمية تفوق الخيال، وان يوظفوا ذلك لجعل

(170)

الاختلافاتالاجتهادية عوامل اثراء واغناء، يجد فيها معاشر المسلمين الحلول لما يعيشونه في كل ديارهم وحيثما كانوا من تحديات وصعوبات للتوفيق بين ما يدعوهم اليه دينهم وما يقتضيهواقع حياتهم من التزامات. ان بوادر عمل من هذا القبيل برزت في الآونة الاخيرة هنا وهناك، تمثلت في عقد ندوات ومؤتمرات للتقريب بين المذاهب الاسلامية وجعلها تتعاون فيماتتفق فيه وهو كثير وكثير جدا وفي تجنب اثارة ما يمكن ان يتسبب في فرقتهم واختلافهم وتنازعهم وهو قليل وقليل جدا وهو في الغالب مما يدخل في طي التاريخ والماضي الذي ليس كلهمجيدا وليس كله مشرقا، والذي لا يجوز ولا يمكن ان يقر عليه الشرع الحنيف في مقاصده وابعاده العميقة ، إنما هي توظيف اختلافات وانقسامات الماضي لتعكير صفو الحاضر،وتسميمه وعرقلة فرص الاجتماع والتوحد، لابد ان يلتفت كل طرف الى ما حوله وما وراءه فينقيه من كل اسباب بث الفرقة والنزاع والفتنة والتعصب المقيت، ليكن ذلك من الماضيوليكن الحاضر والمستقبل: تصاف وتآخ وتعاون على البر والتقوى وتكامل في الجهود.



*- نشر المقال فيجريدة البيان في 12/7/2004.

/ 1